مذكرة الأستاذ سمير الباجوري بأسباب الطعن بالنقض في الجنحة رقم 10051 لسنة 2008 جنح العمرانية ضد رئيس تحرير جريدة المؤجز

محكمة النقض
الدائرة الجنائية

مذكـــرة

بأسباب الطعن بالنقض
المرفوع من الأستاذ / ياسر محمود عبد الباسط - وشهرته ياسر بركات.   (متهم)‏
ضـــــــــد

طعناً في الحكم الصادر بجلسة 10/2/2009‏
من محكمة جنايات الجيزة الدائرة (14) جنايات الجيزة.‏
في الجنحة الصحفية رقم 10051 لسنة 2008 جنح العمرانية .

‏1‏    النيابة العامة .‏    ‏2‏    السيد/ محمد مصطفي بكري وشهرته مصطفي بكري ‏    ‏      (المدعي بالحق ‏المدني).‏

‏- فيما قضي به في منطوقة (وبعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر حكمت الحكمة حضورياً ‏بمعاقبة ياسر محمود ‏عبد الباسط الشهير بياسر بركات بتغريمه أربعون ألف جنيه وألزمته ‏مصاريف الدعوي الجنائية وإحالة الدعوي ‏المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وأرجأت ‏البت في مصروفاتها).‏

الوقائــع

‏- أقام المدعي بالحق المدني الدعوي بوصفه عضواً بمجلس الشعب ورئيس تحرير جريدة ‏الأسبوع بطريق ‏الادعاء المباشر ضد الطاعن جنحة قذف وسب بطريق النشر في حقه ‏بوصفه صاحب صفة نيابية كونه عضواً ‏بمجلس الشعب وكذلك رئيس تحرير جريدة الأسبوع ‏وذلك عما تم نشره بجريدة الموجز بالعدد رقم 95 الصادر ‏بتاريخ 22 يناير 2008 في ‏الصفحة الأولي تحت عنوان (بالصور والمستندات.... ثروات زوجة مصطفي بكري ‏‏.... ‏تمتلك مبني ضخماً بمدينة أكتوبر قيمته عشرة ملايين جنيه, وعنوان أخر (مؤامرة رجال ‏العادلي لوقف حملة ‏‏(الموجز) ضد المناضل الكبير) ومقال بالصفحة الثالثة تحت عنوان ‏‏(مؤامرة رجال العادلي لوقف حملة (الموجز) ‏ضد بكري) ومقال بالصفحة العاشرة يعلوه ‏العناوين (الجماعة الصحفية اعترضت عليه ووصفته بالمشبوه) ‏وعنوان أخر (قانون بكري ‏لذبح شباب الصحفيين) ومقال بالصفحة الثانية عشر به عناوين ( ثروات زوجة ‏مصطفي ‏بكري ... سر الصفقات المشبوهة بين رئيس تحرير (الاسبوع) وجهاز مدينة 6 اكتوبر ... ‏كيف حصل ‏النائب المحترم لزوجته على مساحة 2000 متر في أرقي مواقع أكتوبر وكذلك ‏مقال اخر  بالصفحة الثالثة عشر ‏وطلب في ختام صحيفة دعواه بمعاقبة الطاعن بالمواد ‏‏102 مكرر ، 171 ، 185 ، 302 ، 306 ، 307 ، ‏‏308 من قانون العقوبات مع الزامه ‏بأن يؤدى له مبلغ مليون جنيه تعويضاً كاملاً عن الأضرار المادية والأدبية ‏التى أصابته مع ‏تحميله المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبعد تداول الدعوة بالجلسات اصدرت المحكمة ‏‏حكمها السالف الذكر
والطاعن يطعن على هذا الحكم بالنقض للأسباب الآتية: ‏


أسباب الطعن
السبب الاول : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لكون المحكمة قد عاقبت ‏الطاعن باحدي المواد الغير واردة ‏بصحيفة التكليف بالحضور
‏- وذلك ان المحكمة قد عاقبت الطاعن بأحدي نصوص مواد قانون العقوبات الغير واردة في ‏صحيفة التكليف ‏بالحضور (الادعاء المباشر) وهي المادة 303 من قانون العقوبات المصري ‏وهى المادة الخاصة بالعقاب على ‏جريمة القذف. ‏

‏- وذلك ان المدعي بالحق المدني اختتم صحيفة دعواه بالمطالبة بعقاب الطاعن بالمواد ‏‏102مكرر ، ‏‏308,307,306,302,185,171 من قانون العقوبات وبناء على ذلك ‏اتصلت المحكمة بالدعوي وانحسرت ‏ولايتهما ومهمتها في تطبيق هذه المواد دون غيرها.‏

‏- وقد قررت بذلك في ص 3 من الحكم حيث قررت (وانتهي في صحيفة دعواه الى طلب ‏توقيع اقصي عقوبة ‏واردة بالمواد  102 مكرر ، 171 ، 185 ، 302 ، 306 ، 307 ، ‏‏308 من قانون العقوبات .....) وبذلك اقرت ‏المحكمة بان حدود اتصالها بالدعوي هي ‏تطبيق هذه المواد دون غيرها ولم يكن من بينها المادة 303 عقوبات . ‏وهي المادة ‏المشتملة على النص العقابي لجريمة القذف.‏

الا انها في ص 15 من الحكم قررت ( الامر الذي يتعين عقابه بالمواد 171 , 185 ,302 ‏‏303 ,306 ,307 ‏من قانون العقوبات)‏
‏- وبذلك يتلاحظ ان المحكمة أضافت عقاب الطاعن بالمادة 303 من قانون العقوبات ‏المصري دون ان يطالب ‏المدعي بالحق المدني بذلك في صحيفة دعواه الامر الذي يعد من ‏المحكمة خطأ في تطبيق القانون مما يستوجب ‏نقضه.‏

‏- وبصفة خاصة انه كان لتطبيق هذه المادة اثر في منطوق الحكم حيث انه بتطبيقها ‏اصبحت العقوبة المقضي بها ‏في الحكم كانت على جريمة القذف.‏

‏ حيث أن المحكمة اعتبرت أن جريمتى السب والقذف وقعتا لغرض واحد وقام بينهما ‏الارتباط الذى لا يقل ‏التجزئة فاعتبر جريمة واحدة وحكمت بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد. ‏‏(وهى جريمة القذف). ‏

ومن ذلك يتضح أن المحكمة قد خالفت القانون وأخطأت فى تطبيقه مما يصيبه بالبطلان لهذا ‏العيب مما يوجب ‏نقضه.‏

السبب الثاني : القصور في التسبيب لعدم تحديد المحكمة للتكيف والوصف القانوني للألفاظ ‏التي اعتمدت عليها ‏في الادانه. ‏
حيث انه من المستقر عليه قضاءاً وفقهاً انه يجب على المحكمة في حرائم النشر توضيح ‏الالفاظ والعبارات التي ‏استندت اليها في الادانه وكذلك تحديد ايهما اعتبرته قذفاً وايهما ‏اعتبرته سباً وذلك حتي تستطيع محكمة النقض ‏مراقبتها في صحة تطبيق القانون.‏

وهناك اهمية خاصة لهذا التحديد في الدعوي المطروحه محل هذا الطعن نظرا لكون المدعي ‏بالحق المدني لم ‏يشمل في صحيفة دعواه المادة 303 عقوبات ( وهي محل العقوبه على ‏جريمة القذف) وبذلك اصبحت طلباته ‏غير مشموله بالعقاب على جريمة القذف.‏

وبالتالي تغل يد المحكمة عن تطبيقها وينحصر دورها في تطبيق المواد المطالب بها فقط ‏وليس من بينها جريمة ‏القذف.‏
فكان لزاماً علايها ان تحدد اى الالفاض في المقال التي اعتبرته سباً ( حيث ان هذه الجريمة ‏هي المطالب بتوقيع ‏العقاب عليها فى ورقة التكليف بالحضور) وان هي لم تحدد ذلك يكون ‏حكمها باطلاً مما يستوجب نقضه.‏

وبمطالعة الحكم المطعون فيه نجد انه لم يحدد ما هي الالفاظ التي اعتبرها سباً وما هي ‏الالفاظ التي اعتبرها سبا ‏وبالتالي يكون الحكم قاصر قصوراً لا تستطيع معه محكمة النقض ‏مراقبة صحة تطبيق القانون على وجهة ‏الصحيح الامر الذي يستوجب نقض هذا الحكم وذلك ‏للتجهيل بالتكيف والوصف القانوني للألفاظ ‏

السبب الثالث : الاخلال بحق الدفاع والخطا في تطبيق القانون والقصور في ‏التسبيب لاغفال المحكمة الرد على ‏احد الدفوع الجوهرية المستنده الى القانون  ‏
‏- وذلك حيث أن وكيل الطاعن قد دفع بجلسة 13/1/2009 بانقضاء الدعوي الجنائية في ‏حقه تأسيساً على التنازل ‏الضمني من المدعي بالحق المدني لكلاً من خالد ذكي ومنتصر ‏سعد لكونهما كاتبا المقال الوارد بالعدد محل ‏الدعوي من جريدة الموجز بالصفحة العاشرة.‏


‏ وحيث أن المدعي بالحق المدني أورد ما جاء بهذا المقال في صحيفة دعواه انه يمثل قذفاً ‏وسباً في حقه ولم يقم ‏باختصامهما مع الطاعن فان ذلك يعد تنازلاً ضمنياً منه عن تحريك ‏الشكوى ضدهما مما يمتد أثره إلى الطاعن ‏استناداً لنص الفقرة الثالثة من المادة العاشرة ‏من قانون الإجراءات الجنائية والتي نصت على (والتنازل بالنسبة ‏لأحد المتهمين يعد تنازلاً ‏بالنسبة للباقين) إلا أن المحكمة لم ترد في أسبابها على هذا الدفع على الرغم من أنهما ‏ص ‏‏8 من الحكم ذكرت أن وكيل الطاعن اثبت هذا الدفع .‏

‏- الأمر الذي يثبت أنها كانت عالمة بهذا الدفع وانه كان تحت بصرها إلا أنها اغفلت الرد ‏عليه مما يعيب الحكم ‏بالقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع.‏

‏- ولما كان من المستقر عليه في قضاء النقض على (أن سكون الحكم عن دفاع جوهري ‏إيرادا له ورداً عليه ‏يصمه بالقصور المبطل بما يوجب نقضه).‏

(نقض 11 فبراير سنة 1973 مجموعة أحكام محكمة النقض س 24 رقم 32 ص 151). ‏

وقضت أيضا :‏
‏(انه يتعين على المحكمة أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوي ‏وألمت بها على وجه ‏يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها فإذا هي التفت كلية عن ‏التعرض لدفاع الطاعن وموقفه من التهمة التي ‏وجهت إليه بما يكشف عن أن المحكمة قد ‏أطرحت هذا الدفاع وهي على بينة من أمره فان حكمها يكون قاصر ‏البيان مستوجباً نقضه). ‏

( نقض 24 ابريل سنة 1978 مجموعة إحكام لنقض س 29 رقم 84 ص 442)‏

وقضت أيضاً ‏
‏(فمن المقرر أن من واجب المحكمة بحث كل دفاع جوهرى يتقدم به المتهم ويعتبر الدفع ‏جوهرياً اذا كان ظاهر ‏التعلق بموضوع الدعوى المنظورة أمامها بحيث لو صح لرتب عليه ‏القانون أثراً قانونياً لصالح المتهم سواء تعلق ‏هذا الأثر ينفى وقوع الجريمة أو بامتناع ‏المسئولية أو العقاب أو بانقضاء الدعوى الجنائية). ‏

(نقض 16/3/1970 س 21 ص 373 ق 92).‏

وقضت أيضا: ‏
‏(الدفع بانقضاء الدعوي الجنائية لأي سبب عاماً كان أم خاصاً دفع من النظام العام فيجوز ‏إبداؤه لأول مره أمام ‏محكمة النقض).‏

‏(نقض 19/5/1964 رقم 82 ص 421 ).‏

وقد استقر الفقه ايضاً على ضرورة التعرض للدفع بالانقضاء من قبل المحكمة حيث قرر ‏الدكتور رؤوف عبيد : ‏‏(ولذا كان إبداؤه أمام محكمة الموضوع يستوجب لفرط أهميته ‏ولتوقف مصير الدعوي على الفصل فيه أن ‏يتعرض له الحكم في أسبابه إما بالقبول وإما ‏بتفنيده اذا قضي برفضه وإلا كان الحكم قاصر في أسبابه وبالتالي ‏معيباً ذلك انه يترتب على ‏رفضه امكان التعرض للموضوع أما قبوله فينبنى عليه وجوب الحكم بانقضاء الدعوى ‏بغير ‏التعرض لموضوعها). ‏

(رؤوف عبيد – النظرية العامة فى تسبيب الأحكام الجنائية ص 379).‏

وحيث ان هذا الدفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام الذى يجوز إبداءه لأول مرة أمام ‏محكمة النقض حيث أنه قد ‏لا يثير الدفاع موضوع انقضاء الدعوى الجنائية ولكن يكون فى ‏الأوراق ما يدعو للقول به وعندئذ يجب أن ‏تتعرض المحكمة من تلقاء نفسها له لأن انقضاء ‏الدعوى الجنائية أياً كان أسبابه من النظام العام فللمحكمة أن ‏تقضى به من تلقاء نفسها ولو ‏لم يدفع به. ‏

وحيث ان المحكمة لم تتصدي لهذا الانقضاء وتقديمه من تلقاء نفسها فتكون قد اخطات في ‏تطبيق القانون.‏

كما ان دفاع المتهم قد تسمك به امام المحكمة الا انها اغفلت الرد عليه في اسبابها هذا منها ‏بالاضافة للخطأ في ‏تطبيق القانون يمثل اخلالاً بحق الدفاع وقصورا في التسبيب يصيب ‏الحكم بالبطلان. ‏

لذلك فان الطاعن ينعى على الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ‏والاخلال بحق الدفاع ‏مما يوجب نقض هذا الحكم.‏

السبب الرابع : مخالفة القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب  ‏والاخلال بحق الدفاع للرد غير ‏المستساغ والمجتزأ من المحكمة  على الدفوع ‏بعدم الدستورية ‏
‏- وذلك حيث أن الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ‏‏302 من قانون ‏العقوبات وذلك فيما اشترطته من ضرورة اثبات القاذف لحقيقة كل فعل ‏أسنده لكونها تخالف نصوص المواد 2 ، ‏‏41 ، 67 ، 69 ، 86 ، 165 من الدستور ‏المصرى ومبادئ الشريعة الإسلامية وأصل البراءة والمحاكمة ‏المنصفة وحق الدفاع ‏والحرية الشخصية ومبدأ الفصل بين السلطات.‏

‏ كما دفع أيضاً بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصرى ‏نظراً للغلو من المشرع ‏فى العقوبات المفروضة فى هذه المواد وعدم تناسبها مع الفعل محل ‏التجريم مما يعد مخالفة لنصوص المواد 48 ‏، 62 ، 64 ، 206 ، 207 ، 208 من ‏الدستور ويمثل ايضاً انتهاكاً للحق فى المساهمة فى الحياة العامة ومبدأ ‏خضوع الدولة ‏للقانون وسلطة الصحافة ومبدأ التناسب بين الفعل والعقاب المقر من المحكمة الدستورية ‏العليا.‏

‏ وقدم وكيل الطاعن مذكرة شارحة لهذه الدفوع والأسباب والأسانيد القانونية التى يتخذ ‏عليها هذه الدفوع. ‏

‏- كما أنه ايضاً دفع بعدم دستورية المواد 214/1 ، 215 ، 216 من قانون الاجراءات ‏الجنائية وهى النصوص ‏التى نقلت الاختصاص بنظر الجنح الصحفية المقامة من الموظفين ‏العموميين وأصحاب الصفة النيابية والمكلفين ‏بخدمة عامة الى محاكم الجنايات بدلاً من ‏محاكم الجنح وأسس اسباب الدفع على مخالفته لنصوص المواد 40 ، ‏‏41 ، 67 ، 69 ، ‏‏151 من الدستور ومخالفته لمبدأ المساواة والحرية الشخصية وقواعد المحاكمة المنصفة ‏وحق ‏التقاضى على درجتين وحق الدفاع واخلالها بالقوة الملزمة دستورياً للمعاهدات ‏الدولية ، وقدم ايضاً مذكرة ‏شارحة لكافة هذه الأسباب. ‏

‏- وتأكيداً لجديته فى هذا الدفع ولاثبات ان عدد من المحاكم قد رات شبهة مخالفة هذه ‏المواد للدستور المصري فقد ‏قدم صور لعدد (4) شهادات صادرة من واقع جدول المحكمة ‏الدستورية العليا تفيد أن المواد 302 ، 303 ، ‏‏306 ، 307 من قانون العقوبات مقام ‏بشأنها الدعاوى أرقام 25 لسنة 21 ، 83 لسنة 21 ، 60 لسنة 22 و149 ‏لسنة 22 ‏قضائية دستورية مطلوب الحكم بعدم دستورية هذه المواد ، كما ان الدعوى رقم 60 لسنة ‏‏22 قضائية ‏دستورية مطلوب فيها ايضاً الحكم بعدم دستورية المواد 214 ، 215 ، 216 ‏من قانون الاجراءات الجنائية.‏

‏ وطلب وقف الدعوى المنظورة تعليقياً لحين الفصل فى هذه الدعاوى أو التصريح له باقامة ‏دعوى أمام المحكمة ‏الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه ا لمواد عملاً بنص ‏المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا ‏برقم 48 لسنة 1979.‏

‏ كما ذكر فى مذكرته المقدمة بجلسة 13/1/2009 أرقام عدد (8) دعاوى منظورة أمام ‏المحكمة الدستورية العليا ‏بشأن هذه المواد. ‏

‏- الا ان الحكم المطعون فيه قد رد على ذلك بقوله (أما دفعه بعدم دستورية المادتين 215 ، ‏‏216 من قانون ‏الاجراءات الجنائية فهو على غير أساس سليم من القانون ذلك أن المتهم الذى ‏حكم بادانته فى جريمة القذف له ‏حق الطعن بالنقض فى الحكم الصادر ضده هذا فضلاً عن ‏احالة هذه الدعاوى الى محاكم الجنايات انما يمثل ‏ضمانات للمتهمين فى هذه الجريمة لأنهم ‏يقفون أمام قضاة ثلاث هم أكبر سناً وأكثر خبرة وكفاءة ولا ترهق ‏كواهلهم ما ترهق به ‏كواهل القضاه بالمحاكم الجزئية وفى هذا ضمان لحرية الصحافة وحرية الرأى ومن ثم فان ‏‏المحكمة ترى عدم جدية هذا الدفع ، وبالتالى تلتفت عنه)‏
‏- ونجد هنا أن الرد جاء مخالفاً للقانون حيث أن محكمة النقض لا تعد درجة من درجات ‏التقاضى وذلك لكونها ‏محكمة قانون وليست محكمة موضوع كما انه اغفل الرد على باقي ‏اسباب الدفع مما يعدي قصوراً في التسبيب.‏

‏- كما ردت المحكمة ايضاً على الدفع بعدم دستورية المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 ‏من قانون العقوبات ‏بقولها : "ومن ثم فان القول بأن مواد الاتهام نقلت عبء الاثبات ‏وخالفت مبدأ قرينة البراءة المفترضة فى كل ‏انسان واهدار مبدأ المساواة وتكافؤ الفرض ‏بين المواطنين غير سديد اذ أنها أقوال مرسلة ومهاترات لفظية" ‏وتأسيساً على ذلك رفضت ‏هذه الدفوع دون الاشارة الى ان هناك أكثر من 8 دعاوى منظورة أمام المحكمة ‏الدستورية ‏العليا.‏

‏- ومن ذلك يتضح أن الحكم لم يحصل اسباب هذا الدفع تحصيلاً كافياً لكونه رد على أسباب ‏الدفع بطريقة مجتزأة ‏وبها نوعاً من التجهيل بالاضافة الى كونه لم يقم بالرد على كافة ‏الأسباب وحدوث لبس وتداخل في ذهن المحكمة  ‏بين أسباب الدفوع بعضها البعض. مما ‏جعلها تقوم بالرد على اسباب الدفع تارة باسباب غير مستساغه ومخالفة ‏للقانون وتارة ‏اخري ترد على اسباب للدفع غير التي ابداها دفاع الطاعن.‏

‏- كما ان الطاعن قدم حافظة مستندات بها (4) شهادات تفيد وجود أربع دعاوى أمام ‏المحكمة الدستورية العليا ‏للفصل فى مدى دستورية هذه المواد وذلك للتدليل على جدية هذا ‏الدفع الا ان المحكمة لم تلتفت الى هذه الشهادات ‏فى حكمها وقد قضت محكمة النقض : "اذا ‏لم يتحدث الحكم عن مستند هام فى الدعوى رغم تمسك الخصم ذى ‏المصلحة بما فيه من ‏الدلالة على صحة دعواه فانه يكون معيباً بقصور أسباب". ‏

‏(جلسة 22/5/1946 طعن رقم 140 سنة 15ق ص 554 قاعدة 105 ، الجزء الأول من ‏مجموعة أحكام النقض ‏فى 25 عاماً). ‏
 

ومؤدى كل ذلك يتضح أن الحكم أقام قضاؤه على هذه الدفوع بعدم الجدية ورفضها بأنه قد ‏فهم أن سلطة المحكمة ‏فى تقدير هذه الجدية سلطة مطلقة يمكن ان تنبنى على العسف ‏والتحكم والفوضى فى التقدير الى الحد الذى جعلها ‏فوقاً على الرد على هذه الدفوع بصورة ‏مجتزأة تعجز محكمة النقض عن مراقبتها فانها ايضاً قامت بالرد بأسلوب ‏لم تعرفه الأحكام ‏من قبل بشموله بعبارات عنصرية وبها تعالى على المحاكم الأخرى.‏


‏ الامر الذي يجعل ردها لا يخضع لضوابط العقل والمنطق القضائى والذى بررته محكمة ‏النقض فى قضائها ‏المطرد بان مناط صحة الحكم فى كل ما يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة ‏الموضوع ان يكون التقدير سائغاً ، ‏وهو ما افتقده الحكم بوضوح شديد فى رده على هذه ‏الدفوع وكذلك اغفاله وجود (8) دعاوى بهذا الشأن أمام ‏المحكمة الدستورية العليا الأمر ‏الذى يجزم بان عدة محاكم أخرى قد رأت لهذا الدفع الجدية المطلوبة وقبلته. ‏

لذلك فان اطراح هذا الدفع والرد عليه بطريقة غير مستساغة يصيب الحكم بعيب مخالفة ‏القانون والخطأ فى ‏تطبيقه والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ‏مما يستوجب نقضه. ‏

السبب الخامس :
الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى ‏التسبيب: ‏
‏- حيث أن دفاع الطاعن دفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى وطالب احالتها ‏الى محكمة الجنح ‏لنظرها وذلك لكون النقد والعبارات التى تم توجيهها الى المدعى بالحق ‏المدنى كانت خاصة بتصرفاته الغير ‏متعلقة بصفته النيابية. ‏

‏- الا ان المحكمة ردت على هذا الدفع بأن القذف قد وقع على المدعى بالحق المدنى بصفته ‏الخاصة والنيابية ‏واستدل على بعض العبارات مثل (كيف حصل النائب المحترم لزوجته على ‏مساحة 2000 متر) وعبارة (فهو لم ‏يستغل منصبه ويبتز مسئولين كبار ويلعب مع ‏الفاسدين فى أجهزة الدولة فقط بل استغل السيد زوجته) وعبارة ‏‏(كيف حصل النائب المحترم ‏لزوجته على مساحة 2000 متر فى أرقى مواقع أكتوبر). ‏

‏- وانتهى الحكم أن ذلك مثل اعتداء عليه بصفته النيابية فانتهى الى رفض الدفع. ‏

- وبالنظر الى ما انتهت اليه المحكمة نجد أنها لم تطلع على المستندات المقدمة فى ملف ‏الدعوى حيث أنه لو ‏اطلعت عليها لثبت لها الآتى : ‏
‏1-‏    أن المدعى بالحق المدنى حصل على الصفة النيابية عام 2005 وقبل ذلك لم يكن ‏عضو بمجلس الشعب ‏أو يتمتع بأية صفة نيابية. ‏

‏2-‏    أن الأرض الخاصة بزوجته قامت بحجزها فى 14/10/1998 واستلمتها فى ‏‏1/2/2003 وذلك قبل أن ‏يكون للمدعى بالحق المدنى أية صفة نيابية. ‏
‏(مقدم بملف الدعوى أصل شهادة صادرة من جهاز تنمية مدينة 6 أكتوبر ثابت بها جميع ‏هذه التواريخ وكذلك ‏صورة طبق الاصل من قرار التخصيص).‏

‏- ومن ذلك يتضح أن النقد الذى وجه الى المدعى بالحق المدنى بشأن الأرض التى حصل ‏عليها لزوجته كانت ‏جميعها وقائع سابقة على انتخابه عضواً بمجلس الشعب واكتسابة ‏الصفة النيابية وبالتالى لا ينعقد الاختصاص الى ‏محكمة الجنايات بل الى محكمة الجنح. ‏

‏- ولما كان من المستقر عليه فى أحكام النقض بأن (القواعد المتعلقة بالاختصاص فى ‏المسائل الجنائية كلها من ‏النظام العام بالنظر الى ان الشارع فى تقديره لها قد أقام ذلك على ‏اعتبارات عامة تتعلق بحس سير العدالة. ‏

(نقض 16 نوفمبر سنة 1989 – مجموعة الأحكام س 4 رقم 159 ص 953)‏
 

-  واتفق الفقه ايضاً.‏
‏(ويلاحظ ان قضاء المحكمة فى موضوع الدعوى ينطوى ضمناً ولزوماً على قضاء ‏باختصاصها بنظر الدعوى ‏ولهذا يجوز الطعن على الحكم الصادر فى الموضوع بأنه جاء ‏مشوباً بالخطأ فى القانون فيما يتعلق بقواعد ‏الاختصاص ويجوز لمحكمة النقض طبقاً للمادة ‏‏35 من قانون وحالات واجراءات الطعن بالنقض أن تنقض ‏الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء ‏نفسها اذا تبين لها مما هو ثابت فيه أن المحكمة قد قضت خطأ باختصاصها بنظر ‏الدعوى) ‏

(أحمد فتحى سرور – النقض الجنائى ص 202).‏
 

‏- من كل ذلك يتضح أن المحكمة لم تفحص اوراق ومستندات الدعوى فحصاً دقيقاً الماماً به ‏على وجه يؤكد أنها ‏قامت بوظيفتها على الوجه الصحيح وهى الالمام الكافى بوقائع الدعوى ‏وكافة مستنداتها من عدمه. ‏


‏- ودليلنا على ذلك أنه لم يطلع على أصل الشهادات الصادرة من جهاز مدينة 6 أكتوبر ‏والتى كانت ستؤكد أن ‏واقعة حجز الأرض واستلامها بالمخالفة للقانون كانت قبل اكتساب ‏المدعى بالحق المدنى لصفته النيابية. ‏

‏- ودليل أخر على عدم المام المحكمة بالمستندات انها ذكرت ان المقدم بالحافظة الرابعة  ‏هو صورة من اقرار ‏الذمة المالية للمدعى بالحق المدنى على الرغم من ان المقدم هو ‏صورة طبق الأصل وقد تم استخراجها بناء على ‏تصريح المحكمة.‏

‏ ونفس الشأن بالنسبة للحافظة الثانية عشر المقدمة من الطاعن حيث ذكر أن المقدم هو ‏صورة من كتاب جهاز ‏مدينة 6 أكتوبر الى زوجة المدعى بالحق المدنى على الرغم من أن ‏المقدم هو صورة طبق الأصل من خطاب ‏التخصيص لهذه الأرض بالاضافة لخطاب ‏التخصيص وكان ايضا بناءا على تصريح من المحكمة الامر الذي ‏يؤكد بأن المحكمة لم تطلع ‏على هذه المستندات ، ‏
‏- والثابت بكافة هذه المستندات سواء اقرار الذمة المالية أو قرار التخصيص أن هذه ‏الأرض والمنشآت التى تمت ‏عليها جميعها كانت قبل اكتساب المدعى بالحق المدنى لصفته ‏النيابية.‏

‏ وجميع هذه المستندات تؤيد صحة الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحالتها ‏الى محكمة الجنح.‏
‏ وبالتالى فان التفات المحكمة عن فحص هذه المستندات ودلالتها لصحة الدفع يعد ايضاً ‏قصور فى التسبيب ‏واخلالاً بحق الدفاع بالاضافة الى مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه مما ‏يوجب نقض هذا الحكم. ‏

السبب السادس : الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور فى ‏التسبيب والتناقض والتخاذل فى ‏الأسباب :‏
‏- حيث أن قانون الاجراءات الجنائية اشترط فى المادة الثالثة منه على وجوب أن يتم ‏تحريك الشكوى بواسطة ‏المجنى عليه أو وكيله الخاص وكان الهدف من ذلك هو أن تكون ‏هذه الشكوى معبرة عن ارادة المجنى عليه فى ‏تحريكها بارادة خاصة لاحقة على الفعل ‏وسابقة على تقديم الشكوى. ‏

‏- ولما كانت الدعوى المباشرة تعد بمثابة الشكوى وبالتالى يجب ان تتوافر فيها كافة ‏الشروط المتطلبة فى الشكوى ‏ومنها ان يتم تحريكها بموجب وكالة خاصة لاحقة على الفعل ‏وسابقة على تحركاتها والا تكون الدعوى غير ‏مقبولة. ‏
‏- وقد استقر الفقه على ان ضرورة وجود توكيل خاص لاحق على الفعل وسابق على ‏تحريك الشكوى هو شرط ‏أساسى لقبولها ومن ذلك :‏

‏(الشكوى التى تتطلبها المادة 3 اجراءات يجب أن تصدر من المجنى عليه اما بنفسه أو إما ‏بواسطة وكيل عنه ‏على ان يكون التوكيل خاصاً ، وصريحاً وصارداً عن واقعة معينة سابقة ‏على صدوره أى ينبغى ان يكون ‏التوكيل لاحقاً للواقعة المشكو عنها اياً كان نوعه ، وهذا ‏شرط من النظام العام لأن شروط تحريك الدعوى  ‏الجنائية كلها من النظام العام). ‏

(الدكتور رؤوف عبيد – مبادئ الاجراءات الجنائية طبعة 1983 ص 72).‏
 

‏(يشترط فى التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً – المادة الثالثة من قانون الاجراءات ‏الجنائية- أى ان تحدد فيه ‏الواقعة التى تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى ، ويرتبط بذلك ‏أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة ويترتب ‏على ذلك أنه لا محل فى الشكوى لتوكيل عام ، ‏ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب فى المستقبل ذلك أن ‏الحق فى الشكوى يفترض ‏تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملائمة الشكوى)‏

(الدكتور محمود نجيب حسنى – شرح قانون الاجراءات الجنائية طبعة 1988 ص 124). ‏
 

‏(الحق فى الشكوى هو حق شخصى يتعلق بالمجنى عليه ، وقد رتب القانون على ذلك ‏نتيجتين ، الأولى : أن هذا ‏الجق ينقضى بموت المجنى عليه .. والأمر الثانى المترتب على ‏على اعتبار الشكوى حق شخصى متعلق ‏بشخص المجنى عليه دون غيره ، أنه يجب أن ‏يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص (م3 اجراءات) ومفاد هذا ‏ان التوكيل العام لا يجدى ‏فى التقدم بالشكوى ، فيلزم أن يكون التوكيل خاصاً فقط بالتقدم بالشكوى لكى تقبل تلك ‏‏الأخيرة من الوكيل). ‏

(الدكتور مأمون سلامة – قانون الاجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض طعن ‏‏19 ص 76). ‏

‏(الشكوى حق للمجنى عليه وحده ، وله أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص بشأن ‏الجريمة موضوع ‏الشكوى فلا يكفى لذلك مجرد الوكالة العامة). ‏

(الدكتور أحمد فتحى سرور – الوسيط فى قانون الاجراءات الجنائية – طبعة ‏‏1980 ص 647). ‏
 

‏- ومن ذلك يتضح أن المشرع قد اتفق مع الفقه في ضرورة  تطلب ارادة خاصة فى تحريك ‏الشكوى نظراً ‏لخصوصية هذه الجرائم.‏
‏ وبالتالى يجب أن يتوافر فى الاجراء الخاص بتحريك الدعوى الجنائية ما يفيد وجود هذه ‏الارادة وبالتالي يجب ‏في الشكوي سواء تم التقدم بها للنيابة العامة او عن طريق الادعاء ‏المباشر ان تكون اما بشخص المجني عليه او ‏عن طريق وكيله الخاص ولا تكفي فيها ‏الوكالة العامه.‏


‏ وبالتالى فان ما يثار بأن هذا القيد هو على النيابة العامة فقط وأنه يحق للوكيل العام اقامة ‏دعوى مباشرة فى ‏جرائم الشكوى فانه يكون مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة ‏العامة من اتخاذ اجراءات التحقيق إلا بناء ‏على شكوى من المجنى عليه أو وكيل الخاص ‏‏(وهى صاحبة الاختصاص الأصيل) فإن هذا المنع ايضاً يسرى ‏على الدعوى المباشرة ‏‏(الاستثناء على الأصل). ‏

‏- وذلك لكون النيابة العامة هى صاحبة الحق الأصيل فى اقامة الدعوى الجنائية وأن ‏الادعاء المباشر هو استثناء ‏على هذا الحق الأصيل وبالتالى يجب عند تطبيقه أن يكون فى ‏أضيق نطاق ولا يتم التوسع فيه على حساب ‏الأصل . ‏

‏- وبذلك اذا جاء نص وقيد الحق الأصيل للنيابة فى تحريك الدعوى الجنائية الا بناء على ‏شكوى من المجنى عليه ‏أو وكيله الخاص بالتالى ينسحب هذا القيد على الاستثناء وهو ‏الادعاء المباشر. ‏

‏- وبالتالى تكون المحكمة قد أخطأت فى تطبيق القانون برفض الدفع المبدى من دفاع ‏الطاعن.‏

‏ ولما كان من المستقر عليه أنه يتعين وقبل النظر فى موضوع الدعوى أن تستوفى ‏المحكمة مسألة الشكل وهى أن ‏يخضع لقواعد القانون ولذلك فان الخطأ فى هذه القواعد يعد ‏خطأ فى القانون لتعلق الدفع بعدم القبول بالنظام العام. ‏‏

‏- بالاضافة أن هناك تناقض وتخاذل فى الأسباب حيث أن المحكمة قررت في اسباب حكمها  ‏ص 10 أن الادعاء ‏المباشر هو بمثابة شكوى ثم جاءت ص 11 وقررت أن الإدعاء ‏المباشر لا تنسحب عليه أحكام الشكوى. ‏

‏- لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى ‏البيان والقصور فى ‏التسبيب والتناقض والتخاذل فى الأسباب. ‏

السبب السابع :‏    ‏ مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والقصور فى ‏التسبيب والفساد فى الاستدلال: ‏

‏- ذلك لكون المحكمة ملزمة قبل النظر فى موضوع الدعوى ان تستوفى مسألة الشكل وتبت ‏فيها لتعلقها بقواعد ‏القانون وأن الخطأ فى هذه القواعد يعد خطأ فى تطبيق القانون وبصفة ‏خاصة الدفع بعدم قبول الدعوى لتعلقه ‏بالنظام العام لمساسه بشرط جوهرى من شروط ‏تحريك الدعوى. ‏

‏- وقد دفع وكيل الطاعن بعدم قبول الدعويين  الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى ‏رسمه القانون لعدم ‏وجود نص قانونى يجيز للمدعى بالحق المدنى اقامة دعواه مباشرة امام ‏محاكم الجنايات وأن نصوص قانون ‏الاجراءات الجنائية تحدثت فقط عن تكليف المتهم ‏مباشرة بالحضور من المدعى بالحق المدنى أمام محاكم الجنح ‏والمخالفات فقط - مادة ‏‏232 اجراءات - ولم تنص عليها فى الجنح بصفة عامة بل ان النص كان واضحاً فى ‏‏أحقية اقامة الدعوى المباشرة أمام محاكم الجنح والمخالفات فقط وبالتالى يتضح عدم وجود ‏نص قانونى يبيح اقامة ‏الدعوى مباشرة امام محاكم الجنايات. ‏

- وطبقاً لنص المادة (1) من قانون الاجراءات الجنائية التى اختصت النيابة العامة فقط ‏برفع الدعوى الجنائية ‏وجعلت الاستثناء وهو اقامتها مباشرة يجب ان يكون بناء على نص ‏قانونى حيث نصت : "تختص النيابة العامة ‏دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ‏ولا ترفع من غيرها الا فى الأحوال المبينة فى القانون". ‏

- والمادة (3) نصت على تقديم الشكوى الى النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى ‏كما ان المادتين 156 ‏، 214/1 تحدثتا عن أن لقاضى التحقيق او النيابة العامة  أن يحيلا ‏الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها ‏عن طريق النشر- عدا الجنح المقررة بأفراد ‏الناس الى محكمة الجنايات.‏

‏- وباستقراء جميع هذه النصوص نجد أن القانون قد أعطى الحق للنيابة العامة فى تحريك ‏الدعوى الجنائية كحق ‏أصيل لها ونص على ان الاستثناء وهو : "الادعاء المباشر من ‏المجنى عليه) يجب أن يكون بناء على نص ‏قانونى.‏
‏ وحيث أن قانون الاجراءات الجنائية قد خلا من أى نص يفيد حق المجنى عليه فى الادعاء ‏المباشر أمام محكمة ‏الجنايات .‏
‏ وبالتالى تكون الدعوى المباشرة قد أقيمت على غير سند من القانون وبالتالى قد أقيمت ‏بغير الطريق الذى رسمه ‏القانون وكون المحكمة تباشرها على الرغم من ذلك تكون قد ‏أخطأت فى تطبيق القانون. ‏
‏- كما ان رد المحكمة على هذا الدفع ص10 من الحكم يؤكد عدم المام المحكمة بالقواعد ‏القانونية.‏

‏ حيث أسست رفضها للدفع على سند من القول أنه من حق المدعى بالحقوق المدنية اقامة ‏الدعوى مباشرة قبل ‏المتهم امام محكمة الموضوع ، وهذا منها يعد مخالفة لنصوص قانون ‏الاجراءات الجنائية وسوء تفسير لنصوص ‏قانون الاجراءات الجنائية سالفة الذكر الأمر ‏الذى يوصم الحكم بالاضافة للخطأ فى تطبيق القانون الى الخطأ فى ‏تأويله وتفسيره ‏والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يبطله بطلاناً يستوجب نقضه. ‏

السبب الثامن    ‏ : الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والخطأ فى الاسناد: ‏
‏- ذلك أن المحكمة قد طرحت دفاع الطاعن بانعدام الجريمة بركنيها المادى والمعنوى لتوافر ‏أركان وشروط النقد ‏المباح تحت زعم(أنه لجأ الى النشر للعبارات التى تمثل تشهير وتجريح ‏للمجنى عليه شفاءاً لغيظ نفسه منه ‏وللضغينة القائمة بينهما بسبب اعتقاده أنه وراء حملة ‏التشهير التى تعرض لها فى جريدة القاهرة اليوم ومن ثم ‏يكون قد خرج بعباراته عن حد ‏النقد المباح الى حد الطعن والتجريح) وتأسيساً على ذلك قضت بادانة المتهم ‏والتفتت عن ‏بحث صحة المستندات وكذلك عن توافر شروط النقد المباح. ‏

‏- ومن ذلك يتضح أن المحكمة قد استدلت على سوء نية الطاعن وبالتالى قامت بتوقيع ‏العقوبة عليه استناداً الى ‏واقعة غير مطروحة فى أوراق الدعوى.‏

‏ بل ان المدعى بالحق المدنى ذاته لم يطرح هذا الاستنتاج لسوء نية الطاعن فى الدعوى.‏

‏ ولا نعلم من أين أتت المحكمة بهذا الاستنتاج وبصفة خاصة ان المدعى بالحق المدنى لم ‏يذكر أى شيء عن هذه ‏الواقعة بل فى تدليله على سوء نية الطاعن فى المذكرة المقدمة منه ‏بجلسة 13/1/2009 ص4 ذكر أن الخلاف ‏بسبب رجل الأعمال نجيب ساويرس وانهاء ‏عمل الطاعن بجريدة الأسبوع (وعلى الرغم من عدم صحة ما ذكر) ‏الا انه يتضح من ذلك ‏أن المدعى بالحق المدنى لم يذكر واقعة جريدة القاهرة اليوم في اوراق الدعوي. ‏

‏- ومن ذلك تكون المحكمة قد بنت حكمها واستدلت على أسباب الادانة من خارج الوقائع ‏والمستندات المطروحة ‏امامها.‏
‏- ولما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض ان تقدير الأدلة من اختصاص محكمة ‏الموضوع وهى حرة فى ‏تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها لها. ‏

‏- غير أن ذلك مشروط بان يدلل على صحة عقديته فى أسباب حكمه بأدلة تؤدى الى ما ‏رتب عليها لا يشوبها ‏خطأ فى الاستدلال أو تناقض أو تخاذل.‏

وقد قضت محكمة النقض
‏ (ومن المقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة بالادانة يجب ان تبنى على الجزم واليقين وعلى ‏الواقع الذى يثبت ‏بالدليل المعتبرة ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض ‏والاعتبارات المجردة). ‏

(نقض 2 ديسمبر سنة 1983 س 24 رقم 228 ص 1112).‏

وقضت ايضاً

‏ (فإذا كان الدليل الذى ساقه الحكم وعول عليه فى ادانته للمتهم دليلاً ظنياً مبنياً على مجرد ‏الاحتمال ، فإن الحكم ‏يكون معيباً). ‏

‏(17 مارس سنة 1958 س 9 رقم 81 ص 294).‏
 

كما ان المحكمة لم توضح ما هى الأسباب والأدلة التى بنت عليها هذا الاقتناع بوجود ‏ضغينة فى نفس المتهم ‏نتيجة اعتقاده أن المدعى بالحق المدنى وراء حملة التشهير التى ‏تعرض لها فى جريدة القاهرة اليوم فكان لزاماً ‏على المحكمة ان توضح ما هى الأدلة التى ‏كانت أمامها وبناء عليها تكون هذا الاعتقاد لديها حتى تستطيع محكمة ‏النقض مراقبة صحة ‏الأسباب .‏


حيث انه يشترط فى صحة الأسباب أن يكون التدليل واضح أى أن تكون الأسباب التى استند ‏اليها القاضى فى ‏حكمه كافية ليستقيم منطوق الحكم معها ولكى يكون التدليل واضحاً ينبغى ‏أن يذكر بالحكم مؤدى الأدلة التى استند ‏اليها دون غموض أو ابهام.‏

وقد قضت محكمة النقض : ‏
‏(على وجوب بيان مؤدى الأدلة فى الحكم بياناً كافياً، فلا تكفى مجرد الاشارة العابرة اليها أو ‏ايراده بطريقة ‏الايجاز المخل). ‏

(نقض 8 مارس 1979 مجموعة أحكام محكمة النقض س 30 رقم 65 ص 317). ‏

وقضت أيضاً: ‏
‏(بل يجب سرد مضمونه بطريقة وافية ، يبين منها مدى تأييده الوقائع كما اقتنعت بها ‏المحكمة ، ومبلغ اتفاقة مع ‏باقى الأدلة التى أقرها الحكم ، والا كان ذلك قصوراً فيه). ‏

(نقض 11 فبراير سنة 1973 س 24 رقم 38 ص 173)‏
 

‏(لما كان ذلك وكان الأصل أنه يجب على المحكمة الا ينبنى حكمها الا على أسس صحيحة ‏من اوراق الدعوى ‏وعناصرها وأن يكون دليلها فيما انتهت اليه قائماً فى تلك الأوراق واذا ‏أقام الحكم قضاءه على ما لا أصل له فى ‏التحقيقات فانه يكون باطلاً لابتنائه على أساس ‏فاسد ولا يغنى عن ذلك ما ذكره من أدلة أخرى). ‏

(الطعن 46450 لسنة 59ق جلسة 8 يناير 1991). ‏
 

‏ و لا جدال فى سلطة المحكمة فى تقدير الواقعة ولكن ممارسة هذه السلطة لا يمكن أن ‏يخرج عن العقل والمنطق ‏، والا أصبحت ضرباً من ضروب التحكم الذى يتنافى مع وظيفة ‏القضاء واذا كانت المحكمة حرة فى اقتناعها ‏وغير ملزمة بيان علة اقتناعها ، فانها مقيدة ‏بأن يكون هذا الاقتناع وليد المنطق ، وأن تبين فى أسباب حكمها نما ‏يشير الى توافر هذا ‏المنطق. ‏


لهذه الأسباب فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ‏والخطأ فى الاسناد.‏

‏ ‏
السبب التاسع : الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال: ‏
‏- ذلك أن الدستور نص فى المادة 151 على (رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها ‏مجلس الشعب مشفوعة ‏بما يناسب من البيان ويكون لها قوة القانون بعد ابرامها والتصديق ‏عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة...). ‏


‏- ومن ذلك يتضح أن الدستور اعطى للمعاهدة الدولية التى تصادق عليها جمهورية مصر ‏العربية وتقوم بنشرها ‏فى الجريدة الرسمية ذات قوة القوات من الداخلية ويتم تطبيقها أمام ‏القضاء باعتبارها نصوصاً قانونية داخلية ‏واجبة التطبيق .‏
‏- ولما كان دفاع الطاعن قد أثار دفعاً بانعدام نصوص المواد محل الاتهام لمخالفتها لنص ‏المادة 19 من العهد ‏الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية . ‏

‏- وهذا العهد قد صادقت عليه مصر بموجب القرار الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 وتم ‏نشره فى الجريدة ‏الرسمية بالعدد الصادر منها بتاريخ 15/4/1982م. ‏

‏- وقد قدم مذكرة شارحة لهذا الدفع وأثبت فيها رقم القرار وتاريخ النشر بالجريدة الرسمية ‏الا ان المحكمة رفضت ‏هذا الدفع تحت زعم (أنه يعوزه السند القانونى السليم تحت زعم أن ‏المعاهدة الدولية لا تعتبر جزءاً من القانون ‏الداخلى الا اذا اتخذت حيالها الاجراءات ‏التشريعية اللازمة لنفاذها داخل الدولة) وانتهت الى الالتفات عن هذا ‏الدفع. ‏

‏- وهذا يؤكد أن المحكمة قد أخطأت فى تطبيق القانون لكون هذه المعاهدة اتخذ حيالها كافة ‏الاجراءات القانونية ‏التى تجعل منها تشريعاً وطنياً وبالتالى فان رفضها للدفع بأنها لم تتخذ ‏حيالها الاجراءات اللازمة لنفاذها داخل ‏الدولة يعد منها رداً غير مستساغ ومخالفة القانون ‏والخطأ فى تطبيقه بالاضافة للقصور فى التسبيب والفساد فى ‏الاستدلال والاخلال بحق ‏الدفاع. ‏

السبب العاشر    ‏ : القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع: ‏
‏- ذلك أن دفاع الطاعن قد تمسك بالدفع بعدم دستورية المواد 302/2 ، 306 ، 307 من ‏قانون العقوبات ‏لمخالفتها لنصوص المواد 48 ، 62 ، 64 ، 206 ، 207 ، 208 من ‏الدستور المصرى ولغلو المشرع فى ‏العقوبات المفروضة وعدم تناسبها مع الفعل المجرم ‏ويمثل انتهاكاً للحق في المساهمة في الحياة العامة ومبدأ ‏خضوع الدعوة للقانون وسلطة ‏الصحافة.‏

‏ وقد أثبتت ذلك المحكمة ص 8 من اسباب من الحكم الا انها فى الرد على هذا الدفع ص10 ‏رفضت هذا الدفع ‏واعتبرته أقوال مرسلة ومهاترات لفظية بزعم أن الطاعن طعن عليهم ‏بسبب أن هذه المواد نقلت عبء الاثبات ‏وخالفت مبدأ قرينة البراءة المفترضة فى كل انسان ‏واهدار مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين. ‏

‏- ومن ذلك يتضح أن المحكمة لم ترد على الأسباب التى ساقها الطاعن فى هذا الدفع ولكن ‏ردت على أسباب ‏مغايرة لم يدفع بها الطاعن فى هذه المواد وهذا يعيب الحكم بالبطلان ‏للقصور فى التسبيب مما يوجب نقضه. ‏

وقد قضت محكمة النقض :‏

‏ "اذا كان الحكم بعد ان استعرض الأدلة والقرائن التى يتمسك بها الخصم تأييداً لدفاعه فد رد ‏عليها رداً منبئاً بعدم ‏درس الأوراق المقدمة لتأييد الدفاع فانه لا يكون مسبباً التسبيب الذى ‏يتطلبه القانون ويكون باطلاً متعيناً نقضه". ‏

(جلسة 10/12/1943 طعن رقم 39 س 12 قاعدة ص 552 – مجموعة أحكام ‏النقض فى 25 عام).‏
 

وقضت ايضاً :‏
‏ "حيث أنه ولئن كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة ‏الا انه يتعين عليها ان ‏تورد فى حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها ‏على وجه يفصح عن أنها فطنت اليها ‏ووازنت بينها...... فإنه يكون مشوباً بالقصور بما ‏يبطله ويوجب نقضه".‏

(مجموعة أحكام محكمة النقض س 36 ق  34 ص 762).‏
 
‏- لهذه الاسباب فان الطاعن ينعي على هذا الحكم  بالقصور فى التسبيب والاخلال بحق ‏الدفاع وهو ما يستوجب ‏نقضه.

السبب الحادي عشر : القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع: ‏
لما كان من المستقر عليه فى قضاء النقض : ‏
‏(ان تحرى الألفاظ للمعنى الذى استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين فى القانون ‏‏(سباً أو قذفاً) هو من ‏التكييف القانونى الذى يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة ‏التى تهيمن على الاستخلاص المنطقى الذى ‏يتأدى اليه الحكم فى مقدماته المسلمة وعلى ‏ذلك استقر قضاء هذه المحكمة على ان لمحكمة النقض فى جرائم ‏النشر تقدير مرامى ‏العبارات التى يحاكم عليها الناشر لأنه وان عد ذلك فى الجرائم الأخرى تدخلاً فى الموضوع ‏‏الا انه فى جرائم النشر وما شابهها يأتى تدخل محكمة النقض من ناحية أن لها بمقتضى ‏القانون تعديل الخطأ فى ‏التطبيق على الواقعة بحسب ما هي مبينة فى الحكم ، ومادامت ‏العبارات المنشورة هى بعينها الواقعة الثابتة فى ‏الحكم صح لمحكمة النقض فى تقدير ‏علاقتها بالقانون من حيث توفر ما يستوجب التعويض من عدمه ، وذلك لا ‏يكون الا بتبين ‏مناحيها واستظهار مراميها لانزال حكم القانون على وجهه الصحيح). ‏

(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).‏
‏(الطعن 2990 لسنة 64 ق جلسة 6/3/2003).‏

‏ ‏
وقضت ايضاً: ‏
‏(إن كان المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ القذف وبما يطمئن اليه قاضى الموضوع فى ‏تحصيله لفهم الواقع فى ‏الدعوى ، الا ان حد ذلك ألا يخطئ فى تطبيق القانون على الواقعة ‏كما صار اثباتها فى الحكم أو بمسخ دلالة ‏الألفاظ بما يحيلها عن معناها). ‏

(الطعن رقم 9194 لسنة 71ق جلسة 28/10/2001).‏
 

وبمطالعة ذلك فى الحكم المطعون فيه نجد أن المحكمة قد اجتزأت بعضاً من الألفاظ ‏والعبارات التى وردت ‏بمقالات المتهم التى تناول فيها بالنقد تصرفات المدعى بالحق المدنى ‏وعزلتها عن السياق  العام الذى وردت فيها ‏واتخذت من حدتها وحدها دليلاً على توافر ‏القصد الجنائى لدى المتهم واركان الجريمة فى حقه.‏


‏ وبالتالى تكون المحكمة قد مسخت دلالة العبارات والألفاظ الواردة بالمقالات من سياقها ‏حتى تستدل على معنى ‏لم يدر بخلد الطاعن وصولاً الى القول بسوء نيته فيما كتبه مما ‏يصيب حكمه بالقصور في التسبيب. ‏

ذلك لأنه ينبغى على القاضى فى جرائم القذف والسب ألا يعتمد على عبارات تؤخذ على حده ‏بل يجب تقدير ‏المقالة ككل حيث أن المبالغة وحدها لا تجعل النقد غير نزيه خصوصاً اذا كان ‏المجنى عليه من الشخصيات ‏العامة التى تهم أعمالهم وتصرفاتهم الجمهور. ‏
وينعى الطاعن على المحكمة فى هذا الخصوص أمرين.‏
الامر الاول : أن قضاء محكمة النقض قد تواتر على أنه فى جرائم النشر يتعين لبحث ‏وجود جريمة فيها أو عدم ‏وجودها تقدير مرامى العبارات التى يحاكم عليها الناشر وتبين ‏مناحيها فاذا احتوى المقال على عبارات يكون ‏الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة ‏وأخرى يكون القصد منها التشهير ، فللمحكمة فى هذه الحالة أن توازن ‏بين القصدين ‏وتقدير أيهما كانت له الغلبة فى نفس الناشر.‏

(نقض 22/10/1993 مجموعة السنة 44 ص 863).‏
‏(نقض 2/11/1965 مجموعة السنة 11 ص 787).‏
 

الأمر الثانى الذى ينعاه المتهم على المحكمة هو انها قد خالفت ما أجمع عليه الفقه والقضاء ‏من أن النقد الذى يوجه ‏الى أعمال وتصرفات السياسيين والشخصيات العامة (أى الذين ‏يتصدون للخدمة العامة) ينبغى أن يواجه بقسط ‏وافر من المرونة والتسامح الذى تطلبه ‏المصلحة العامة. ‏


وفى هذا المعنى يقول الأستاذ / محمد عبدالله فى كتابه جرائم النشر ص 314 : أن حق ‏النقد حين يرد على ‏موضوع قابل له يكون واسع الحدود فالنقد يبقى نقداً ويظل على براءته ‏ولو كان خاطئاً ولو حصل بعنف وحدة ‏وينبغى ألا يعتمد القاضى على عبارات تؤخذ على ‏حده، بل يجب نقد المقالة ككل ، فاذا كان بها انحراف عن ‏الصدق كان النقد غير نزيهاً أما ‏اذا لم يوجد هذا الانحراف أو كان ضئيلاً وفى حدود ميزان المناقشة النزيهة ‏واختلاف النظر ‏كان النقد مباحاً. ‏

- وقضت محكمة النقض فى 13/4/1948 بأنه :‏
‏ (لاينغى ألا تؤخذ العبارات الشديدة التى تستخدم فى المساجلات الحزبية بين الخصوم السياسيين ‏بمعانيها اللفظية ‏، وأنه ينبغى فى فسير المقالات التى تنطوى عليها أن تؤخذ جملة ، لا أن تفسر ‏كل عبارة على حده). ‏

ومن ذلك يتضح أن الحكم قد أخطأ بقيامها باجتزاء العبارات التى بنت المحكمة عقيدتها بالادانة ‏عليها من السياق ‏العام للموضوع محل النقد ولم تلتفت الى المستندات التى قدمها دفاع الطاعن ‏والتى تؤكد وتدلل على صحة الوقائع ‏التى كان يعلق عليها الطاعن كما انها لم تلتفت أو ترد على ‏الدفوع المبداه منه بمحضر الجلسة ومذكراته ‏والخاصة بالدفع بمشروعية ما تم نشره استنادا ‏للإباحة المنصوص عليها في المادة 60 من قانون العقوبات  ‏وتوافر أركان وشروط النقد المباح ‏مما ينعدم معه الجريمة بركنيها المادى والمعنوى. ‏

واكتفت بقسوة العبارات التى اجتزأتها كدليل لثبوت التهمة فى حق الطاعن كل ذلك يصيب ‏الحكم بالبطلان ‏للقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه. ‏

السبب الثاني عشر : القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع لالتفات المحكمة ‏عن بحث احد الدفوع الجوهرية ‏والرد عليها
حيث ان وكيل الطاعن قد تمسك امام المحكمة بتوافر اركان وشروط النقض المباح في ‏المقالات وان ما قام ‏بالتعليق عليه والعبارات التي صدرت منه كانت وصفا وتعليقا لوقائع ‏حقيقية وقدم المستندات الدالة على ذلك الا ‏ان المحكمة التفتت عن تحيقي هذا الدفاع او ‏فحص المستندات المقدمه منه وهذا منها يعد اخلالا بحق الدفاع ‏وقصورا في التسبيب يصيب ‏الحكم بالبطلان مما يستوجب نقضه.‏

وقد قضت محكمة النقض ‏
‏( وكان يبين م الحكم المطعون فيه. انه التفت عن دفاع الطاعنين من ان العبارات الواردة ‏في البيان محل الدعوي ‏قد اشتملت على وصف وقد حدثت من المدعي بالحقوق المدنيه ‏وهي بهذه المثابة نقد مباح , وليس قذفاً , وهو ‏دفاع جوهري لم يعن الحكم ببحثه ‏وتمحيصه من هذه الناحية على ضوؤ ما قدمه الطاعنون من مستندات, واغفل ‏ايضا بيان ‏مضمونها استظهاراً بمدي تأييدها لدفاعهم , وحتي يتضح وجه استخلاصه ان عبارات البيان ‏محل ‏الاتهام لا تدخل في نطاق النقد المباح) فان الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا ‏يعجز محكمة النقض عن ‏مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوي مما يعيبه بما ‏يوجب نقضه والاعادة)‏

(نقض 17/1/1972 احكام النقض س 23 رقم 23 ص 86)‏

لذلك فان الطاعن ينعي علي الحكم بالقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع.‏

في اسباب طلب وقف التنفيذ ‏

لما كان تنفيذ الحكم المطعون فيه يترتب عليه اضرار يتعذر تداركها وتمثل خطرا كبيرا على ‏الطاعن وهي ‏الغرامة المالية الباهظة المقضي بها في هذا الحكم والتي قد يؤدي تنفيذها الى ‏افلاس الجريدة وغلقها وعدم قدرتها ‏على الصدور مره اخري.‏

بالاضافة الى ان الحكم قد صدر به مخالفة للقانون وعوار كبير مما يستوجب نقضه لذلك ‏فان اسباب وقف تنفيذ ‏هذا الحكم تكون متوفره لذلك يلتمس الطاعن سرعة تحديد جلسة ‏لنظر هذا الطلب لحسن الفصل في موضوع ‏الطعن ‏

لـــذلك

يلتمس الطاعن القضاء  ‏
اولاً:-  قبول الطعن شكلاً . ‏
ثانيا:- وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها في الحكم المطعون فيه لحين ‏الفصل فى موضوع هذا ‏الطعن .‏
ثالثاً:- وفى الموضوع : بنقض الحكم المطعون فيه واعادة الدعوى الى محكمة ‏جنايات الجيزة مرة ثانية لنظرها ‏أمام دائرة أخرى. ‏

وكيل الطاعن

المحامى