مذكرة الاستاذ سمير الباجوري بأسباب الطعن بالنقض في الجنحة رقم 14132 لسنة 2008 جنح العمرانية ضد رئيس تحرير جريدة المؤجز .‏

محكمة النقض
الدائرة الجنائية
مذكـــرة

بأسباب الطعن بالنقض
المرفوع من الأستاذ / ياسر محمود عبد الباسط - وشهرته ياسر بركات.   (متهم)‏
ضـــــــــد

طعناً في الحكم الصادر بجلسة 8/6/2009‏‏1‏    النيابة العامة .‏    ‏2‏    السيد/ محمد مصطفي بكري وشهرته مصطفي بكري ‏    ‏        (المدعي ‏بالحق المدني).‏

من محكمة جنايات الجيزة الدائرة (13) جنايات الجيزة.‏
في الجنحة الصحفية رقم 14132 لسنة 2008 جنح العمرانية .‏
 

‏-‏    فيما قضي به في منطوقة (وبعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر حكمت ‏الحكمة حضورياً بمعاقبة ياسر محمود عبد الباسط الشهير بياسر بركات ‏بتغريمه عشرون ألف جنيه لما هو منسوب إليه وألزمته المصاريف الجنائية ‏وفي الدعوى ألمدنيه بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة وأرجأت الفصل ‏في مصروفاتها).‏
‏-‏    ولما كان هذا الحكم قد صدر معيبا باطلا فالطاعن يطعن عليه بطريق النقض .‏

الوقائــع

أقام المدعي بالحق المدني الدعوي بوصفه عضواً بمجلس الشعب ورئيس تحرير ‏جريدة الأسبوع بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن جنحة قذف وسب بطريق النشر ‏في حقه بوصفه صاحب صفة نيابية كونه عضواً بمجلس الشعب وكذلك رئيس تحرير ‏جريدة الأسبوع ومن كبار الكتاب والمحللين السياسيين  وذلك عما تم نشره بجريدة ‏الموجز بالعدد رقم 99 الصادر بتاريخ فبراير 2008 وقد ذكر في صحيفة دعواه أن ‏ذلك قد مثل قذفا وسبا في حقه على النحو التالي في الصفحة الأولي تحت عنوان ( ‏مستندات الأملاك الجديدة لبكري وزوجتة – المناضل الكبير يصمت على أهانة النبى ‏في قطر ويصرخ ضد الدنمارك ) وفي الصفحه الثانية عنوان ( ياسر بركات نواصل ‏كشف حقيقة المناضل الكبير ) وعنوان أخر ‏
‏( كشف حساب سريع للضربات الموجعة التي تلقاها المناضل الكبير ) واسفل العنوان ‏عناوين فرعية أخري ( ثروات زوجة مصطفي بكرى تمتلك مبنى ضخما بمدينة أكتوبر ‏قيمته عشرة ملايين جنيه – المناضل الكبير ينشر أعلانات تل أبيب في صحيفة ‏الأسبوع ) وانتهى في صحيفة دعواه إلي أن ما جاء داخل هذه الموضوعات الصحفية ‏يمثل قذفا وسبا في حقه وطلب في ختام صحيفة دعواه بمعاقبة الطاعن بالمواد 102 ‏مكرر ، 171 ، 185 ، 302 ، 306 ، 307 ، 308 من قانون العقوبات مع الزامه ‏بأن يؤدى له مبلغ مليون جنيه تعويضاً كاملاً عن الأضرار المادية والأدبية التى ‏أصابته مع تحميله المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبعد تداول الدعوى بالجلسات ‏اصدرت المحكمة حكمها السالف الذكر
والطاعن يطعن على هذا الحكم بالنقض للأسباب الآتية: ‏

