عريضة دعوي المطالبة بالغاء قرار مدير أمن القاهرة بمنع مسيرة سليمة يوم 6 ابريل

السيد الأستاذ المستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري
تحية طيبة وبعد
مقدمه لسيادتكم كل من :-
1-    السيد / ‏‎ ‎عمر ابراهيم على مبارك المقيم  شوشاى- اشمون- المنوفية
2-    والسيد/ محمد عادل فهمي على المقيم منيه سمنود – اجا – الدقهلية
3-    السيد/ أحمد ماهر إبراهيم الطنطاوي المقيم 88ش احمد زكى – البساتين – القاهرة
ضد
1- السيد اللواء / وزير الداخلية بصفته
2- السيد اللواء / مدير أمن القاهرة بصفته
الموضوع
أتشرف بعرض الآتي
 
المدعيين مواطنين مصريين يعنيهم في المقام الأول كرامة المواطن المصري مستندين في ذلك إلى ما جاء بوثيقة إعلان الدستوروالتي جاء فيها   "إن كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن ذلك أن الفرد هو حجر الأساس في بناء الوطن وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته. إن سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً لحرية الفرد فحسب لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت"

-    ولما كان المدعيين يتمتعون بحق المواطنة وفقا لقواعد الدستور المصري الذي عني بالحريات والحقوق العامة وكان من حظ المدعيين العثر أن ولدوا ونشأوا تحت مظلة قانون الطوارئ والذي يعني تطبيقه الافتئات على هذه الحقوق والحريات وإزاء علم المدعيين برغبة الحكومة المصرية بمد العمل بقانون الطوارئ لفترة أخرى ورغبة منهم وآخرين في التعبير عن رفضهم لهذا المد بالطرق الشرعية والقانونية التي تتفق مع حقوقهم الدستورية فقد قاموا بتوجيه إنذار على يد محضر للسيد مدير أمن القاهرة يخطروه فيه برغبتهم تنظيم مسيرة سلمية للتعبير عن رأيهم الرافض لمد العمل بقانون الطوارئ  وقد اختاروا لهذه المسيرة يوم 6/4/2010الساعة الثانية عشر ظهرا وقد حددوا لمسيرتهم خط سير يبدأ من ميدان التحرير مرورا بشارع القصر العيني على الرصيف الموازي لمجلس الشعب وصولا إليه لإبلاغ أعضاء مجلس الشعب المصر ( ممثلي الشعب ) برأيهم الرافض كمواطنين مصريين على مد العمل والاستمرار في تطبيق قانون الطوارئ وقد أعلن هذا الانذار بتاريخ 3/4/2010

-    بتاريخ 4/4/2010 أخطر المدعيين بموجب إنذار على يد محضر على محلهم المختار بعدم الموافقة على قيامهم بتنظيم هذه المسيرة المشار إليها لدواعي الأمن والنظام مع تحملهم المسئولية عن أية إجراءات تخالف ذلك

-    ولما كان ما تقدم وكان قرار عدم الموافقة على تنظيم المسيرة السلمية يمثل افتئاتا على حقوق المدعيين وحريتهم تماما كما  يمثل استمرار العمل بقانون الطوارئ عدوانا على حقوق المصريين جميعا بما يمثله من عدوانا على حرية الرأي والتعبير والحق في التنظيم  وهو الحق الذي يشكل وبلا شك الحرية الأساسية التي عني بها الدستور المصري  فإن المدعيين يطعنوا على هذا القرار للأسباب الآتية :-

أسباب الطعن
مقدمة :-

لا يمكن النظر إلى موضوع دعوانا بمعزل عن الحق فى التجمع أو التنظيم، وذلك على اعتبار أن الحق في التنظيم يأخذ صورا عديدة كالحق في تكوين الأحزاب، والحق في تكوين النقابات، والحق في تكوين تعاونيات، والحق في تكوين الجمعيات. ولعلنا لا نبالغ إذ قلنا أن الحق في التعبير عن الرأي من خلال التجمعات والمسيرات السلمية  يعد من أهم صور الحق في التنظيم لأسباب كثيرة، لعل أبسطها أنه حق لكل طوائف وفئات المواطنين لا يقصر ممارسته على قطاع معين (كالحال في النقابات)، ولا يخاطب قطاعا ضيقا (كالحال في الأحزاب)، بل يخاطب قطاعا عريضا في المجتمع. وتزداد أهميته لو وضعنا في الاعتبار التطورات الاقتصادية الأخيرة في مجتمعنا وتغول الرأسمالية على حساب الطبقة العاملة ، ولم تعد الرقابة البرلمانية كافية لملاحقة هذا التغول، وفى أحوال كثيرة يأتى هذا التغول بمباركة البرلمان لأسباب كثيرة لعل أوضحها خضوعه لنفوذ السلطة التنفيذية ونتاجا لهذا فلم يعد هناك مجالا للبسطاء إلا أن يجتمعوا معبرين عن رأيهم بشكل سلمي راغبين في توصيل صوتهم إلى صانعي القرار وقد أعيتهم السبل لذلك نجد لزاما علينا ونحن نتناول مناحي الطعن على هذا القرار أن نتناول الموضوع من عدة زوايا كما يلي :-

أولا : مخالفة القرار الطعين للدستور والمواثيق الدولية

تمثل  المواثيق الدولية جزء لا يتجزأ من الشرعية القانونية في المجتمعات الحديثة خاصة مع التصديق عليها من جانب الدول فتعتبر جز لا يتجزأ من التشريع الوطني فضلا عن أنه حتى  في حالة عدم التصديق أو كون هذه المواثيق تمثل إعلانا للمبادئ فإن ذلك لا يؤثر على مكانتها الأدبية فيما بين الدول الأعضاء في الأسرة الدولية
أولا: مواثيق حقوق الإنسان وحرية الرأى والتعبير:
1- المادة 19 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان:
"لكل شخص الحق فى حرية الرأى والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أى تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية".
2- المادة 19 من العهد الدولى بشأن الحقوق المدنية والسياسية:
"1- لكل فرد الحق فى اتخاذ الآراء ودن تدخل
2- لكل فرد الحق فى حرية التعبير، وهذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار من أى نوع واستلامها ونقلها بغض النظر عن الحدود ….."
3- المادة 9 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان الشعوب:
"1- لكل فرد الحق فى الحصول على معلومات
2- كل فرد له الحق فى التعبير ونشر آرائه فى إطار القانون "
 الدستور المصري وحرية التعبير:
يلزمنا استعراض عدة مواد دستورية وقراءاتها معا، إعمالا للمبدأ الدستوري القائل بأن نصوص الدستور متساندة ومتكاملة:
1- المادة 47:
"حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني".
يلاحظ على النص أنه قد نص صراحة على حماية الحريات والحقوق التالية:
1- حرية تبنى الآراء.
2- حرية التعبير.
3- حرية النشر.
4- حق النقد الذاتي.
5- حق النقد البناء.
6- الحق فى اختيار وسيلة التعبير.
وفيما يتعلق بالحريات الثلاث الأولى فالحماية الدستورية الممنوحة لها، العبرة في ممارستها هو صفة الإنسان بغض النظر عن صفة المواطنة حيث استخدم تعبير "لكل إنسان" ومن ثم فهذه الحماية ليست قاصرة على المواطنين فقط.
2- المادة 54 من الدستور :
للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلى إخطار سابق ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون
وأحال النص للقانون مهمة تنظيم هذه الحريات والحقوق وتحديد تخومها، ولا ينبغي أن يفهم هذا النص على أنه يمنح المشرع العادي سلطة مطلقة فى فرض الحدود ذلك أنه يحدها أربعة قيود:
1- على التنظيم التشريعي ألا يصادر الحق أو الحرية.
2- عليه ألا ينتقص من الحق أو الحرية.
3- عدم جواز فرض قيود باهظة على الحرية أو الحق.
4- مراعاة القيود الواردة في الدستور التي تحد من نطاق سلطته.


ثانيا : حرية الرأى والتعبير من واقع أحكام المحكمة الدستورية:
 
 1- تلتزم الدولة فى مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية بالحد الأدنى المقبول فى الدول الديمقراطية:
استقرت المحكمة على:

"وحيث أن الدستور ينص فى مادته الأولى على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى اشتراكى، وفى مادته الثالثة على أن السيادة للشعب، وهو يمارسها ويحميها على الوجه المبين فى الدستور، وفى مادته الرابعة على أن الأساس الاقتصادى لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكى الديمقراطى.
وحيث أن مؤدى هذه النصوص - مرتبطة بالمادة 65 من الدستور - أنه فى مجال حقوق المواطن وحرياته الأساسية، فإن مضمون القاعدة القانونية التى تسمو فى الدولة القانونية عليها، وتتقيد هى بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التى التزمتها الدول الديمقراطية باطراد فى مجتمعاتها، واستقر العمل بالتالى على انتهاجها فى مظاهر سلوكها المختلفة، وفى هذا الإطار، والتزاما بأبعاده، لا يجوز للدولة القانونية فى تنظيماتها المختلفة أن تنزل بالحماية التى توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام فى الدول الديمقراطية، ولا أن تفرض على تمتعهم بها أو مباشرتهم لها قيودا تكون فى جوهرها أو مداها مجافية لتلك التى درج العمل فى النظم الديمقراطية على تطبيقها، بل أن خضوع الدولة للقانون محددا على ضوء مفهوم ديمقراطى مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى تعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة."
وعند قراءة الحكم السابق بدقة يتبين لنا بيسر أنه يرسى القاعدة الجوهرية ثلاثية الأبعاد؛ حيث تنحل إلى ثلاثة قواعد بالغة الأهمية؛ فتختص القاعدة الأولى بمستوى الحماية القانونية لحرية ما، فى حين تتمحور القاعدة الثانية حول نطاق القيود المقبولة على هذه الحرية، وأخيرا تعالج القاعدة الثالثة نطاق الحريات المشمولة بالحماية القانونية.
وحيث أن حرية التعبير تندرج ضمن الحريات الأساسية، فإن تنظيم المشرع لها يخضع لهذه القاعدة بأبعادها الثلاثة ومن ثم تضحى كافة الحقوق الفرعية المنضوية فى حق التعبير مشمولة بالحماية القانونية المبسوطة على حرية التعبير، أى أن حق المعرفة وحق التماس المعلومات والأفكار وحق إتاحة الوصول الميسر لها..الخ تستظل بتلك الحماية، كما أن مستوى الحماية المقرر فى القانون المصرى لحرية التعبير يخضع للمراجعة استنادا إلى البعد الأول ويسرى البعد الثانى عند مراجعة القيود الواردة فى التشريع المصرى على حرية التعبير.
2- حرية التعبير هى الحرية الأصل:

ذهبت المحكمة إلى:
"وحيث أن ضمان الدستور - بنص المادة 47 منه - لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها، سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لا يتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها، وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها، ولا تكون لها من فائدة، وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا، ولا يترددون وجلا، ولا ينتصفون لغير الحق طريقا.
وحيث أن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير، هو أن يكون التماس الآراء والأفكار، وتلقيها عن الغير ونقلها إليه، غير مقيد بالحدود الإقليمية على اختلافها ولا منحصراً فى مصادر بذواتها تعد من قنواتها، بل قصد أن تترامى آفاقها، وأن تتعدد مواردها وأدواتها، وأن تنفتح مسالكها، وتفيض منابعها"
ونخلص من كل ذلك إلى أن الدستور المصرى يبسط حمايته على الحق حرية التعبير وباقى الحقوق الفرعية المكونة لحرية التعبير.

رابعا : مخالفة القرار الطعين لأحكام القانون :-
تضمن أحكام القانون 14 لسنة 1923 في مادته الثانية النص على تنظيم الاجتماعات عن طريق الإخطار على أن يكون هذا الإخطار شاملا زمان ومكان الاجتماع كما تضمن النص أيضا سريان أحكام الاجتماعات العامة على المظاهرات العامة
والبين مما تقدم أن ممارسة الحق تكون من خلال الإخطار وليس الإذن وهو ما يعني إن رد الجهة الإدارية بالرفض مخالفا للقانون لأن الاجراء المنوط بها بمجرد اخطارها بميعاد المسيرة هو اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة وأخصها إزالة العقبات أو العراقيل التي تحول دون ممارسة الحق بالشكل اللائق بهذا الشعب العريق ويخرجها عن مثارها الطبيعي باعتبارها وسيلة للتعبير عن الرأي بشكل متحضر وديمقراطي . ولجوء الجهة الإدارية إلى الرفض بهذا الشكل يشكل مخالفة للقانون.

أما عن الشق العاجل

-    لما كانت سلطة وقف التنفيذ متفرعة من سلطة الإلغاء ومشتقة منها ومردها إلى الرقابة القانونية التي بسطها القضاء الإداري على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار مشروعية القرار أو عدم مشروعيته من حيث مطابقته للقانون ، فلا يلغي قرار إلا إذا استبان عند نظر طلب الإلغاء أنه قرار قد أصابه عيب يبطله لعدم الاختصاص أو مخالفة القانون أو الانحراف بالسلطة ولا يوقف قرار عند النظر في طلب وقف التنفيذ إلا إذا بدا من ظاهر الأوراق أن النعي على القرار بالبطلان يستند إلى أسباب جدية أو قامت إلى جانب ذلك حالة ضرورة مستعجلة تبرر وقف التنفيذ مؤقتا لحين الفصل في طلب الإلغاء
محكمة القضاء الإداري جلسة25/11/1961 القضية رقم137 لسنة 14 ق

-    وبتطبيق ذلك على دعوانا نجد توافر ركني الجدية والاستعجال فأما عن ركن الجدية فيتحقق في الدعوى لكون القرار المطعون فيه قد جاء مخالفا للدستور والقانون مما يجعله مرجحا إلغاؤه أما عن ركن الاستعجال فمرده إلى أن رفض الجهة الإدارية يرتب أضرارا تنال من حقوق المواطنين وحرياتهم العامة كما تمنع طوائف الشعب من التعبير عن آرائهم   وهي الآثار
التي  لا يمكن تداركها مما يستوجب وقف تنفيذ القرار مؤقتا لحين الفصل في طلب الإلغاء

 

لذلك
 
فإن الطالب يلتمس بعد تحضير أوراق الدعوى تحديد أقرب جلسة لنظرها أمام محكمة القضاء الإداري للحكم لها :-
أولا : بقبول الدعوى شكل
 ثانيا : وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من مديرية أمن القاهرة والمتضمن عدم الموافقة على قيام المدعيين بتنظيم مسيرة يوم الثلاثاء الموافق 6/4/2010 تبدأ من ميدان التحرير مرورا بشارع القصر العيني على الرصيف الموازي لمجلس الشعب وصولا إلى مجلس الشعب وإتخاذ كافة الاجراءات اللازة وأخصها إزالة العقبات أو أية عراقيل بين تنظيم وقيام هذه المسيرة بالشكل اللائق مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية دون
ثالثا : وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصاريف والأتعاب

 

وكيل المدعيين
طاهر أبوالنصر
المحامي