كان الاردن منذ اقدم العصور منطقة استقرار بشري وازدهار حضاري ، وموطنا لكثير من الهجرات السامية العربية ، وقد شيد الإنسان فيه حضارات لا تزال معالمها ماثلة للعيان ، وستظل ارض الاردن تزهو باثار القبائل العربية التي قدمت من الجزيرة العربية قبل الاسلام ، واسهمت منذ وقت مبكر في التواصل بين الجزيرة العربية ومنطقة البحر الابيض المتوسط ، وما مدينة البتراء التي بناها العرب الانباط في جنوب الاردن الا رمز لتصميم الانسان العربي في هذه المنطقة على البقاء وعنوان لجهده وعطائه .
وعندما بزغت شمس الاسلام من بطاح مكة المكرمة والمدينة المنورة ،وانطلقت الدعوة خارج حدود الجزيرة العربية تحمل رسالة النور والهدى للعالمين ، جابهت مقاومة الدول القائمة انذاك ، وشهدت مؤتة اول صدام بين المسلمين والقوى البيزنطية ، وسقط على ثراها عدد من شهداء الاسلام ، وعلى ضفاف اليرموك كان النصر الحاسم للرسالة الاسلامية . واصبح الاردن احد الاجناد العربية الخمسة في بلاد الشام ، كما اصبح ارضا للحشد والرباط ومنطلقا للفتح والتحرير ، وبقى جزءا من الدولة العربية الاسلامية ونقطة اتصال بين الجزيرة العربية والبلاد الاسلامية .
ومنذ مطلع القرن الثاني عشر الميلادي عرفت المنطقة تشكيلات ادارية خلال العصرين المملوكي والعثماني ، كما عرف الاردن ، شانه شان الاقطار العربية المجاورة ، قيام مجالس للادارة المحلية شارك فيها السكان ، غير انه عانى من المراحل الاخيرة للحكم العثماني من التمييز الذي مارسه حزب الاتحاد والترقي ضد العرب وهويتهم القومية ، مما دعاهم الى الاحتجاج على السياسة الطورانية ورفضها ، والثورة على الحكم الذي تمثله تلك السياسة ، فكانت ثورتهم عليه نتيجة حتمية لسياسة التتريك وكثرة الظلم وسوء الاوضاع الاقتصادية ، وتزايد الفساد الاداري ، وعجز الدولة العثمانية عن توفير الامن والاستقرار في الديار العربية عامة . وكان المشروع القومي النهوضي للثورة العربية الكبرى التي انطلقت شرارتها في التاسع من شعبان عام 1334 هـ الموافق العاشر من حزيران عام 1916م ، يهدف الى توحيد اقطار المشرق العربي في دولة عربية واحدة تضم العراق والحجاز وبلاد الشام ومن ضمنها الاردن وفلسطين .
وعلى هذا الاساس ، اعلن الامير فيصل الاول تاليف اول حكومة عربية في دمشق في الخامس من تشرين الاول عام 1918، لكن بريطانيا اصدرت في 22 تشرين الاول من العام نفسه بيانا يقضي بتقسيم سورية الطبيعية الى ثلاث مناطق ، تنفيذا لاتفاقية سايكس بيكو التي عقدت عام 1916، وتمكينا لبريطانيا من تنفيذ وعدها للحركة الصهيونية بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين الا من ممثلي الشعب في المشرق العربي الذين اجتمعوا في المؤتمر السوري العام الذي انعقد في دمشق من 6-8 اذار عام 1920 رفضوا هذا التقسيم ، واعلنوا وحدة البلاد بحدودها الطبيعية واستقلالها ، ونادوا بفيصل الاول ملكا عليها . غير ان بريطانيا وفرنسا لم تعترفا بارادة الامة ، واتفقتا في مؤتمر سان ريمو في 25 نيسان عام 1920 على فرض الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان ، وفرض الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين وشرق الاردن . وعلى الرغم من المقاومة العربية للمخططات الاستعمارية ، فان المستعمر قد فرض امرا واقعا بالقوة ، نتيجة للتفوق العسكري الذي احرزه على المجاهدين العرب في معارك كثيرة ، كان آخرها معركة ميسلون في 24 تموز عام 1920 .
وقبيل انهيار الحكم العربي في سوريا ، كانت القوات البريطانية قد انسحبت من جميع الاراضي السورية ، واحتل الفرنسيون دمشق ولكن قواتهم لم تدخل الاراضي الاردنية فبقيت خالية من اي قوة اجنبية ، وعندما تقرر وضع شرقي الاردن تحت النفوذ البريطاني تنفيذا لاتفاقية سايكس بيكو ، عين المندوب السامي البريطاني في فلسطين عددا من ضباطه لادارة المناطق في شرق الاردن .
وقد جاءت اتفاقية " ام قيس " التي عقدت في اجتماع تم بين وفد من الاهالي في المنطقة الشمالية وبين احد هؤلاء الضباط في 2 ايلول عام 1920 لتشكل اول برنامج سياسي وطني في شرق الاردن ، اذ طالب الاهالي في ذلك الاجتماع بتشكيل حكومة عربية في البلاد مستقلة عن حكومة الانتداب في فلسطين ، كما طالبوا بانضمام شرقي الاردن الى البلاد السورية حينما تتحقق وحدتها ، وبمنع الهجرة اليهودية الى المنطقة وتحريم بيع الاراضي لليهود . والاحتلال البريطاني لفلسطين ، ولكن السنوات الاربع التالية شهدت صراعا مريرا بين ما تمثله الحكومة الجديدة من تطلعات قومية وسعي الى تحرير سورية ، وبين مصالح بريطانيا وفرنسا في المنطقة ، وانتهى هذا الصراع في اواخر اب عام عام 1924 ببسط سيطرة سلطات الانتداب البريطاني على الامور الادارية والمالية والعسكرية في الاردن ، ومطاردة تلك السلطات لرجالات حزب الاستقلال وابعادهم عن البلاد .
وعلى الرغم من اعتراف بريطانيا باستقلال امارة شرق الاردن في 25 ايار عام 1923 ، ووعدها بعقد اتفاقية لتثبيت العلاقة بين البلدين وتحديد الوضع الدستوري للبلاد ، فان المعاهدة البريطانية الاردنية الاولى التي عقدت في 20 شباط عام 1928 ، لم تحقق مطالب الاردنيين في دولة مستقلة كاملة السيادة ، مما اثار استياء الشعب الاردني وسخطه على تلك المعاهدة وادى به الى السعي لعقد اول مؤتمر وطني للنظر في بنود المعاهدة والاتفاق على خطة للعمل السياسي ، فانعقد ذلك المؤتمر في عمان في 25 تموز عام 1928، وشارك فيه عدد كبير من شيوخ البلاد ورجالاتها واصحاب الراي فيها ، واعتبر المؤتمر نفسه ممثلا شرعيا للشعب الاردني ، كما انبثقت عنه لجنة تنفيذية تولت قيادة الحركة الوطنية الاردنية ، واصدر " الميثاق الوطني الاردني " ، فكان اول وثيقة سياسية وطنية ذات برنامج محدد ، وقد شكل هذا الميثاق علامة سياسية فارقة في تاريخ النضال الوطني والسياسي الاردني ، حددت فيه الثوابت السياسية للامارة في تلك المرحلة ونص في بنوده الاساسية على امور مهمة من ابرزها :
1. ان امارة شرق الاردن دولة عربية مستقلة ذات سيادة بحدودها الطبيعية المعروفة ، تدار بحكومة دستورية مستقلة برئاسة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن الحسين المعظم واعقابه من بعده . 2. عدم الاعتراف بمبدأ الانتداب الا كمساعدة فنية نزيهة لمصلحة البلاد ، وعلى ان تحدد هذه المساعدة بموجب اتفاق او معاهدة تعقد بين شرقي الاردن وبريطانيا على اساس الحقوق المتقابلة والمنافع المتبادلة دون ان يمس ذلك بالسيادة القومية .
3. اعتبار وعد بلفور القاضي بانشاء وطن قومي لليهود بفلسطين مخالفا لعهود بريطانيا ووعودها الرسمية للعرب وتصرفا مضادا للشرائع الدينية والمدنية في العالم .
4. كل انتخاب للنيابة العامة يقع في شرقي الاردن على غير قواعد التمثيل الصحيح وعلى اساس عدم مسؤولية الحكومة امام المجلس النيابي لا يعتبر انتخابا ممثلا لارادة الامة وسيادتها القومية ضمن القواعد الدستورية ، بل يعتبر انتخابا مصطنعا ليس له قيمة تمثيلية صحيحة ، والاعضاء الذين ينتخبون على اساسه اذا بتوا في حق سياسي او مالي او تشريعي ضار بحقوق شرقي الاردن الاساسية لا يكون لبتهم قوة الحق الذي يعترف به الشعب ، بل يكون جزءا من تصرف سلطة الانتداب وعلى مسؤوليتها .
5. رفض كل تجنيد لا يكون صادرا عن حكومة دستورية مسؤولة باعتبار ان التجنيد جزء لايتجزا من السيادة الوطنية ، ورفض تحمل نفقات اي قوة اجنبية محتلة ، واعتبار كل مال يفرض عليها من هذا القبيل مالا مغتصبا من عرق عاملها المسكين وفلاحها البائس ، واعتبار كل تشريع استثنائي لا يقوم على اساس العدل والمنفعة العامة وحاجات الشعب الصحيحة تشريعا باطلا ، وعدم الاعتراف بكل قرض مالي وقع قبل تشكيل المجلس النيابي ، وعدم جواز التصرف بالاراضي الاميرية قبل عرضها على المجلس النيابي وتصديقه عليها واعتبار كل بيع وقع قبل انعقاد المجلس بيعا باطلا .
وقد حكمت هذه المبادئ الهامة النضال السياسي للشعب الاردني لسنوات متعددة لاحقة ، حتى ابرمت المعاهدة البريطانية الاردنية الثانية في 17 حزيران عام 1946 ، واعترفت بريطانيا بموجبها باستقلال شرقي الاردن باسم اللمملكة الاردنية الهاشمية . وفور توقيع المعاهدة الجديدة بالاحرف الاولى في 22/اذار عام 1946 ، اتخذت المجالس البلدية في المملكة قرارات عبرت فيها عن رغبة ابناء الشعب الاردني ومطالبته باعلان الاستقلال على اساس النظام الملكي النيابي ، كما اجتمع المجلس التشريعي الاردني في 25 ايار عام 1946، وقرر بالاجماع اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالا تاما وذات حكومة ملكية وراثية نيابية ، واعلان البيعة بالملك لعبدالله بن الحسين بوصفه ملكا دستوريا على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ( ملك المملكة الاردنية الهاشمية ) واقرار تعديل القانون الاساسي الاردني على هذا الاساس .
وبذلك بدأت اركان الدولة الاردنية تتوطد تدريجيا ، واخذ الوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي للشعب الاردني يتعمق ويتعاظم باستمرار ، وجعل الشعب يطالب بالمشاركة في صنع القرارت السياسية ، والسير نحو النهج الديموقراطي ، واقامة الحياة النيابية ، وضرورة انهاء الوجود البريطاني الاستعماري ، وتصفية آثاره في السياسات الاردنية الداخلية وفي علاقات الاردن العربية والدولية .
ونتيجة لوعد بلفور ، واصرار بريطانيا على المضي قدما في تنفيذه باقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، اخذت الاوضاع على الساحة الفلسطينية تتدهور بسرعة ، واخضع الشعب العربي الفلسطيني لحكم الطوارئ ، وقمعت القوات البريطانية انتفاضاته المتلاحقة وثوراته المسلحة بمنتهى العنف ، وحالت دون استقلال فلسطين واقامة الدولة الفلسطينية ، وفي الوقت نفسه فتحت ابواب فلسطين للهجرة اليهودية المدنية والعسكرية والسياسية ، ودربت قوة يهوديه مقاتلة ضمن الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية . وعندما صدر قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 181 في 29 تشرين الثاني عام 1947 ، القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود ، واعلن انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15 ايار عام 1948، كانت الوكالة اليهودية تملك جميع مقومات الدولة ، في حين كان الشعب الفلسطيني منزوع السلاح يرزح تحت نير الارهاب والبطش ، وكانت الانظمة العربية الخاضعة في ذلك الوقت للنفوذ الاستعماري تمنع السلاح عن الشعب الفلسطيني ، فاستطاع اليهود بالتواطؤ مع بريطانيا ، احتلال ثلاثة ارباع فلسطين بالقوة العسكرية واقامة دولتهم عليها ، وتم تهجير عدد كبير من الفلسطينيين تهجيرا قسريا .
وعندما دخلت الجيوش العربية فلسطين ، كان الجيش العربي الاردني من ضمنها فشارك في العمليات العسكرية ضد القوات الاسرائيلية ببسالة مشهودة ، واستطاع ان يحافظ على المناطق الفلسطينية التي سميت فيما بعد بالضفة الغربية من المملكة ، وكان دفاعه عن القدس مجيدا مشرفا ، وبلغ عدد شهداء الجيش الاردني في تلك المعارك حوالي ثلاثمائة وسبعين شهيدا ، فضلا عن الف جريح ، ولم يكن عدد افراد الجيش كله في ذلك الوقت يتجاوز خمسة الاف رجل باسلحة بسيطة وذخائر محدودة وبقيادة بريطانية مباشرة ، كما شارك المتطوعون الاردنيون في القتال جنبا الى جنب مع المناضلين من ابناء فلسطين واخوانهم العرب الذين جاءوا للدفاع عن عروبة فلسطين . وكان التحام الاردنيين والفلسطينيين مرة اخرى من اهم التطورات التي طرأت بعد حرب عام1948 اذ توحدت ضفتا الاردن ضمن اطار المملكة الاردنية الهاشمية واصدر مجلس الامة الاردني الممثل للضفتين قراره التاريخي بتأييد هذه الوحدة في 24 نيسان عام 1950 .
وتلاحقت التطورات السياسية في البلاد ، كما استمر تطور المؤسسات فيها ، اذ اصدر الملك طلال الاول الدستور الاردني الجديد بعد ان اقره مجلس الامة في كانون الثاني عام 1952 . ونص هذا الدستور على ان الشعب الاردني جزء من الامة العربية وان نظام الحكم في المملكة نيابي ملكي وراثي وان الامة هى مصدر السلطات .
وفي الحادي عشر من شهر اب عام 1952، نودي بالحسين ملكا للمملكة الاردنية الهاشمية ، وعندما تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية في الثاني من ايار عام 1953، اخذ التوجه الديموقراطي يتعزز في البلاد ، واتسمت مرحلة الانفتاح على الشعب بالتطلع العام نحو مزيد من الحريات والنزوع الى بناء مؤسسات الدولة العصرية وتحديثها ، كما تواصلت مسيرة التطور الاقتصادي والسياسي الفكري ونشطت الحركات السياسية الاردنية وانتعشت معها الحياة الحزبية . وفي عام 1954 اجري التعديل على الدستور لتعزيز التوجه الديموقراطي وبموجب هذا التعديل الذي اصبح نافذ المفعول في الاول من تشرين الثاني عام 1955 ، اصبحت الحكومة مسؤولة امام مجلس النواب وترتب عليها ان تقدم بيانها الوزاري الى المجلس وان تطلب الثقة على اساسه .
وفي الاول من اذار عام 1956، قام جلالة الملك الحسين بتعريب قيادة الجيش واقصاء الضباط البريطانيين عنه وكانت هذه الخطوة انجازا كبيرا اكد مفهوم السيادة الوطنية والقومية وعزز التحام الشعب الاردني بقيادته الوطنية وجاءت انسجاما مع حرص الحسين وتصميمه منذ تسلم سلطاته الدستورية على تحقيق حرية الاردن وتنمية استقلاله واستجابة لتطلعات الشعب الاردني وجيشه في التحرر من التبعية الاجنبية .
وقد تلا هذا الحدث تاميم قناة السويس فوقف الاردن وحكومة وشعبا الى جانب مصر العربية حين تعرضت للعدوان الثلاثي الاسرائيلي الفرنسي البريطاني عام 1956 .
وفي اواخر عام 1956 اجريت اول انتخابات اردنية على اساس التعددية الحزبية والسياسية وتألفت وزارة برلمانية تحقق في عهدها توقيع اتفاقية التضامن العربي في كانون الثاني عام 1957 وانهاء المعاهدة البريطانية الاردنية في 13 اذار من العام نفسه ، وجلاء القوات البريطانية عن البلاد . ولكن هذه المرحلة لم تستمر طويلا اذ تعثرت التجربة الديموقراطية لاسباب داخلية وخارجية مختلفة .
وعندما شنت اسرائيل الحرب على الدول العربية في الخامس من حزيران عام 1967 وبدا هجومها على مصر خاض الاردن الحرب التزاما بميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك وبقيادة عربية موحدة دون اي اعتبار اخر ، وقد جاء احتلال اسرائيل للضفة الغربية من المملكة وللجولان وسيناء ضربة قاصمة كان لها ابلغ الاثر في مجمل اوضاع الاردن وفي الوطن العربي كله .
وكانت "معركة الكرامة " في 21 اذار عام 1968 منعطفا بارزا لوقف حالة التردي والهزيمة وبرهانا على ان وحدة الصف والتضحية والتصميم على الصمود هى التي تصنع النصر وتبدد اسطورة العدو الذي لا يقهر .
ولم تقف احداث ايلول المؤلمة التي تفجرت على الساحة الاردنية عام 1970 حائلا دون استمرار وحدة الشعب الاردني وحفاظه على الاستقرار، اذ ان اصالته وادراكه العميق لمخاطر الانقسام والتشتت، مكنت جميع ابنائه من راب الصدع وتجاوز تلك الاحداث .
وجاء قيام" الاتحاد الوطني العربي" في البلاد واعلان ميثاقه عام 1971 محاولة للاصلاح وسد الفراغ السياسي الا ان الاتحاد قد اقتصر على تنظيم سياسي وحيد ولم يكن مهيأ بطبيعته لاستيعاب القوى السياسية المختلفة ومشاركتها على اساس التعددية الحزبية وقد تمت تصفيته والغاء قانونه .
ونتيجة للاستقرار وازدياد الوعي السياسي العام لدى المواطنين الاردنيين وما شهدته البلاد من تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة فقد دخل الاردن منذ منتصف عقد السبعينات مرحلة جديدة تحققت خلالها انجازات هامة .
كان من ابرزها اقامة عدد من المشاريع الانتاجية الكبيرة واستكمال اقامة معظم البنى الاساسية في المملكة كما حقق الاقتصاد معدلات نمو عالية وحدث توسع كبير في التعليم شمل معظم مناطق المملكة . وانتشر التعليم الجامعي . غير ان هذه التحولات لم يواكبها تطور سياسي بالمستوى نفسه وكان لغياب المشاركة الشعبية والانفراد في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي اثر كبير في تراجع الاداء العام في السنوات الاخيرة وفقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة بالاضافة الى عوامل واسباب اقتصادية ومالية داخلية اخرى . وعدم وفاء بعض الحكومات العربية بالتزاماتها المالية التي تقررت للاردن في قمة بغداد عام 1978 في الوقت الذي زادت فيه اعباء الدفاع وقد اعتمد الاردن على ان الامة العربية لا يمكن ان تتخلى عنه و هو يقف على اطول خط للمواجهة مع اسرائيل المدعومة باستمرار وسخاء من اليهودية العالمية والولايات المتحدة الامريكية وسواها ، وقد تضافرت هذه العوامل والاسباب جميعا فأدت الى اتساع الخلل وتفاقمه في نهاية الثمانينات وكانت النتيجة الحتمية لذلك كله تفجر الازمة السياسية والاقتصادية التي مست معظم فئات الشعب الاردني وادت الى وقوع احداث الجنوب في نيسان عام 1989 ونشوء حالة من التوتر عمت بقية انحاء المملكة .
وقد شكلت هذه الاحداث - على اختلاف المعايير - نقطة تحول هامة في الاوضاع العامة في البلاد وكانت بداية مراجعة شاملة للسياسات والمواقف والممارسات الرسمية والشعبية على جميع المستويات فقرر جلالة الملك الاسراع في استئناف الحياة النيابية التي انقطعت بعد قرار فك الارتباط بالضفة الغربية في 31 تموز عام 1988 واجريت الانتخابات العامة في اواخر عام 1989 فتحقق بذلك قيام الركن الاول في صرح البناء الديموقراطي وبدأت مرحلة التحول السلمي نحو الديموقراطية وشهدت البلاد انفراجا سياسيا سادت فيه روح الانفتاح والمصارحة والتواصل بين المواطنين ومؤسسات الدولة كما شهدت حوارا سياسيا واسعا شارك فيه اصحاب الراي والفكر والقادة السياسيون وجميع فئات الشعب ، وتكونت بذلك حالة ديموقراطية عبرت بمختلف الاساليب عن تلاقي ارادات ابناء الشعب الاردني وقيادته العليا على ضرورة الاصلاح العميق الشامل والبناء في جميع الميادين .
واستكمالا لمسيرة البناء الاردنية وتعزيزا لها اصدر جلالة الملك توجيها ساميا بتشكيل لجنة ملكية لصياغة ميثاق وطني ، يرسي قواعد العمل الوطني العام ويحدد مناهجه ، ويوضح معالم الطريق الى المستقبل ويضع نواظم عامة لممارسة التعددية السياسية باعتبارها الركن الاخر للديموقراطية بالاستناد الى الثوابت الدستورية والتراث السياسي والوطني ، والى الحقائق القائمة في المجتمع الاردني ، وبما يضمن استمرار مسيرة التقدم الوطنية والتحول الديموقراطي في البلاد ويجنبها التعثر والتراجع .
وقد نص الدستور الاردني على جملة من الثوابت والقواعد العامة ، التي تنظم اسلوب الحكم في المملكة الاردنية الهاشمية ، وتعامل الشعب الاردني مع هذه الثوابت والقواعد منذ قيام الدولة الاردنية وتوطد اركانها واعتبرها مسلمات لا اختلاف فيها لانها نابعة من صميم قناعاته ووجدانه ومصلحته ، وتتمثل تلك الثوابت والقواعد في الاعتزاز بالهوية القومية للشعب الاردني نسبا وانتماء الى الامة العربية والايمان بالاسلام دينا للدولة وحضارة وثقافة للشعب .
" ولما كان الالتزام بهذه الثوابت والقواعد من شانه ان يجعل استمرار النضال الاردني الوطني والقومي نحو مستقبل افضل مهمة اساسية ملقاة على عاتق الحكم والشعب على حد سواء .
" ولما كان استمرار التلاحم بين القيادة والشعب من اهم الضمانات لتحقيق الاهداف الوطنية والقومية، " ولما كانت المرحلة التاريخية التي يجتازها الاردن والوطن العربي بعامة، حافلة بالتحديات والاخطار التي تهدد مصير الامة ، وتنذر بالهيمنة على ارادتها وحريتها وافقادها القدرة على مواكبة التقدم العلمي والحضاري ومنعها من استثمار مواردها لمصلحة ابنائها ومن مشاركتها الامم الاخرى في بناء مستقبل افضل للانسانية كلها ، " ولما كان المواطن العربي الاردني يتطلع الى النهوض والى توفير اسباب القوة اللازمة للدفاع عن وطنه وضمان امن المجتمع الذي ينتمي اليه ويتحلى باحساس مرهف بالمسؤولية وادراك عميق لاهمية مشاركته في صنع مستقبله ومستقبل ابنائه ، ضمن اطر ديموقراطيه وقواعد مؤسسية راسخة مستقرة ،
" ولما كان مضمون الديموقراطية يتعزز بتاكيد حقوق الانسان المعترف بها دوليا وانسانيا وضمان حقوق المواطنة التي كفلها الدستور الاردني وهى الحقوق التي كفلها الدستور الاردني وهى الحقوق التي حفل بها تراثنا العربي الاسلامي العظيم واكدها وكرمها تكريما شديدا بما في ذلك حق الناس في الاختلاف في الراي وحق المواطن رجلا كان او امراة في تغيير اوضاعه وتحسين احواله بالطرق المشروعة وحقه في التعبير عن رايه وفيما يراه ضروريا لمصلحة الجماعة بالوسائل الديموقراطية وبما يتيح له المشاركة في صنع القرار ،
لذلك كله فان الخيار الديموقراطي هو انجع السبل واكثرها ملاءمة لتلبية طموحات الشعب الاردني وتطلعاته الوطنية والقومية والانسانية وان التوافق في الراي على هذه المنطلقات بين جميع الفئات والاتجاهات الشعبية والرسمية بمختلف مستوياتها قد تم على جملة من المفاهيم والقيم والمبادئ الاساسية ، والاهداف الوطنية والقومية التي يتضمنها هذا الميثاق ، والتي يجب ان تحكم المسيرة العامة للبلاد وتنظم العلاقات بين جميع الاطراف الوطنية الرسمية والشعبية في المجتمع ، وان هذا التوافق الوطني يعتبر انجازا حضاريا متقدما، ومشروعا مستقبليا شاملا تتحدد ملامحه ومرتكزاته من خلال الاسس والحقائق والثوابت التالية:
اولا : نظام الحكم في المملكة الاردنية الهاشمية نيابي ملكي وراثي ، والتزام الجميع بالشرعية واحترام الدستور نصا وروحا هو تمكين لوحدة الشعب والقيادة .
ثانيا : الشعب الاردني جزء من الامة العربية، والوحدة العربية هى الخيار الوحيد الذي يحقق الامن الوطني والقومي للشعب العربي في جميع اقطاره ويحمي الاستقرار الاقتصادي والنفسي لامتنا ويضمن لها اسباب البقاء والنهوض والاستمرار .
ثالثا : الايمان بالله ، واحترام القيم الروحية والتمسك بالمثل العليا والتسليم بحق كل انسان في الحياة الحرة الكريمة هى منطلقات اساسية في بناء الدولة وتطور المجتمع الاردني نحو الافضل .
رابعا : الاسلام دين الدولة والشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع فيها .
خامسا : الحضارة العربية الاسلامية المنفتحة على الحضارة الانسانية هى قوام هوية الشعب الاردني الوطنية والقومية وركيزة من ركائز وحدته واستقلاله وتقدمه في مواجهة الانقسام والتبعية والغزو الثقافي بجميع اشكاله وهى منبع القيم الاصيلة التي يسعى المجتمع الاردني الى ترسيخها بالعلم والمعرفة والتربية السليمة والقدوة الصالحة .
سادسا : اللغة العربية هى اللغة الرسمية للدولة وهى لغة القران الكريم الذي حفظ للعروبة جوهرها الاصيل ، مما يقتضي تاكيد سيادتها في المجتمع الاردني على كل المستويات واعتمادها في جميع مراحل التعليم ، والاهتمام بايجاد حركة ترجمة وتعريب تواكب تقدم العلوم المتسارع مع الحرص على تعلم اللغات الحية الاخرى وتعليمها .
سابعا : احترام العقل والايمان بالحوار والاعتراف بحق الاخرين في الاختلاف في الرأي واحترام الرأي الاخر ،والتسامح ورفض العنف السياسي والاجتماعي ،هى سمات اساسية للمجتمع الاردني ويبنى على ذلك انه لا اكراه في الدين ولا تعصب ولا طائفية ولا اقليمية .
ثامنا : الاردنيون رجالا ونساء امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين . وهم يمارسون حقوقهم الدستورية ويلتزمون بمصلحة الوطن العليا واخلاق العمل الوطني ، بما يضمن توجيه طاقات المجتمع الاردني واطلاق قدراته المادية والروحية لتحقيق اهدافه في الوحدة والتقدم وبناء المستقبل .
تاسعا : ترسيخ دعائم دولة القانون وسيادته وتعميق النهج الديموقراطي القائم على التعددية السياسية من واجبات مؤسسات الدولة وافراد المجتمع الاردني وهيئاته كافة .
عاشرا : التعددية السياسية والحزبية والفكرية هى السبيل لتأصيل الديموقراطية وتحقيق مشاركة الشعب الاردني في ادارة شؤون الدولة وهى ضمان للوحدة الوطنية وبناء المجتمع المدني المتوازن .
حادي عشر : الانتماء الوطني التزام بحرية المواطنين جميعا وحماية امن الوطن واستقلاله وتقدمه ، وممارسة فعلية لصون الوحدة الوطنية وتاكيد سيادة الشعب الاردني على ترابه الوطني ، والحفاظ على كرامة ابنائه بعيدا عن كل انواع التمييز والتعصب والانغلاق .
ثاني عشر : الاستقلال الوطني يقتضي تحرير الارادة الوطنية من الهيمنة والضغوط الخارجية المختلفة وهو يتحقق ويصان بالحضور الدائم للارادة السياسية الوطنية وفاعليتها على جميع المستويات مما يستوجب تطوير المؤسسات والنظم وامتلاك اساليب التحديث ومناهج التقدم الملائمة لمواجهة تحديات المستقبل ، مع الحفاظ على تقاليد المجتمع العربي الاردني الخيرة والاعتزاز بتراثه الاصيل .
ثالث عشر : القوات المسلحة الاردنية سياج الوطن ودرعه وضمان امنه واستقلاله والجيش العربي طليعة من طلائع التحرير والدفاع عن الكرامة العربية ، وان قوة الجيش وقدرته يستوجبان ان يكون المواطنون والجيش الشعبي ظهيرا فعالا لتعزيز الامن الوطني والقومي . ويقع على عاتق الدولة والمجتمع دعم قدرات الجيش واستعداده وتوفير افضل الظروف لتطويره .
رابع عشر : الاقتصاد الوطني المتحرر من التبعية دعامة حقيقية من دعائم استقلال الوطن وامنه وتقدمه ، وهو يتحقق بالاعتماد على الذات وتطوير القدرات الوطنية الكامنة وترشيد استثمار ثروات الوطن وموارده وتقوية قاعدة الانتاج بجميع عناصرها وتوفير الادارة المقتدرة والعمل على استقرار التشريعات الاقتصادية الاساسية وتكاملها ، ضمن اطار العدالة الاجتماعية .
خامس عشر : تحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية للاردنيين كافة بتوسيع مظلة التأمينات الاجتماعية المختلفة ، وتطوير تشريعات العمل وتقليص الفجوة بين الدخول بما يحقق التوازن والسلام الاجتماعي ويوفر الامن والاستقرار في المجتمع .
سادس عشر : احترام حقوق الانسان وتعميق النهج الديموقراطي وضمان التنمية واستمرار توازنها وتحقيق الكفاية الادارية في المملكة اهداف وطنية اساسية تقتضي العمل على وحدة النظام الاداري للدولة الاردنية وربط الهيئات المحلية بالسلطات المركزية لاغراض التوجيه والرقابة ، وتقوية البناء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للدولة بتعزيز مفهوم الادارة المحلية في الاقاليم والمحافظات ، بما يوفر الفرص العملية لممارسة الشعب حقه في ادارة شؤونه بنفسه ، ويضمن استمرار التعاون بين الجهود الحكومية والاهلية وتوثيقها ، ويؤدي الى ترسيخ العمل الديموقراطي وتمكين المواطنين من المشاركة وتحمل المسؤولية في اطار من التوازن بين الحقوق والواجبات .
سابع عشر : الجامعات الاردنية جزء هام من مؤسسات الوطن وينبغي ان تكون منارات للاشعاع الفكري والتقدم العلمي مما يقتضي توفير الحرية الاكاديمية لها وضمان ممارسة هذه الحرية ، وتطوير مناهجها وانفتاحها المستمر على افاق المعرفة والبحث العلمي ووسائله ، وربط دورها بتطور المجتمع الاردني وحاجاته وتهيئتها للاسهام في بناء مؤسسات الوطن وتعليم ابنائه وتاهيلهم لمواجهة مشكلات العصر وتحديات المستقبل .
ثامن عشر : عقد التسعينات عقد حاسم للاردن وللوطن العربي ولا بد من تمكين امتنا من مواصلة صحوتها واستكمال عناصر قوتها وتضامنها لمواجهة متطلبات المرحلة وتحديات القرن الحادي والعشرين المتمثلة في ثورة الديموقراطية وحقوق الانسان ، وقيام التكتلات الاقتصادية الكبيرة ، وثورة التقنية المتقدمة والمعلوماتية .
اولا : دولة القانون :
1. دولة القانون هى الدولة الديموقراطية التي تلتزم بمبدأ سيادة القانون وتستمد شرعيتها وسلطاتها وفاعليتها من ارادة الشعب الحرة كما تلتزم كل السلطات فيها بتوفير الضمانات القانونية والقضائية والادارية لحماية حقوق الانسان وكرامته وحرياته الاساسية التي ارسى الاسلام قواعدها واكدها الاعلان العالمي لحقوق الانسان وجميع المواثيق الدولية والاتفاقيات الصادرة عن الامم المتحدة بهذا الخصوص .
2. ان الدولة الاردنية هى دولة القانون بالمفهوم العصري الحديث للدولة الديموقراطية ، وهى دولة المواطنين جميعا مهما اختلفت اراؤهم او تعددت اجتهاداتهم ، وهى تستمد قوتها من التطبيق الفعلي المعلن لمبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص ، واتاحة المجال العملي للشعب الاردني ، للمشاركة في صنع القرارات المتعلقة بحياته وشؤونه ، بما يحقق للمواطنين الاستقرار النفسي والاطمئنان والثقة بالمستقبل ، والغيرة على مؤسسات الدولة والاعتزاز بشرف الانتماء الى الوطن .
ثانيا : المرتكزات الاساسية لدولة القانون .
1. الالتزام باحكام الدستور نصا وروحا في اعمال السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في اطار اولوية الحق .
2. الالتزام بمبدا سيادة القانون في اطار الرقابة الكاملة للسلطة القضائية المستقلة .
3. الالتزام في ممارسة الديموقرطية بمبادئ العدالة الاجتماعية ومقتضياتها .
4. التاكيد على ان تكون القوانين العامة وقوانين الاحزاب والانتخابات والمطبوعات الخاصة ملتزمة باحترام حقوق المواطن الاساسية وحرياته العامة .
5. اعتماد اسلوب الحوار الديموقراطي في التعبير عن الرأي بعيدا عن كل اساليب الضغط واشكال الارهاب الفكري على جميع الاصعدة الرسمية والشعبية
6. قيام المؤسسات الحكومية جميعا بواجبها في التعامل مع المواطنين والهيئات وتقديم الخدمات لهم ، على اساس من المساواة التامة وعدم استغلال اي جماعة او حزب او تنظيم تلك المؤسسات لتحقيق اغراض سياسية او حزبية سواء اكانت تلك المؤسسات مدنية او عسكرية دون ان يشكل ذلك انتقاصا من حق المواطنين في التنظيم السياسي واعتبار ذلك كله شرطا اساسيا لنجاح النهج الديموقراطي .
وتعزيزا للمرتكزات المبينة اعلاه ولترسيخ البنيان الديموقراطي للدولة والمجتمع الاردني ينبغي العمل على تحقيق ما يلي :
1. انشاء هيئة مستقلة باسم ديوان المظالم بموجب قانون خاص ، يتولى التفتيش الاداري ويراقب اداء الادارة وسلوك اشخاصها ، ويرفع تقاريره الى مجلس الامة ومجلس الوزراء وفقا لاحكام الدستور والقوانين والانظمة المرعية ، دون اي مساس باستقلال القضاء واختصاصاته .
2. انشاء هيئة مستقلة بموجب قانون خاص لتحديث التشريعات وتطويرها استنادا الى الابحاث والدراسات اللازمة لذلك ، وترفع الهيئة تقاريرها بشان ماتقدم الى مجلس الامة ومجلس الوزراء .
3. انشاء محكمة دستورية تتولى الاختصاصات التالية :
1. تفسير احكام الدستور الاردني في ما يحيله مجلس الوزراء اليها من امور .
2. الفصل في ما تحيله المحاكم اليها من اشكالات دستورية في قضايا مرفوعة امام تلك المحاكم .
3. الفصل في المنازعات والطعون المتعلقة بدستورية القوانين والانظمة الخاصة بالدعاوى التي يقيمها اصحاب المصلحة لديها .
وفي جميع الاحوال المنصوص عليها في الفقرات السابقة يقتصر اختصاص المحكمة الدستورية على بيان الحكم الدستوري ويكون حكمها نهائيا وملزما لجميع سلطات الدولة وللكافة .
4. توحيد التشريعات المتعلقة بحالتي الطوارئ ،والطوارئ الخطيرة ،المنصوص عليهما في الدستور ومعالجتهما بقانون واحد يخضع فيه قرار مجلس الوزراء بقيام اي من الحالتين السابقتين ومدة سريان كل منهما ، لموافقة مجلس الامة . وفي جميع الحالات تخضع القرارات الادارية التي تصدر بموجب تلك التشريعات لرقابة محكمة العدل العليا .
5. رد صلاحيات مجلس الوزراء التشريعية المنصوص عليها في المادتين (114،120) من الدستور والمتعلقة بانظمة الاشغال الحكومية واللوازم والخدمة المدنية الى مجلس الامة .
6. اخضاع موازنات المؤسسات العامة لموافقة مجلس الامة واخضاع موازنات الشركات المختلطة الى الرقابة اللاحقة لمجلس الامة في الحالات التي تبلغ مساهمة المال العام خمسين بالمائة فما فوق .
7. العمل على اجراء التعديلات الدستورية اللازمة بما يلبي متطلبات التطور ، والغاء الاحكام الدستورية التي فقدت مسوغات وجودها .
ثالثا :- ضمانات النهج الديموقراطي :
ان من اهم ضمانات النهج الديموقراطي وتحقيق التعددية السياسية الالتزام بالمبادئ التالية :
1. احترام قواعد العمل الديموقراطي في السلوك العام للتنظيمات والاحزاب السياسية الاردنية باعتبار ذلك ضمانا للعدل والاستقرار .
2. ترسيخ قيم التسامح والموضوعية ،واحترام معتقدات الغير، والنأي بالممارسات السياسية والحزبية عن الصراعات الشخصية الضيقة وعن تجريح الاشخاص والهيئات .
3. ضمان الحريات الاساسية لجميع المواطنين بما يحمي مرتكزات المجتمع الديموقراطي وحقوق الفرد ، ويكفل التعبير عن الراي واعلانه بحرية كاملة ، في اطار الدستور .
4. تحقيق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين رجالا ونساء دون تمييز
5. الحفاظ على الصفة المدنية والديموقراطية للدولة . واعتبار اي محاولة لالغاء هذه الصفة او تعطيلها باطلة من اساسها ، لانها تشكل تعديا على الدستور وانتهاكا لمبدا التعددية ومفهومها .
رابعا: قواعد تنظيم الاحزاب وضوابطها :
1. للاردنيين الحق في تاليف الاحزاب والتنظيمات السياسية والانضمام اليها ، على ان تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية ونظمها لا تخالف احكام الدستور . على انه لا يجوز ان تنطوي القوانين الناظمة لعمل الاحزاب على احكام تؤدي صراحة او ضمنا الى تعطيل الحق الدستوري في تاسيس الاحزاب السياسية .
2. يقوم العمل السياسي والحزبي في الاردن على مبدا التعددية في الفكر والراي والتنظيم ، وعلى توفير متطلبات التنافس الديموقراطي ووسائله المشروعة .
3. يجب على الحزب الاعلان والاشهار لنظاميه الاساسي والداخلي اللذين يحددان اهداف الحزب وموارده المالية ، وبرامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
4. يعود للقضاء وحده الحق في البت في اي مخالفة لها علاقة بتطبيق قانون الاحزاب .
5. تلتزم الاحزاب السياسية الاردنية في تنظيماتها الداخلية وفي برامجها وتوجيهاتها وممارساتها ونشاطاتها العامة والحزبية بالمبادئ التالية :
(أ) اعتماد الاساليب الديموقراطية في التنظيم الداخلي للحزب ، وفي اختيار قياداته ، وممارسة نشاطاته ، في اطار الحوار الديموقراطي ، والتنافس الحر بين الاحزاب السياسية . ويطبق ذلك على علاقات الحزب وتعامله مع الاحزاب والتنظيمات السياسية الاخرى ، ومع المؤسسات الشعبية والدستورية في اطار احترام الرأي والرأي الآخر .
(ب) عدم ارتباط قيادة الحزب واعضائه تنظيميا او ماليا باي جهة غير اردنية ، وعدم جواز توجيه النشاط الحزبي او التنظيمي بناء على اوامر او توجيهات من اي دولة او جهة خارجية .
ومع الالتزام بما ورد في هذه الفقرة وبجميع قواعد تنظيم الاحزاب وضوابطها ، يعتبر ما يرد في النظامين الاساسي والداخلي لاي حزب اردني مرخص وفي برامجه من اجل فلسطين والوحدة العربية والتضامن الاسلامي عملا وطنيا اردنيا.
(ج) التزام اي حزب يتولى المسؤولية الوزارية او يشارك فيها بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ، واعتماد الكفاية والاهلية معيارا اساسيا لتقلد الوظائف العامة .
(د) اعتماد الاحزاب في مواردها المالية على مصادر اردنية محلية معروفة معلنة محددة ، تخضع للتدقيق المحاسبي والرقابة القانونية بالطريقة التي حددها القانون.
(هـ) التزام الاحزاب في تشكيلاتها ونشاطاتها وتوجيهاتها بالامتناع عن التنظيم والاستقطاب الحزبي في صفوف القوات الاردنية المسلحة واجهزة الامن او اقامة تنظيمات عسكرية او شبه عسكرية "مليشيات " باي صورة من الصور .
(و) التزام الاحزاب بتشكيلاتها المختلفة بان تكون لها مقار ، وان تكون هذه المقار معلنة معروفة ، وعدم استخدام مؤسسات الدولة ودوائرها واجهزتها وغيرها من المؤسسات العامة والخيرية والدينية ، او استغلالها لمصلحة اي حزب او تنظيم وعدم زج هذه المؤسسات في اي صراع سياسي او حزبي .
يعتمد الامن الوطني الاردني اعتمادا كبيرا على منعة المجتمع الاردني ، وعلى تعزيز عوامل قوته الذاتية ، لحماية ارض الوطن واستقلال اراداته ، وضمان امن الشعب الاردني وحريته ، وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطن بما يحقق امنه المادي والشخصي ، واستقراره النفسي والاجتماعي حيثما كانت اقامته . وان موقع الاردن الجغرافي والسياسي في مواجهة الخطر الصهيوني يفرض عليه شد جميع الطاقات والامكانات والجهود للتصدي لذلك الخطر ، والدفاع عن وجوده وحماية امنه الوطني والقومي بمختلف السبل والوسائل .
وعلى هذا الاساس، فان الامن الوطني الاردني يقوم على المرتكزات والاركان التالية :
1. الامن الوطني الاردني جزء من الامن القومي العربي يؤثر فيه ويتاثر به سلبا وايجابا مما يجعل صمود الاردن وبناء منعته صمودا للامة العربية ، ويؤكد أهمية البعد القومي لقوة الاردن وحماية امنه واستقراره
2. تنطلق السياسة الاردنية في مفهومها للامن الوطني من ادراكها لمخاطر التجزئة والتبعية وما تؤدي اليه من تهديد للامن السياسي والاقتصادي والاجتماعي الاردني والعربي ، مما يتطلب سياسة وطنية تهدف الى تاكيد الاستقلال في جميع المجالات وتحصين المجتمع الاردني وتعميق الانتماء الى الوطن ، وتربية اجياله على التضحية والايمان بعدالة قضايا الامة المصيرية ، وتبصيرهم بطبيعة العدو واهدافه ومراكز تحالفاته ، وخطره الحقيقي الذي يهدد مستقبل الامة العربية ومقدساتها ، وتاكيد مسؤولية العرب والمسلمين في دعم الاردن للحفاظ على امنه ، وحماية المقدسات العربية والاسلامية .
3. يتطلب تحقيق الامن الوطني الاردني تعميق مفهوم الاحتراف لدى قواتنا المسلحة ، والعمل على توسيع قاعدتها ، وتعزيز قدراتها وتطويرها ، وتعبئة طاقات الوطن والشعب دعما لها ، بما يمكنها من القيام بواجباتها ، لحماية الوطن ، والاسهام في اعماره وتنميته ، وبما يحقق اعلى درجات الالتحام بين قطاعات الشعب كله ، والالتزام بالحفاظ على امن الوطن وحماية انجازاته .
4. العناية بتطوير اجهزة الامن الوطني وتأهيلها للقيام بواجباتها على اكمل وجه ، وفقا لمقتضيات مسؤولياتها عن حماية امن الدولة الخارجي ، وتوجيهها للقيام بواجباتها الخاصة بحماية الامن الداخلي ، في اطار احترام المواطن والمحافظة على كرامته وصون حريته ، والالتزام بحقوقه الدستورية ، وتأكيد مسؤوليتها الخلقية عن اشاعة الطمانينة والثقة المتبادلة بينها وبين الشعب بجميع فئاته .
5. الامن الاقتصادي والاجتماعي للشعب الاردني بفئاته المختلفة ركن اساسي من اركان امنه الوطني يستلزم زيادة قدرة الوطن في الاعتماد على موارده الذاتية ، وتمكينه من تلبية الحاجات الاساسية للشعب ، بما يحفظ كرامة المواطن ، ويسهم في توفير امنه المادي والمعيشي والنفسي .
6. ترسيخ النهج الديموقراطي عنصر اساسي لتعميق روح الانتماء للوطن وتعزيز الثقة بمؤسساته ، والاسهام في تمتين وحدة الشعب الاردني وحماية امنه الوطني ، ويتأتى ذلك باتاحة اسباب المشاركة الحقيقية للمواطنين كافة في اطار من العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والتوازن بين الحقوق والواجبات .
يعمل الاقتصاد الاردني ضمن محددات تجعل من مهمة تنميته وتطويره تحديا كبيرا ، وتتمثل تلك المحددات في عدد من الامور من اهمها قلة الثروات المعدنية ومصادر الطاقة ، وندرة المياه ، ومحدودية رقعة الارض الصالحة للزراعة ، وتزايد عدد السكان بنسبة عالية وضيق السوق المحلي ، في غياب التطبيق العملي لمفهوم التكامل الاقتصادي العربي - وعدم توافر الاستقرار السياسي في المنطقة ، والتنامي المطرد في اعباء الدفاع الوطني .
وقد ادت محصلة هذه العوائق الى اعتماد الاقتصاد الاردني اعتمادا كبيرا على المساعدات والقروض الخارجية . ومع ذلك حقق الاقتصاد الوطني معدلات نمو ملحوظة ، انعكست اثارها في كثير من المجالات بصور مختلفة .
وكان من الطبيعي ان تتحمل الدولة عبء توفير البنية الاساسية في جميع مناطق المملكة، حين اتسع دور الدولة وازداد دخلها في النشاطات الاقتصادية . ونظرا لغياب سياسة اقتصادية شاملة والافتقار الى الادارة الرشيدة ، وقصور مراقبة الاداء العام مراقبة فعلية ، فقد نمت القطاعات الاقتصادية المختلفة بصورة غير متوازنة ، وتفاوتت الدخول بشكل واضح ، مما ادى الى تقلص الطبقة الوسطى واضعاف دورها الاساسي في بناء الاقتصاد الاردني وتطويره ، كما ساد نمط الاستثمار التفاخري والاستهلاك الترفي في القطاعين العام والخاص ، وتفاقم الهدر في موارد الدولة ، وازداد حجم المديونية العامة زيادة كبيرة ، وانخفضت معدلات نمو الاقتصاد الوطني .
وعلى هذا الاساس ، فان التصور المستقبلي لاقتصاد البلاد وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية لابد ان يرتكز على ما يلي :
1. قيام النظام الاقتصادي للدولة الاردنية على اساس احترام الملكية الخاصة وتشجيع المبادرة الفردية ، وتأكيد ملكية الدولة للموارد والثروات الطبيعية والمشاريع الاستراتيجية ، وحقها في ادارة تلك الموارد والثروات والمشاريع او الاشراف عليها حسبما تقتضيه المصلحة العامة ، وتنظيم الاقتصاد وتخصيص الموارد وفقا للاولويات الوطنية .
2. توفر رؤية استراتيجية محددة واضحة المعالم ، تعتمد التنمية المبنية على منهج الاعتماد على الذات ، واطلاق طاقات الابداع من المجتمع ، ووضع العمل والانتاج في مرتبة عالية من نظام القيم الاجتماعية ، واعادة بناء اقتصاد الريف الاردني وتنميته ، وتعبئة الموارد والثروات والقدرات الذاتية وترشيد استغلالها ، والتركيز على تطوير القاعدة الانتاجية الوطنية ، وتحسين مستوى الخدمات ورفع كفاية الادارة العامة ، وتنشيط الرقابة المالية والنوعية .
3. الاستغلال الامثل لجميع الموارد المتاحة ، واستخدام الوسائل العلمية والتكنولولجية الملائمة لزيادة الانتاجية ، بما يلبي حاجات المواطنين ويوفر فرص العمل لهم ويسهم في زيادة دخولهم وتنويع مصادرها ، ويرفع من مستوى معيشتهم .
4. الالتزام بمؤسسية القرار الاقتصادي وعلانيته وملاءمته من النواحي القانونية والموضوعية ، والنأي به عن اي تاثيرات مصلحية خاصة او اعتبارات فردية .
5. اعتماد المعلومات الدقيقة الحديثة ، لانها تشكل قاعدة اساسية في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي ، وعنصرا هاما في عملية اتخاذ القرار ، والعمل على تجميعها وتوثيقها ونشرها دون ارجاء .
6. تأكيد حق التنظيم النقابي في شتى القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع الزراعي ، والتحديث المستمر لتشريعات العمل والنقابات ، بما يضمن حدا ادنى للاجور ، ويوفر التدريب والتأهيل المستمر للقوى العاملة ، وتنظيم العلاقة بين ارباب العمل والعمال والحكومة ، بما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات والادوار .
7. العمل على توفير فرص العمل لجميع المواطنين ، ووضع السياسات واتخاذ الاجراءات الكفيلة بتأمين هذا الحق ، من خلال خطط وطنية تعتمد تنمية النشاطات الاقتصادية التي تحقق استيعاب المزيد من الايدي العاملة وتحسين فرص العمل وظروفه وتطوير نظام التعليم باستمرار وربطه بحاجات المجتمع ، واعطاء العمل قيمة اجتماعية متقدمة .
8. محاربة الفقر ومعالجة آثاره هدف استراتيجي للدولة الاردنية ، ومسؤولية وطنية تستلزم اتاحة فرص العمل للقادرين عليه والباحثين عنه ، واعطاء الاولوية فيه للاردنيين ، وتوخي العدالة في توزيع الخدمات ومشاريع التنمية من الناحية الجغرافية والاجتماعية ، بما يلبي الحاجات الاساسية للمواطن ، ويجعل الفقر حالة استثنائية ، ويحد من تفاقم آثاره السلبية التي قد تصيب الفرد والمجتمع .
9. الاردنيون في بلدان الاغتراب جزء من البنيان الاجتماعي والاقتصادي للدولة ، مما يتطلب توثيق المعلومات الكاملة عن اوضاعهم ، وتعزيز وسائل الاتصال بهم ، وتقوية عرى ارتباطهم بالوطن ، برعاية مصالحهم في اماكن العمل ،وضمان ممارستهم لحقوق المواطنة وتسهيل السبل التي تتيح لهم الوفاء بالتزاماتهم وواجباتهم نحو الوطن .
10. المياه عنصر استراتيجي يعتمد عليه مستقبل التنمية في الاردن اعتمادا شديدا ، مما يستوجب تأكيد ملكية الدولة للمياه وسيادتها عليها ، والمحافظة على مصادرها وتنميتها وضمان حسن ادارتها ورفع كفاية خزنها ونقلها وترشيد استعمالاتها ، ضمن سياسات واولويات وطنية واضحة .
11. العمل على تكامل ادوار القطاعات الاقتصادية من خاص وعام ومختلط وتعاوني ، وتهيئة الظروف الموضوعية لتنمية تلك القطاعات ، والاعتراف بدور كل منها وتقييم ادائه ، وفق اسس اقتصادية واعتبارات اجتماعية ، والعمل على الغاء الاعفاءات المالية الممنوحة للشركات، والمؤسسات العامة التي تعمل على اسس تجاريه بما لا يتعارض مع احكام القانون تشجيع الاستثمار واهدافه .
12. تحتل الزراعة في الاردن موقعا اساسيا في الاقتصاد الوطني ، مما يفرض على المجتمع الاردني اعطاءها ما تستحقه من اولوية واهتمام ، كما يتطلب تنشيط ادوار المؤسسات الزراعية والعمل على تكامل ادوارها ، ووقف التصحر والزحف العمراني على الرقعة الزراعية ، وتطوير نوعية البحث والارشاد الزراعي وتعميمه ، واعتبار التصنيع الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية ، وتوفير مستلزمات الانتاج ، وتطوير وسائل تسويق المنتجات الزراعية ، جزءا رئيسيا من السياسات الوطنية لتحقيق الامن الغذائي .
13. التركيز على الصناعات الوطنية ذات القيمة المضافة العالية المعتمدة على عناصر الانتاج المحلي ، وتوفير الظروف المناسبة لانشائها والحوافز الضرورية لنموها ، واعتماد مبدا المنافسة بين الصناعات الوطنية المختلفة .
14. تطوير الخدمات التي تعتمد على الامكانات والخبرات الوطنية وتسويقها باعتبار ان قطاع الخدمات احد الروافد الاساسية للاقتصاد الوطني .
ولما كانت السياحة مصدرا هاما من مصادر الثروة الوطنية ، فان ذلك يتطلب استغلال امكاناتها وضمان تسويقها بتطوير المواقع السياحية والاثرية ، وتشجيع السياحة الداخلية والنشاطات الثقافية ، والفنون الشعبية الاردنية ، ودعم الصناعات والحرف التراثية في جميع مناطق المملكة .
15. ان نمو الاقتصاد الوطني يتطلب وضوح التشريعات الاقتصادية والمالية وتكاملها ، وتطويرها بما يتناسب والمتغيرات الداخلية والخارجية ، كما يتطلب تشجيع الادخار وتوفير المناخ الملائم للاستثمار وتحفيزه ، وتبسيط الاجراءات .
16. التشريعات المالية والنظام الضريبي في الدولة وسائل هامة لتطوير الاقتصاد الوطني وتوجيه نشاطاته ، وركن اساسي في التنمية الوطنية المتوازنة ، التي تؤدي الى تضييق الفجوة بين الدخول ، وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ، مما يتطلب استمرار تحديث تلك التشريعات وتوافر المرونة فيها ، لتواكب التطور الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الاردني .
17. ضبط الاقتراض العام للدولة ومؤسساتها المختلفة وفق اولويات المملكة وحاجاتها الاساسية ، واخضاع القروض الداخلية والخارجية واي قروض اخرى تكلفها الخزينة لموافقة مجلس الامة .
18. البيئة المتوازنة النظيفة حق من حقوق الانسان ، والحفاظ على البيئة الاردنية وحمايتها من التلوث من اجل اجيال الحاضر والمستقبل مسؤولية وطنية ، تستلزم التعاون الوثيق والتنسيق بين المؤسسات الرسمية والهيئات الاجتماعية المتخصصة ، وتوعية المواطنين لتكوين راي عام بيئي متطور ، وتحقيق درجة عالية من المشاركة والاهتمام العام بقضايا البيئة ومخاطر التلوث بانواعه ، واعتماد السياسات التي تحقق التوازن بين الحفاظ على البيئة والتنمية المستديمة ، ووضع التشريعات والمعايير التي تتسع لمعالجة ما تخلفه بعض مشاريع التنمية من اثار سلبية تفسد البيئة الطبيعية .
1. يستمد المجتمع الاردني قيمه ومثله من منظومة القيم العربية الاسلامية والانسانية ، وتقوم الصلة بين ابنائه على اساس رابطة المواطنة ، كما يقوم تطوره على مشاركة جميع فئات الشعب ، ومؤسساته في البناء والانتاج ، بغية تحقيق النماء الاجتماعي المتكامل في اطار من الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية .
2. احترام آدمية الانسان عملا بقوله تعالى " ولقد كرمنا بني ادم " مما يتطلب قيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على كرامة المواطن ، وصون حقوقه التي كفلها الدستور واكدتها المواثيق الدولية ، مثلما يتطلب قيام الافراد والجماعات بواجباتهم لصون تلك الحقوق وحمايتها ، والالتزام بمبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين في المجتمع الاردني .
3. الاسرة هى اللبنة الاساسية في بنية المجتمع الاردني ، وهى البيئة الطبيعية لتنشئة الفرد وتربيته وتثقيفه وبناء شخصيته ، وعلى الدولة بمؤسساتها الرسمية والشعبية ان توفر للاسرة اسباب تكوينها وتماسكها وعيشها الكريم ، وان تساعدها على القيام بمسؤولياتها في تربية الاجيال وتنشئتهم تنشئة صالحة .
4. الامومة الصالحة اساس الطفولة السوية وحق طبيعي من حقوق الطفل ، وعلى الدولة الاردنية والمجتمع ، توفير الرعاية الخاصة للطفل والام ، وتاكيد حق الام العاملة في اجازة الامومة ورعاية الاطفال بما في ذلك الضمانات الصحية والاجتماعية ، وتوفير ظروف العمل المناسبة والخدمات المساندة الاخرى لها .
5. للاطفال الحق في الحصول على افضل مستوى ممكن من الرعاية والحماية من الوالدين ومن الدولة ، من اجل بناء الشخصية المستقلة المتعاونة للطفل الاردني ، دون تمييز بين الذكور والاناث .
6. المرأة شريكة للرجل وصنوه في تنمية المجتمع الاردني وتطويره ، مما يقتضي تأكيد حقها الدستوري والقانوني في المساواة والتعليم والتثقيف والتوجيه والتدريب والعمل ، وتمكينها من اخذ دورها الصحيح في بناء المجتمع وتقدمه .
7. الشباب مستقبل الوطن وثروته البشرية المتجددة ، وعلى الدولة ان تضع السياسات والبرامج الوطنية لحشد طاقاتهم وتأهيلهم لتحمل المسؤولية والانخراط في العمل المنتج المعبر عن امكاناتهم في التجديد والابتكار ، والسعي لحمايتهم من الانحراف ومعالجة اسبابه ، وتوجيه قدراتهم الخلاقة نحو البناء والتنمية .
8. للمعوقين من افراد المجتمع الاردني الحق في الرعاية الخاصة والتعليم والتدريب والتاهيل والعمل ، بما يضمن لهم التغلب على مصاعبهم ، ويمكنهم من ممارسة حياتهم على انهم جزء مشارك منتج في المجتمع .
9. العمل على تعميق مفهوم التكافل الاجتماعي في المجتمع الاردني ، بتوسيع مظلة الضمانات الاجتماعية ، وتطوير قانون الزكاة بما يحقق تنظيمها وتطوير اساليب جبايتها وتوحيدها ، ويضمن تحقيق اهدافها الاساسية في المجتمع .
10. قيام العمل الشعبي التوعي على مفهوم الانتماء الوطني وتكافل الاجتماعي مما يتطلب انشاء الجمعيات التطوعية والاندية ، وتوفير الحوافز لها لتعميق قاعدة المشاركة الفعالة ، وتاكيد قيم المجتمع الاردني الخيرة واحياء تقاليده العربية وقيمه الاسلامية في التكافل والتواصل والعون .
اولا : الثقافة
الثقافة العربية الاسلامية هى الاساس الذي تنتسب اليه ثقافتنا الوطنية ، فكرا وفنا وابداعا في سعيها لتحقيق نهوض المجتمع الاردني وتقدمه ، وهى رمز لمنعة الامة العربية ، ومصدر لقوتها المادية والمعنوية ، وعنوان لوحدتها وصمودها في وجه الغزو الثقافي الاجنبي ، والثقافة الاردنية جزء من ثقافتنا العربية المعاصرة بقضاياها وتحدياتها وتطلعاتها الى المستقبل .
ويبنى على ذلك مايلي :
1. اللغة العربية هى لسان الامة ووسيلة التعبير عن هويتها الحضارية ، وهى وعاء الفكر والعلم والقيم واداة نقل المعرفة ، مما يتطلب الحفاظ عليها والعمل على تطويرها وتنشيط حركة الترجمة منها واليها ، وحث المؤسسات العلمية والاكاديمية الاردنية للاسهام في جهود التعريب ، وتشجيع عملية النشر بها في مختلف الحقول العلمية والادبية والفنية .
2. العناية بتراث الامة الثقافي والتعريف به وتحقيقه بمنجهية علمية ، والعمل على نشره وتعميمه ضمن الامكانات المتاحة ، بالتعاون مع المؤسسات الثقافية العربية والاسلامية والدولية المعنية بتراث الامة وحاضرها الثقافي .
3. الاعتزاز بالتاريخ العربي الاسلامي ، واستلهام الدور الايجابي للامة العربية على الساحة الانسانية ، والاهتمام بالتاريخ الوطني الاردني وتوثيقه وصيانة اثاره والتعريف بحقائقه ودراستها وتدريسها ، بما يؤكد دور الارادة الوطنية للشعب العربي الاردني في صنع حاضره ومستقبله .
4. الاهتمام برفع المستوى الثقافي للمواطنين الاردنيين في جميع مناطق المملكة والعمل على تنمية ثقافتهم الوطنية وتطويرها بمختلف الوسائل الممكنة بما يحقق مشاركتهم في التنمية الثقافية الشاملة .
5. الاهتمام بوسائل نشر الثقافة الوطنية والقومية وتعميمها من مكتبات ومراكز معلومات ومسارح ومعارض ومتاحف ، وابراز منجزات الانسان العربي الاردني ثقافيا وحضاريا .
6. العناية بمختلف انماط التراث الشعبي الاردني ، باعتبارها روافد ابداعية تغني الثقافة الوطنية ، والعمل على تطويرها بما يلائم روح العصر ، ويعزز وحدة النسيج الثقافي للامة .
7. تأكيد حق المثقفين والمفكرين والادباء والفنانين والشعراء الاردنيين في الانفتاح على الثقافات المختلفة ، اغناء لثقافتنا الوطنية وحفاظا على حيويتها ، بما ينسجم مع قيمنا العربية الاسلامية .
8. احترام حق التأليف وتحديث التشريعات التي تضمن حقوق المؤلفين والمبدعين المختلفة .
ثانيا : التربية والتعليم :
نظام التربية والتعليم الاردني نظام متكامل متطور ، تعبر فلسفته عن فكر الامة وقيمها ، وتقوم على ثوابت العقيدة الاسلامية والمثل العليا للامة العربية ، والتجربة الوطنية الاردنية .
وهذا يتطلب ما يلي :
1. ان تحرص سياسة التربية والتعليم في الاردن على تنشئة الفرد المتكامل روحيا وجسميا ونفسيا وعقليا واجتماعيا ، الواعي لحقوقه الملتزم بواجباته القوي الانتماء لوطنه المعتز بامته ، المتمتع بالروح العلمية والديموقراطية المؤمن بحقوق الانسان ومبادئ العدل والخير والمساواة القادر على الانتاج المفيد ، والمبادرة المبدعة .
2. ان تقوم تربية النشء على الايمان بالله وبأصالة الامة العربية وبقدراتها على التجديد والابداع في مختلف ميادين الحياة .
3. ان يعنى نظام التعليم بتنمية التفكير المستقل المبدع وذلك بتحريك دوافع العمل والجدية والاتقان والتميز ، وتوجيه التعليم نحو اعداد الانسان الاردني للمستقبل ، بتنمية معرفته وتطوير قدراته العقلية والنفسية ، لمواجهة تحديات المستقبل واخطاره ، وبناء منهجية التفكير العلمي والنقدي ، بتوجيه التعليم نحو مهارات استخراج المعرفة واستيعابها ومحاكمتها محاكمة عقلانية .
4. ان يتم الربط بين نظام التعليم والانتاج وان تلبي عملية التربية والتعليم حاجات الاردن من القوى البشرية المؤهلة في الحاضر والمستقبل .
5. ان يتصف نظام التربية والتعليم بالشمول والمرونة بحيث يتم من خلاله الاهتمام بالنابهين والموهوبين وتوفير الفرص التي تتلاءم مع قدراتهم وقابليتهم ، وتضمن استفادة المجتمع الاردني من عطائهم المتميز ، والاهتمام بتعليم المعوقين ودمجهم المبكر في نظام التربية والتعليم وتأهيلهم ليصبحوا عناصر منتجة في المجتمع .
6. ان تكون اللغة العربية لغة التعليم في جميع مراحله وانواعه ، مما يتطلب تطوير اساليبها ووسائل تدريسها ، وتعليمها لغير الناطقين بها ، وتأكيد اهمية تعلم اللغات الاجنبية الحية ، لتمكين الاجيال من الاطلاع على العلوم والاداب وشتى اشكال النشاط الانساني المكتوب بتلك اللغات ، وتحقيق التواصل الحضاري مع الامم الاخرى .
7. ايلاء مهنة التعليم ، ماتستحقه من عناية وتقدير ، لتحتل مكانتها الاجتماعية اللائقة بين المهن المختلفة ، والاهتمام بتأهيل المعلم الاردني واشراكه في عملية صنع القرار التربوي ورفع مستواه العلمي والمعرفي والمعيشي .
ثالثا : العلوم والتكنولوجيا
للعلوم والتكنولوجيا دور مركزي في تطوير المجتمع الاردني وتقدمه ، ومعالجة مشكلاته الاجتماعية والاقتصاد وتدعيم امنه الوطني والقومي ، وتمكينه من التعامل مع المتغيرات المختلفة والتصدي لتحديات العصر والاسهام في الحضارة الانسانية . وهذا يتطلب ما يلي :
1. وجود قرار سياسي واضح وعزم وطني مصمم على امتلاك التكنولوجيا ونقلها وتطويرها وتوظيفها لمصلحة البلاد وتلبية حاجاتها ، باعتماد تخطيط منهجي مدروس ، من خلال مؤسسات وطنية ، وفي ضوء نظام تعليمي متطور .
2. ترسيخ المنهج العلمي في التفكير ، وتوظيفه لمعالجة المشكلات وايجاد الحلول لها ، وتطوير قدرة المجتمع الاردني ، على تحويل البيانات الاولية الى معارف قابلة للاستخدام في مجالات الحياة المختلفة ، والاهتمام بانشاء بنوك معلومات وطنية لخدمة هذا الغرض .
3. تأكيد اهمية تعليم الرياضيات والعلوم ، والاهتمام بأبعادها التطبيقية في مختلف مراحل التعليم وانواعه .
4. الاهتمام بتثقيف المجتمع الاردني علميا وتكنولوجيا ، ليصبح قادرا على التعامل مع التقنية المتطورة تعاملا رشيدا فعالا .
5. اشاعة مناخ الحرية الاكاديمية ، وتوفير الامكانات الضرورية لتطوير البحث العلمي ، وتوجيه سياساته بما يلبي حاجات الاردن وتقدمه في مختلف الميادين ، والالتزام باستعمال اللغة العربية في عمليات البحث والتطوير والابتكار والنشر .
6. تنمية موارد البلاد الطبيعية ، وصيانتها من التاثيرات السلبية للتكنولوجيا ، والمحافظة على توازن البيئة الاردنية وحماية عناصر الحياة فيها من التلوث .
رابعا :الاعلام والاتصال
التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع ، وما احدثته ثورة الاتصالات من اثار في هذا العالم ، جعل للاعلام ووسائل الاتصال الجماهيرية دورا رئيسيا في تكوين المعرفة والقناعات والاتجاهات والمواقف ، كما تؤدي وسائل الاتصال الجماهيرية دورا مهما في ترسيخ النهج الديموقراطي وتعزيزه .
وهذا يتطلب ما يلي :
1. ان تقوم رسالة الاعلام الاردني على مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية ، واحترام الحقيقة ، وقيم الامة العربية والاسلامية .
2. ان تعتبر حرية الفكر والرأي والتعبير والاطلاع حقا للمواطن كما هى حق للصحافة وغيرها من وسائل الاعلام والاتصال الوطنية ، وهى حرية ضمنها الدستور ولا يجوز الانتقاص منها او انتهاكها .
3. ان تسهم المؤسسات الاردنية الرسمية والاهلية في تأهيل الاطر القادرة على تأدية رسالة الاعلام بموضوعية وبلا تحيز .
4. ان يكون للمواطن الحق في التماس الحقيقة والمعرفة والمعلومات من خلال مصادر البث والنشر المشروعة في داخل البلاد وخارجها ، ولا يجوز ان تحول الرقابة على المصنفات الاعلامية دون ممارسته لهذا الحق .
5. ان يكون للمواطنين الاردنيين وللتنظيمات السياسية والاجتماعية الحق في استخدام وسائل الاعلام والاتصال الوطنية ، للتعبير عن الرأي والابداع الثقافي والفكري والفني والعلمي ، وعلى الدولة ان تضع السياسات الملائمة لممارسة هذا الحق .
6. ان تكون وسائل الاعلام والاتصال قنوات لايصال صورة الوطن وثقافته وحضارته الى العالم ، واداة لنقل المعرفة الجديدة والتطور العلمي والحضاري الى المواطن ، مما يتطلب تنمية الكفايات الوطنية والاستعانة بالخبرات القادرة على تحقيق هذه الغاية .
7. ان تسهم وسائل الاعلام في تكوين المواطن المنتمي لوطنه وامته ، المعتز بتراثه الاردني العربي والاسلامي ، بما يحقق التكامل بين دور البيت والمدرسة ودور العبادة ، في تطوير وعي المواطن ومعارفه واتجاهاته ، وبما يسهم في الحفاظ على السلام الاجتماعي وصون الوحدة الوطنية ، وتجنب التاثيرات الضارة لنشاط الاعلام المعادي
8. ان تحرص وسائل الاتصال جميعها على تهيئة المناخ الحر اللازم لنمو المجتمع الاردني ، بالمعرفة المستنيرة والخبر الصادق ، وان تنأى عن المساس بحرية الاشخاص وحياتهم الخاصة .
9. ان تعزز السياسة العامة لوسائل الاعلام الاردني احترام عقل الانسان وذكائه وحريته وحقه في التعبير ، وتهيئة المناخ الملائم لتشجيع الملكات الخلاقة والطاقات المبدعة .
10. ان تضمن الدولة حق الافراد والجماعات والمؤسسات الاردنية وحريتهم في امتلاك الصحف واصدارها وفقا لمبادئ الدستور ، وان تسن التشريعات اللازمة لضبط مصادر تمويل هذه الصحف ، بحيث تضمن حمايتها من اي تأثير خارجي .
11. تعتبر حرية تداول المعلومات والاخبار جزءا لا يتجزأ من حرية الصحافة والاعلام ، وعلى الدولة ان تضمن حرية الوصول الى المعلومات في الحدود التي لا تضر بامن البلاد ومصالحها العليا ، وان تضع التشريعات اللازمة لحماية الصحفيين والاعلاميين في ادائهم لواجباتهم ، وتوفير الامن المادي والنفسي لهم .
12. وسائل الاتصال الجماهيرية مؤسسات وطنية ملتزمة ، لا يجوز استخدامها او استغلالها للترويج لفلسفة حزب او تنظيم سياسي بعينه ، او للدعاية لحكومة ما بأشخاصها . وينبغي ان يشارك المواطنون الاردنيون في توجيه سياسة البرامج العامة لهذه المؤسسات ، من خلال مجالس تنشأ لهذا الغرض .
ان حقائق العلاقة التاريخية والجغرافية الوثيقة بين الاردن وفلسطين خلال العصور ، وانتماء الاردنيين والفلسطيين القومي وواقعهم الثقافي والحياتي في الحاضر والمستقبل جعلت من هذه العلاقة حالة خاصة متميزة ، تعززها طبيعة الروابط وقوة الوشائج وعمق المصالح المشتركة بينهما ، مما يؤكد ضرورة استمرار هذه العلاقة وتمتينها ، في مواجهة الخطر الصهيوني العنصري الاستعماري ، الذي يهدد وجود امتنا العربية وحضارتها ومقدساتها ، ويستهدف الاردن مثلما استهدف فلسطين .
وفي ضوء هذه الحقائق ينبغي ان تقوم العلاقة الاردنية الفلسطينية على المرتكزات التالية :
اولا : ان الهوية العربية الفلسطينية هوية نضالية سياسية ، وهى ليست في حالة تناقض مع الهوية العربية الاردنية ويجب ان لاتكون ، فالتناقض هو فقط مع المشروع الصهيوني الاستعماري . وكما ان الهوية الوطنية الفلسطينية هى نقيض للمشروع الصهيوني وتكافح من اجل هدمه ، فان الهوية الوطنية الاردنية من هذا المنظور هى ايضا نقيض للمشروع الصهيوني وتحصين للاردن من مخططات الصهيونية ومزاعمها المختلفة . وبهذا المفهوم يصبح الاردن وفلسطين حالة عربية واحدة ، بنضالهما المشترك في التصدي للمخطط الصهيوني التوسعي ورفضهما الحازم لمؤامرة الوطن البديل .
ثانيا : ان انعكاس المتغيرات السياسية على الساحة الدولية والعربية ، وما وقع من تطورات على الساحة الاردنية - الفلسطينية ، تمثلت في قرار فك الارتباط الاداري والقانوني بالضفة الغربية المحتلة ، وموافقة منظمة التحرير الفلسطينية عليه ، وقرار اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، واعتراف الاردن بها ، وما نشأ عن تلك التطورات او بسببها من واقع جديد ، اكد خصوصية العلاقة الاردنية - الفلسطينية وتميزها ، واصبح اساسا لوضع تلك العلاقة في اطارها الصحيح وارسائها على اسس ومرتكزات واضحة .
ثالثا : وعلى هذا الاساس ، فانه لايجوز باي حال من الاحوال ان تفهم العلاقة الاردنية - الفلسطينية او ان تستغل اي حالة فيها من اي طرف وتحت اي ظرف ، لتصبح مدخلا للانتقاص من حقوق المواطنة وواجباتها ، او سببا لاضعاف الدولة الاردنية من الداخل ، وخلق الظروف التي تؤدي الى تمرير المشروع الصهيوني لتحويل الاردن الى بديل عن فلسطين . وبهذا المفهوم يصبح الالتزام بأمن الاردن الوطني والقومي مسؤولية تقع على عاتق المواطنين جميعا ، مثلما يؤكد ذلك نضالهم و تضحياتهم الموصولة في سبيل تحرير فلسطين والحفاظ على الاردن وعروبته .
رابعا : لما كانت العلاقة الوحدوية المستقبلية بين دولتي الاردن وفلسطين مسألة حتمية ، فان اقامة تلك العلاقة وادامتها تقتضي احترام خيارات الاردنيين والفلسطينيين في تحقيق افضل صيغ الوحدة بينهما بما يجعلها نموذجا للوحدة العربية الشاملة .
وانطلاقا من كل ماسبق ، فان الوحدة الوطنية الاردنية هى القاعدة الصلبة التي تقوم عليها العلاقة الوثيقة بين جميع المواطنين في الدولة الاردنية ، كما ان استحالة الفصل على ارض الواقع بين المواطنين من ابناء الشعب العربي الاردني على اختلاف اصولهم يستلزم حماية هذه الوحدة وترسيخها ، بما يعزز منعة الاردن ، ويحفظ امنه الوطني والقومي ، ويحمي جبهته الداخلية ، ويضمن الفرص المتكافئة لجميع المواطنين دون تمييز ، ويصون مصالحهم المشروعة وحقوقهم التي كفلها الدستور .