1- في طلب وقف الدعوي تعليقا لحين الفصل في الدعاوي الدستورية :
- لما كانت وظيفة المحكمة الدستورية العليا أن لها وحدها دون غيرها الاختصاص بالرقابة علي دستورية القوانين طبقا لنص المادة 175 من الدستور و ينحصر دور المحاكم الاخري إذا تراءي لها في أي نص قانوني معروض أمامها شبهه مخالفته لنصوص الدستور أو دفع احد الخصوم في نزاع معروض أمامها بعدم دستورية نص قانوني مطبق في النزاع المطروح علي المحكمة ورأت المحكمة جدية هذا الدفع فإنها أما أن تحيل من تلقاء نفسها الدعوي إلي المحكمة الدستورية للفصل في مدي دستورية هذا النص وان تمهله أجلا لإقامة الطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا .
- ولما كانت النصوص القانونية المطالب بتطبيقها في الدعوي الماثلة قد تم أقامة عدد (8) طعون أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية هذه المواد و هي الطعون أرقام 25لسنه 21 ، 83 لسنه 21 ، 60 لسنه 22، 149 لسنه 22 ، 274 لسنه 23 ، 16 لسنه 24 ، 82 لسنه 24 ، 102 لسنه 24 ومطلوب الحكم فيها بعدم دستورية المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات وهي ذات المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .
- وهذا الأمر يوكد بوجود شبهه مخالفة هذه المواد للدستور وترجح صدور حكم بعدم دستورية هذه المواد الأمر الذي يكون معه طلب وقف الدعوي الماثلة لحين الفصل في هذه الدعاوي الدستورية هو طلب مصادف لصحيح القانون حيث أن العدالة تقتضي أن يحاكم المتهم بنصوص قانونية صحيحة ومتوافقة مع نصوص الدستور لا نصوص متعارضة مع الدستور و أحكامه لذلك فان استمرار محاكمه المتهم بهذه النصوص يعد افتئاتا علي حقه في المحاكمة العادلة و المنصفة حيث انه يشترط في المحاكمة أن تكون وفقا لنصوص قانونية متسقة مع الدستور ومبادي حقوق الإنسان وهذا ما ينتفي في نصوص المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .
أولا : ندفع بعدم قبول الدعوتين الجنائية و المدنية لرفعها لغير الطريق الذي رسمه القانون :
1- وذلك حيث أن وكيل المدعي بالحق المدني قام بتحريك هذه الدعوي بطريق الادعاء المباشر بموجب وكاله عامة و هذا بالمخالفة لنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية وهي المادة التي ألزمت في جرائم الشكوى ( ومنها جريمتي القذف و السب ) أن يتم تحريك الدعوي الجنائية فيها أما عن طريق المجني عليه شخصيا أو بواسطة وكيله الخاص بموجب وكاله خاصة بعد الواقعة وقبل تحريك الدعوي الجنائية و إلا تكون الدعوي غير مقبولة و في الدعوي الماثلة نجد أن وكيل المدعي بالحق المدني قد حرك صحيفة الجنحة المباشرة بموجب توكيل عام و ليس توكيل خاص و بالتالي تكون الدعوي غير مقبولة الأمر الذي يستتبع الحكم بعدم قبول الدعوتين الجنائية و الدنية لرفعها من غير دي صفه .
- أما ما يثار بان هذا القيد هو علي النيابة العامة فقط ، فهذا مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ إجراءات التحقيق إلا بناء علي شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص هذا يسري أيضا علي حق المجني عليه فإذا أراد الادعاء المباشر فعليه أما أن يتخذ هذا الإجراء بشخصه أو عن طريق وكيل خاص أيضا .
- وذلك لكون النيابة العامة هي صاحبة الحق الأصيل في أقامة الدعوي الجنائية و أن الادعاء المباشر هو استثناء علي هذا الحق الأصيل و بالتالي يجب عند تطبيقه أن يكون في أضيق نطاق و لا يتم التوسع فيه علي حساب الأصل و من ذلك إذا جاء نص و قيد الحق الأصيل للنيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية إلا بناءا علي شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد علي الاستثناء و هو الادعاء المباشر .
