قضية رقم 13 لسنة 1 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16من فبراير سنة 1980 م
برئاسة السيد المستشار/ أحمد ممدوح عطية                                      رئيس المحكمة

وحضور السادة المستشارين : فاروق محمود سيف النصر وياقوت عبد الهادى العشماوى ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ود. فتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ.                                                                               أعضاء
وحضور السيد المستشار/ عمر حافظ شريف                   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ سيد عبد البارى إبراهيم                                  أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 13 لسنة 1 قضائية "دستورية"
"الإجراءات"
          يتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1977 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى.

          وطلبت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن المدعى عليهم الأربعة الأول، كما طلب المدعى عليه الخامس رفض الدعوى، وأودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأى برفضها.
          ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم.

"المحكمة"

   بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
  حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
  وحيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى إن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 2802 لسنة 1977 مدنى كلى جنوب القاهرة يطلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليه الأخير بأن يؤدى إليه مبلغ 4000 جنيه وفوائده وبصحة إجراءات الحجز التحفظى الموقع تحت يد المدعى عليهما الثالث والرابع . وكان المدعى عليه الأخير قد تظلم من أمر الحجز طالباً الغاءه استناداً إلى سقوط الدين لعدم اخطار الدائن بسنده تطبيقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1966، وقررت المحكمة ضم الدعوى والتظلم للحكم فيهما معاً. وبجلسة 2 من أكتوبر سنة 1977 دفع المدعى بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعويين لجلسة أول يناير سنة 1978 لإتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المادة الثالثة المشار إليها، فأقام المدعى دعواه الماثلة.
          وحيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 لسبب حاصله أن هذا القانون لايشترط قيام علاقة إيجارية بين الدائن والمدين تتوافر بها شبهة فى الدين ويتسنى معها افتراض أنه تم بالتحايل على الأجرة القانونية المقررة فى قانون الاصلاح الزراعى. وإذ لم ينظم هذا القانون طريقاً لاشهار صفة المستأجر الأرض الزراعية حتى يتأتى لمن كان قد تعامل معه أن يكون على بينه من التزامه القانونى باخطار الجمعية التعاونية الزراعية المختصة بالدين، فإن الجزاء الذى نصت عليه المادة الثالثة منه وهو سقوط الدين يعتبر من قبيل المصادرة والعدوان على الملكية بالمخالفة لما تقضى به المادتان 34، 36 من الدستور.

  وحيث إن القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى، تضمنت نصوصه تعديل بعض مواد المرسوم بقانون المشار إليه، كما أوردت أحكاماً جديدة منها ما نصت عليه المادة الثالثة- المطعون بعدم دستوريتها- من أنه:"يجب على كل مؤجر أو دائن أيا كانت صفته يحمل سندا بدين على مستأجر أرض زراعية كالكمبيالات وغيرها أن يتقدم خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون ببيان واف عن هذا الدين وقيمته وسببه وتاريخ نشوئه وتاريخ استحقاقه واسم الدائن وصفته ومحل اقامته واسم المدين وصفته ومحل اقامته. ويقدم هذا الاخطار إلى الجمعية التعاونية الزراعية الواقع فى دائرتها محل إقامة المدين. ويسقط كل دين لا يخطر الدائن عنه خلال الموعد المحدد لذلك". وأوضحت المذكرة الايضاحية للقانون فى خصوص هذه المادة، أن تطبيق قانون الاصلاح الزراعى كشف عن صور مختلفة من الاستغلال أبرزها قيام الملاك بتحرير كمبيالات لصالحهم موقعة من المستأجرين على بياض تمثل ديونا غير منظورة وغير مشروعة الغرض منها حصول المالك على قيمة ايجارية تزيد على سبعة أمثال الضريبة أو تمثل ديوناً وهمية يستغلها المالك للتخلص من مزارعيه فى أى وقت يشاء، وعلاجا لذلك استحدث القانون الحكم الوارد فى المادة الثالثة المشار إليها والمادتين التاليتين لها بقصد القضاء على هذا النوع من الاستغلال. ولما كانت ملاءمة التشريع والبواعث على اصداره من اطلاقات السلطة التشريعية مالم يقيدها الدستور بحدود وضوابط معينة، وكان مايقرره المدعى بشأن اغفال النص المطعون فيه تنظيم طريق لاشهار صفة المستأجر للأرض الزراعية حتى يتبين من تعامل معه التزامه بالاخطار عن دينه، لايعدو أن يكون جدلا حول ملاءمة التشريع وما قد يترتب عليه من اجحاف بحقوق طائفة من الدائنين، فإن ماينعاه المدعى فى هذا الشأن لا يشكل عيبا دستوريا يوصم به النص المطعون فيه وتمتد إليه الرقابة على دستورية القوانين.

   لما كان ذلك وكانت الملكية الخاصة التى نصت المادة 34 من الدستور على أنها مصونة لا تنزع الا للمنفعه العامة ومقابل تعويض ، والمصادرة التى تحظرها المادة 36 من الدستور إذا كانت عامة ولاتجيزها إلا بحكم قضائى إذا كانت مصادرة خاصة ، يؤدى كلاهما إلى تجريد المالك عن ملكه ليؤول إلى الدولة، بتعويض فى حالة نزع الملكية وبغير مقابل عند مصادرته ، وكان ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 لايتضمن مساساً بالملكية الخاصة أو نزعاً لها جبراً عن مالكها، كما لايقضى باضافة أية أموال مملوكة للأفراد إلى ملك الدولة، ذلك أنها اقتصرت على تنظيم العلاقة بين مستأجر الأرض الزراعية ودائنيه ورتبت على عدم الاخطار بالدين فى الأجل المحدد بها سقوطه لمصلحة المستأجر وحده ، فإن ما أثاره المدعى بصدد عدم دستورية هذه المادة وبشأن اعتبار ما نصت عليه من سقوط الدين عدواناً على الملكية ومصادرة للأموال، يكون على غير أساس.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماه.