محكمة جنايات الجيزة
الدائرة (9)
مذكرة
بدفاع
ياسر محمود عبد الباسط مـتــــهــم
ضــــد
1- محمد مصطفى بكرى مدعى بالحق المدنى
2- النيابة العامة بصفتها سلطة اتهام
بالجنحة رقم45435لسنة2009جنايات الجيزة والمحدد لنظرها جلسة الاثنين 7/12/2009
الوقائع
أ قام المدعي بالحق المدني دعواه عن طريق الادعاء المباشر بموجب عريضة دعوي موضحا بها قيام المتهم بنشر مقالات تحمل بين طياتها ألفاظا اعتبرها المدعي بالحق المدني تحمل سباً وقذفاً في حقه وطلب في ختام عريضة دعواه الحكم علي المدعي عليه بالعقوبات المقررة بموجب نصوص قانون العقوبات أرقام 102م ، 171، 185، 302، 306، 307، مع ألزام المدعي عليه بأن يؤدي اليه مبلغ مليون جنيه تعويضاً كاملا عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته .
نختصر في سرد الوقائع بما تقدم و نحيلها ألي ما ورد بصحيفة الدعوي مراعاة لثمين وقت عدالة المحكمة ، و نبدأ بإبداء الدفوع
مرافعة
أولا: عدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون لمخالفة نص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية
بالاطلاع على عريضة الادعاء المباشر التي أقامها المدعى بالحق المدني يستبين لعدالة المحكمة أن الدعوى تم تحريكها بموجب وكاله عامة وليست وكاله خاصة بالمخالفة لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية .
و من المستقر عليه أنه يتعين وقبل النظر في موضوع الدعوى أن تستوفى محكمة الموضوع مسألة الشكل وهى أن تخضع لقواعد القانون ولذلك فان الخطأ في هذه القواعد يعد خطأ في القانون لتعلق الدفع بعدم القبول بالنظام العام.
وقد ذهبت محكمة النقض :
( إذا كان الإجراء الباطل شرطا لصحة نشأة الخصومة الجنائية فإنه يترتب عليه عدم قبول الدعوى الجنائية. كما إذا شاب البطلان إجراء الشكوى أو التكليف بالحضور أو أمر الإحالة فهذا البطلان يترتب عليه عدم توافر شروط قبول الدعوى الجنائية . مما يجرد المحكمة من سلطتها في الفصل في موضوع الدعوى . فإذا هي فصلت في الموضوع بغير النظر في الشكل ولم تقضى بعدم قبول الدعوى الجنائية كان حكمها مشوبا بالبطلان ).
(نقض 15 أبريل سنة 1968 – مجموعة الأحكام س19 رقم 87 ص451)
وذلك لكون الأصل أنه متى كانت الدعوى المباشرة قد أقيمت عن جريمة تتطلب شكوى لرفع الدعوى الجنائية تعين لقبول الدعوى الجنائية أن يكون رفعها مقرونا أو مسبوقا بتقديم شكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص فأن كان قد سبق لأي منهما تقديم الشكوى في الميعاد جاز للمحامى بمقتضى توكيل عام أن يقيم الدعوى الجنائية عن ذات الجريمة بطريق الادعاء المباشر .
أما إذا لم يكن قد سبق هذا الادعاء تقديم مثل هذه الشكوى واعتبرت صحيفة الادعاء المباشر بمثابة شكوى كما جرى عليه قضاء محكمة النقض
حينئذ يتعين أن تتوافر الشروط المتطلبة في الشكوى بأن تكون صادره من المجني عليه نفسه أو من وكيل عنه بموجب وكالة خاصة في تقديم الشكوى وأن تعلن للمتهم تكليفا بالحضور في ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليها في القانون .
وذلك لأن صحيفة الادعاء المباشر تجمع في تلك الحالة بين عملين من الأعمال الإجرائية أولهما : إقامة الادعاء بالطريق المباشر ويكفي فيها التوكيل العام وثانيها : تقديم شكوى لازمة لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بها ويجب فيه أن يصدر من المجني عليه نفسه أو من وكيلة بتوكيل خاص طبقا لما استلزمته المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الوجوب .
( نقض جنائي 20/4/1989 س 40 ق 85 ص 531 )
( نقض جنائي 5/6/1986 س 37 ق 124 ص 652 )
ومفاد ذلك أنه لما كانت صحيفة الجنحة المباشرة تعد بمثابة الشكوى وبالتالي يجب أن تتوافر فيها كافة الشروط المتطلبة في الشكوى ومنها أن يتم تحريكها بموجب وكاله خاصة لاحقه على الفعل وسابقة على تحريكها وإلا تكون الدعوى غير مقبولة.
وقد استقر الفقه أيضا على إن ضرورة وجود توكيل خاص لاحق على الفعل وسابق على تحريك الشكوى هو شرط أساسي لقبولها ومن ذلك :
(الشكوى التي تتطلبها المادة 3 إجراءات يجب أن تصدر من المجني عليه إما بنفسه أو إما بواسطة وكيل عنه على أن يكون التوكيل خاصاً ، وصريحاً وصادراً عن واقعة معينة سابقة على صدوره أي ينبغي أن يكون التوكيل لاحقاً للواقعة المشكو عنها أيا كان نوعه ، وهذا شرط من النظام العام لأن شروط تحريك الدعوى الجنائية كلها من النظام العام).
(الدكتور رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية طبعة 1983 ص 72).
(يشترط في التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً – المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية- أي أن تحدد فيه الواقعة التي تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى ، ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة ويترتب على ذلك أنه لا محل في الشكوى لتوكيل عام ، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب في المستقبل ذلك أن الحق في الشكوى يفترض تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملائمة الشكوى)
(الدكتور محمود نجيب حسنى – شرح قانون الإجراءات الجنائية طبعة 1988 ص 124).
(الحق في الشكوى هو حق شخصي يتعلق بالمجني عليه، وقد رتب القانون على ذلك نتيجتين، الأولى: أن هذا الحق ينقضي بموت المجني عليه.. والأمر الثاني المترتب على اعتبار الشكوى حق شخصي متعلق بشخص المجني عليه دون غيره ، أنه يجب أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص (م3 إجراءات) ومفاد هذا أن التوكيل العام لا يجدي في التقدم بالشكوى ، فيلزم أن يكون التوكيل خاصاً فقط بالتقدم بالشكوى لكي تقبل تلك الأخيرة من الوكيل).
(الدكتور مأمون سلامة – قانون الإجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض طعن 19 ص 76).
(الشكوى حق للمجني عليه وحده، وله أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص بشأن الجريمة موضوع الشكوى فلا يكفى لذلك مجرد الوكالة العامة).
(الدكتور أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية – طبعة 1980 ص 647).
- ومن ذلك يتضح أن أحكام القضاء قد اتفقت مع الفقه في ضرورة تطلب إرادة خاصة في تحريك الشكوى نظراً لخصوصية هذه الجرائم. وبالتالي يجب أن يتوافر في الإجراء الخاص بتحريك الدعوى الجنائية ما يفيد وجود هذه الإرادة وبالتالي يجب في الشكوى سواء تم التقدم بها للنيابة العامة أو عن طريق الادعاء المباشر أن تكون إما بشخص المجني عليه أو عن طريق وكيله الخاص ولا تكفي فيها الوكالة العامة.
وبالتالي فان ما يثار بأن هذا القيد هو على النيابة العامة فقط وأنه يحق للوكيل العام إقامة الدعوى مباشرة في جرائم الشكوى فانه يكون مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ إجراءات التحقيق إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو وكيل الخاص (وهى صاحبة الاختصاص الأصيل) فإن هذا المنع أيضا يسرى على الدعوى المباشرة (الاستثناء على الأصل).
- وذلك لكون النيابة العامة هي صاحبة الحق الأصيل في إقامة الدعوى الجنائية وأن الادعاء المباشر هو استثناء على هذا الحق الأصيل وبالتالي يجب عند تطبيقه أن يكون في أضيق نطاق ولا يتم التوسع فيه على حساب الأصل.
- وبذلك إذ جاء نص وقيد الحق الأصيل للنيابة في تحريك الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد على الاستثناء وهو الادعاء المباشر.
ولا يجوز لمحكمة الموضوع نظر الدعوى والفصل فيها على الرغم من عدم وجود وكالة خاصة من المدعى بالحق المدني لتحريك الشكوى وإلا تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه
وتكون المدفوع جوهرية إذا كان من شأنها أن تؤثر بنتيجة على الحكم الصادر في الدعوى بأن يترتب علي قبولها تغيير موقف المتهم في الدعوى أو من شأن قبولها تغيير وجه الحكم فيها وبالتالي فإن المحكمة تكون ملزمه بالرد على كافة المدفوع المبداه أمامها ومنها الدفع بعدم قبول الدعوى :
ثانيا : الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى
جاءت المادة 215 قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على انه :
" تحكم المحكمة الجزئية فى كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة ، عدا الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد .
وبينما جاء نص المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على انه :
" تحكم محكمة الجنايات فى كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفى الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس وغيرها من الجرائم الأخرى التى ينص القانون على اختصاصها بها ."
نطاق الخروج على القواعد العامة فى الاختصاص الجنائي ، ولا سيما الاختصاص النوعي بالنسبة للجرائم الصحفية يقتصر فقط على الجنح الصحفية التى تقع على غير الأفراد والمقصود بها الجنح المضرة بالمصلحة العامة ، وتكون من اختصاص محكمة الجنايات .
وضابط اختصاص محكمة الجنايات بالجنح التى تقع بواسطة الصحافة وغيرها عن طريق النشر هو " طبيعة الحق المعتدى عليه " فإذا كانت الجنحة الصحفية مضرة بالمصلحة العامة تكون محكمة الجنايات هى المختصة بالفصل فى الدعوى الناشئة عنها كقذف وسب موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة
وقد جاء بعريضة الادعاء المباشر ذكر أن الطالب ( المدعى بالحق المدنى ) عضو بمجلس الشعب عن الدائرة 25 دائرة حلوان ومايو و التبين ) بالإضافة إلى انه رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الأسبوع ...وأضاف انه من كبار الكتاب والمحللين السياسيين
محاولا أن يؤكد لعدالة المحكمة أن النشر كان بسبب أداء وظيفته العامة كعضو فى مجلس الشعب ، والموضوع المنشور بالجريدة موضوع الاتهام أمر يتعلق بشخصه لا بوصفه عضو مجلس الشعب ، أي باعتباره من آحاد الناس
وكان المدعى بالحق المدنى حريصا على الاستناد إلى نص المادة 303 من قانون العقوبات التى تعاقب على وقوع القذف فى حق الموظف العام أو من فى حكمه .
بينما كل ما جاء بالمقال بل وبعريضة الادعاء المباشر أمر يتعلق بشخص المدعى بالحق المدنى لا بصفته
الأمر الذي يتمسك معه دفاع المتهم بالتمسك بالدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لعدم الاختصاص الولائي و أحالتها إلى النيابة العامة لإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة
ثالثا: عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
سيدي الرئيس
00يبين واضحا وجليا انه قد سبق وقد فصل فى هذه الوقائع من قبل بالحكم الرقيم2453لسنة2008جنح السيدة زينب والمحكوم فيها بجلسة 24/6/2009 حبس 6 شهور وغرامة 2000 والتي تم التنازل فيها
عنها أمام النائب العام وتم التنازل بشخص المدعى بالحق المدنى وبذلك تم انقضاء الدعوى بالتنازل وحيث أن هذه الدعوى هى من نفس نوع الدعوى الأخرى او تم تقسيم الفعل على دعاوى مختلفة فان التنازل فى واحدة يكون تنازل عن الدعاوى الاخري المرتبطة بعضها بعض وكذلك الجنح أرقام. 10051 لسنة 2008 والمحكوم فيها بجلسة 10/2/2009 إمام الدائرة 14 جنايات الجيزة بتغريم المتهم 40 ألف جنية
وكذلك الجنحة رقم 14132 لسنة 20008 العمرانية والمحكوم فيها بجلسة 8/6/2009
وكذلك الجنحة رقم 4085 لسنة 2008 السيدة زينب والتي قضى فيها بعدم الاختصاص والحالة
لذلك نجدان محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين غير جائز أساس ذلك . انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم و الوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة . المادة 454 إجراءات لان. صدور حكم فى موضوع الدعوى يمنع من إعادة نظرها إلا بالطعن عليه بالطرق المقررة قانوناً
وقد قضت محكمة النقض فى ذلك إلى:
تنقضي الدعوى الجنائية وفقاً لما تقضى به الفقرة الأولى من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية بصدور حكم نهائي واحد بالإدانة أو بالبراءة فى إصدار اى شيك منها وكانت الفقرة الثانية من المادة المذكورة قد نصت على أنه - إذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى الحكم بالطرق المقررة فى القانون .- وكان ما ساقه الحكم للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ، لا يكفى لحمل قضائه برفضه إذ كان يتعين عليه أن يثبت إطلاعه على الجنحة المدفوع بها واستئنافها وأشخاص ومحل وسبب كل منها ومدى نهائية الحكم فيها ، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون فيما أورده رداً على الدفع قد بين العناصر الكافية والمؤدية إلى قبوله أو عدم قبوله بما يعجز محكمة النقض عن التقرير برأي فى شأن ما أثاره الطاعن من خطأ الحكم فى تطبيق القانون بما يعيبه أيضاً بالقصور .
)الطعن رقم 47524 لسنة 59 القضائية جلسة 1998/4/18 س 49 ص 589)
وقد قضت محكمة النقض أيضا:
من المقرر أن مناط حجية الأحكام هى وحدة الخصوم و الموضوع و السبب و يجب للقول بإتحاد السبب أن تكون الواقعة التى يحاكم المتهم عنها هى بعينها الواقعة التى كانت محلاً لحكم السابق ، ولا يكفى للقول بوحدة السبب فى الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها فى الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة أرتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة تتحقق بها المغايرة التى يمتنع معها القول بوحدة السبب فى كل منهما ، أما الجريمة متلاحقة الأفعال التى تعتبر وحدة فى باب المسئولية الجنائية فهي التى تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني من بادئ الأمر ـ على أن يجزئ نشاطه على أزمنة مختلفة و بصورة منتظمة ـ بحيث يكون كل نشاط يقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابهاً أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه ، وأن يكون بين الأزمنة التى ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى تتناسب حملها على أنها جميعاً تكون جريمة واحدة .
( الطعن رقم 27251 لسنة 59 ق جلسة 1997/4/9 س 48 ص 442 )
00وقد قضت محكمة النقض فى ذلك إلى:
من المقرر أن إتحاد السبب فى الدعويين ـ حال الدفع بالحجية ـ مقتضاه أن تكون الواقعة التى يحاكم المتهم عنها هى بعينها الواقعة التى كانت محلاً للحكم السابق ، وكان لا يصح القول بوحدة الغرض فيما يتعلق بالأفعال عند تكرارها إلا إذا أتحد الحق المعتدى عليه فإذا اختلفا وكان الاعتداء عليه قد وقع بناء على نشاط إجرامي خاص فإن لسبب لا يكون واحداً على الرغم من وحدة الغرض .
( الطعن رقم 28074 لسنة 59 ق جلسة 1994/12/29 س 45 ص 1258 )
رابعا:انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل لارتباط الجناية الماثلة مع اخر ووحدتها معهم فى الأشخاص والموضوع والسبب .
00سيدى الرئيس
لقد تعلمنا من عدلكم اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها اشد هى التى يحكم بعقوبتها دون غيرها بل أكثر من ذلك فقد نص القانون على ذلك .
فالواقعة التى أمامنا ما هى ألا حلقة بسيطة قطعها المدعى بالحق المدنى وصاغها على أنها واقعة واحدة بذاتها وأخذا يرص الاتهامات ويكيلها على أنها واقعة مستوجبة العقوبة بل انه قطع الفعل الاجرامى الواحد (اذا افترضنا مجازا انه فعل اجرامى مع انه نقد مباح ودفع بالحقيقة كما سياتى لاحقا ) إلى أكثر من عشرة قضايا عسى أن يظفر باى منها وضرب بالقانون عرض الحائط وهو يعرف انه نشاط واحد اتحدا فيه الأشخاص والخصوم والسبب وكان قصده وغرضه واحد .
ولا يسعنا أمام عدلكم ألا توضيح الأمور والقضايا حتى تلم الهيئة الموقرة بسيل الدعاوى التى أمطرنا بها المدعى بالحق المدنى .
00فقد أكدت محكمة النقض على أن مناط حجية الأحكام هى وحدة الخصوم و الموضوع و السبب و يجب للقول بإتحاد السبب أن تكون الواقعة التى يحاكم المتهم عنها هى بعينها الواقعة التى كانت محلاً لحكم السابق و القول بوحدة الغرض عند تكرار الأفعال . شرطه إتحاد الحق المعتدى عليه .
اذا نحنو أمام نشاط ( اجرامى) واحد وهو الحملة الصحفية التى قام بها المتهم على مدار عدة أعداد من الجريدة للتوضيح للراى العام مواقف المدعى بالحق المدنى المتضاربة أمام القراء ولا أكثر دليل على صدق كلمنا ما نشره المدعى بالحق المدنى فى جريدته فى مقال التنازل الشهير (أن حملة هذه الصحيفة التى استمرت قرابة عامين) اذن هو يعترف أن هناك حملة صحفية ,ويجوز فى بعض الأحيان أن يكون هذا المشروع الواحد على فترات متباعدة متناسقة وقد عرف ذلك الدكتور رمسيس بهنام عندما قال:
00مادام القرار الارادى الاجرامى يقوم على موضوع وغرض ومجني عليه ومادمت وحدة القرار الارادى هى التى تجعل من الحركات العضلية المتعددة جريمة واحدة فان هذه الحركات اذن تنشئ جريمة واحدة حين تكون ذات الموضوع وتحقق ذات الغرض وتصيب ذات المجني عليه .وتكوينها لذات الموضوع معناه تتابعها زمنا على نحو يجعل منها تنفيذا لذات اللمحة الفكرية او الذهنية.
(النظرية العامة للقانون الجنائي الدكتور رمسيس بهنام الطبعة الثالثة 1997صـــــــ665،666)
00اذا نحن أمام لمحة ذهنية لتنفذها يجب أن تنفذ على أوقات متفرقة نظرا لظروف إصدار الجريدة ومواعيدها فلا يجوز هنا أن يعاقب المتهم عن فعل واحد مرتان لان هذا تتأذة منها العدالة فهنا الخصوم والمحل والسبب واحد فى كل القضايا المطروحة أمام المحاكم ولا يسعنا ألا ذكر حكم النقض الذي يوضح ما قيل سابقا:
من المقرر أن مناط حجية الأحكام هى وحدة الخصوم و الموضوع و السبب و يجب للقول بإتحاد السبب أن تكون الواقعة التى يحاكم المتهم عنها هى بعينها الواقعة التى كانت محلاً لحكم السابق ، ولا يكفى للقول بوحدة السبب فى الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها فى الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة أرتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة تتحقق بها المغايرة التى يمتنع معها القول بوحدة السبب فى كل منهما ، أما الجريمة متلاحقة الأفعال التى تعتبر وحدة فى باب المسئولية الجنائية فهي التى تقع ثمرة لتصميم واحد يرد على ذهن الجاني من بادئ الأمر ـ على أن يجزئ نشاطه على أزمنة مختلفة و بصورة منتظمة ـ بحيث يكون كل نشاط يقبل به الجاني على فعل من تلك الأفعال متشابهاً أو كالمتشابه مع ما سبقه من جهة ظروفه ، وأن يكون بين الأزمنة التى ترتكب فيها هذه الأفعال نوع من التقارب حتى تتناسب حملها على أنها جميعاً تكون جريمة واحدة .
( الطعن رقم 27251 لسنة 59 ق جلسة 1997/4/9 س 48 ص 442 )
وقضت أيضا :
من المقرر أنه متى توافرت حالة عدم القابلية للتجزئة بين الجرائم المسندة إلى المتهم لوحدة المشروع الجنائي بالإضافة إلى وحدة الغاية حقت عليه عقوبة واحدة بحكم القانون و هى عقوبة أشد الجرائم المنسوبة إليه إعمالاً للمادة 32 من قانون العقوبات .
( الطعن رقم 330 لسنة 36 ق جلسة 1966/5/2 )
00والمشرع الفرنسي ذهب إلى هذا القول عندما عرف المشروع الاجرامى الواحد :
ولا يلزم لاعتبار الجرائم المرتكبة داخلة فى مشروع جنائي واحد أن يكون قد تحدد عددها فى ذهن فاعلها سلفا. وقت أن انعقدت نيته على ذلك المشروع.
فمن الممكن عملا أن تنصرف النية إلى ارتكاب جرائم من نوع معين على نحو متصل زمنا وكلما سنحت فرصة ارتكبها وبصرف النظر عن عددها بالضبط دون أن ينفى ذلك كونها مشمولة بمشروع جنائي واحد وبغير أن يقدح فى وحدة المشرع الشامل لها كون عددها لم يتحدد مقدما على وجه الضبط والدقة.
