سبق وأن لعن أمام المجددين "محمد عبده" حرف السين الذي تتضمنه كلمة سياسة ، ليدلل علي كم الخراب الذي قد ينجم من تدخل السياسة وتسميمها لكل شئ ، فماذا لو تحكمت السياسة بالدين أو العكس ، تلك علاقة شائكة قد ينتج عنها دين -والعياذ بالله - مسيس ، أو سياسة – لا قدر لنا الله- تتخذ من ثوابت الدين مرجع لها .
أيمن الياسيني ، أستاذ العلوم السياسية ، هو فلسطيني الأصل ، والكتاب هو رسالة الدكتوراه التي أجيز بها ، ويحاول من خلالها تتبع مسار الحلف الذي نشاء بين الوهابية ( كدعوة إسلامية سلفية) وبين الأسرة السعودية ، مما أنشاء النظام الذي يحكم اليوم بالمملكة ، والتي يراها كثيرًا من المسلمين نموذجا للدولة الأصولية الإسلامية ، حيث تتخذ من القرآن دستورا و من الشريعة مصدر لقوانينها ، و يري الكتاب أن تلك العلاقة قامت في الأساس علي نمط توافقي وثيق خلال القرن الثامن عشر ، قامت علي أساسها الدولة حتي استقرت ، لكن التناقض بدأ مع كشف الدولة عن حقيقة بنياتها الداخلية ، حيث تحتكر وحدها السلطة و الموارد ، وبالتالي لا يمكن أن تسمح بوجود ديني مستقل يمكن أن ينافسها.
وبسبب ذلك وقع الصدام الأشهر عام 1929 بين الدولة السعودية و المؤسسات الدينية ، والتي أنتقل قسم كبير منها للمعارضة بل أن الشباب علماني التعليم الذي أيد آل سعود في صراعهم مع علماء الدين ، سرعان ما انتهي إلي جيل يطلب الاشتراكية و إسقاط الملكية
وهكذا تتحدد الأشكالية التي تحلق في أفق النظام السعودي فالسؤال الذي يطرح نفسه يقول : كيف يمكن التوفيق بين الثراء المفاجئ و التحديث
السريع و بين الالتزام بالوهابية (التي تحاول أحياء و استلهام تراث السلف ).