السبب الثانى عشر : القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع :
لما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض :
(ان تحرى الألفاظ للمعنى الذى استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين فى القانون (سباً أو قذفاً) هو من التكييف القانونى الذى يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التى تهيمن على الاستخلاص المنطقى الذى يتأدى اليه الحكم فى مقدماته المسلمة وعلى ذلك استقر قضاء هذه المحكمة على ان لمحكمة النقض فى جرائم النشر تقدير مرامى العبارات التى يحاكم عليها الناشر لأنه وان عد ذلك فى الجرائم الأخرى تدخلاً فى الموضوع الا انه فى جرائم النشر وما شابهها يأتى تدخل محكمة النقض من ناحية أن لها بمقتضى القانون تعديل الخطأ فى التطبيق على الواقعة بحسب ما هي مبينة فى الحكم ، ومادامت العبارات المنشورة هى بعينها الواقعة الثابتة فى الحكم صح لمحكمة النقض فى تقدير علاقتها بالقانون من حيث توفر ما يستوجب التعويض من عدمه ، وذلك لا يكون الا بتبين مناحيها واستظهار مراميها لانزال حكم القانون على وجهه الصحيح).
(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).
(الطعن 2990 لسنة 64 ق جلسة 6/3/2003).
وقضت ايضاً:
(إن كان المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ القذف هو بما يطمئن اليه قاضى الموضوع فى تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى ، الا ان حد ذلك ألا يخطئ فى تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم أو بمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها).
(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).
وبمطالعة ذلك فى الحكم المطعون فيه نجد أن المحكمة قد اجتزأت بعضاً من الألفاظ والعبارات التى وردت بمقالات المتهم التى تناول فيها بالنقد تصرفات المدعى بالحق المدنى وعزلتها عن السياق العام الذى وردت فيها واتخذت من حدتها وحدها دليلاً على توافر القصد الجنائى لدى المتهم واركان الجريمة فى حقه.
وبالتالى تكون المحكمة قد مسخت دلالة العبارات والألفاظ الواردة بالمقالات من سياقها حتى تستدل على معنى لم يدر بخلد الطاعن وصولاً الى القول بسوء نيته فيما كتبه مما يصيب حكمه بالقصور في التسبيب.
ذلك لأنه ينبغى على القاضى فى جرائم القذف والسب ألا يعتمد على عبارات تؤخذ على حده بل يجب تقدير المقالة ككل حيث أن المبالغة وحدها لا تجعل النقد غير نزيه خصوصاً اذا كان المجنى عليه من الشخصيات العامة التى تهم أعمالهم وتصرفاتهم الجمهور.
وينعى الطاعن على المحكمة فى هذا الخصوص أمرين.
الامر الاول : أن قضاء محكمة النقض قد تواتر على أنه فى جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامى العبارات التى يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فاذا احتوى المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير ، فللمحكمة فى هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما كانت له الغلبة فى نفس الناشر ).
(نقض 22/10/1993 مجموعة السنة 44 ص 863).
(نقض 2/11/1965 مجموعة السنة 11 ص 787).
الأمر الثانى : الذى ينعاه المتهم على المحكمة هو انها قد خالفت ما أجمع عليه الفقه والقضاء من أن النقد الذى يوجه الى أعمال وتصرفات السياسيين والشخصيات العامة (أى الذين يتصدون للخدمة العامة) ينبغى أن يواجه بقسط وافر من المرونة والتسامح الذى تطلبه المصلحة العامة.
وفى هذا المعنى يقول الأستاذ / محمد عبدالله فى كتابه جرائم النشر ص 314 : أن حق النقد حين يرد على موضوع قابل له يكون واسع الحدود فالنقد يبقى نقداً ويظل على براءته ولو كان خاطئاً ولو حصل بعنف وحدة وينبغى ألا يعتمد القاضى على عبارات تؤخذ على حده، بل يجب نقد المقالة ككل ، فاذا كان بها انحراف عن الصدق كان النقد غير نزيهاً أما اذا لم يوجد هذا الانحراف أو كان ضئيلاً وفى حدود ميزان المناقشة النزيهة واختلاف النظر كان النقد مباحا )ً.
- وقضت محكمة النقض فى 13/4/1948 بأنه :
(لاينغى ألا تؤخذ العبارات الشديدة التى تستخدم فى المساجلات الحزبية بين الخصوم السياسيين بمعانيها اللفظية ، وأنه ينبغى فى تفسير المقالات التى تنطوى عليها أن تؤخذ جملة ، لا أن تفسر كل عبارة على حده).
ومن ذلك يتضح أن الحكم قد أخطأ بقيامه باجتزاء العبارات التى بنت المحكمة عقيدتها بالادانة عليها من السياق العام للموضوع محل النقد ولم تلتفت الى المستندات التى قدمها دفاع الطاعن والتى تؤكد وتدلل على صحة الوقائع التى كان يعلق عليها الطاعن كما انها لم تلتفت أو ترد على الدفوع المبداه منه بمحضر الجلسة ومذكراته والخاصة بالدفع بمشروعية ما تم نشره استنادا للإباحة المنصوص عليها في المادة 60 من قانون العقوبات وتوافر أركان وشروط النقد المباح مما ينعدم معه الجريمة بركنيها المادى والمعنوى.
