سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
هذه هي ادلة الدعوي طرحناها علي عدالكم وامل ان تكون قد حققت بغيتنا في اقناعكم بارتكاب المتهمون لهذه الجرائم الشنعاء .
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
في مجال التكيف القانوني للوقائع فان ما ارتكبه المتهمون يشكل الجنايات و الجنح المبينه بامر الاحالة ولن اكررها علي اسماعكم .
كما ان في فضل علمكم ما يغنيني عن الشرح و التحليل ، و التعرض لكل جريمة لبيان اركانها و عناصرها .
الا ان واجبي يدفعني الي القاء الضوء علي مسالة هي عماد امر الاتهام وركيزته الاساسية التي اعتمدت عليها عند تكييفي للوقائع الا وهي جريمة التجمهر ومسئولية المشتركين فيه.
وفي ذلك يكفيني حكم سلفكم الصالح في محكمة النقض الذي عرضت فيه لهذه المسالة بدقه وعرضه فيه لهذه المسالة بدقه وعرضه فيه لمسئولية المشتركين في التجمهر عرضا سهلا يسيرا فقضت بانه ......
حددت المادتان الثانية و الثالثة من القانون رقم 10 لسنه 1914 – بشان التجمهر – شرط قيام التجمهر قانونا في ان يكون مؤلفا من خمسة اشخاص علي الاقل و ان يكون منه ارتكاب جريمة او منع او تعطيل تنفيذ القوانين و اللوائح او التاثير علي السلطات في اعمالها او حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوه او التهديد باستعمالها . ولما كان يشترط اذن لقيام جريمة التجمهر الموثم بالمادتين اللثانية و الثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم عن خمسة اشخاص الي مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذا لهذا الغرض وان تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتي نفذوا غرضهم المذكور و ان تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط اجرامي من طبيعة واحده و لم تكن جرائم استقل بها احد المتجمهرين لحسابة دون ان يودي اليها السير الطبيعي للامور وقد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين اذ ان التجمع قد يبدا بريئا ثم يطرا عليه ما يجعله معاقبا عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه الي تحقيق الغرض الاجرامي الذي يهدفون اليه مع علمهم بذلك .
مناط العقاب علي التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجريمة التي وقعت تنفيذا للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض .
( الطعن رقم 809 – لسنه 42ق – تاريخ الجلسة 9/10/1972 – مكتب فني 23)
ومن ثم فانه يشترط لمسئولية جميع المشتركين في التجمهر عما يحدث اثنائه من جرائم ان يكونوا علي علم من الغرض من التجمهر ، وان تكون الجرائم المرتكبة تنفيذا لهذا الغرض ، وان تكون علي علم بذلك ، فاذا ما تحققت هذه الشروط كان جميع من اشترك في التجمهر مسؤلا عما وقع اثنائه من جرائم دون حاجة الي بحث احكام الاشتراك الجنائي .
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
استمعت الي دفاع المتهمين في اكثر من مناسبة و اعتقد ان هذا الدفاع سوف يعرض علي عدلكم اثناء المحاكمة ، لذا سوف اعرض لبعض هذا الدفاع للرد و التفنيد ..........
اولا : اثار الدفاع في اكثر من مناسبة الاتفاقات الدولية التي تبيح الاضراب و التي وقعت عليها مصر ، واصبحت قانونا من قوانين الدولة ينبغي احترامها ، وان ذلك يعد ناسخا لاحكام القانون 10 لسنه 1914 بشان التجمهر ......
وهو دفاع غير سديد ، وانه ان كان قد يكون لذلك صدي اذا كا بصدد محاكمة الداعين للاضراب او من اشتركوا فيه ، الا انه لا مجال له في قضيتنا هذه ، كما ان القانون 10 لسنه 1914 لا يجرم سوي التجمهر الذي من شانه جعل السلم العام في خطر ثم يندرج في تشديد العقوبة مع زيادة الخطوره بحمل المتجمهرين اسلحة او الات تستخدم في الاعتداء او ارتكاب الجرائم اثناء التجمهر او رفض الانصياع لاوامر المختصين بالتفرق ، ومن ثم فلا علاقة لهذا القانون من قريب او بعيد بالاضراب او الاتفاقيات التي انضمت اليها البلاد بشانه الامر الذي يكون معه هذا الدفاع في غير محلة .
ثانيا : هل نحن اليوم نحاكم المتهمين عن جرائم سياسية ام جرائم جنائية ؟
سيحاول الدفاع ان يصور المسالة علي انها مسالة سياسية ونزال بين معارضين ونظام الحكم ، وان يعطي لما وقع من احداث ابعاد تخرج بها عن حقيقتها .........
