المرفوع من الأستاذ / ياسر محمود عبد الباسط - وشهرته ياسر بركات. (متهم)
ضد
1- النيابة العامة .
2-السيد/ محمد مصطفي بكري وشهرته مصطفي بكري (المدعي بالحق المدني).
طعناً في الحكم الصادر بجلسة 14/12/2009
من محكمة جنايات الجيزة الدائرة (6) جنايات الجيزة.
في الجنحة الصحفية رقم 19013لسنة 2008 جنح العمرانية .
- فيما قضي به في منطوقة (حكمت الحكمة حضورياً بمعاقبة ياسر محمود عبد الباسط بركات وشهرته ياسر بركات بتغريمه أربعون ألف جنيه مما أسند اليه وألزمته المصاريف الجنائية وإحالة الدعوي المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وأرجأت البت في مصروفات الدعوى المدنية).
الوقائــع
السبب الأول: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لكون المحكمة قد عاقبت الطاعن باحدي المواد الغير واردة بصحيفة التكليف بالحضور
- وذلك لأن المحكمة قد عاقبت الطاعن بأحدي نصوص مواد قانون العقوبات الغير واردة في صحيفة التكليف بالحضور (الادعاء المباشر) وهي المادة 303 من قانون العقوبات المصري وهى المادة الخاصة بالعقاب على جريمة القذف.
- وذلك ان المدعي بالحق المدني اختتم صحيفة دعواه بالمطالبة بعقاب الطاعن بالمواد102مكرر،308,307,306,302,185,171 من قانون العقوبات وبناء على ذلك اتصلت المحكمة بالدعوي وانحسرت ولايتهما ومهمتها في تطبيق هذه المواد دون غيرها.
- وقد قررت بذلك في ص 3 من الحكم حيث قررت (وانتهي في صحيفة دعواه بالى طلب توقيع أقصي عقوبة واردة بالمواد 102 مكرر ، 171 ، 185 ، 302 ، 306 ، 307 ، 308 عقوبات .....) وبذلك أقرت المحكمة بان حدود اتصالها بالدعوي هي تطبيق هذه المواد دون غيرها ولم يكن من بينها المادة 303 عقوبات . وهي المادة المشتملة على النص العقابي لجريمة القذف.
الا انها في ص 9 من الحكم قررت ( الامر المؤثم عليه بالمواد 171 , 185 ,302 303 ,306 ,307 عقوبات)
- وبذلك يتلاحظ أن المحكمة أضافت عقاب الطاعن بالمادة 303 من قانون العقوبات المصري دون أن يطالب المدعي بالحق المدني بذلك في ختام صحيفة دعواه الآمر الذي يعد من المحكمة خطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
- وبصفة خاصة انه كان لتطبيق هذه المادة اثر في منطوق الحكم حيث انه بتطبيقها أصبحت العقوبة المقضي بها في الحكم كانت على جريمة القذف وليست على جريمة السب حيث أن الحد الأقصى للعقوبة على جريمة السب هو ثلاثون ألف جنيه فقط.
كما أن جميع الألفاظ التي اعتمدت عليها المحكمة في إدانة المتهم كانت جميعها تمثل إسناد وقائع للمتهم ( أي قذف ) وليست تمثل سبا في حق المدعى بالحقوق المدنية
ومن ذلك يتضح أن المحكمة قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه مما يصيبه بالبطلان لهذا العيب مما يوجب نقضه.
السبب الثاني : القصور في التسبيب لعدم تحديد المحكمة للتكيف والوصف القانوني للألفاظ التي اعتمدت عليها في الادانه.
حيث انه من المستقر عليه قضاءاً وفقهاً انه يجب على المحكمة في جرائم النشر توضيح الألفاظ والعبارات التي استندت أليها في الادانه وكذلك تحديد أيهما اعتبرته قذفاً وأيهما اعتبرته سباً وذلك حتى تستطيع محكمة النقض مراقبتها في صحة تطبيق القانون.
وهناك أهمية خاصة لهذا التحديد في الدعوي المطروحة محل هذا الطعن نظرا لكون المدعي بالحق المدني لم يشمل في صحيفة دعواه المادة 303 عقوبات ( وهي النص العقابي على جريمة القذف) وبذلك أصبحت طلباته غير مشمولة بالعقاب على جريمة القذف.
وبالتالي تغل يد المحكمة عن تطبيقها وينحصر دورها في تطبيق المواد المطالب بها فقط وليس من بينها مادة العقاب على جريمة القذف.
فكان لزاماً عليها أن تحدد اى الألفاظ في المقال التي اعتبرته سباً ( حيث أن هذه الجريمة هي المطالب بتوقيع العقاب عليها في ورقة التكليف بالحضور) وان هي لم تحدد ذلك يكون حكمها باطلاً مما يستوجب نقضه.
وبمطالعة الحكم المطعون فيه نجد انه لم يحدد ما هي الألفاظ التي اعتبرها سباً وما هي الألفاظ التي اعتبرها قذفا حيث قررت المحكمة ص 8 من الحكم ( وحيث أن العبارات التي وردت بالمقالات المنشورة والتي سبق الإشارة إليها فى مقام مطالعة جريدة الموجز سند الاتهام والتي نحيل إليها منعا لتكرار والإطالة قد حوت ألفاظا تعد سب كما حوت ألفاظ أخرى جارحة مما يخدش الشرف والاعتبار وتوجب عقابه قانونا وتحط من قدره في أعين الناس...........) وبالتالي يكون الحكم قاصر قصوراً لا تستطيع معه محكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون على وجهة الصحيح الأمر الذي يستوجب نقض هذا الحكم وذلك للتجهيل بالتكيف والوصف القانوني للألفاظ التي أعتمد عليها في الإدانة.
السبب الثالث : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد فئ الاستدلال.
