مذكــــــرة بــــــــدفـــــــــــــاع
محمـــــــد الشــرقاوى بصفتـــه : متهـــم أول
ضــــــــــــــــــــــــد
النيابة العامة بصفتها : سلطة اتهام
اشرف محمد جمعة بصفته : مدعى بالحق المدنى
فى الدعوى رقم 9427 لسنة 2008جنح قصر النيل
والمحدد لنظرها جلسة يوم االاربعاء الموافق 26/11/2008
الوقائـــــــــع
بتاريخ 6/7/2008 نشرت جريدة أخبار الأدب والتى يرأس تحريرها السيد/ جمال الغيطــــانى مجموعة مقالات مكملة لبعضها البعض عن المطبعة للأستاذة / منصورة عز الدين ، ومن ضمنها مقالا بعنوان " المطبعجى رقيبا " للأستاذ احمد ناجى ، تناول من خلاله ظاهرة رقابة عمال المطابع على الكتب ، واستعرض من خلاله آراء أصحاب بعض دور النشر ، وقد نسب محرر المقال بعض العبارات الى المتهم الأول .
وحيث أن عريضة الجنحة المباشرة أفصحت عما بصدر المدعى بالحق المدنى من وجود ثمة خصومة فيما بينه وبين المتهمين ، وهى السبب الرئيسى لمقاضاته ، والتعسف فى استخدام حقه فى التقاضى للنيل بالمتهم الثانى والإضرار به ، وهو الأمر الذى سوف يستبين لعدالة المحكمة من خلال الدفوع والدفاع التى نوردها على النحو الأتى :
الدفـــــــــــــــــــــــاع
اولا : الدفع بعدم انعقاد الخصومة بالنسبة للمتهم الأول لبطلان التكليف بالحضور
تنص المادة [232 ](1) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه :
" تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على أمر يصدر من قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو من المدعى بالحقوق المدنية"
كما تنص المادة [234 ] من قانون الإجراءات الجنائية على أنه :
" تعلن ورقة التكليف بالحضور لشخص المعلن إليه ، أو فى محل إقامته بالطرق المقررة فى قانون المرافعات فى المواد المدنية أو التجارية .................................................... "
وفقا لنص المادة 232 /1من قانون الإجراءات الجنائية تدخل الدعوى المباشرة فى حوزة المحكمة إذا تم تكليف المتهم بالحضور ، وهو ما استقرت عليه محكمة النقض فى العديد من احكامها حيث قضت بأن :
"التكليف بالحضور هو الإجراء الذى يتم به الادعاء المباشر ويترتب عليه كافة الآثار القانونية ويترتب على عدم إعلانه عدم دخول الدعوى فى حوزة المحكمة "
( 21/5/1980 أحكام النقض س 31 ق 127 ص 654 )
كما حددت المواد التالية ومنها المادة 234/1 متى يكون هذا التكليف صحيحا يرتب أثره القانونى ، بأن يتم تكليف المتهم بالحضور بإعلانه لشخصه أو فى محل إقامته على أن يتم هذا الإعلان وفقا للطرق المقررة فى قانون المرافعات.
فقد قرر المشرع أن الدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة إلا بإعلان المتهم بتكليفه بالحضور للجلسة المحددة على أن يكون ذلك الإعلان صحيحا قانونا فالإعلان الصحيح هو شرط اتصال المحكمة بالدعوى المباشرة.
وفى هذا الصدد قضت محكمة النقض بأنه :
" البين من نص المادة 232 إجراءات جنائية فى صريح لفظه وواضح دلالته أن حق توجيه التهمة إلى المتهم بالجلسة عند قبوله المحاكمة مقصور على النيابة العامة دون المدعى بالحقوق المدنية ، وان الدعوى الجنائية التى ترفع مباشرة من المدعى بالحقوق المدنية ودعواه المدنية التابعة لها المؤسسة على الضرر الذى يدعى انه لحقه من الجريمة ، لا تنعقد الخصومة بينه وبين المتهم وهو المدعى عليه فيها إلا عن طريق تكليف بالحضور أمام المحكمة تكليفا صحيحا ، وما لم تنعقد الخصومة بالطريقة التى رسمها القانون ، فان الدعويين الجنائية والمدنية لا تكونا مقبولتين من المدعى بالحقوق المدنية ".
( 5/4/1984 أحكام النقض س 35 ق 85 ص 390 )
و الإعلان الصحيح هو الإعلان الذى يتم وفقا لقانون الإجراءات الجنائية وبالطرق المقررة فى قانون المرافعات، فقانون المرافعات استلزم لصحة الإعلان أن يكون لشخص المعلن إليه أو فى موطنه، وقد استقرت محكمة النقض على انه "يجب أن تعلن ورقة التكليف بالحضور بالطرق المقررة فى قانون المرافعات.
وحيث تقضى المادة 11 من قانون المرافعات : " بأن تسلم ورقة الإعلان إلى الشخص نفسه أو فى موطنه " والموطن كما عرفته المادة 40 من القانون المدنى هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة، وبهذه المثابة لا يعتبر المكان الذى يباشر فيه الموظف عمله موطنا له .
لما كان هذا وكانت المادة 19 من قانون المرافعات تنص على انه :
" يترتب البطلان علي عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المواد 6 ، 7 ، 9 ، 10 ، 11 ، 13. "
الامر الذى يستبين منه بطلان اعلان المتهم الثانى بعريضة الدعوى المباشرة .
وهو ما استقرت عليه محكمة النقض فى العديد من أحكامها ، حيث قضت بأنه : " ومن ثم فان الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار معارضة الطاعن كأن لم تكن تأسيسا على صحة إعلانه بمحل عمله يكون مخطئا فى القانون ومعيبا بالبطلان الذى يستوجب نقضه والإحالة"
(نقض 1/3/1966 مج س 17 ص 218 علام ص 366، وفى نفس المعنى انظر الطعن رقم 186 سنة 19 ق جلسة 7/2/52 ص 32 من إعلان الأوراق القضائية - محمد احمد عابدين ط 90)
من جماع ما تقدم يثبت لعدالة المحكمة بطلان إعلان المتهم بصحيفة الدعوى المباشرة ، وعدم اتصال المحكمة بالخصومة .
ثانيا: الدفع بعدم قبول الدعوتين الجنائية والمدنية لرفعها من غير ذى صفة
أقام المدعى بالحق المدنى هذه الجنحة الماثلة ضد المتهم الثانى وآخر ، بزعم قيامهما بقذف وسب عمال المطبعة الذهبية من خلال ما ورد بمقال المطبعجى رقيبا المنشوربجريدة أخبار الأدب يوم 6/7/2008 الذى تم تحريره من قبل الأستاذ / احمد ناجى " محرر المقال "
وقبل الدخول فى الموضوع والتحقق من العبارات الواردة بالمقال سواء تنطوى على معانى تتحقق معها جريمة القذف والسب من عدمه ، اما لا ، نثير فقط هذه النقطة ،
ان ما تضمنته عريضة الادعاء المباشر فى الجنحة الماثلة ، والمقال موضوع الاتهام من عبارات يدعى انها تنطوى على عبارات تتحقق معها جريمة القذف والسب موجهة الى شخص معنوى ولم توجه الى شخص المدعى بالحق المدنى .
وهو ما يثبت معه عدم توجيه اى عبارات ضد شخص المدعى بالحق المدنى ، فالعبارات موجهة الى شخص معنوى وهى المطبعة الذهبية وعمالها ، الأمر الذى يستبين يصبح معه المدعى بالحق المدنى غير ذى صفة ، ومن ثم لا تتوافر فيه الشروط المقررة قانونا لإقامة الدعوى وقبولها .
لما كان هذا وكانت المادة 52 من القانون المدنى تنص على أنه :
الأشخاص الاعتبارية هى : .............................
4 – الشركات التجارية والمدنية
6 – كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص فى القانون
كما تنص المادة 53 من القانون المدنى على انه :
1 – الشخص الاعتبارى يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية وذلك فى الحدود التى قررها القانون .
2 – فيكون له :
أ – ذمة مالية مستقلة .
ب – أهلية فى الحدود التى يعينها سند إنشائه أو التى يقررها القانون .
ج – حق التقاضى
د – موطن مستقل ويعتبر موطنه المكان الذى يوجد فيه مركز إدارته والشركات التى يكون مركزها الرئيسى فى الخارج ولها نشاط فى مصر يعتبر مركزها الرئيسى فى الخارج ولها نشاط فى مصر يعتبر إدارتها بالنسبة الى القانون الداخلى ، المكان الذى توجد فيه الإدارة المحلية 3 – ويكون له نائب يعبر عن إراداته .
لذلك فالحق فى رفع الدعوى المباشرة فى مواجهة الجانى يكون قاصرا على الممثل القانونى للمطبعة الذهبية وفقا لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التى تقصر حق تقديم الشكوى على المجنى عليه أو وكيله الخاص.
وحيث لم يختصم الممثل القانونى للمطبعة الذهبية ، المتهمين فى هذه الجنحة الماثلة ، وإنما شخص المدعى بالحق المدنى ، وخلت عريضة الادعاء المباشر من ثمة دليل على صفته أوأنه الممثل القانونى للمطبعة الذهبية أو أحد عمالها عند إقامته لهذه الجنحة ، الأمر الذى يثبت معه انتفاء صفة المدعى بالحق المدنى فى تحريك الدعوى الجنائية ضد المتهمين .، ويتعين على المحكمة القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة .
وقد قضت محكمة النقض فى العديد من أحكامها أن "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية والدعوى المدنية التابعة. جوهري. وجوب تعرض المحكمة له إيراداً ورداً. إغفال ذلك. قصور"
ثالثا وفى الموضوع : في طلب وقف الدعوي تعليقا لحين الفصل في الدعاوي الدستورية
- لما كانت وظيفة المحكمة الدستورية العليا أن لها وحدها دون غيرها الاختصاص بالرقابة علي دستورية القوانين طبقا لنص المادة 175 من الدستور و ينحصر دور المحاكم الاخري إذا تراءي لها في أي نص قانوني معروض أمامها شبهه مخالفته لنصوص الدستور أو دفع احد الخصوم في نزاع معروض أمامها بعدم دستورية نص قانوني مطبق في النزاع المطروح علي المحكمة ورأت المحكمة جدية هذا الدفع فإنها أما أن تحيل من تلقاء نفسها الدعوي إلي المحكمة الدستورية للفصل في مدي دستورية هذا النص وان تمهله أجلا لإقامة الطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا .
- ولما كانت النصوص القانونية المطالب بتطبيقها في الدعوي الماثلة قد تم إقامة عدد (8) طعون أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية هذه المواد و هي الطعون أرقام 25لسنه 21 ، 83 لسنه 21
، 60 لسنه 22، 149 لسنه 22 ، 274 لسنه 23 ، 16 لسنه 24 ، 82 لسنه 24 ، 102 لسنه 24 ومطلوب الحكم فيها بعدم دستورية المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات وهي ذات المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .
- وهذا الأمر يؤكد بوجود شبهه مخالفة هذه المواد للدستور وترجح صدور حكم بعدم دستورية هذه المواد الأمر الذي يكون معه طلب وقف الدعوي الماثلة لحين الفصل في هذه الدعاوي الدستورية هو طلب مصادف لصحيح القانون حيث أن العدالة تقتضي أن يحاكم المتهم بنصوص قانونية صحيحة ومتوافقة مع نصوص الدستور لا نصوص متعارضة مع الدستور و أحكامه لذلك فان استمرار محاكمه المتهم بهذه النصوص يعد افتئاتا علي حقه في المحاكمة العادلة و المنصفة حيث انه يشترط في المحاكمة أن تكون وفقا لنصوص قانونية متسقة مع الدستور ومبادئ حقوق الإنسان وهذا ما ينتفي في نصوص المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .
رابعا : مشروعية الفعل استنادا إلى حرية الرأى والتعبير
و من المسلم به في القانون الدستورى و الفقه الجنائي – أن أهمية الصحافة تبدو في:
“ أنها السبيل علي إقامة وحده معنوية بين أفراد المجتمع ، فهم يعلمون طريق هذه الوسائل بالأمور التي تهمهم جميعا وتتاح لهم الاطلاع علي قدر مشترك من القيم الاجتماعية ، فتكون رباط جميع بينهم ، وعن طريق وسائل الإعلام يستطيع أفراد المجتمع العلم بالقيمة الاجتماعية للأعمال التي تصدر ممن يتصدون لخدمة المجتمع في المجالات المختلفة فيعرفون ما إذا كانت نافعة من الوجهة الاجتماعية ام ضارة وقد صارت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر احد أساليب الحكم – فعن طريقها تخطر الدولة الأفراد بما يهمها أن يعلموا كي يتعاونوا معها لخير المجتمع ....(محمود نجيب حسني – شرح قانون العقوبات القسم الخاص بند 638)
والدستور باعتباره القانون الأساسى الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ، ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها ، قد كفل حماية وحرية الصحافة حيث قرر بموجب نص المادة 47 أن : " حرية الرأى مكفولة ، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقوة أو بالكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون ، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى "
المادة 48 من الدستور المصرى تنص على أن : "حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها ووقفها وإلغائها بالطريق الإدارى محظور" .
المادة 206 من الدستور المصرى تنص على أن : " الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها على الوجه المبين فى الدستور والقانون "المادة 207 من الدستور المصرى تنص على أن : " تمارس الصحافة رسالتها بحرية واستقلال فى خدمة المجتمع بمختلف وسائل التعبير تعبيرا عن اتجاهات الرأى وإسهاما فى تكوينه وتوجيهه فى أطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وذلك كله طبقا للدستور والقانون "
المادة 210 من الدستور المصرى تنص على أن :للصحفيين حق الحصول على الأنباء والمعلومات طبقا للأوضاع التى يحددها القانون ولا سلطان عليهم فى عملهم "
وتواترت الأحكام التى أرستها المحكمة الدستورية العليا المقررة لحرية الرأى والتعبير وحرية الصحافة
الأصل المقرر فى القانونين الدستورى والجنائى انه لايجوز تجريم اى عمل مما يعتبر استعمالا لإحدى الحريات ومنها حرية الصحافة وحرية التعبير ومن باب أولى لايجوز التوسع فى تفسير القيود والجرائم التي تنتج من استعمال هذه الحرية .
فالدستور كفل للصحافة حريتها واستقلالها بما يحول – كأصل عام دون التدخل فى شئونها أو إرهاقها بقيود تؤثر فى أو إضعافها من خلال تقليص دورها فى بناء المجتمع وتطهيره متوخيا دوما لها أفضل الفرص التي تكفل تدفق الآراء والأنباء والمعلومات والأفكار ونقلها إلى المواطنين ليكون النفاذ إليها حقا لا يجوز أن يعاق وباعتبار أن الدستور – وان جاز فرض رقابه محدودة عليها – فذك فى الأحوال الاستثنائية فى مواجهه تلك المخاطر الداهمة التي حددتها المادة 48 من الدستور
( حكم المحكمة الدستورية العليا فى 32 يوليو 1995 القضية رقم 25 لسنه 16 ق )
حرية الراى والتعبير وفقا للمواثيق الدولية
عرفت المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية الحق فى حرية الرأى والتعبير وتداول المعلومات وعبرت عنه بالأنباء والأفكار منذ صدور الأعلان العالمى لحقوق الإنسان فى 10 ديسمبر 1948 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو المصدر الأول فقد قررت المادة 19 من الأعلان العالمى لحقوق الإنسان بان :
" لكل شخص حق التمتع بحرية الرأى والتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته فى اعتناق الآراء دون مضايقة وفى التماس الأنباء والأفكار ونقلها الى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود .
وجاء العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية مقررا لحرية الرأى والتعبير أيضا
حيث تنص المادة 19 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية على أنه :
1 – لكل إنسان حق فى اعتناق آراء دون مضايقة
2 – لكل إنسان حق فى حرية التعبير ، ويشمل هذا الحق حريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود ، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فى قالب فنى أو بأية وسيلة أخرى يختارها
وحيث أن جمهورية مصر العربية من الدول التى وقعت على هذه الاتفاقيات والمواثيق وبالتالى فهى تعد من القوانين الداخلية أعمالا لنص المادة 151 من الدستور المصرى التى قضت بأن : " رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات الدولية ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة " وحيث قد تم الموافقة على هذه الاتفاقيات والتصديق عليها ونشرها بالوقائع المصرية بالعدد رقم 15 فى 15 ابريل 1982 .
ولذلك للدفاع الحق أن يتمسك بهذه الاتفاقيات الدولية ، خاصة في قضايا النشر .
حرية الصحافة استنادا الى القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم مهنة الصحافة :
وقد جاءت نصوص القانون 96لسنة 96مؤكدة لحرية الصحافة وحقوق وواجبات الصحفيين
مادة 1 - الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية مسئولة في خدمة المجتمع تعبيرا عن مختلف اتجاهات الرأي العام وإسهاما في تكوينه و توجيهه من خلال حرية التعبير و ممارسة النقد و نشر الأنباء، وذلك كله في إطار المقومات الأساسية للمجتمع و أحكام الدستور و القانون
مادة 3 – تؤدي الصحافة رسالتها بحرية و باستقلال، و تستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع و ارتقائه بالمعرفة المستنيرة و بالإسهام في الاهتداء إلي الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن و صالح المواطنين.
مادة 4 – فرض الرقابة علي الصحف محظور.
ومع ذلك يجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض علي الصحف رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي.
مادة 5 – يحظر مصادرة الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها بالطريق الإداري. وكذلك ما نصت عليه المادة 6 – من أن الصحفيون مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون.
وما جاءت به المادة 7 – لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببا للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره علي إفشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود القانون.وأيضا ما جاء بالمادة 8
مادة 8 – للصحفي حق الحصول علي المعلومات و الإحصاءات و الأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو عامة، كما يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها.
وتنشأ بقرار من الجهة المختصة إدارة أو مكتب للاتصال الصحفي في كل وزارة أو مصلحة أو هيئة عامة لتسهيل الحصول علي ما ذكر بالفقرة السابقة.
خامسا: الدفع بانتفاء صلة المتهم بالواقعة الجنائية
أقام المدعى بالحق المدنى دعواه الماثلة ضد المتهمين الأول والثانى رغم انتفاء صفته لتحريك مثل هذه الدعوى ، بزعم ارتكابهما جريمة القذف والسب بطريق النشر فى حق " المطبعة الذهبية "، ولكن لم يوضح لنا ما هو دور المتهمين فى ارتكاب هذه الجريمة أو مسئوليتهما .
فأوراق الدعوى تثبت قيام آخرين بكتابة المقال ونشره ، ولاصلة للمتهمين بكتابة المقال او نشره ، كما تفتقرعريضة الادعاء المباشر الى ثمة دليل إثبات يثبت أن هذه العبارات جاءت على لسان المتهمين ، وانما نسب محرر المقال هذه العبارات الى المتهمين ، وعلى محرر المقال اثبات نسبتها إليهما .
وكان على المدعى بالحق المدنى اعمال أحكام القانون وتوجيه الاتهام الى محرر المقال الذى يقع عليه عبء اثبات نقل العبارات الواردة بالمقال عن المتهمين ، اللذان لا علاقة لهما بموضوع الاتهام .
فالظاهرمن الاوراق ان الدافع الاساسى من اقامة هذه الدعوى من قبل المدعى بالحق المدنى ضد المتهمين الاول والثانى هو الكيد بهما ، فالدافع شخصى ، وهو ما استبان من عريضة الجنحة المباشرة ، ومن وجود ثمة خلافات بين المدعى بالحق المدنى والمتهم الثانى .
ووفقا للقواعد المقررة قانونا ، جرائم النشر فى الصحف مسئولية ، مؤلف الكتابة ( المحرر) وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بالغاء المادة 195 من قانون العقوبات التى كانت تقرر مسئولية رئيس التحريرعن النشر الافتراضية ، وهو ما جاءت به المادة الاولى من القانون 147 لسنة 2006 والتى قررت الغاء نص المادة 195 من قانون العقوبات ، ولا يعاقب رئيس التحرير الا على الإهمال فى الإشراف على النشر وفقا لنص المادة 200 مكرر من قانون العقوبات ، أو ثبوت علمه اليقينى بما جاء بموضوع النشرمن عبارات تحمل بين طياتها عبارات تعد محل تجريم وفقا لنصوص قانون العقوبات واتجهت إراداته الى نشر هذا الموضوع رغم ذلك .
من جماع ما تقدم يستبين لعدالة المحكمة ان المسئولين عن ارتكاب الجريمة بفرض حدوثها ، هما مؤلف الكتابة ، والمسئول عن نشر المقال ، ولا توجد ثمة علاقة او صلة بين المتهمين والواقعة الجنائية ، حيث أن انقطاع صلة المتهم الاول والثانى بالواقعة محل الاتهام ظاهر البيان .
سادسا : الدفع بالتنازل ضمنيا عن مخاصمة المتهم
بمطالعة صحيفة الادعاء المباشرة فى الجنحة الماثلة يتبين أن المدعى بالحق المدنى يطالب بمعاقبة المتهمين بموجب نصوص المواد 171 ، 302 ، 303 ، 306 .
ولما كانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية تنص على انه :
" لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه ، أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة ، أو إلى أحد مأموري الضبط فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 185 ، 273 ، 274 ، 277 ،279 ، 293 ، 303 ، 306 ، 308 من قانون العقوبات ، وكذلك فى الأحوال التي ينص عليها القانون .
اى يتعين تقديم شكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص لتحريك الدعوى الجنائية ، و الادعاء المباشر شكلا من أشكال تقديم الشكوى ، ويجب أن يتضمن عريضة الادعاء المباشر الوقائع المكونة للجريمة التى تعد من جرائم الشكوى
وقد قضت محكمة النقض فى هذا الصدد أنه :
"من المقرر أن الإدعاء المباشر هو بمثابة شكوى"
( جلسة 26/1/1976 أحكام النقض سنة 27 ق 26 ص134 )
وإقامة المدعى بالحق المدنى هذه الدعوى الماثلة ضد المتهمين ، شكل من أشكال تقديم الشكوى
وحيث زعم المدعى بالحق المدنى قيام المتهمين الأول والثانى بارتكاب جريمة القذف والسب من خلال النشر بالصحف استنادا الى نصوص مواد قانون العقوبات171 ، 302 ، 303 ، 306 التى تمسك بها بصحيفة الادعاء المباشر ، ووبالفرض الجدلى بصحة دعواه ، فأن المتهمين ليس المسئولين عن ارتكاب هذا الفعل كما أشارنا أعلاه .
الأمر الذى كان يتعين معه اختصام الكافة من قبل المدعى بالحق المدنى ، رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب ( لمسئوليته التضامنية مع الصحفى محرر المقال )، الصحفى محرر المقال ، إلا أن المدعى بالحق المدنى تنازل ضمنيا عن شكواه ضد رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب ومحرر المقال ، فلم يختصمهما فى عريضة الادعاء المباشر الماثلة .
وقد قضت محكمة النقض فى هذا الصدد بأنه :
" لم يرسم الشارع فى المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية طريقة للتنازل ، فيستوى أن يقرر به الشاكى كتابة أو شفها ، كما يستوى أن يكون صريحا أو ضمنيا ينم عن تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد فى غير شبهة أنه اعرض عن شكواه"
( 21/12/1954 أحكام النقض س 5 ق 110 ص 33 )
لما كان هذا وكانت المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية تنص على انه :
"لمن قدم شكوى أو الطلب فى الأحوال المشار إليها
.........................................................................أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب فى اى وقت الى أن يصدر فى الدعوى حكم نهائى وتنقضى الدعوى الجنائية بالتنازل ، وفى حالة تعدد المجنى عليهم لا يعتبر التنازل إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى .
والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلا بالنسبة للباقين .
.........................................."
فتنازل الشاكى بوصفه مجنى عليه ، عن شكواه لأحد المشكو فى حقهم ، لابد أن يكون نابعا عن رغبته فى التنازل عن الآثم والجرم الذى صدر فى حقه ، لذا ينسحب اثر التنازل الى كافة الجناة . وحسنا فعل المشرع لأنه فى حالة التنازل عن الشكوى لأحد الجناة وعدم امتداد اثر هذا الانسحاب الى الآخرين ، لكان الأمر رخصة فى يد الشاكى يحرك الدعوى الجنائية ضد من يشاء ويتنازل عنها لمن يشاء ، استغلالا للقيد الذى وضعه القانون بموجب المادة الثالثة من قانون العقوبات على سلطة النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية فى بعض الحالات على تقديم شكوى .
وحيث أنه يتعين على المحكمة أثناء نظرها للأوراق ومطالعتها للنصوص أن تنظر الى روح النص لتحقيق القصد الذى توخاه المشرع ومن أجله أقر هذا النص ، ، وحيث ان قصد المشرع من امتداد أثر تنازل المدعيين لأحد المتهمين عن شكواهم الى باقى المتهمين هو قطع دابر من يتلاعب بنصوص القانون وبخاصة المادة الثالثة التى من قانون الإجراءات لتحقيق مآرب شخصية ، لذا فعدم اختصام المدعى ( الشاكى ) بعض المتهمين ابتداءا فى شكواه ، يعد تنازلا عن مخاصمتهم ، لذا يمتد أثره هذا التنازل الى كافة المتهمين .
وبتطبيق هذا على واقعات الدعوى الماثلة ، نجد انسحاب اثر تنازل المدعى بالحق المدنى عن الشكوى ضد رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب ، ومحرر المقال الصحفى بذات الجريدة الى المتهمين الأول والثانى ، تطبيقا لمفهوم المادة العاشرة التى تقرر أن التنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلا لباقي المتهمين .
وفى هذا الصدد قضت محكمة النقض بأنه :
" إذا كان المدعون بالحق المدنى تنازلوا عن اتهام المتهمة التى كانت الجنحة المباشرة قد رفعت عليها مع الطاعن من أجل تهمة السب والقذف فإن مقتضى ذلك امتداد أثر هذا التنازل وهو صريح غير مقيد الى الطاعن بحكم القانون أسوة بالمتهمة الثانية أيا كان السبب فى هذا التنازل ، مما ينبنى عليه انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لكل المتهمين ، فإذا كان الحكم قد قضى بإدانة الطاعن بمقولة أن التنازل لا يشمله لأنه لم يكن منصبا على أصل الحق فى إقامة الدعوى الجنائية ولم يكن متضمنا معنى الصفح ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون "
( طعن جلسة 17/11/1953 أحكام محكمة النقض س 6 ق 402 1374 )
سابعا : انتفاء ثمة تجريم فى حق المتهم الأول
1 – انتفاء الركن المادى فى حق المتهم لخلو المقال من ثمة ألفاظ تعد سب أو قذف
زعم المدعى بالحق المدنى أن المتهم اقترف عدة جرائم فى حقه ومنها القذف والسب عن طريق النشر ، وذلك من خلال ما ورد بالمقال موضوع الاتهام ، إلا أنه بافتراض صحة هذا الزعم الذى يفتقر الى سند من واقع او قانون ، وبمطالعة المقال موضوع الاتهام للوهلة الأولى يتبين عدم إنطواءه على ثمة إدانة للمتهم ، فالزعم باقتراف المتهم مثل هذه الجرائم ، يتطلب توافر الشروط التى أقرها القانون وحددتها المواد نصوص الاتهام فى الجنحة الماثلة
وباستقراء أوراق الدعوى الماثلة ، ومطالعة صحيفة الادعاء المباشر وما ورد بالمادة الصحفية موضوع الاتهام ( فالناشر محمد الشرقاوى مدير دار ملامح مثلا يقول أن عددا من كتبه قد تعرض لتدخلات من عمال المطبعة ، تحديدا المطبعة الذهبية ، الذين اعترضوا على كتاب النبى الأفريقى لمينا جرجس ، لكنه بعد عدد من النقاشات معهم تمكن من طباعة الكتاب دون حذف ، لكنه واجه نفس المشكلة بعد ذلك مع رواية عضو عامل لماهر عبد الرحمن ولهذا قرر إيقاف التعامل مع المطبعة الذهبية )
يستبين لعدالة المحكمة أن كافة ما ورد بالمقال موضوع الاتهام ، لا تشكل اى من الجرائم المنسوبة إلي المتهم فى اختتام صحيفة الدعوى.
حيث يتحقق الركن المادى المكون لجريمة القذف وفقا لنص المادة 302 من قانون العقوبات عند إسناد واقعة معينة إلى شخص ما علانية ، من شأنها احتقاره عند أهل وطنه ، أو تستوجب معاقبته .
ويتحقق الركن المادى المكون لجريمة سب آحاد الناس وفقا لنص المادة 306 من قانون العقوبات : عند توجيه أى لفظ أو تعبير خادش لشرف شخص معين واعتباره ، دون إسناد واقعة شائنة معينة إليه علانية .
وفى هذا الصدد قضت محكمة النقض بأنه :
“ أصل أن المرجع فى تعريف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو والاهانة هو بما يطمئن إليه القاضى من تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى و رقابة عليه فى ذلك لمحكمة النقض ، مادام لم يخطىء فى التطبيق القانونى على الواقعة "
( نقض 8/4/1982 أحكام نقض س 33 ق 95 ص 468 )
2 – انتفاء الركن المعنوى فى حق المتهم
والمقصود به فى هذه الجريمة بافتراض اقترافها من قبل المتهم الأول هو أن يكون المتهم عالما بماهية فعله ، وأن العبارات التي ينشرها تنطوى على إسناد وقائع مشينة للمجنى عليه أو لفظ أو تعبير خادش لشرف المجنى عليه ، ، وأن تكون لديه إرادة فى نشرها وتعتمد هذه المادة على القصد الجنائى العام ويتعين على النيابة العامة ( سلطة الاتهام ) إثبات سؤ نية المتهم وتوافر القصد الجنائى لديه ، حيث أن الأصل هو حسن النية .
للقصد الجنائي أهمية واضحة فما من دعوى إلا وتثور فيها مشكلة القصد الجنائي للتحقق من توافره أو القطع بانتفائه فالبحث فيه جزء اساسى من مهمة القاضي الجنائي بصدد كل ما تعرض عليه
وفى ذلك يقول الدكتور رءوف عبيد (انه لا يكفى لتقرير المسئولية الجنائية أن يصدر عن الجاني سلوك إجرامي ذو مظهر مادي بل لا بد أيضا من توافر ركن معنوي أو أدبى يمثل روح المسئولية الجنائية حين يمثل ركنها المادي جسدها الظاهر للعيان )
والمشرع لم يضع تعريف للقصد الجنائي مكتفيا بما هو متعارف في شأنه من انه يمثل في نهاية المطاف انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها كما يتطلبها القانون .
ويقع عبء إثبات توافر القصد الجنائي لدى المتهم على عاتق النيابة العامة – وللمتهم إثبات العكس .
وحيث لم تتجه إرادة المتهم إلى اقتراف أفعال مؤثمة قانونا فى حق المدعى بالحق المدنى بل لما يقم بالادلاء بهذه الاقوال لمحرر المقال موضوع الاتهام ، الامر الذى يحميه من الوقوع تحت طائلة نصوص قانون العقوبات المسندة إليه بموجب الدعوى الماثلة .
لــــــــــــذلـــــــك
يلتمس الدفاع من عدالة المحكمة صدورحكمها العادل ببراءة المتهم الاول مما هو منسوب اليه من اتهامات تأسيسا على الدفوع المبداه
وكيلة المتهم
أ / هــــــدى نصــــــــرالله
المحامية بوحدة الدعم القانوني لحرية التعبيربالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان