مذكرة بدفاع وحدة الدعم القانوني في إستئناف الحكم الصادر ضد المدون تامر مبروك صاحب مدونة " الحقيقة المصري "

الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان 
وحدة الدعم القانوني لحرية التعبير 

محكمة جنـــح مستأنف الزهور

مــذكـــــرة بدفـــــــــاع

السيد / تامر مبروك                                         بصفته : مستأنف

ضــــــــــــــــــــــــــد

النيابة العامة                                                بصفتها : سلطة اتهام ‏

شركة تراست للكيماويات                                بصفتها : مدعية بالحق المدنى ‏

في الدعوي رقم 4780 لسنه 2008 جنح الزهوروالمقيدة برقم استئنافى     ‏لسنة       والمحجوزة للحكم لجلسة 28/4/2009 ‏
ومذكرات فى اسبوع

• الدفاع •‏

1- في طلب وقف الدعوي تعليقا لحين الفصل في الدعاوي الدستورية :

‏- لما كانت وظيفة المحكمة الدستورية العليا أن لها وحدها دون غيرها الاختصاص بالرقابة علي ‏دستورية القوانين طبقا لنص المادة 175 من الدستور و ينحصر دور المحاكم الاخري إذا تراءي ‏لها في أي نص قانوني معروض أمامها شبهه مخالفته لنصوص الدستور أو دفع احد الخصوم في ‏نزاع معروض أمامها بعدم دستورية نص قانوني مطبق في النزاع المطروح علي المحكمة ‏ورأت المحكمة جدية هذا الدفع فإنها أما أن تحيل من تلقاء نفسها الدعوي إلي المحكمة الدستورية ‏للفصل في مدي دستورية هذا النص وان تمهله أجلا لإقامة الطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة ‏الدستورية العليا .


‏- ولما كانت النصوص القانونية المطالب بتطبيقها في الدعوي الماثلة قد تم أقامة عدد (8) طعون ‏أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية هذه المواد و هي الطعون أرقام 25لسنه ‏‏21 ، 83 لسنه 21 ، 60 لسنه 22، 149 لسنه 22 ، 274 لسنه 23 ، 16 لسنه 24 ، 82 لسنه ‏‏24 ، 102 لسنه 24 ومطلوب الحكم فيها بعدم دستورية المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من ‏قانون العقوبات وهي ذات المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .

‏- وهذا الأمر يؤكد بوجود شبهه مخالفة هذه المواد للدستور وترجح صدور حكم بعدم دستورية ‏هذه المواد الأمر الذي يكون معه طلب وقف الدعوي الماثلة لحين الفصل في هذه الدعاوي ‏الدستورية هو طلب مصادف لصحيح القانون حيث أن العدالة تقتضي أن يحاكم المتهم بنصوص ‏قانونية صحيحة ومتوافقة مع نصوص الدستور لا نصوص متعارضة مع الدستور و أحكامه ‏لذلك فان استمرار محاكمه المتهم بهذه النصوص يعد افتئاتا علي حقه في المحاكمة العادلة و ‏المنصفة حيث انه يشترط في المحاكمة أن تكون وفقا لنصوص قانونية متسقة مع الدستور ‏ومبادئ حقوق الإنسان وهذا ما ينتفي في نصوص المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .‏

أولا :  عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون ‏
وفقا لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على انه : ‏

‏" لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه أو من ‏وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى احد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص ‏عليها فى المواد 185 ، 274 ، 277 ، 279 ، 292 ، 293 ، 303 ، 306 ، 307 ، 308 من ‏قانون العقوبات وكذلك فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون . ‏
حيث تعد جريمة القذف فى   التى يستند إليها المدعى بالحق المدنى من الجرائم التى تتقيد النيابة ‏العامة عند تحريكها الدعوى بشأنها  بتقديم شكوى  من المجنى عليه .‏

ويعتبر الادعاء المباشر من المجنى عليه بمثابة شكوى ، لأنه يعنى رغبة المجنى عليه فى ‏محاكمة المتهم جنائيا ، فيجب أن تتوافر فيه كل ما يتطلب فى الشكوى من شروط .‏

فيجب أن تقدم الشكوى فى مدة قصيرة حتى لا يصبح التهديد باستعمالها سيفا مسلطا فى يد ‏المجنى عليه يستغله ضد الجانى ، وقد حدد المشرع هذه المدة فى المادة 3/2 إجراءات جنائية ‏التى نصت على أنه " ى تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه أو من يمثله ‏بوقوع الجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك " ‏
وحيث لجأ المدعى بالحق المدنى إلى طريق الادعاء المباشر لتقديم الشكوى ، لذا يجب أن يراعى ‏كافة الشروط التى تتطلب فى الشكوى وهى اما ان يقيمها بشخصه او بوكيل عنه توكيل خاص ‏لاحق على الواقعة وسابق على رفع الدعوى وفى  خلال ثلاثة أشهر . ‏