واكتفت بقسوة العبارات التى اجتزأتها كدليل لثبوت التهمة فى حق الطاعن كل ذلك يصيب الحكم بالبطلان للقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
السبب الثالث عشر : الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتخاذل في الأسباب :
ولما كان كان دفاع الطاعن قد دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 العمرانية المحكوم فيها بجلسة 10/2/2009 الدائرة 14 جنايات الجيزة وذلك لكون جميع الأعداد التى صدرت من جريدة الموجز وأشتملت على نقد للمدعى بالحق المدنى كانت جميعها في إطار حمله صحفية واحدة هدفها كشف حقيقة المدعى بالحق المدنى للقراء ونقد تصرفاته وآراؤه وبالتالى تعتبر الحمله بجميع أعدادها بما فيها العدد محل هذا الطعن تعتبر مشروعا واحدا ذا أفعال متعددة وهو النشر في اعداد مختلفة وبالتالى فإن الحكم في أحدهما يحول دون محاكمتة مرة ثانية عن أى عدد من باقى أعداد هذه الحمله وحيث أنه تم الحكم في الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 جنح العمرانية عن أحد اعداد هذه الحمله وهو العدد الصادر من جريدة الموجز بتاريخ 22/1/2008 وكان هذا الحكم صادرا بتاريخ 10/2/2009 وبالتالى يمتنع محاكمة الطاعن عن أى عدد من باقى أعداد الحمله التى صدرت قبل تاريخ صدور هذا الحكم ومنها العدد الصادر بتاريخ 19/2/2008 .
ولما كانت الجريمه المستمرة تنفيذها ليس فوريا بل هو حاله تمتد فترة من الزمن بسبب تداخل إرادة الجانى ، ففي هذه الجرائم يبدأ تمام الجريمة مع تحقق الإعتداء على مصلحة قانونية ، ولكنه يمتد ويتراخى بلا إنقطاع فترة من الزمن بسبب سلوك الجانى نفسه ويشترط شرطان الأول : أن الحالة غير المشروعة ، الضارة أو الخطره الناجمة عن سلوك الجانى تتصف بالدوام والاستمرار ، والثانى أن حالة الاستمرار ترجع إلى تداخل إدارة الجانى للإبقاء عليها .
وقد قضت محكمة النقض :
( الجريمة المستمرة هى جريمة واحدة لذا فإن الحكم الصادر فيها يشمل كل حالة الاستمرار السابقة على الحكم ، حتى ما لم يكن قد اكتشف من هذه الحالة قبل صدور الحكم ) .
(نقض 16 أبريل 1945 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 553 ص 697 )
وقضت أيضا :
(أن محاكمة المتهم في الجريمة المتتابعة عن فعل واحد يحول دون محاكمته مرة أخرى عن ذات الجريمة ، لأن الأفعال المتعددة في الجريمة المتتابعة تتداخل في وصفها القانونى فالحكم بغير ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون )
(نقض 7 مارس سنه 1996 الطعن رقم 25614 لسنه 63ق )
إلا أن الحكم الطعين ص4 رفض هذا الدفع تحت مقولة ( وبإنزال ما تقدم وكان الحكم الصادر في الجنحة المدفوع بها صدر بتاريخ 10/2/2009 وعن العدد الصادر بتاريخ 22/1/2008 في حين ان موضوع الدعوى الماثلة عما ورد بالعدد الصادر بتاريخ 19/2/2008 أى انه عدد مغاير والعبارات التى وردت به بعد صدور الحكم في الجنحه المدفوع بها ومن ثم تقضى المحكمة برفض الدفع وعدم جواز نظر الدعوى ) .
وهذا من المحكمة يعد خطا في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وخطأ في فهم وقائع الدعوى نظرا لأنها أعتمدت في رفضها للحكم بان العدد محل هذه الدعوى صدر بعد صدور حكم في العدد الخاص بالدعوى المدفوع بها وهى الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 جنح العمرانية وهذا منها مخالف لما هو ثابت بالأوراق لكون أنه العدد محل الدعوى المطعون فيها صدر بتاريخ 19/2/2008 أى قبل حوالى عام من صدور الحكم في الدعوى رقم 10051 لسنه 2008 جنح العمرانية لذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتخاذل في الأسباب .
السبب الرابع عشر : القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع :
حيث أن دفاع الطاعن قد دفع بإنعدام نصوص المواد محل الإتهام لتعارضها مع نص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذى صادقت عليه مصر بموجب القرار الجمهورى رقم 536 لسنه 1981 وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 وبالتالى أصبح بنص المادة 151 من الدستور المصرى تشريعا وطنيا تلتزم المحاكم الوطنية بتطبيقه وبالتالى فإن نص هذه المادة والمتعلق بحرية الرأى والتعبير عنه ينسخ المواد محل الإتهام مما كان يستوجب القضاء ببراءة الطاعن لكون المواد محل الأتهام قد نسخت بنص المادة 19 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
إلا أن الحكم الطعين قد جاء خاليا مما يفيد انه قد عرض لهذا الدفع أورد عليه في الحكم الأمر الذى يعيب الحكم بعيب الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه
في اسباب طلب وقف التنفيذ
لما كان تنفيذ الحكم المطعون فيه يترتب عليه اضرار يتعذر تداركها وتمثل خطرا كبيرا على الطاعن وهي الغرامة المالية الباهظة المقضي بها في هذا الحكم والتي قد يؤدي تنفيذها الى افلاس الجريدة وغلقها وعدم قدرتها على الصدور مره اخري .
بالاضافة الى ان الحكم قد صدر به مخالفة للقانون وعوار كبير مما يرجح صدور حكم بنقضه لذلك فان اسباب وقف تنفيذ هذا الحكم تكون متوافره لذلك يلتمس الطاعن سرعة تحديد جلسة لنظر هذا الطلب لحين الفصل في موضوع هذا الطعن .
لـــذلك
يلتمس الطاعن القضاء
اولاً:- قبول الطعن شكلاً .
ثانيا:- وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها في الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع هذا الطعن .
ثالثاً:- وفى الموضوع : بنقض الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى محكمة جنايات الجيزة مرة ثانية لنظرها أمام دائرة أخرى.
وكيل الطاعن
سمير الباجوري
المحامى