وقد جاء قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 مؤكدا لما ورد بالمواثيق الدولية والدستور المصرى فى العديد من نصوصه ومنها :
وقد جاء ت المادة الأولى من القانون 96لسنة 96( قانون الحافة ) وذلك فى الباب الأول
تحت عنوان حرية الصحافة وحقوق واجبات الصحفيين
مادة 1 - الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية مسئولة في خدمة المجتمع تعبيرا عن مختلف اتجاهات الرأي العام وإسهاما في تكوينه و توجيهه من خلال حرية التعبير و ممارسة النقد و نشر الأنباء، وذلك كله في إطار المقومات الأساسية للمجتمع و أحكام الدستور و القانون
مادة 3 – تؤدي الصحافة رسالتها بحرية و باستقلال، و تستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع و ارتقائه بالمعرفة المستنيرة و بالإسهام في الاهتداء إلي الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن و صالح المواطنين.
مادة 4 – فرض الرقابة علي الصحف محظور.
ومع ذلك يجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض علي الصحف رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي.
مادة 5 – يحظر مصادرة الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها بالطريق الإداري.
وكذلك ما نصت عليه المادة 6 – من أن الصحفيون مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون.
وما جاءت به المادة 7 – لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببا للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره علي إفشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود القانون.
وأيضا ما جاء بالمادة 8
مادة 8 – للصحفي حق الحصول علي المعلومات و الإحصاءات و الأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو عامة، كما يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها.
وتنشأ بقرار من الجهة المختصة إدارة أو مكتب للاتصال الصحفي في كل وزارة أو مصلحة أو هيئة عامة لتسهيل الحصول علي ما ذكر بالفقرة السابقة.
ثم ما تواترت عليه أحكام محكمة النقض المصرية
من أحكام قانون العقوبات لا تسرى على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة بما مؤداه أن استعمال الحق المقرر بالقانون أينما كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها باعتباره كلا متسقا مترابط لقواعد يعتبر سببا من أسباب الإباحة إذا ما ارتكب بنية سليمة
فالقانون يفترض قيام مصلحة يعترف بها وبحجمها بحيث يسمح باتخاذ ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تطوى عليه من مزايا وهو فى ذلك يوازن بين حقين واحدهما صيانة للآخر
استخدام المتهم حقه بصفته صحفى فى نشر الأخبار
ورغم أن الأصل حرية الرأى وحرية تدفق المعلومات التى تعد شرطا أساسيا لحرية الصحافة التى لا تقوم إلا ارتكانا عليها ،
إلا أن المشرع قد يرى أن مصالح أخرى أجدر بالحماية من حماية حرية الرأى والتعبير ، فوفقا لرؤيته قد يترتب على نشر بعض المعلومات ضررا ، ولا تحقق فائدة ، وأن كانت هذه هى رؤية المشرع التى نختلف معها ونرى أنها مجرد قيود وضعت لتكبيل حرية الرأى والتعبير ، وتتنافى مع ما جاء من مواثيق دولية ، وحمله الدستور بين نصوصه ، وأقرته العديد من أحكام المحكمة الدستورية ، إلا أن المتهم لم يتعدى أو يتجاوز هذه المحظورات ولم يتخطى الحدود الفاصلة بين ما هو مباح وما هو مجرم ، إنما استخدم حقه فى ممارسة عمله كصحفى المشروع قانونا وبحسن نية ، ولم يكن متعسفا فى استخدامه هذا الحق ، .حيث أن ما تم نشره لم يكن من الأخبار التى .يحظر القانون نشرها ، فلم تتعارض ممارسته لاستخدام حقوقه التى كفلها الدستور ونظمها قانون تنظيم الصحافة لمصالح أجدر بالحماية من حرية الرأى وتدفق المعلومات .
ما هى الحالات التى يحظر القانون نشر أخبارها :
حظر القانون نشر العديد من الأخبار ، وحيث أن هذا الحظر استثناء على القاعدة العامة وهى حرية النشر ، فقد ورد محددا على سبيل الحصر ، ولا يجوز التوسع فيه ، أو القياس عليه ، وهذه الحالات عليها :
حظر نشر أسرار الدفاع عن البلاد المادة بموجب80 من قانون العقوبات .
حظر نشر أخبار محاكمات الأحداث المادة 126 من القانون 12 لسنة 1996
حظر نشر الأمور التى تدخل فى نطاق الحياة الخاصة للمواطن المادة 309 ، 309مكرر أ من قانون العقوبات ، المادة 21 ، 22 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة
حظر نشر التحقيق الابتدائي المادة 310 من قانون العقوبات ، المادة 23 من القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة
حظر نشر مسائل الأحوال الشخصية المادة 193 من قانون العقوبات
حظر نشر الدعاوى التى تنظر فى جلسة سرية أو التى قررت المحكمة الحد من علانيتها
حظر نشر مداولات المحاكم
وبمطالعة هذه الحالات الواردة على سبيل الحصر ، وما ورد بصفحات الجريدة التى يرأس تحريرها المتهم ، نجد وبوضوح انه لم يتعرض لأيا من هذه المحظورات
فانتقاد القائمين بالعمل العام وتناول ما يتعلق بأحوالهم وصحتهم – وإن كان مريرا- يظل متمتعا بالحماية التي كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية، أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها
وليس جائزا بالتالي أن تفترض في كل واقعة جرى إسنادها إلى أحد القائمين بالعمل العام، أنها واقعة زائفة أو أن سوء القصد قد خالطها. كذلك فإن الآراء التي تم نشرها في حق أحد ممن يباشرون جانبا من اختصاص الدولة، لا يجوز تقييمها منفصلة عما توجبه المصلحة العامة في أعلى درجاتها من عرض انحرافهم ، وأن يكون المواطنون على بينة من دخائلها. ويتعين دوما أن تتاح لكل مواطن فرصة مناقشتها واستظهار وجه الحق فيها.
ونحن نتسأل هل نشر خبر عن صحة الرئيس من المحظورات قانونا ؟
إن كانت الإجابة نعم فما هو النص الذى يحظر ذلك ؟
وان كانت الإجابة لا ، فما هو سبب إدانة المتهم .
توافر حسن النية لدى المتهم عند استخدامه حق النشر :
يختلف مدلول حسن النية هنا عن مدلول حسن النية كسبب ينفى القصد الجنائى ، فحسن النية شرط لممارسة حق نشر الأخبار وتعد تطبيقا لشرط عام حددته المادة 60 من قانون العقوبات لممارسة الحق المقرر بواسطة القانون وتأتى تنص على لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة.
، وهذا الشرط يعبر عن مشروعية الغاية التى توخاها الشخص من وراء نشر الخبر . اى أن المتهم كان حسن النية عند النشر وكان يقوم بمهام العمل الصحفى فى نشر الأخبار
وكان على النيابة العامة إثبات انتفاء سبب الإباحة الذى دفع به المتهم " فإذا دفع المتهم بسبب الإباحة وعجزت النيابة العامة عن إثبات بطلانه فصار القاضى فى شك من حيث توافر الإباحة أو عدم توافرها ، فان القرينة السابقة تفرض عليه أن يفصل فى الدعوى على أساس الإباحة . ، وهو ما لم تستجب إليه محكمة أول درجة .
رابعا : انعدام النتائج المنصوص عليها بمواد الاتهام كشرط تجريم (افتقاد أدلة الثبوت لصحيح القانون لقيامها على الظن والافتراض – أقوال شهود النفى يسقط الاتهام المسند )
ويتبين لعدالة المحكمة من الاطلاع على الخطاب المرسل من البنك المركزى المصرى والصادر بتاريخ 9/9/2007 والذى يجيب عن تساؤل حول التداعيات الاقتصادية الناجمة عما نشر خلال الفترة 27 إلى 30 /8/2007 من إشاعات وأخبار كاذبة عن مرض الرئيس ، فقد جاء فى هذا الخطاب أنه قد صاحب بدء صدور الشائعات يوم 27/8/2007 سحب المستثمرين الأجانب لجانب من استثماراتهم فى مصر بدرجة غير طبيعية ، وخروج استثمارات من البلاد بلغت أكثر من 350 مليون دولار يومى 29،30/8 /2007 ، وان هذا قد توقف وبدأت استثمارات الأجانب فى التدفق بشكل طبيعى للبلاد اعتبارا من 2/9/2007 ، بينما يناقض ذلك ما قرره كلا من نائب محافظ البنك المركزى أمام عدالة المحكمة بجلسة 24/10/2007 والذى جاء خطابه بناء على طلب النيابة العامة والذى قرر فيه إن إشاعة مريض الرئيس كانت تداول من 20/8/2007 .
وأضاف الشاهد / عاطف على إبراهيم السيد ( وكيل محافظ البنك المركزى المصرى) ، والذى قرر انه لم تحدث أضرار اقتصادية للبلاد فى هذه الفترة ، وانه لم يتوصل إلى سبب خروج استثمارات تقدر 350 مليون دولار فى تلك الفترة وقد أوضح أن هناك العديد من العوامل التى تؤثر على شكل الاستثمار ومنها عوامل سياسية واقتصادية مثل استقرار سعر سوق الصرف ومعدل النمو وأيضا إذا ما كان هناك تغيير وزارى أو عدم استقرار الحكم فى البلاد .
وما يؤكد لعدالة المحكمة أن ما نسب إلى المتهم لم يؤثر بشكل من قريب أو بعيد عن المصالح الاقتصادية للبلاد ما قرره الشاهد ردا على سؤال النيابة العامة له
س : هل هناك اى صلة مباشرة بين المتهم .... وما توصلت إليه ؟
ج : لا استطيع أن اجزم بذلك .
وعندما بادره دفاع المتهم وطالبه بتحديد مستثمر معين تأثر بما نشر فى الدستور ؟ فلم يجب عن هذا السؤال بما يعنى أن اتهام النيابة العامة للمتهم فيما يتعلق بتأثير ما نشر فى جريدة الدستور على الحالة الاقتصادية للبلاد أمرا غير منطقى وغير صحيح .
مناقشة أدلة الثبوت وتفنيدها
خطاب الهيئة العامة لسوق المال والخاص بمراجعة مؤشر البورصة خلال الفترة 27/8 حتى 30/8/2008 ، الذى قرر فى نهايته أن حالة انخفاض مؤشر البورصة قد يرجع إلى إشاعات أو أخبار قد ترددت بعد نهاية يوم 25/8 حتى 29/8/2007 .
الأمر الذى نافاه تماما رئيس هيئة سوق المال أثناء سماع أقواله أمام عدالة المحكمة بجلسة 24/10/2007 ، عندما سؤل عن السبب المباشر فى انخفاض مؤشر البورصة ، قرر لا اعلم سببا مباشرا فى الانخفاض ، وأضاف أن الانخفاض والصعود أمر طبيعى وممكن أن يحدث فى اى وقت ، وانه لا يستطيع أن يجزم أن الاقتصاد المصرى قد تأثر تأثيرا مباشرا أو تضرر بانخفاض مؤشر البورصة ، وقرر أن ذلك أمر طبيعى وانه لا يستطيع تحديد أية صلة بين الأفعال المنسوبة للمتهم وما لحق بسوق البورصة من انخفاض فى تلك الفترة .
أن الذى يؤكد انه لا علاقة لما نشره المتهم بحالة الاقتصاد المصرى ما قرره شاهدى النفى محمد سعد هجرس ، واحمد النجار على أن حركة الاستثمارات الأجنبية وتؤثر مؤشر البورصة تحكمه حركة الأسواق العالمية وان معظم الصحف قد تناولت إشاعة صحة الرئيس قبل قيام المتهم بالنشر .
وهو الأمر الذى يستبين منه لعدالة المحكمة انتفاء الصلة فيما بين ما نشره المتهم ، وما تردد من التأثير على الاقتصاد المصرى وحركة البورصة . اى أن ما تم نشره من قبل المتهم لم تترتب عليه اى نتائج وفقا لنص المادة 188 من قانون العقوبات .
خامسا : عدم قبول الدعوى المدنية
فلما كان من المقرر قانونا بنص المادة 251/1 إجراءات جنائية " انه لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى ...." كما نصت المادة 251 مكرر من ذات القانون على انه " لا يجوز الادعاء بالحقوق المدنية وفقا لأحكام هذا القانون إلا عن الضرر الشخصي المباشر الناشئ عن الجريمة والمحقق الوقوع حالا أو مستقبلا .
فأساس المطالبة بالتعويض أمام القاضي الجنائي هو أن يكون الضرر شخصيا ومترتبا على الفعل المعاقب عليه ومتصلا به اتصال جنائية.مباشرا ، فإذا لم يكن الضرر حاصلا من الجريمة وإنما كان نتيجة ظرف أخر ولو متصلا بالواقعة التي تجرى المحاكمة عنها انتفت على التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية وقد جاء فى حكم لمحكمة النقض
(إن ولاية المحاكم الجنائية بالنسبة إلى الحكم بالتعويضات المدنية هي ولاية استثنائية تقتصر على تعويض ضرر شخصي مترتب على الفعل المكون للجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ومتصل اتصالا مباشرا ولا يتعداها إلى الأفعال الأخرى غير المحمولة على الجريمة ولو كانت متصلة بالواقعة التي تجرى المحاكمة عنها لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية فإذا ما كان الضرر الذي لحق بالمدعية بالحق المدني والذي جعله الحكم أساسا للقضاء بالتعويض لم ينشا عن جريمة النصب التي دين بها الطاعن وإنما نشا عن التعرض لها في ملكيتها وهو فعل وان اتصل بالواقعة الجنائية المكونة لجريمة النصب إلا انه غير محمول عليها مما لا يجوز الادعاء به أمام المحكمة الجنائية لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية .
( نقض 16/5/67 مجموعة أحكام النقض س 18 رقم 130ص 667 )
وفى حكم آخر لمحكمة النقض جاء فيه ( أن القلق والاضطراب الذي يتولد من الجريمة لدى احد المواطنين لا يجوز الادعاء به مدنيا أمام المحكمة الجنائية ) .
( نقض 22/5/55 مج س 6 ص 545 ، نقض 15/5/65 مج س 16 ص 133 ، نقض 16/5/67 مج س 18 ص 667 )
وعلى ذلك فالمجني عليه هو ذلك الشخص – طبيعي أو معنوي – الذي وقعت عليه نتيجة الجريمة أو أصابه ضرر قد نتج مباشرة عن الجريمة التي يريد تحريك الدعوى يتعين أن يكون الضرر الذي أصابه قد نتج مباشرة عن الجريمة التي يريد تحريك الدعوى الجنائية عنها فان لم يصبه ضرر أو كان قد أصابه ضرر ولكن غير ناتج مباشرة عن الجريمة موضوع الدعوى فان دعواه تكوين غير مقبولة ،
وحيث أن المدعيين بالحق المدني قد أقاموا دعواهم المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية بصفتهم ضد المتهم تأسيسا على ما زعموه من أضرار مادية وأدبية جراء قيام المتهم – بصفته صحافيا ورئيسا لتحرير جريدة الدستور – بكتابة عناوين ومقالات تضمنت أخبارا وشائعات كاذبة تمثلت فيما روج له من تدهور صحة رئيس الدولة واعتلاله بل غيابه وعدم قدرته على اتخاذ القرارات مما كان من شانه أصابه المواطنين والمدعيين منهم بالارتباك والاضطراب والقلق .
وعلى فرض جدلى فأنه أن صح ما نسب إلى المتهم من نشر أخبار شائعات كاذبة عمدا إنما هي في حقيقتها أفعال تقع على الهيئة الاجتماعية ، بمعنى أن المجني عليه والمضرور فيها هو الدولة كمؤسسة بما لها من شخصية مستقلة عن شخصية كل فرد من الإفراد ، ومن ثم فان الإضرار التي قد تلحق بالإفراد نتيجة لجرم المتهم كالارتباك والاضطراب والقلق والفزع تغدوا إضرارا غير مباشرة وغير شخصية
ومن ثم فان ما زعم المدعيين بالحق المدنى عما أصابهما في الدعوتين المدنيتين من أضرار لم يكن حاصلا أبدا من جريمة المتهم ولم يكن محمولا عليه ، الأمر الذي تكون معه الدعوتين المدنيتين وقد افتقدتا أهم شروط قبولهما والمتمثلة في وجوب ثبوت إصابة المدعيين بالحق المدني بضرر شخصي ومباشر وهو ما لم يثبت لا فى الواقع ولا من أوراق الدعوى .
نلتمس من عدالة المحكمة قبول الاستئناف شكلا ، وفى الموضوع ببراءة المتهم من الاتهام المنسوب إليه تأسيسا على ما أبدى من دفوع ودفاع .