في القضية رقم لسنة 2008
والمـــحدد لنظـــــــرها
جلسة 13/10/2008
القســــم الأول
عدم اختصاص المحكمة محليا بنظر الدعوي
عملا بالمادة 219 إجراءات
نصت المادة 219 إجراءات على إنه:
" إذا وقعت في الخارج جريمة من الجرائم التى تسري عليها أحكام القانون المصري، ولم يكن لمرتكبها محل إقامة في مصر ولم يضبط فيها، ترفع عليه الدعوي... في الجنح أمام محكمة عابدين الجزئية".
وهذه المادة لم تلغ الأختصاص الوارد في المادة 217 إجراءات الذي حدد في ثلاث أماكن وقوع الجريمة أو محل إقامته أو محل ضبطه.
وهديا على ما تقدم:
وكان الثابت أن مركز ابن خلدون الكائن في 12 ش 17 المقطم الذي تم الإعلان عليه ليس محل أقامة المتهم وإنما هو مقر نشاط المركز
لذلك لا يصح الإعلان على هذا العنوان لأنه ليس محلا لأقامته.
إضافة لذلك فإن القانون لا يجيز إعلان المتهم على محل عمله.
وحيث أن المتهم يقيم في مصر في ـــــــــــــــــ
وهذا المكان الذي استأجرته له الجامعة الأمريكية ثم لزوجته.
ومن ثم ينعقد الأختصاص في محكمة المعادي الجزئية.
وإضافة لذلك فإن المتهم لا يقيم في مصر حاليا وقبل إقامة الجنحة عليه ويتخذ له مقرا في الولايات المتحدة الأمريكية وقبل إقامة الجنحة عليه وقد قام المتهم بإرسال انذار إلي قلم المحضرين في يونيو 2007 جاء فيه أن المتهم ترك مصر وأقام في الولايات المتحدة.
لذلك ينعقد الأختصاص لمحكمة المعادي الجزئية تبعا لمقر إقامة المتهم في مصر.
أو ينعقد الأختصاص لمحكمة عابدين الجزئية إذا أخذنا بأن محل إقامة المتهم حاليا يقع في الولايات المتحدة الأمريكية.
وخلاصـــة القــــول:
أن الأختصاص لا ينعقد لمحكمة الخليفة الجزئية لأن العنوان الذي أجري الأعلان عليه يتعلق بنشاط المتهم بمركز ابن خلدون وليس بمحل إقامة المتهم ويصبح الدفع بعدم اختصاص المحكمة محليا بنظر الدعوي لأختصاص محكمة المعادي له سند من الواقع والقانون جديراً بالإجابة.
القســـم الثــــانـــي
الدفوع المتعلقة بعدم القبول
مؤدي ذلك:
أن الأمور الثلاثة سالفة الذكر تقطع بأن الواقعة محل المحاكمة قد حدثت في الخارج.
ومن ثم تنحصر عن المدعي المدني سلطة تحريكها عن طريق الأدعاء المباشر ويبطل أتصال المحكمة بها وتصبح الدعوي غير مقبولة.
الدفع الثاني: عدم قبول الدعوي المدنية والجنائية بالتبعية عملا بالمادة 3 من قانون المرافعات، 251 من قانون الأجراءات
نصت المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه:
" لا تقبل أي دعوي كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة يقرها القانون".
وقد عدل المشرع هذه المادة لتصبح على النحو سالف البيان بالقانون رقم 81 لسنة 1996.
وقد أراد المشرع من هذا التعديل غلق باب دعوي الحسبة بعد أن بدأ شيوع العمل بها واساءة استخدامها بعد صدور الحكم في قضية أ.د / نصر الدين حامد أبو زيد في دعوي التقريق بينه وبين زوجته.
ونصت المادة 251 مكرر إجراءات على أنه:
" لا يجوز الأدعاء بالحقوق المدنية وفقا لأحكام هذا القانون إلا عن الضرر الشخصي المباشر الناشئ عن الجريمة والمحقق الوقوع حالا أو مستقبلا.
وقد عدل المشرع هذه المادة لتصبح على النحو سالف البيان بالقانون رقم 174 لسنة 1998.
وقد اضطر المشرع إلي تعديل هذه المادة بعد أن غم على بعض المشتغلين بالقانون مدي انطباق المادة 3 من قانون المرافعات بعد تعديلها على حالات الأدعاء المدني.
وبذلك انحسم الأمر بكلا القانونين سواء كان قانون المرافعات باعتباره الشريعة العامة لقانون الإجراءات كما انحسم الأمر أيضا بالنسبة لقانون الأجراءات الجنائية ليغلق الباب في وجه العامة بالقانونين معا.
بل زاد المشرع الجنائي في صياغته للمادة 251 اجراءات لغلق الباب أمام العامة بالنسبة لدعاوي الحسبة.
حيث استخدم المشرع الجنائي أسلوب القصر وهذا مسلكه دائما في التشريع الجنائي لحساسية القوانين الجنائية في تحديد المباح والمحرم.
وبدأت وأنتهت المادة 251 بعد تعديلها بالآتي:
" لا يجوز ...... إلا"
وبذلك فقد حرم المشرع الجنائي حالات الإدعاء المباشر على الكافة إلا لمن لحقه ضرر شخصي مباشر.
وهديا على ما تقدم:
وكان الثابت أن الواقعة محل الأتهام تتعلق بإذاعة بيانات كاذبة تضر بمصالح مصر القومية.
وكان الأمين على مصالح مصر القومية هي النيابة العامة لذلك فإن النيابة العامة هي وحدها صاحبة تحريك الدعوي العمومية وليس المدعي المدني لأن الجريمة لم تقع عليه مباشرة.
ولا يجوز التوسع في تفسير المصطلحات القانونية في نطاق التجريم وذلك لسد باب الذرائع التى قد يتذرع بها المدعي المدني من أن من شأن الأضرار بمصر أن يعود عليه الضرر لأنه في هذه الحالة لا يصبح الضرر مباشر.
ومن حسن الطالع: أن الحكم المطعون عليه قد أمعن في بيان هذا الشرط وهو وجوب توافر الضرر المباشر وأنتهي الحكم إلي أنه لم يستطع استخلاصه من الأوارق رغم أنه ليس في حاجة إلي أدني جهد للاستخلاص لأمرين:
أولهما: أن الواقعة وقعت في الخارج ومن ثم لا يجوز أن تتحرك عن طريق المدعي المدني طبقا للمادة 4 من قانون العقوبات.
وثانيهما: أن الفعل محل التأثيم لا يمكن ربطه مباشرة بأي مواطن.
ومؤدي ذلك
1-وكان من شروط تحريك الدعوي الجنائية أمام القضاء الجنائي أن تكون الدعوي المدنية جائزة القبول.
2-وكانت الدعوي المدنية طبقا لما سلف غير مقبولة لعدم وجود ضرر مباشر.
لـــذلــــك
تصبح الدعوي المدنية غير مقبولة ويترتب على ذلك عدم قبول الدعوي الجنائية بالتبعية.
الدفع الثالث: عدم قبول الدعوي الجنائية لعدم قبول الدعوي المدنية طبقا لحجية الحكم المطعون عليه في الشق المدني حيث أصبح هذا الحكم بات لفوات مواعيد الطعن عليه من النيابة العامة أو من المدعي المدني عملا بالمادة 454 من قانون الأجراءات الجنائية
من المقرر قانونا أن حجية الأحكام الجنائية تعلو على النظام العام.
وكان الثابت أن الحكم المطعون عليه في نطاق الشق المدني لم ينته إلي قبول الدعوي المدنية وجاء في اسبابه أن الدعوي المدنية تحتاج إلي تحقيق وأن هذا التحقيق يعطل الفصل في الدعوي الجنائية وأنتهي إلي إحالة الدعوي المدنية إلي المحكمة المدنية المختصة للحكم في قبولها من عدمه( راجع الحكم الصفحة قبل الأخيرة)
مؤدي ذلك:
أن الحكم المطعون عليه لم ينته إلي قبول الدعوي المدنية وإحال الفصل في قبولها من عدمه إلي المحكمة المدنية المختصة.
ومن ثم نصبح أمام أحتمالين عند نظر الدعوي المدنية أمام المحكمة المدنية المختصة وهي أن تقضي بقبول الدعوي المدنية أو بعدم قبولها.
وفي الحالة الثانية وهي قضاء المحكمة المدنية المختصة بعدم قبول الدعوي المدنية تصبح الدعوي الجنائية غير مقبولة لأنها لا تتحرك إلا إذا كانت الدعوي المدنية مقبولة لأننا لسنا بصدد إدعاء مدني في دعوي مقامة من النيابة العامة طبقا للمادة 251 مدني وإنما بصدد جنحة مباشرة يشترط لها أن تكون الدعوي المدنية مقبولة.
ولا ينال من ذلك حق المحكمة الجنائية في إحالة الدعوي المدنية إلي المحكمة المدنية المختصة لأن هذا مجاله فقط أن تكون الدعوي الجنائية مرفوعة من النيابة العامة.
ويترتب على ما تقدم
1-أن الحكم المطعون عليه لم ينته إلي قبول الدعوي المدنية.
2-وأن هذا الحكم قد أصبح باتا لعدم الطعن عليه في الشق المدني من النيابة العامة أو من المدعي المدني.
3-ومن ثم يتحصن الشق المدني المتمثل في عدم الجزم بقبول الدعوي المدنية.
4-ويترتب على ذلك أن الدعوي الجنائية أخذا بحجية الحكم في الشق المدني الذي تحصن لعدم الطعن عليه تصبح غير مقبولة بالتبعية لأن الدعوي الجنائية لا تتحرك إلا إذا كانت الدعوي المدنية مقبولة.
وقد أختلط الأمر على محكمة أول درجة ولم تفرق بين حالات الأدعاء المباشر وبين حالة تقديم الدعوي من النيابة.
وتجدر الإشارة إلي أن المحكمة في حالة الأدعاء المباشر يجوز لها أن تحكم بقبول الدعوي المدنية وتحيلها إلي المحكمة المدنية لتقدير الضرر إلا أن الحكم المطعون عليه لم يفعل ذلك بل قضي صراحة بأن الدعوي المدنية تتطلب تحقيقا لمعرفة عما إذا كانت مقبولة من عدمه.
وقد أصبح هذا الحكم باتا في الشق المدني لذلك تنهار الدعوي الجنائية.
والقول بغير ذلك يؤدي إلي منطق غير مقبول في حالة إذا قضت المحكمة المدنية بعدم قبول الدعوي المدنية. فعلي ما ترد الدعوي الجنائية حينذاك.
القســـم الثــــالث
وفي الموضـــــوع
براءة المتهم من التهمة المسندة إليه
بلا مصروفات جنائية للأسباب الآتية
1-خلو الأوراق من ثمة دليل إدانة لأن تقرير الخارجية يعد دليلا للبراءة.
2-مخالفة الحكم للثابت بالأوراق لأن تقرير الخارجية لم ينته إلي وجود ضرر بل أنتهي إلي أنه يصعب توصيف الأثر لأنه يدور بين السلب والإيجاب.
3-تناقض أسباب الحكم لأنه أقر بعدم توافر الركن المادي للجريمة المنصوص عليها في المادة 80 /د عقوبات لعدم وجود بيانات مذاعة من المتهم كاذبة كانت أو غير كاذبة وأن ما قاله يعد تقييما للتطورات السياسية وطلبا لربط المعونات بالأصلاح السياسي في مصر. ثم أنتهت إلي عقابه وهو ما لا يجوز قانونا.
وذلك على التفصيل الآتي:
أولا: خلو الأوراق من ثمة دليل إدانة لأن تقرير الخارجية يعد دليلا للبراءة.
بالوقوف على الحكم المطعون عليه يتبين أنه أتخذ لقضاءه سندا وحيدا وهو تقرير وزارة الخارجية.
وبالرجوع إلي تقرير وزارة الخارجية يتبين أنه أفاد بالآتي:
أن وزارة الخارجية ليست الجهة المعنية بالأستعلام لأن هذا الأمر من أختصاص جهات أخري كالهيئة العامة للاستعلامات.
التعقــيــب:
1-يتبين من هذه الفقرة التى نقلت نصا من التقرير أن وزارة الخارجية أفادت بالجزم من أنها ليست الجهة المعنية بتنفيذ طلب المحكمة ومن ثم فلا يجوز للمحكمة أن تتخذ من التقرير دليلا للإدانة.
2-كما ورد في تقرير وزارة الخارجية الفقرة الأتية في الصفحة الثانية:
" حيث أن علاقات مصر بأي دولة تتأثر بطائفة واسعة من المؤثرات والعوامل التى تحدد شكل هذه العلاقات وتطوراتها الإيجابية والسلبية، لذا فإنه من الصعب تحديد أو توصيف الحجم الحقيقي لتأثير مقالات الدكتور/ سعد الدين محمد إبراهيم على علاقات مصر الخارجية".
التعقيب:
أن هذه الفقرة التى نقلت نصا أفادت بلغة واضحة وأسلوبا جازم ومعني ساطع أن من الصعب على وزارة الخارجية تحديد أو توصيف الحجم الحقيقي لتأثير مقالات الدكتور / سعد الدين إبراهيم على علاقات مصر الخارجية.
1-ومعني كلمة الصعب أنها لم تنته إلي تقييم لتأثر المقالات.
2-ومعني تحديد أو توصيف الحجم الحقيقي للمقالات أن وزارة الخارجية لم تستطيع أن تحدد تأثير المقالات على مصر سلبا أو إيجابا
سلبا: وهو إذا كانت مصر قد أضيرت من المقالات.
وإيجابا: وهو أن هذه المقالات قد أثبتت توافر حرية الرأي في مصر.
وبأسلوب أدق أن هذه المقالات طبقا لتقرير وزارة الخارجية لم تقل كلمتها عما إذا كانت هذه المقالات قد أفادت أو أساءت إلي مصر.
ومن ثم فإن هذا التقرير على هذا النحو لايصلح أن يكون دليل إدانة ولا يحمل إلا دليلا للبراءة.
ثانيا: مخالفة الحكم للثابت بالأوراق لأن تقرير الخارجية لم ينته إلي وجود ضرر.
الثابت من الحكم أنه استند على قول أن تقرير الخارجية قد أفاد بأن المتهم قد مارس نشاطا من شأنه الأضرار بالمصالح القومية للبلاد.
التعقيب:
ما أورده الحكم في هذه الفقرة يخالف تقرير وزارة الخارجية فلم يرد في التقرير مثل هذه العبارة ولا حتى بالأشارة ولا بالدلالة.
بل ما ورد في التقرير أن وزارة الخارجية يصعب عليها تقييم عما إذا كانت المقالات قد أفادت أو أضرت بمصر من عدمه لأنها استخدمت كلمة قاطعة في هذا الأمر وهي أنه يصعب تحديد أو توصيف التأثير.
ومن ثم يكون ما استند إليه الحكم من أن التقرير قد أفاد بأن المتهم قد مارس نشاطا ضار المصلحة القومية للبلاد قد خالف الثابت في الأوراق.
ثالثا: أقرار الحكم بعدم توافر الركن المادي للجريمة المنصوص عليها في المادة 80 د من قانون العقوبات لعدم وجود بيانات مذاعة من المتهم حيث ذهب الحكم إلي أن ما قاله المتهم يعد تقييما للتطورات السياسية وطلبا لربط المعونات بالأصلاح الديمقراطي.
ورد بالحكم الفقرة الأتية نصا:
وحيث أنه بتطبيق ما تقدم على واقعات الجنحة الماثلة وكان الثابت تقرير وزارة الخارجية المصرية البند الثاني أنه نص على ان السيد الدكتور سعد الدين محمد إبراهيم قد نشر مقالات في بعض وسائل الإعلام الأجنبية تناولت الأوضاع الداخلية في مصر وتضمنت تقييمه للتطورات على الساحة السياسية في البلاد كما تضمنت بعض هذه المقالات دعوة الأدارة الأمريكية لربط برنامج المساعدات الأمريكية لمصر بتحقيق ما يري أنه تقدما في مجال الأصلاح السياسي في مصر.
التعقيب
هذه الفقرة تؤدي إلي انتفاء الركن المادي للمادة 80 د عقوبات التى توجب إذاعة بيانات كاذبة.
لأن ما أتاه المتهم ينحصر طبقا لهذه الفقرة في الآتي:
1- تقييما للتطورات على الساحة السياسية.
2-طلب من الإدارة الأمريكية.
وهديا على ما تقدم:
فإن كلا الأمرين لا يعدا من قبيل إذاعة بيانات كاذبة لأن التقييم يعني التحليل وأن الطلب من الإدارة الأمريكية يعني أقتراحا منه لها.
وليس في هذا أو ذاك إذاعة للبيانات الكاذبة.
مؤدي ذلك
أن الحكم أقر بعدم وجود أذاعة لبيانات سواء كانت كاذبة أو صحيحة ومن ثم ينتفي الركن المادي للجريمة ويكون طلب البراءة قد صادف صيحيح القانون.
الطلبات
نصمم على ما ورد في صدر المذكرة من طلبات.