و للخطأ الغير عمدي عنصران

الأول / هو الإخلال بموجبات الحيطة و الحذر التي يفرضها القانون.


الثاني / هو توافر علاقة نفسية تصل بين إرادة المتهم و النتيجة الإجرامية.


فأما العنصر الأول :

فان مصدره العام هو الخبرة الإنسانية العامة ، إذ تقرر هذه الخبرة مجموعه من القواعد تحدد النحو الصحيح الذي يتعين بمباشرتها وفقا له نوع معين من السلوك و الضابط الذي يتحدد وفقا له ما إذا كان فمه إخلال بواجبات الحيطة و الحذر هو ضابط موضوعي قوامه الشخص المعتاد ، فإذا التزم المدعي في تصرفه القدر من الحيطة و الحذر الذي يلتزمة هذا الشخص فلا محل لإخلال ينسب إليه ، أما إذا نزل دونه نسب إليه الإخلال .


أما العنصر الثاني :

فهو العلاقة النفسية بين المتهم و الضرر الواقع من المجني عليه إذ لا يعاقب القانون علي سلوك في ذاته و إنما يعاقب علي السلوك إذا أفضي إلي نتيجة إجرامية معينه ، و من سمي كان متعينا إن تتوافر صله بين إرادة و النتيجة علي نحو تكون فيه الإرادة – بالنسبة إلي هذه النتيجة الإجرامية – محل لوم القانون و بغير هذه الصلة لا يكون محل لان يسال صاحب الإرادة عن حدوث نتيجة .


و حيث إن للخطأ أربعة صور هي :

الإهمال ، و الرعونة ، و عدم الاحتراز ، و عدم مراعاة القوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة ويكفي لقيام الجريمة غير العمدية توافر صوره واحده من تلك الصور .



وحيث انه عن الصورة الرابعة

( عدم مراعاة القوانين و اللوائح و القرارات و الأنظمة ) ، فهي تتحقق إذا لم يطابق سلوك المتهم قواعد السلوك الامره الصادرة عن الدولة .

وقد استعمل الشارع الألفاظ

" القوانين و القرارات و اللوائح و الأنظمة " كي يحيط بجميع النصوص التي تقرر القواعد العامة للسلوك و التي بمخالفاتها يتحقق الخطا و يطلق علي هذه الصورة من الخطا " الخطا الخاص " .


ولكن لا يكفي تحقق الخطا الخاص لمسالة المتهم علي جريمتي القتل الإصابة الخطا إنما يتعين كما استقرت عليه أحكام محكمة النقض " إن تتوافر سائر أركان الجريمة ومن أهمها : علاقة السببية بين فعل المتهم ووفاه المجني عليه و إصابته ) " نقض 11 يونيه 1963 مجموعة أحكام النقض ص 530 رقم 102 " ذلك إن مخالفة النصوص السابقة لا تعدو إن تكون صوره للخطأ أي مجرد مثال له .


وقد حدد المشرع حال ما نصه علي جريمتي القتل و الإصابة الغير عمدتين علي ظروف مشدده اقرنها بكل جريمة منهما بشكلها البسيط بحيث إذا توافر احدها أو جميعها تشدد العقوبة علي المتهم و قد أوردها المشرع علي سبيل الحصر منها ما يتعلق بجسامة الضرر، و الذي يجعلها الشارع في حالة تعدد ضحايا القتل أو الاصابه الغير عمديه .


بحيث يزيد عن ثلاثة أشخاص فهو يتوقف على حجم النتيجة ولا يتوقف على حجم خطأ المتهم وغاية المشرع من ذلك هي العقاب على جسامة الضرر الحاصل للمجني عليهم .


( يراجع في ذلك الموجز في شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – الأستاذ الدكتور محمود نجيب من ص 322 وما بعده )


والضرر : وهو العنصر الثاني ، يكون متحققا في جريمتي القتل والإصابة إذا ما كانت نتيجة الخطأ المرتكب من المتهم وفاة أو إصابة شخص أو عدة أشخاص .


ورابطة السببية : وهو العنصر الثالث ، إذا يشترط أن يكون الضرر مرتبطا ارتباطا وثيقا بالخطأ بحيث أنه إذا لم يتحقق الخطأ لا يقع الضرر .



ورابطة السببية هي حركة الاتصال بين الفعل والنتيجة الإجرامية أو بمعنى آخر إثبات أن الفعل كان سبب حدوث النتيجة
، وهو ما عبرت عنه محكمة النقض بأن " العلاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب " ، وأنه إذا كانت علاقة السببية صلة بين عنصرين من عناصر الركن المادي للجريمة ، ودورها بيان ما كان لأحدهما من نصيب في إحداث الآخر ، فإن المنطق يحتم انتمائها إلى هذا الركن كذلك لا يتصور انتماؤها إلى ركن آخر لا دور لها فيه .



مؤدى ذلك أن علاقة السببية تخضع للقواعد العامة التي يخضع لها الركن المادي
، وقد استقرت محكمة النقض في أحكام عديدة لها على أن الفصل في السببية فصلا في مسألة قانونية وأن تقرير قاضى الموضوع توافر علاقة السببية هو قول لايتوافر أحد شروط المسؤولية الجنائية الناشئة وفقا لنص معين وهو ما يفترض تفسير هذا النص ..كما تواترت أحكامها أيضا على أن تلتزم محكمة الموضوع بأن تثبت في حكمها بالإدانة توافر علاقة السببية فإن لم تفعل كان حكمها قاصر التسبيب ، إذ أن المسئولية عن النتيجة الإجرامية غير متصورة في القانون ما لم تقم هذه العلاقة بينها وبين فعل الجاني ، وعلى المحكمة أن تقيم الدليل على وقائع الدعوى على توافر هذه العلاقة وإذا نفت المحكمة علاقة السببية التزمت بتبرئة المتهم من المسئولية عن النتيجة التي لم تتوافر بينها وبين فعله هذه العلاقة.



ويبين مما تقدم لن علاقة السببية في القضاء المصري
تقوم على ضابط عام هو القياس على معيار السير العادي للأمور للقول ببقاء السببية بين نشاط الجاني وبين النتيجة النهائية مهما تداخل بينهما عوامل مألوفة ، وبانقطاعها إذا ما تداخلت بينهما عوامل شاذة غير مـألوفة ، وهو ما يطبق عليه معيار ( السبب الملائم أو المناسب أو الصالح ) إحداث مثل النتيجة التي حدثت .
إذ أنه لا يلزم في نشاط الجاني أن يكون هو السبب المباشر أو الوحيد في إحداث النتيجة المتعاقب عليها ، بل يكفى أن يكون هذا النشاط كافيا بذاته أو ملائما لإحداث النتيجة المتعاقب عليها بحكم التسلسل الطبيعي لتعاقب الأحداث في المألوف من الأمور ، فتظل السببية قائمة حتى إذا حرك هذا النشاط إلى جانبه عاملا أو أكثر من العوامل التي قد تتوسط بينه وبين النتيجة النهائية ، فهذه العوامل الأخرى لا تقطع رابطة السببية بين نشاط الجاني والنتيجة النهائية متى كانت مألوفة متوقعة بحسب السير العادي للأمور ، وتقطعها متى كانت شاذة غير مألوفة .....



وتنطبق هذه النظرية على خطأ الغير أيضا إذا ما توسط بين نشاط الجاني وبين النتيجة النهائية ،
فإنه لا يقطع علاقة السببية بينهما متى كان مألوفا متوقعا ، وتكون مسئولية هذا الغير عن خطئه قائمة عندئذ إلى جانب مسئولية الفاعل الأول عن فعله العمدى أو عن خطئه بحسب الأحوال .



إما إذا كان خطأ الغير شاذا غير مألوف
– وكافيا بذاته لإحداث مثل النتيجة التي حدثت – فإنه بقطع علاقة السببية بين نشاط الجاني السابق وبين النتيجة النهائية ، وتكون مسئولية هذا الغير عن خطئه نافية لمسئولية الجاني السابق ، سواء أكان فعله عموديا أم غير عمدي .



أما الفعل الإجرامي إذا ما تداخل عمدا من غير الجاني الأول لإحداث نتيجة معينة فإنه ينبغي
– في منطق هذه الضوابط – أن يعتبر عاملا أجنبيا كافيا بذاته لتحمل المسئولية عنها دون فعل الفاعل الأول عموديا كان أم غير عمدي ، وذلك لخروجه عما يمكن توقعه في السير العادي للأمور ، إما إذا ثبت بطريقة جازمة أن النتيجة النهائية نجمت عن مجموع أفعال الجناة المتعددين فقد توافرت رابطة السببية حتى ولو لم يتوافر عنصر الاتفاق السابق بينهما .



وكذلك الشأن في امتناع الغير بسوء نية عن التدخل لإنقاذ المجني عليه عندما يكون ملزما به بمقتضى القانون أو الاتفاق
، متى كان لامتناعه صلة محققة بالنتيجة النهائية ، فإنه ينبغي أن يتحمل المسئولية عنها دون نشاط الفاعل الأول متى كان مثل هذا الامتناع يخرج عن دائرة ما يمكن توقعه في السير العادي للأمور .



والملابسات المألوفة والظروف الطبيعية التي قد تصاحب فعل الجاني لا تقطع رابطة السببية بين نشاطه وبين النتيجة النهائية
حتى ولو ساهمت بدور ملحوظ في إحداثها ويستوي في ذلك أن تكون هذه الملابسات والظروف مطابقة في تفاصيلها لما أراده الجاني منها ، أم موافقة سير الحوادث إجمالا فحسب .



وحيث إن المستقر عليه أن الامتناع هو إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كأي إنسان ينتظر منه القيام به في ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل، وأن يكون في استطاعة الممتنع، وخاض لإرادته.
وعناصر الامتناع ثلاث :

1 – الإحجام عن إتيان فعل إيجابي معين 2 – وجود واجب قانوني يلزم لهذا الفعل .


3 – إرادة الامتناع.



والمفهوم القانوني للامتناع
كفيل بحل مشكلة السببية فإذا كان الامتناع له مفهوم قانوني وليس طبيعي ، فمن المنطق أن تكون فاعليته السببية بدورها قانونية وليست طبيعية ، فالامتناع يعتبر سببا للنتيجة من وجهة النظر القانونية وليس الطبيعية و بعبارة أخرى فهو سبب قانوني للنتيجة .



فالتقييم القانوني لابد وأن يستند إلى ماديات واقعية تشكل موضوعه ومعنى ذلك أنه
" لا يكفى مجرد الامتناع لكي تنسب النتيجة إلى هذا السلوك ، وإنما يلزم أن يملك هذا السلوك المقومات والفاعلية اللازمة لإحداث النتيجة ".



ولذلك فإن القاعدة القانونية تلزم الأفراد بالامتناع عن اى سلوك من شأنه أن يحقق ضررا بالمصالح
موضوع الحماية بينما نجد بعض القواعد الأخرى تفرض على الأفراد واجبا معينا بإتيان سلوك من شأنه أن يمنع تحقق النتيجة الضارة بالمصالح المحمية ، وفى إطار تلك القواعد الأخيرة يوجد الامتناع غير المشروع .



ولإثبات سببية الامتناع لا يكفى تحقق الامتناع ثم تحقق النتيجة غير المشروعة التي من أجل تفاديها فرض المشرع سلوكا إيجابيا ،
وإنما يلزم أن يكون الامتناع هو السبب في النتيجة ويتم إثبات ذلك بإثبات أنه إذا كان الجاني قد باشر سلوكه الإيجابي المفروض ما كانت النتيجة ، إما إذا كانت النتيجة ستتحقق حتى لو باشر الجاني السلوك الواجب فإن رابطة السببية تنتفي باعتبار أن الامتناع لم يكن ظرفا ملائما للنتيجة .



وفى ذلك قضت محكمة النقض بأنه
( وحيث أنه لما كانت جريمة القتل الخطأ و الإصابة الخطأ لا تقوم قانونا إلا إذا كان وقوع القتل أو الجرح متصلا بحصول الخطأ من المتهم اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور حدوث القتل أو الجرح لو لم يقع الخطأ ، فإذا انعدمت رابطة السببية انعدمت الجريمة لعدم توافر أحد العناصر القانونية المكونة لها ، وكانت أوجه الخطأ التي أسندها الحكم إلى الطاعن الثاني مقصورة على أنه ............ ولما كان هذا التقصير من جانب الطاعن الثاني ليس هو العامل الذي أدى مباشرة إلى وقوع الحادث أو أسهم في وقوعه ، ........ لما كان ذلك فإن هذا التقصير من الطاعن الثاني لا تتحقق به رابطة السببية اللازمة لقيام المسئولية الجنائية ، ومن ثم فإن الجريمة المنسوبة إلى الطاعن المذكور تكون منتفية لعدم توافر ركن من أركانها القانونية مما يتعين معه نقض الحكم بالنسبة إليه وبراءته منها ) .
( نقض 26/4/1955 س 6 رقم 263 ص 871 )


كما قضت بأنه ( من المقرر أن رابطة السببية ركن في جريمة الإصابة الخطأ والقتل الخطأ ، وهى تقضى أن يكون الخطأ متصلا بالجرح أو القتل اتصال السبب بالمسبب ، بما لا يتصور معه وقوع الجرح أو القتل بغير قيام هذا الخطأ ، مما يتعين إثبات توافره بالاستناد إلى دليل فتى لكونه من الأمور الفنية البحتة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية بيان إصابات المجني عليهما نقلا عن التقرير الطبي وكيف لحقت يهما من جراء الحادث وأدت إلى وفاتهما من واقع هذا التقرير ، فإنه يكون قاصر البيان في استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى ) .
( الطعن رقم 4108 لسنة 54 ق جلسة 18/11/1984 )


وأخيرا جرى قضاؤها بأن ( جريمة القتل الخطأ تقتضى – حسبما هي معرفة في المادة 238 من قانون العقوبات – لإدانة المتهم بها أن تبين المحكمة الخطأ الذي فارفه ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ ، وكانت الحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبت الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، كما أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تجزم به الخبير في تقديره إلا أن ذلك مشروط بان تكون وقائع الدعوى قد أبدت ذلك عندها وأكدته لديها )
( الطعن رقم 716 لسنة 52 ق جلسة 18/ 5 / 1983 )


( يراجع في ذلك السببية الجنائية بين الفقه والقضاء الأستاذ الدكتور رؤف عبيد الطبعة الرابعة 1984 –أحكام رابطة السببية في الجرائم العمدية وغير العمدية ، المستشار الدكتور عبد الحكيم فوده طبعة 2006 – المسئولية الجنائية في قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية المستشار عز الدين الديناصورى والدكتور عبد الحميد الشواربى جزء 1 ص 142 وما بعدها )
وحيث أن المحكمة وهى بصدد تقدير الأدلة والقرائن التي سلقتها النيابة العامة دعما للاتهام المسند إلى المتهمين في شأن جريمتي القتل والإصابة الخطأ ترى أنها قاصرة عن حد الكفاية لإدانة المتهمين وبلوغ الهدف الذي رمت إليه ويساورها الشك في صحتها وآية ذلك :


أولا : أن تحقيقات النيابة العامة المقدمة أصولها إلى المحكمة قد خلت من أقوال بعضا ممن وردت أقوالهم بقائمة أدلة الثبوت وهم / ياسر القطرى محمود عبد العاطى ، والسعيد إبراهيم محمد عبد المطلب ، والسيد عبد المنعم السيد حنفى .


ثانيا : أن حاصل أقوال كلا من / آلاء محمد عبد اللطيف جاد ، وفايز عبد الراضى عثمان ، وإن كانت تشير إلى حدوث وفيات وإصابات خلال الفترة منذ غرق السفينة حتى إنقاذها بيد أنها لا تقطع بحدوثها عقب علم المتهمين علما يقينيا بواقعة الغرق .


ثالثا : الثابت للمحكمة من مطالعة نتائج تقارير الطب الشرعى الخاصة بجثث الغرقى ، أنها لم تجزم بميقات حدوث الوفاة تحديدا في الفترة ما بين غرق السفينة وانتشال تلك الجثث ، كما قرر الدكتور / كمال محمد احمد السعدنى مساعد كبير الأطباء الشرعيين بتحقيقات النيابة العامة أنه من فحص جثث الضحايا لم يتم تحديد الوقت الفعلي للوفاة وإنما تم تحديد تاريخ الحادث بأنه يوافق يوم 3/6/2006 .


رابعا : لم تقطع التقارير الطبية المرفقة بالأوراق الخاصة بالناجين من الحادث أن إصاباتهم إنما تعزى إلى التأخير في إنقاذهم أو انتشالهم من المياه ، إذا لم تخرج الإصابات عن كونها إجهاد عام أو كدمات متفرقة ، أو التهاب بالحلق ، كما جاءت بعض التقارير الطبية خالية من التشخيص الإصابة لأصحابها .


خامسا : أن الثابت للمحكمة من التقرير النهائي المعد بمعرفة لجنة تقصى الحقائق المشكلة بقرار من مجلس الشعب ( الفصل التشريعي التاسع ) ، والمقدم من الشاهد / محمد حمدي الطحان رئيس اللجنة بجلسة 3/2/2008 ، أن أجهزة الشركة الوطنية للملاحة قد استقبلت يوم 3/2/2006 خمس إشارات من مركز التحكم بالجزائر خاصة بجهاز الايبيرب المركب بسفينة السلام يوكاشيو 98 تفيد غرقها ، البرقية الأولى وردت لمركز البحث والإنقاذ الساعة 1,09 بالتوقيت العالمي ( 3,09 محلى ) ، ثم توالى إرسال البرقيات الأربع التالية وتسجيل وصولها جميعا آليا لمركز البحث والإنقاذ الساعة 4,03 عالمي ( 06,03 محلى ) وكان ذلك صباح يوم الحادث .


كما شهد السيد / عمر عبد العزيز إسماعيل رئيس اللجنة المشكلة من قيل النيابة العامة – أمام المحكمة – بأن جهاز الإيبرب المتواجد على السفن يعتبر وسيلة دولية معتمدة للإبلاغ عن غرق السفن وتحديد موقعها .
ومن ثم فإن القدر المتيقن للمحكمة أن مركز البحث والإنقاذ قد علم بغرق السفينة في وقت سابق على علم المتهمين ، مما تكون معه الغاية من تكليفهم بإخطاره بالواقعة قد تحققت ، ولا يترتب تأخر المركز في الاستجابة لما تسلمه من إشارات استغاثة ثمة مسئولية قانونية على عاتقهم .


سادسا : ورد بتقرير اللجنة المشكلة من قبل النيابة العامة بأن المدعو / أندريا اودينى ( إيطالى الجنسية ) يشغل وظيفة مدير التشغيل بشركة السلام للنقل البحرى ، وأنه عضو بلجنة الطوارئ ويختص أثناء إدارة الأزمات بأن يقوم بإبلاغ مراكز البحث والإنقاذ وخفر السواحل .


وحيث أن النيابة العامة ( وهى الأمينة على الدعوى العمومية ) قد استبعدته من الاتهام وأسندت إلى المتهمين من الأول إلى الرابع تراخيهم في الإخطار بالحادث استنادا لذات التقرير ، فإن المحكمة من واقع التقرير ذاته ترى أن عبء إخطار مركز البحث والإنفاذ لم يكن مسئولية اى من المتهمين .


سابعا : لم يثبت للمحكمة ملكية المتهمين الأول والثانى للسفينتين ألينورا وفارس السلام اللتين تحملان العلم السعودي ، فضلا عما شهد به رئيس اللجنة الفنية – أمام المحكمة – بان شركة السلام للنقل البحرى لا تستطيع إجبار سفينة تحمل علم دولة أجنبية على المشاركة بعمليات الإنقاذ ، كما لم تقم النيابة العامة ثمة دليل على التزامهما قانونا بالدفع بهاتين السفينتين للمساعدة في عملية الإنقاذ .
ثامنا : ورد بأقوال السيد / محفوظ طه مرزوق رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر الواردة بتحقيقات النيابة العامة ، أن المتهم الثاني اتصل به الساعة 7,00 صباحا يخطره بفقد الاتصال بالسفينة السلام بوكاشيو 98 ، وأنه قام على الفور بإخطار القوات البحرية وطلب منهم الاستعداد لوجود سفينة مفقودة ، ثم قام بإرسال إشارة تليفونية لمركز البحث والإنقاذ بالماظة الساعة 7,35 صباح يوم الحادث مفادها فقد السفينة وعدم تحقيق اتصال معها ، وفى الساعة 7,40 عاود المتهم الثاني الاتصال به ليخبره بغرق لسفينة فقام بالاتصال بمكتب هيئة موانئ البحر الحمر وأملى عليهم إشارة أن العبارة السلام 98 مفقود الاتصال بها وطلب في نفس الإشارة الساعة 8,15 من مركز البحث والإنقاذ دفع قاطرة للإنقاذ ووحدات بحرية على نفقة المالك مع ضمان الهيئة بالسداد ، وطلب إرسال طلعة جوية على نفقة الشركة مع ضمان الهيئة بسداد تكلفتها ، ثم عاود وطلب من مدير ميناء سفاجا إخطار قائد القاعدة البحرية وإبلاغ مسئولي شركة السلام بإرسال طلب إلى مركز البحث والإنقاذ يتعهدون فيه بدفع التكلفة .
ومن ثم فإن الثابت للمحكمة أن المتهم الثاني بصفته نائبا لرئيس مجلس الإدارة عند علمه بغرق السفينة لم يتقاعس عن طلب المساعدة من الجهات الخارجية .


تاسعا : بشأن ما ورد برسالة النافتكس المرسلة من راديو جدة الساعة الثامنة ونصف صباح يوم الحادث .... فإن الثابت من شهادة السيد رئيس اللجنة الفنية أمام المحكمة أنه غير متيقن من قيام السفينة السلام بوكاشيو 98 بإرسال إشارة الاستغاثة ( ماى داى ) ، كما أنه لم يثبت للمحكمة استقبال المتهم السادس لتلك الإشارة أثناء توقفه بميناء سفاجا _ في حال إرسالها – كما لم يثبت استقبالها من أية مراكز أو وحدات بحرية أخرى ، كما لم يثبت تلقى أية جهة أخرى للإنذار الملاحي بالإغاثة المزعوم إرساله من المتهم السادس لراديو جدة الساعة الثانية صباح يوم الحادث ، فضلا عما شهد به اللواء / شيرين حسن رئيس قطاع النقل البحرى بوزارة النقل أمام المحكمة – وهو الذي تحصل على رسالة النافتكس وقدمها للنيابة العامة .
من أن الرسالة المذكورة بها تناقض يحتاج لتفسير من السلطات السعودية ، وأنه حاول مخاطبتهم لتفسير ذلك التناقض بيد أنه فشل ، وما شهد به السيد / علاء الدين محمد جمعة عضو اللجنة – أمام المحكمة – بأن الشخص المشغل لجهاز إرسال النافتكس براديو جدة لغته الانجليزية ركيكة وهو شخص غير كفء ، فضلا عما قرره المدعو / عبد الجواد صابر عبد الجواد ( ربان السفينة فارس السلام ) بأن رسالته النافتكس وردت من راديو جدة الساعة 8,30 صباح يوم الحادث .
فإن المحكمة من جماع ما تقدم تشكك في صحة مضمون تلك الرسالة من قيام المتهم السادس بإخبار السلطات السعودية بغرق السفينة السلام 98 الساعة الثانية من صباح يوم الحادث ، ومن ثم تطرح ذلك الدليل جانبا ولا تطمئن إليه .


عاشرا : وبشأن ما أسند للمتهم الخامس – مدير فرع الشركة بسفاجا – من تقصير فقد ثبت للمحكمة أن الموعد المحدد لدخول السفينة السلام بوكاشيو 98 لميناء سفاجا كان الساعة 2,30 من صباح يوم الحادث ، وثبت لها أيضا أن المتهم المذكور قد قام بالاتصال بالمتهم الرابع لإبلاغه بفقد الاتصال في الساعة 4,35 صباح يوم الحادث ، وثبت من التقرير الفني المقدم للنيابة العامة أن المتهم قام بإجراء عدة محاولات للاتصال بالسفينة خلال تلك الفترة ، وإذا لم يثبت لدى المحكمة أنه يوجد ثمة التزام قانوني يلزم مدير فرع الشركة المشغلة للسفينة باتخاذ إجراءات محددة بعد مرور وقت معين من فقد الاتصال بها ، وكانت المحكمة تطمئن إلى ما قرره السيد / المدثر محمد يوسف – مدير الحركة ونائب مدير ميناء سفاجا - من أن تأخر السفن من ساعة إلى أربع أو خمس ساعات هو أمر طبيعي بالموانئ طبقا للأحوال الجوية ، إضافة لما ورد بتقرير اللجنة الفنية المشكلة من قبل النيابة العامة بان طائرات مركز البحث والإنقاذ غير معده للإنقاذ الليلي وأنه على فرض وجود خطأ في جانبه – وأن كانت المحكمة قد انتهت لعدم وجود ذلك الخطأ – فإن من عدم الإبلاغ خلال الفترة من 2,30 حتى 4,30 صباح يوم الحادث لا يتحقق به اى درء لضرر قد يتواجد خلال تلك الفترة .
فإن المحكمة تخلص إلى عدم ثبوت ثمة تقصير أو إهمال في حق ذلك المتهم ترتبت عنه ثمة جريمة .


حادي عشر : لم تقف المحكمة من خلال أقوال الناجين من الحادث الواردة بالتحقيقات أنه قد حدثت ثمة وفيات أو إصابات خلال الفترة المسند فيها للمتهمين فعل التراخي ، ولا ينال من ذلك الصورة الضوئية التي قدمتها النيابة العامة عقي حجز الدعوى للنطق بالحكم من المحضر الذي يتضمن أقوال كلا من / ياسر القطرى محمود عبد العاطى ، السعيد إبراهيم محمد عبد المطلب إذ لم يقرر اى منهما أو يقطع بحدوث وفيات أو إصابات خلال ذات الفترة .



وحيث أنه لم كان ما تقدم ،
وكانت المحكمة وهى بصدد تقدير قيام أركان جريمتي القتل والإصابة الخطأ – كما سبق وأن أوردتها – ترى مما تقدم أن الخطأ المسبب للحادث منتفيا في حق المتهمين ، وأن أية أخطاء قد تنسب إليهم في ذلك الصدد – على فرض وجودها – لا تعدو أن تكون أخطاء عارضة لا تؤدى وحدها لحدوث النتيجة الإجرامية .



كما وأنه وبالبناء علي ما تقدم فإن علاقة السببية
تكون منتفية بين الأفعال المسندة إلى المتهمين المذكورين – والمعتبرة من جانب النيابة العامة أخطاء تستوجب الإدانة – وبين النتيجة وهى الوفاة والإصابة حيث لم يثبت للمحكمة أن تلك الأفعال على فرض حدوثها – قد نتجت عنها ثمة وفيات أو لإصابات بالمجني عليهم .



وإذ كان الاتهام المسند للمتهمين في شأن تهمتي القتل والإصابة الخطأ
قد أحاط به الشك من كل جانب على النحو الذي سلف بيانه ، وخلت الوراق من ثمة دليل على توافر أركان هاتين الجريمتين يمكن مؤاخذة المتهمين استنادا إليه ، الأمر الذي يتعين معه القضاء ببراءة المتهمين مما أسند إليهم في ذلك الصدد عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية .



وحيث أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم / صلاح الدين السيد جمعة أنه بتاريخ
3/2/2006 بدائرة قسم سفاجا محافظة البحر الأحمر وهو ربان سفينة لم يبذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته وللأشخاص الراكبين فيها لإنقاذ من تبقى من ركاب السفينة الغارقة السلام 98 الذين عثر عليهم في البحر يشرفون على الغرق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ..
وطلبت معاقبته بمقتضى نص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 1960 في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن ، والمادة 304/1 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية ..



وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقر في يقين المحكمة
، واطمأن إليه وجدانها من مطالعة أوراقها ، وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في انه وفى حوالي الساعة 6,30 من صباح يوم 3/2/2006 ، وحال قيادة المتهم / صلاح الدين السيد جمعة للسفينة سانت كاترين كربان لها متجها من ميناء سفاجا المصري إلى ميناء ضباء بالمملكة العربية السعودية ، قام بالنداء على السفينة السلام 98 فحقق اتصالا لاسلكيا مع ضابط ثان السفينة المنكوبة المدعو / السيد عبد المنعم السيد اخبره خلاله الأخير بأن السفينة السلام 98 قد تعرضت للغرق ، وأنه متواجدا في أحد الرماثات رفقة آخرين على مسافة قريبة جدا من السفينة قيادته ، واستنجد به لتقديم المساعدة له ولآخرين ، إلا أن المتهم قد نزعت من قلبه الرحمة والرأفة وأتى بعمل لا يأتي به إنسان ، وجرم لا يصدر إلا عن شيطان ، فأهمل في أداء واجبه ، ولم يكترث بصيحات الاستغاثة ، متعللا بحجج واهية وغير حقيقية ، وتركهم يصارعون الأمواج ويواجهون الموت ناكلا عن تقديم العون لهم أو بذل ما يستطيعه من جهد رغم تمكنه من ذلك ، وعدم تعرض سفينته أو الأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي .



وحيث أن الواقعة على النحو سالف البيان
قد قام الدليل على صحتها ونسبتها للمتهم ، مما ثبت بالتقرير الفني المودع من قبل اللجنة الفنية المشكلة بقرار منها ، وما شهد به الشاهدان / عمر عبد العزيز إسماعيل رئيس اللجنة ، علاء الدين محمد جمعة عضو اللجنة ن وما أقر به المتهم .



فقد أورى التقرير الفني من قبل اللجنة الفنية المشكلة بقرار من النيابة العامة
، كما شهد الشاهدان / مر عبد العزيز إسماعيل رئيس اللجنة ، علاء الدين محمد جمعة عضو اللجنة بالتحقيقات بأن المتهم السادس نكل عن مساعدة الناجين من الغرق ممن كانوا على مقربة من السفينة قيادته رغم قربه من موقع الحادث ، وكان في مكنته الوقوف ومد يد المساعدة لهم .


وأقر المتهم أنه في حوالي الساعة 6,30 صباح يوم الحادث حقق اتصال
مع ضابط ثان السفينة السلام 98 عن طريق جهاز اللاسلكي وذلك أثناء إبحاره إلى ميناء ضباء وعلم منه بغرق السفينة متعللا بسوء حالة الركاب وخشية عليهم وقرر بأن الحالة الفنية لسفينته ( سانت كاترين ) كانت جيدة ويتواجد عليها معدات إنقاذ تكفلا ألفى ومائتي راكب ، وأن ركاب سفينته وقت الحادث لا يتجاوز عددهم ألف وثمانمائة .



وإذ سئل المتهم / صلاح الدين السيد جمعة بتحقيقات النيابة العامة أنكر ما اسند إليه
وظل على إنكاره بجلسات المحاكمة ، والدفاع الحاضر معه طلب البراءة تأسيسا على انتفاء الخطأ في حق المتهم لتعذر تقديم المساعدة .



وحيث أن المادة 304 فقرة ( 1 ) من قانون التجارة البحرية تنص على أن
( على كل ربان أن يبادر إلى إنقاذ كبل شخص يوجد في البحر معرضا لخطر الهلاك ولو كان من الأعداء وذلك بالقدر الذي لا بعرض سفينته أو الأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي ، ويكون الربان مسئولا أن أهمل في تنفيذ هذا الالتزام )



بينما تنص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لستة 1960
في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن على أن ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائة جنيها أو بإحدى هاتين العقوبتين كل ربان لم يبذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته أو للأشخاص الراكبين فيها لإنقاذ سفينة تشرف على الغرق أو شخص يعثر عليه في البحر )



وكان المستقر عليه أن نطاق المسئولية في جريمة (
عدم مبادرة الربان إلى إنقاذ كل شخص يوجد في البحر معرضا لخطر الهلاك بالقدر الذي لا يعرض سفينته والأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي )
قد حددته المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون التجارة البحرية ( القانون رقم 8 لسنة 1990 ) تحت البند رقم 214 حين نصت على أن


( الأصل أن الإنقاذ اختياري لا يفرض القانون على السفن لأنه قد يعرضها للخطر فإذا طلبت السفينة المنكوبة النجدة فلا جناح على السفينة التي تسمع النداء أن هي أعرضت عنه .


ولا شك في إن امتناعها عن النجدة يعتبر عملا منافيا للأخلاق وآداب المهنة ولكن الأمر يهون ويمكن استساغته إذا تعلق بإنقاذ أموال .



أما إذا طلبت النجدة لإنقاذ أشخاص يصارعون الموت في البحر فإن الامتناع عنها يكون ما إذا طلبت النجدة لإنقاذ أشخاص يصارعون الموت في البحر فإن الامتناع عنها يكون إسفاف لا يصدر إلا عن شيطان


ولهذا جعلت المادة (304 ) الإنقاذ في هذه الحالة إجباريا دون اى تفرقة على الجنسية أو الجنس أو اللون أو الدين بل ذهبت إلى ابعد من ذلك ففرضت الالتزام بالإنقاذ ولو كان الشخص المعرض للخطر ينتمي إلى دولة عدوة لمصر .


غير إن إنقاذ الأرواح البشرية لا يكون واجبا إلا إذا كان لا يعرض السفينة المنقذة للأشخاص الموجودين عليها لخطر جدي ن إذ لا جدوى من إنقاذ شخص إذا كان مقابل هذا الإنقاذ هلاك شخص أو أشخاص آخرين .


أما تعريض الأموال للخطر فلا يكون مبررا للامتناع عن تقديم الإنقاذ لان الروح البشرية أغلى من كل مال ولا يقع الالتزام بالإنقاذ على مجهز السفينة وإنما على الربان فهو المسئول مدنيا ( فضلا عن المسئولية الجنائية ) عند مخالفته ، ويسأل المجهز أيضا إذا اثبت إن الامتناع عن تقديم الإنقاذ كان بناء على تعليمات صريحة منه .



ويفهم من نص هذه المادة أن التجريم
يكون لربان السفينة وليس لأحد غيره علي اعتبار أن الربان هو الأمر الناهي علي ظهر السفينة ، وهو الشخص الوحيد المخول له اتخاذ قرار الإنقاذ لشخص معرض لخطر جدي ، ولا تكون النجدة والإنقاذ ملزمين له إلا في حالة وجود شخص أو أشخاص يشرفون علي الغرق أو الهلاك وان يعلم بذلك ويمتنع عن الإنقاذ ، وتتحقق الجريمة بمجرد الامتناع فلا يستلزم حدوث نتيجة للامتناع .


واشترطت تلك المادة إلا يكون الإنقاذ من شأنه إن يعرض السفينة والأشخاص المتواجدين عليها لخطر جدي ، وتقدير ذلك إنما يكون لمحكمة الموضوع بناء علي ما يعرض عليها من وقائع وتقديرا للعوامل المحيطة بالسفينة أثناء طلب الإنقاذ وفق أقوال الخبراء المتخصصين في ذلك الشأن .


وحيث أنه عما تعلل به المتهم من خشيته علي الركاب فإن ذلك مردود عليه بأن الخبراء المتخصصين باللجنة المشكلة من قبل النيابة العامة أن اقرب موقع المتهم من المجني عليهم وحالة السفينة وحالة الجو كانت تسمح بتقديم العون لهم .


وحيث أنه عما ذهب إليه دفاع المتهم بجلسات المحاكمة بان ركاب السفينة سانت كاترين وعددهم إلف وثمانمائة راكب إذا خرجوا جميعا ليشاهدوا المتواجدين في البحر كان ذلك ليؤدي لانقلاب السفينة ، فإن ذلك مردود علية بان القضبان علي سفينته هو الأمر الناهي وكان يستطيع التنبيه علي ركابه بخطورة ذلك الفعل إلا انه لم يحاول حتي مجرد تقديم العون لمن عثر عليه بالبحر .


وحيث إن المحكمة وقد اطمأنت لإدالة الثبوت سالفة الذكر فإنها لا تعول علي إنكار المتهم لكونه قولا مرسلا تغيا به الإفلات من العقاب .


وحيث انه من جماع ما تقدم يكون قد استقر في عقيدة المحكمة وعلي وجه الجزم واليقين إن المتهم صلاح الدين السيد جمعه في يوم 3/2/2006 بدائرة قسم سفاجا – محافظة البحر الأحمر .


وهو ربان السفينة سانت كاترين لم يبذل ما يستطيعه من جهد لا يترتب عليه خطر جدي لسفينته وللأشخاص الراكبين فيها لإنقاذ من تبقي من ركاب السفينة الغارقة السلام 98 الذين عثر عليهم في البحر يشرفون علي الغرق .


الأمر الذي يتعين معه إدانته عملا بنص المادة 304 /2 إجراءات جنائية وعقابه وفق نص المادة 22 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 1960 في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن .


وحيث أنه عن المصروفات الجنائية فإنها لزاما علي المتهم عملا بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية
وحيث أنه عن الدعاوي المدنية فإن المحكمة تحيلها جميعا بحالتها إلي المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات عملا بنص المادة 309 فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية .

فلهذه الأسباب

وبعد الاطلاع علي مواد الاتهام
حكمت المحكمة حضوريا :-
أولا : برفض الدفع المبدي بعدم اختصاصها إقليميا ونوعيا بنظر القضية ، باختصاصاتها .


ثانيا : ببراءة المتهمين / ممدوح إسماعيل محمد علي ، عمرو ممدوح إسماعيل محمد ، محمد عماد الدين احمد أبو طالب ، ممدوح محمد عبد القادر عرابي ، نبيل السيد إبراهيم شلبي مما اسند إليهم .


ثالثا:- ببراءة المتهم / صلاح الدين السيد جمعه من المتهمين الأولي والثانية، وبمعاقبته عن التهمة الثالثة بالحبس لمدة ستة أشهر وكفالة عشرة ألاف جنيه لإيقاف التنفيذ وألزمته بالمصروفات الجنائية.


رابعا : بإحالة الدعاوي المدنية إلي الدائرة المدنية المختصة بمحكمة قنا الابتدائية بلا مصروفات .

رئيس المحكمة
احمد رفعت النجار