مذكرة بدفاع وحدة الدعم القانوني بالشبكة العربية في التظلم من قرار إعتقال المدون هاني نظير صاحب مدونة " كارز الحب "

محكمة جنايات أمن الدولة العليا ( طوارىء )
الدائرة (14) جنوب القاهرة

مذكرة بدفاع
السيد / هانى نظير عزيز                               بصفته :  متظلم
ضد
وزير الداخلية                                            بصفته : متظلم ضده

فى التظلم من قرار الاعتقال الجنائى
المقيد تحت رقم 1122 لسنة 2009
والمحدد لنظره جلسة يوم الأربعاء الموافق 16/12/2009


الوقائــــــــــــــــــع

بتاريخ 1/10/2008 قام ضابطين من مباحث امن الدولة بمركز أبو تشت – نجع العيلة بتفتيش منزل المواطن هاني نظير عزيز والقبض علي اثنين من إخوته يعملان بدولة الكويت جاءوا إلي مصرا لزيارة الأسرة والاطمئنان عليها ...
وقاما الضابطان بالسؤال عن المواطن / هاني نظير عزيز وعندما علما بعدم وجوده في المنزل قاموا بفعلتهم هذه التي تمت دون وجه حق أو أي سند من القانون ... وهي القبض علي إخوته لحين تسليم المتظلم نفسه لمباحث امن الدولة ... وأن وجودهم قبل جهاز امن الدولة علي سبيل الرهينة لحين عودة أخيهم إلي مقر امن الدولة بمركز أبو تشت  

وتم استدعاءه من قبل مباحث امن الدولة ... والتنبيه عليه في حالة عدم تسليم نفسه خلال 24 ساعة سوف يتم احتجاز أخويه .
ونظرا لخوفه الشديد من معرفة أسباب هذا الاستدعاء المفاجئ قام بالاتصال بالكنيسة والسؤال عن السبب الحقيقي من هذا الاستدعاء ... فقام مسئول الكنيسة بالاستعلام ... وعاود الاتصال بالمتظلم وأكد له ضرورة الذهاب إلي مقر أمن الدولة حتى يتم إطلاق سراح إخوته , وانه سوف يتم سؤاله في بعض الأمور ولم يوضح له ما هي هذه الأمور وأكد له بأنه اخذ وعد من مكتب امن الدولة بإطلاق سراحه خلال ساعات بعد الانتهاء من سؤاله


وبناء علي ذلك :
ذهب المتظلم إلي مقر امن الدولة بتاريخ 3/10/2008 مساءا ... ومنذ هذا اليوم تم اعتقاله دون سند من القانون ودون ذكر أية أسباب وهو الآن مودع بسجن برج العرب .

وبعد علمنا بهذه الواقعة قمنا بعمل تظلمات بشكل منتظم من جراء هذا الاعتقال وتم الإفراج عنه ثلاث مرات إلا أن وزارة الداخلية لم تنفذ هذا القرار بل قامت بترحيل المدون " هاني نظير عزيز " من معتقل برج العرب إلى مقر أمن الدولة بميرغم الإسكندرية ، ثم إلى مقر أمن الدولة بقنا ، لتصدر ضده قرارا جديداً بالاعتقال،،                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            ثم قامت بترحيله مرة أخري إلى سجن برج العرب وكأنه لم يحدث شيئا ، وبذلك تلتف وزارة الداخلية على قرارات القضاء مرة أخري وهى طريقة تتعامل بها لتضمن بها استمرار تقييد حرية من تريد له ذلك دون التقيد بالقانون أو بأحكام قضائية.
 كما قامت بإصدار قرارات اعتقال جديدة دون ذكر أية أسباب علي الرغم من أن المتظلم يعمل أخصائي اجتماعي بإحدى مدارس المركز , ولا يخشي منه علي الأمن العام ولا تنطبق عليه شروط الاعتقال المنصوص عليه في القانون فهو شاب في مقتبل العمر ويخشي علي  حياته ومستقبله المهني من الضياع .

وبتاريخ 5/ 12/2009 قمنا بعمل تظلم الرقيم 1122 لسنة 2009 والذي تحدد نظره بجلسة اليوم الأربعاء 16/12/2009

الدفــــــــــــاع

مخالفة قرار الاعتقال لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية
القرار الإداري باعتقال السيد/هاني نظير عزيز قد صدر بالمخالفة لقانون الطوارئ ذاته والدستور المصري وكذلك للمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر واعتبرت جزء متمما للتشريع الداخلي وفقا لنص المادة 151 من الدستور المصري .

مخالفة قرار الاعتقال للحق في الحرية الشخصية وسلامة الجسد
تنص المادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على :
"1 -  لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية ،  ولا يجوز القبض على أحد أو إيقافه بشكل تعسفي لا يجوز حرمان أحد من حريته على أساس من القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه .
2 - يجب إبلاغ كل من يقبض عليه بأسباب ذلك عند حدوثه كما يجب إبلاغه فورا بأية تهمة توجه إليه.
3 - يجب تقديم المقبوض عليه أو الموقوف بتهمة جزائية فورا أمام القاضي أو أي موظف أخر مخول قانونيا بممارسة صلاحيات قضائية ويكون من حق المقبوض عليه أو الموقوف أن يقدم إلى المحاكمة خلال زمن معقول أو أن يفرج عنه ، ولا يكون إيقاف الأشخاص رهن المحاكمة تحت الحراسة قاعدة عامة ولكن يمكن إخضاع الإفراج للضمانات التي تكفل المثول أمام المحكمة في أية مرحلة أخرى من الإجراءات القضائية ، وتنفيذ الحكم إذا تطلب الأمر ذلك.
4 - يحق لكل من يحرم من حريته نتيجة إلقاء القبض أو الإيقاف مباشرة الإجراءات أمام المحكمة لكي تقرر دون إبطاء بشأن قانونية إيقافه والأمر بالإفراج عنه إذا كان الإيقاف غير قانوني.
5 - لكل من كان ضحية القبض عليه أو إيقافه بشكل غير قانوني الحق في تعويض قابل للتنفيذ."

والدستور المصري حافل بالنصوص التي تحمى الحرية الشخصية وسلامة الجسد
تنص المادة (41) :من الدستورالمصرى على أن :

" الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يحوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون .
    ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي ."
كما تنص المادة (42) منه على:
"كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذائه بدنيا أو معنويا كما لا يجوز حجزه أو حبسه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون .
وكل قول ثابت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شئ  ما تقدم أو التهديد بشئ منه ولا يعول عليه ."
كما تنص المادة (57) على:
" كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم ، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء ."

وتحدثنا المحكمة الدستورية العليا عن حرية الإنسان وحقوقه فتقول :
وحيث أنه من المقرر عدم جواز التضحية بحقوق الإنسان وحرياته في غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لها اعتبارها .
( حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 49 لسنة 17 ق . د جلسة 15/6/1966 )

وتواترت أحكام محكمة القضاء الإداري في هذا الخصوص حيث قضت بالتالي
ومن حيث أن سلطة رئيس الجمهورية في الاعتقال استنادا إلي المادة الثالثة من 162 لسنة 1958 قاصرة علي المشتبه فيهم والخطرين علي الأمن والنظام العام , والمقصود بالمشتبه فيهم هو المعني الاصطلاحي الوارد في المادة الخامسة من القانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم , أما الخطرين علي الأمن والنظام العام فهم الذين تتوافر فيهم خطورة خاصة علي الأمن والنظام العام تستند إلي وقائع حقيقية منتجة في الدلالة علي هذا المعني وأن تكون الوقائع أفعالا يثبت ارتكاب الشخص لها وتدل علي خطورته – لما كان ذلك وكانت ممارسة المدعي للنشاط الشيوعي لا تنطبق عليه حالات الاشتباه المشار إليها في المادة الخامسة سالفة الذكر فالنشاط الشيوعي مؤثم في الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الداخل في حين أن جرائم الاشتباه مقصورة علي الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج .... كما لم يثبت من الأوراق ارتكابه أفعالا تمثل خطورة علي الأمن العام ومجرد اعتناقه مذهب فكري معين لا يشكل بذاته خطورة طالما لم يترجم إلي وقائع حقيقية ثابتة منتجة في الدلالة علي تلك الخطورة , وبذلك يكون اعتقال المدعي قد افتقد ركن السبب وخالف القانون وتحقق به ركن الخطأ في المسئولية الإدارية .

( محكمة القضاء الإداري دعوي رقم 634/40 ق – 25/1/1987 )

 كما حرص المشرع الدستوري تقرير ضمانات لمن يتم القبض عليه أو اعتقاله حتى لو تم ذلك طبقا للقانون الطوارئ لأن نظام الطوارئ وان كان نظاما استثنائيا إلا أنه ليس بالنظام المطلق بل هو نظام خاضع للقانون , وذلك حتى لا يمس هذا النظام الحريات العامة التي كفلها الدستور

( حكم رقم 4189 لسنة 56 ق - جلسة 2/7/2002 القضاء الإداري )

ومن جماع النصوص الدستورية السابقة والأحكام  يتضح أن المشرع الدستوري والإداري قد أولي اهتمام خاصاً بالحرية الشخصية وتقييد حرية الأشخاص ووضع قيوداً على السلطة في تقيد حرية الأشخاص بل وجعل الاعتداء على الحرية الشخصية جريمة لا تسقط بالتقادم وكفل لكل من تعرض للاعتداء على حريته تعويضا عادلا، بالإضافة إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية،والذي وقعت عليه مصر وأصبح جزءا من تشريعها الداخلي.
إلا أن وزارة الداخلية ضربت – كما هي عادتها – بكل القوانين والنصوص الدستورية عرض الحائط،منتهكه بذلك مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات.

ثانيا : بطلان قرار الاعتقال لانتفاء مبرراته
أن أغلب حالات الاعتقال في مصر، تتم خارج إطار الشرعية والقانون، اعتماداً علي إحساس الجهات الأمنية ، بأنها محصنة برضا السلطة السياسية عن تجاوزاتها

أن قانون الطوارئ أعطي لرئيس الجمهورية بصفة أصلية أو من يقوم مقامه سلطة ممارسة بنود القانون من اعتقالات أو تدابير أخري، وحسب المادة ١١٧ فإن لرئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه فقط، حق تفويض آخرين في اختصاصاته، وبالتالي فليس من حق الوزير تفويض ضباط أو إدارات داخل وزارته للقيام بهذه المهمة.

وبخلاف هذا، فإن قرارات الاعتقال يفترض - قانوناً- أن تصدر مسببة ، وأن يعرف المعتقل هذه الأسباب، وأن يتمكن من الاتصال بمن يريد، وهي كلها حقوق يكفلها القانون، ولم تتحقق في الواقع.

كذلك وجود قرارات اعتقال بيد الإدارات الأمنية يؤدي ، إلي الاعتقال المفتوح، فعند التظلم من قرار الاعتقال أمام محكمة أمن الدولة العليا بدرجتيها، وصدور قرار منها بالإفراج عن المعتقل، يظهر فوراً قرار اعتقال جديد لتبدأ دورة لا نهائية من الاعتقال المفتوح، وفي أحيان أخري يتم القبض علي الشخص لفترات طويلة في أماكن غير معلومة قبل أن يصدر له قرار اعتقال.


هل اعتقال شخص وحرمانه من حريته الشخصية التي حماها القانون والدستور ، يكون دون سبب مبرر ، أو سند لذلك ، هل يتم الأمر بطريقة عشوائية ، ووفقا لأهواء شخصية ؟
الإجابة بالنفي القاطع ، فقرارات الاعتقال تصدر وفقا لقانون الطوارئ ، وهو قانون استثنائي ، فلا يجوز القياس عليه ، أو التوسع فيه .

وأكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أن "الشرعية تنتهك إذا ما اعتقل الفرد أو احتجز على أُسس غير منصوص عليها بوضوح في التشريع المحلي "؛ وبعبارة أخرى يجب أن تكون أُسس الاعتقال والاحتجاز "منصوصا عليها قانون "
وفيما يتعلق بمعنى عبارة " الاعتقال التعسفي" الواردة في المادة ٩ ١) 1 ) بينت اللجنة ما يلي:
لا ينبغي مساواة "التعسف" بما هو "ضد القانون " بل يجب أن يفسر تفسيرًا أوسع على نحـــويشمل عناصر انتفاء ا لسلامــة والعدالـــة والافتقار إلــــــــــى إمكانية التنبؤ بالشيء وإتباع الأصول المرعية ............. وهذا يعني أن الحبس التحفظي عم ً لا بمبدأ الاعتقال المشروع لايجب أن يكون مشروعا فقط بل معقولا فـــــي الظروف السائد ة. بالإضافة إلــى ذلك يجــب أن يكون الحبس التحفظي ضروريــــا في جميع الأحوال مـــن أجــــــل منع هروب الشخص على سبيل المثال أو تجنب التلاعب بالأدلة أو العودة إلى الإجرام".


بعبارة أخـــرى، لا ينبغي للحبس التحفظي عملا باعتقال مشروع أن يقتصــر على مجرد كونـه
" مشروعًا" ولكن أيضًا " معقولا" و" ضروريًــــا" في كافة الظروف للأغراض السابق ذكره وعلى الدولة الطرف المعنية أن تبين أن هذه العوامل موجودة في الحالة بعينها.

لما كان ما تقدم وكان قرار الاعتقال الجنائي الصادر ضد المعتقل / هاني نظير عزيز " المتظلم " يفتقر إلى سبب أو مسوغ قانوني ، حيث يتخذ المتظلم ضده من قانون الطوارئ ، ذريعة لإضفاء المشروعية على قرارات الاعتقال التعسفية التي يصدرها . وتهدر حق المواطنين في الحرية الشخصية و سلامة الجسد ، فما هي الدواعي الأمنية التي تم اعتقال المتظلم من اجلها ، وما هي الأفعال المؤثمة التي ارتكبها حتى يجب ردعه  .


حيث لم يسبق اتهام المتظلم في اى واقعة جنائية أو الحكم عليه بعقوبة سواء  سالبة للحرية ، أو غرامة مالية  ، فصحيفة ألأحوال الجنائية الخاصة بالمتظلم خير دليل على ذلك .

فما هي الأسباب الداعية إلى اعتقال مواطن حر ، لم يأتي بأفعال مؤثمة قانونيا أو حتى أخلاقيا ، ولا تحوم حوله الشبهات ؟  فقد صدر ضده قرار اعتقال جنائي ، وتم معاملته مثل معتادى ومحترفي الإجرام .
 والى متى يتمكن المتظلم ضده وإتباعه من الالتفاف حول القرارات القضائية ، التي قضت بالإفراج عن المتظلم بصفة نهائية من قبل ، وإصدار قرار اعتقال آخر ، لتقييد حريته  .
وهو ما يستبين منه تعسف المتظلم ضده تجاه المتظلم ، وان قرار الاعتقال الصادر ضد المتظلم تعسفيا ، ولا يستند إلى مبرر أو مسوغ قانوني .

لـــــذلك

... إيمانا منا بأن القضاء المصري النزيه هو خط الدفاع الأول والأخير عن المواطن المصري في ظل سطوة وطغيان حالة الطوارئ المستمرة منذ 28 عاما
 نلتمس من عدالة المحكمة إصدار قرارها العادل بالإفراج عن المتظلم .

وكيل المتهم

علي عاطف

المحامي