باسم الشعب
المحكمة العليا بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 27 نوفمبر سنة 1976م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة وحضور السادة المستشارين :
محمد عبد الوهاب خليل وعمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نواب رئيس المحكمة
والمستشارين على أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه ومحمد فهمى حسن عشرى أعضاء وحضور
السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 4 لسنة 7 قضائية عليا " دستورية ". المقامة من ضد " الوقائع" أقام المدعى هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة فى 17/3/1976 جاء فيها أنه كان وكيلاً للإدارة القانونية بالشركة العامة للتجارة والكيماويات. وقد رفع الدعوى رقم 752 لسنة 1972 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد هذه الشركة، طالباً الحكم ببطلان وإلغاء تقدير كفايته عن عام 1971 وإلغاء ما يترتب عليه من آثار، مع تعويضه عما أصابه من أضرار نتيجة لذلك. وقد دفعت المدعى عليها بعدم الاختصاص الولائى بنظر الدعوى وقضت المحكمة برفض هذا الدفع كما قضت له بمبلغ 1500 ألف وخمسمائة جنيه تعويضا ورفضت طلب إلغاء تقدير الكفاية استناداً إلى أنه نهائى ولا يجوز المساس به لا بالالغاء أو التعديل. فاستأنف المدعى هذا الحكم بالطعن رقم 4562 لسنة ح 90 ق، كما استأنفته الشركة. ودفعت من جديد أمام محكمة الاستئناف بعدم الاختصاص الولائى، تأسيساً على ما تقضى به المادة 16 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بشأن تقرير النهائية للقرار المطلوب الحكم بإلغائه. وقد رد المدعى على ذلك قائلاً أن النهائية الواردة بالمادة 16 المشار إليها، إنما تعنى صيرورة تقدير الكفاية نافذا منتجاً آثاره القانونية، لا عدم جواز الطعن فيه أمام القضاء، وطلب من باب الاحتياط ، أن رؤى تفسير النهائية على غير هذا الوجه، أن ترخص له المحكمة فى رفع دعوى بعدم دستورية نص المادة 16 من القانون رقم 61 لسنة 1971، وقد قررت محكمة الاستئناف فى 26/2/1976 اعادة الدعوى للمرافعة على أن يقوم المدعى برفع دعوى بعدم دستورية المادة 16 من القانون رقم 61 لسنة 1971 أمام المحكمة العليا خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ النطق بالقرار. وفى 17/3/1976 أودع المدعى بقلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالبا الحكم بعدم دستورية نص المادة السادسة عشرة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بالقانون رقم 61 لسنة 1971، وذلك فيما تضمنته من النص على نهائية قرار رئيس مجلس إدارة الشركة بالفصل فى التظلم من تقدير الكفاية، مع إلزام المدعى عليها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 4 من ابريل سنة 1976 أودعت الحكومة مذكرة بدفاعها، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكفالة. وأودعت الشركة المدعى عليها الثانية مذكرة بدفاعها فى 10 من ابريل سنة 1976 طالبة كذلك رفض الدعوى. وبتاريخ 20 من ابريل سنة 1976 أودع المدعى مذكرة تكميلية بدفاعه، صمم فيها على طلباته الواردة بعريضة الدعوى. وقدمت هيئة المفوضين تقريراً، انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات. وقد نظرت الدعوى بجلسة 6 من نوفمبر سنة 1976 وفيها أرجأت المحكمة إصدار الحكم لجلسة 20 من نوفمبر سنة 1976، ثم أرجئ إلى جلسة اليوم. " المحكمة " بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة . من حيث أن الدعوى استوفت الأوضاع المقررة قانوناً ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية المادة 16 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 فيما نصت عليه من نهائية قرار رئيس مجلس إدارة الشركة بالفصل فى التظلم من تقدير الكفاية مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك استنادا إلى الأوجه الآتية: أولا: أن حرمان العامل بشركات القطاع العام من حق الطعن بالبطلان فى القرارات النهائية يخالف حكم المادة 68 من الدستور التى تكفل للناس حق التقاضى فى كافة أمورهم الغاء وتعويضا. كما يخالف أحكام المادتين 64 و 65 من الدستور فيما جاء بهما من أن سيادة القانون اساس الحكم فى الدولة وأن الدولة تخضع لأحكام القانون مما يقتضى خضوع أجهزة الدولة لأحكام القانون. ثانيا : أن حرمان العاملين بالقطاع العام من حق الطعن فى تقاريرالكفاية الخاصة بهم مع تخويل هذا الحق لغيرهم من الموظفين ينطوى على اخلال بحق المساواة المقرر بالمادة 40 من الدستور. ومن حيث إن الحكومة دفعت الدعوى بأن المادة 16 المطعون فيها لا تعنى بالنص على نهائية قرار رئيس مجلس الإدارة بالفصل فى التظلم من تقدير الكفاية، عدم خضوع هذا القرار لرقابة القضاء وانما تقصد فقط أن تقدير الكفاية يكون منذ البت فى التظلم منتجا لجميع آثاره القانونية. دون مصادرة لحق محكمة الموضوع فى أن تستخلص من النصوص القانونية التى تحكم موضوع النزاع ما إذا كانت سلطتها تمتد إلى الغاء التصرف أو القرار المطعون فيه، أو تقتصر على الحكم بالتعويض عن الأضرار المترتبة عليه، فذلك أمر لا يتصل بدستورية أو عدم دستورية النص المطعون فيه، وانما يتصل بسلامة تطبيق القانون بنصوصه الموضوعية أو عدم سلامته. كما أنه لا محل للنعى على النص المطعون فيه بالاخلال بمبدأ المساواة، ذلك أن المساواة التى نص عليها الدستور فى الحقوق والواجبات العامة ليست مساواة حسابية والتفرقة فى الحكم بين موظف مؤسسة القطاع العام وبين العامل بشركة القطاع العام ليست تفرقة بين أفراد فئة واحدة ذات مركز قانونى واحد، وانما هى بين فئتين لكل منها أوضاعها القانونية الخاصة بها. ومن حيث إن الشركة العامة للتجارة والكيماويات ردت على الدعوى قائلة، أن النص المطعون فيه لا يخالف الدستور فى المواد 64 و 65 و 68 التى أشار إليها المدعى وطلبت رفض الدعوى. ومن حيث إن المادة 16 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 تنص على أن" يخطر العامل الذى قدرت كفايته بتقرير متوسط فأقل بأوجه الضعف فى مستوى أدائه لعمله ويجوز له أن يتظلم من هذا التقدير كتابة خلال أسبوعين من تاريخ إخطاره به إلى رئيس مجلس الإدارة على أن يفصل فى التظلم فى ميعاد لايتجاوز شهرا من تاريخ تقديم التظلم ويكون قراره فيه نهائيا". ومن حيث إنه يستفاد من هذا النص أن نهائية القرار الصادر بالبت فى التظلم – حسب قصد الشارع من عبارته – لا يعنى سوى وضع حد لمدارج التظلم من تقدير الكفاية وأن هذا التقدير قد استنفد جميع مراحله فى درجات السلم الرئاسى بحيث لم يعد قابلا للتظلم أمام أى جهة رئاسية وذلك لايفيد حظر الطعن فيه قضائيا بطلانا وتعويضا أمام الجهة القضائية المختصة ان كان لذلك وجه ما دام تقدير الكفاية غير مقترن بما يفيد حظر الطعن فيه. ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن شركات القطاع العام ليست جهات إدارية بل أنها تعتبر من أشخاص القانون الخاص وأن العاملين بها ليسوا موظفين عموميين فلا تعتبر القرارات الصادرة فى شئونهم قرارات إدارية ومن ثم فإن تقارير كفاية هؤلاء العاملين لا تعتبر قرارات إدارية مما تخضع لرقابة القضاء الإدارى إلغاء وتعويضا بل هى مجرد أعمال قانونية غير إدارية مما تختص جهات القضاء العادى بالفصل فيها بطلاناً وتعويضاً وكلاهما صورتان من صور التعويض، الأولى تعويض عينى والثانية تعويض بمقابل، فيكون للمحكمة المختصة سلطة تقديرية فى الجمع بين الأمرين أو الحكم بأحدهما دون الآخر، حسبما تراه ملائما فى تعويض الضرر المترتب على التقرير المخالف للقانون. ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المادة 16 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه فيما نصت عليه من أن " يكون قرار مجلس الإدارة الصادر بالفصل فى التظلم من تقدير كفاية نهائيا" لا يعنى حظر الطعن فى هذا القرار أمام جهة القضاء العادى المختصة التى تملك سلطة الفصل فى هذا الطعن بطلانا وتعويضا على النحو المتقدم ذكره، مما يكفل سيادة القانون وكفالة حق التقاضى للكافة دون تفرقة أو تمييز فى هذا الحق، ومن ثم تكون الدعوى إذ قامت على مخالفة النص المذكور للمواد 40 و 64 و 65 و 68 من الدستور غير قائمة على أساس سليم من القانون متعينا رفضها. ومن حيث إن المدعى سبق إعفاؤه من الكفالة.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة . أمين السر رئيس المحكمة سيد عبد البارى إبراهيم بدوى إبراهيم حمودة