مذكــــرة بدفـــــــاع
وائل محمد عبد الوهاب عبد المقصود حبيب – صفته مستأنف ضده
ضـــــــــــــــــــــــد
الممثل القانوني لشركة مصر للغزل والنسيج – صفته مستأنف
مقدمة لمحكمة الاستئناف العالي بالمحلة الكبرى
الدائرة السادسة
في الاستئناف رقم 321 لسنة 3 ق
بجلسة 12/1/2010
الموضــــــــوع
بتاريخ 11/7/2009 أصدرت المحكمة العمالية بالمحلة الكبرى الدائرة ( 31 ) حكمها في الدعوى رقم 708 لسنة 2008 والتي كان المستأنف ضده مدعى فيها ضد المستأنف ، وكانت طلباته الختامية وفقا لما جاء بإعلان الطلبات الموضوعية في محكمة أول درجة هي الاتى :-
أولا :- إلغاء قرار نقله إلى فرع شركة مصر للغزل والنسيج بالقاهرة باعتباره قرارا تعسفيا وتمكينه من عودته إلى عمله الرئيسي بمقر الشركة الكائن بمدينة المحلة الكبرى .
ثانيا:- صرف مقابل انتقال للمدعى من تاريخ 26/11/2008 بما يساوى مبلغ وقدره 520 جنيه شهريا بواقع 20 جنيه * 26 يوم = 520 جنيه وذلك وفقا لسعر تذكرة قطار السكة الحديد من الدرجة الثانية من مدينة المحلة الكبرى إلى مدينة القاهرة ذهابا وإيابا كل شهر مخصوما منها أيام الأجازات الأسبوعية .
ثالثا :- تعويض المدعى عن الأضرار التي أصابته ماديا ومعنويا من جراء القرار المطعون فيه بمبلغ خمسون ألف جنيه مصري شاملة الأضرار المادية والأدبية .
رابعا :- ألزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقد جاء منطوق الحكم على النحو التالي :-
أولا :- إلغاء قرار نقل المدعى إلى فرع الشركة المدعى عليها بالقاهرة وعودته لعمله الذي كان يباشره قبل صدور قرار نقله .
ثانيا :- بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى تعويضا ماديا وأدبيا قدره سبعة الآلاف وخمسمائة جنيه وألزمت المدعى عليه بصفته بالمصاريف ومبلغ خمسة وسبعون جنيها أتعاب محاماة وأعفته من رسوم رفع الدعوى .
ولما لم يلقى هذا الحكم قبولا لدى المستأنف فقد طعن عليه بالاستئناف أمام عدالتكم ، وقد ساق المستأنف العديد من أسباب طعنه على حكم محكمة أول درجة ، ولكن كل المطاعن التي يسوقها المستأنف تضارع في ضعفها ، وعدم موضوعيتها ، كافة أوجه الدفاع والدفوع التي ساقها أمام محكمة أول درجة لتبرير قرار نقل المستأنف ضده ومحاولة إثبات انه لصالح العمل ، وليس تعسفا ضده وتنكيلا به ، وسوف نوضح لعدالة المحكمة أوجه الضعف وعدم الموضوعية فيما يحاول المستأنف إثباته ، وكذا أوجه التعسف في قرار نقل المستأنف ضده من عمله بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى إلى مكتب الشركة بالقاهرة ، وأحقيته في اقتضاء تعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء خطأ المستأنف الذي أصدر قراراً بنقله من المحلة الكبرى إلى القاهرة بالمخالفة للقانون ، وبركوبه لمتن الشطط في التعسف ضد المستأنف ضده .
أولا – عدم جواز الدفع ببطلان التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة .
يستند المستأنف أول ما يستند في طعنه على حكم محكمة أول درجة إلى زعم بطلان الحكم المستأنف لاستناده إلى أدلة مستقاة من تحقيق باطل أجرته المحكمة بالمخالفة للمادة 61 من قانون الإثبات ، وبدعوى أن الشركة قدمت أدلة كتابية لإثبات أن نقل المستأنف ضده تم وفقا لأحكام القانون واللوائح ، وانه لا يجوز إثبات العكس بشهادة الشهود ، وإنما يلزم إثباته بالكتابة .
وهذا القول مردود بان نقل المدعى من عمله بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى إلى مكتب الشركة بالقاهرة ، وما أحاط قرار النقل من ملابسات أخرى هو عبارة عن واقعة مادية ، وليس تصرفا قانونيا ، والوقائع المادية كما تعلمنا أحكام عدلكم الموقر يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ، ومن المقرر بقضاء النقض أن " الواقعة المادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بغير قيد النصاب الذي حدده القانون في شأن إثبات التصرفات القانونية جلسة 17/2/1975 الطعن رقم 210 لسنة 40 ق س 26/1 ص 406 – جلسة 30/12/1982 الطعن رقم 74 لسنة 48ق س 33 ع 2 ص 1264"
" وان محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما تراه منها وعدم التزامها بتتبع حجج الخصوم أو الرد عليها استقلالا مادام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ......الطعن رقم 141 لسنة 60 ق جلسة 28/12/1993 "
" وان تقرير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان القاضي شرط ذلك ألا يخرج بها إلى ما لا يؤدى إليه مدلولها ......الطعن رقم 1317 لسنة 54 ق جلسة 17/2/1992 "
والقاعدة العامة هي أن الإثبات بشهادة الشهود يعتبر قوة مطلقة بالنسبة للوقائع المادية ، وكذلك بالنسبة لبعض التصرفات القانونية التجارية ، والوقائع المادية التي يترتب عليها آثار قانونية ، قد تكون مصدراً للالتزام كالعمل غير المشروع ، كما هو الحال في قرار نقل المستأنف ضده ، وذلك لمخالفة هذا القرار للقانون وقيام الأدلة على دخوله دائرة التعسف ، وقد تكون سببا لكسب الحق كما هو الحال بالنسبة لخطأ المستأنف الذي يرتب المسئولية التقصيرية في حقه .
• طبيعة الوقائع المادية تستعصي على الإثبات بالكتابة .
هناك فرق واضح بين التصرف القانوني والواقعة المادية ، فالتصرف القانوني إرادة تتجه إلى إحداث اثر قانوني معين فيرتب القانون عليها هذا الأثر ، ولما كانت هذه الإرادة لها مظهر خارجي هو التعبير ، فان القانون اقتضى ألا يكون إثبات هذا التعبير ، كقاعدة عامة إلا عن طريق الكتابة ، وذلك لاعتبارين أساسيين
1- لان التعبير عن إرادة تتجه لإحداث اثر قانوني أمر دقيق ، قد يغم على الشهود فلا يدركون معناه ، ولا يؤدون الشهادة فيه بالدقة الواجبة .
2- التصرف القانوني هو الذي تستطاع تهيئة الدليل الكتابي عليه وقت وقوعه ومن ثم كان اشتراط الكتابة لإثباته امراً ميسوراً .
أما الواقعة المادية فلا يقوم في شانها اى من الاعتبارين المتقدمين ، فهي تحدث ويراها الناس ، فلا تختلف افهامهم كثيراً في روايتها كما وقعت ، إذ هي ليست من الدقة والتعقيد بالمنزلة التي للتصرف القانوني ، وهب أن واقعة مادية كانت من الدقة بحيث تختلف افهام الناس في إدراكها ، فهل يكون ميسوراً تسجيلها بالكتابة عند وقوعها ؟ قليل من الوقائع هو ما يتيسر فيه ذلك ، وقد عمد المشرع إلى الخطير من هذه الوقائع ، كالميلاد والموت ، فأوجب تسجيله بالكتابة على نحو خاص . أما الكثرة الغالبة من الوقائع المادية التي تحدث أثاراً قانونية فلا يتيسر إثباتها بالكتابة . فيكفى إذن إثباتها بشهادة الشهود بل وبكافة طرق الإثبات
ومن جماع ما تقدم يكون استناد محكمة أول درجة لشهادة الشهود في معرض تكوينها لعقيدتها قد جاء وصحيح الواقع والقانون ، ويكون الدفع ببطلان الحكم المستأنف لاستناده إلى دليل لا يجوز الاستناد إليه ، غير قائم على سنده الصحيح ، وهو ما يتعين معه الالتفات عنه ورفضه وتأييد حكم محكمة أول درجة بإلغاء قرار نقل المستأنف ضده .
ثانيا – استخلاص محكمة أول درجة لمنطوق حكمها من عناصر أخرى غير شهادة الشهود .
انتهى حكم محكمة أول درجة الفقرة الثانية ص 8 من الحكم إلى أن
" لما كان ما تقدم وعن طلب المدعى بإلغاء قرار نقله لفرع الشركة المدعى عليها بالقاهرة وتمكينه من عودته إلى عمله الرئيسي بمقر الشركة سالفة البيان بمدينة المحلة الكبرى ، فلما كان الثابت للمحكمة من الإطلاع على التحقيق الادارى المرفق صورته الضوئية بالأوراق ، وكذا الإطلاع على الصورة الضوئية من قرار نقل المدعى لفرع الشركة المدعى عليها بالقاهرة اعتباراً من 2/12/2008 أن قرار نقل المدعى لفرع الشركة المدعى عليها بمدينة المحلة الكبرى لفرع الشركة بالقاهرة قد جاء بعد التحقيق معه بمعرفة القطاع القانوني بالشركة المدعى عليها لقيامه بتحريض العاملين على التظاهر ضد المفوض العام للشركة ، وسبه بألفاظ يعاقب عليها القانون ، كما أن الثابت للمحكمة من أقوال وكيل الشركة المدعى عليها أمام مكتب علاقات عمل المحلة الكبرى انه قد تم نقل المدعى لمكتب الشركة المدعى عليها بالقاهرة لقيام المدعى بالمشاركة في وقفة احتجاجية بالشركة وإجراء التحقيق معه بشأن ذلك ، وانه قد تم انتدابه بمكتب الشركة بالقاهرة لحين الانتهاء من التحقيقات وهو الأمر الذي تستخلص منه المحكمة ومن جماع ما تقدم أن قرار نقل المدعى من عمله لفرع الشركة المدعى عليها بالقاهرة كان جزاءاً له للقيام بالمشاركة مع عمال الشركة المدعى عليها في الوقفة الاحتجاجية ضد المدعى عليه والمسئولين بالشركة المدعى عليها ......."
يبين مما تقدم أن المحكمة استخلصت منطوق حكمها فيما يتعلق بالغاية الحقيقية من قرار النقل من أسباب سائغة وجدية هي
1- التحقيق الادارى الذي أجرى مع المستأنف ضده بالشئون القانونية بالشركة .
2- قرار نقل المستأنف ضده .
3- أقوال وكيل الشركة المستأنفة بمكتب علاقات العمل .
أما بالنسبة لمدى التزام قرار النقل بأحكام القانون وعدم إهداره لحقوق المستأنف ضده فقد استخلصته المحكمة من أدلة أخرى على النحو الاتى ..
حيث جاء في متن حكم محكمة أول درجة ص 9 الفقرة الأخيرة
" كمان أن الثابت للمحكمة من الإطلاع على قسيمة اجر المدعى قبل صدور قرار النقل وذلك عن شهر نوفمبر 2008 ، وكذا من الإطلاع على قسيمة أجره بعد صدور قرار النقل عن شهر يناير عام 2009 إلى نقصان الأجر المستحق له من مبلغ 609.500 قبل نقله إلى مبلغ 239.500 بعد نقله لذلك الفرع وهو الأمر الذي تتوافر معه ومن جماع ما تقدم عناصر المسئولية التقصيرية في حق الشركة المدعى عليها ............"
وهذا دليل آخر استمدت منه محكمة أول درجة منطوق حكمها فيما يتعلق بإلغاء قرار نقل المستأنف ضده بوصفه قرار تعسفيا يرتب الخطأ في حق المستأنف ويستوجب التعويض عن الأضرار الناتجة عنه ، ومن جماع ما تقدم يثبت لعدالة المحكمة أن محكمة أول درجة لم تؤسس قضائها على شهادة الشهود فقط بل أنها استمدت ما ثبت في وجدانها من أدلة متعددة ومتنوعة منها التحقيق الذي أجرى مع المستأنف ضده بالشركة ، وأقوال المستأنف والمستأنف ضده بمكتب العمل ، وقسائم الأجر الخاصة بالمستأنف ضده .......الخ
ثالثا : عدم جواز الدفع ببطلان شهادة الشهود .
يدفع المستأنف ببطلان شهادة الشهود بزعم وجود مصلحة شخصية لهما في هذه الشهادة ، فالبنسبة للشاهد الأول يزعم المستأنف أن رائحة المجاملة تزكم الأنوف في شهادته نظرا لكونه يعمل بنفس القسم الذي يعمل به المدعى ، أما بالنسبة للشاهد الثاني فيسوق المستأنف انه منقول مثل المستأنف ضده من المحلة إلى القاهرة وبالتالي هناك تبادل للمصلحة الشخصية بينهما .
وما يسوقه المستأنف فيما يتعلق بمحاولاته تجريح شهادة الشهود - فضلا عن افتقاده للمنطق القانوني السليم ، وإغراقه في الافتراء ، والدخول في نوايا الشهود دون أن تكون لهذه النوايا التي يزعمها مدلولها على ارض الواقع – لا يمت بصلة للقواعد التي أرساها قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968
حيث تنص المادة 64 من هذا القانون على أن
" لا يكون أهلا للشهادة من لم يبلغ سن خمسة عشرة سنة . على انه يجوز أن تسمع أقوال من لم يبلغ هذه السن بغير يمين على سبيل الاستدلال"
وتنص المادة 65 على أن
" الموظفون والمكلفون بخدمة عامة لا يشهدون ولو بعد تركهم العمل عما يكون قد وصل إلى علمهم في أثناء قيامهم به من معلومات لم تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن السلطة المختصة في إذاعتها ومع ذلك فلهذه السلطة أن تأذن لهم في الشهادة بناء على طلب المحكمة او احد الخصوم "
وتنص المادة 66 على أن
" لا يجوز لمن علم من المحامين او الوكلاء او الأطباء او غيرهم عن طريق مهنته او صنعته بواقعة او بمعلومات أن يفشيها ولو بعد انتهاء خدمته او زوال صفته ما لم يكن ذكرها له مقصودا به ارتكاب جناية او جنحة .
ومع ذلك يجب على الأشخاص المذكورين أن يؤدوا الشهادة على تلك الواقعة او المعلومات متى طلب منهم ذلك من أسرها إليهم على ألا يخل ذلك بأحكام القوانين الخاصة بهم ".
وتنص المادة 67 على أن
" لا يجوز لأحد الزوجين أن يفشى بغير رضاء الآخر ما أبلغه إليه أثناء الزوجية ولو بعد انفصالهما إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما على الآخر أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر" .
وتنص المادة 70 على أن
" للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالإثبات بشهادة الشهود في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة .
كما يكون لها في جميع الأحوال , كلما أمرت بالإثبات بشهادة الشهود أن تستدعى للشهادة من ترى لزوما لسماع شهادته إظهارا للحقيقة ".
وتنص المادة 82 على أن
" لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريبا أو صهرا لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حادثة أو مرض أو لأي سبب أخر"
وتنص المادة 85 على أن
" على الشاهد أن يذكر أسمه ولقبه ومهنته وسنه وموطنه وأن يبين قرابته او مصاهرته ودرجتها كان قريبا او صهرا لأحد الخصوم , ويبين كذلك إن كان يعمل عند أحدهما.
وتنص المادة 86 على أن
" على الشاهد أن يحلف يمينا بأن يقول الحق وألا يقول إلا الحق وإلا كانت شهادته باطلة , ويكون الحلف على حسب الأوضاع الخاصة بديانته إن طلب ذلك .
ومن جماع هذه النصوص يبين أن المشرع قد وضع قواعد محددة على سبيل الحصر لمن تجوز شهادته ولمن لا تجوز شهادته ، وليس من بين هذه القواعد ما يمنع اى من الشاهدان اللذان أدليا بشهادتهما أمام محكمة أول درجة من الشهادة أو يبطل شهادتهما ، إذ لا يوجد بينهما من هو غير أهل للشهادة لعدم بلوغ السن القانونية ، أو لاى مانع قانوني آخر ، كما أن القانون لم يقضى ببطلان شهادة من يشهد إلى جانب زميل له في العمل ، أو من يشهد إلى جانب احد الخصوم في دعوى قضائية ، هو خصم في دعوى مثيلة لها ، ومن جماع هذه المبادىء القانونية ، يتضح أن ما يرتكن إليه المستأنف في بطلان شهادة الشهود غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون ، وهو ما يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع ورفضه وتأييد حكم محكمة أول درجة بإلغاء قرار نقل المستأنف ضده من المحلة إلى القاهرة .
رابعاً : التزام محكمة أول درجة صحيح القانون في إلغائها قرار نقل المستأنف ضده .
يتكأ المستأنف على أمرين في معرض دفعه بخطأ حكم محكمة أول درجة في تطبيق القانون فيما يتعلق بإلغائها قرار نقل المستأنف ضده وهذين الأمرين هما
أولا :- أن القانون واجب التطبيق على وقائع الدعوى هو لائحة نظام العاملين بالشركة المستأنفة الصادرة بقرار وزير قطاع الأعمال العام والدولة للتنمية الإدارية رقم 339 لسنة 1995 وليس قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 .
وتطبيق محكمة أول درجة لنصوص التأديب الواردة في قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 ، أمر يتفق وصحيح وقائع الدعوى ، بل ويتفق كذلك مع ما قدمه المستأنف من مستندات أمام محكمة أول درجة ، وعلى وجه الخصوص التحقيق مع المستأنف ضده ، وإقرار وكيل الشركة المستأنفة بمحضر مكتب العمل بأنه قد تم نقل المستأنف ضده بسبب مشاركته في وقفة احتجاجية تهاجم إدارة الشركة والمسئولين بها ، وهو ما يضع هذه الواقعة في مصاف الجزاء التاديبى للمستأنف ضده ، ولما كان من المقرر بنص الفقرة الأخيرة من المادة 44 من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام انه " وتسرى في شأن واجبات العاملين بالشركات التابعة والتحقيق معهم وتأديبهم أحكام الفصل الأول من الباب الخامس من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 ، وتنص المادة 7 من مواد إصدار قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 على أن " مع مراعاة حكم المادة الثانية من هذا القانون يلغى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، كما يلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق.
وتحل تسمية القانون المرافق محل عبارة قانون العمل الصادر بالقانون 137 لسنة 1981 أينما وردت في القوانين والقرارات المعمول بها"
وتنص المادة 60 من ذات القانون على أن
” الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العامل و فقا للوائح تنظيم العمل والجزاءات التأديبية في كل منشأة هي :
(1) الإنذار
(2) الخصم من الأجر
(3) تأجيل موعد استحقاق العلاوة السنوية لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر .
(4) الحرمان من جزء من العلاوة السنوية بما لا يجاوز نصفها .
(5) تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنة .
(6) خفض الأجر بمقدار علاوة على الأكثر .
(7) الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة دون إخلال بقيمة الأجر الذي كان يتقاضاه .
(8) الفصل من الخدمة وفقا لأحكام هذا القانون .
وليس من بين هذه الجزاءات التأديبية جزاء النقل من العمل ، وبالتالي يكون قرار المستأنف بنقل المستأنف ضده من عمله بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى إلى مكتب الشركة بالقاهرة اختلاقاً لجزاء تاديبى جديد لم ينص عليه القانون أو اللوائح الداخلية للشركة ، وهو ما يتعين معه رفض الدفع بالخطأ في تطبيق القانون لعدم انطباق قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 .
ثانيا : أن قرار نقل المدعى من وظيفة فني ثالث ج بقسم الجراج إلى مكتب الشركة بالقاهرة قد جاء دون انتقاص من أجره أو من باقي حقوقه المادية .
والواقع أن ما يزعمه المستأنف بالنسبة لعدم الانتقاص من حقوق المستأنف ضده لا يمت للحقيقة بصلة ، وهذا ليس مجرد كلام مرسل ، بل أن المستأنف ضده قدم أمام محكمة أول درجة المستندات التي تؤكد الانتقاص من أجره بعد نقله من المحلة للقاهرة ، فضلا عن شهادة الشهود بان قرار نقل المستأنف ضده ، لم يكن يستهدف صالح العمل ، لأنه لا يوجد جراج في مكتب القاهرة ، واكدوا في شهادتهم على أن الغاية الأساسية والوحيدة من قرار نقل المستأنف ضده هي التنكيل به ، وتشريده بعيداً عن أهله ، وذلك في إطار حملة التأديب التي تشنها إدارة الشركة ضد عدد لا بأس به من العمال ، فقد قدم المستأنف ضده لمحكمة أول درجة قسيمة أجره عن شهر نوفمبر 2008 وهو الشهر السابق لصدور قرار النقل والثابت بها انه كان يتقاضى قبل النقل اجراً شاملاً قدره 609.500 جنيه ، كما قدم قسيمة أجره عن شهر يناير 2009 وهو الشهر التالي لصدور قرار نقله ، والثابت بها أن أجره قد انتقص إلى 239.500 جنيه ، وهو ما يدل على أن قرار النقل لم يصدر بالحفاظ على حقوق المدعى ولا بذات أجره الذي كان يتقاضاه قبل النقل ، بل أن أجره قد انتقص بمقدار 370.05 جنيه ، وهو ما يؤكد على أن قرار النقل قد ترتب عليه انتهاك حقوق المستأنف ضده ، بالمخالفة للقانون ولأحكام القضاء التي استقرت على أن نقل العامل يجب ألا يقترن على انتقاص من حقوقه أو تغييراً جوهرياً في طبيعة عمله ، وهو ما يتعين معه تأييد حكم محكمة أول درجة بإلغاء قرار نقل المستأنف ضده .
خامسا : أحقية المستأنف ضده في القضاء له بالتعويض بناء على الضرر الذي لحق به بسبب خطأ المستأنف .
تنص المادة 163 من القانون المدني على انه " كل خطا سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض "
وقد استقرت محكمة النقض على تعريف دعوى التعويض بأنها
" هي الوسيلة القضائية التي يستطيع المضرور عن طريقها الحصول من المسئول عن تعويض الضرر الذي أصابه إذا لم يسلم به قانونا ، وانه يجب أن يثبت انه صاحب الحق الذي وقع الضرر ماسا به والا كانت دعواه غير مقبولة " " الطعن رقم 265 لسنة 59 ق جلسة 28/12/1993 "
المستأنف ضده من العمال المشهود لهم بالكفاءة والخبرة وحسن السير والسلوك في شركة مصر للغزل والنسيج ، وقد أفنى زهرة شبابه فيها فهو يعمل في هذه الشركة منذ سنين ولطول خبرته وحسن سمعته يثق فيه زملاءه العمال في تمثيله إياهم في التفاوض مع إدارة الشركة على مطالبهم وهذا هو السبب الرئيسي في اضطهاد المستأنف له ، وقد تضرر المستأنف ضده اشد الضرر من قرار نقله ويقاسى عذابات لا يحتملها بشر في رحلة المعاناة اليومية من المحلة إلى القاهرة حيث تم نقله ، والسبب في ذلك هو خطا المستأنف بإصداره لهذا القرار المتعسف والظالم ، والذي لم يراعى ابسط قواعد العدالة ، والأضرار التي تعرض لها المستأنف ضده ليست فقط أضرارا مادية بل هي أيضا أضرارا معنوية ، ولما كان لازما للقضاء بأحقية المدعى في التعويض ثبوت الخطأ في حق المستأنف وثبوت الضرر الواقع على المستأنف ضده وعلاقة السببية بين هذا الخطأ وذلك الضرر ، فسوف نورد تفاصيل ذلك على النحو الاتى ....
1- الخطأ :-
"الخطأ في المسئولية التقصيرية هو إخلال بالتزام قانوني – والالتزام القانوني الذي يعتبر الإخلال به خطا في المسئولية التقصيرية هو دائما التزام ببذل عناية وهو أن يصطنع الشخص في سلوكه اليقظة والتبصر حتى لا يضر بالغير فإذا انحرف عن هذا السلوك الواجب وكان من القدرة على التمييز بحيث يدرك انه انحرف ، كان هذا الانحراف خطا يستوجب مسئوليته التقصيرية "" الأستاذ الدكتور عبد الرازق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني – الجزء الأول ص 656 طبعة 2006 "
يتوافر عنصر الخطأ في حق المستأنف الذي أصدر قرارا تعسفيا بنقل المستأنف ضده من عمله الاصلى كفني ثالث بقسم الجراج بشركة مصر للغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى إلى العمل بمكتب الشركة بالقاهرة التي لا يوجد بها جراج و دون وجود ضرورة لذلك ودون سند من القانون ، وإنما بهدف إبعاد المستأنف ضده عن مقر الشركة بمدينة المحلة الكبرى، وإمعانا في مسلسل اضطهاده وتأديبه الذي لا ينتهي بسبب مطالبته لإدارة الشركة بحقوقه وحقوق زملاءه الضائعة ، ويتخذ الخطأ هنا صورة مخالفة القانون ، وفى هذا الصدد لم يلتزم المستأنف بالطريق الذي رسمه القانون لنقل العامل من وظيفة إلى أخرى بل خالف الضوابط والقيود والضمانات التي رسمها القانون على النحو الاتى .......
1- عدم توافر حالة الضرورة أو وقوع حادث أو إصلاح ما نشا عنه فضلا عن عدم توافر حالة القوة القاهرة كشروط لازمة لمشروعية قرار نقل المدعى وتكليفه بعمل غير متفق عليه .
2- قرار نقل المستأنف ضده ليس مؤقتا .
3- لا يوجد عمل للمستأنف ضده في مكتب الشركة بالقاهرة .
4- قرار نقل المستأنف ضده فيه انتهاك ومساس بحقوقه .
5- الانتقاص من اجر المستأنف ضده بمقدار 370 جنيها بعد نقله من قسم الجراج بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى إلى مكتب الشركة بالقاهرة المتخصص في تسويق منتجات الشركة.
6- انتقاص وإلغاء البدلات والحوافز بعد نقل المدعى من المحلة الكبرى إلى القاهرة يراجع قسائم الأجر قبل وبعد النقل المقدمة لمحكمة أول درجة .
7- قرار المستأنف بنقل المستأنف ضده من عمله الاصلى بمقر الشركة بمدينة المحلة الكبرى إلى مكتب الشركة بالقاهرة قرار تعسفيا مقصود به تشريد المستأنف ضده وأسرته .
9- قرار النقل لا يهدف إلى صالح العمل ولم يثبت المستأنف ذلك .
وهناك عدد من التطبيقات القضائية لما يعتبر اختلافا جوهريا في العمل يصيب قرار النقل بالتعسف ومخالفة القانون .
1- حالة تكيف رئيس العمال بالعمل كعامل حتى ولو لم ينقص أجره إذ شتان بين من يعمل بيده ويبذل مجهودا ماديا طوال اليوم بعد أن تقدمت به السنون وبين رئيس مهمته الإشراف والإعداد والتوجيه .
2- حالة تكليف شخص بالقيام بوظيفة كتابية هي مجرد قيد البريد في السجلات المحددة لذلك بعد أن كان محاسبا بالشركة يعد تغييرا جوهريا في العمل المتفق عليه،ولا يصح معاقبة الشخص عند رفضه الخضوع للأمر الصادر إليه بأداء ذلك العمل
3- حالة إذا كان لدى الشركة طائفة خاصة من العمال متفرغين مختصين بنظافة الأرض والطرقات
والممرات أو تنظيف أماكن العمل ، فليس لها أن تلزم عمال الماكينات ، وهم فنيون ، بالقيام بتنظيف أرضية المحطة التي يعملون بها بحجة أن ذلك يدخل في اختصاصهم حفظا للماكينات وصيانتها إذ لاشك أن هناك فارقا بين نظافة الماكينات وصيانتها وبين غسيل الأرضية التي تقوم عليها لان هذا يتنافى مع طبيعة عملهم ولا يجوز توقيع العقوبة عليهم في حالة امتناعهم عن غسيل أرضية المحطة التي يعملون بها .
2- الضرر
أولاً : الأضرار المادية :-
1- تحمل المستأنف ضده عناء السفر يوميا من مدينة المحلة الكبرى حيث محل إقامته هو وأسرته إلى مدينة القاهرة بما يتضمنه ذلك من إنهاك جسدي له .
2- تحمل المستأنف ضده تكاليف السفر يوميا من المحلة الكبرى إلى القاهرة ذهابا وإيابا دون توفير بدل انتقال أو بدل سكن له من قبل المستأنف .
4- تخفيض الأجر الشامل للمستأنف ضده بعد نقله إلى مكتب الشركة بالقاهرة بمقدار 370 جنيها قارن بين قسيمة صرف الأجر قبل النقل وقسيمة صرف الأجر المقدمة من المستأنف ضده لمحكمة أول درجة .
14- اثر هذا الانهيار في الأجر الشامل الذي كان يتقاضاه المستأنف ضده قبل نقله ، والذي حدث بسبب قرار النقل الصادر من المستأنف على مستوى معيشة المستأنف ضده وأسرته المكونة من زوجة وثلاثة أطفال وعلى قدرته على تلبية احتياجاتهم .
13- ما تكبده المستأنف ضده من أتعاب محامين .
14 – إصابة المستأنف ضده بنوبات إغماء متكررة بسبب الإجهاد البدنى والنفسي الذي يتعرض له بسبب سفره يوميا من المحلة إلى القاهرة ، مما تسبب في سقوطه على الأرض في إحدى المرات أثناء ذهابه إلى العمل ، وهو ما نتج عنه كسر خطير بذراعه الأيمن ، لا يزال يعانى منه حتى الآن .
ويقدر المدعى جميع هذه الأضرار المادية بمبلغ 50000 جنيه ( خمسون ألف جنيه ) كتعويض له عن تلك الأضرار .
ثانياً: بالنسبة للأضرار الأدبية .
1- ما تعرض له المستأنف ضده من شعور بالعجز وقلة الحيلة بسبب عدم قدرته على رعاية أسرته بسبب سفره يوميا من المحلة إلى القاهرة .
2- إظهار المستأنف ضده بمظهر الضعيف غير القادر على حماية حقوقه وسط زملاؤه العاملين بالشركة .
3- ما أصاب المستأنف ضده من إحباط وأذى في شعوره وعاطفته جراء ما وقع من تعسف المستأنف .
4- شعور المستأنف ضده بالحزن والآلام النفسية الرهيبة بسبب عدم قدرته على سد احتياجات أسرته بعد تخفيض أجره الشامل بمقدار كبير بعد نقله من المحلة إلى القاهرة ، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الرئيسية .
والمستأنف ضده يقدر هذه الأضرار الأدبية بمبلغ وقدره 50000 جنيه ( خمسون ألف جنيه ) كتعويض له عما أصابه منها .
والتعويض المالي وان كان لا يمح الضرر الادبى ، ولكنه مجرد عزاء قد يجد فيه المضرور تخفيفا لآلامه النفسية
وتنص المادة 170 من القانون المدني على أن " يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 و 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة، فإن لم يتيسر له وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعييناً نهائياً، فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير .
والمقصود بالظروف الملابسة هي ظروف المضرور وليس ظروف المسئول عن الضرر ، لان التعويض يقدر على أساس ذاتي وليس أساس موضوعي ، ويكون محلا للاعتبار حالة المضرور العائلية ، فالمضرور المتزوج ويعول أطفالا ضرره اشد من المضرور الأعزب ، وهكذا كل الظروف والملابسات المحيطة بالمضرور تدخل في حساب القاضي عند تقديره للتعويض .
بنـــــــــــاء عليـــــــــه
يلتمس المستأنف ضده الحكم برفض الاستئناف الاصلى وتأييد حكم محكمة أول درجة
دفاع المستأنف ضده
احمد عزت
المحامى