أسباب الطعن

السبب الأول : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في ‏التسبيب والإخلال بحق الدفاع .‏
من المقرر في قضاء محكمة النقض أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية ‏كافة من النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تحديده لها قد أقام ذلك على اعتبارات ‏تتعلق بحسن سير العداله ويجوز الدفع بها لأول مره أمام محكمة النقض أو تقضى هي ‏بها من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر ‏المخالفة ثابتة في الحكم ) .‏

( الطعن رقم 1963 لسنة 67 ق – جلسة 18/3/2006 )‏

وذلك لكون اختصاص المحكمه بنظر الدعوى هو شرط من شروط صحة جميع ‏إجراءاتها على أنه إذا دفع صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة ثار نزاع إجرائى ‏حول مسألة الاختصاص والخطأ في هذا التطبيق يعد خطأ في القانون فإذا قضت ‏المحكمة خطأ باختصاصها بنظر الدعوى فإن حكمها يكون مشوبا بعيب الخطأ في ‏القانون بالإضافة إلي عيب البطلان الذى يصيب جميع الإجراءات التى قامت بها ‏المحكمة رغم عدم اختصاصها .‏
وقد قضت محكمة النقض .‏
‏( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلي ‏أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة).‏

( نقض 16 نوفمبر سنة 1989 – مجموعة الأحكام س 4 رقم 159 ص 98 ) ‏
 

وحيث أن دفاع الطاعن قد تمسك بمحاضر الجلسات وبمذكراته المقدمه أمام محكمة ‏الموضوع بالدفع بعدم الأختصاص لكون الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة باعمال ‏المدعى بالحق المدنى المتعلقة بصفته النيابة العامة وذلك أستنادآ إلي أن مفاد نص ‏المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائيه أنها وإن كانت قد جعلت ‏الأختصاص بنظر الجنح الصحفيه إذا و قعت على غير أحاد الناس ينعقد لمحكمة ‏الجنايات فشرط ذلك أن يكون النشر كان يخص تصرفات خاصة بصفتهم النيابة العامة ‏أما إذا تعلق النشر بوقائع غير متصله بصفتهم النيابة فإن الأختصاص ينعقد لمحكمة ‏الجنح .‏


وقد قضت محكمة النقض .‏
‏(ما دامت الوقائع الوارده في المقال الذى يساءل عنه المتهم بالقذف في حق المجني ‏عليه لا يتعلق أي منها بصفته نائبا أو وكيلا لمجلس النواب هي موجهة إليه بصفته فردا ‏من أفراد الناس فيكون الأختصاص بالنظر في الدعوى المرفوعة بها لمحكمة الجنح لا ‏لمحكمة الجنايات)‏

( نقض جلسة 17/5/1950 المكتب الفني س 1  ق 126 ص 667 ) ‏
 
ولما كان ما نشر بالعدد الصادر من جريدة الموجز  محل الدعوى كان عبارة عن الأتى :‏
المقال الأول : خاص بنقض تصرفات وأقوال ومواقف خاصة بالمدعى بالحق المدنى ‏في عمله بالصحافة وما يشيعه في الوسط الصحفي عن جريدة الموجز وكان عنوانه ( ‏مصطفى بكرى يواصل أفتراءاته علينا – أشتريت الموجز ورئيس تحريرها بـ 500 ‏ألف جنيه – كشف حساب سريع للضربات الموجعه التى تلقاها المناضل الكبير ) ، ‏والمقال الثانى بعنوان
‏ ( الأكاذيب الطويلة في مقال الأستاذ مصطفى بكرى وكان خاص بالرد على مقال كان ‏قد كتبه المدعى بالحق المدنى في جريدة الأسبوع والمقال الثالث بعنوان ( قطعتان ‏أرض جديدتان باسم زوجة مصطفى بكرى مساحة كل منهما 863 مترا ... وسعرهما ‏‏700 ألف جنية ) وكان خاص ببعض ممتلكات زوجة المدعى بالحق المدنى كانت قد ‏تملكتهما في عام 2001 أى قبل حصولة على عضوية مجلس الشعب عام 2005 .
 
‏والمقال الرابع بعنوان ( غرام الافاعى بين سعد الدين إبراهيم والشيخة موزه والأستاذ ‏مصطفى بكرى ) وكان خاص بعلاقة المدعى بالحق المدنى بزوجة أمير دولة قطر ‏وكتابة مقالات تدعمها في جريدة الأسبوع .. والمقال الختامى بعنوان ( من هو مندوب ‏الإعلانات يا استاذ بكرى ) وكان موضوع ردا على ما كتب في جريدة الأسبوع في ‏وصف الطاعن بأنه مندوبا للإعلانات .‏

والمقال السادس والمحرر من الصحفى باسم غازى كان بعنوان ( مصطفى بكرى ‏يصمت على إهانة النبى في قطر ويصرخ ضد الدنمارك ، وكان موضوعه نقدا له لعدم ‏قيام المدعى بالحق المدنى بنقد دولة قطر في صحيفته بعد أن أنتشرت فيها ملابس ‏تحمل عبارات تسىء للنبي على الرغم من أنه في ذات التوقيت يملاء صحيفته بالهجوم ‏على دولة الدنمارك لنشرها رسوما مسيئة للرسول كما أن هذا المقال محرر من ‏الصحفي باسم غازى وهو غير مختصم في الدعوى وليس للطاعن إية علاقه بهذا ‏المقال .   ‏

ومن ذلك يتضح أن جميع الوقائع محل النشر كانت تتصل بموضوعات أخرى لا تتعلق ‏بالعمل النيابى للمدعى بالحق المدنى وبذلك لا ينعقد الأختصاص لمحكمة الجنايات ولكن ‏يكون لمحكمة الجنح فكون الحكم الطعين قد قضى بالادانة ضد الطاعن وباختصاص ‏المحكمه بنظر الدعوى على الرغم من ذلك يكون قد خالف القانون وأخطا في تطبيقة ‏كما أن جميع العبارات التى استشهد بها الحكم جميعها كانت خاصة بتصرفات شخصية ‏ولم تمس الصفه النيابية للمدعى بالحق المدنى ولكن جميعها كان متعلق بنقض ارائه ‏وكتاباته في جريدة الأسبوع وكذلك ذكر املاك زوجته . .‏

كما أن المحكمة ردت على الدفع رد مجتزا وقاصرا حيث قررت ( هذا الدفع مردود ‏أيضا بما ورد على الدفع السلف ويقصد به أنه القانون قرت من المادة 216 إجراءات ‏أن تختص محكمة جنايات بنظر الدعوى التى تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق ‏النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس ) ‏

وبذلك يكون رد الحكم على هذا الدفع قد جاء معيبا وقاصرا في التسبيب مما يستوجب ‏نقضه لانه لم يعن ببحث وتمحيص هذا الدفع .‏

لذلك فأن الطاعن ينعى على هذا الحكم بمخالفة القانون والخطا في تطبيقة والقصور في ‏التسبيب والاخلال بحق الدفاع .‏

السبب الثانى :مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ‏والخطأ في الإسناد .‏

ذلك أن مفاد نص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائيه أنه لا يجوز للقاضى أن ‏يبنى حكمه على أى دليل لم يطرح أمامه في الدعوى فإن قضى في هذه الحاله يكون ‏حكمه منعدمآ ومصاب بعيب الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب .‏
وقد قضت محكمة النقض في ذلك ( فيتحقق خطأ الحكم في الإسناد إذن كلما إستند ‏الحكم الفاصل في الموضوع إلي دليل عول عليه في الإدانة – وكان له أثره في صدوره ‏على النحو الذى صدر عليه – وذلك على الرغم من خلو أوراق الدعوى بما يفيد ‏تواجده فيها ، فيجب دائما أن يكون للأدله مصدر ثابت في الأوراق وبالتالى مأخذ ثابت ‏منها ) .‏

( نقض 21/1/1982 مجموعة أحكام النقض السنة 33 ق 13 ص 72 )‏
‏( نقض 29/12/1988 مجموعة أحكام النقض في الطعن رقم 1427 سنة 58 ق ) ‏
 

والغرض من ذلك هو إعمال مبدا أن الأدله في المواد الجنائية ضمائم متساندة ، يشد ‏بعضها أزر بعض ، فإذا ما شاب أحدهما البطلان فإنه يؤثر في باقى الأدله وكذلك ‏لتأكيد مبدأ أن الأصل في الأنسان البراءه وبالتالى لا يجوز إثبات عكس ذلك في حقه إلا ‏بموجب دليل مشروع وثابت في الأوراق .‏


وحيث أن المدعى بالحق المدنى قد أقام دعواه بطريق الإدعاء المباشر يتهم الطاعن ‏بالقذف والسب في حقة في العدد رقم 99 من جريدة الموجز الصادر بتاريخ ‏‏19/2/2008 ولكنه لم يقدم أمام المحكمه أصل هذا العدد حتى يثبت صحة دعواه حيث ‏أنه بجلسة 12 أبريل 2008 قدم العدد الثامن والتسعون الصادر بتاريخ 12/2/2008 ‏وهو عدد مغاير للعدد محل الدعوى .. وبالتالى فإن الدعوى تكون خاليه من دليل ‏الإثبات الوحيد على صحة أقوال المدعى بالحق المدنى وكذلك خالية من أى دليل إدانه ‏في حق المتهم و ذلك لان جريمة القذف والسب بطريق النشر يجب حتى تتمكن ‏المحكمه من الفصل فيها أن تقوم بمطالعة العدد محل النشر وكذلك الألفاظ الوارده فيه ‏للتأكد من ورود هذه الألفاظ والأطلاع عليها داخل السياق العام التى كتبت فيه حتى تفهم ‏معانى ومغزى هذه الألفاظ كى يبني حكمها على اليقين .‏

وبالتالى يكون قضاء المحكمة بالإدانه ضد الطاعن قد تم على دليل ليس له أصل ‏بالأوراق مما يصيب الحكم بالخطأ في الإسناد ويترتب عليه البطلان .‏

وأساس ذلك هو مبدأ التزام الموضوع بالحياد في الدعوى المعروضة عليه يفرض عليه ‏أن لا يستند في قضائه إلا على الأدله التى عرضت عليه في مجلس القضاء ولها أصلها ‏الثابت في الأوراق أما إذ إستبان لمحكمة النقض أن محكمة الموضوع قد عولت بالفعل ‏في الحكم الذى أصدرته على دليل خلت الإوراق من أى وجود له وكان لهذا الدليل أثره ‏في الحكم الذى أنتهت إليه فإنها تبطل الحكم للخطا في الأسناد ‏

ولما كان الحكم المطعون فيه قد أستند في قضاؤه بالإدانه ضد الطاعن على الألفاظ ‏الوارده في العدد رقم 99 من جريدة الموجز الصادر بتاريخ 19/2/2009 وهذا العدد ‏لم يقدم بملف الدعوى فإن المحكمة تكون قد أسست حكمها على دليل غير موجود ‏بالأوراق الامر الذى يصيب الحكم الطعين بعيب الخطأ في الإسناد ومخالفة القانون ‏والخطا في تطبيقه والقصور في التسبيب .‏

السبب الثالث الأخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون لإغفال الرد على ‏دفوع جوهرية ‏
ولما كان الدفاع الجوهرى هو ذلك الدفاع الذى لو صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا ‏لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر بنفي الجريمة أو أمتناع العقاب أو تخفيفه أى أن ‏الدفاع يعتبر جوهرى إذا ما كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى المنظورة لذلك يكون ‏لزاما على المحكمة الرد عليه وبأسباب كافية وسائغه فاذا اغلفت الرد عليها كان ذلك ‏إخلالآ بحق الدفاع وإذا ردت عليه بأسباب غير كافية أو غير سائغه لكان حكمها مشوبأ ‏بالقصور في التسبيب . ‏

وبانزال ذلك على الحكم الطعين نجد أنه قد أغفل الرد على الدفوع المبداه من دفاع ‏الطاعن بعدم دستورية المواد محل الإتهام والمواد محل الاختصاص على النحو التالي :  ‏
وذلك حيث أن دفاع الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من ‏المادة 302 من قانون العقوبات وذلك لمخافتها لنصوص المواد 2 ، 41 ، 67 ، 79 ، ‏‏86 ، 165 عن الدستور المصري لمخالفتها لمبادىء الشريعة الأسلاميه واصل البراءة ‏والمحاكمة المنصفة وحق الدفاع والحرية الشخصية ومبدأ الفصل بين السلطات .‏

وكذلك دفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري ‏لمخالفتهم لنصوص المواد 48 ، 62 ، 64 ، 206 ، 207 ، 208 من الدستور وذلك ‏نظرأ لغلو المشرع في العقوبات المفروضة في هذه المواد وعدم تناسبها مع الأفعال ‏محل التجريم كما انها تمثل انتهاكا للحق في المساهمة في الحياه العالمة ومبدأ خضوع ‏الدولة للقانون وسلطة الصحافة ومبدأ التناسب بين الفعل والعقاب الذى اقرتة المحكمة ‏الدستورية العليا حيث قضت ( بأن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الأراء والتمكين ‏من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتداولها أو غير ذلك من ‏وسائل التعبير قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لا يتم الحوار المفتوح ألا في نطاقها ‏وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفأ ولا يترددون وجلا ولا ينصفون لغير الحق ‏طريقأ .‏

وأن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثرا في مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض ‏اوضاعها تبيانا لنواحى التقصير فيها وأنه لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها ‏سواء من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها – فالحقائق لا يجوز أخفائها – من ‏غير المعقول أن يكون النفاذ اليها ممكنأ في غيبة حرية التعبير )‏

( حكم المحكمة الدستورية العليا في 15/4/1995 القضية رقم 6 لسنة 15 ق د )‏

وقضت أيضا ‏
‏( ويتعين بالتالى أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل ‏التعبير وأدواته ، حقأ مكفولا لكل مواطن ..... ‏
ومن ثم كان منطقيأ ، بل وأمرا محكوما أن ينحاز الدستور إلي حرية النقاش والحوار ‏في كل أمر يتصل بالشئون العامة ، ولو تضمن انتقأدا حادأ للقائمين بالعمل العام . إذ لا ‏يجوز لاحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون ، ولان حوار القوة ‏أهدار لسلطان العقل ، ولحرية الأبداع والأمل والخيال ، وهو في كل حال يولد رغبة ‏تحول بين المواطن والتعبير عن اراؤه ، بما يعزز الرغبة في قمعها ، ويكرث عدوان ‏السلطة العامة المناوئه لها ، مما يههد في النهاية أمن الوطن وأستقراره )‏

( حكم المحكمة الدستورية العليا في 20/5/1990 القضية رقم 42 لسنة 16 ق د )‏
 

وكذلك دفع بعدم دستورية المواد 214/1 ، 55/2 ، 216 من قانون الإجراءات ‏الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد 40 ، 41 ، 67 ، 69 ، 151 من الدستور المصرى ‏لانها تمثل أنتهاكا لمبدأ المساواة والحرية الشخصية وقواعد المحاكمة المنصفة وحق ‏التقاضي على درجتين في الجنح وأخلالها بالقوة الملزمة للمعاهدات الدولية .‏


وقد قدم مذكرتى دفاع بجلسة 11/11/2008 مشتملة على أسباب هذه الدفوع كما تمسك ‏بجلسة 9/4/2009 بالدفع بعدم دستورية هذه المواد وطلب بمحضر الجلسة التصريح له ‏باقامة طعن أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية هذه المواد وقدم ‏بملف الدعوى حافظة مستندات طويت على صورة من شهادة صادرة من جدول ‏المحكمة الدستورية العليا تفيد قيد دعوى أمامها برقم 25 لسنة 21 ق دستورية تفيد ‏الطعن على هذه المواد بعدم الدستورية وذكر في مذكرة دفاعه ارقام 8 دعاوى أخرى ‏منظوره أمام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن  وذلك للتأكيد على جدية الدفع ‏المبدى منه وللتاكيد على أن جميع هذه النصوص محل شك في مدى دستوريتها .‏

إلا أن الحكم الطعين لم يتعرض في أسبابة إلي ما يفيد طرحه لهذه الدفوع في الدعوى ‏ولم يرد عليها وعلى أسبابها وهذا على الرغم من أن الدفع بعدم الدستورية يعد من ‏الدفوع الجوهرية والهامة في الدعوى وذلك لتعلقها بمدى دستورية المواد العقابية التى ‏يحاكم بها المتهم وهيا تتعلق بالشرعية العقابية وكذلك المواد الخاصة بأختصاص محاكم ‏الجنايات على محاكمته في جريمة تعد قانونا جنحة وهى تتعلق أيضا بالشرعية ‏الأجرائية  .‏

من ذلك يتضح أن الدفوع التى أبديت كانت من الأهمية لأنه كان سيترتب على قبولها ‏تغيير وجة الحق في الدعوى كما أنه يعد دفعا قانونيا وقد استقرت احكام محكمة النقض ‏‏(من واجب المحكمة بحث كل دفاع جوهرى يتقدم به المتهم متى كان ظاهر التعلق ‏بموضوع الدعوى حيث صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء تعلق ‏هذا الأثر ينفى وقوع الجريمة أو بامتناع ألمسئوليه أو العقاب أو بانقضاء الدعوى ‏الجنائية فإذا تمسك المتهم بهذا الدفع ولم ترد عليه المحكمة كان حكمها مشوبا بالقصور ‏فضلا عن الإخلال بحق الدفاع و وجه القصور هو إخلال المحكمه بأداء واجبها نحو ‏أثبات الإدانه ) ‏

كما أن قبول الطعن في هذه المواد الخاصة بالعقاب أمام المحكمة الدستورية العليا يؤدى ‏إلي أنعدام هذه المواد والقضاء ببراءة الطاعن كما أن قبول الطعن في بعضها قد يؤدى ‏إلي تخفيف العقوبة ضد الطاعن كما أنه لو قبل الطعن بعدم دستورية المواد الخاصة ‏بقانون الإجراءات الجنائية سيترتب عليه القضاء بعدم أختصاص المحكمة وإعادة ‏الدعوى إلي محكمة الجنح وهنا سيستفيد الطاعن بنظر الدعوى على درجتين .‏

ومن ذلك يتضح أن هذه الدفوع كانت جوهرية وأن قبولها كان سيكون له أثرا في الحكم ‏الصادر في الدعوى أما كون الحكم الطعين لم يتعرض لها أو يرد عليها فهذا عيب ‏يصيب الحكم بعيب الأخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه .‏

كما أن  الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع المتعلقة بالنظام العام وهذا ما أكدته ‏المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 102 لسنة 12 قضائيه ‏دستورية الصادر بتاريخ 19 يونية 1993 واجازت الدفع بعدم الدستورية لأول مرة ‏أمام محكمة النقض لذلك فكون الحكم الطعين لم يورد في اسبابة دفاع الطاعن بعدم ‏دستورية المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 عقوبات ، 214 ، 215 ، 216 ‏إجراءات كما أنه لم يرد على هذه الدفوع في أسباب حكمه يكون هذا الحكم مشوب ‏مخالفا القانون والإخلال بحق الدفاع .‏

لذلك فأن الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع .‏