- ولما كانت هذه الدعوي قد تم تحركها بواسطة وكيل عن المجني عليه بالتالي تكون غير مقبولة لكونها تم تحريكها بغير الطريق الذي رسمه القانون .
ثانيا : ندفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي :
- حيث أن المواد 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت علي الأتي :
- م215 ( تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد مقتضي القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر علي غير الإفراد ).
- م 216 : ( تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضي القانون جناية و في الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها عن طريق النشر عدا الجنح المضرة بإفراد الناس و غيرها الجرائم الاخري التي ينص القانون علي اختصامها بها ).
- ومفهوم هذه النصوص هو انه إذا كانت الوقائع الخاصة بالنشر موجهه إلي احد أفراد ينعقد الاختصاص القضائي إلي محكمة الجنح أما إذا كانت الوقائع محل النشر موجهه إلي غير أحاد الناس ( موظف عام أو من حكمه – شخص ذي صفه نيابية – مكلف بخدمة عامة ) فان الاختصاص ينعقد هنا لمحكمة الجنايات .
- ولما كان المدعي بالحق المدني هو عضو بمجلس الشعب المصري و بالتالي فهو يحمل صفه نيابية ويترتب علي ذلك أن الاختصاص هنا ينعقد لمحكمة الجنايات و تكون محكمة جنح السيدة زينب غير مختصة بنظر هذه الدعوي الأمر الذي يستتبع القضاء بعدم اختصاص المحكمة و إحالتها إلي محكمة الجنايات .
ثالثا: ندفع بمشروعية ما تم نشره بالموضوع الصحفي :
- ذلك استناد إلي الإباحة لمنصوص عليها في المادة 60 من قانون العقوبات و التي نصت ( لا تسري أحكام قانون العقوبات علي كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضي الشريعة ) وقد عرف الفقهاء المقصود بالشريعة المنصوص عليها في هذه المادة بأنها القوانين . ولما كانت المادة 47 من الدستور قد كلفت لكل إنسان الحق في حرية إبداء الآراء و اعتبرت أن النقد البناء هو ضمان لسلامة البناء الوطني و كذلك المادة 3 من القانون رقم 96 لسنه 1996 الخاص بتنظيم الصحافة التي نصت علي:
( تودي الصحافة رسالتها بحرية و استقلال – و تستهدف تهيئة المناخ لنمو المجتمع و ارتقائه بالمعرفة المستنيرة و بالإسهام في الاهتداء إلي الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن و صالح المواطنين ) . كما أن الشريعة الإسلامية أرسلت حق النقد . و أمرتنا بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و عدم السكوت علي معصية وذلك في قول الرسول (ص) ((من رأي منكم منكرا فليغيره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه و ذلك اضعف الإيمان )) وقوله أيضا (( أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر )) ومن ذلك يتضح أن القانون و الشريعة الإسلامية قد كفلا حرية الرأي و التعبير عنها وجعلتها من الواجب علي أي فرد في المجتمع ولذلك فان حرية الرأي و التعبير ( ومنها حرية الصحافة ) هي أصل الحريات ويجب أن تكون مشمولة هذه الحرية و إلا يكون تدخل النصوص القانونية منحصر فقط في تنظيم ممارسة هذه الحرية و إلا يكون هذا التدخل الغرض منه العصف بهذه الحرية . ذلك لان الحق في التعبير عن الآراء يمثل إسهاما مباشرا في صون نظام الرقابة المتبادلة بين الشعب و المسئولين
- السبب الأساسي في إباحة النقد يتمثل في أن كل شخص في المجتمع مدعو للتعليق علي المسائل العامة و كل حكومة تحرص علي دعم هذا الحق لإفرادها إذا ما حرصت علي تفهم مجتمعنا وذلك لان أسباب الإباحة هي بمثابة إقرار من القانون الجنائي لقاعدة أخري في قانون أخر غير جنائي يجيز هذا السلوك و يرخص به وبذلك تكون أسباب الإباحة موضوعية متصلة بذات الفعل موضوع التجريم و ليس بذات الشخص الموجه له النقد .
- وقد أكد الدكتور / عمر السعيد رمضان في مولفة ( شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – ص 384)
- وكذلك مؤلفه ( في حرية الرأي و الأنباء ص 139 ) حيث قرر ( ونحن إذا ما طبقنا هذه الأحكام علي النقد نلاحظ أن النقد و أن كان يمس تصرفات الشخص و عمله عن شخصه إلا أن الواقع الذي لا شك فيه أن الاتصال الطبيعي بين الشخص وتصرفاته و أرائه و تأثر سمعته بقيمة هذه الآراء و التصرفات اظهر من أن يجادل فيه احد ا وان يماري فيه إنسان فالحكم علي الشخص إنما يكون بالحكم علي تصرفاته باعتبار أن النعي علي التصرفات إنما هو نعي بالضرورة علي نفس الشخص صاحب التصرف فيوثر علي سمعته و اعتباره ) .
- كما انه استكمالا لهذا الرأي فان المستشار الدكتور / عماد النجار في كتابه ( النقد المباح ص 75) قرر ( ومن ثم يكون النعي أو النقد لتصرفات و أراء الغير يتضمن في ذات الوقت نقدا لذات الأشخاص أصحاب هذه التصرفات أو الآراء وماسا باعتبارهم وسمعتهم و بالتالي يكون النقد في العادة مكونا في الأغلب الأعم لجريمة القذف أو السب أو الاهانه وعندئذ نجد أنفسنا بصدد قاعدتين من قواعد القانون أحداهما قاعدة جنائية تجريم القذف أو السب أو الاهانه مراعاة لاعتبار الشخص و حفاظا علي كرامته و قاعدة دستورية أخري من قواعد القانون الأساسي تقرر حرية الرأي و حرية التعبير و حرية القول مراعاة للصالح العام دعما في سبيل التقدم أمام الجماعة و عندئذ يسهل سبيل المفاضلة بين القاعدتين – فالقاعدة الأولي تحقق الصالح الخاص للفرد و القاعدة الثانية تحقق صالح الجماعة – فيقدم صالح الجماعة علي صالح الإفراد )
- كما أن غالبية الفقهاء قد اتفقوا علي هذا الرأي و منهم ( الدكتور / رمسيس بهنام – شرح قانون العقوبات – ص 242 ) و (المدني.ة / فوزية عبد الستار – شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ص 583 – بند 658 )
- وبتطبيق ذلك علي ما جاء بالمقال الصحفي الذي كتبه المتهم نجد انه لا يوجد أي مجرم أو سب أو قذف في حق المدعي بالحق المدني .
- وذلك حيث أن المدعي بالحق المدني عضو مجلس الشعب المصري و دائما ما يقدم نفسه بان من كبار المحللين و السياسيين و انه أيضا المدافع الأول عن الشرف و الأخلاق و الواقعة محل النقد في هذا المقال عبارة عن أن المدعي بالحق المدني كما يحصل علي إعلانات كثيرة من شركة أعمار لصاحبها محمد العبار و كان ذلك أثناء قيام شراكة بين العبار و رجل الأعمال المصري شقيق جبر ، إلا انه بعد الانفصال بينهما و تصاعد الخلافات ، امتنعت شركة أعمار عن نشر إعلانات بجريده الاسبوع التي يرأسها المدعي بالحق المدني و استمر شفيق جبر في نشر إعلانات بجريده الاسبوع .
- فما كان من المدعي بالحق المدني إلا أن قام بنشر هجوم ونقد لشركة أعمار مدعيا أنها تنصب علي المواطنين المصريين .
- وفي الوقت ذاته قامت شركة أعمار بنشر إعلانات في صحيفة أخري هي صحيفة الفجر التي قامت هي الاخري بنقد و مهاجمة شفيق جبر ( خصم أعمار ) و بالتالي اتضح للجميع أن هذه المعركة بين الجريدتين ( الاسبوع و الفجر ) هي سببها الخلاف بين رجلي الأعمال سألفي الذكر وكذلك في مقابل الإعلانات التي يتم نشرها في هاتين الجريدتين .
- إلا أن المدعي بالحق المدني و مع استمرار الصراع بين رجلي الأعمال لم يكتفي بذلك علي صفحات جريدته بل استخدم صفته كعضو مجلس الشعب و قام بتقديم استجواب لمجلس الشعب لوزير الإسكان حول تعاملات مجموعة أعمار داخل مصر و ادعي أنها تستولي علي أموال الشعب .
