5- دفع باكتفاء عناصر الجريمة السلبية فى حق المتهمين:
النيابة العامة تتهم المتهمين بارتكاب العديد من أفعال التقاعس والقعود.
وبالتالي فالجرائم المنسوبة للمتهمين من قبيل الجرائم السلبية.
ويعرف الدكتور/ محمود نجيب حسنى ـ شرح قانون العقوبات صـ269 الامتناع المؤثم بأنه:
(إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه فى ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل وأن يكون فى استطاعة الممتنع عنه أدائه).
ويستخلص الدكتور/ محمود نجيب حسنى من هذا التعريف أن الامتناع المؤثم ليس عدما وفراغا وانما هو كيان قانوني له وجوده وعناصره التى يقوم عليها.
ثم يخلص الى القول بان الامتناع المؤثم يقوم على عناصر ثلاثة :-
1- الأحجام عن إتيان فعل إيجابي معين.
2- وجود واجب قانوني يلزم بهذا الفعل.
3- استطاعة أداء هذا الفعل.
وأنا أدفع بانتفاء هذه العناصر فى حق المتهمين وبالتالي فأن أفعال الامتناع المنسوبة إليهم ارتكابها لا تصلح سببا لمحاكمتهم ولا سند لإدانتهم.
فلكي يدان المتهمين يجب أن تقيم النيابة الدليل على انهم اختاروا بإرادتهم الحرة الامتناع عن أداء واجباتهم القانونية الأمر الذي لم تفعله النيابة لأنه كم يقول الدكتور/ حسنى صـ 271 :
(الامتناع كالفعل الإيجابي سلوك إرادي، ويقتضي ذلك أن تكون الإرادة مصدره أى أن تتوافر علاقة السببية بين الإرادة والمسلك السلبي الذي اتخذه الممتنع، فأن ثبت أن الإحجام قد تجرد من الصفة الإرادية فلا يوصف بأنه امتناع فى المعنى القانوني).
وفى هامش 3 من صـ271 يقول:
(غنى عن البيان أنه اذا اعتبر الواجب القانوني عنصرا فى الامتناع يتعين أن يستخلص من ذلك اشتراط أن يكون فى وسع الممتنع القيام بالفعل الإيجابي الذي ينسب إليه الأحجام عنه وذلك تطبيقا لقاعدة "الالتزام المستحيل"). وفى تحديده للمعيار الذي يجب الاحتكام إليه ليتبين مدى توافر الخطأ الغير العمدي فى حق المتهم.
يقول لنا دكتور/ محمود نجيب صـ617:
(أن جوهر الخطأ غير العمدي هو الإخلال بالتزام عام يفرضه الشارع ... ويفترض هذا الالتزام ... استطاعة الوفاء به فلا التزام الا بمستطاع ... فالقانون لا يفرض من أساليب الاحتياط والحذر الا ما كان مستطاعا ولا يفرض التبصر بآثار الفعل والحيلولة دونها الا اذا كان ذلك فى وسع الفاعل).
ويضرب دكتور/ حسنى مثلا فيقول :
( اذا أصيب عامل الإشارات بالسكك الحديد بإغماء فى الوقت الذي كان يتعين عليه فيه إعطاء إشارة تحذير الى قطار على وشك الدخول الى المحطة أو تعرض لإكراه ... شخص حبسه فى حجرة خلال هذا الوقت فلم يقم بالفعل الإيجابي المفروض عليه فلا يقال عنه أنه ممتنع فى لغة القانون).
فما بال حضراتكم وطاقم القطار ... لحظة اشتعال الحريق كان حبيسا ... كان رهين محابس متعددة وكانت قدرته على التحرك فى اتجاه فرامل الطوارئ أو أجهزة الإطفاء معطلة بفعل:ـ
• التكدس الرهيب
• التدفق الرهيب للركاب المذعورين
• الظلام الدامس
• الدخان الخانق الذي يعطل حتى القدرة على الغلب .
يؤكد ذلك ما شهد به عضو اللجنة دكتور/ بدران محمد بدران صـ844 ما الذي قاله؟
س- ما الذي حال دون استخدام فرامل الطوارئ؟
ج -هناك عدة عوامل حالت دون استخدام فرامل الطوارئ منها: انقطاع التيار الكهربائي والوقت كان ليلا، الدخان الكثيف الذي نتج من الطريق وأدي الى صعوبة الرؤيا، الزحام الشديد الذي أعاق الحركة وحالة الذعر التى سادت بين الركاب.
ثم هناك ما شهد به الدكتور/ محمد عبد الرحيم بدر ردا على نفس السؤال:
س - ما الذي حال دون استخدام فرامل الطوارئ؟
ج - تزاحم الركاب الشديد والهلع من منظر النيران.
س- ما قولك فى ما جاء بأقوال شعبان متولي وهو من خدم القطار بأنه لم يتمكن من استخدام فرامل الطوارئ بسبب صعوبة الوصول إليها نتيجة تكدس العربات بالركاب؟
ج - ده يؤكد صحة ما انتهت إليه اللجنة .
والمهندسة/ الهام الزناتى عضو اللجنة صـ 794 تضع شرطا مهما لإمكانية استخدام فرامل الطوارئ
( ممكن استخدام فرامل الطوارئ بالنسبة للراكب الواعي استخدمها وفى ظل إضاءة جيدة بالقطار).
إقرار شاهد الإثبات اللواء محمد حسن حسين مدير الدفاع المدني فى تحقيقات النيابة 1360 بإن : (الزحام الشديد بالعربات اثر فى صعوبة استخدام الفرامل)هو أبلغ دليل على أنه من غير الجائز محاسبة طاقم القطار على عدم استعمال فرامل الطوارئ وأجهزة الإطفاء التى سادت عربات القطار لم تكن تسمح بممارسة الطرف واحد من أفراد نقطة شرطة النقل المعينة بالخدمة فى القطار استطاع أن يشد فرامل أو يطلق جهاز إطفاء عندما سؤال الرقيب عبد العال عبد الرحمن 1213 أحنا معملناش حاجة علشان كان صعب جدا نوصل لمكان الحريق من الزحمة والناس كانت عماله تيجه نحيتنا والنيابة ذاتها مشكورة سلمت باستحالة استخدام الطاقم للفرامل أو الطفايات فى أمر إحالة وقالت بالحرف الواحد :
حال تكدس الركاب دون استخدام أي من المتهمين لفرامل الطوارئ
والنيابة تضيف فى مذكرتها بشأن نتائج التحقيقات صـ1623:
(ثبت من معاينة النيابة العامة أن نزع الاسطوانة من موضعها يستغرق وقتا طويلا فى مثل تلك الحالات التى تلعب السرعة فيها دورا حاسما...).
وسجلت النيابة فى مذكرتها على الهيئة تعمدها تصعيب استعمال أجهزة الإطفاء قائلة " وقد قرر المهندس/ عبد القادر متولي:
(انه قد تم تعديل مواضع تثبيت الطفايات ... بجعلها فى مواضع يصعب الوصول إليها بسهولة للحيلولة دون سرقتها متجاهلا الغاية الحقيقة من وجودها) .
طيب هذا عن طاقم القطار.
فماذا عن مجموعة الورشة المتهم الأول والثاني.
تسلم النيابة العامة فى مذكرتها بنتائج التحقيقات صـ1617 أيضا بأن المتهم الأول والثاني لم يختار بإرادتهما الحرة ارتكاب الجريمة السلبية المنسوبة إليهم بقولها:
(البداهة ذاتها تفرض أن تجرى عمليات الصيانة قبل أن يسمح لركاب القطار باستغلاله وإلا فكيف تجرى على سبيل المثال:
عمليات صيانة صندوق العربات وهى جميعها عمليات تنصب على المكونات الداخلية للعربات بما يستحيل معه أن تجرى بينما القطار محمل بالركاب).
ولا يجوز سيدي الرئيس.
لا يجوز للنيابة أن تفصل الخطأ غير العمدي الذي تنسبه للمتهمين عن الظروف الواقعية والملابسات التى وقع فى ظلها سلوك المتهمين.
فكما يقول الدكتور/ محمود نجيب حسنى عقوبات صـ621:
(الضابط الموضعي لا يطبق فى صورة مطلقة وانما يتعين أن يراعى فى تطبيقه الظروف التى صدر فيها التصرف، ونعنى بذلك افتراض أن الشخص المعتاد قد أحاطت به نفس الظروف التى أحاطت بالمتهم حينما آتى تصرفه).
لذلك حرصت المحكمة الموقرة على أعمال هذا الضابط الموضعي عندما وجهت للشهود سؤال فاصلا عندما سألت المحكمة السيد عيد عبد القادر صـ41:
س:- لو أنت راكب هذا القطار وأيا كان موقعك فما هي المدة التى تستغرقها للوصول من أول عربة حتى مكان فرامل اليد والطفاية فى نهاية العربة فى ظل هذا الزحام الشديد؟
ج مش ممكن أوصل.
حدود مسئولية المتهمين فى حالة تعدد أسباب القتل والإصابة:
النيابة العامة فى مذكرتها الممتازة استعرضت الأخطاء التى سببت الحادث فى 9 بنود من بينها:
البند سابعا المعنون: غيبة الفهم الصحيح لدور إدارة الشرطة.
البند ثامنا المعنون: سواء إدارة مرفق السكك الحديدية.
البند تاسعا المعنون: سلوكيات الأفراد.
ثم خلصت من هذا العرض الى القول 1631:
( بأن الحادث حدث نتيجة تضافر الأخطاء السابق استعراضها تفصيلا، وساهمت جميعها فى وقوعه ابتداء وتفاقم الخسائر الناجمة عنه).
وفهمي لمذكرة النيابة إن الأخطاء المشتركة التى تقصدها المذكرة لا تعنى فقط أخطاء المتهمين الأحد عشر مجموعة الورش + طاقم القطار + مجموعة المسئولين عن الطفايات.
لا دى النيابة هنا تتحدث عن الأخطاء المشتركة للمتهمين + الهيئة + الشرطة + الركاب اللي كلهم (الأفراد).
وبالتالي النيابة تسلم بأننا بصدد حالة من حالات تعدد الأخطاء المؤدية الى النتيجة الإجرامية.
ثم تورد النيابة فى البند السابع عشر من ملاحظاتها الواردة فى قائمة أدلة الثبوت ملاحظة نصها:
(تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث ... توجب مسائله كل من اسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه ويستوى فى ذلك أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر فى حصوله).
وهذا القول ... ابعد ما يكون ... عن صحيح حكم القانون كما قضت به أحكام القضاء ... وكما شرحه الفقهاء فصحيح حكم القانون يخلص فى انه اذا ما كان الخطأ المنسوب للمتهم هو السبب الوحيد لوقوع الحادث والنتيجة الإجرامية.
فمسئولية المتهم الجنائية ليست محل جدل ولا صعوبة على الإطلاق فى تحديد المسئولية الجناية اذا كان نشاط الجاني هو العامل الوحيد فى وقوع النتيجة أما اذا تعددت الأسباب فالأمر يختلف.
وحالات التعدد هي:
أ ـ حالة تداخل عوامل أجنبية فى تحقيق النتيجة الإجرامية.
ب ـ حالات الخطأ المشترك سواء بين الجاني والمجني عليه أو الجاني والغير.
أولا :- حالة تدخل العامل الاجنبى
وقضاء النقض يرتب على هذا التدخل انقطاع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة .
وفى ذلك تقول محكمة النقض بكل الوضوح والحسم:
(الأصل إن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي مالم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة).
وأوراق الدعوى بين أيدي حضراتكم تكشف بجلاء عن وجود عامل أجنبي خطير قد تدخل فى مجرى الأحداث وأدى تدخله الى انقطاع رابطة السببية بين خطأ المتهمين والنتيجة الإجرامية هذا العامل الاجنبى هو فعل إجرامي تخريبي.
فالحريق الذي نشب فى القطار المنكوب ... كان وليد ونتاج جريمة عمدية هي جريمة الحريق العمدي المعاقب عليها بموجب المادة 252 عقوبات التى تنص على معاقبة.
(كل من وضع عمدا نارا فى عربات السكك الحديدية...).
والجاني أو الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة العمدية يتحمل أو يتحملون كامل المسئولية عن جميع نتائج هذه الجريمة بما فى ذلك النتائج الاحتمالية.
وسأدلل لحضراتكم ... من واقع الأوراق.
بالأدلة ... والقرائن والشواهد ... على إن الحريق بفعل فاعل عامد متعمد.
فإذا أفلحت فى إقناع المحكمة الموقرة بصحة هذا الاحتمال ... لم يعد هناك مجال ... للبحث والتنقيب عن مسئولية المتهمين عن إهمال هنا أو إغفال هناك.
ولا تملك النيابة العامة لكي تسد على الطريق أن تشهر فى وجهي تقرير اللجنة الفنية.
ذلك أن هذا التقرير للأسف الشديد مشوب بالقصور الشديد اذا كان يتعين على هذه اللجنة أن تبحث كل احتمالات ومسببات الحريق.
لكن اللجنة حصرت نفسها فى احتمال يتيم هو موقد البوتاجاز ولم يورد التقرير إن اللجنة بحثت من بين الاحتمالات إن يكون الحريق بفعل فاعل.
ولم يورد التقرير الحجج العلمية لاستبعاد هذا الاحتمال واكتفى بعض أعضاء اللجنة فى شهاداتهم بالقول بأنهم استبعدوا حدوث الحريق نتيجة تفجير قنبلة لأنهم لم يجدوا داخل العربات أثار للانفجار ولا شظايا.
وأغفلت اللجنة أن القنبلة ليست الصورة الوحيدة من صور العمل التخريبي الذي يمكن أن يكون وراء حريق القطار.
فمن بين هذه القصور أيضا ... البودرة الحارقة النابالم أو المواد الكيماوية سريعة الاشتعال وقد سبق للجيش الأحمر الياباني أن استخدام مثل هذه المواد فى ارتكاب جريمة إحراق مترو الأنفاق فى طوكيو منذ سنوات.
وللآسف أن تقرير اللجنة يبدو وكأنه استهدف تحديدا تقديم الحيثيات الفنية المؤيدة لنبؤه رئيس الوزراء الذي كان بعد سويعات من وقوع الحادث قد أطلق تصريحه الشاذ النشاذ الذي اتهم فيها ركاب القطار بأنهم المسئولين عن الكارثة.
وقال للأهرام المسائي فى 21/2/2002:
(أن السبب وراء الحادث هو انفجار إحدى المواد القابلة للاشتعال التى كانت بحوزة بعض المسافرين وأن أحد الركاب قام بإشعال أنبوبة بوتاجاز).
وهكذا استبق رئيس الوزراء جهات التحقيق واللجان الفنية ليفرض مسارا محددا للتحقيق ... يستهدف تعليق المسئولية على شماعة موقد بوتاجاز.وأكد رئيس الوزراء فى تصريحاته أنه لا علاقة للحادث بأى عمل إرهابي أو تخريبي.
على أية حال فاللجنة الفنية رغم انحيازها الشديد لحدوتة البوتاجاز.
لم تقطع باستبعاد احتمال حدوث الحريق بفعل فاعل.
ودليلي على ذلك ما قرره الدكتور/ بولس رئيس اللجنة أمام حضراتكم عندما سئل:
س:- هل توصلت اللجنة الى سبب الحادث على سبيل الجزم واليقين؟
ج:- لا .
ثم أضاف
(آنا لا أستطيع أن اجزم اذا كان الكيروسين أو البوتاجاز هو مصدر الحريق لأنه لابد أن يكون أمامي شاهد عاصر الحريق).
لكن يا دكتور بولس نجيبلك شاهد عاصر الحريق منين اذا كان المثل يقول " الموتى لا يتكلمون "
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
هنا فى ساحة العدالة ... لا يجوز إلقاء الكلام على عواهنه ... ولا تجدي مجرد التخمينات لذلك فأنا مطالب بان أقيم الدليل ... على ما أقول ... بشأن وجود جريمة الحريق العمد.
فاسمحوا لي أن أتقدم لحضراتكم من واقع الأوراق بعشرة شواهد أدلل بها على أن الحادث وليد جريمة حريق عمد.
1ـ القوة الشاذة غير العادية للنيران.
كل الأوراق تقطع بان الحريق لم يكن عاديا.
وأن قوة النيران كانت شاذة وغير طبيعية والواقعة محل المحاكمة ... لم تكن لا أول ولا آخر حريق يحدث لقطارات السكك الحديد.... لكن عمر ما الحريق بلغ هذا المستوى من الخطورة برغم أنه فى كل حريق فان عربات القطارات هي ذات العربات ومواصفاتها هي ذات المواصفات والتكدس والزحام هو ذات التكدس والزحام ... وملابس وأمتعة الركاب ... المصنوعة من مواد فاتحة الشهية للنيران ... هي ذات الملابس والأمتعة فى كل حادث حريق.
لذلك نجد المهندس/ احمد شريف الشيخ رئيس هيئة السكك الحديدية السابق الذي حدث فى عهده اكثر من حريق وانتقل فى كل مرة بالطبع الى موقع الأحداث يقول فى شهادته أمام حضراتكم صـ46:
(اللي أدهشني حجم الحريق الكبير).
ورئيس اللجنة الفنية د/ بواس سلامة عندما استفسرت منه المحكمة عن انطباعه الأول عن الحادث
قال صـ60
ج:- فى الحقيقة أنا شعرت أنها حادثة غير عادية نظرا لحالة الاحتراق التى وصلت إليها العربات وأجسام العربات السبعة وواضح أن النيران كانت غير عادية.
مع ذلك يريدون منا أن نصدق أن موقد بوتاجاز قد الكف ممكن يحرق مائة وألف.
والله جايز ... سبحانه قادر أنه يوضع سره فى اضعف خلقه.
والدكتورة/ الهام الزناتى تقدر درجة حرارة النيران بأنها بلغت من 1000 الى 1200 درجة، يعنى حاجة مهولة ... وأحد المصابين فرج زكى فرج صـ853 يصف لنا النيران فيقول:
" بابص ورايا أشوف فيه آيه لقيت نار جاية تجرى زي موج البحر" .
ثم وتشير لنا الأوراق أن شدة النيران أدت الى إن محاولة إطفاءها استغرقت ساعات وساعات من حوالي 1صباحا حتى 9 صباحا فى إحدى الروايات وان المطافئ اضطرت لاستخدام ما نسميه قاذفات المياه.
هذا الحريق الهائل الهائج مؤشر ممكن يكون أشعله مجرد مصدر حراري ذو لهب كأحد مواقد الكيروسين أو الغاز.
2ـ حجج اللجنة الفنية لا تبرر قوة الحريق:
لا يمكن أن تكون السنة النيران قد قفزت من عربه الى أخرى بفعل قوة الريح وشدتها كما قالت اللجنة ولا يمكن تفسير الأمر بان أمتعة وملابس الركاب المصنوعة من ملابس سريعة الاشتعال هي التى أدت الى سرعة اشتعال السبع عربات ودليلي على ذلك.
(أن 5 عربات من سبعة ... احترقت بعد توقف القطار ... وبالتالي بعد توقف الرياح ... وبعد نزول الركاب من هذه العربات ... أي بعد إخلاء العربات من أمتعة الركاب وملابسهم المصنوعة من مادة سريعة الاشتعال.
3ـ أقوال الركاب ذات دلالة:
تشير مذكرة النيابة 1609 الى أقوال للركاب كان يجب أن تحظر باهتمام النيابة.
قرر سعودي سيد حسن مجند بالقوات المسلحة انه سمع من بعض الركاب أن الحريق بفعل فاعل ولا يعلم من هو الفاعل، ومع ذلك لم تكترث النيابة بهذه الأقوال رغم أن هذه الأقوال قد تمثل خيطا يوصلنا الى الجناة الحقيقيين، ولم يتحر الأمر.
فلم تبحث عن هؤلاء الركاب ولم تحرص على سؤال المصابين عن احتمال وقوع الحادث بفعل فاعل ... وانما اكتفت بتوجيه أسئلة روتينية لا تودي ولا تجيب.
4ـ سهولة تسلل أي مخرب الى الورشة:
الصعود للقطار منذ الفجر ورش المادة الكيماوية فى العربات ثم الهبوط والهرب ... أمر متاح.
لان الورش ساحة مستباحة والورش سداح مداح.
يقول لنا المهندس/ محمد عبد المجيد رمضان مدير عام ورش أبى غاطس
فى تصريحه للأهالي فى 6/3/2002:
(عربات الدرجة الثالثة يتم تخزينها فى أحواش غالبا ما تكون الحراسة فيها ضعيفة).
الأوراق تكشف عن........؟
5ـ وجود مصاب ... فص ملح وداب.
تشير الأوراق الى شخصية خفية بين المصابين اختفت بقدرة قادر.
وهو من يدعى معوض محمود إسماعيل الذي استدعته النيابة واستعجلت فى طلبه دون جدوى.
صـ862 يستعجل طلب معوض محمود إسماعيل ثم نجد محضر تحريات 26/2/2002 بمعرفة الرائد على صبري بخصوص طلب المذكور والمصاب فى حادث احتراق قطار الصعيد والمحرر بشأنه المحضر 586 لسنة 2002 إداري العياط.
(بالبحث عن المذكور بدائرة المركز لم يستدل عليه حتى الآن، وبالبحث عنه فى ملفات سجل مدني المركز لم يستدل عليه).
أقوال الضابط الرائد على صبري صـ864
(بسؤال مشايخ الناحية والمركز وكذا بالبحث بدفاتر السجل المدني لم يستدل على المدعو معوض وفى حالة الاستدلال عليه سوف نخطركم بذلك).
أذن هذا المصاب أدلى باسم وهمي للتستر على حقيقة هويته.
6ـ انقطاع التيار الكهربائي:
وأنا أتسأل أليس هذا الانقطاع بفعل فاعل لأحداث اكبر قدر من الخسائر البشرية، وليس هذا الانقطاع حلقه من حلقات العمل التخريبي وإذا كانت اللجنة الفنية استبعدت بشكل حاسم الماس الكهربائي. " أمال آيه اللي قطع التيار الكهربائي ".؟
وقد استوقفتني فقرة فى التقرير الفني لإدارة الدفاع المدني تثير علامات استفهام وتقول صـ4:
(تبين شدة تدمير مفاتيح أناره تلك العربة بحالة يتعذر معها فحصها فحصا فنيا لتحديد ما اذا كانت قد تم فصلها يدويا أو كهربائيا)
7ـ لغز الألغاز...اسطوانة البوتاجاز:
وقضية اسطوانة البوتاجاز فى الأوراق تثير ألف علامة استفهام وتعجب وتشكك.
يقول لنا تقرير المعمل الجنائي بوزارة الداخلية فى تقريره صـ2
(قرر رجال الإطفاء انهم عثروا على اسطوانة بوتاجاز من النوعية المعتاد استخدامها فى المنازل حيث قاموا بالتخلص منها أثناء الإطفاء ولم نتمكن من العثور عليها).
ورجال الإطفاء الأفاضل لم يحددوا فى أي عربه، ولم يفسروا لنا لماذا تركوا أنابيب أخرى ولم يخلصوا منها،
واهتموا بالتخلص من هذه الأنبوبة بالذات.
ولتعزيز الاتجاه الى تحميل المسئولية لهذه الأنبوبة العجوبة التى ليست طاقية الإخفاء.
يأتي لنا السيد عيد عبد القادر صـ40 محضر الجلسة ليردد ويؤكد وجود الأنبوبة التى ليس لها وجود فيقول:
(تقابلت مع إحدى الركاب الناجين فقال أن هناك أنبوبة كانت مشتعلة وتم إلقائها فى الترعة).
ثم يقول لنا العميد محمد أحمد عامر عضو اللجنة صـ82:
(عرفنا من رجال الإطفاء أن هناك اسطوانة بوتاجاز عادية من النوع المعتاد استعماله كانت موجودة وحاولوا تبريدها ولم تعثر عليها اللجنة).
أذن هناك يد عابثة طليقة ... عبثت بمسرح الأحداث وبماديات الدعوى، منذ اللحظة الأول توجه التحقيق فى اتجاه محدد لتحميل مسئولية إشعال الحريق على موقد جاز أو أنبوبة بوتاجاز.
ثم يأتي اللواء محمد حسن حسين ليؤكد ذات السيناريو ولكن من حيث لا يريد هدم السيناريو وقلبه رأسا على عقب عندم قال صـ101:
(أثناء المكافحة وعند اقتحام العربة 10 من ناحية الأمام تم العثور على اسطوانة 12 لتر منزلية وقمت بمعاينة هذه الاسطوانة فوجدها سليمة البدن وقام الأفراد بتبريدها واعتقد أنها فقدت فى منطقة العمل).
س:- لماذا لم تتحفظ على هذه الأنبوبة؟
ج:- لأنها وجدت سليمة ولم تسبب الحادث وعثر عليها سليمة وساخنة بمعرفة إحدى الجنود ... جايز تكون سقطت فى الترعة ...
يا أخي ده لو سقطت فى الترعة لاستقرت فى القاع دى 18 كجم، ومحاولة تحميل مسئولية الحريق لراكب متهور أمر غير متصور لأنه فى قطار بهذه الدرجة من التكدس غير وارد أن الركاب سيسمحوا لأي راكب متهور أو مستبيع أن يشعل فى وسطهم موقد جاز أو بوتاجاز أو أنبوبة بوتاجاز لأنه حتى يتمكن شخص من إشعال مثل هذا الموقد أو الأنبوبة الأمر يحتاج لمساحة فراغ يقف فيها أو يقعد فيها على الأرض ويولع الكانون.
ده اعتقد أن توليع سيجارة ممكن تسبب خناقة مش موقد جاز، حالة الالتصاق الجسدي هذه يستحيل عقلا تصور إشعال موقد جاز.
8 ـ رائحة الكيروسين:
اسطوانة البوتاجاز ليست كل ما تنطوي عليه الأوراق من الغاز بل هناك لغز أدهى وأمر، يقطع بوجود الأيدي العابثة التى أشرت إليها.
لقد لفت نظرنا جميعا التناقض الصارخ بين شهادة نائب كبير الأطباء الشرعيين وأعضاء اللجنة الفنية حول وجود أو عدم وجود أثار أو رائحة كيروسين فى العربات المحروقة أو فى ملابس وجثث الضحايا.
الدكتور/ بولس سلامة رئيس اللجنة الفنية قال صـ65 مؤكد:
(كان هناك أثار كيروسين).
إن الدكتورة/ الهام الزناتى صـ76 تؤكد:
(رائحة الكيروسين كانت واضحة جدا).
ومن الغريب العجيب أن اللجنة الفنية من أكابر الأكاديميين تعتمد فى التدليل على صحة وجهة نظرها على حاسة الشم ... آمال سبنا للكلاب البوليسية إيه، أما نائب كبير الأطباء الشرعيين فيقول:
(أنه كان على رأس 40 طبيب شرعي عاينوا العربات المحترقة والجثث ولم يشم واحد منهم رائحة كيروسين أو يشاهد أثار كيروسين).
الطبيب الشرعي صـ50
س:- ألم تبين من فحص الجثث الظاهرة منه أثار كيروسين أو مواد أخرى أدت الى الحادث؟
ج:- لا.
س:- معنى ذلك أنك والفريق الطبي لم تشموا إي روائح بترولية؟
ج:- لو كان فيه مواد بترولية على الفرض بحدوث التفحم فأنها تكون احترقت تماما.
سؤال مفحم محرج ...
س:- جاء فى تقرير المعمل الجنائي اللجنة الفنية أنه تم رفع عينات من مؤخرة العربات المحترقة وأسفرت الفحوصات عن احتواء العينات على أثار غاز البوتاجاز، وإذا كانت أثار غاز البوتاجاز ظلت عالقة حتى أخذ العينات بأرض القطار أليس من الأولى أن تظل الآثار عالقة بالجثث أيضا؟
الراجل احتار وأجاب ....
ج:- دي مش شغلتى والنار أو المواد البترولية لم استدل عليها فى أي من الجثث.
س:- ألم تبقى رائحة الغاز فى الجثث بعد حرقها؟
ج:- أنا لم استدل فى الجثث على أي مواد بترولية.
أستأذن المحكمة هنا فى فتح قوس أسجل فيه ملحوظة, وهى أنه لم يلفت نظري فى محضر معاينة النيابة للعربات المحروقة أنها سجلت ملاحظتها لوجود رائحة كيروسين رغم ما قررته اللجنة الفنية من أن رائحة الكيروسين كانت فائحة.
وتواجه المحكمة الدكتور/ ثروت وزير بهذا التناقض صـ75:
س:- ما السبب الذي يدعو الطبيب الشرعي أن يقول أنه لم يشم أي رائحة بترولية أثناء المعاينة؟
فيحتار الطبيب الشرعي قائلا:
ج:- لا يمكن أن يكون هناك أثار لمواد بترولية أو غازات لان درجة الحرارة وصلت الى 800 درجة مئوية والتفحم ... وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك شئ عالق بالجثث.
وهكذا ينفرد الدكتور/ ثروت دون سائر أعضاء اللجنة بالانحياز الى رأى الأطباء الشرعيين وينفى علميا إمكانية تخلف أثار كيروسين بعد الحريق الذي أدى الى تفحم الجثث.
والسؤال الذي يطرح نفسه على الفور ...
عندما يتضارب أقوال 42 طيبي شرعي مع أقوال 5 من أعضاء اللجنة الفنية والجميع أساتذة أفاضل لهم مكانتهم العلمية.
من الذي صدق فيهم ومن الذي كذب ؟
واقع الأمر المستخلص من واقع الأوراق أنهم جميعا شهدوا شهادة حق ... بما رأوه فعلا ...
كل ما فى الأمر أن الأطباء الشرعيين كما يقول نائب كبير الأطباء صـ48:
(ابلغوا 20/2/2002 الساعة 1 صباحا وانتقلوا فور ورود الإشارة وعاينوا القطار ولم يلحظوا أثار كيروسين).
أما اللجنة الفنية فيقول دكتور/ بولس أنه انتقل للمعاينة يوم الخميس 21 /2/2002 الساعة 1 ظهر.
وما بين معاينة الطب الشرعي ومعاينة اللجنة الفنية امتدت اليد الخفية وعبثت بمسرح الأحداث ودست الكيروسين على أرض العربات وبقايا المحروقات.
لذلك لم يشهد الأطباء الشرعيين يوم 20/2/2002 وجود اثر للكيروسين ولم يشموا أية رائحة للكيروسين.
بينما شاهدت اللجنة الفنية وشمت أثار ورائحة الكيروسين فى اليوم الحادي والعشرين.
9ـ ترددت شائعة فى بعض الصحف تقول أن جهازا أمنيا هاما رفع تقريرا عن الحادث خلص فيه الى أنه وقع بفعل فاعل:
وأنا لا أعول كثيرا أو قليلا على الشائعات، وأربأ أن تكون ساحة القضاء حلبة لترديدها ومع ذلك يظل هناك عوار ظاهر فى التحقيقات يلفت النظر وهو أن النيابة لم تطلب من جهاز المباحث تقريرا عن الحادث.
وفى حادث خطير مثل الحدث المطروح على حضراتكم من غير المعقول ولا المقبول أن تقعد أجهزة الأمن فى بلدنا وعددها ما شاء الله يزيد عن عدد أذرع الأخطبوط.
أقول من غير المقبول ألا يقدم لنا جهازا واحد منها تقريرا عن الحادث وملابساته.
والأعجب والأغرب
أنه حتى مباحث السكك الحديد لم تتفضل بالتحري عن الحادث ورفع تقرير عنه رغم أن المادة 74 من الملحق العام للقرارات والتعليمات واللوائح عام 1980 صـ89 وتحت عنوان:
(اختصاصات الإدارة العامة لشرطة النقل)
تنص صراحتنا على أن: " تختص الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات فى هيئة السكك الحديدية بما يلي:
1ـ ....................................
2ـ التحري فى كافة الحوادث والبلاغات والشكاوي ذات الصفة الجنائية ".
10ـ الشاهد الأخير على ترجيح إن احتراق القطار كان بفعل فاعل:
هو ما أشر إليه الزميل الأستاذ/ نبيل الحجازي من تكرار حادث الحريق فى ورش أبى غاطس فى الشهر الماضي ولقد نشرت جريدة (الجيل) فى عددها الصادر فى 3/7/2002 خبرا خطيرا ومثيرا.
وبالغ الدلالة تحت عنوان:
(احتراق قطار بأكمله قبل قيامه من ورش أبو غاطس).
ويشير الخبر الى احتراق قطار بأكمله ظهر يوم 26/6 الماضي أثناء خروجه من ورش آبو غاطس.
وأن النار شبت ـ مرة واحدة ـ فى جميع أجزاء القطار الأمامية، وهو ما جعل النار تلتهم ست عربات بالكامل.
وتشير الجريدة الى أن الواقعة قيدت فى محضر سرى تحت رقم3 – 278 فرز القاهرة بقسم شرطة الشرابية،
أن هذا الحادث الجديد ... قاطع الدلالة على وجود يد أثمه وراء حوادث احتراق القطارات.
ما يقوليش رئيس الوزراء أو غيره من المسئولين أن مسئولية الحريق الجديد تقع على راكب متهور أشعل موقد جاز، فالقطار كان خاليا من الركاب.
وبالتالي كان خاليا من الملابس والأمتعة سريعة الاشتعال.
ولم يكن القطار متعرضا لهبوب الرياح الشديد لأنه لم يكن قد انطلق بعد ومع ذلك احترقت كامل عرباته فى لمح البصر... ودفعه واحدة ...
أليس ذلك دليلا على وجود يد مجرمة عابثة بتتسلي على قطارات السكك الحديد.
سيد الرئيس......
لو أن كل هذه الشواهد التى أوردتها ... من شأنها أن ترجح احتمال وأقول مجرد احتمال أن يكون حريق القطار المنكوب بفعل فاعل فهذا معناه تدخل عامل أجني من شأنه أن يفصم رابطة السببية وينفيها فضلا عن أنه ينقل القضية من دائرة جنحة القتل الخطأ الى دائرة جناية الحريق العمد.
الأمر الذي يقتضي الحكم ببراءة جميع المتهمين.
ذلك لأن النتيجة الجنائية أى القتل والإصابة الخطأ لا يمكن أن تكون وليدة جريمتين فى ذات الوقت.
جريمة الحريق العمد من جهة وجريمة القتل والإصابة الخطأ من جهة أخرى ولو أن الحادث وقع نتيجة ارتكاب جريمة حريق عمد فلا مجال لانطباق المادة 238 عقوبات.
لان مادة العقاب تخاطب تحديدا القتل الخطأ.
هذا عن العامل الاجنبى.
فماذا عن تعدد أسباب القتل والإصابة الخطأ.
كم سبق أن ذكرت النيابة تقول فى ملاحظتها أنه فى حالة تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث فالمتهم مسئول جنائيا أيا كان قدر الخطأ المنسوب أليه، وهذا الرأي الذي تقول به النيابة هو ترديد للنظرية منتقدة.
وأنا لا أريد هنا أن أغوص فى حديث أو جدل فقهي حول النظريات المختلفة المتعلقة برابطة السببية.
لكن كلام النيابة هو ترديد لحجج أنصار نظرية تعادل الأسباب وهى نظرية انتقدها الفقه المصري.
ولم يلتزم بها القضاء المصري.
على العكس فالفقه والقضاء فى مصر يتطلب دائما البحث عن السبب الأول أي السبب الأقوى أو الاحسم أو الافعل من بين الأسباب المتعددة وتغليبه.
يقول دكتور/ محمود نجيب حسنى ـ شرح قانون العقوبات قسم عام صـ280:
(ا ذا كان فعل الجاني واحد من العوامل التى ساهمت فى أحداث النتيجة فالمشكلة قانونية تدور حول معرفة ما اذا كان السائغ القول بتوافر علاقة السببية فى المعنى القانوني بين الفعل والنتيجة لمجرد كونه عاملا أيا كانت أهميته من بين عوامل النتيجة ... أو يتعين التحقق من انه بالقياس الى سائرها يمثل أهميه خاصة).
وعادلة المحكمة أمس تساءلت عن ما هو السبب المباشر الذي تسبب فى احتراق القطار.
وإجابتي علي هذا السؤال أن السبب المباشر هو إحدى فاعلين:
إما الفعل الذي ارتكبه الجاني المخرب مرتكب جريمة جناية الحريق العمد.
أو الفعل الذي ارتكبه الراكب المجهول الذي أشعل موقد البوتاجاز أو الجاز حسب سيناريو النيابة واللجنة الفنية والذي يعتبر الفاعل الاصلى فى جنحة القتل والإصابة الخطأ.
ورئيس اللجنة الفنية عندما سألته النيابة فى التحقيقات صـ744:
س:- ما السبب المباشر لوقوع الحادث؟
ج:- السبب المباشر وجود لهب مكشوف تلامس مع مواد سريعة الاشتعال ووجود مواد بترولية.
وطبقا لهذا التحديد الفني للسبب المباشر يبكى فعل اشتعال البودرة بفعل فاعل والمواد الكيماوية أو وابور الجاز هو السبب المباشر.
فالمتهمون جميعا من الأول الى الحادي عشر لا صله لآي منهم بهذه الأسباب المباشرة فهم غير مسئولين عن فعل إشعال اللهب المكشوف.
كما أنهم وهم غير مسئولين عن فعل إشعال مواد سريعة الاشتعال فى العربات لان هذه مسئولية الهيئة التى صنعت عرباتها بمواد سريعة الاشتعال، وهم غير مسئولين عن وجود المواد البترولية داخل العربات ... وقد افاض زملائي فى التدليل على مسئولية الشرطة فى السماح للركاب بدخول الرصيف ثم الحوش حاملين هذه المواد البترولية، وبصفة خاصة أنبوبة البوتاجاز زنة 18 كجرام التى لا يمكن أن يخفيها الراكب فى جيبه، ولا فى صرة هدومه.
بل حتى لو أن من بين ركاب القطار المنكوب إحدى الحواة فان جراب الحاوي لا يتسع لأنبوبة بوتاجاز وزنها 18 كيلو.
ومع ذلك فأحكام النقض فى الواقع سهلت مأمورية الترجيح بين الأسباب المتعددة فى حالة وجودها عندما قالت فى أسبابها أن العبرة بالعامل الأول الذي تسبب فى الحادث.
باعتبار أن هذا العامل الأول زي عصى موسى قادر على أن يجب سائر العوامل ومن بينها خطأ المتهم.
أقول أن مثل هذه المقارنة تقطع بان اخطأ الهيئة والركاب بلغت حدا من الجسامة والشذوذ من شأنهما أن تستغرق خطأ المتهمين.
ولقد قضت محكمة النقض:
(من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لأحداث النتيجة). 25/4/1966
وانتهت محكمة النقض فى هذا الحكم الى براءة المتهم حتى ولو لم يكن قد راعى القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة.
طالما أن هذه المخالفة لم تكن هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها، ويشير الديناصورى والشواربى فى كتابة المسئولية الجنائية صـ148 الى أن:
(من المقرر أن رابطة السببية كركن من أركان جريمة القتل الخطأ يتطلب إسناد النتيجة الى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق مع السير العادي للأمور وان خطأ الغير ومنهم المجني عليه يقطع رابطة السببية حتى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة).
(طعن911 لسنة 39 ق جلسة 17/11/69 س 20 صـ1270).
بل أن محكمة النقض قضت باستغراق خطأ المجاني عليه لخطأ المتهم اذا كان كافيا بذاته لإحداث النتيجة قالت محكمة النقض 8/11/1970:
(رابطة السببية كركن من جريمة القتل الخطأ تطلب إسناد النتيجة الى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور وكان من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة).
وفى حكم أخر أرست محكمة النقض معيار هاما حيث قالت:
(يصح فى القانون وقوع خطأ من شخصين أو خطأ مشترك كما أن خطأ المضرور بفرض ثبوته لا يرفع مسئولية غيره الذي يقع الخطأ من جانبه وانما قد يخفيها.
الا اذا
تبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور كان العامل الأول فى إحداث الضرر الذي أصابه وانه بلغ درجة من الجسامة بحيث يستغرق خطأ غيره). 19/5/1974 س25 صـ486
وقالت محكمة النقض فى حكم صادر 29/1/68
(الأصل إن خطأ المضرور لا يرفع مسئولية المسئول وانما يخفقها ولا يعفى المسئول استثناء من هذا الأصل الا اذا نبين من ظروف الحادث أن خطأ المضرور هو العامل الأول فى إحداث الضرر الذي أصابه وانه بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ المسئول).
والأوراق بين أيدي حضراتكم قاطعة بأن خطأ المضرور هو العامل الأول فى إحداث الكارثة.
والمضرور فى دعوانا هم:
1ـ ركاب القطار فى جريمتي القتل والإصابة الخطأ.
2 ـ الهيئة فى جريمة الإضرار غير العمدي.
وبمقارنة أفعال الإهمال المنسوبة للمتهمين والتى لا يتجاوز فى أسوأ الأحوال حدود المخالفات التأديبية بالخطأ المرفقى الرهيب التى ارتكبته الهيئة ثم بخطأ الركاب لو صح سيناريو النيابة الموقر بشأن قيام إحدى الركاب بإشعال موقد بوتاجاز فى وسط حاله من الزحام التصقت فيه الأبدان بالأبدان الأمر الذي يجعل من إشعال مثل هذا الموقد خطأ شاذ واخرقا.