وقد قضت محكمة النقض فى هذا الصدد بأنه : ‏
‏" فالمدعى بالحق المدنى حين يحرك الدعوى الجنائية بادعائه لا يفعل ذلك بصفته ، وإنما ‏باعتباره وكيلا عن المجتمع ويترتب على ذلك أن يتقيد بتحريكها بنفس القيود التى يوردها القانون ‏على حق النيابة العامة فى تحريك الدعوى فيمتنع على تحريكها فى الحالات التى يشترط فيها ‏القانون لتحريك الدعوى العمومية تقديم شكوى أو طلب أو أذن، ولكن إذا كان القانون يقيد حق ‏تحريك الدعوى العامة بشكوى المجنى عليه مثلا ، وكان المدعى بالحق المدنى هو نفسه المجنى ‏عليه ، فإن إدعاءه يعتبر بمثابة شكوى بشرط أن يتم فى المواعيد  "‏

( نقض 12 مارس سنة 1979 مجموعة أحكام النقض س 30 رقم 70 ص 338 )‏

‏1- ولما كان  وكيل المدعي بالحق المدني قام بتحريك هذه الدعوي بطريق الادعاء المباشر ‏بموجب وكاله عامة و هذا بالمخالفة لنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية وهي المادة التي ‏ألزمت في جرائم الشكوى ( ومنها جريمتي القذف و السب ) أن يتم تحريك الدعوي الجنائية فيها ‏أما عن طريق المجني عليه شخصيا أو بواسطة وكيله الخاص بموجب وكاله خاصة بعد الواقعة ‏وقبل تحريك الدعوي الجنائية و إلا تكون الدعوي غير مقبولة و في الدعوي الماثلة نجد أن وكيل ‏المدعي بالحق المدني قد حرك صحيفة الجنحة المباشرة بموجب توكيل عام و ليس توكيل خاص ‏و بالتالي تكون الدعوي غير مقبولة الأمر الذي يستتبع الحكم بعدم قبول الدعوتين الجنائية و ‏الدنية لرفعها من غير ذي صفه .

‏- أما ما يثار بان هذا القيد هو علي النيابة العامة فقط ، فهذا مخالف لقصد المشرع حيث أن منع ‏النيابة العامة من اتخاذ إجراءات التحقيق إلا بناء علي شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص ‏هذا يسري أيضا علي حق المجني عليه فإذا أراد الادعاء المباشر فعليه أما أن يتخذ هذا الإجراء ‏بشخصه أو عن طريق وكيل خاص أيضا .

‏- وذلك لكون النيابة العامة هي صاحبة الحق الأصيل في أقامة الدعوي الجنائية و أن الادعاء ‏المباشر هو استثناء علي هذا الحق الأصيل و بالتالي يجب عند تطبيقه أن يكون في أضيق نطاق ‏و لا يتم التوسع فيه علي حساب الأصل و من ذلك إذا جاء نص و قيد الحق الأصيل للنيابة العامة ‏في تحريك الدعوي الجنائية إلا بناءا علي شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص بالتالي ‏ينسحب هذا القيد علي الاستثناء و هو الادعاء المباشر .

‏- ولما كانت هذه الدعوي قد تم تحركها بواسطة وكيل عن المجني عليه بتوكيل عام وليس خاص ‏ولم يوقع المدعى بالحق المدنى عليها و  بالتالي تكون غير مقبولة لكونها تم تحريكها بغير ‏الطريق الذي رسمه القانون .‏

ثانيا : بطلان حكم محكمة أول درجة ‏
جاء حكم محكمة أول درجة باطلا وذلك للأسباب الآتية ‏
خلو حكم محكمة اول درجة لعد م بيان عبارات القذف والسب ‏
يجب على محكمة الموضوع أن تبين في حكمها القاضي بالإدانة عبارات القذف ولا يكفى في ‏ذلك مجرد الإحالة على محضر التحقيق او عريضة الدعوى لان الحكم يجب أن يكون بذاته ‏مظهرا للواقعة التي عاقب عليها ‏
خلا حكم محكمة اول درجة من بيان العلانية ‏
عن بيان التهمة ‏
صيغة الاتهام هي جزء من الحكم فلذا تكفى الإحالة إليها في بيان الواقعة لكن لا تجوز الإحالة الى ‏ما اوردتة النيابة العامة في وصفها للواقعة ولا الى ما جاء بورقة التكليف بالحضور ويجب أن ‏يكون الحكم بذاته مظهراً لواقعة الفعل المراد إعتباره جريمة حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة ‏صحة تكوينه للجريمة وعدم صحة ذلك . فإذا اكتفى الحكم بأن ذكر أن السب " حاصل بالألفاظ ‏الواردة بعريضة الدعوى " دون بيانها كان معيباً عيباً جوهرياً موجباً لنقضه.‏
خلو الحكم من بيان القصد الجنائي في جريمة القذف والسب ‏

ثالثا  : ندفع بمشروعية ما نشره المتهم 
‏- ذلك استناد إلي الإباحة لمنصوص عليها في المادة 60 من قانون العقوبات و التي نصت ( لا ‏تسري أحكام قانون العقوبات علي كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضي الشريعة ‏‏) وقد عرف الفقهاء المقصود بالشريعة المنصوص عليها في هذه المادة بأنها القوانين . ولما ‏كانت المادة 47 من الدستور قد كلفت لكل إنسان الحق في حرية إبداء الآراء و اعتبرت أن النقد ‏البناء هو ضمان لسلامة البناء الوطني 

ذلك لان الحق في التعبير عن الآراء يمثل إسهاما مباشرا في صون نظام الرقابة المتبادلة بين ‏الشعب و المسئولين 
‏- السبب الأساسي في إباحة النقد يتمثل في أن كل شخص في المجتمع مدعو للتعليق علي المسائل ‏العامة و كل حكومة تحرص علي دعم هذا الحق لإفرادها إذا ما حرصت علي تفهم مجتمعنا ‏وذلك لان أسباب الإباحة هي بمثابة إقرار من القانون الجنائي لقاعدة أخري في قانون أخر غير ‏جنائي يجيز هذا السلوك و يرخص به وبذلك تكون أسباب الإباحة موضوعية متصلة بذات الفعل ‏موضوع التجريم و ليس بذات الشخص الموجه له النقد .

‏- وقد أكد الدكتور / عمر السعيد رمضان في مؤلفة ( شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – ‏ص 384)
‏- وكذلك مؤلفه ( في حرية الرأي و الأنباء ص 139 ) حيث قرر ( ونحن إذا ما طبقنا هذه ‏الأحكام علي النقد نلاحظ أن النقد و أن كان يمس تصرفات الشخص و عمله عن شخصه إلا أن ‏الواقع الذي لا شك فيه أن الاتصال الطبيعي بين الشخص وتصرفاته و أرائه و تأثر سمعته بقيمة ‏هذه الآراء و التصرفات اظهر من أن يجادل فيه احد ا وان يماري فيه إنسان فالحكم علي ‏الشخص إنما يكون بالحكم علي تصرفاته باعتبار أن النعي علي التصرفات إنما هو نعي ‏بالضرورة علي نفس الشخص صاحب التصرف فيوثر علي سمعته و اعتباره ) .

‏- كما انه استكمالا لهذا الرأي فان المستشار الدكتور / عماد النجار في كتابه ( النقد المباح ص ‏‏75) قرر ( ومن ثم يكون النعي أو النقد لتصرفات و أراء الغير يتضمن في ذات الوقت نقدا لذات ‏الأشخاص أصحاب هذه التصرفات أو الآراء وماسا باعتبارهم وسمعتهم و بالتالي يكون النقد في ‏العادة مكونا في الأغلب الأعم لجريمة القذف أو السب أو الإهانة وعندئذ نجد أنفسنا بصدد ‏قاعدتين من قواعد القانون أحداهما قاعدة جنائية تجريم القذف أو السب أو الإهانة مراعاة لاعتبار ‏الشخص و حفاظا علي كرامته و قاعدة دستورية أخري من قواعد القانون الأساسي تقرر حرية ‏الرأي و حرية التعبير و حرية القول مراعاة للصالح العام دعما في سبيل التقدم أمام الجماعة و ‏عندئذ يسهل سبيل المفاضلة بين القاعدتين – فالقاعدة الأولي تحقق الصالح الخاص للفرد و ‏القاعدة الثانية تحقق صالح الجماعة – فيقدم صالح الجماعة علي صالح الإفراد ) 

‏- كما أن غالبية الفقهاء قد اتفقوا علي هذا الرأي و منهم ( الدكتور / رمسيس بهنام – شرح قانون ‏العقوبات – ص 242 ) و (المدني.ة / فوزية عبد الستار – شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ‏ص 583 – بند 658 )
‏- وبتطبيق ذلك علي ما جاء بالمدونة التي كتبها المتهم نجد انه لا يوجد أي مجرم أو سب أو قذف ‏في حق المدعي بالحق المدني .

‏- وذلك حيث أن المدعي بالحق المدني مدير لشركة تراست للكيماويات وما وجه إليه بصفته ‏مدير للشركة وما تقدمه الشركة من خدمات للجمهور وعلاقتهم بالعاملين لديها . 

‏- ومن ذلك يتضح مشروعية ما تم نشره من المتهم حيث انه كان يبغي الصالح العام الأمر الذي ‏يستتبع الحكم ببراءة المتهم 

رابعا  :-توافر  حسن النية :

‏- لما كان حسن النية هو سبب عام للإباحة ولما كانت جريمتي القذف و السب من الجرائم العمدية ‏فانه إذا توافر حسن النية فانه ينتفي القصد الجنائي للجريمة وقد قضت محكمة النقض (أن حسن ‏النية سبب عام لإباحة الجرائم عموما ومنها جريمة القذف إذا صدقت نية الفاعل و اعتقد ‏بمشروعية فعله ) 

(نقض 11/11/1946 مج جزء 7 ص 199)

‏- وقد أكد علي ذلك الأستاذ / محسن فؤاد في كتابه ( جرائم الفكر و الرأي ص 414 ) حيث قرر ‏‏( بأنه حسن النية يتألف من شقين الأول توخي النفع العام أي الرغبة في إفادة الجمهور بإرشاده ‏إلي الصواب ليتبعه وتنبيهه للباطل ليتجنبه و الثاني اعتقاد الناقد صحة الرأي الذي يبديه لا صحة ‏الواقعة التي يؤسس عليها هذا الرأي .


‏- وشرط حسن النية متوافر فيما نشره في المدونة حيث أن التعليق كان منحصر في الحياة العامة ‏و التصرفات و الآراء العامة للمدعي بالحق المدني ولم يتطرق إلي حياته الخاصة و انحصر في ‏وصف الواقعة المتعلقة بعمله كمدير لشركة تراست للكيماويات . 

‏- كما أن الألفاظ المستخدمة كانت متناسية مع الوقائع التي تم إبداء الرأي فيها ولم تستخدم أي ‏ألفاظ شائنة أو الغرض منها النيل من المدعي بالحق المدني أو التشهير به . كل ذلك يؤكد حسن ‏نيته فيما تم نشره .

‏- كما أن الأصل العام هو أن الناقد حسن النية فيما يبديه من أراء و علي المجني عليه أن يثبت أن ‏الناقد كان سيئ النية وهذا ما لم يثبته المدعي بالحق المدني.

‏- ومن كل ذلك يتضح توافر كافه أركان وشروط النقد المباح في المقال محل هذا الدعوي الأمر ‏الذي تنتفي معه جريمتي القذف و السب بركنيها المادي و المعنوي في حق المتهم الأمر الذي ‏يستتبع الحكم ببراءته .

‏- ومن ذلك كله يتضح توافر جميع أركان النقد المباح في المقال محل هذا الاتهام في الدعوي ‏الماثلة مما تنتفي معه جريمة القذف و السب بركنيها الأمر الذي يستتبع الحكم ببراءة المتهم مما ‏هو منسوب إليها .

خامسا  : ندفع بانعدام نصوص المواد محل الاتهام :
‏- لما كانت المواد محل اتهام في الجنحة الماثلة تتعارض مع نص المادة 19 من العهد الدولي ‏الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و التي نصت علي (1) لكل فرد الحق في اتخاذ الآراء بدون ‏تدخل . (2) لكل فرد الحق في حرية التعبير و هذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو ‏الأفكار من أي نوع و استلامها و نقلها بغض النظر عن الحدود وذلك آما شفاهة أو كتابة أو ‏طباعة وسواء كان ذلك في قالب فني أو بأية وسيلة أخري يختارها ....)

‏- وقد صادقت مصر علي هذا العهد بموجب القرار الجمهوري رقم 536 لسنه 1981 وتم نشره ‏في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 وبذلك أصبح تشريعا وطنيا بموجب المادة 151 من ‏الدستور المصري و التي نصت علي (رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب ‏مشفوعة بما يتناسب من البيان ويكون لها قوه القانون بعد إلزامها و التصديق عليها و نشرها وفقا ‏للأوضاع المقررة ...)

‏- ولكن الدستور المصري اشترط لكي تكون للمعاهدة الدولية قوه القانون أن يتم التصديق عليها و ‏نشرها وفقا للأوضاع المقررة ( ويقصد مثل القوانين تنشر بالجريدة الرسمية حتي يتوافر علم ‏الكافة بها ) وذلك مضمون ما قررته المادة 151 من الدستور و هذه الشروط متوافرة في العهد ‏الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية حيث انه تم التصديق عليه من رئيس الجمهورية في ‏أول أكتوبر عام 1981 بالقرار الجمهورية رقم 536 لسنه 81 ثم تم نشره في الجريدة الرسمية ‏في عددها الصادر بتاريخ 15/4/1982 و بالتالي أصبحت هذه المعاهدات منذ تاريخ نشرها ‏قانونا داخليا .

- ولكن تثور مشكلة في تطبيق المعاهدات الدولية في مجال القانون الجنائي في حالتين : 
الأولي : في حالة إذا نصت المعاهدات علي تجريم بعض أفعال لم تكن مجرمة في التشريعات ‏الداخلية و الثانية إذا نصت المعاهدة علي أزاله صفه التجريم أو العقاب عن أفعال مجرمة بموجب ‏القانون الدخلي .

‏- ففي الحالة الأولي فان المعاهدة الدولية وان كانت تتضمن تحديدا لأفعال تعد جرائم فإنها لا ‏تتضمن جزاءات للعقاب علي هذا الجرائم بل تترك أمر تحديد هذه المهمة للتشريعات الداخلية ‏ومن ذلك نخلص بان المعاهدات الدولية لا تعد مصدرا للتجريم و العقاب لان ذلك يصطدم بذاتية ‏القانون الجنائي علي أساس انه التعبير الاسمي عن مبدأ سيادة الدولة الوطنية علي إقليمها و ‏يهدف إلي الحفاظ علي أمنها و النظام العام فيها ومن ذلك يتضح أن نصوص المعاهدة التي ‏تتضمن شق التكليف فقط في القاعدة الجنائية لا تكون قابلة للتطبيق بذاتها لأنها تفتقر إلي شق ‏الجزاء الذي بدونه لا يكتمل تلك القاعدة .

