خدش الحياء عبارة تتسم بالعمومية وعدم التحديد والغموض

خدش الحياء  عبارة تتسم بالعمومية وعدم التحديد والغموض
في /2/1996 صدر في الولايات المتحدة قانون خاص بآداب الاتصالات حماية للقصر من الاطلاع على المواد المخلة بالآداب

وقد كان القانون يعاقب كل من أرسل أو عرض رسائل مهينة أو صور أو اتصالا يكون فاضحا أو غير أخلاقي بصورة يمكن أن تكون في متناول من لم يلغ إل 18 عام

ورغم أن هذا القانون قاصر على نوع معين من الجرائم فأن هناك من أعتبره مقيدا لحرية التعبير عن الرأي ومن ثم مخالفا للمبادئ العامة للدستور الأمريكي

مما دعا بعض الجماعات الى اللجوء الى القضاء لوقف العمل بهذا القانون لحين الفصل في عدم دستوريته
وفى 26/6/1997 أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكما بعدم دستورية بعض نصوص هذا القانون واستندت الى عدة أسباب أهمها

أن القانون مقيد لحرية التعبير التي كفلها الدستور و أن بعض العبارات التي أستخدمها القانون مثل ( غير أخلاقي ) أو مهينة   تتسم بالعمومية وعدم التحديد والغموض وهو ما يتعارض مع والمبادئ الدستورية
المعنى القريب والمعنى البعيد في الرسوم والألفاظ
في مثل هذا الروايات قد تحل الصورة محل الكلام وترمز الى معنى ورائها قد يتضمن نقدا مثل الرسوم الكاريكاتورية
وهى تحمل عنصرين أحداهما الصورة والأخر المعنى وفى الصورة معنى قريب ومعنى بعيد
ولا تكون الصورة معاقبا عليها إلا إذا كانت شائنة بذاتها وهذا ما لم يتحقق في الرواية ولم يشر إليه الضابط حتى الصورة التي استند إليها صورة  لا تؤدى الى معنى خدش الحياء العام

قواعد عامة للتفسير
أن تفسير الحوار الذي أتى بالرواية والصورة الوحيدة التي استند إليها ضابط الواقعة يجعلنا أولا يجب أن ينظر الى الرواية كعمل فني كامل وان يتم تفسير ما جاء بالرواية حسب المعنى الطبيعي العادي المستفاد من الرسم أو الحركة أو الكلام أو الكتابة مباشرة وانه يجب صرف المعنى الى ما يفهمه الرجل العادي ويجب النظر الى الظروف التي تم فيها النشر والوسط الذي يطلع على ممثل هذه الأعمال الروائية الحديثة نوعا في مصر

ويجب التركيز على قصد الكاتب لا على المعنى الذي يراه القارئ وهل قصد من روايته ورسومه خدش الحياء العام
وإذا كانت الألفاظ من النوع الحرفي أو الاصطلاحي فيجب ملاحظة العرف والعادة الجارية في الوسط الذي نشرت فيه

ثالثا :-انتفاء القصد الجنائي لدى المتهم
لا يتطلب القانون في جريمة خدش الحياء العام قصدا خاصا ويكتفي بتوافر القصد الذي يتحقق من النشر أو الصنع أو الحيازة مع العلم بما تنطوي عليه من منافاة للآداب العامة


هل كانت الصورة أو الألفاظ التي وردت بالرواية والتي استند إليها ضابط الواقعة كانت تستهدف الإثارة الجنسية أو أن تكون مخلة بالحياء العام

ما قرره المتهم بالتحقيقات ينفى القصد الجنائي لديه
فالمتهم الأول تمسك في تحقيقات النيابة العامة بأنه لم يقصد من روايته خدش الحياء العام
ليس المقصود بروايتي خدش الحياء العام
وان الرواية عامة وليس لها مدلول فكرى أو تعليمي وهى محض خيالي ومن ابداعى
وأضاف أن الرواية عمل فني من الخيال
وان الألفاظ الواردة في الرواية تعبر عن تكوين قائلها الثقافي والاجتماعي وان استخدام هذه الألفاظ في هذا السياق مع صديق له في المسار الفني للرواية
وأضاف انه لم يقصد أبدا خدش الحياء العام وان العبارات كانت تعبر عن شخصيات من محض الخيال وتتوافق مع تراكيبها

رأى النقاد
يقول الدكتور جابر عصفورا

فالحرية مشكل متعدد الأبعاد ، يتداخل فيه السياسي والاجتماعي والاقتصادي مع الإبداعي ، وينطوي على الإبعاد الفنية والوجودية والاعتقاد ية والدينية في أن ، وله حضوره المحاريث في النص والملازم لعملية الإبداع وحضوره الخارجي الذي يربط النص – الإبداع بالعالم الذي أنتجه والعالم الذي يتلقاه على السواء

(دكتور جابر عصفور – مجلة فصول خريف عام 1992 ص 6 – الهيئة المصرية العامة للكتاب)

ويقول الكاتب الكبير إدوارد الخراط
قال ( أحس أن الرقابة وحش يهدد الكتابة.. أحس أن الرقابة وحش كامن تارة ، وسافر كناشر عن أنيابه تارة أخرى انه يترصد الكتابة
أن الطهرانية هنا دلالة تاريخية وسياسية لا مجرد التزام ادبى أو اخلاقى أنها فرض رؤية محددة الى الحياة ووصاية أبوية علوية ...وفى موضع أخر يقول
أن الطهرانية في الأدب عن طريق الرقابة اى عن طريق القوة بمقتضى السلطة هي انعكاس واع أو لا واع لطهرانية مفترضة في الساسة بل في التصرف في مصائر الناس – أفرادا وشعوبا على السواء

(مجلة الآداب العدد 204 ديسمبر 2002)

ألف ليلة وليلة

رغم ما حوته من ألفاظ قد تبدو إباحية وخارجة عن الآداب العامة إلا انه لم يق أحدا ما أن ما ورد بها كان يستهدف الإثارة الجنسية واو أن المقصود منها إثارة الحمية في أجساد من يقرأونها وان ما جاء من عبارات حسية عملت على إدخال شهرزاد الى قفص الاتهام لبعض الوقت ليس سوى كلمات قد يتصورها البعض مبتذلة لكن مزاح النص ساعد في تجويفها من معانيها الحسية وجعل القارئ يقرأها بجانبها الساخر في المقام الأول
ربيع مطر محاكمة شهرزاد السخرية والاباحه ..دراسة نشرت بمجلة الهلال ابريل 1998 ص 70
قصة الحمال والثلاث بنات في ألف ليلة وليلة
ولم يقل أحدا ما أن ما جاء على سبيل المثال في قصة الحمال والثلاث بنات خادش للحياء العام إنما أخذت على سبيل السخرية والمزاح


....وما زلنا يشربن – والحمال وسطهن وهن في رقص وضحك وغناء وأشعار وصار الحمال معهن في هراش وبوس وعض وفرك وجس ولمس وقراع وهذه تلكمه وهذه تلقمه وهذه تلطمه وهو معهم في ألذ عيش كأنه قاعد في الجنة بين حور العين ولم يزالوا كذلك حتى لعبت الخمرة في رؤوسهم وعقولهم فلما تحكم الشرب منهم قامت البوابة وتجردت من أثوابها وصارت عريانة وأرخت شعرها عليه سترا ورمت نفسها في البحر ولعبت في الماء وبطبطت وتفلت وأخذت الماء في فمها
 ....المحكمة الدستورية العليا والإبداع

في القضية رقم 2 لسنة 15  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية
كان ما سطرته محكمتنا العليا
(وحيث إن الإبداع - علميا كان أم أدبيا أم فنيا أم ثقافيا - ليس إلا موقفا حرا واعيا يتناول ألوانا من الفنون والعلوم تتعدد أشكالها ، وتتباين طرائق التعبير عنها .......

        ومن ثم كان الإبداع في حياة الأمم إثراء لا ترفا، معمقا رسالتها في تغيير أنماط الحياة  بها ، بل هو أداة ارتقائها، لاينفصل عن تراثها ، بل يتفاعل مع وجدانها ، كافلا تقدمها من خلال اتصال العلوم والفنون يبعضهما، ليكون بنيانها أكثر تكاملا ، وحلقاتها أعمق ارتباطا ، ومفاهيمها أبعد عطاءاً •   وحيث إن ماتقدم مؤداه ، أن الإبداع في العلوم الفنون - أيا كان لونها -ليس تسليما بما هو قائم من ملامحها، بل  تغييرا فيها تعديلا لبنيانها ، أو تطويرا لها ، ليؤكد المبدع بذلك انفراده بإحداثها ، فلايمكن نسبتها لغيره ، إذ هو صانعها ، ولأن العناصر  التي  يضيفها   لاينقلها بتمامها عن سواه ، إنما تعود أصالتها orignality  إلي احتوائها على حد أدنى من عناصر الخلق التي تقارن الابتكار، فلاينفصل عنها a minimal degree of creativity ، بما يؤكد دلالتها على استقلال  مبدعها بها ، ويبلورنوع  وعمق المشاعرالتى تفاعل معها، مستثيرا من خلالها قوة العقل ومعطياتها   of the mind The creative powers ، فلايكون نبتها إلا إلهاما بصيراً •
         ويتعين على ضوء ماتقدم ،  أن يكون الإبداع محل تقدير الأمم على تباين مذاهبها وتوجهاتها ، وأن تيسر الطريق إليه  بكل الوسائل التي تملكها ، فلاينعزل حبيسا أو يتمخض لهوا أو ترفا ، بل ينحل جهدا ذهنيا فاعلا intellectual labor ، ونظرا متوثبا في تلك العلوم والفنون ، يعيد تشكيلها ، ويطرح أبعادا جديدة لها ، كافلا ذيوع الحقائق التي تتعلق بتطوير عناصرها ، ليكون نتاجها بعثا من رقاد ، وثمارها حقا عائدا إلى المواطنين في مجموعهم ، يملكونها ويفيدون منها ، ينقلون عنها ويتأثرون بها ، على أن يكون مفهوما أن الإبداع ليس بالضرورة إحياء كاملا أو مبتدءاً ،ولاقفزا في الفراغ ، بل اتصالا بما هو قائم إكمالا لمحتواه ، وانتقالا بمداه إلى آفاق أرحب •
         ومن المتصور بالتالي أن يكون الإبداع وئيداً في خطاه ، وإن تعين دوما أن يكون نهجا متواصلا علي طريق يمتد أمدا ، رانيا لآفاق لاتنحصر أبعادها ، مبدداً مفاهيم متعثرة ، متخذا من الابتكار - مهما ضؤل قدره - أسلوبا ثابتا ، وعقيدة لايتحول عنها ، لاامتياز في الاقتناع بها ، والدعوة إليها والحض عليها ، لأحد على غيره ، ليظل نهرا متجددا ، ومتدفقا دون انقطاع

نبذة  لا بد منها
أردنا أن نضع هذا في المقدمة لكننا نضعها هنا لنبين لعدالة المحكمة نبذة بسيطة عن فن جديد في مصر وهو ليس بجديد في العالم وهو فن  الرواية المصورة

فن الشرائط المصورة‏,‏ أو ما يعرف بالفرنسية بـ‏LesBandesdessine'es‏ أو الفن التاسع‏,‏ هو الفن الذي اعتاد القارئ العربي أن يراه موظفا في القص والحكي للصغار‏,‏ علي الرغم من دخوله منذ سنوات طويلة في الغرب‏,‏ إلي حيز الرواية والقصة للكبار لدرجة دفعت بعديد من دور النشر الفرنسية بالذات إلي تخصيص عدة سلاسل معينة بتحويل كبريات الروايات إلي صيغة فن الشرائط المصورة‏.‏

والجيل المؤسس مصريا لهذا الفن‏(‏ محيي الدين اللباد وحجازي‏)‏ كانت لهما بعض الإسهامات الموجهة للكبار في وسط عطائهم الرفيع

وهذا ما تنتمي إليه رواية ( مترو ) موضوع هذه القضية
لكن مظاهر الفن تتجلى في أبسط الأمور . ولوحات كبار فناني العالم
هذا النتاج إلا بداعي إنساني في المقام الأول ويعتبر لونا من الثقافة الإنسانية
لأنها تعبير عن التعبيرية الذاتية وليس تعبيرا عن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته
و بعض العلماء يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام.
فهناك فنون مادية كالرسم والنحت والزخرفة وصنع الفخار والنسيج
والفنون الغير مادية نجدها في الموسيقي والرقص والدراما والكتابة للقصص وروايتها.
ويعتبر الفن نتاج إبداعي للإنسان حيث يشكل فيه المواد لتعبر عن فكره أو يترجم أحاسيسه أو مايراه من صور وأشكال يجسدها في أعماله .

 والفنون بصرية كالرسم painting والنحت sculpture والعمارة, architecture والتصوير, photography وفنون زخرفيه decorative arts وأعمال يدوية وغيرها من الأعمال المرئية .

وكان الرسم يتكون من أشكال الحيوانات و علامات تجريدية رمزية فوق جدران الكهوف.

ومنذ آلاف السنين كان البشر يتحلون بالزينة والمجوهرات والأصباغ.

وفي معظم المجتمعات القديمة الكبري كان الإنسان تعرف هويته من خلال الأشكال الفنية التعبيرية التي تدل عليه كما في نماذج ملابسه وطرزها و زخرفة الجسم وتزيينه وعادات الرقص .

أو من الاحتفالية أو الرمزية الجماعية الإشاراتية التي كانت تتمثل في التوتم (مادة) الذي يدل علي قبيلته أو عشيرته .
وكان التوتم يزخرف بالنقش ليروي قصة أسلافه أو تاريخهم .

وفي المجتمعات الصغيرة كانت الفنون تعبر عن حياتها أو ثقافتها.

فكانت الاحتفالات والرقص يعبر عن سير أجدادهم وأساطيرهم حول الخلق أو مواعظ ودروس تثقيفية.

وكثير من الشعوب كانت تتخذ من الفن وسيلة لنيل العون من العالم الروحاني في حياتهم .

وفي المجتمعات الكبري كان الحكام يستأجرون الفنانين للقيام بأعمال تخدم بناءهم السياسية كما كان في بلاد الإنكا .

فلقد كانت الطبقة الراقية تقبل علي الملابس والمجوهرات والمشغولات المعدنية الخاصة بزينتهم إبان القرنين 15م. و16 م. لتدل علي وضعهم الاجتماعي.

من موسوعة حضارة العالم ( هامش سفلى )
واعتقد أن ما تركه فراعنة مصر (جدودنا العظام ) ابلغ دليل على حضارتنا التي فاقت كل الحضارات مما تركته من فن باق الى الأبد

لذلك

يلتمس دفاع المتهم الأول
أصليا: الحكم ببراءته مما هو منسوب إليه تأسيسا على
بطلان  التفتيش والضبط وما تلاهما من إجراءات
ثانيا : - إنتفاء الركن المادي للجريمة
ثالثا :-إنتفاء القصد الجنائي لدى المتهم
احتياطيا : إحالة الدعوى الى المحكمة الدستورية العليا وفقا لنص المادة 29/أمن قانون رقم 48/1979 وذلك للقضاء في دستورية نص المادة 178 من قانون العقوبات

وكيل المتهم
حمدي الاسيوطى
المحامى بالنقض والدستورية العليا
المستشار القانونى للشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان