ويتساءل الكاتب اللبناني سليمان بختي فور علمه بقرار مصادرة الكتاب

منذ متى كانت الأحاديث النبوية والخواطر الصوفية محفوظة في لوح محفوظ فلا يستطيع الشاعر العربي أن يفتني بها وينهل من خارج الإطار الديني . لعل أهم ما تثيره قضية أحمد الشهاوى وكتابه الوصايا – الوعي التراثي للشاعر العربي – قضية الحرية وممارستها الرقابة وأبعادها في المجتمع العربي – المستوى التواصلي بين المبدع والجمهور إنما تبقى قصة مصادرة الكتب في مصر مستمرة منذ زمن على عبد الرازق وكتابه ( الإسلام وأصول الحكم ( 1925 ) وطه حسين وكتابه ( في الشعر الجاهلي ) 1926 ونجيب محفوظ وروايته ( أولاد حارتنا 1959 ولويس عوض وكتابه ( في فقه اللغة العربية 1981 وفرج فوده وكتبه ( نكون أو لا نكون 1990 وأخيرا وليس أخرا الوصايا في عشق النساء الشهاوى .
والمصادرة في النهاية ليست إلا  وجها للتعصب و التطرف . وكل هذه المصادرات تندرج تحت بند المسكوت عنه في حياتنا العربية ، ولا تعبر سوى عن ضيق أفق وفى العمق تحالف السلطة الدينية والسلطة المدنية للحفاظ على مصالحهما ولو لم تعالج هذه المعضلات فستبقى حال الثقافة العربية والشعر والإبداع أسيرة دوائر وأطر لن تفضي إلى تغيير الخطاب واللغة والواقع والمجتمع
ووصايا الشهاوى في عشق النساء وصايا لعشق غير عادى ، لهوى ربما لايتمكن إلا من صفين من الناس من الشعراء والإعراب على ما تقول العرب ، وهى ليست إلا تأملات في العشق يستوفى دلالته عبر التشكيل بالموروث وثمة دلالات وجودية في الفضاء الصوفي
 ويظل الشهاوى في متن النص متأرجحا بين الاقتناع والنشوة ، وفى عبارة موشاة بالآفاق ، وتأكيدا ، لم يجترح الشهاوى معجزة جديدة ، لكنه الزمن العربي في أزمته ، بين ماض لا يريد أن يمضى ، ومستقبل لا يريد أن يولد ، وحب لا يعرف طريقه إلى الحياة ( الكتاب المصادر )
وينتهي حديث بعض النقاد ونحاول أن نعيد قراءة قرار المصادرة ونلحظ  الاتى
فقد تناسى المجمع عدة أمور
الأول : تناسى أو تجاهل الثقافة الإنسانية والمصرية خصوصا ، وكلها سابقة على الإسلام ، إذ أن كثيرا من هذه التعبيرات التي نظر إ ليها المجمع بوصفها اعتداء  على المقدس الإ
سلامي ، طرحها الموروث الفرعوني ، بحيث تضمنت أناشيد الموتى مقولات ( عرش الإله ) عرش الماء
أما الموروث الإغريقي فقد طرح ( أصل الأشياء ) في الاسقطسات القديمة : ( الماء والنار والتراب والهواء ، كما قدم ( شراب الإلهة ) عندما اعتقد في ( بخوس إله الخمر ) ومن ثم فإن المبدع له أن يستدعى من هذا الموروث الإنساني ما يراه مناسبا لنصه الحاضر ، وما يراه ملائما لمجموعة أبنيته الصياغية والدلالية ، ولا يصح لنا أن نحاصره في إطارات الموروث الإسلامي وحده لكي ندخله دائرة المارقين .
الثاني : أن مجمع البحوث الإسلامية أغفل تقنية جمالية لها حضورها المركزي في الخطاب الإبداعي على وجه العموم ونعنى بها أقنية ( المجاز ) وهى في أقرب حدودها المعرفية (  استخدام الكلمة في غير ما وضعت له ) ومن ثم أطلق عليها بعض القدماء ( التوسع في اللغة ) وهذه التقنية كانت أداة الإبداع في تغيير حقائق الأشياء خلال وعيه التخيلي .
