عبد العزيز جاويش في قضية ديوان ( وطنيتي )
عقدت محكمة الجنايات جلستها اليوم في الساعة الثامنة مساءا و الدقيقة 50 صباحا للفصل في قضية النيابة العمومية المتخصصة بديوان وطنيتي وهي. مولفة من حضره عزتلو ، ومحمد مجدي بك رئيسا ومن زميله علي ذو الفقار بك و المستر سودان عضوين وجلس في كرسي النيابة العمومية حضره عزتلو محمد توفيق نسيم بك احدي روساء النيابة في محكمة الاستئناف العليا بدلا من حضره عزتلو علي توفيق بك رئيس نيابة محكمة مصر الذي الم بصحته انحراف خفيف منعه من الموافقة في هذه الدعوي وراينا قاعة الجلسة مزدحمة بالمحامين ومندوبي الصحف وجمهور غفير من المتفرجين و المتهمين الثلاث الحاضرين قعودا في مجلسهم وهم الشيخ عبد العزيز جاويش و الشيخ محمد حسن القز ويني و اليأس دياب أفندي وكذلك رأينا خارج القاعة جمهورا غفير أخر من المتفرجين لم يجد له موضعا في داخلها .
وبعد فتح الجلسة أعلن الرئيس انه لم يضع نظاما استثنائيا للمحاكمة و ابقي حضورهم عموميا مباحا مؤملا أن يحافظ الحاضرون أنفسهم علي النظام ويلزموا السكينة ثم تلا كاتب الجلسة ورقة الاتهام وقد نشرناها برمتها في حينها وسئل المتهمون الثلاثة عن التهم المعزوة اليهم فأنكروها وعن أسمائهم وصناعتهم إلي أخر ما هو معروف من هذا القبيل ثم قسم المحامون دفاعهم عن المتهمين وبعد ذلك نهض حضرة عزتلو محمد توفيق نسيم بك رئيس النيابة العمومية في محكمة الاستئناف العليا فالقي مرافعته التالية بما اشتهر عنه من طلاقة اللسان وفصاحة البيان وهذه صورتها .
تطالب النيابة العمومية معاقبة المتهم الأول بالمواد 148 – 149 – 151 – 154- 156 -159- 160 من قانون العقوبات بوضعه وطبعه كتاب – وطنيتي – ولما كان فعل المتهمين الآخرين يحتمل أن يوصف بفعل أصلي أو باشتراك فتطلب معاقبتهم بالمواد المذكورة و بالمادة 31 فقرة الثانية و 40 فقرة ثالثة من قانون العقوبات مع مراعاة تطبيق المادة 154 عقوبات في حالة ما إذا اعتبر المتهم الثاني مرتكبا لجريمة تمجيد الجرائم .
و في حالة اعتبار المتهم الثاني فاعلا أو شريكا مع الأول يلاحظ انه سبق الحكم عليه لارتكابه بواسطة طرق النشر المنصوص عليها في المادة 148 جريمة قذف و اهانة الموظفين وقد ضمنت جريمة الاهانة إلي جريمة القذف أخذا بأشدهما .
و إني لمحدثكم بأمر هذا الكتاب قام رجل من إسراء الخيالات الذين ينظرون بغير رؤية ويحكمون بغير عقل واخذ لنفسه حظها من لذة استباحة الجرائم و تعظيم الجناة ومن سوء التهجم علي اسمي مقام في البلاد و التجريم علي هيئة الحكومة و المحاكم بما أودعه في كتباه الذي طبعه و نشره .
و أصبحت تداوله الأيدي و تقراه الألسن وتناقله العامة. وأكثر الناس عامة .
وضع هذا الشاعر المفتون ذلك الكتاب ووسمه بوطنيتي فلا حيا الله وطنية تجعل الله للحض علي اجتياح السيئات وبث التعاليم التي تفسد القلوب وتذيق الناس بعضهم باس بعض – بل لا بارك الله في وطنية تلبس كما يلبس الثوب مقلوبا فتؤلم النفوس و تفتن الخواطر .
إنا لا أطيل عليكم البحث في كل ما نظم أو كتب في هذا الكتاب من الأمور و الوجوه الجنائية بل الفت نظركم إلي ما ورد في صفحة 34 تحت العنوان – وطني يناجي ربه...وطيف الوطنية – و إيه الإخلاص و إلي ما جاء في الصفحة الخامسة نثرا وهذه صورته.
فئن حييت لانصرن مبادئ الحزب الوطني نصرا ولا طلعن في دياجي الخطوب من حياتي فجرا ولا جودة بالنفس يوم تدعو البلاد للأمة حرابا لا غيرن ما استطعت وجه التاريخ الحديث في مصر تغييرا تخرا له جبابرة الظالمين سجدا بيكون خشية وفرقا ويرفع الوطن المفتدي رأسه مهللا مكبرا منصورا أن شاء الله .
فالعبارة واضحة و الانتقام و الخصام و الحمام وإرهاق الدماء و اختيال الآجال و تغير وجه التاريخ الحديث في مصر تغيرا يبكي منه الظالمون خشيا و فراقا لا تحريض عن القتل بين الناس .
غرض الشاعر في هذه الأبيات غاية في التجلي و الظهور بقطع النظر عن النشيد الوطني و الأغاني الحماسية الاخري و ليس بعد هذا القول المنظوم و المنشور بعد ما ورده بشان دنجرا و الورداني القائلين و تمجيده فعلهما من دليل علي الإغراء علي القتل بين الناس .
وهي جريمة معاقب عليها بالمادة 49 من قانون العقوبات .
ثم انتقل بكم ما ورد في صفحتي 55 – 56 تحت عنوان ( إلي سمو الأمير و الوزارة و ألامه ) .
وليس انطق بالسفه من هذه الأبيات التي تدل علي جرائه غررت بالقائل بالتعريض بقدر ما تكتنفه مهابة الإجلال و التعظيم و إلي ما في صفحة 73 بعنوان إلي وزراء مصر و إلي ما في صفحتين 63 – 64 بشان اهانة ناظر الحقانية و صفحتي 68 بشان الحكم علي المتهم و إلي ما في صحف 60 -61 -62 70 – 72 – 94 – 96 – 97- 101 تحت عنوان إلي دنجرا قبل الإعدام و تحت عنوان إليه بعد الإعدام و إلي ما بين قبول النقض ورفضه .
وصحيفة 72 تحت عنوان- الوسام بعد السجن – وصفحتي 96- 97 – تحت عنوان – الحادث الخطير – وصفحتي 11 -12 تحت عنوان – يوم القضاء - .
قال و مازال بين مهاب هذه الأهواء لمدح الاثم و بعظيم الاثم يدفن الحسن و يعرض السيئة يشيع الفوضى و ينشر الباطل مما كانت تدعوه إليه نزوات نفسه وخواطر قلبه الأثيم الجرائم التي تحن بصدد الكلام عليها حامله بظهور كتاب وطنيتي فجسم الجنائية فيه إنما هو ذلك الكتاب بمحتوياته ومشتملا به بتأليف هذا الكتاب من منظومات وقصائد أكثرها فيما يسمونه بالحركة الوطنية الحاضرة ومن مقدمات بينها وبين هذه القصائد من العلاقة و الربطة ما لا يخامره إبهام ولا بداخله شك فهي أجزاء مرتبطة يبعضها ارتباط قصد مقرور عليه وغرض مسبوق العزم إليه .
يدلكم علي هذا الغرض وذلك القصد تلك المقدمات الثلاث وهي مقدمة إهداء الكتاب و فيها يقول الغاياتي انه كان بدمياط بين قوما يعبدون الحكام كإلهه فلما أقام بالقاهرة وشربت نفسه مبادئ الحزب الوطني بفضل قائدي زمام الحركة الحاضرة فريد بك والشيخ عبد العزيز الذين تعهد شعوره فسما و أمداه فما و لم يكن منهما إلا كالبحر يمطره السحاب و ماله .
فضل عليه لأنه من مائه نظم ما نظم هذه القصائد مشرفا عليها من سماء الحزب.
ثم مقدمة فريد بك حيث يتكلم فيها عن الشعر بأنه يحض علي القتال ويجب اقتحام الإخطار ويحمل علي القتال ويحبب اقتحام الإخطار و يحمل النفوس علي المكارم ويعيب ما يقال الشعر مدحا في الأمراء و الكبراء.
ثم مقدمة الشيخ عبد العزيز وفيها يبين الإشعار التي تترك في النفس أثرا وتكون صادقة العبارة مناهضة للهمم موقده للعزائم.
فهذه المقدمات الثلاث متفقه في المعني وهي تضمن الكتاب من القصائد المطالبة لما ترمي إليه من الغرض المقصود أجزاء متواصلة تكون مجموعا واحدا هو كتاب - وطنيتي _.
نعم أن من أجزاء هذا الكتاب أيضا بعض قصائد وردت في باب المتفرقات كشفاء ولي العهد ورثاء المرحوم عاصم باشا ونحو ذلك مما لا يوجد مسؤولية ولا يدعي إلي مواخره لكن وجوه هذه الأجزاء في الكتاب لا يبرر عمل المتهمين بان الأجزاء الاخري .
يدلكم علي ذلك ما ذكر في مقدسات المتهمين بشان هذا النوع من الشعر فالغاياتي يلوم نفسه في مقدمة الكتاب علي ما كان يقوله من هذه الإشعار ويعتذر بأنه كان بدمياط بعيدا عن الحزب نائبا عن كبادئه وانه قد جاء بشي منها في كتابه ليكون مثالا رادعا للشعراء حتي لا يطرقوا من الشعر لا ما كان في خدمة الوطن وحب البلاد . وفريد بك يقرع كل شاعر يقول الشعر مدحا في ملك أو كبير .
و الشيخ ينحو نحوها في ذكر الشعر الذي يستفز الهمم وردود هذه الأجزاء اليت يذمونها في مقدماتهم اقطع في تأكيد المسؤولية و أوضح في بيان تماسك بقيه أجزاء الكتاب من مقدمات وقصائدهم يدلكم علي ذلك أن اغلب القصائد التي يستفاد منها المسؤولية الجنائية نشرت بجريده اللواء كقصيده دنجرا و كقصيده سمو الأمير و الوزارة و كقصيدة إلي وزراء مصر كغيرها من القصائد الحماسية كقصيده السين يضطرب و النيل ينتخب و إيه لذكري .
أليس في نشر هذه القصائد من قبل في جريده اللواء اليت كانت لسان حال الحزب الوطني وفي تفريطها والكتابة عليها في مقدمات كتاب وطنيتي وذم غيرها من مشتملان الكتاب مما هو مبسوط في ذيله اتفاق غريب يدل علي أن المتهمين توافقوا وساروا في وجهة واحدة لغرض مشترك وقصد شائع بينهم وهو إيفاد العزائم و إنهاضها وساروا في وجهة واحدة لغرض مشترك وقصد شائع بينهم وهو إيفاد العزائم و إنهاضها بمثل هذه الكتابات وتلك القصائد .
أليس فيما ذكره الشعب الذي كان لسان حال الحزب في عدد 25 ابريل 1910 أن كتاب وطنيتي الذي عزم الغاياتي علي طبعه يشتمل علي مقدمة الكتاب وكلمة الإهداء و كلمتين مأثورتين لفريد بك و الشيخ عبد العزيز وقصائد ومنظومات في الحالة السياسية و الحركة الوطنية و علي ذيل و متفرقات ما يريد أن المقدمة و القصائد إنما هي أجزاء تكون مجموعا واحدا هو كتاب وطنيتي .
خلص من هذا البيان أن هذه المقدمات بورودها في هذا الكتاب بهذا المعني وذلك المبني هي جزء من أجزائه هي عنوان خاطر المتهمين وترجمة ضميرهم.
ما الذي أثار هذه الأوصاف في ذهن واضع الكتاب ؟ و ما الذي اغواه حتي انشا هذه الاضلولة ؟ اثارها في خاطره التصاقه بالحزب الوطني كما هو يعترف في مقدمته و تعرفه بالرئيسين وما يتلقاه عنهما من تعاليم و الإرشادات .
يستفاد ذلك من أقواله في كتابه فهو يقول في موضع انه كان ينظم من الشعر ما لا يفيد البلاد ولا ينبه العامة ولا يذكر الخاصة و يقول أن عذره في ذلك انه كان بعيدا عن الحركة الوطنية لا يعرف عنها شيئا حيث كان بدمياط بين قوم كرام يكادون لا يذكرون الوطن و الوطنية علي الإطلاق ثم غادرهم القاهرة .
وهو يقول في صحيفة ، انه يرفع – وطنيتي – بيد الإخلاص إلي أمامي الوطنية وقائدي زمام الحركة الحاضرة رئيس الحزب الوطني محمد بك فريد و الشيخ عبد العزيز جاويش يرفع لهما ويهديهما هذا الكتاب الذي هو عنوان شعور نفسه قد تعهداه فسما و أمداه .
فإذا ما اثني عليهما في كتابه ثناء تلميذ معترف بما لهما عليه من التربية وواجب الإرشاد في كلمتيهما وتفريطهما كان ثناؤهما ثناء تلميذ أستاذ مرب حكيم يريد أن يبلغ بتلميذه شأوا من الفضل فلا يزال به مشجعا مرغبا.
الغاياتي يقول ما هو ابلغ من هذا كله واقطع في الدلال علي مثالوهم و اشتراكهم معه في وضعه هذا الكتاب بالذات حيث يقرر صراحة علي اثر قوله انه تلميذهما و إنهما مرشداه و معلماه أن ذلك كان أيضا شأني و شانهما في هذا الكتاب أي كان لهما في وضعه تلميذا كما كان كلاهما له في وضعه أستاذا ومرشدا .
أليس هذا اعتراف صريح بنماؤهم و تعاونهم علي وضع الكتاب المذكور ؟
ليس اقوي في الاحتجاج من عبارات ذات الجاني التي اطلع عليها المتهم كما سنيته بعد وسكت عنها سكوت المسلم بها المعترف بصحتها فأنهما هي التي بين لكم الحقيقة وت / كراكم حكاية الواقع من غير كذب و لا مداحاه . ولما يسال الشيخ عبد العزيز عن هذا الاعتراف الصريح بقول انه محض كذب افتراه الغاياتي لغرض في نفسه .
أبينك و بينه عداوة تحمله علي إسناد هذا الأمر أتليك، فيجب كلا ولا علم لي بالسبب الذي دفعه إلي قول ذلك.
أليس هو الغاياتي المصحح بالعلم اخبرا ؟ أليس هو الكاتب تلك القصائد في اللواء قديما ؟ أليس هو المهدي إليك كتابه حديثا ؟ أليس هو المثني عليك و المعترف بأستاذيتك له في طول كتابه وعرضه ؟ فما هو يا تري الباعث الذي يحمل هذا الرجل علي هذا الكذب المقوت .
يقول الشيخ لا ادري وان اعترف الغاياتي لا يسري علي .. صحيح ما تويده القرائن وتوكده وقائع الدعوي من اولها إلي اخرها .
ثم يقول انه يجوز أن يكون قصد الافتخار و اعطاء كتابه قيمه له باسناده إلي ما لهولاء الكتابيين يحسنون لا رباب الرذائل رذائلهم فيصورونها في نظرهم و في نظر العامة فضائل مما يلبسونها من ثياب الوطنية وبما يقولونه في تمجيدها ثم إذا اسألوا عنها حوسبوا عليها ينكرونها ويدعون أنهم لم يقراوها و أنها سخافات و كليمات وشعير لا قيمة لها .
إذا كانت هذه حال حمله الأقلام وأرباب الريا و الفكر فماذا يكون حال بقية الناس و سائر الطبقات ؟
هلا يوجد لأي هولاء الكتابيين قلوب واعية تمازجها روح الوطنية الصحيحة .
هلا لا يبلغون من التبصر بالعواقب حدا يقيهم شر الغوائل و المكار حتي أصبحوا علي حد قوله القائل : وفي كل يوم غاره مشعله و في كل عام غزوة و نزال
بالغ الغلاة و اغرقوا فلم يتعرفوا معني حرية القول حتي حسب الشاعر المفتون أن الحرية و الوطنية هي أن يقول ما يشاء ولا يسمي .
ولذلك لم يخلص كتاب وطنيتي من المعايب و المساوئ و إنا أدعو كل من لم يقتنع بهذه الحقيقة أن يطالعه ليتعرف هذا السخف بل تلك السخافات كما وصفها المتهم الحاضر .
ادعوه الدعوة التي تخالف ما دعاه إليه المتهم في مقدمته فهو دعا للناس لقراءته ليتعرفوا صدق عباراته وأنا ادعوهم ليتبينوا سخافة ذلك الكتاب الذي قال المتهم عنه في التحقيق لو كنت طالعته لمزقته و بعبارات أخري لما كنت اقره .
ليس اهون يا حضرات القضاة من جلوس الكتاب وراء كلامهم فيطير بهم خيالهم و يرسلون أقلامهم فيحملون علي الرجال و يرمون البعض بالمروق و البعض بالسوء و هم يضنون أنهم يحسنون عملا .
ليس أسهل علي من ليس لديه سوي جراه القول الهرب من أن يعمل بكتاباته علي مجافاة هيئات الحكومة و تسفيه أرائها و يفتن الناس ويقول ذلك هو خدمة المصلحة العامة بإخلاص و استقلال .
وهنا نبهت المحكمة النيابة لدعوتها الناس لقراءة هذا الكتاب و بالتالي لتسخين الجريمة التي تطلب الحكم علي المتهمين من اجلها فاستطرد رئيس النيابة قائلا هذه القيمة قد حصلت عليها مقدمتك التي كتبتها فيه وهي التي أن لم تجعلك معا فاعلا أصيلا في وضع الكتاب لأنها جزء منه كما قدمن فلا اقل من تجعلك شريكا له لأنك ساعته علي ترويج الكتاب و نشره بما كتبته عنه في مقدمتك يكون له قيمة و شان .
وبما يذهب الدفاع إلي ما لهج به بعض الجرائد اخبرا بشان الخطاب المقول بان الغاياتي أرسله من الاستانه إلي احدي الجرائد في مقصر ربه ينفي ما اسند في التحقيق إلي الشيخ و فريد بك و خلاصة ما في الخطاب متعلق يهما وأنهما لا يعلمان بإسراره و غايته وانه استكتبهما مقدمتين حكمتين دون أن يعلم شيئا من أمر الكتاب .
هذا الخطاب لم تتبن بعد صحته مصدره و لم يناقش الغايات بشأنه ولا بشان موضوع الجرائم مناقشة قانونية تكون من ورائها انه وجد الحق من الباطل وهو خطاب لا قيمة له في نظر القضاء من جهة ويكذبه ما قام في الدعوي من الأدلة المبطلة لما تضمنه من جهة أخري .
ومثل كاتبه لو صح انه غايتي وليس شخص أخر إنما كمثل كل جان ابعد نفسه بالهرب عن طائلة العقاب فأراد أن يبعد أيضا زملاءه في الاثم وشركائه في الجريمة عن تلك الطائل بزعم من المزاعم فادعاء من الدعاوي علي أن مسئولية الشيخ لم تكن مستفادة فقد مما قاله الغاياتي عنه في كتابه بل هي مستفادة أيضا من القصائد ومن الوقائع ثبتت من قبل .
ما لهولاء الشعراء و الكتاب يفسدون الأخلاق بما يقولون ويكتبون انتصارا لأنفسهم بعنوان " الوطنية و الكتاب " كما يعرفون هم من مجموع ألامه بمنزله العقل المدبر و الروح المفكر فصلاح حالهم وكتابتهم مصلح لحالها و فسادها مفسد له .
حاصل جوابات الشيخ عبد العزيز انه لم يطلع علي كتابه ولم يعرف ما فيه وانه كتب مقدمته مجامله للغاياتي .
ودليل علي عدم الاطلاع أن كتبت مقدمته وسلمها للغاياتي في شهر مايو قبيل أن يتم تاليف الكتاب و جمعه بدليل ما هو مذكور في أخر الكتاب .(وانهي تقريره في 24 يونيو 1910 ) وهذا دليل مردود .
اولا : ذكرت جريده الشعب في 5 ابريل 1910 وهي التي كان يحرر فيها الشيخ و يصحح فيها الغاياتي كانت لسان حال الحزب أن الغاياتي عزم علي طبع كتاب " وطنيتي " وانه يشتمل علي منظومات نظمها في الحركة الوطنية الحاضرة و علي مقدمت الاهداء كلمتين ماثورتين لفريد بك و الشيخ عبد العزيز و مزيل بمفترقات شتئ و أن قيمة الاشتراك ثلاثة قروش .. وهذه الواقعة لو ذكرت في أي جريده غير جريده الشعب لكانت مبطله لدليل المتهم إذ كيف يعلن عن العزم علي طبع الكتاب في 25 ابريل 1910 ، بل كيف يذكر في الإعلان وصف الكتاب وانه مبتدئ بكذا و مختم بكذا وفي وسطه كذا وان قيمة الاشتراك كذا و لا يكون قد تم بيعه أو حصل تاليفه ؟ بل كيف يذكر في ذلك التاريخ أن الكتاب يشتمل علي كلمتين للشيخ و لفريد بك ولا تكون مقدمة الشيخ قد كتبت و سلمت إلا في شهر مايو ؟
فكيف يكون انهي تاليفه بالمعني الذي يريده في 24 يونيو و طبعه في 3 يونيو و المسافة بين التاريخين لا تسمح بالطبع لا سيما وقد قال صاحب المطبعة أن الطبع استغرق من 15 إلي 18 يوم وان الغاياتي حضر له من اربع اسابيع مضت .
وهذا أوضح المحقق المتهم هذه الأوجه وكان جوابه انه ليس مسئول عما ينشر في الشعب و لا العلم لأنه لم يكن رئيس التحرير – ما لنا ولا لرئاسة التحرير فانه لم يسال عن موضوع ما ورد في العلم و هو من قبيل الوقائع.
بالغ الشيخ الحرص علي دعواه علي عدم الاطلاع أن أنكر اطلاعه علي الكتاب حتي ساعة التحقيق و أن لم يراه إلا إثناء استجوابه وقت أن دعت ضرورة التحقيق إلي قراءة شئ منه .
يا سبحان الله ينثر بعض قصائد الكتاب في جريده اللواء منذ كان الشيخ رئيس تحريره المسئول رسميا كالقصيدة إلي سمو الأمير و الوزارة وبعدها نشر ما كانت ترسل الرسائل باسم الشيخ عندما تعين الدكتور منصور رفعت مديرا مسئولا كقصيده دنجرا وقصيدة إلي الوزراء و نحوهما .
ويهدي الغاياتي للشيخ نسخة من الكتاب فتضيع منه لأنه وضعه علي مكتبه ثم افتقدها ولذلك لم يقراها ؟؟ . نعم أن الغاياتي نظم قصائد ومقاطيع أخري في إثناء طبع الكتابات بشان حوادث جدت بعد هذا التاريخ ثم ضمها إليه مثل ابياته علي القوانين الجديده وقصيده الحكم علي الورداني وقصيده روزفلت وهي عن حوادث تمت بعد 25 ابريل وان كانت لها مقدمات حصلت قبل ذلك التاريخ لكننا نحن لا المتهم بتلك القصائد الجديدة بل ناخذه عن القصائد التي اشرنا إليها مقدما ولا نزاع في أنها قيلت عن حوادث حدثت من أشهر مضت وقد ذكر منشئها تاريخ تلاقيها ، بل و أوضح في تعليقاته علي الكتاب ما سبق أن نشر منها في جريده اللواء .
فهذا الاعتراف الذي يتوقعه الاتهام من الكفاح غير سديد و مردود .
ثانيا : نشر في جريده العلم في 20 مايو 1910 أن نجز من طبع الكتاب ملزمتان تحتويان علي ابتداء الكتاب و إهداءه و علي كلمتين لفريد بك و للشيخ عبد العزيز بتوقيعهم علي ما يليهم من الكلام علي نشيد المارسيليز .
و نشرت تلك الجريدة أيضا في أيام مواليه في شهر يونيو أن الكتاب سيظهر قريبا و نشرت أيضا في 19 منه انه سيظهر في بحر أسبوع وقد ظهر بالفعل في 24 يونيو أي فيما يقرب من أسبوع هو تأويل قولهم في أخر الكتاب وتم تحريره أي طبعه في 24 يونيو .
فكيف يصح أن يقال بعد تعدد هذه النشرات أن الكتاب لم يبدأ في طبعه أو لم سيتم طبعه أو تاليفه إلا في 24 يونيو ؟ .
ثالثا: نشرت جريده العلم أول 3 يوليو 1910 أن الكتاب ظهر بالفعل وانه يطلب من صاحبه في إدارة العلم.
وينشر في جريده العلم مرات متوالية عن طبع الكتاب وظهوره وانه يطلب من صاحبه إدارة العلم .
وينشر في جريده العلم في 7 يونيو 1910 مقدمة فريد بك عن الكتاب وتكتب أيضا في تلك الجريدة مقدمة الشيخ جاويش ! .
يباع الكتاب في إدارة العلم بمعرفة الفراشين كل ذلك يحصل و الشيخ يقول انه ما قراء الكتاب إلا إثناء التحقيق وانه لو اطلع عليه لكان مزقه و في عبارة أخري لو عرفنا ما توجيه موضوعاته من المسئولية لما كان يقره عليه .
ليس الشيخ وحده الذي ينكر اطلاعه علي الكتاب حتي ساعة التحقيق بل قد أنكر ذلك أيضا إسماعيل أفندي حافظ مدير إدارة العلم إذ قال أن الغاياتي أهداه نسخة من الكتاب فردها إليه لتشويهه في احدي صورها ووعده بآخري ولكنه لم يفعل .
لماذا كل هذا الابتعاد عن وطنيتي إذ كان الغاياتي هو واضع الكتاب وحده بل لماذا كل هذا الإنكار إذا كان مدح الكتاب حصل اعتباره و مجامله ؟ .
بل لماذا يخفي الغاياتي كل المسودات فلا يوجد من أوراقه شئ لا في منزله ولا في ادجارة العلم ولا في المطبعة ؟
بل تهرب بتلك الأوراق كما هرب الغاياتي الآن . الغاياتي كان يظن أن في إخفائها إخفاء لجريمته وثبوتها لا يحتاج مثل هذه الأوراق مادام الكتاب شاهدا عليه و ناطقا بتاثيمة ؟
أم هناك سر يتعلق بإخفاء اشتراك اخرين معه في وضع هذه القصائد وتلك المنظومات .
لماذا لا توجد نسخ من هذا الكتاب في إدارة العلم وقد أعلن عنه بطلب من صاحبه فيه.
هذا ما وسعه المقام من مرفقه النيابة العمومية وقد خدمها صاحبه بأقوال جديدة بليغة أوضح بها واجبات الكتبة و المتصدرين للإرشادات و بث الوطنية في النفوس .
وتلاه حضره محمد علي بك ودفاعا عن الأستاذ الشيخ جاويش فاخذ ينتقض خطة النيابة في التحقيق فردته المحكمة في التكلم في الوقائع فقال أن الشعب نشر في ابريل الماضي إعلانا يفيد عزم الغاياتي علي طبع دواته وانه مصدر لمقدمتين الواحدة لحضره محمد فريد بك و الاخري للشيخ عبد العزيز جاويش ومعلوم أن الحكم علي الورداني بالإعدام كان في 18 مايو بعده وقصيده روزفلت أو خطبته في جيلد هل كان في 31 منه هذا يدل دلاله صارحة علي أن المقدمتين لم تكتبا تقريظا ولا مدحا كل ما ورد في هذا الديوان ولا كان في شئ مما يعاقب عليه قانونا وقت كتابتهما هذا فضلا علي اعتياد المقراظين المجامله في كل ما يطلب منه تقريظا من الكتب و المولفات وعن عدم تضمن المقدمة التي وضعها الشيخ لديوان وطنيتي مدحا في شئ خلال أسلوبه في النظم بضرب أمثله علي المجاملات في التقاريظ وعدم مطالبه واضعيها للموالفات التي يطلب منهم تقليظها منها أن المرحوم الشيخ ابراهيم اليازجي و شهرته في اللغة و الادب ما تحتاج إلي تعريف قرظ مولفا وضع لمذمته شخصيا تم ذكر شواغل الشيخ عبد العزيز و أعمال المختلفة بين العلم و مجله الهداية و الإفتاء في عده مسائل يستفتي فيها قائلا أنها تستغرق أوقاته وتمنعه من مطالع ديوان طلب واضعه إليه فاكتفي في مدحه أسلوبه حبب أخياره اللفظي ولم يتقصد غير ذلك .
وقال جوابا علي سوال للمحكمة انه دعي في مقدمته الناس بقراءة وطنيتي ولكنه لم بقراء شيئا منها بل سمع من الناظم انه سيسمي ديوانه " وطنيتي " اقتضاء بأحمد نسيم أفندي في تسميه ديوانه " وطنيات نسيم " .
وانتقل إلي قصيده ورد الربيع التي ضبطت في الغلاف الذي كان يحمله الشيخ عبد العزيز فانتقض استخلاص النيابة منها شبهاتها المعروفة لكلام لا يتعدي ما انتقضتها الصحف عليه قبله .
وهنا طلبت إليه المحكمة أن يثبت بالادلة المقنعة عد اطلاع الشيخ عبد العزيز علي وطنيتي مشتمل قبل الطبع أقام الشيخ نفسه و قال أن الغاياتي اخبرني انه سيجمع إشعاره في ديوان يسميه وطنيتي و طلب مني تقليظه فاجابته علي طلبه علي انني ما اطلعت علي شئ من ذلك الديوان ولا كان هو قد طبع شيئا منه في ذلك الحين .
فسالت المحكمة لماذا لم تطلب الاطلاع علي وطنيتي قبل اعطاء نائمها التقريظ ، قال إني ما خشيت قط من اعطاء تقريظه لمعرفتي أن قصائده التي ينوي جمعها طبعت كلها في اللواء قبل ذلك بأشهر فلم يحاكمه عليه احد .
قالت المحكمة ذلك حجه عليك لا لك و الحكومة حرة في نمهن المحاكمة حينا و تطلبها في حينا أخر .
قال الشيخ غرضي من هذا البيان كله أن اؤؤكد للمحكمة عدم اطلاعي علي وطنيتي قبل طبعها .
و استئناف حضره عزتلو محمد علي بك الكلام بعده ما غير وبدل في الديوان من فترة الإعلان عنه و الفراغ من طبعه و انتقل إلي البحث في تعريف النيابة للجرائم المعزوه إلي المتهمين مخطاءا إياها في تطبيق القانون بكلمات موجزا و أبقت التفصيل بعده لحضرة عزتلو احمد لطفي بك شريكه في الدفاع عن الشيخ عبد العزيز جاويش .
بعد هذا وقف حضره عزتلو احمد لطفي بك فأسهب في تخطيئه النيابة العمومية لعدم تعينها النهمات وإجمالها الكلام عليها إجمالا عاما و تكلم عن الاشتراك و دعائمه وسوء القصد بفصاحته المعهودة .
وتلاه حضره وهيب دوس أفندي مدافعا عن اليأس دياب أفندي مدير مكتبة التأليف و حضر شريكة عزتلو محمد أبو شادي بك مدافعا عن الشيخ القز ويني و اليأس دياب أفندي بل عن المتهمين الأربعة جميعا لتناوله في مرافعته البحث في جميع التهم المسندة اليهم و تفنيدها و تفسيره الأبيات التي اعتمدت عليه النيابة العمومية لطلب معاقبتهم يخالف العاني المستخرجة منه و دفع إلي المحكمة في خاتمة مرافعته مذكره مطبوعة بتفاصيل النهمات و الردود عليها .
الحكم اليوم
وبعد ذلك انفضت الجلسة علي أن تعقد اليوم في الساعة الرابعة مساءا للنطق بالحكم.
افتتحت محكمة الجنايات أول أمس الحكم في قضية النيابة العمومية علي الشيخ علي الغاياتي وشركائه بالمقدمة المألوفة بالإحكام القضائية مشفوعه بالتهمات المسنده إلي المتهمين و العقوبات المطلوب تطبيقها عليهم و انتقلت من ذلك إلي وقائع القضية فقالت ما يلي .
وحيث انه يثبت من التحقيقات التي حصلت في هذه الدعوي من الاطلاع علي ما ورد في الكتاب المضمون بوطنيتي انه في شهر يونيو إلي 24 منه 1910سنه و إلي 10 يونيو 1910 بعده قد تجاري الشيخ علي الغاياتي في القاهرة علي وضع و نشر كتاب سماه وطنيتي يشتمل علي قصائد و منظومات شعرية تتضمن بعضها تحرض علي كرهيه الحكومة و الازدراء بها بالصحف الآتية بنمرة 24 تحت عنوان طيف الوطنية ضمن ابياته :
- وولاه اقسموا أن يسجدوا كلما رام العدا منه مراما
و في صفحة 56 :
إلا أمطر الله الوزارة نقمة ولا بلغت مما تروني مراما
تحاول أن تقضي علينا بأنها ولكني ستلقي دون ذاك آثاما
في صفحة 68 :
باليت شعري هل بدا في مصر يوم أقمتم
إلي بيت :
حتي تحاربنا الحكومة عندما تتلم
وتسومنا سوء العقوبة أينما نترحم
في صفحة 74 موجها كلامه إلي أعضاء الحركة حيث قال :
تزلزلت قدامكم من هولها وهر عتمو فزعا إلي الابواب
ورضيتمو الهرب المعيب لأنه خيرا من الافلاس عند حساب
و في صفحة 75 مسترسل في نفس هذه القصيد بقوله لهم :
عار عليكم أن يقال وزارة لم تضر أن سئالت بيان جواب
هربت فرارا من ميادين السؤال وسجلت ما سجلت من عاب
في 77 ما نصه :
ظالمات من المظالم اودت بضياء الحياه بعد الحياه
يشتكي الشعب و القضاة خصوم لمن يشتكي خصام القضاة
وعقوبة علي هذا الامر حين إذ بمقتضي المادة 148 ، 151 عقوبات . وهو تجراه أيضا في الظروف المذكورة علي نشر هذا الكتاب وطنيتي و علي عيبة فيه في حق ذات .
و لي الامر في صحفتي 56 ، 55 موجها خطابه إلي سمو الأمير بما نصه بعض أبيات :
ونيأس من أمالنا في كلما قضيت علينا أن تكون غضابا
وأرضيت أعداء البلاد و أهلها وأصليتنا بعض الوفاق عذابا
رويداك يا عباس لا تبلغ المدي ولا تستمع للظالمين خطايا
وعقوبته علي هذا الامر تكون بمقتضي المادة 148 ، 156 عقوبات . وكذلك هو حسن في هذا الكتاب في الظروف المذكورة جريمتي دنجرا الهندي و الورداني بقتلها وذيرين في صحيفة 60 – 61 بقوله :
هنينا فقيد الهند ملت مدي المجد وخلدك التاريخ في مصر و الهند
وقدمت نفسا للفداء كبيرة وتبعث وجدا في النفوس علي وجد
إلي أن قال :
يموت ولكن لا يموت جهاده عما قريب تصبح الهند للهند
في أبيات أخري عن دنجرا بقوله :
كيف أرثيك دنجرا بمقال يدعي القوم انه اجرام
إلي أن قال :
مت بالامس والممات حياه خلدتها بذكرك الايام
فسلام عليك و الدمع جار وسلام و في القلوب ضرام
في صفحة 101 حسن حرية ناصف الورداني بأبيات مطبوعة في هذا الكتاب اولها
هل خل ابراهيم عند قضائه أملا من الأمل دون حياه
إلي أن قال:
حتي كان الموت من رغباته يقول في الأحياء بعد مماته
وعقوبته علي هذا الامر تكون بمقتضي المادة 148 ،ـ و 154 عقوبات .
وكذلك في الظروف المذكورة أهان الشيخ علي الغاياتي سعادة ناظر الحقانية بصفته موظفا عموميا وبسبب وظيفته هذه وبصحيفة 63 ،64 حيث قال موجها كلامه إليه :
حكمت فلم تنصف وقت فلم تصب ورمت مراما دونه الله و الناس
وتجت واسرار الوزارة معنا وابدت ما لم يبد غالي و عباس
فاغضبت في مصر القضاة وأهله وأرضاك أن يرضي خوان ودساس
فلا بك بعد الآن للعدل موئلا فغيرك بعد الآن للعدل حراس
ويارب بسبب الظلم من شئت بيننا فغاية ما يغني من الظلم إفلاس
وعقوبته علي هذا الأمر تكون بمقتضي المادة 148 و159 عقوبات وكذلك في هذه الظروف كلها حصل مذكور جريمة الشيخ عبد العزيز جويش التي حكم عليه بسببها في 25 أغسطس 1909 وذلك في صحيفة 67 مخاطبة له:
يا ساكن السجن الكريم وأنت نعم الأكرم
وإلي أن قال :
ما السجن للشرفاء إلا رفعة وتنعيم
أنت البريء ومن بخالك مجرما وهو مجرم
وعقوبته علي هذا تقوم بمقتضي المادة 148 ، 154 عقوبات.
وحيث أن هذه الجرائم ارتكبت بالنشر في كتاب واحد هو "وطنيتي" ولغرض واحد وهي مرتبطة في الكتاب المسمي يبعضها فيجب اعتبارها جميعها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لا شدها وهو هذا المذكور في المادة 151 عقوبات.
وحيث أنه لم يثبت أن المتهم الشيخ علي الغاياتي قد حرم مباشرة علي القتل في كتابه الذي نشره باسم وطنيتي هذا وحينئذ إذ يجب براءته من هذه التهمة.
وحيث أن الذي ثبت للمحكمة من التحقيقات التي حصلت في هذه الدعوي بخصوص الشيخ عبد العزيز جويش هو أنه في شهر يونيو 1910 بالقاهرة إلي 24 منه وإلي 10 يوليو بعد غد قد حسن ومجد وضع كتاب وطنيتي ونشره الذي ثبت أنه في حد ذاته حاو ومشتمل علي جملة أفعال معاقب عليها قانونا بصفة جنحة وذلك بأن أمتدح هذا الكتاب بمقدمة وضعها فيه بإمضاء وهي مطبوعة تحت عنوان الشعر والشاعر وأخرها "ومن شاء أن يري نموذجا من الشعر جمع بين رقة الألفاظ وجزالة المعاني وألف بين أحكام التأليف وصدق العبارة فليقرأ شيئا من وطنيتي ومن شاء فليسأل عن أسعارها تلك الهمم الناهضة والنفوس المتوقدة والعزائم الصادقة فأنها من غراسها وجميل ثمارها ، الخ صفحة 9 – 10 -11 وحينئذ فعقوبته علي هذا الأمر تكون مقتدي المادة 148 ، 154 عقوبات .
وحيث أنه ثبت أنه في أوائل شهر يوليو إلي 6 منه إلي 10 بالقاهرة تجرأ كلا من الشيخ محمد حسن القز ويني وإلياس أفندي دياب علي ترويج الكتاب المطبوع والمنشور بأسم وطنيتي المشتمل علي قصائد ومنظومات هي معاقب عليها قانونا كما سبق بيانه بأن باع الشيخ القز ويني عدة نسخ لإلياس أفندي دياب بقصد بيعها وهذا أعده للبيع وباع منها فعلا لأشخاص أخرين بعض العلم بضبط الكتاب بمعرفة الحكومة منعا لإنتشاره مع علمهما بما أشتمل عليه من العبارات المعاقب عليها قانونا بصفة جنحة مذكورة بالمواد 151 – 154 – 156 عقوبات فتكون عقوبتهما بمقتضي المادة 39 فقرة ثانية و148 عقوبات .
حيث أنه لم يسبق الحكم علي المذكورين وقد رأت المحكمة معاملتها بمقتضي المادة 52 وما يليها.
حكمت المحكمة غيابيا بالنسبة للشيخ علي الغاياتي وحضوريا للشيخ عبد العزيز جاويش و الشيخ القز ويني و اليأس دياب اولا – بمعاقبة الشيخ علي الغاياتي بالحبس لمده سنه مع الشغل و تبرئته من تهمة التحريض علي القتل – ثانيا – يحبس الشيخ عبد العزيز جاويش مده 3 اشهرا حبسا بسيطا . ثالثا – بمعاقبه كل من الشيخ محمد حسن القذويني و اليأس أفندي دياب مده شهرين و ايقاف تنفيذ هذا الحكم الآن طبقا للماده 52 ، 54 عقوبات .