وهي اننا نحاكم اشرارا لا ثوارا .........ززز
كما سيحاول الدفاع استخدام ما نجم عن الاحداث من وفياة واصابات بين الابرياء من المدنين ، و التي ما زالت رهن التحقيقات ولم تنته فيها النيابة لتصرف بعد .
وانا علي يقين ان فطنه المحكمة ستتنبه لتلك المحاولات و لا يمكن ان تتاثر بها .
ثالثا : عرض الدفاع في اكثر من جلسة من جلسات تجديد حبس المتهمين لتصورة لحقيقة الاحداث ، وحقا فقد جاء هذا التصور غريبا وخياليا بحق .......
وان كنت لا اعرف ان كان الدفاع سيعرض هذا التصور بجلسات المحاكمة ام لا الا انني سوف اسبقه في ذلك .
فالدفاع – ام بعض منه – يتهم الدولة ممثلة في جهاز الشرطة بالمسئولية عن هذه الاحداث و انها استعانة ببعض البلطجية علي حد قول الدفاع في ارتكاب ما حدث من جرائم .
فهل يعقل ذلك ؟ ان يكون جهاز الشرطة المسئول عن الامن الداخلي للبلاد هو المسئول عن تلك الجرائم ، قول عجيب وتداعيات اعجب ، فالمطلوب ان نقتنع مثلا ان الشرطة احرقت مدرستي طه حسين وعبد الحي خليل بواسطة البلطجية بعد نهب محتوياتهما ، ثم احتفظت بالمسروقات بمخازنها وقدمتها رفق محاضر الضبط .
اي عبث هذا ...... ولن اعقب اكثر من ذلك وساترك الامر لفطنتكم.
رابعا : دفع الحاضرون مع المتهمين في اكثر من مناسبة ببطلان اعتراف من اعتراف منهم بتحقيقات النيابة لكونها وليده اكراه مادي وقع عليهم ، بدعوي التعذيب و الصعق بالكهرباء فاثبت تقرير الطب الشرعي انه لا يوجد اي اثار للصعق بالكهرباء بالمتهمين التاسع و الخامس و العشرين علي خلاف ادعائهم ، الامر الذي يضحي معه هذا الدفع مجرد اقوال مرسلة عارية من ثمه دليل جدير بالالتفات عنه .
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
لقد اثبت لكم مبلغ نذالة الجريمة ، ومدي شرها ، اذا هي وقعت علي مدينة كانت امنه ياتيها اكلها كل حين باذن ربها ، ابنه ذلك بقد ما فسخ لي موقف ممثل النيابة ، واجازته الامانه التي في عنقه ولو ان المجال حر لقائل لسمعتم كل ما يتطلبه حزمكم وترضاة عدالتكم و لكنني مومن بفطنتكم ولي فيها كل العناء .
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
اذا كنتم عرفتم بالرافة و الرحمة ، فها هي مدينة المحلة برجالها ونسائها ، شيوخا واطفالها ، صناعها وفلاحيها يناديكم ، ارحمونا نحن ، وارافوا بنا نحن ، فالاشرار قد تسلطوا علينا كيف نامن علي انفسنا بمنازلنا وبطرقات مدينتنا ، كيف يامن التاجر علي بضاعته في حانوته واين هيبه الدولة بعد ما اكترفه هؤلاء الجناه .
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
اذا كنتم قد اقتنعتم ان هؤلاء الجناه قد ارتكبوا هذا الاثم فان هذا هو موضع الحزم و الشده ، فان القاضي الذي يشتد في الزجر لخير امته في مثل هذه القضية ، لهو اقدر علي توفير الشعور بالامان ، ويكون حكمه سببا في توحيدقوي الشعب علي العمل الشريف المثمر وسلام الجميع .
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
ان اللين في موضع الشده لا ينفع الا هولاء المتهمون الذين اسءوا الي انفسهم و الي بلادهم ، اما الحزم في الحكم وهذا يومه ينفع الناس جميعا .
فتخيروا لعدلكم بين ان يخرج هؤلاء المتهمون ضاحكون فرحون ، وبين ان تخرج الامة باكية مروعة في مرافقها مههدة في هيبة الدولة .
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
أذكركم بقول الله عز وجل ..................
انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم و ارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم .
صدق الله العظيم
سيدي الرئيس
حضرات السادة المستشارين
انتم اطباء النفس كما انتم قضاه العدل ، و الطبيب البصير لا يتردد و لا يني عند الضرورة الحاكمة و القاضي الحازم يهذب بزجرة الحكيم وهو في زجرة من الراحمين .
وازنوا بين روعة الرحممة وقد حلت بالبلاد ، واهل تلك المدينة ، وبين ضالتها ان هي حلت بهؤلاء المتهمون ، ثم اقضوا قضائكم ، والله معكم انه نعم الهادي ونعم النصير .
تحريرا في 8/9/2008
رئيس النيابة الكلية
“محمد عبد القادر الحلو "