ومن نافلة القول استحضار الإجراءات التفسيرية لبعض المفسرين الذين اتكأوا على تقنية المجاز عند مواجهتهم ببعض الآيات القرآنية إلى لا يمكن أخذها على ظاهرها التعبيري مثل قوله تعالى : ( ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام ) ( الرحمن 27 ) ، وقوله ( يد الله فوق أيديهم ) ( الفتح 10 ) .
ولو أن المجمع استحضر هذه التقنية لما شغلته هذه التجاوزات التعبيرية، ولتركها تدخل دائرة ( التوسع في اللغة ) من أوسع الأبواب.
الثالث: إن المجمع تناسى التراث الإنساني والإسلامي في الفلسفة عموما والتصوف خصوصا وهذا التراث يضم كثيرا من المقولات التي اعترض عليها، وبسببها اتهم الوصايا بالمروق الديني والأخلاقي.
ثم إن المجمع تغاضى عن تقنية مركزية في التراث ، ونعنى بها تقنية ( التأويل ) وهو : ( استخراج معنى الكلام لا على ظاهره ، بل على وجه يحتمل مجازا أو حقيقة ) والتأويل يحيل العبارات إلى إشارات بعيدة عن المعنى المباشر أو الظاهر ، أي أن العبارات لها معنى مضمر على نحو ما هو معروف في بنية ( الكناية ) التي تقدم معنيين أحدهما حقيقي والآخر مجازى ، والأخير يكون هو المقصود ،
وإذا كان الكتاب قد استخدم في وصاياه مفردات وعبارات جنسية نقول
المفردات ذات الدلالة الجنسية حاضرة في أبلغ نص في العربية وهو القرآن الكريم فقد ترددت فيه مفردة ( الفرج ) و( العورة ) ، أما تردد مثل هذه المفردات في الحديث النبوي الشريف فلا تكاد تحصى ، ثم إن المفردات الجنسية مثبوتة في معظم المدونات التراثية شعرا ونثرا على حد سواء [1]
واللافت ترددها في مرويات كثيرة عن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، من ذلك ما يروى عن على بن أبى طالب : ( لا تحسن المرأة حتى تروى الرضيع ، وتدفئ الضجيع ) وما روى عن المغيرة بن شعبة عندما رفضت إحدى النساء أن تتزوجه ، فبعث لها قائلا ( إن تزوجتني ملأت بيتك خيرا ، ورحمك أيرا ) [2]
ويضيق المقام عن استحضار النماذج الشعرية التي وظفت هذه المفردات على نحو أكثر صراحة ، وأشد جرأة ، كما يضيق المقام عن تعداد المدونات التي تناولت العلاقة بين الرجل والمرأة تفصيلا وإجمالا .
.. ويتناسى المجمع أن مكتبات المدارس على جميع مستوياتها تضم أمهات القواميس العربية والأجنبية، وبها ما بها من المفردات الجنسية وتحديد مفهومها، بل إن القواميس الأجنبية تضيف إلى ذلك الرسوم التوضيحية، ولم يقل أحد بحرمان المكتبات من هذه القواميس.
...نسى المجمع ، أو تناسى أن طلبة الأزهر ، وطلبة وطالبات المدارس يدرسون في الفقه والتربية الدينية الإسلامية طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة ، ونحيل هنا فقط إلى ( نواقض الوضوء ) و( موجبات الغسل )
كما أن هؤلاء الطلبة والطالبات يدرسون في ( علم الأحياء ) مفردات العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى، وكيفية الإنجاب على نحو تفصيلي مقرون بالرسوم التوضيحية
وما يقرره مجمع البحوث الإسلامية من مصادرة للكتاب  هو في حقيقته مصادر ة لحرية الرأي والتعبير والتي حماها نص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ) ( الإعلان العالمي – المواثيق الدولية لحقوق الإنسان دستور عمل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان – تقديم بهي الدين حسن طبعة سنه 1963 ص 13 ) و المحمية بنص المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تجرى على أن : ( لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة ولكل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها للغير دونما اعتبار للحدود
وقد أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في دورتها الثالثة والأربعين تعليقا عاما لشرح المادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة أوردت فيه أن المادة 18 لا تسمح بأي قيود أيا كانت على الفكر أو الوجدان لأن هذه الحريات تتمتع بالحماية دون قيد أو شرط شأنها في ذلك شأن حق كل إنسان في اعتناق الآراء دون تدخل من غيره حسبما هو منصوص عليه في المادة 19 بند 1 ووفقا للمادتين 18 بند 2 و 17 من العهد الدولي فإنه لا يمكن إجبار أي شخص على الكشف عن أفكاره أو انتمائه إلى دين أو عقيدة ( المواثيق الدولية لحقوق الإنسان – مرجع سابق ص 117)
وقد صدقت مصر على كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأيضا العهد الدولي ولذلك فكلاهما واجب التطبيق في الإقليم المصري حتى ولو تعارض مع اى نص تشريعي موجود باعتبار أن القاعدة الاتفاقية التي تقضى بها المعاهدات تحمل أهمية اكبر من التشريع الداخلي إذ أنها تتضمن في الوقت ذاته التزام الدولة قبل الدول الأخرى بإتباع هذه القاعدة ....