‏- آما في الحالة الثانية وهي حالة نص لمعاهدات الدولية علي أزاله صفه التجريم أو العقاب عن ‏أفعال مجرمة بنص القانون الداخلي فهو مختلف عن الحالة الولي لأن المعاهدة. ذات التحديد و لا ‏يكون له ذات الأهمية التي لمسناها في مجال التجريم و العقاب إذا يكفي أن تنص المعاهدة أن ‏تكلفه لمواطنيها أو انه حرية من الحريات العامة التي يجب علي الدولة احترامها و حمايتها . و ‏بالتالي يوقف تنفيذ أي نص في القوانين الداخلية لهذه الدولة يقيد هذا الحق أو هذه الحرية أو ‏ينتقص منها ولا يجوز تطبيق هذا النص بعد المصادقة علي هذه المعاهدة .

‏- وقد قرر بذلك الدكتور / علي عبد القادر القهوجي في كتابة ( المعاهدات الدولية أمام القاضي ‏الجنائي ص 26 ) بان قرر ( المعاهدات الدولية بعد إبرامها و التصديق عليها ونشرها تكون لها ‏قوه القانون فإذا تضمنت نصا يكفل حقا من الحقوق أو يقرر حرية من الحريات وكان هذا الحق ‏أو تلك الحرية موضوع حظر من قبل فان هذا يعني أن المعاهدة وقد أصبحت قانونا نافذا في ‏النطاق الداخلي قد سحبت أو أزالت صفه التجريم عند استخدام هذا الحق أو تلك الحرية إذ لا ‏يعقل اعتبار الفعل حقا وجريمة في نفس الوقت ولا سبيل لرفع هذا التناقض إلا عن طريق ‏الاعتراف بقوه المعاهدة الدولية التي أدمجت في التشريع الوطني في أزاله صفه التجريم عن هذا ‏الفعل ) .

‏- ومن التطبيقات القضائية لذلك هو حكم محكمة امن الدولة العليا طوارئ في قضية إضراب ‏عمال السكة الحديد المقيدة برقم 4190 لسنه 86 الأزبكية ( 121 كلي شمال ) الصادر بجلسة ‏الخميس الموافق 16/9/1987 و التي قضت ( القاضي الوطني لا يطبق المعاهدة تأسيسا علي أن ‏دولته قدح التزمت دوليا بتطبيقها بل يطبقها باعتبارها جزءا من قوانين الدولة الداخلية إذا ما تم ‏استيفاؤها للشروط اللازمة لنفاذها داخل الإقليم ).

‏- وكذلك الحكم الصادر في الدعوي رقم 1120 لسنه 17ق المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ ‏‏10/3/1991 و الذي قرر ( ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الاتفاقية المشار إليها قد جاءت ‏لاحقه لقانون العقوبات ومن ثم فانه يتعين اعتبار المادة 124 من قانون العقوبات و التي تحظر ‏الإضراب قد نسخت ضمنا بالمادة 8 فقرة د من الاتفاقية المذكورة ).

‏- وبإنزال ذلك علي المادة التاسعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية نجد ‏أنها قد أباحت حرية التعبير عن الآراء و المعلومات و الأفكار و نقلها للآخرين دونما الاعتبار ‏لأي حدود ( أي دون فرض قيود عليها ، وبأي شكل سواء كان مكتوب أو مطبوع أو في قالب ‏فني و بالتالي فان القيود و العقوبات التي فرضها المواد 178، 302/1 ،303/1 ‏،306،307،308 مكرر من قانون العقوبات المصري ( الصادر عام 1937 م ) تعتبر مخالفة ‏لهذه المادة من الاتفاقية ( و التي اعتبرت تشريعا داخليا في عام 1981م) مما يجعل هذه المادة ‏بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية تزيل صفه التجريم عن هذه الأفعال المنصوص عليها في هذه ‏المواد من قانون العقوبات و بالتالي أزالت صفه التجريم عما هو منشور من المتهمين الأمر الذي ‏يستتبع الحكم ببراءتهم . 

سادسا  : ندفع بتوافر أركان و شروط النقد المباح: ‏
يقول  شاعرنا العظيم بيرم التونسي  في مقدمه أعماله الكاملة ‏
‏( أن النقد امتداد للنبوة..ولولا النقاد لهلك الناس..ولطغى الباطل على الحق ولامتطى الارازل ‏ظهور الأفاضل ، وبقدر ما يخفت صوت الناقد يرتفع صوت الدجال ) ‏
وحق النقد يستند أساسا على نص دستوري هام ارسي هذا النص قاعدة من قواعد الحريات وهى ‏حرية الكلمة والتعبير والقول  وهو نص المادة 47 من الدستور والتى تقضى بأن ،‏
‏(حرية الرأى مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ‏ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني)‏
فالنقد حق للأفراد يستعمله من يشاء بدون  مسئولية مادام قد عمل في الحدود التي رسمها القانون ‏
والنقد  هو تعليق على تصرف وقع فعلا او حكم على واقعة مسلمه ‏
فالنقد المباح ليس إلا إبداء الرأى في أمر او عمل دون المساس بشخص او صاحب هذا العمل او ‏الأمر بغية التشهير به او الحط من كرامته ‏
إلا أن المشرع أباح الإسناد العلني‎ ‎لما يعد‎ ‎قذفا، وذلك في أحوال بذاتها هي تلك التي‎ ‎يقتضيها ‏الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو المكلفين بالخدمة العامة أو ذوى‎ ‎الصفة النيابية العامة ‏باعتبار أن هذه الأعمال من الشئون العامة التي لا يجوز أن‎ ‎يكون الاهتمام بالاستقامة في أدائها ‏والالتزام بضوابطها ومتطلباتها وفقا للقانون‎ ‎مقصورا على فئة من المواطنين دون أخرى ، بما ‏مؤداه أن يكون انتقاد جوانبها السلبية‎ ‎وتعرية نواحي التقصير فيها وبيان أوجه مخالفة القانون في ‏مجال ممارستها، حقا لكل‎ ‎مواطن وفاء بالمصلحة العامة التي يقتضيها النهوض بالمرافق العامة ‏وأداء المسئولية‎ ‎العامة على الوجه الأكمل ، ولأن الوظيفة العامة وما يتصل بها من الشئون ‏العامة لا‎ ‎تعدو أن تكون تكليفا للقائمين عليها. والتزامهم الأصلي في شأنها مقصور على النهوض‎ ‎بتبعاتها بما لا مخالفة فيه للقانون. ‏

فإذا كان انتقاد القائم من هؤلاء بالعمل العام‎ ‎منطويا على إسناد واقعة أو وقائع بذاتها علانية إليه ‏من شأنها- لو صحت- عقابه أو‏‎ ‎احتقاره، وكان هذا الإسناد بحسن نية، واقعا في مجال الوظيفة ‏العامة أو النيابة أو‎ ‎الخدمة العامة ملتزما إطارها ، وأقام من‎ ‎قذفها‎ ‎في حقه الدليل على حقيقتها، ‏اعتبر ذلك‎ ‎قذفا‎ ‎مباحا قانونا عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات‏
وهى في كل حال لاتعدو أن تكون‎ ‎تطبيقا لقاعدة عامة في مجال استعمال الحق، إذ يعتبر هذا ‏الاستعمال دوما سببا‎ ‎للإباحة كلما كان الغرض منه تحقيق المصلحة الاجتماعية التي شرع الحق ‏من أجلها. متى‎ ‎كان ماتقدم ، وكان المشرع- بالإباحة التي قدرها في مجال انتقاد القائمين بالعمل‏‎ ‎العام تبيانا لحقيقة الأمر في شأن الكيفية التي يصرفون بها الشئون العامة- قد وازن‎ ‎بين مصلحة ‏هؤلاء في طمس انحرافاتهم وإخفاء أدلتها توقيا لخدش شرفهم أو التعريض‎ ‎بسمعتهم من ناحية، ‏وبين مصلحة أولى بالرعاية وأحق بالحماية هي تلك النابعة من ضرورة‎ ‎أن يكون العمل العام ‏واقعا في إطار القانون وبمراعاة حدوده، وكان المشرع- على ضوء‏‎ ‎مقتضيات هذه الموازنة وفى ‏حدود ضوابطها- قد حسر عن القائم بالعمل العام الرعاية‏‎ ‎التي يتطلبها صون اعتباره كلما كان ‏الإسناد العلني- المتضمن‏‎ ‎قذفا في حقه- واقعا في حدود النقد المباح الذي بين‏‎ ‎قانون العقوبات ‏شروطه في الفقرة الثانية من المادة 302 منه، وكان من المقرر أن‏‎ ‎توافر الشروط التي يتطلبها ‏القانون في النقد المباح إنما يزيل عن الفعل صفته‎ ‎الإجرامية، ويرده إلى دائرة المشروعية بعد أن ‏كان خارجا عن محيطها لخضوعه ابتداء‎ ‎لنص بالتجريم

علة إباحة النقد ‏
في النقد البناء مصلحة للمجتمع إذ أن الناقد عندما يتعرض لواقعة معينة  معلقا عليها ومفندا ‏جوانبها بالرأي فيها وتجريحها أن كان هناك مجالا لهذا بالحق حتى يستطيع الجمهور أن يتفهم ‏حقيقة الواقعة وصحتها ومثالبها وكشف ما قد يعتريها من إنحرف او فساد وهنا تتحقق مصلحة ‏المجتمع التي هي فوق مصلحة الفرد الذي قد يصيبه الضرر من جراء هذا النقد ‏
وقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على أنه ‏
( لا تسرى احكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى ‏الشريعة )‏

ويرجع سند الإباحة في  حق النقد عليها وتفهم كلمة الشريعة بالمعنى العام الذي لا يقتصر على ‏قانون العقوبات او غيره من القوانين بل يشمل أيضا العرف المستقر الذي يتفق مع القانون في ‏الغاية والعمل القانوني والعمل القضائي والمبادئ العامة في القانون ‏ ‏ ودللت على الحق في ‏ممارسة النقد ، والنقد المباح هو فعل ليس فيه قذف ولا سب ولا إهانة ، اى ليس فيه مساس ‏بشرف الغير او إعتباره او سمعته وإنما فيه نعى على تصرفه او عمله بغير قصد المساس ‏بشخصه من جهة شرفه او إعتباره ‏

والتفرقة بين الشخص وبين تصرفاته هي التي تحدد دائرة العدوان المعاقب عليه، ودائرة النقد ‏الذي لا جريمة فيه، فالقانون يحمى شرف الشخص واعتباره ‏

وإذا تناول الناقد عملا علميا او فنيا او أدبيا ، فقدر قيمته وكشف عن عيوبه وقارن بينه وبين ‏غيره من الأعمال ، وفضل بعضها  عليه ، دون أن يتعرض لشخصية صاحبه فلا يقوم بذلك ‏القذف ، ولو كشف الناقد عن هذه الشخصية ‏
ويثار تساؤل حول من يتولون عمل التحليلات السياسية وانتقاد الحكام او المسئولين او وزير ما ‏في شئون تتعلق بعمله ، ولكن هذا النقد او التعليق شابه عبارات قد يراها البعض شائنة من باب ‏انه وزير ضعيف او انه وزيرا للأغنياء فقط ورجال الأعمال ، او انه يتعجل بيع الشركات ‏الناجحة او انه مسئول عن أرواح الضحايا او أن وزارته فاسدة او يجب أقالته ‏
ونحن نرى انه أذا كان النقد الذي لحق بالمسئول متعلقا بأعمال وزارته ولم يلحق بشخصه إلا ‏بالقدر الذي يمس عمله وكان الغرض من النقد حتى ولو كان لاذعا او به شطط او حتى عبارات ‏شائنة طالما أن الغرض منه إبراز وتوضيح هذه التصرفات للجمهور وبشكل يستطيع أن يفهمها ‏ويدرك أبعادها وحقيقتها فلإعقاب ‏
ويترك الأمر لسلطة المحكمة التقديرية من ظروف وملابسات الدعوى  ‏
وقد جاء في حكم لمحكمة النقض ‏
‏(وكان يبين من المحكوم المطعون فيه . انه التفت عن دفاع الطاعنين من أن العبارات الواردة في ‏البيان محل الدعوى قد اشتملت على وصف وقائع حدثت من المدعى بالحقوق المدنية وهى بهذه ‏المثابة نقد مباح ، وليس قذفا ، وهو دفاع جوهري لم يعن الحكم ببحثه وتمحيصه من هذه الناحية ‏على ضوء ما قدمه الطاعنون من مستندات ، واغفل أيضا بيان مضمونها استظهارا لمدى تأييدها ‏لدفاعهم ، وحتى يتضح وجه استخلاصه أن عبارات البيان محل الاتهام لا تدخل في نطاق النقد ‏المباح ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة ‏تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة .)‏

وقد كان  النقد مستندا على واقعة ثابتة ومعلومة وعن واقعة مما يهم الجمهور ‏
‏ وكان النقد متعلقا بالواقعة وحدودها وتوافر حسن النية لدى المتهم ‏
‏-أما اعن الشرط الأول:أن يكون النقد مستندا على واقعة ثابتة ومعلومة
حق النقد هو حق مطلق طالما تعلق هذا النقد بواقعة معلومة لدى الجمهور وسواء ‏تعلقت تلك الواقعة بأعمال الموظف العام او من في حكمه او بغيره ‏

‏ فإذا كان الناقد يعتقد صحة الواقعة التي ذكرها او يعتقد صواب الراى الذي أبداه  ‏وكان هذا الاعتقاد مستندا الى التحري الواجب على من كان  في مثل ظروفه ، ‏فأنه يستفيد من الإباحة ‏ ‏ ‏

لان الوقائع طالما كانت مشهورة ومعلومة لدى الجمهور وتعلقت بمصلحة هامة ‏تهم الناس يصح للناقد أن يتناولها بالتجريح ‏
لكن خطأ الناقد في رأيه لا يخرجه من دائرة الإباحة ، ولقاضى الموضوع أن ‏ينظر الى إعتقاد الناقد في صحة نقده وتناوله للموضوع مثار النقد ‏

الشرط الثانى : أن تكون الواقعة مهمة بالنسبة للجمهور ‏
الوقائع التيذكرها المتهم فى عريضته  تهم الجمهور اى اتصل النقد بشأن عام من ‏أعمال تهم الجمهور ‏
ولكن ليس بالضرورة أن يكون الشخص محل النقد في تصرفاته ذا صفة عامة ، ‏لكن يكفى أن يكون هو قد تعرض لأمر من الأمور العامة كمن ابدي رأيا في ‏موضوع يهم الجمهور او موضوع عام ( الحجاب – النقاب – الوزارة – الحكومة ‏‏–الفنانين – السياسيين - )‏

حتى ولو كان موضوع النقد لا يتصل بالمصلحة العامة فعمل أرباب الحرف ‏والمهن كلاطباء ورجال الدين والمحامين والمهندسين والتجار والصناع وأمثالهم ‏يهم الجمهور  ‏

و كل ما يتعلق بالرأي العام يهم الجمهور فعمل أعضاء المجالس النيابية مثل ‏أعضاء مجلسي الشعب والشورى وأعضاء المجالس المحلية والوزراء والسياسيين ‏ورؤساء وأعضاء الأحزاب والقضاة والمحامين والأطباء والمهندسين وغيرهم إذا ‏ما تعلق عمل ما صدر منه احد منهم يهم الرأى العام ‏
النقد كان مستندا الى الواقعة ملتزما حدودها‏
كان المتهم  مستندا الى واقعة معينة في نقده تناولها بالتجريح والتفنيد وإبداء الرأى ‏فيها ونقدها وابدى وجهه نظره فيها ولم  يخرج عن الواقعة الى شخص المجني ‏عليه او تجريحه او النيل منه او التشهير به ‏
وللقاضي أن يقدر في كل حال على حدا  ماذا كانت  العبارات المستخدمة في النقد ‏او الرسم المستخدم في التعبير فيه تجاوز لحدود النقد المباح ‏

والفيصل فيما اذاكان عبارات النقد متصلة بالواقعة وجادة هو النظر الى المفردات ‏والعبارات الى استخدمها المتهم  في نقده عما إذا كانت ضرورية لكي يعبر عن ‏رأيه ويوصله للجمهور أم غير ضرورية ولقاضى الموضوع أن يستظهر ذلك من ‏مجمل المقال جميعه فإذا اشتمل المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن ‏المصلحة العامة وأخرى يكون الغرض منها التشهير فللمحكمة أن توازن بين ‏القصدين وتقرر ايهماكانت له الغلبة في نفس الناشر ‏

توافر حسن النية لدى المتهم  ‏
فيشترط لأباحه النقد أن يتم النقد بحسن نية ، اى أن يعتقد الطاعن بصحة الواقعة ‏التي يسندها الى المجني عليه  ‏
وان يكون هدفه من النقد تحقيق المصلحة العامة لا مجرد التشهير أو التجريح ‏
وترى محكمة النقض أن حسن النية ليس أمرا باطنيا بقدر ما هو موقف أو حاله ‏يوجد بها الشخص نتيجة ظروف تشوه حكمه على الأمور رغم تقديره لها تقديرا ‏كافيا  واعتماده في تصرفه فيها على أسباب معقولة ‏
‏ وإذا استهدف المتهم بعباراته المصلحة العامة والتشهير معا فعلى المحكمة أن ‏توازن بين الغايتين وترجح أحداهما فإذا كان إستهداف المصلحة العامة هو الغالب ‏اعتبرت حسن النية متوافر ‏


الدفع بالإعفاء من العقاب لتوافر حسن النية ‏
والمتهم كان قد  تمسك أمام محكمة الموضوع بالدفع  بتوافر حسن النية في ما ‏قرره من عبارات نقد ودلل على ذلك بطرق ذكرها فى مزكرته  وهو  دفع ‏جوهري لما يترتب عليه  ودلل على أن النقد كان يستهدف المصلحة العامة ‏
فإذا دفع بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع تعين عليها أن تحقق هذا الدفع وإلا كان ‏حكمها معيبا بالإخلال بحق الدفاع ‏
والدفع بالإعفاء من العقاب لحسن النية في جريمة القذف  ، يعد دفعاً جوهرياً ، لما ‏يترتب على ثبوت أو عدم ثبوت صحته من تغير وجه الرأي في الدعوى، ‏
توافر عناصر حسن النية

أولا: أن يكون الناقد مستهدفا المصلحة العامة ‏
ثانيا: إعتقاد الناقد صحة الرأى الذي يبديه لا صحة الواقعة التي يؤسس عليها رأيه ‏
وإذا توافرت عناصر حسن النية كان النقد مباحا سواء كان رأى الناقد صائبا او ‏خاطئا طالما انه قد عبر عنه بعد التروي والتعقل ‏
ويفترض دائما حسن نية الناقد ويكون على سلطة الاتهام أن تثبت أن النقد لم يكن ‏حسن النية ولها أن تستمد هذا الدليل من قسوة عبارات النقد وعدم تناسبها مع ‏الواقعة موضوع التعليق أومن تصرف قام به الناقد قبل النشر مقاله ‏

لــــــــــــــــــــــــــذلك

يلتمس دفاع المتهم من عدالة المحكمة :
الحكم ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه .‏

وكيل المتهم ‏

حمدى الاسيوطى ‏


المحامى