شروط إباحة الطعن في أعمال الموظف العام أو من في حكمه

ومن خلال ما ورد بنص المادة 302 / 2 من قانون العقوبات لا بد من توافر شروط ثلاثة حتى يستفيد المتهم من الإباحة المقررة له

الشرط الأول:

أن يكون المجني عليه موظفا عامااو من في حكمه

الشرط الثاني:

أن يكون الطعن أو النقد متعلقا بأعمال الوظيفة أو الخدمة العامة

الشرط الثالث:

أن يتوافر لدى الطاعن( الصحفي ) حسن النية وان يكون هدفه من الطعن تحقيق المصلحة العامة لا مجرد التشهير أو التجريح

الدفع بالإعفاء من العقاب لتوافر حسن النية

للمتهم أن يتمسك أمام محكمة الموضوع بالدفع بتوافر حسن النية في ما قرره من عبارات نقد وان يدلل على ذلك بكافة الطرق

ومن عناصر حسن النية أن يعتقد الطاعن بصحة الواقعة و أن يكون قد قدر الأمور التي نسبها الى الموظف العام وان يكون هذا التقدير كافيا بالإضافة إلى أن يكون انتقاده للمصلحة العامة لا لمجرد التشهير

وأيضا لا بد من أن يثبت الصحفي صحة الوقائع المسندة إلى الموظف العام أو من في حكمة

وسبب أخر من أسباب الإباحة للصحفي أن يتمسك به وهو

حق الصحفي في نشر الإجراءات القضائية

حرية الصحفي جزء من حرية الشخص العادي ولا يمكن أن يتجاوزها إلا بتشريع خاص وحق نشر الإجراءات القضائية نص عليه الدستور فقد نصت المادة 169 من الدستور على حق نشر الإجراءات القضائية إذ نصت على أن

[جلسات المحاكم علنية إلا أذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب. وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية ]

وعلانية الجلسات تعطى الفرصة للجمهور من متابعه ما يدور في قاعة المحكمة مما يخلق رقابة شعبية على أعمال السلطة القضائية تحقيقا للعدل

وفى كل الأحوال يجب النطق بالحكم في جلسة علنية وإلا كان الحكم باطلا وفقا لنص المادة 174 من قانون المرافعات المدنية والتي نصت على

[ ينطق القاضي بالحكم بتلاوة منطوقة، أو بتلاوة منطوقة مع أسبابه، ويكون النطق به علانية وإلا كان الحكم باطلاً.]

ويكون من حق الصحفي و الجمهور أن يدخل إلى قاعة الجلسة ليسمع المرافعات أو النطق بالأحكام وبهذا الحق يكون للرأي العام مراقبة أداء القضاء لوظيفته ، وهو ما يؤدى إلى ازدياد الثقة في تطبيقه للقانون

وللصحفي حق نشر المرافعات والحكم، فإذا كانت الجلسة سرية فأن له أن تنشر الحكم دون المرافعات وليس للصحفي أن ينشر ما تم بالجلسات التي انعقدت سرية


وقد نصت المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية على انه
[يجب أن تكون الجلسة علنية، ويجوز للمحكمة مع ذلك مراعاة النظام العام، أو محافظة على الآداب، أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية، أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها]

فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته ، ويجوز مسألته جنائيا إذا تضمن النشر قذف وسب وأهانه

و نشر ما يجرى في المحاكمة هو امتداد وتكمله لعلانيتها على أن يكون النشر قاصرا على إجراءات المحاكمة وهى مرافعات الخصوم وأقوالهم أو مرافعات النيابة العامة والدفاع وكذلك أقوال الشهود والخبراء

لكن لا تمتد الإباحة إلى ما غير ذلك فلا يجوز للصحفي أن ينشر التحقيقات الابتدائية وكذلك لا بد أن يكون النشر مقصورا فقط على ما جرى من وقائع أثناء المحاكمة دون التعليق عليها

وان يكون النشر معاصرا لتاريخ المحاكمة حتى يتمكن اعتبارها امتدادا للعلانية طبقا لظروف القضية وملابساتها

ونشر أخبار المحاكمات العلانية ليس من حق الصحفي فقط وإنما أيضا من حق المواطن العادي غير الصحفي أن يتناول ما يتم في الجلسات العلنية سواء كان هذا التناول بطريق التعليق عما حدث بتلك الجلسات العلنية كتابة أو قولا سواء كان ذلك التعليق في جريدة أو مجلة أو كتاب أو عن طريق الانترنت أو اى طريقة أخرى مما ذكر في المادة 171 من قانون العقوبات

فأي طريقة يحدث بها النشر أو الإعلان للجمهور بما تم في الجلسات العلنية

توافر الأمانة وحسن النية

على أن يتم النشر بأمانة وحسن نية سواء كان الذي قام بالنشر الصحفي الذي من حقه أن ينشر الإجراءات القضائية أو غيره من الجمهور

ونخلص مما تقدم أن الحق في نشر ما يجرى من محاكمات علانية ضمانه ضرورية لإرضاء شعور الجماعة بعدالة المحاكمة فالسماح للجمهور بحضور المحاكمة يجعل منه رقيبا على سلامه إجراءاتها ويدعم الثقة في عدالة القضاء

.ولهذا أصبح من الأصول المقررة في كافه التشريعات وجوب إجراء المحاكمات في جلسة علنية

ويتفرع عن مبدأ علانية المحاكمة الاعتراف للفرد بالحق في نشر ما يجرى في المحاكمات دون أن تلحق الناشر مسئوليه عما قد يتضمنه هذا النشر من أمور يعد نشرها في ذاته جريمة يعاقب عليها القانون وذلك باعتبار أن نشر ما يجرى في المحاكمة ما هو في الواقع إلا امتدادا وتكمله لعلانية المحاكمة

بالإضافة إلى سبب من أسباب الإباحة في عمل الصحفي وهو حق النقد

حق النقد
النقد المباح

والنقد المباح هو إبداء الراى في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته ،

وحق النقد يستند أساسا على نص دستوري هام ارسي هذا النص قاعدة من قواعد الحريات وهى حرية الكلمة والتعبير والقول

وهو نص المادة 47 من الدستور والتي تقضى بأن ،

[حرية الراى مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني]

فالنقد حق للأفراد يستعمله من يشاء بدون مسئولية مادام قد عمل في الحدود التي رسمها القانون

والنقد هو تعليق على تصرف وقع فعلا أو حكم على واقعة مسلمه

فالنقد المباح ليس إلا إبداء الراى في أمر أو عمل دون المساس بشخص أو صاحب هذا العمل أو الأمر بغية التشهير به أو الحط من كرامته

إلا أن المشرع أباح الإسناد العلني لما يعد قذفا، وذلك في أحوال بذاتها هي تلك التي يقتضيها الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة أو ذوى الصفة النيابية العامة باعتبار أن هذه الأعمال من الشئون العامة التي لا يجوز أن يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها والالتزام بضوابطها ومتطلباتها وفقا للقانون مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى ، بما مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في مجال ممارستها، حقا لكل مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة وأداء المسئولية العامة على الوجه الأكمل ،

فإذا كان انتقاد القائم من هؤلاء بالعمل العام منطويا على إسناد واقعة أو وقائع بذاتها علانية إليه من شأنها- لو صحت- عقابه أو احتقاره، وكان هذا الإسناد بحسن نية، واقعا في مجال الوظيفة العامة أو النيابة أو الخدمة العامة ملتزما إطارها ، اعتبر ذلك قذفا مباحا قانونا عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات

وهى في كل حال لاتعدو أن تكون تطبيقا لقاعدة عامة في مجال استعمال الحق، إذ يعتبر هذا الاستعمال دوما سببا للإباحة كلما كان الغرض منه تحقيق المصلحة الاجتماعية التي شرع الحق من أجلها.

علة إباحة النقد

في النقد البناء مصلحة للمجتمع إذ أن الناقد عندما يتعرض لواقعة معينة معلقا عليها ومفندا جوانبها بالرأي فيها وتجريحها أن كان هناك مجالا لهذا بالحق حتى يستطيع الجمهور أن يتفهم حقيقة الواقعة وصحتها ومثالبها وكشف ما قد يعتريها من إنحراف أو فساد وهنا تتحقق مصلحة المجتمع التي هي فوق مصلحة الفرد الذي قد يصيبه الضرر من جراء هذا النقد

وقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على أنه

[ لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة ]

فالتفرقة بين الشخص وبين تصرفاته هي التي تحدد دائرة العدوان المعاقب عليه، ودائرة النقد الذي لا جريمة فيه، فالقانون يحمى شرف الشخص واعتباره

وإذا تناول الناقد عملا علميا أو فنيا أو أدبيا، فقدر قيمته وكشف عن عيوبه وقارن بينه وبين غيره من الأعمال، وفضل بعضها عليه، دون أن يتعرض لشخصية صاحبه فلا يقوم بذلك القذف، ولو كشف الناقد عن هذه الشخصية

النقد السياسي

ويثار تساؤل حول من يتولون عمل التحليلات السياسية وانتقاد الحكام أو المسئولين أو وزير ما في شئون تتعلق بعمله ، ولكن هذا النقد أو التعليق شابه عبارات قد يراها البعض شائنة من باب انه وزير ضعيف أو انه وزيرا للأغنياء فقط ورجال الأعمال ، أو انه يتعجل بيع الشركات الناجحة أو انه مسئول عن أرواح الضحايا أو أن وزارته فاسدة أو يجب أقالته