ورغم أن الجرائم تتعدد فى تلك الحالة وتتلاحق ،يرى القانون مساءلة فاعلها كما لو كانت الجريمة واحدة ولو بتوقيع الحد الأقصى لعقوبتها متى توافرت وحدة الغاية ووحدة المشروع الجنائي ومعنى ذلك أن تعدد تلك الجرائم وتلاحقها يصبح أمرا على الدولة أن تلوم نفسها من اجله لإهمال منها فى تفاديه.
وبالإضافة إلى الراى المتقدم ويذهب إلى تفسير وحدة العقوبة بتفادي الصرامة الزائدة التى تنتج من تعددها هناك من يبرر وحدة العقوبة رغم تعدد الجريمة باعتبار اخر له وزنه لا فى تعدد الجرائم المرتبطة بوحدة الغاية فحسب وإنما فى التعدد الصوري كذلك بل وفى الجريمة المستمرة وهذا الاعتبار هو أن فكرة الجبرية الجزئية فى السلوك الانسانى يلتمس بسببها العذر للجاني الذي تعددت جرائمه فلا يعاقب بعقوبة كل من هذه الجرائم وإنما يكتفي معه بعقوبة الجريمة الأشد عقابا من بينها ولا يبقى ثمة محل لعذر الجاني على هذا الوجه والاكتفاء معه بعقوبة واحدة،حيث لا يجمع بين جرائمه المتعددة اى رباط من وحدة الغاية وعدم قابلية مخططها للتجزئة.
Baumgarten"Die ldealkonkurrenz" in festgabe fur frauk B.ll.Tubingen.
1930-b.204.205
(النظرية العامة للقانون الجنائي الدكتور رمسيس بهنام الطبعة الثالثة 1997هامش ص1186,1187)
اذا سيدي الرئيس
نحن أمام حالة من حالات الارتباط طبقا لنص المادة 32/2من قانون العقوبات والتى نصت على:
اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها اشد والحكم بعقوبتها دون غيرها
وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم.
وقد قضت محكمة النقض:
الأصل أن لمحكمة الموضوع الفصل - فى حدود سلطتها التقديرية - فيما إذا كانت الأفعال المسندة إلى المتهم واحد تكون مجموعاً من الجرائم المرتبطة يبعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة فى حكم المادة 32 /2عقوبات ، أم أنه لا ارتباط من هذا النوع . إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم ترشح لقيام الارتباط المنصوص عنه فى تلك المادة فقد كان على المحكمة و قد فصلت بين الواقعتين المعروضتين عليها بقضائها بعدم اختصاصها بنظر أحدهما و بالعقوبة فى الثانية أن تعرض لهذا الارتباط و أن تبدى رأياً فيما إذا كانت الجريمتان - اللتان لم يكن قد حكم فى أيهما بعد - قد إنتظمها فكر جنائي واحد و حصلتا فى ثورة نفسية واحدة بما لا يجوز معه أن عنهما إلا عقوبة واحدة هى المقررة للجريمة الأشد أم أن هذا الارتباط غير قائم . و لما كان الحكم قد أغفل ذلك فإنه يكون مشوباً بالقصور مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة .
( الطعن رقم 1779 لسنة 31 ق جلسة 1962/4/17 )
00وبتطبق هذا على دعوانا نجد أن المدعى بالحق المدنى قد تنازل فى قضية سابقة وهى القضية رقم 2453لسنة2008جنح السيدة زينب وصدر حكم اخر بالدعوى رقم 1934لسنة 2008جنح السيدة زينب بجلسة 14/4/2008وبتعليقنا على مدى الارتباط ما بين الدعاوى بعضها مع بعض وتنازله على صفحات الجرائد بمقاله المعروف كلمة أخيرة فى "ملف كريه"بالعدد رقم (640)
(لماذا تنازلنا؟) وجاء فى سرد المقال ..........فانه قرر أن يسمو بموقفه على كل الشتائم وجرائم السب والقذف التى ارتكبها(بركات) على مدى ما يقرب من العامين دون أن تحرك النقابة ساكنا ,........
نجد أننا أمام ارتباط واضح مابين القضايا بعضها بعض نتيجة أنها ناتجة عن فكرة واحدة تم تنفيذها على عدة مراحل لذلك لا يجوز أن يحاكم الشخص عن الفعل مرتان ما بالك سيدي الرئيس وهذا الفعل قد تم تقسيمه إلى أكثر من عشرة قضايا ولا نجد أمام عدلكم ألا توضيح هذا الأمر وما به من تجنى واضح على المتهم من المدعى بالحق المدنى لتقسيم الفعل الواحد إلى عدة أفعال.
00وقد ذهب الدكتور احمد فتحي سرور فى تكيف قاضى الموضوع للواقعة التى أمامه إلى:
أوجبت محكمة النقض علي قاضي الموضوع أن يبحث الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها حتى ينزل عليها التكييف القانوني السليم إعمالا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، فهذا المبدأ ليس موجها إلي المشرع وحده، بل موجه أيضا إلي القاضي. فإذا تجاهل تطبيقه بأن أضفي على الواقعة وصفا قانونيا خاطئا انطوى ذلك علي إخلال بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في بعض الأحوال. وفي هذا الصدد حددت محكمة النقض أربع دعائم لسلطة قاضي الموضوع في اعمال التكييف القانون الصحيح:
عدم التقيد بالتكييف القانوني المرفوعة به الدعوي كما ورد في أمر الإحالة الصادر من النيابة أو في ورقة التكليف بالحضور او في طلبات النيابة العامة، وإنما يتعين علي القاضي أن يضفي علي الواقعة المعروضة عليه التكييف القانون السليم( المادة208 إجراءات)
(انظر قضاء مستقرا لمحكمة النقض مقالة نقض16 أكتوبر سنة1967 مجموعة أحكام النقض س18 رقم200 ص21،986 ديسمبر سنة1967 س18 رقم295 ص3،1228 مارس سنة1988 س39 رقم55 ص377)
http://www.ladis.com/
خامسا:انتفاء أركان جريمة السب والقذف في حق المتهم
00سيدى الرئيس يبين جليا وبوضوح من مطالعة سيادتكم على صحيفة الجنحة المباشرة مدى التجني الواضح وضوح الشمس الذي يتعرض اليه المتهم ومدى الظلم الواقع عليه ففي هذا الزمن أصبح مصير اى فرد فى المجتمع يقوم بواجبه القانوني والدستوري فى المجتمع مدان بمجرد أن يقول الحقيقة او يوعى الناس والقراء من تضارب فى المواقف والأقوال فهذه وظيفة الصحفي لذلك سنوضح سيدي الرئيس ذلك ليس بكلام دون دليل ولكن بدليل ومن عريضة دعواهم المباشرة مقارنة بما كتب بالجريدة عسى أن تشهد عليهم عريضتهم بالحق سيدي الرئيس ما كتب فى هذه الصحيفة من افتراءات وخلق تهم من الباطل واخذ جمل من وسط المقال عسى أن يظفره بإدانة بريء وهى كالا تى كما ذكروها فى مقالهم:
"ذهب أليهم ليستغل أوجاعهم فى صفقات بيزنس..المناضل الكبير يبيع الدويقة للأخ العقيد"
"أراد مصطفى بكرى أن يجرجر الموجز للقضاء ونحن نرحب ..على الأقل الناس تتذكر بلاويه"
"أننا نسأل عن الضمير .عن راحة البال .عن رضا الانسان وتصالحه مع ذاته وغيرها من أشياء لسنا متأكدين من توافرها لدى السيد مصطفى بكرى رئيس مجلس أدارة ورئيس تحرير جريدة الأسبوع"
"ظهر المناضل الكبير وكأنه محامى التعويضات الشهير الذي يستغل الأم الناس وأوجاعهم فى مقاسمتهم التعويضات ظهر المناضل الكبير تحت لافتة الوقوف فى مع الغلابة فى الكارثة لكن الحقيقة انه اصطحب معه اكبر رجل اعمال ليؤبى يقيم على ارض مصر بصفة أساسية"
..هذا هو بعض مما كتب فى المقال الذي يتجنى به المدعى بالحق المدنى على المتهم بأنه سبه وقذفه وهو الذي اقتطع من مقال نشر على صفحة كاملة ويدعى انه تم سبه او قذفه فهل يعقل ذلك أن يدعى كل شخص لغرض فى نفسه ويتجنى ويقيد حرية الصحفيين بدعاوى كثيرة عسى أن يرهبهم او يثنيهم عن مهنتهم فلماذا لم يحدد فى صحيفة دعواه ما هى ألفاظ السب او القذف تحديدا دقيقا حتى نستطيع أن نعرف هذه الألفاظ ولان القانون اوجب تحديد الألفاظ ويجب أن تكون الألفاظ شائنة فى حد ذاتها فا أين الألفاظ الشائنة و كما نعرف أن رافع الجنح ينتقى من ألفاظ السب والقذف أبشعها وأغلظها التى كتبت فى المقال ويوردها فى صحيفة دعواه المباشرة حتى يستطيع أن يدين خصمه ويأخذ حكم لصالحه فلا يتصور او يعقل أن ينتقى المدعى بالحق المدنى اخف الألفاظ ويوردها ويذكرها فى صحيفته فأين تلك الألفاظ وكيف أن تلك الألفاظ تمس صفته كنائب فى مجلس الشعب وتمس عمله النيابي أليس ذلك خلط وإلباس الحق ثوب الباطل أليس ذكر بعض جمل خارجة عن سياق الموضوع وأخذها من حوالي 320سطر هو المقال المذكور وحوالي أكثر من إلفين كلمة أليس ذلك تجنى واضح ؟؟
(أ)انتفاء الركن المادي لجريمة القذف:
00لذلك يجب توضيحان أن
القذف هو إسناد فعل للغير موجب لعقابه او احتقاره عند أهل وطنه كما وضحتها نص المادة 302من قانون العقوبات.والقذف الذي يستوجب العقوبة هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية .
00لذلك لم يوضح المدعى بالحق المدنى فى صحيفة دعواه المباشرة الألفاظ الشائنة فى حد ذاتها إلا كلمات من مقال افرغ من مضمونه واخذ منه ألفاظ لا يمكن أن تكون ألفاظ شائنة فى حد ذاتها ولكنها موقف بالأدلة
وقد قضت محكمة النقض فى ذلك:
من المقرر أن المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي فى تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ فى التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحرى مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذا أن تحرى مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين فى القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني ا لذى يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنها هى الجهة التى تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأذى إليه الحكم فى مقدماته المسلمة، ولما كان يبين أن لفظ "اخرس" الذي وجهه الطاعن إلى ا لمطعون ضده فى تحقيق الشرطة لا يعدو أن يكون كفاً له عن غلوائه فى اتهامه هو بما يجرح كرامته ويصمه فى اعتباره، يدل على ذلك معنى اللفظ ومنحاه. والمساق الطبيعي الذي ورد فيه. ومن ثم فإن الحكم إذا اعتبر ما تلفظ به الطاعن سباً يكون قد مسخ دلالة اللفظ، كما أورده فضلاً عن خطئه فى التكييف القانوني.
(الطعن رقم 782 لسنة 39 ق جلسة 6 /10 / 1969 س 20 ق 197 ص 1014)
وقد قضت محكمة النقض أيضا:
من المقرر أنه وإن كان المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي فى تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ فى التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها. كما أن تحرى مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين فى القانون - سباً أو قذفاً - هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التى تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأذى إليه الحكم من مقدماته المسلمة.
(الطعن رقم 228 لسنة 46 ق جلسة 24/ 5/ 1976 س 27 ق 120 ص 542).
(ب) انتفاء الركن المعنوي (عدم توافر القصد الجنائي فى حق المتهم):
00لايتوافر القصد الجنائي قبل المتهم لان القصد الجنائي لا يتحقق ألا اذا كانت الألفاظ الموجهة للمجني عليه شائنة فى حد ذاتها واستقرت أحكام محكمة النقض على ذلك. وقد استقر القضاء على انه فى جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها او عدم وجودها تقد ير مرامي العبارات التى يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها,
00لذلك لا نجد هنا لفظ واحد شائن او قصد منه الاهانه لمجرد الاهانه ولكن كلها كلمات تعبر عن رأى كاتب لا يتعده هدفه ألا الصالح العام
وقد قضت محكمة النقض فى ذلك:
00يتوافر القصد الجنائي فى جريمتي القذف والسب متى كانت العبارات التى وجهها المتهم إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
(الطعن رقم 224لسنة40ق_جلسة 11/5/1970س21ص693)
وقد قضت محكمة النقض فى ذلك:
المراد بالسب فى أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التى تومئ إليه، وهو المعنى الملحوظ فى اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره.
(طعن رقم 782 لسنة 39 ق جلسة 6/ 10/ 1969 س 20 ق 197 ص 1014)
وقد قضت محكمة النقض أيضا:
متى كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم كان فيما نسبه إلى المجني عليه فى الحدود المرسومة فى القانون للنقد الذي لا عقاب عليه فلا يقدح فى صحته إن كانت العبارات التى أستعملها المتهم مرة قاسية .
( الطعن رقم 1728 لسنة 18 ق جلسة 1949/1/4 مجموعة الربع قرن ص 738 )
وإذا افترضنا جدلا والجدل غير الواقع أن هذه الألفاظ قد ذكرت على سبيل اعتقادهما هم انه بخصوص وظيفته النيابية سندفع بالاتي:
أن الشخص المنتقد اذا كان ذو شخصية عامة تتوافر فى انتقاده شروط النقد المباح وهى ثلاث شروط:
1- أن يكون الطعن قد وقع بسلامة نية أي لمجرد خدمة المصلحة العامة مع الاعتقاد بصحة الطعن وقت إذاعته 2- ألا يتعدي اعمال الوظيفة او النيابة او الخدمة العامة
3- أن يقوم الطاعن بإثبات حقيقة كل أمر اسند ألي المطعون فيه .
وقد قضت محكمة النقض فى ذلك:
متى كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم كان فيما نسبه إلى المجني عليه فى الحدود المرسومة فى القانون للنقد الذي لا عقاب عليه فلا يقدح فى صحته إن كانت العبارات التى أستعملها المتهم مرة قاسية .
( الطعن رقم 1728 لسنة 18 ق جلسة 1949/1/4 مجموعة الربع قرن ص 738 )
وقد قضت محكمة النقض أيضا:
من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي فى أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته ، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة سب أو إهانة أو قذف حسب الأحوال وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه التفت عن دفاع الطاعنين من أن العبارات الواردة فى البيان محل الدعوى قد اشتملت على وصف وقائع حدثت من المدعى بالحقوق المدنية وهى بهذه المثابة نقد مباح ، وليس قذفاً وهو دفاع جوهري لم يعن الحكم ببحثه وتمحيصه من هذه الناحية على ضوء ما قدمه الطاعنون من مستندات ، وأغفل أيضاً بيان مضمونها استظهاراً لمدى تأييدها لدفاعهم ، وحتى يتضح وجه استخلاصه أن عبارات البيان محل الاتهام لا تدخل فى نطاق النقد المباح ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى .
( الطعن رقم 18028 لسنة 59 ق جلسة 1993/10/24 س 44 ص 863 )
وقد قضت محكمة النقض أيضا:
استقر قضاء محكمة النقض علي أن كنه حسن النية في جريمة قذف الموظفين هو أن يكون الطعن عليهم صادرا عن حسن نية ، أي عن اعتقاد بصحة وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة ـ لا عن قصد التشهير والتجريح شفاء لضغائن أو دوافع شخصية ، ولا يقبل من موجه الطعن في هذه الحال إثبات صحة الوقائع التي أسندها إلي الموظف ، بل تجب إدانته حتى ولو كان يستطيع إثبات ما قذف به.
( الطعن رقم 1294 لسنة 29 ق جلسة 1959/12/22 س 10 ص1055 )
(ج)توافر سبب من أسباب الإباحة:
00ويتضح من ذلك أن الألفاظ التى نسبت إلى المتهم لأتشكل سب او قذفا بقوة القانون لأنها ليست شائنة بحد ذاته نهيك عن أن المتهم يتوافر عنده عناصر حسن النية ودلل على ما كتب فى مقالاته طبقا لنص المادة 302/2من قانون العقوبات المصرى و أيضا يتضمن نقد لشخص ذي صفة نيابية أباح القانون نقد أعماله.
فالمتهم قاما بكتابة مقالته بغرض توعية القراء من أفعال ومواقف المدعى بالحق المدنى المتضاربة ودلل على ذلك فى مقالته لان النقد ضمان لسلامة بناء الوطن ومن واجب كل مواطن أن يحمى البناء الوطني
00يشترط لكي تباح الافعال المرتكبة استعمالا لحق مقرر قانونا وثانيا أن يكون الفعل ارتكب بحسن نية .
وبالنسبة للشرط الأول فكما قلنا لابد وان يكون حقا قانونيا اذا أردنا التعبير .وبالتالي اى حق تنص عليه القوانين الاخري ممارسته لا تشكل جريمة فى القانون الجنائي .
أما الشرط الثاني فهو حسن نية ممارس الحق وهو ما نص عليه القانون اى يجب أن يكون الفاعل قد ارتكب الفعل استعمالا لحقه وفى حدوده
(أسباب الإباحة وموانع المسؤولية والعقاب د/نور الدين هنداوى د/احمد العطار طبعة 2005/2006ص47/48)
لذلك نجد هنا أن النقد المباح متوافر بموجب الدستور والقانون فنص فى الدستور فى المادة(47)حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني.
لـــــــــــــــــذلك
لا يجوز أن يمتد التجريم او المسؤولية الجنائية او العقوبة إلى المساس باى حق او حرية كفله الدستور ومن خلال هذه الزاوية تتحدد الأحكام العامة لقانون العقوبات فيما يتعلق بالتجريم والمسؤولية الجنائية والعقوبة بالحقوق والحريات التى تتمتع بالشرعية الدستورية.
(كتاب الحماية الدستورية للحقوق والحريات طبعة 1999للدكتور احمد فتحي سرور ص341)
رابعا: مخالفة مواد الاتهام للدستور المصري و المواثيق الدولية و المادة 19 من العهد الدولي والقانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم مهنة الصحافة :
يتضح من هذا الدفع أن مواد الاتهام تخالف الدستور والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر ومنها العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وخصتا المادة 19منه التى تنص على
1-.............................
2- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3...................................
وتعد مصر من الدول التي قامت بالتوقيع والتصديق علي تلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية و من ثم أصبحت قانونا واجب التطبيق طبقا لنص المادة 151 من الدستور
وقض قضت المحكمة الدستورية العليا فى ذلك
أن الضمانات التى قررها الدستور بشان حرية الصحافة واستقلالها فى اداء رسالتها وحظر الرقابة عليها او إنذارها او إلغائها بالطريق الادارى حسبما نصت على ذلك المواد48,206,207,208من الدستور- أنما تستهدف أساسا كفالة حرية الآراء السياسية باعتبار أن حرية الصحافة هى السياج لحرية الراى والفكر.
(حكم المحكمة7/5/1988ق44س7مجموعة أحكام المحكمة- الجزء الرابع قاعدة رقم 16ص98)
وقض قضت المحكمة الدستورية العليا أيضا:
وحيث أن الدستور وتوكيد لحرية الصحافة التى كفل ممارستها بكل الوسائل –أطلق قدرتها فى مجال التعبير ليظل عطاؤها متدفقا تتصل روافده دون انقطاع فلا تكون القيود الجائرة عليها ألا عدوانا على رسالتها يرشح لانفراطها ولئن كان الدستور قد أجاز فرض رقابة محدودة عليها فذالك فى الأحوال الاستثنائية ولمواجهة تلك المخاطر الداهمة التى حددتها المادة 48من الدستور ضمانا لآن تكون الرقابة عليها محددة تحديدا زمنيا وغائيا ,فلا تنفلت كوابحها.
(حكم المحكمة 1/2/1997ق59س18الجريدة الرسمية العدد7فى 13/2/1997وحكمهافى 14/1/1995ق17س14مجموعة أحكام المحكمة الجزء السادس قاعدة رقم 32ص440)
وأيضا نجد مخالفة مواد الاتهام لقانون 96لسنة 1996وهو قانون تنظيم مهنة الصحافة وهى المادة الأولى
الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية مسئولة في خدمة المجتمع تعبيرا عن مختلف اتجاهات الرأي العام وإسهاما في تكوينه و توجيهه من خلال حرية التعبير و ممارسة النقد و نشر الأنباء، وذلك كله في إطار المقومات الأساسية للمجتمع و أحكام الدستور و القانون.
والمادة الثالثة تؤدي الصحافة رسالتها بحرية و باستقلال، و تستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع و ارتقائه بالمعرفة المستنيرة و بالإسهام في الاهتداء إلي الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن و صالح المواطنين.
والمادة السابعة لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببا للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره علي إفشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود القانون.
والمادة الثامنة للصحفي حق الحصول علي المعلومات و الإحصاءات و الأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو عامة، كما يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها.
لذلك نجد هنا أن ما نشر كان بموجب القانون وطبقا للدستور والمواثيق الدولية.
لذلك
نلتمس من عدالة المحكمة الموقرة القضاء ببراءة المتهم مما منسوب اليه ورفض الدعوى المدنية
وكيل المتهم
حمدي الاسيوطى المحامى بالنقض
المستشار القانوني للشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان
محمد محمود المحامى