من المقرر في قضاء محكمة النقض ( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية كافة من
النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تحديده لها قد أقام ذلك على اعتبارات تتعلق بحسن سير العدالة
ويجوز الدفع بها لأول مره أمام محكمة النقض أو تقضى هي بها من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان
ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم ) .
( الطعن رقم 1963 لسنة 67 ق – جلسة 18/3/2006 )
وذلك لكون اختصاص المحكمة بنظر الدعوى هو شرط من شروط صحة جميع إجراءاتها على أنه إذا دفع صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة ثار نزاع إجرائي حول مسألة الاختصاص والخطأ في هذا التطبيق يعد خطأ في القانون فإذا قضت المحكمة خطأ باختصاصها بنظر الدعوى فإن حكمها يكون مشوبا بعيب الخطأ في القانون بالإضافة إلي عيب البطلان الذرى يصيب جميع الإجراءات التى قامت بها المحكمة رغم عدم اختصاصها
وقد قضت محكمة النقض :
( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة).
( نقض 16 نوفمبر سنة 1989 – مجموعة الأحكام س 4 رقم 159 ص 98 )
وحيث أن دفاع الطاعن قد تمسك بمحاضر الجلسات وبمذكراته المقدمة أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم الاختصاص لكون الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة بأعمال المدعى بالحق المدني المتعلقة بصفته النيابة العامة وذلك استنادا إلي أن مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائي أنها وإن كانت قد جعلت الاختصاص بنظر الجنح الصحفية إذا وقعت على غير أحاد الناس ينعقد لمحكمة الجنايات فشرط ذلك أن يكون النشر كان يخص تصرفات خاصة بصفتهم النيابية العامة أما إذا تعلق النشر بوقائع غير متصلة بصفتهم النيابية فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة الجنح .
وقد قضت محكمة النقض :
(ما دامت الوقائع الواردة في المقال الذي يساءل عنه المتهم بالقذف في حق المجني عليه لا يتعلق أي منها بصفته نائبا أو وكيلا لمجلس النواب هي موجهة إليه بصفته فردا من أفراد الناس فيكون الاختصاص بالنظر في الدعوى المرفوعة بها لمحكمة الجنح لا لمحكمة الجنايات)
( نقض جلسة 17/5/1950 المكتب الفني س 1 ق 126 ص 667 )
ولما كانت جميع الوقائع المنشورة فئ جريدة الموجز لم تمس الصفة النيابية للمدعى بالحق المدني على النحو التالي في العنوان بالصفحة الأولى ( بالمستندات : أموال أحمد عز ونجيب ساو يرس التي نهبها مصطفي بكري)
الصفحتين العاشرة والحادية عشر تحت عنوان ( ياسر بركات يكتب الفصل الأخير من قصة المناضل .. باى باى أستاذ مصطفى .. إياك العلقة تكون عجبتك؟! )
وأسفل هذا المانشيت كتب ثلاث مقالات . فكتب في المقال رقم (1) وتحت عنوان : ( وضع الحكم لسجني في جيبه... محاولات بكرى لتلويث ثوب القضاء الناصع ... يسعى لتوريط المستشارين في أمور لا تليق ... ويؤكد أنه يخطط مع رجال الدولة لحبسي ومصادرة الموجز !!!) وهو تعليق على أخبار نشرها بجريدة الأسبوع وقدم دفاع الطاعن صور من هذه الأخبار.
وفى المقال الثاني (أموال أحمد عز ونجيب ساو يرس التي نهبها مصطفي بكري ) وهو كان تعليق على هجومه عليهما في جريدة الأسبوع بعد أن قاما بقطع إعلانات شركاتهما عن جريدته وقدم دفاع الطاعن صور من هذه الأخبار.
وفى المقال الثالث بعنوان ( أيها المناضل: مصر ليست بلا ذاكرة .. ولن تنسى أنك ناصبت أهلها العداء وطالبت أمريكا بمحاصرتها ... ووزارة الداخلية تشيع أنها في جيبك لن تنسى أنك شهرت بها وحاولت تشويه سمعتها بالخارج.. هل يستطيع صاحب الأموال والنفوذ أن يمحو خطايا الماضي ويغسل تاريخه؟!) وهو تعليق
على التصريحات الصحفية التي أدلى بما عقب القبض عليه في قضية التخابر ضد مصر عام 1994 وقدم أيضا دفاع الطاعن صور من هذه الأخبار.
ومن ذلك يتضح أن جميع الوقائع محل النشر كانت تتصل بموضوعات أخرى لا تتعلق بالعمل النيابي للمدعى بالحق المدني وبذلك لا ينعقد الاختصاص لمحكمة الجنايات ولكن ينعقد لمحكمة الجنح .
ولما كان الحكم الطعين قد قضى بالإدانة ضد الطاعن وباختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى على الرغم من ذلك يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
كما أن جميع العبارات التي استشهد بها الحكم الطعين جميعها كانت خاصة بتصرفات شخصية ولم تمس الصفة النيابية للمدعى بالحق المدني ولكن جميعها كان متعلق بنقد آرائه وكتاباته في جريدة الأسبوع وأرائه حينما قبض عليه فى قضية التخابر ضد مصر عام 1994 قبل حصوله على صفته النيابية. . وقدم صورة من حكم صادر في الدعوى رقم 4085لسنة2008 جنح السيدة زينب والصادر من الدائرة 11جنايات القاهرة بين ذات الخصوم وقضت المحكمة فيها بعدم الاختصاص والإحالة للجنح لعدم تعلق الوقائع محل النشر لم تمس الصفة النيابية للمدعى بالحق المدني.
وحيث أن الحكم الطعين قد رفض الدفع بمقولة أن نص المادتين 215،216 أ.ج لا لبس فيه ولا غموض من أختصاص محكمة الجنايات بنظر الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر والتى يكون المقذوف فيها من غير الأفراد وكان المقذوف في حقه عضو مجلس الشعب بالإضافة إلى أنه رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الأسبوع ومن كبار الكتاب والمحللين السياسيين وقد وقع القذف عليه بصفته الخاصة والنيابية على نحو ما ورد تفصيلا بصحيفة الدعوى وبجريدة الموجز وأن صفته النيابية معلومة للكافة بحكم كونه كاتب ومحلل فمجرد ذكر أسمه مجردا تظهر صفته النيابية مرتبطا بها الأمر الذي ينعقد معه الاختصاص لهيئة المحكمة ويكون الدفع على غير سند متعين رفضه
لذلك يكون الحكم الطعين بفصله فى الدعوى رغم عدم الاختصاص يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بالإضافة للقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع .
كما أن المحكمة لم تحصل أسباب الدفع تحصيلا سليما حيث أن دفاع الطاعن أستند في هذا الدفع على أن الوقائع محل النشر لم تتعلق بالصفة النيابية للمدعى بالحق المدني ولكن الحكم الطعين فئ ص5 أورد أن أسباب الدفع هي الإخلال بمبدأ المساواة وانتهاك لحق المتقاضى على درجتين وهذا يؤكد أن المحكمة لم تفهم الدفع لمبدى أمامها وأنه حدث لديها لبس بين أسباب هذا الدفع مع أسباب الدفوع الأخرى المبداه فى الدعوى مما يدل على أنها لم تحط بالدعوى ولم تعنى بها العناية لمطلوبة ومن ذلك يتضح أن المحكمة لم ترد على الأسباب التى ساقها الطاعن فى هذا الدفع ولكن ردت على أسباب مغايرة لم يدفع بها الطاعن فى هذه المواد وهذا يعيب الحكم بالبطلان للقصور فى التسبيب مما يوجب نقضه.
وقد قضت محكمة النقض :
(اذا كان الحكم بعد أن استعرض الأدلة والقرائن التي يتمسك بها الخصم تأييداً لدفاعه قد رد عليها رداً منبئاً بعدم درس الأوراق المقدمة لتأييد الدفاع فانه لا يكون مسبباً التسبيب الذي يتطلبه القانون ويكون باطلاً متعيناً نقضه).
(جلسة 10/12/1943 طعن رقم 39 س 12 قاعدة ص 552 – مجموعة أحكام النقض فى 25 عام).
كما أن الحكم الطعين أستنتج أستنتاجا يخلف القانون والعقل والمنطق فى رفضه هذا الدفع بمقولة أت ذكر أسم المدعى بالحق المدني بمقولة أن صفته النيابية معلومة للكافة بحكم كونه كاتب ومحلل فمجرد ذكر أسمه مجردا تظهر صفته النيابية مرتبطا وهذا يؤكد أن فساد هذا الرأى ومخالفته للقانون وذلك لأن قواعد الاختصاص في القوانين الجنائية هي قواعد موضوعية وليست قواعد شخصية .
لذلك فان الطاعن ينعى هذا الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد فى الاستدلال.
السبب الرابع: الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور في التسبيب
وذلك حيث أن وكيل الطاعن قد تقدم بمذكرات بدفاعه أشمل إحداهما الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون وذلك لكون الدعوى تم تحريكها بموجب وكاله عامة وليست وكاله خاصة كما اشترطت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية . وقد تمسك وكيل الطاعن بهذا الدفع بمحاضر الجلسات.ولما كان من المستقر عليه أنه يتعين وقبل النظر فئ موضوع الدعوى أن تستوفى المحكمة مسألة الشكل لكونها تخضع لقواعد القانون ولذلك فان الخطأ في هذه القواعد يعد خطأ في القانون لتعلق الدفع بعدم القبول بالنظام العام.
وفي ذلك قضت محكمة النقض :
( إذا كان الإجراء الباطل شرطا لصحة نشأة الخصومة الجنائية فإنه يترتب عليه عدم قبول الدعوى الجنائية . كما إذا شاب البطلان إجراء الشكوى أو التكليف بالحضور أو أمر الإحالة فهذا البطلان يترتب عليه عدم توافر شروط قبول الدعوى الجنائية . مما يجرد المحكمة من سلطتها في الفصل في موضوع الدعوى . فإذا هي فصلت في الموضوع بغير عدم قبول الدعوى الجنائية كان حكمها مشوبا بالبطلان ) .
(نقض 15 أبريل سنة 1968 – مجموعة الأحكام س19 رقم 87 ص451)
وذلك لكون الأصل أنه متى كانت الدعوى المباشرة قد أقيمت عن جريمة تتطلب شكوى لرفع الدعوى الجنائية تعين لقبول الدعوى الجنائية أن يكون رفعها مقرونا أو مسبوقا بتقديم شكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص فان كان قد سبق لأي منهما تقديم الشكوى في الميعاد جاز للمحامى بمقتضى توكيل عام أن يقيم الدعوى الجنائية عن ذات الجريمة بطريق الادعاء المباشر .
أما إذا لم يكن قد سبق هذا الادعاء تقديم مثل هذه الشكوى واعتبرت صحيفة الادعاء المباشر بمثابة شكوى كما جرى عليه قضاء محكمة النقض وحينئذ يتعين أن تتوافر الشروط المتطلبة في الشكوى بأن تكون صادره من المجني عليه نفسه أو من وكيل عنه بموجب وكالة خاصة في تقديم الشكوى وأن تعلن للمتهم تكليفا بالحضور في ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليها في القانون .
وذلك لأن صحيفة الادعاء المباشر تجمع في تلك الحالة بين عملين من الأعمال الإجرائية أولهما : إقامة الادعاء بالطريق المباشر ويكفي فيها التوكيل العام وثانيها : تقديم شكوى لازمة لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بها ويجب فيه أن يصدر من المجني عليه نفسه أو من وكيلة بتوكيل خاص طبقا لما استلزمته المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الوجوب .
( نقض جنائي 20/4/1989 س 40 ق 85 ص 531 )
( نقض جنائي 5/6/1986 س 37 ق 124 ص 652 )
ومفاد ذلك أنه لما كانت صحيفة الجنحة المباشرة تعد بمثابة الشكوى وبالتالى يجب أن تتوافر فيها كافة الشروط المتطلبة في الشكوى ومنها أن يتم تحريكها بموجب وكاله خاصة لاحقه على الفعل وسابقة على تحريكها وإلا تكون الدعوى غير مقبولة .
وقد استقر الفقه أيضا على إن ضرورة وجود توكيل خاص لاحق على الفعل وسابق على تحريك الشكوى هو شرط أساسي لقبولها ومن ذلك :
(الشكوى التي تتطلبها المادة 3 إجراءات يجب أن تصدر من المجني عليه إما بنفسه أو إما بواسطة وكيل عنه على أن يكون التوكيل خاصاً ، وصريحاً وصادراً عن واقعة معينة سابقة على صدوره أى ينبغي أن يكون التوكيل لاحقاً للواقعة المشكو عنها أيا كان نوعه ، وهذا شرط من النظام العام لأن شروط تحريك الدعوى الجنائية كلها من النظام العام).
(الدكتور رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية طبعة 1983 ص 72).
(يشترط في التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً – المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية- أي أن تحدد فيه الواقعة التي تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى ، ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة ويترتب
على ذلك أنه لا محل في الشكوى لتوكيل عام ، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب فى المستقبل ذلك أن الحق في الشكوى يفترض تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملائمة الشكوى)
(الدكتور محمود نجيب حسنى – شرح قانون الإجراءات الجنائية طبعة 1988 ص 124).
(الحق فى الشكوى هو حق شخصي يتعلق بالمجني عليه ، وقد رتب القانون على ذلك نتيجتين ، الأولى : أن هذا الحق ينقضي بموت المجني عليه .. والأمر الثاني المترتب على اعتبار الشكوى حق شخصي متعلق بشخص المجني عليه دون غيره ، أنه يجب أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص (م3 إجراءات) ومفاد هذا أن التوكيل العام لا يجدي فى التقدم بالشكوى ، فيلزم أن يكون التوكيل خاصاً فقط بالتقدم بالشكوى لكي تقبل تلك الأخيرة من الوكيل).
(الدكتور مأمون سلامة – قانون الإجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض طعن 19 ص 76).
(الشكوى حق للمجني عليه وحده ، وله أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص بشأن الجريمة موضوع الشكوى فلا يكفى لذلك مجرد الوكالة العامة).
(الدكتور أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية – طبعة 1980 ص 647).
ومن ذلك يتضح أن أحكام القضاء قد اتفقت مع الفقه في ضرورة تطلب إرادة خاصة فى تحريك الشكوى نظراً لخصوصية هذه الجرائم. وبالتالي يجب أن يتوافر فى الإجراء الخاص بتحريك الدعوى الجنائية ما يفيد وجود هذه الإرادة وبالتالي يجب في الشكوى سواء تم التقدم بها للنيابة العامة أو عن طريق الادعاء المباشر أن تكون إما بشخص المجني عليه أو عن طريق وكيله الخاص ولا تكفي فيها الوكالة العامة.
وبالتالي فان ما يثار بأن هذا القيد هو على النيابة العامة فقط وأنه يحق للوكيل العام إقامة الدعوى مباشرة فى جرائم الشكوى فانه يكون مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ اجراءات التحقيق إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو وكيل الخاص (وهى صاحبة الاختصاص الأصيل) فإن هذا المنع أيضا يسرى على الدعوى المباشرة (الاستثناء على الأصل).
وذلك لكون النيابة العامة هي صاحبة الحق الأصيل فى إقامة الدعوى الجنائية وأن الادعاء المباشر هو استثناء على هذا الحق الأصيل لذلك يجب عند تطبيقه أن يكون فى أضيق نطاق ولا يتم التوسع فيه على حساب الأصل .
- وبذلك إذ جاء نص وقيد الحق الأصيل للنيابة فى تحريك الدعوى الجنائية الا بناء على شكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد على الاستثناء وهو الادعاء المباشر. وبالتالى تكون المحكمة قد أخطأت فى تطبيق القانون برفض الدفع المبدي من دفاع الطاعن.
وذلك لكونها قد استمرت في نظر الدعوى والفصل فيها على الرغم من عدم وجود وكالة خاصة من المدعى بالحق المدنى لتحريك الشكوى تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه
ولما كان الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون كان دفعا جوهريا وجازما تمسك به دفاع الطاعن في مذكرة دفاعه وكذلك بمحاضر الجلسات وكان لزاما على المحكمة الرد عليه بأسباب سائغة أما كونها لم ترد على هذا الدفع في بأسباب سائغة واكتفت بقولها ص7 فى الرد على الدفع كما أن القول بأن المدعى بالحق المدني قام بتحريكها بطريق الادعاء المباشر بموجب وكالة عامة خلافا لنص المادة 3أج فهو قول غير سديد لعدم اشتراط المادة 3أج ذلك الا فى حالة تقديم شكوى لا ينسحب على الادعاء المباشر اذ أنه قيد وارد على النيابة العامة في استعمال الدعوى الجنائية ولا ينسحب على المدعى بالحق المدني تكون بذلك خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بالإضافة لكون ذلك يصيب الحكم بعيب القصور في التسبيب.
لذلك فإن الطاعن ينعى هذا الحكم بالبطلان لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب .
السبب الخامس :القصور في البيان والقصور في التسبيب :
لما كان من المستقر عليه في قضاء محكمة النقض أنه لا يكفى لصحة الحكم الصادر بالإدانة أن يبين قاضى الموضوع في معرض تسبيبه بيانات الواقعة الموضوعية فقط , وإنما يجب عليه أيضا بان يبين في ورقه
الحكم الأصلية التي يسطر فيها أسباب الحكم الذي انتهى إليه بعض البيانات الإجرائية والتي تعد من قبيل القواعد الإجرائية الموضوعية , والتي يترتب علي مخالفتها البطلان ولا يعصم الحكم من البطلان إذا خلت ورقة الحكم الأصلية من بيانها وتضمنها محضر الجلسة أو ورد ذكرها في أوراق الدعوى .
(د / على محمود على – النظرية العامة في تسبيب الحكم الجنائي – رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة – 1993 ص 431)
لذلك يتعين على المحكمة في جرائم الشكوى ومنها ( القذف والسب )أن تبين في حكمها الفاصل في الموضوع أن الدعوى قد رفعت صحيحة بناء على شكوى ممن يملك تقديمها وإلا كان الحكم معيبا .
وحيث أن جريمتي القذف والسب بطريق النشر قد نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب تقديم شكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص قبل اتخاذ أي إجراء فيها . لذلك يجب أن يبين الحكم الطعين ما يفيد وجود هذا الإجراء وإذا أغفل هذا البيان في حكمه يكون قاصرا وقد استقر الفقه أيضا على ذلك .
(إذا كانت الجريمة المرتكبة من الجرائم التي تطلب المشرع لإمكان تحريك الدعوى الجنائية عنها صدور الشكوى أو الطلب أو الإذن من الجهة المختصة , فإنه يجب الإشارة إلى ذلك في الحكم وذلك حتى تتمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على إجراء تحريك الدعوى)
(رؤوف عبيد ضوابط تسبيب الأحكام – ص165)
وتأكيدا لذلك قضت محكمة النقض :
(ولذلك فإن الحكم الذي يصدر في الجرائم التي نصت عليها المادة 3/1 من قانون الإجراءات الجنائية ، يجب أن يبين صدور الشكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص وفي خلال المدة المحددة لذلك . وهذا البيان يجب ذكره في أسباب الحكم ، فلا يغنى عن ذكره في الحكم أن يتبين في أوراق الدعوى لافى الحكم أن له وجوداً) (نقض 18/1/1968 مجموعة أحكام النقض السنة 19 ق 7)
وقضت أيضا :(لا يغنى عن النص في الحكم ما تبين في أوراق الدعوى لافى الحكم من أن الزوج قد تقدم إلى مأمور القسم بالشكوى عن جريمة الزنا وأصر على رفع الدعوى الجنائية عنها في تحقيق النيابة)
(نقض 14/2/1972 مجموعة أحكام النقض لسنه 23ق 45 ص186 )
فمثل هذه الشروط تتعلق بمدى سلامة اتصال المحكمة بموضوع الدعوى , ولذلك فلابد أن يشير الحكم ذاته إلى النصوص المتضمنة تلك الشروط ويبين أنها قد روعيت في نظر الدعوى .
(د/ مأمون سلامة – شرح قانون الإجراءات الجنائية ص192)
وقد رتبت محكمة النقض البطلان على عدم توضيح الحكم لهذا الشرط . حيث قضت :
(أن بيان صدور طلب من مدير عام الجمارك لتحريك الدعوى في جريمة التهريب الجمركي , بيان جوهري وان إغفاله يؤدى على بطلان الحكم ولو ثبت صدور هذا الطلب بالأوراق فإن ذلك لا يغنى عن النص عليه بالحكم)
(نقض 4/2/1992– الطعن رقم 12354– لسنه59قضائية–مجلة القضاة – السنة 25 – 192 ص 690)
وحيث أن الحكم الطعين قد أغفل في أسبابه ما يفيد وجود هذه الشكوى و أنه قد تم تقديمها فى الميعاد القانوني وبالتالي يكون معيبا مستوجبا نقضه .
لذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بالقصور في البيان والقصور في التسبيب .
السبب السادس :الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال :
واضحاً فى أحقية إقامة الدعوى المباشرة أمام محاكم الجنح والمخالفات فقط وبالتالي يتضح عدم وجود نص قانوني يبيح إقامة الدعوى مباشرة أمام محاكم الجنايات.
وطبقاً لنص المادة (1) من قانون الإجراءات الجنائية التي اختصت النيابة العامة فقط برفع الدعوى الجنائية وجعلت الاستثناء هو إقامتها مباشرة يجب أن يكون بناء على نص قانوني حيث نصت : "تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون".
والمادة (3) نصت على تقديم الشكوى إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي كما أن المادتين 156 ، 214/1 تحدثتا عن أن لقاضى التحقيق أو النيابة العامة أن يحيلا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها عن طريق النشر- عدا الجنح المقررة بأفراد الناس الى محكمة الجنايات.
وباستقراء جميع هذه النصوص نجد أن القانون قد أعطى الحق للنيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية كحق أصيل لها ونص على أن الاستثناء وهو(الادعاء المباشر من المجني عليه) يجب أن يكون بناء على نص قانوني. وحيث أن قانون الإجراءات الجنائية قد خلا من أي نص يفيد حق المجني عليه في الادعاء المباشر أمام محكمة الجنايات .
وبالتالي تكون الدعوى المباشرة قد أقيمت على غير سند من القانون وبالتالي قد أقيمت بغير الطريق الذي رسمه القانون وكون المحكمة تباشر ها على الرغم من ذلك تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث أن رد المحكمة على هذا الدفع ص7 من الحكم يؤكد عدم إلمام المحكمة بأبجديات القانون في القواعد القانونية الخاصة بتحريك الادعاء المباشر.
حيث أسست رفضها للدفع على سند من القول أن المدعى بالحق المدني له حق إقامة الدعوى مباشرة قبل المتهم اذ له أن يحركها أمام محكمة الموضوع مباشرة ولو بدون شكوى ........
وهذا يؤكد أن المحكمة قد لم تفهم فحوى الدفع المبدي أمامها حيث أننا فهمت الدفع بأنه لا يجوز أقامة الدعوى بالطريق المباشر بصفة عامة ( وهذا المستفاد من ردها ) ولكن حقيقة الدفع هو عدم جواز إقامة الدعوى مباشرة أمام محكمة الجنايات لانعدام النص القانوني الذي يجيز ذلك وهذا منها يعد مخالفة لنصوص قانون الإجراءات الجنائية وسوء تفسير لنصوص قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر الأمر الذي يوصم الحكم بالإضافة للخطأ فئ تطبيق القانون إلى الخطأ في تأويله وتفسيره والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مما يبطله بطلاناً يستوجب نقضه.
السبب الثامن : مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور في التسبيب للرد غير المستساغ والمجتزأ من المحكمة على الدفوع بعدم الدستورية
( المراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون فى بيان مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، ولا يكون كذلك إذا جاءت أسباب الحكم مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع أو شابها الاضطراب الذي ينبىء عن اختلال فكرته في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ، وبالتالي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على وجهها الصحيح) (نقض 19يناير 1984س 35رقم14ص 72 )
( نقض 8 يناير سنة 1973مجموعة أحكام محكمة النقض س 24 رقم 17ص 72 )
وذلك حيث أن الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية 214/1 ، 215 ،216 من قانون الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد 40 ، 41 ، 67 ، 69 ، 151 من مواد الدستور المصري
لأنها تمثل انتهاكا لمبدأ المساواة والحرية الشخصية وقواعد المحاكمة المنصفة وحق التقاضي على درجتين في الجنح وإخلالها بالقوة الملزمة للمعاهدات الدولية .
كما أن دفاع الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات وذلك لمخافتها لنصوص المواد 2 ، 41 ، 67 ، 79 ، 86 ، 165 عن الدستور المصري لمخالفتها لمبادىء الشريعة الاسلاميه واصل البراءة والمحاكمة المنصفة وحق الدفاع والحرية الشخصية ومبدأ الفصل بين السلطات .
وكذلك دفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري لمخالفتهم لنصوص المواد 48 ، 62 ، 64 ، 206 ، 207 ، 208 من الدستور وذلك نظرا لغلو المشرع في العقوبات المفروضة في هذه المواد وعدم تناسبها مع الأفعال محل التجريم كما أنها تمثل انتهاكا للحق في المساهمة في الحياة العامة ومبدأ
خضوع الدولة للقانون وسلطة الصحافة ومبدأ التناسب بين الفعل والعقاب الذي أقرته المحكمة الدستورية العليا حيث قضت
( بأن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتداولها أو غير ذلك من وسائل التعبير قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لا يتم الحوار المفتوح ألا في نطاقها وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا ولا يترددون وجلا ولا ينصفون لغير الحق طريقا .وأن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثرا في مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها تبيانا لنواحي التقصير فيها وأنه لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها سواء من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها – فالحقائق لا يجوز إخفائها – من غير المعقول أن يكون النفاذ إليها ممكنا في غيبة حرية التعبير )
( حكم المحكمة الدستورية العليا في 15/4/1995 القضية رقم 6 لسنة 15 ق د )
وقضت أيضا
( ويتعين بالتالي أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته ، حقأ مكفولا لكل مواطن ..... .... ومن ثم كان منطقيا ، بل وأمرا محكوما أن ينحاز الدستور إلي حرية النقاش والحوار في كل أمر يتصل بالشئون العامة ، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام . إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون ، ولان حوار القوة إهدار لسلطان العقل ، ولحرية الإبداع والأمل والخيال ، وهو في كل حال يولد رغبة تحول بين المواطن والتعبير عن آراؤه ، بما يعزز الرغبة في قمعها ، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها ، مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره )
وقدم وكيل الطاعن مذكرة شارحة لهذه الدفوع والأسباب والأسانيد القانونية والدستورية التي يستند عليها هذه الدفوع.
وتأكيداً لجديته في هذا الدفع ولإثبات إن عدد من المحاكم قد رأت شبهة مخالفة هذه المواد للدستور المصري فقد قدم أصول لعدد (4) شهادات صادرة من واقع جدول المحكمة الدستورية العليا تفيد أن المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات مقام بشأنها الدعاوى أرقام 25 لسنة 21 ، 83 لسنة 21 ، 60 لسنة 22 و149 لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب الحكم بعدم دستورية هذه المواد ، كما أن الدعوى رقم 60 لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب فيها أيضا الحكم بعدم دستورية المواد 214 ، 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية.
وطلب وقف الدعوى المنظورة تعليقياً لحين الفصل فى هذه الدعاوى أو التصريح له بإقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه ا لمواد عملاً بنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا برقم 48 لسنة 1979.
كما ذكر فى مذكراته المقدمة للمحكمة أرقام عدد (8) دعاوى منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا بشأن هذه المواد مما يؤكد وبجلاء شبهة مخالفة هذه المواد للدستور وترجيح صدور حكم بعدم دستورية هذه المواد.
- إلا أن الحكم المطعون فيه قد رد على ذلك بقوله (حيث أنه عن الدفع بعدم دستورية المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية فانه على غير أساس قانوني ذلك أن المتهم الذي حكم بإدانته في جريمة القذف له حق الطعن بالنقض في الحكم الصادر ضده وهذه تعتبر ضمانة، و فضلاً عن أن إحالة هذه الدعاوى الى محاكم الجنايات إنما يمثل ضمانات للمتهمين في هذه الجريمة لأنهم يحاكمون أمام قضاة ثلاث هم أكبر خبرة وكفاءة ولا ترهق كواهلهم ما ترهق به كواهل القضاة بالمحاكم الابتدائية و الجزئية وفى هذا ضمان لحرية الصحافة وحرية الرأي ومما يكون الدفع فضلا عن عدم جدية ـأنه فى غير محله، وبالتالى تلتفت عنه.....)
ونجد هنا أن الرد جاء مخالفاً للقانون حيث أن محكمة النقض لا تعد درجة من درجات التقاضي وذلك لكونها محكمة قانون وليست محكمة موضوع كما انه اغفل الرد على باقي أسباب الدفع مما يعد قصوراً في التسبيب.
كما ردت المحكمة أيضا على الدفع بعدم دستورية المواد 302 فقرة ب والمادتين 306و307 (وهذا لا يعنى نقل عبء الاثبات على عاتقه بل يوفر له حق الدفاع ....) فان ذلك من المحكمة يعد قصورا في الرد على أسباب الدفع لأنه جاء مجملا وغامضا ولم توضح الأسباب التى بناء عليها بنت قناعتها فى أن هذا النص لا يعد نقلا لعبء الإثبات أنه ضمانة لحق الدفاع .
كما أنها لم ترد على أسباب الدفع بعدم دستورية المواد 303و306و307 من قانون العقوبات ولكنها ردت ردا قاصرا وهو أن من حق المحكمة استبعاد الدفوع التي يرمى ويقصد بها صاحبها التسويف وإضاعة الوقت وإهدار العدالة وكذلك تجنيب تكدس القضايا أمام المحكمة الدستورية مما قد يعوقه عن التفرغ لعملها وتقدير هذه الجدية يتم على أساسين هما أولا ضرورة أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في لدعوى الموضوعية.ثانيا ضرورة قيام شك حول دستورية النصوص المدفوع بها. فان المحكمة ترى تخلف السببين وبالتالي يكون الدفع غير جدي متعينا رفضه..........)وهذا الرد بالإضافة لأنه ردا قاصرا ولم يرد على أسباب هذه الدفوع بشكل قانوني إلا أنه زيادة على ذلك يؤكد عدم إلمام المحكمة بدور ووظيفة المحكمة الدستورية العليا فئ مراقبة مدى تطابق القوانين مع الدستور بل أنه لم يفهم دوره كمحكمة موضوع ملزمة بتطبيق القانون على لدعاوى المنظورة أمامها بل أنها تعدت ذلك إلى دور المنظم الادارى للمحاكم همها عدم تكدس القضايا ولو على حساب العدالة وحق الدفاع ومن ذلك يتضح أن الحكم لم يحصل أسباب هذا الدفع تحصيلاً كافياً لكونه رد على أسباب الدفع بطريقة مجتزأة و بها نوعاً من التجهيل بالإضافة إلى كونه لم يقم بالرد على كافة الأسباب وحدوث لبس وتداخل في ذهن المحكمة بين أسباب الدفوع بعضها البعض. مما جعلها تقوم بالرد على أسباب الدفع تارة بأسباب غير مستساغة ومخالفة للقانون وتارة أخري ترد على أسباب للدفع غير التي أبداها دفاع الطاعن
كما إن تقديم الطاعن لعدد (4) شهادات تفيد وجود أربع دعاوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية هذه المواد وذلك للتدليل على جدية هذا الدفع وطلبه وقف الدعوى تعليقيا لحين الفصل في هذه لطعون كان طلبا جوهريا فكان لزاما على المحكمة أن ترد عليه بأسباب سائغة إلا أنها أكتفت بمقوله ( أنها غير مقيدة بهذه الطعون ) فهذا يعد منها قصورا في التسبيب .
ومؤدى كل ذلك يتضح أن الحكم أقام قضاؤه على وصف هذه الدفوع بعدم الجدية ورفضها بأنه قد فهم أن سلطة المحكمة في تقدير هذه الجدية سلطة مطلقة يمكن أن تنبني على العسف والتحكم والفوضى في التقدير إلى الحد الزى جعلها فوقاً على الرد على هذه الدفوع بصورة مجتزأة تعجز محكمة النقض عن مراقبتها فإنها أيضا قامت بالرد بأسلوب لم تعرفه الأحكام من قبل بشموله بعبارات عنصرية وبها تعالى على المحاكم الأخرى وعلى زملائهم القضاة بالمحاكم الأخرى ( والذين قد يكونوا أفضل منهم كفاءة في تطبيق القانون )وهذا يعد خروجا على الأعراف والتقاليد القضائية الراسخة والقائمة على الاحترام.
الأمر الذي يجعل ردها لا يخضع لضوابط العقل والمنطق القضائي والذي بررته محكمة النقض فى قضائها المطرد بان مناط صحة الحكم في كل ما يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع أن يكون التقدير سائغاً ، وهو ما افتقده الحكم بوضوح شديد في رده على هذه الدفوع وكذلك إغفاله وجود (8) دعاوى بهذا الشأن أمام المحكمة الدستورية العليا الأمر الذي يجزم بان عدة محاكم أخرى قد رأت لهذا الدفع الجدية المطلوبة وقبلته.
لذلك فان اطراح هذا الدفع والرد عليه بطريقة غير مستساغة يصيب الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.
وذلك لكون الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع الجوهرية والهامة في الدعوى وذلك لتعلقها بمدى دستورية المواد العقابية التي يحاكم بها المتهم وهي تتعلق بالشرعية العقابية وكذلك المواد الخاصة باختصاص محاكم الجنايات على محاكمته في جريمة تعد قانونا جنحة وهى تتعلق أيضا بالشرعية الإجرائية .
من ذلك يتضح أن الدفوع التي أبديت كانت من الأهمية لأنه كان سيترتب على قبولها تغيير وجه الحق في الدعوى كما أنه يعد دفعا قانونيا وقد استقرت أحكام محكمة النقض (من واجب المحكمة بحث كل دفاع جوهري
يتقدم به المتهم متى كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى حيث صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر ينفى وقوع الجريمة أو بامتناع ألمسئوليه أو العقاب أو بانقضاء الدعوى الجنائية فإذا تمسك المتهم بهذا الدفع ولم ترد عليه المحكمة كان حكمها مشوبا بالقصور فضلا عن الإخلال بحق الدفاع و وجه القصور هو إخلال المحكمة بأداء واجبها نحو أثبات الإدانة )
ولما كان الدفاع الجوهري هو ذلك الدفاع الذي لو صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر بنفي الجريمة أو امتناع العقاب أو تخفيفه أي أن الدفاع يعتبر جوهرا إذا ما كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى المنظورة لذلك يكون لزاما على المحكمة الرد عليه وبأسباب كافية وسائغة فإذا أغلفت الرد عليها كان ذلك إخلالا بحق الدفاع وإذا ردت عليه بأسباب غير كافية أو غير سائغة لكان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب .
كما أن قبول الطعن في هذه المواد الخاصة بالعقاب أمام المحكمة الدستورية العليا يؤدى إلي انعدام هذه المواد والقضاء ببراءة الطاعن كما أن قبول الطعن في بعضها قد يؤدى إلي تخفيف العقوبة ضد الطاعن كما أنه لو قبل الطعن بعدم دستورية المواد الخاصة بقانون الإجراءات الجنائية سيترتب عليه القضاء بعدم اختصاص المحكمة وإعادة الدعوى إلي محكمة الجنح وهنا سيستفيد الطاعن بنظر الدعوى على درجتين .
ومن ذلك يتضح أن هذه الدفوع كانت جوهرية وأن قبولها كان سيكون له أثرا في الحكم الصادر في الدعوى أما كون الحكم الطعين قد رد عليها بهذه الطريقة المجتزأة التي تنبىء عن عدم تحصيله لأسباب هذه الدفوع تحصيلا كافيا فهذا عيب يصيب الحكم بعيب القصور فى التسبيب مما يوجب نقضه .
كما أن الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع المتعلقة بالنظام العام وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 102 لسنة 12 قضائية دستورية الصادر بتاريخ 19 يونيه 1993 وأجازت الدفع بعدم الدستورية لأول مرة أمام محكمة النقض لذلك فكون الحكم الطعين في أسباب حكمه قد رفض هذه الدفوع يكون هذا الحكم مشوب مخالفا القانون والقصور في التسبيب .
لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب.
وانزلق إلى العبارة التي تضمنت العيب ، فانه يكون قد أخطأ ، لأنه إذا صح أن عبارة العيب قد صدرت من المتهم فئ الظروف والملابسات التي ذكرها الحكم ، فان القول بأنه قصد أن يعيب ، يكون غير سائغ وكان من الواجب على المحكمة في هذه الدعوى حين رأت الإدانة ، أن تبين على مقتضى أنى دليل أسست الحكم )
( جلسة 7/12/1942 الطعن 2248 لسنة 22 ق مجموعة الربع قرن ص 732 )
ولما كان الدفاع الطاعن قدم عدد 18 حافظة مستندات طويت على مستندات تؤكد صحة جميع الوقائع التحى تم نشرها سواء في مقالاته فكان لزاما على المحكمة بحث هذه المستندات الا أنها لم تقم بذلك واستندت في الإدانة إلى أن العبارات شائنة يتحقق بها القصد الجنائي ولم توضح هذه الأسباب التى دعتها الى ذلك يكون هذا الرد منها غير سائغ ومجتزأ وبصفة خاصة أن بعض هذه المستندات كانت قد صرحت باستخراجها الأمر الزى يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع
وقد قضت محكمة النقض
( وكان يبين من الحكم المطعون فيه. انه التفت عن دفاع الطاعنين من أن العبارات الواردة في البيان محل الدعوى قد اشتملت على وصف وقد حدثت من المدعي بالحقوق المدنية وهي بهذه المثابة نقد مباح , وليس قذفاً , وهو دفاع جوهري لم يعن الحكم ببحثه وتمحيصه من هذه الناحية على ضوء ما قدمه الطاعنون من مستندات, واغفل أيضا بيان مضمونها استظهاراً بمدي تأييدها لدفاعهم , وحتى يتضح وجه استخلاصه أن عبارات البيان محل الاتهام لا تدخل في نطاق النقد المباح فان الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة)
(نقض 17/1/1972 إحكام النقض س 23 رقم 23 ص 86)
كما أن ضابط الملائمة في الألفاظ المستخدمة هو ثبوت ضرورتها لتعبير المتهم عن رأيه ، بحيث يتبين لو كان قد أستعمل عبارات أقل عنفا فان فكرته لم تكن لتحظى بالوضوح الذي يريده ، أو أن رأيه لن يكون له التأثير الذي يهدف إليه وحيث أن المحكمة لم تقم بفحص المستندات والدفع وتقيم فحواهما في نفى التهمة أو تخفيف العقوبة فذلك يكون أخلالا بحق الدفاع وقصورا في التسبيب
. لذلك فان الطاعن ينعى علي الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.