ونحن نرى انه أذا كان النقد الذي لحق بالمسئول متعلقا بأعمال وزارته ولم يلحق بشخصه إلا بالقدر الذي يمس عمله وكان الغرض من النقد حتى ولو كان لاذعا أو به شطط أو حتى عبارات شائنة طالما أن الغرض منه إبراز وتوضيح هذه التصرفات للجمهور وبشكل يستطيع أن يفهمها ويدرك أبعادها وحقيقتها فلإعقاب

ويترك الأمر لسلطة المحكمة التقديرية من ظروف وملابسات الدعوى

لإباحة النقد لا بد من توافر شروط أربعه وهى

أن يكون النقد مستندا على واقعة ثابتة ومعلومة

أن تكون الواقعة مما يهم الجمهور

أن يكون النقد متعلقا بالواقعة وحدودها

توافر حسن النية

-أما اعن الشرط الأول:

أن يكون النقد مستندا على واقعة ثابتة ومعلومة

و إذا كان الناقد يعتقد صحة الواقعة التي ذكرها أو يعتقد صواب الراى الذي أبداه وكان هذا الاعتقاد مستندا الى التحري الواجب على من كان في مثل ظروفه ، فأنه يستفيد من الإباحة

فحق النقد هو حق مطلق طالما تعلق هذا النقد بواقعة معلومة لدى الجمهور وسواء تعلقت تلك الواقعة بأعمال الموظف العام أو من في حكمه أو بغيره

لان الوقائع طالما كانت مشهورة ومعلومة لدى الجمهور وتعلقت بمصلحة هامة تهم الناس يصح للناقد أن يتناولها بالتجريح

وخطأ الناقد في رأيه لا يخرجه من دائرة الإباحة ، ولقاضى الموضوع أن ينظر الى اعتقاد الناقد في صحة نقده وتناوله للموضوع مثار النقد

الشرط الثاني:

أن تكون الواقعة مهمة بالنسبة للجمهور
لا بد أن تكون الواقعة محل النقد من الوقائع التي تهم الجمهور اى يتصل النقد بشأن عام من أعمال تهم الجمهور وبالتالي يخرج من دائرة الإباحة الحياة الخاصة للأفراد إلا بقدر ما هو متصل بالشأن العام

النقد في مجال السياسة
النقد المباح في مجالات السياسة هو نقد إعمال وتصرفات وأقوال وأداء وآراء الشخصيات التي تعمل بالسياسة سواء كانوا أعضاء في الحكومة أو نواب مجلس الشعب أو الشورى منتخبا أو معينا أو أعضاء في الأحزاب السياسية

الشرط الثالث

أن يكون النقد مستند الى الواقعة ملتزما حدودها

يجب أن يكون الناقد مستندا الى واقعة معينة في نقده يتناولها بالتجريح والتفنيد وإبداء الرأي فيها ونقدها وان يبدى وجهه نظره فيها سواء كان معها أو ضدها لكن لا يخرج عن الواقعة الى شخص المجني عليه أو تجريحه أو النيل منه أو التشهير به

فإذا كان الناقد لم يكن قاصدا التشهير أو التجريح وإنما يقصد المصلحة العامة اعتبرت الواقعة من قبيل النقد المباح

الشرط الرابع:

توافر حسن النية

فيشترط لأباحه النقد أن يتم النقد بحسن نية ، اى أن يعتقد الطاعن بصحة الواقعة التي يسندها الى المجني عليه وان يكون هدفه من النقد تحقيق المصلحة العامة لا مجرد التشهير أو التجريح

الدفع بالإعفاء من العقاب لتوافر حسن النية

أن للصحفي أن يتمسك أمام محكمة الموضوع بالدفع بتوافر حسن النية في ما قرره من عبارات نقد وان يدلل على ذلك بكافة الطرق وهذا الدفع دفع جوهري لما يترتب عليه إذا دلل عليه المتهم وأثبته أن يعفى من العقاب ، وان يدلل على أن النقد كان يستهدف المصلحة العامة

عناصر حسن النية

عنصري حسن النية عنصرين

أولا: أن يكون الناقد مستهدفا المصلحة العامة

ثانيا: إعتقاد الناقد صحة الرأى الذي يبديه لا صحة الواقعة التي يؤسس عليها رأيه

وإذا توافرت عناصر حسن النية كان النقد مباحا سواء كان رأى الناقد صائبا أو خاطئا طالما انه قد عبر عنه بعد التروي والتعقل

ويفترض دائما حسن نية الناقد ويكون على سلطة الاتهام أن تثبت أن النقد لم يكن حسن النية ولها أن تستمد هذا الدليل من قسوة عبارات النقد وعدم تناسبها مع الواقعة موضوع التعليق أومن تصرف قام به الناقد قبل النشر مقاله وفى كافة الجرائم الأخرى لا بد من توافر العلانية ن وتوافر القصد الجنائي لدى الصحفي

لكن علينا أن نوضح حقوق وواجبات الصحفيين وفقا لقانون تنظيم الصحافة رقم 96/96