( د فؤاد عبد المنعم رياض القانون الدولي الخامس ص 48 وما بعدها )
وبالإضافة إلى هذا فقد نصت المادة 49 من الدستور على إن تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك
وقد اندفع مجمع البحوث الإسلامية في مصادرة الكتاب وأراد أن يضفي على مصادرته قدسية زائفة بحجة أنه يدافع عن حق من حقوق الله
ولم يفطن المجمع أن فقهاء المسلمين تحرجوا في توسعة دائرة حقوق الله تعظيما لشأنه تعالى من ناحية وحتى لا يتمسح كل شخص بحقوق الله ويعي أن حقه هو حق الله تعالى كما يفعل المجمع
ونرد عليهم بما قاله الإمام القرافي .. ( إن حق الله تعالى أمره ونهيه مشكل بما في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) فيقتضي أن حق الله تعالى على العباد الفعل نفسه لا الأمر به )
( الفروق – المجلد الأول القاعدة 22 – الفرق بين قاعدة حقوق الله تعالى وقاعدة حقوق الآدميين.
وفى كتاب التهذيب – للشيخ محمد على حسين يقول ( والحق معناه اللازم على عباده واللازم على العباد لابد أن يكون مكتسبا لهم وكيف يصح أن يتعلق الكسب بأمره ونهيه هو كلامه وصفته القديمة ).
الأمر الذي يبين لعدلكم مايقوم به المجمع من  الخلط بين حقوق الله تعالى وحقهم وفقا للقانون  وظنوا  أن دعواهم المتهافتة  هي حق من حقوق الله تعالى الأمر الذي هو في حقيقته ظاهر الفساد والبطلان
موقف الإسلام من الفن – وتجاهل المجمع أيضا أن الإسلام أقام حضارة راقية قامت على الآداب والفنون والرقى بالمشاعر والأحاسيس.
وقد يما ( في عصور الظلام ) واجه الناس أغلب الفنون بالرفض والمجابهة ولم يقبلوا إلا ما ظنوه بعيدا عن دائرة التجسيم والتمثيل.
اعتقادا أن هذا لابد ولامحالة من أن يعود بالقوم إلى عبادة الأوثان – ناسين اختلاف العهود والتطور الحتمي لمدارك العقول وأتساع الآفاق والإفهام [4]
عن مجمع البحوث الإسلامية
مجمع البحوث الإسلامية من هيئات الأزهر الشريف.

وقد نصت المادة "10" من القانون المصري رقم 103 لسنة 1961م على الآتي:أن ( مجمع البحوث الإسلامية هو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية، وتقوم بالدراسة في كل ما يتصل بهذه البحوث، وتعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي، وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص، وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة، وبيان الرأي فيما يَجِدُّ من مشكلات مذهبية أو اجتماعية تتعلق بالعقيدة، وحمل تبعة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. وتعاون جامعة الأزهر في توجيه الدراسات الإسلامية العليا لدرجتي التخصص والعالمية والإشراف عليها والمشاركة في امتحاناتها. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون واجبات مجمع البحوث الإسلامية بالتفصيل الذي يساعد على تحقيق الغرض من إنشائه. ومجمع البحوث الإسلامية يؤدي رسالته في إطار الرسالة الشاملة للأزهر الشريف من خلال مجلسه ولجانه وإداراته المتعددة على النحو الآتي:
مجلس مجمع البحوث الإسلامية
يتألف من عدد لا يزيد على خمسين عضواً من كبار علماء الإسلام، يمثلون جميع المذاهب الإسلامية، ويكون من بينهم عدد، لا يزيد على العشرين، من غير مواطني جمهورية مصر العربية، وهذا يجعل لمجلس المجمع ميزة عالمية التشكيل التي تجعل له المرجعية فيما يتعلق بالبحوث الإسلامية. وكان أول أمين عام للمجمع الدكتور محمود حب الله وكان شخصية عالمية أكسبت المجمع مصداقية بالعالم الإسلامي وجعله أول أكاديمية بحثية.وشكله من بين كبار رجال الدين بالعالم المشهود لهم بالتقوى والعلم والورع. ليقوموا بالاجتهاد والفتوى. ويرأس مجلس المجمع شيخ الأزهر. ومجلس المجمع يؤلف من بين أعضائه لجانا أساسية تختص كل منها بجانب من البحوث في مجال الثقافة الإسلامية، مثل: لجنة بحوث القرآن الكريم، ولجنة بحوث السنة النبوية الشريفة، ولجنة البحوث الفقهية، ولجنة العقيدة والفلسفة، ولجنة التعريف بالإسلام، ولجنة القدس والأقليات الإسلامية. ويتولى مجلس مجمع البحوث الإسلامية ولجانه متابعة ودراسة القضايا والموضوعات المطروحة على الساحة المحلية والعالمية، والأحداث التي تموج بها، ويصدر بياناته المشتملة على رأي الشريعة الإسلامية فيها، هذا فضلا عن تتبع ما ينشر من بحوث عن الإسلام الحنيف وبها مغالطات وافتراءات، ومواجهتها بالرد والتصحيح. ومن هذا القبيل تشكيل لجنة دائمة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف المصرية لحجز موقع على شبكة النيل الفضائية لشرح مبادئ الإسلام الصحيحة السمحة، والرد على ما ينشر ضد الإسلام على الشبكات الأخرى.
أجهزة وإدارات مجمع البحوث الإسلامية
الإدارة العامة للطلاب الوافدين:
 يفتح الأزهر الشريف أبواب معاهده وجامعته لطلاب العلم من مختلف دول العالم للدراسة به، سواء على منح الأزهر، أو على منح الجهات المانحة الأخرى، أو على حسابهم الخاص
مدينة البعوث الإسلامية:
 تخصص لإقامة وإعاشة الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر.
المعاهد الأزهرية الخارجية:
ينشىء الأزهر الشريف بعض المعاهد الأزهرية في بعض الدول التي لا يستطيع الأزهر استقدام جميع الطلاب من أبنائها الراغبين في الدراسة بالأزهر.
الإدارة العامة للبعوث الإسلامية:
وهى الإدارة التى من خلالها يقوم الأزهر الشريف بإيفاد بعض علمائه للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية والعربية بدول العالم الإسلامي، وشرح مفاهيم الإسلام الصحيحة،
الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة: ؟؟
(وهى الإدارة المسئولة عن المصادرة )والمفروض وفقا للقانون أن يتولى مجمع البحوث الإسلامية من خلال هذه الإدارة الإشراف على طبع مصحف الأزهر الشريف ومصحف المطابع الأميرية، وكذلك إصدار تصاريح طبع وتداول المصحف الشريف لدور النشر المختلفة بعد مراجعة الأصول.
وكذلك مراجعة الشرائط القرآنية للتأكد من خلوها من الأخطاء. كما تتولى هذه الإدارة فحص المؤلفات الدينية، سواء كانت باللغة العربية أو الأجنبية، وسواء كانت بحثا أو كتابا أو شريطا أو فيلما أو لوحة..الخ، وذلك للتأكد من صلاحيتها وخلوها مما يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
لجنة الفتوى:
حيث تتولى هذه اللجنة تلقي استفسارات الجماهير من الداخل والخارج، سواء عن طريق المقابلات الشخصية أو الهاتف أو المراسلات، والرد عليها. وكذلك إشهار إسلام الراغبين في اعتناق الدين الإسلامي، وإعطائهم شهادات بذلك.
دار الكتب الأزهرية:
تقوم على حفظ التراث، وكتب تتعلق بمختلف العلوم والفنون،
إدارة أحياء التراث الإسلامي:
تؤدي هذه الإدارة عملها في خدمة كتب التراث الإسلامي ،
مجلة الأزهر
وهى تصدر  في مطلع كل شهر هجري مجلة الأزهر،.
اللجنة العليا للدعوة الإسلامية
وهى اللجنة التي تقوم  بدورات تدريبية للائمة والدعاة والوعاظ من دول العالم الإسلامي،
هذه هي لجان مجمع البحوث الإسلامية والذي يعنينا فيها لجنة الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة.
 والمطلع على كتاب الطاعن ( الوصايا في عشق النساء ) يلمس أنه قد قدم نصا من أكثر نصوصه انتماء للثقافة العربية. حيث اختار من الموروث الثقافي أن يتحدث عن المرأة أو الأنثى الكلية وريثة أساطير العالم بوصفها الأم واهبة الحياة ، وهو في ذلك يقتدي بشيوخ الثقافة العربية أمثال : الجاحظ وابن المقفع وأبو داود الظاهري والأنطاكي ، وصولا إلى الحاضر في مثل كتابات الرافعي وجبران .
وأهمية ما قدمه ( الشهاوى ) الطاعن لا تتمثل في انتمائها إلى ما كتبه هؤلاء الأعلام ، وإنما في انتمائها إلى ميراثها المقدس في القرآن الكريم والسنة الشريفة ، ثم انتمائها إلى ميراثها الصوفي العرفاني الذي اتخذ العشق النسائي وسيلة للحب الإلهي
وإيغال الشهاوى ( الطاعن ) في التصوف في مجموع مؤلفاته – قاده – في الوصايا إلى مسلك رمزي يستخدم الإشارات والإيماءات والإيحاءات ، بل إن تصريحاته هي تلويحات على عادة المتصوفة ومن ثم امتلأت الوصايا بمصطلحات المتصوفة الذين نظروا للعشق بوصفه  أفق الوجود الإنساني ) وغيابه يعنى انغلاق هذا الأفق ، كما امتلأت الوصايا بمقولات أهل التصوف والفلاسفة وشعراء الحب .
ولآن المؤلف أراد أن يكسب وصاياه قدرا من الاحترام الذي ييسر لها القبول ، وظف تقنية تراثية هي تقنية ( الاقتباس ) التي تستدعى الخطاب القرآني والحديث النبوي وتستمد منهما بعض المعاني والألفاظ ، ثم وظف تقنية التضمين التي تستدعى الخطابات البشرية شعرا ونثرا ، وقد حقق هذا التوظيف للوصايا نوعا من السمو الإشراقى بعيدا عن علاقات الكره والحقد والخداع ، وهى علاقات تتنافر تماما مع علاقة العشق والمحبة التي يجب أن تحكم علاقة المرأة والرجل
وفى النهاية تبقى ضريبة يدفعها كل المبدعين ورواد الفكر المستنير ومنهم الطاعن  الذين يطرحون أفكارا جديدة على الناس وغير ما اعتادوا عليه  تلك الأفكار التي تتسم بالإبداع والجسارة والذي ينكره عليهم المجمع
ذلك لأن هناك من لا يقرأ... وهناك من يتمسك بالقديم ويعز عليه أن يفارق ما اعتاد ه من جمود فكر وعداء للإبداع ومنهم من يعتقد خطأ أن ميراث الأجداد والآباء هو نهاية ولا شيء يأتي بعده
ومنهم أيضا من تمسك بضحالة الرؤيا فلا يرغب في تجديد ولا في إبداع
جميعهم يكرهون كل مبدع ويلعنون كل مبتكر ويتحينون الفرص ليعلنوا عرائض اتهامهم بالكفر داعين إلى اغتيال كل مبدع وصلب كل مفكر وقتل كل فنان
 وما ورد بقرار المجمع بالمصادرة يتنافى مع تعاليم الإسلام وما جاء به القرآن الكريم
فالقرآن ينصح النبي عليه السلام وينصح جماعة المسلمين بأن يجروا مع مخالفيهم في الرأي والعقيدة على سنه المجادلة والمجادلة بالتي هي أحسن
وقد أعتمد المجمع وللأسف على تجريح الطاعن بل ويحرض على قتله
وكان على مجمع البحوث الإسلامية إن كان حريصا على الإسلام أن يقارع الحجة بالحجة وان يبطل الدليل بالدليل..
وتناسى أعضاء مجمع البحوث الإسلامية أن   حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك....،وان قرار المصادرة قد جاء مخالف لنصوص القانون وخاصة المادة "10" من القانون رقم 103 لسنة 1961م وخاصة المادة 10 منه والتى تنص على إختصاصات المجمع وليس من بينها المصادرة اذ تقرر أن  ( مجمع البحوث الإسلامية هو الهيئة العليا للبحوث الإسلامية، وتقوم بالدراسة في كل ما يتصل بهذه البحوث، وتعمل على تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب السياسي والمذهبي، وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص، وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفي كل بيئة، وبيان الرأي فيما يَجِدُّ من مشكلات مذهبية أو اجتماعية تتعلق بالعقيدة، وحمل تبعة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وتلك المادة  لا تعطى للمجمع  الحق فى المصادرة  وايضا جاء قرار المصادرة مخالفا لحرية الراى ةالتعبير وفقا للمادة 47 من الدستور وقد جاء أيضا في وثيقة إعلان الدستور – أن حرية الإنسان المصري الحقيقية وعظته هي الشعاع الذي وجه سير التطور الهائل الذي قطعته الشرعية نحو مثلها الأعلى حرية الرأي والتعبير أيضا  مكفولة ، ولكل إنسان الإعراب عن فكره بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك في حدود القانون
وحرية التعبير مقصود بها  تمكين عرض الآراء على إختلافها وتلقينها ونشرها بكل الوسائل وفقا لما ورد بنص المادة 47 والتي أكدت على   ضمان حرية التعبير عن الآراء وتمكين عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بالطباعة أو التدوين أو غير ذلك من وسائل التعبير وقد تقررت بصفتها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها وبها يكون الإفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا ولا يترددون وجلا  
وحرية التعبير أيضا و سيلة لتقد م المجتمع وركيزة من ركائز الديمقراطية
و قد  أقتضى  إقرار هذه الحرية قرونا طويلة يحاول فيها المستنيرون من شعوب الأرض إقناع الآخرين أن الخير كل الخير هو أن تنطلق الحرية حرية الإنسان في أن يعلن أقواله ونشره افكارة اتفقت تلك الأفكار مع الآخرين أو اختلفت  
ولا  يشترط أن يتفق الحق فى التعبير مع الرأي السائد فى المجتمع الحقيقة لان  حرية التعبير التي نصت عليها المادة 47 من الدستور ، و حق الفرد في التعبير عن الآراء التي يريد إعلانها  ليس معلقا على صحتها ولا مرتبطا بتمشيها مع الاتجاه العام في بيئة بذاتها ولا بالفائدة العملية التي يمكن أن تنتجها
وتؤكد المحكمة الدستورية العليا على ذلك فى حكم لها أوردت فيه (أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة في أعماق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام فلا تكون معاييرها مرجعا لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينه ولا عائقا دون تدفقها  )
وقد تطورت تلك الحقوق والحريات من خلال الجهود المتواصلة والتي كان هدفها إرساء مفاهيمها بين الأمم المتحضرة ومن خلال تلك الجهود أصبحت الحماية الدستورية تشمل عرض الآراء التي تتعلق بتلك الحقوق والحريات،     
وتعين بالتالي أن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول- كأصل عام- دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها. وهى حرية يقتضيها النظام الديمقراطي ، وليس مقصودا بها مجرد أن يعبر الكاتب  عن ذاته، ولكن غايتها النهائية الوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، وعبر الحدود المختلفة، وعرضها في آفاق مفتوحة تتوافق فيها الآراء في بعض جوانبها أو تتصادم في جوهرها
 و  لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون، ولأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل، ولحرية الإبداع والأمل والخيال، وهو في كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه، بما يعزز الرغبة في قمعها، ويكرس المصادرة كوسيلة قهرية لقتل كل إبداع وفكر
وأنه إذا أريد لحرية التعبير أن تتنفس في المجال الذي لا يمكن أن تحيا بدونه، فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه. ولايسوغ بحال أن يكون الشطط في بعض الآراء مستوجبا إعاقة تداولها.
  وان  مدى إتساع مجال الحريات فى مجتمع ما غالبا ما تكون حرية التعبير  مقياسا لذلك
وفى الجانب الأخر   يقول بوما رشيه تنديدا بمصادرة و الإبداع والحريات
 [ لقد قيل انه وضع نظام خاص للحرية يشترط إلا أتكلم في كتاباتي لا عن الطباعة ولا عن الديانة ولا عن السياسة ولا عن الأخلاق ولاعن ذوى المناصب ولا عن الأوبرا ولا عن اى شخص له مكانة ما
وبخلاف ذلك استطيع طبع كل شيء بحرية ولهذا تراني في منتهى السعادة ]
( بوما رشيه – مسرحية زواج فيجارو )
وجميع الحريات متضامنة بعضها مع بعض وانتهاك إحداها يعتبر انتهاكا لها جميعا فماذا يكون مصير حرية الفكر بدون حرية فردية وحرية التعبير عن الرأي بدون حرية الاجتماع ؟
و من المسلم به أن المواثيق الدولية والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها مصر تعادل القوانين المحلية ويجوز التمسك بها أمام القضاء المصري
ولذلك للطاعن الحق أن يتمسك وخاصة في قضايا النشر بهذه الاتفاقيات الدولية
ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسيةالذى نص  في مقدمته على
 إن الدول الأطراف في هذا العهد،
إذ ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم ، و من حقوق متساوية و ثابتة ، يشكل ، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة ، أساس الحرية و العدل و السلام في العالم .
و إذ تقر بان هذه الحقوق تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه ،
و إذ تدرك إن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل ، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، في أن يكون البشر أحرارا ، و متمتعين بالحرية المدنية و السياسية و متحررين من الخوف و الفاقة ، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية و السياسية ، و كذلك بحقوقه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية .
قد اتفقت على المواد التالية
وتأكيدا على ذلك جاء نص المادة 19 من ذات العهد يؤكد على
1-لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2-لكل إنسان حق في حرية التعبير . ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أومطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3-...
وهذه المبادئ تسمو على القوانين الداخلية، ومنذ عام 1944 ومحكمة العدل الدولية مستقرة على مبدأ سمو قواعد القانون الدولي العرفية والمكتوبة على أحكام وقواعد القوانين الداخلية فيما بين الدول الأعضاء في الجماعة الدولية
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 بشأن الموافقة على الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16/2/1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/8/1967 وكان هذا القرار قد صدر فى أول أكتوبر 1981
تواترت أحكام المحكمة الدستورية العليا مؤكدا على كفالة حرية الراى والتعبير باعتبارها من الحريات الأساسية للنظام الديمقراطي
وقد أكدت على الحق فى التعبير فى الحكم الصادر في القضية رقم 37 لسنة 11  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
والذي جاء فيه أن
[ لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، وكان الدستور قد كفل بهذا النص حرية التعبير عن الرأي بمدلول جاء عاما ليشمل حرية التعبير عن الآراء في مجالاتها المختلفة
وقد أكدت على ذلك في أكثر من حكم لها منها الحكم الصادر في القضية رقم 42 لسنة 16  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية لكل ما تقدم وللأسباب الأخرى التي سيقدمها الطالب

لذلك

يلتمس الطاعن بطلب
اولا : -قبول الطعن شكلا
والحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بمصادرة كتاب ( الوصايا في عشق النساء – الكتاب الثاني )
ثانيا :- وفى الموضوع
إلغاء القرار المطعون عليه واعتباره كأن لم يكن وإلزام المطعون ضدهما المصروفات

                                        وكيل الطاعن
                                    حمدي الاسيوطى
 المحامى بالنقض والادارية  والدستورية العليا