- وهذا منه محاوله للزج بمجلس الشعب في هذا الصراع الذي في حقيقته نزاع بين رجال أعمال لا دخل للمواطن أو مجلس الشعب به .
- وهذا ما يهم المواطن و القاري حيث أن وظيفة مجلس الشعب و كذلك أعضاء بمجلس الشعب هي الدفاع عن المواطنين ورعاية مصالحهم لا لان يتم استغلال هذه العضوية في تصفيه حسابات و خلافات أخري شخصية من اجل الإعلانات .
- فما كان من المتهم إلاالنقض: هذا الأمر و أدلي برأيه فيه حتي يعلم القراء حقيقة ما يدور حولهم و حقيقة هذا الخلاف و هذا هو الدور الحقيقي للصحافة الذي لو لم يقم به المتهم يكون قد خالف ضمير مهنه الصحافة .
وقد قضت في ذلك محكمة النقض :
(إذا كان الصحفي يستهدف تزويد القراء بالأنباء التي تهم المصلحة العامة ، حملهم عن هذا الطريق علي تبادل الرأي فيما يهم المصلحة العامة فان ذلك يعطيه حقا في أن يوذي المصلحة الفردية في سبيل المصلحة العامة مادام انه لا يبغي قضاء مأرب ذاتيه أو أغراض شخصيه لان المصلحة العامة تربو علي أي مصلحة فردية ) .
(نقض 2 نوفمبر 1965 – مجموعة أحكام محكمة النقض – س 16 رقم 149 ص 787 )
- كما أن أعمال و تصرفات عضو مجلس الشعب دائما تكون محل اهتمام من الجماهير باعتباره انه يدافع عم مصالحهم وهنا يكون دور الصحافة في إبداء الرأي و التعليق علي تصرفات هذا العضو إذا حاد عن الهدف الذي تم انتخابه من اجله .
- فعندما كان المدعي بالحق المدني يهاجم شركة أعمار ( بعد قطع إعلاناتهم عن جريدته ) فلم يقم المتهم بنشر أي شي عن ذلك لان هذا تصرف خاص بالمدعي بالحق المدني و جريدته آما حينما يتم نقل الصراع إلي مجلس الشعب فهنا يأتي دور الصحفي و دور المتهم في نقد هذه التصرفات التي يقوم فيها باستغلال عضويته في مجلس الشعب في تصفيه حسابات و صراعات خاصة بإعلانات و برجال أعمال فكان يجب علي المتهم بحكم دور الصحفي أن يوضح الحقيقة للقراء و أن يعطي الوصف الحقيقي لمثل هذا الفعل الذي يمثل جريمة في حق المجتمع و في حق المجلس .
- وقد أكد علي ذلك المستشار الدكتور عماد النجار في كتابه النقد المباح ص 84 حيث قرر : آما النقد فكيان مستقل في ه1ه الدائرة يضطر معه الناقد أحيانا إلي إسناد أقوال يمكن أن تعتبر قذفا و سبا و هو لا يستطيع أن يمارس النقد دون ذلك في غالب الأحيان فمن يعلق علي زيادة إنفاق الحكام السابقين في الخارج علي ملذاتهم مثلا لا يستطيع إلا أن يصف هذا المسلك بأنه تبذير أو إسراف مثلا ؟ و لا شك أن التبذير صفه غير محموده و إسنادها إلي ملك أو حاكم ينقص من قدره أو اعتباره عند أهل وطنه و بالتالي يعد ذلك قذفا ولكن الناقد لا يستطيع التعليق علي هذا المتهم.ون استعمال مثل هذه العبارة و هو الأمر الذي جعل النقد حقا لاعتبارات المصلحة العامة وبالتالي مشروعية التمسك به لإباحة ما به من قذف أو سب ).
- ومن ذلك يتضح مشروعية ما تم نشره من المتهم حيث انه كان يبغي الصالح العام و عدم تحويل مجلس الشعب إلي ساحة لتصفيه المعارك الشخصية الأمر الذي يستتبع الحكم ببراءة المتهم .
رابعا : ندفع بتوافر أركان و شروط النقد المباح :
- لما كان من المستقر عليه قضاءا و فقها انه إذا توافرت شروط النقد المباح في المقال الصحفي تنعدم جريمتي القذف و السب في حق الكاتب و اتفق أنفا علي أن شروط النقد المباح هي :
- 1- أن يرد النقد علي واقعة صحيحة :
وهذا متوافر في هذا الموضوع الصحفي حيث أن جريدة الاسبوع التي يرأسها المدعي بالحق المدني كانت تنشر إعلانات أعمار و بعد الخلاف الذي تم بين هذه الشركة و بين رجل الأعمال شفيق جبر بدأت الجريدة نشر إعلانات خاصة برجل الأعمال شفيق جبر و بدأت حمله في الهجوم علي شركة أعمار ( بعد أن منعت إعلاناتها عن جريدة الاسبوع ) و كل ذلك ثابت علي صفحات جريدة الاسبوع .
- وأما قيام المدعي بالحق المدني بتقديم استجواب في مجلس الشعب حول أعمال شركة أعمار فهذا أيضا ثابت وقد قام هو بنشر خبر عن ذلك بجريدة الاسبوع .
2- أن تكون للوقائع أهمية لدي الجمهور :
- لما كان مجلس الشعب له سلطة التشريع و الرقابة داخل الدولة و بالتالي كل أعماله سواء تشريع أو طلبات أحاطه أو استجوابات تلقي اهتمام الجمهور ويحق التعليق عليها وحيث أن المدعي بالحق المدني قد تقدم باستجواب لمجلس الشعب حول أعمال شركات العمار ودون في مصر ونشر ذلك في جريدة الاسبوع ، وهذا يعطي حق للصحافة للتعليق علي ذلك .
3- استخدام الألفاظ الملائمة:
- يشترط في إباحة النقد أن يستخدم الناقد عبارات ملائمة ومتناسبة مع الواقعة التي يعلق عليها و هذا متوافر في المقال محل الدعوي الماثلة حيث إننا بمطالعة المقال نجد انه لم يتم استخدام عبارات قاذعة أو شائنة في حق المدعي بالحق المدني ولكن لكل ما ابدي هو ذكر الوقائع و التعليق عليها بموضوعيه ولم يتم استخدام ألفاظ تخرج عن وصف للوقائع التي ذكرت و إبداء تعليقا عليها و هذا لا يتوافر فيه استخدام عبارات غير متناسبة .
- و الفيصل في كون العبارات ملائمة أو غير ملائمة هو ضرورتها للتعبير عن فكره الناقد بحيث يتبين انه لو كان قد استعمل عبارات اقل عنفا فان فكرته لم تكن لنحظى بالوضوح الذي يريده ا وان راية لن يكن له التأثير الذي يهدف إليه و قد قضت محكمة النقض ( بأنه متي كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم فيما نسبه إلي المجني عليه في الحدود المرسومة في القانون للنقد الذي لا عقاب عليه فلا يقدح في صحته أن كانت العبارات التي استعمالها مرة قاسية ) .
( نقض 4 يناير 1969 مج جزء 17 بند رقم 776 ص 728)
وقضت أيضا : ( يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المقال علي عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة و أخري يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر ) .
( نقض 24/10/1993 س 404 – نقض 5/1/1989س 40 ص ، نقض 28/1/1985 س 36 ص 77 ، نقض 33 لسنه 35 ق جلسة 2/11/1965 س 16 ص 787 )
- وفي عام 1942 نقضت محكمة النقض حكما لمحكمة جنايات مصر كان قد صدر بمعاقبة صحفي في تهمة اهانة مجلس النواب و الشيوخ لنشره مقال نسب فيه إلي فريق الأغلبية انه ( يعبد الحكومة و لا يحب الوطن و عبيد لشهواتهم ، و أنهم جائعون ومنحطون ، و أن وظيفتهم هي التهام الوطن و حب المال ، ومن السهل استرضاؤهم ، و أنهم غير مخلصين في خدمة وطنهم .)
- و اعتبرت كلامه بأنه من قبيل النقد المباح لان كان هدفه المصلحة العامة.
- و في عام 1926 نقضت محكمة النقض أيضا حكما لمحكمة جنايات مصر موضوع أن صحفيا أهان رئيس الوزراء في مقال و نسب فيه إليه ( الجهل وقصر النظر و البعد عن الفطنة ) و نسب إلي أعضاء مجلس النواب ( الانحطاط و الدناءة في أخلاقهم و الطمع و الجشع ) فنقضت الحكم و برأت الصحفي و حملت كلامه علي محمل النقد المباح وقررت ( انه وان كان قد استعمل في النقد شيئا كثيرا من الشدة ومنم قوارص من الكلم إلا أنها جاءت من باب المبالغة و الرغبة في التشهير بالفعل ذاته كما هي خطة المتهم في كتاباته المستفادة من عباراته عن المبالغة )
- وقضت محكمة جنايات مصر جلسة 28يناير سنه 1948 ( يجب أمام مناقشة أمر من الأمور الهامة و الحيوية أن يدلي كل صاحب رأي برأيه حتي يبين الغث من الثمين و تبين الحقيقة واضحة فإذا اشتد الجدل وخرج اللفظ في مثل هذه الحالة من اللين إلي النقد المر العنيف و إلي القول اللاذع غير الكريم مما قد يثيره الجدل و الاندفاع في القول وجب أن يغتفر ذلك لصاحب الرأي مادام وجهته المصلحة العامة ) .
- ومن كل ذلك يتضح عدم وجود أي تجريم فيما نشره المتهم حيث انه كان يناقش موضوع غاية في الأهمية حول دور احد أعضاء مجلس الشعب في استخدامه فيها.عضوية في تصفيه حسابات شخصية بينه و بين رجال الأعمال الذي منع الإعلانات عن جريدته و لصالح رجل أعمال أخر في خلاف مع الأول . كما أن الموضوع الصحفي لم يخرج عن الحدود المرسومة في النقد وان العبارات التي استخدامها كانت وصفا للوقائع التي تم عرضها و إبداء الرأي فيها . ولم يتم استخدام أي ألفاظ تسئ إلي المدعي بالحق المدني أو تخدش شرفه أو اعتباره .
4- حسن النية :
- لما كان حسن النية هو سبب عام للإباحة ولما كانت جريمتي القذف و السب من الجرائم العمدية فانه إذا توافر حسن النية فانه ينتفي القصد الجنائي للجريمة وقد قضت محكمة النقض (أن حسن النية سبب عام للإباحة الجرائم عموما ومنها جريمة القذف إذا صدقت نية الفاعل و اعتقد بمشروعية فعله )
- وقد أكد علي ذلك الأستاذ / محسن فواد في كتابه ( جرائم الفكر و الرأي ص 414 ) حيث قرر ( بأنه حسن النية يتألف من شقين الأول توخي النفع العام أي الرغبة في إفادة الجمهور بإرشاده إلي الصواب ليتبعه وتنبيهه للباطل ليتجنبه و الثاني اعتقاد الناقد صحة الرأي الذي يبديه لا صحة الواقعة التي يوسس عليها هذا الرأي .
- وشرط حسن النية متوافر فيما نشره في الجريدة حيث أن التعليق كان منحصر في الحياة العامة و التصرفات و الآراء العامة للمدعي بالحق المدني ولم يتطرق إلي حياته البه.ة أو الخاصة و انحصر في وصف الواقعة المتعلقة بتقديمه طلب استجواب في مجلس الشعب حول شركة أعمار لصاحبها محمد العبار .
- كما أن الألفاظ المستخدمة كانت متناسية مع الوقائع التي تم إبداء الرأي فيها ولم تستخدم أي ألفاظ شائن هاو الغرض منها النيل من المدعي بالحق المدني أو التشهير به . كل ذلك يوكد حسن نية فيما تم نشره .
- كما أن الأصل العام هو أن الناقد حسن النية فيما يبديه من أراء و علي المجني عليه أن يثبت أن الناقد كان سيئ النية وهذا ما لم يثبته المدعي بالحق المدني.
- ومن كل ذلك يتضح توافر كافه أركان وشروط النقد المباح في المقال محل هذا الدعوي الأمر الذي تنتفي معه جريمتي القذف و السب بركنيها المادي و المعنوي في حق المتهم الأمر الذي يستتبع الحكم ببراءته .
- ومن ذلك كله يتضح توافر جميع أركان النقد المباح في المقال الصحفي محل هذا الاتهام في الدعوي الماثلة مما تنتفي معه جريمة القذف و السب بركنيها الأمر الذي يستتبع الحكم ببراءة المتهم مما هو منسوب إليها .
خامسا : ندفع بانعدام نصوص المواد محل الاتهام :
- لما كانت المواد محل اتهام في الجنحة الماثلة تتعارض مع نص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و التي نصت علي (1) لكل فرد الحق في اتخاذ الآراء بدون تدخل . (2) لكل فرد الحق في حرية التعبير و هذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار من أي نوع و استلامها و نقلها بغض النظر عن الحدود وذلك آما شفاهة أو كتابة أو طباعة وسواء كان ذلك في قالب فني أو بأية وسيلة أخري يختارها ....)
- وقد صادقت مصر علي هذا العهد بموجب القرار الجمهوري رقم 536 لسنه 1981 وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 وبذلك أصبح تشريعا وطنيا بموجب المادة 151 من الدستور المصري و التي نصت علي (رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يتناسب من البيان ويكون لها قوه القانون بعد إلزامها و التصديق عليها و نشرها وفقا للأوضاع المقررة ...)
- ويجب علينا أن نتعرض لأراء الفقهاء حول مدي تطبيق المعاهدات الدولية في القانون الداخلي حيث انقسم الفقهاء إلي فريقين الأول يأخذ بنظرية الازدواج و الثاني يأخذ بنظرية الوحدة .
1- نظرية الازدواج :
- يري أنصار الوحدة:رية أن القانون الدولي العام و القانون الداخلي يمثلان نظامان متساويان مستقل كل منهما عن الأخر و أن المعاهدات الدولية لا تعتبر جزء من القانون الداخلي إلا إذا اتخذ حيالها كل الإجراءات إصدار التشريعات الداخلية و بصفه خاصة عرضها علي السلطة التشريعية و إصدارها و نشرها وبدون ذلك لا تتمتع بأيه قوة إلزامية في مجال القانون الداخلي فلا يتقيد بها القاضي الوطني ومن أنصار هذا المذهب ( موريللي – انزيليوتي – رينيه برينيه – تربيل ) .
2- آما نظرية الوحدة :
- فيري أنصارها أن قواعد القانون الدولي العام و قواعد القانون الداخلي تندمج في نظام قانوني واحد و تكون كتله قانونية واحدة ويترتب علي ذلك اعتبار المعاهدات الدولية جزء من القانون الداخلي بمجرد تكوينها دوليا دون حاجة لاتخاذ إجراءاتها خاصة علي المستوي الوطني و أنها تعتبر من مصادر القانون الداخلي وتطبقها المحاكم الوطنية مباشرة ودون حاجة لإجراءات داخلية ومن أنصار هذا المذهب ( جورج سل – كلسن ) .
- ولكن الدستور المصري اشترط لكي تكون للمعاهدة الدولية قوه القانون أن يتم التصديق عليها و نشرها وفقا للأوضاع المقررة ( ويقصد مثل القوانين تنشر بالجريدة الرسمية حتي يتوافر علم الكافة بها ) وذلك مضمون ما قررته المادة 151 من الدستور و هذه الشروط متوافرة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية حيث انه تم التصديق عليه من رئيس الجمهورية في أول أكتوبر عام 1981 بالقرار الجمهورية رقم 536 لسنه 81 ثم تم نشره في الجريدة الرسمية في عددها الصادر بتاريخ 15/4/1982 و بالتالي أصبحت هذه المعاهدات منذ تاريخ نشرها قانونا داخليا .
- ولكن تثور مشكلة في تطبيق المعاهدات الدولية في مجال القانون الجنائي في حالتين :
الأولي : في حالة إذا نصت المعاهدات علي تجريم بعض أفعال لم تكن مجرمة في التشريعات الداخلية و الثانية إذا نصت المعاهدة علي أزاله صفه التجريم أو العقاب عن أفعال مجرمة بموجب القانون الدخلي .
- ففي الحالة الأولي فان المعاهدة الدولية وان كانت تتضمن تحديدا لأفعال تعد جرائم فإنها لا تتضمن جزاءات للعقاب علي هذا الجرائم بل تترك أمر تحديد هذه المهمة للتشريعات الداخلية ومن ذلك نخلص بان المعاهدات الدولية لا تعد مصدرا للتجريم و العقاب لان ذلك يصطدم بذاتية القانون الجنائي علي أساس انه التعبير الاسمي عن مبدأ سيادة الدولة الوطنية علي إقليمها و يهدف إلي الحفاظ علي أمنها و النظام العام فيها ومن ذلك يتضح أن نصوص المعاهدة التي تتضمن شق التكليف فقط في القاعدة الجنائية لا تكون قابلة للتطبيق بذاتها لأنها تفتقر إلي شق الجزاء الذي بدونه لا يكتمل تلك القاعدة .
- آما في الحالة الثانية وهي حالة نص لمعاهدات الدولية علي أزاله صفه التجريم أو العقاب عن أفعال مجرمة بنص القانون الداخلي فهو مختلف عن الحالة الولي لأنالمعاهدة. ذات التحديد و لا يكون له ذات الأهمية التي لمسناها في مجال التجريم و العقاب إذا يكفي أن تنص المعاهدة أن تكلفه لمواطنيها أو انه حرية من الحريات العامة التي يجب علي الدولة احترامها و حمايتها . و بالتالي يوقف تنفيذ أي نص في القوانين الداخلية لهذه الدولة يقيد هذا الحق أو هذه الحرية أو ينتقص منها ولا يجوز تطبيق هذا النص بعد المصادقة علي هذه المعاهدة .
- وقد قرر بذلك الدكتور / علي عبد القادر القهوجي في كتابة ( المعاهدات الدولية أمام القاضي الجنائي ص 26 ) بان قرر ( المعاهدات الدولية بعد إبرامها و التصديق عليها ونشرها تكون لها قوه القانون فإذا تضمنت نصا يكفل حقا من الحقوق أو يقرر حرية من الحريات وكان هذا الحق أو تلك الحرية موضوع حظر من قبل فان هذا يعني أن المعاهدة وقد أصبحت قانونا نافذا في النطاق الداخلي قد سحبت أو أزالت صفه التجريم عند استخدام هذا الحق أو تلك الحرية إذ لا يعقل اعتبار الفعل حقا وجريمة في نفس الوقت ولا سبيل لرفع هذا التناقض إلا عن طريق الاعتراف بقوه المعاهدة الدولية التي أدمجت في التشريع الوطني في أزاله صفه التجريم عن هذا الفعل ) .
- ومن التطبيقات القضائية لذلك هو حكم محكمة امن الدولة العليا طواري في قضية إضراب عمال السكة الحديد المقيدة برقم 4190 لسنه 86 الأزبكية ( 121 كلي شمال ) الصادر بجلسة الخميس الموافق 16/9/1987 و التي قضت ( القاضي الوطني لا يطبق المعاهدة تأسيسا علي أن دولته قدح التزمت دوليا بتطبيقها بل يطبقها باعتبارها جزءا من قوانين الدولة الداخلية إذا ما تم استيفاؤها للشروط اللازمة لنفاذها داخل الإقليم ).
- وكذلك الحكم الصادر في الدعوي رقم 1120 لسنه 17ق المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 10/3/1991 و الذي قرر ( ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الاتفاقية المشار إليها قد جاءت لاحقه لقانون العقوبات ومن ثم فانه يتعين اعتبار المادة 124 من قانون العقوبات و التي تحظر الإضراب قد نسخت ضمنا بالمادة 8 فقرة د من الاتفاقية المذكورة ).
- وبإنزال ذلك علي المادة التاسعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية نجد أنها قد أباحت حرية التعبير عن الآراء و المعلومات و الأفكار و نقلها للآخرين دونما الاعتبار لأي حدود ( أي دون فرض قيود عليها ، وبأي شكل سواء كان مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني و بالتالي فان القيود و العقوبات التي فرضها المواد 178، 302/1 ،303/1 ،306،307،308 مكرر من قانون العقوبات المصري ( الصادر عام 1937 م ) تعتبر مخالفة لهذه المادة من الاتفاقية ( و التي اعتبرت تشريعا داخليا في عام 1981م) مما يجعل هذه المادة بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية تزيل صفه التجريم عن هذه الأفعال المنصوص عليها في هذه المواد من قانون العقوبات و بالتالي أزالت صفه التجريم عما هو منشور من المتهمين الأمر الذي يستتبع الحكم ببراءتهم .
-
يلتمس دفاع المتهمين من عدالة المحكمة :
الحكم ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه .