مذكرة الاستاذ سمير الباجوري بأسباب الطعن بالنقض في الجنحة رقم 2453 لسنة 2008 جنح السيدة زينب ضد رئيس تحرير جريدة المؤجز

محكمة النقض
الدائرة الجنائية
مذكـــرة ثانية‏

بأسباب الطعن بالنقض
المرفوع من الأستاذ / ياسر محمود عبد الباسط - وشهرته ياسر بركات.   (متهم)‏
ضـــــــــد
    ‏1   النيابة العامة .‏    
    ‏2   السيد/ محمد مصطفي بكري وشهرته مصطفي بكري ‏    ‏     (المدعي بالحق المدني).‏
طعناً في الحكم الصادر بجلسة 24/6/2009‏
من محكمة جنايات الجيزة الدائرة (11) جنايات القاهرة.‏

في الجنحة الصحفية رقم 2453 لسنة 2008 جنح السيدة زينب .‏

‏-‏    فيما قضي به في منطوقة (وبعد الإطلاع على المواد سالفة الذكر حكمت الحكمة ‏حضورياً:أولا: بمعاقبة ياسر محمود عبد الباسط وشهرته ياسر بركات بالحبس لمدة ستة أشهر ‏بغرامة عشرين ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية ثانيا:وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن ‏يؤدى للمدعى بالحق المدنى تعويضا مؤقتا قدره خمسة ألاف وواحد جنيه وألزمته ‏بمصروفاتها وبمقابل أتعاب المحاماة ).وقد قام وكيل الطاعن بالتقرير بالطعن بالنقض على ‏هذا الحكم بتاريخ 27/6/2009 وقام بإيداع مذكرة بأسباب الطعن بالنقض تحت رقم 676 ‏تتابع ايداع بتاريخ 27/6/2009 والطاعن يقدم هذه المذكرة كمذكرة ثانية بأسباب الطعن على ‏هذا الحكم مضافة إلى الأسباب الواردة منه بالمذكرة الأولى .‏


الوقائــع

نحيل بشأن الوقائع والإجراءات لما جاء بالأسباب الواردة بمذكرة الطعن الأولى ونعتبرها جزءا لا يتجزأ ‏من دفاع الطاعن وأسباب طعنه بالنقض على الحكم الطعين ويضيف بموجب هذه المذكرة الأسباب التالية ‏مكملة ومتممة لها على النحو التالي .‏

أسباب الطعن

السبب الأول : والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب .‏
‏ من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه( لا تنعقد الخصومة فى الدعوى الجنائية التى يرفعها المدعى ‏بالحقوق المدنية مباشرة الا عن طريق تكليف المتهم بالحضور تكليفا قانونيا صحيحا)‏

( نقض جنائى 6/4/1970 الطعن رقم220لسنة 40 ق)‏
 

ولما كانت المادة 234 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على ( أن تعلن ورقة التكليف بالحضور ‏لشخص المعلن إليه أو فى محل إقامته )‏
وقد عرفت محكمة النقض محل الإقامة المنصوص عليه فى هذه المادة بأنه الموطن المنصوص عليه  ‏
فى المادة 40 من القانون المدني حيث قضت :‏
‏( بأن إعلان المتهم للحضور بجلسة المحاكمة يجب أن يكون لشخص المتهم أو موطنه وكان الموطن كما ‏عرفته المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة ، وبهذه المثابة لا يعتبر المكان ‏الذى يباشر فيه الشخص عمله موطنا له . ولما كان ذلك ،فان الحكم المطعون فيه إذ قضى فى الاستئناف ‏تأسيسا على صحة ذلك الإعلان يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتعيب بالبطلان )‏

‏(نقض رقم 3887 لسنة 57 قضائية جلسة 27 أكتوبر 1988 )‏
 

وحيث أن المدعى بالحق المدني قد قام بإعلان الطاعن بصحيفة الادعاء المباشر على مقر عمله وليس ‏على محل اقامته وبالتالى يكون الاعلان قد تم باطلا وبناء عليه قد انعقدت الخصومة الجنائية بناء على هذا ‏الاعلان الباطل الأمر الذى كان يستتبع القضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لبطلان صحيفتهما لعدم ‏إعلان المتهم إعلانا قانونيا صحيحا وهذا البطلان لا يصححه حضور المتهم جلسات المحاكمة لتعلق الأمر ‏بسلامة اتصال المحكمة بالدعوى ونظرا لكون الحضور ليس الإجراء اللاحق لهذا الاعلان الباطل  وقد تمسك ‏دفاع الطاعن بهذا الدفع وقدم صورا من أحكام قضائية تفيد صحته الا أن المحكمة رفضت الدفع على زعم أن ‏الغاية من الاعلان قد تحققت وحضر وكيل الطاعن جلسات المحاكمة وهذا الرد من المحكمة على الرغم من ‏قصوره فانه يوضح الخطأ الذى وقع فيه الحكم الطعين وذلك لأن الحضور بالجلسات ليس هو الإجراء اللاحق ‏على اعلان المتهم اعلانا باطلا حتى تكون الغاية قد تحققت منه ولكن هذا الاعلان الباطل لحقه اعلان السيد ‏وكيل النيابة وهو الذى تنعقد به الخصومة الجنائية فى الدعوى وهذا الانعقاد قد تم باطلا نتيجة للإعلان الباطل ‏للمتهم ولحق ذلك أيضا اتصال المحكمة بالدعوى بعد اعلان السيد وكيل النيابة وذلك أيضا بناء على هذه ‏الخصومة المنعقدة باطلة . وبالتالى تكون كافة إجراءات الخصومة قد تمت باطلة لا يصححها الحضور ‏بالجلسات  وبناء على ذلك يكون الحكم الطعين برفضه لهذا الدفع يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون  وفى ‏تحصيله للواقع وقاصر فى أسبابه . وذلك لكون الدفوع المتعلقة بقانون الإجراءات الجنائية تعد دفوعا جوهرية ‏فإذا كان  الرد عليها غير كافي أو غير سائغ يعد ذلك قصورا فى التسبيب وإذا كان مخالفا للقانون يعد خطأ ‏فى تطبيقه وقد أستقر الفقه على ذلك بأن قرر ( أما الرد على الدفع بأسباب كافية ولكن غير صحيحة فى ‏القانون ، أي لاتتفق و لضوابط التى رسمها القانون الاجرائى لصحة الإجراء المدفوع ببطلانه ،فانه مما يعد ‏خطأ فى تطبيق القانون الاجرائى أو فى تأويله بحسب الأحوال ، مما ينبنى عليه بطلان فى الحكم أو فى ‏الإجراءات ) ( د. رؤوف عبيد – ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية –ص232).‏
لذلك فان الطاعن ينعى هذا الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب . ‏


السبب الثاني : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع .‏
من المقرر في قضاء محكمة النقض ( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المواد الجنائية كافة من        ‏
النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في تحديده لها قد أقام ذلك على اعتبارات تتعلق بحسن سير العدالة ‏
ويجوز الدفع بها لأول مره أمام محكمة النقض أو تقضى هي بها من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان ‏
ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم ) .‏

‏( الطعن رقم 1963 لسنة 67 ق – جلسة 18/3/2006 )‏
 

وذلك لكون اختصاص المحكمة بنظر الدعوى هو شرط من شروط صحة جميع إجراءاتها على أنه إذا ‏دفع صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة ثار نزاع إجرائي حول مسألة الاختصاص والخطأ في هذا ‏التطبيق يعد خطأ في القانون فإذا قضت المحكمة خطأ باختصاصها بنظر الدعوى فإن حكمها يكون مشوبا ‏بعيب الخطأ في القانون بالإضافة إلي عيب البطلان الذى يصيب جميع الإجراءات التى قامت بها المحكمة ‏رغم عدم اختصاصها .‏


وقد قضت محكمة النقض :‏
‏( أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلي أن الشارع في ‏تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة).‏

( نقض 16 نوفمبر سنة 1989 – مجموعة الأحكام س 4 رقم 159 ص 98 ) ‏
 

وحيث أن دفاع الطاعن قد تمسك بمحاضر الجلسات وبمذكراته المقدمة أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم ‏الاختصاص لكون الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة بأعمال المدعى بالحق المدنى المتعلقة بصفته النيابة ‏العامة وذلك استنادا إلي أن مفاد نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائي أنها وإن كانت قد ‏جعلت الاختصاص بنظر الجنح الصحفية إذا وقعت على غير أحاد الناس ينعقد لمحكمة الجنايات فشرط ذلك ‏أن يكون النشر كان يخص تصرفات خاصة بصفتهم النيابية العامة أما إذا تعلق النشر بوقائع غير متصلة ‏بصفتهم النيابية فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة الجنح .‏


وقد قضت محكمة النقض :‏
‏(ما دامت الوقائع الواردة في المقال الذى يساءل عنه المتهم بالقذف في حق المجني عليه لا يتعلق أي منها ‏بصفته نائبا أو وكيلا لمجلس النواب هي موجهة إليه بصفته فردا من أفراد الناس فيكون الاختصاص بالنظر ‏في الدعوى المرفوعة بها لمحكمة الجنح لا لمحكمة الجنايات)‏

( نقض جلسة 17/5/1950 المكتب الفني س 1  ق 126 ص 667 ) ‏
 

وحيث أن الحكم الطعين قد رفض الدفع بمقولة أن القذف وقع على المدعى بالحق المدنى بصفته النيابية ‏وحال ممارسته لتلك الصفة فضلا عن وقوعه عليه بصفته الخاصة.وأستند فى ذلك الى عبارات واردة بالمقال ‏قام باجتزائها من السياق العام الذى وردت فيه ليبنى على هذا الاجتزاء أسبابه فى رفض الدفع بغرض أن ‏يعجز محكمة النقض عن مراقبته فيما أنتهي إليه من أسباب التى رفض بها هذا الدفع‏


ويبين الخطأ هنا أنه وان وردت بالمقال بعض الألفاظ الخاصة بوصفه النائب الا أنها وردت عرضا دون ‏أن تسند وقائع خاصة بعمله داخل البرلمان أوحال ممارسته له ولكن الوقائع التى تم إسنادها كانت وقائع ‏خاصة باراؤه الواردة بمقالاته بجريدة الأسبوع وعلاقته  الغير طبيعية بدولة سوريا  واستماتته فى الدفاع عن ‏النظام السوري بالرغم من كل مساوئه وكذلك بعض الوقائع الخاصة بافتعاله خلافات مع أحد رجال الأعمال ‏بسبب قطعه الإعلانات عن جريدة الأسبوع ومحاولاته فى هجومه عليه  اللعب بورقة الفتنة الطائفية ومن كل ‏ذلك يتضح أن الوقائع محل النشر لم تكن متعلقة بصفتة البرلمانية وبالتالى تكون محكمة الجنايات غير مختصة ‏بالفصل فى هذه الدعوى وكان يجب القضاء بعدم الاختصاص والإحالة الى محكمة الجنح.‏

لذلك يكون الحكم الطعين بفصله فى الدعوى رغم عدم الاختصاص يكون قد خالف القانون وأخطأ فى ‏تطبيقه بالإضافة للقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع .‏

السبب الثالث: الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور في التسبيب والانعدام الجزئي ‏للأسباب والتناقض والتخاذل فى الأسباب ‏

وذلك حيث أن وكيل الطاعن قد تقدم بعدد4 مذكرات بدفاعه أشمل إحداهما الدفع بعدم قبول الدعويين ‏الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون وذلك لكون الدعوى تم تحريكها بموجب وكاله ‏عامة وليست وكاله خاصة كما اشترطت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية . وقد تمسك وكيل الطاعن ‏بهذا الدفع بمحاضر الجلسات
‏ ولما كان من المستقر عليه أنه يتعين وقبل النظر فى موضوع الدعوى أن تستوفى المحكمة مسألة الشكل ‏وهى أن تخضع لقواعد القانون ولذلك فان الخطأ فى هذه القواعد يعد خطأ فى القانون لتعلق الدفع بعدم القبول ‏بالنظام العام. ‏

وفي ذلك قضت محكمة النقض :‏
‏( إذا كان الإجراء الباطل شرطا لصحة نشأة الخصومة الجنائية فإنه يترتب عليه عدم قبول الدعوى ‏الجنائية . كما إذا شاب البطلان إجراء الشكوى أو التكليف بالحضور أو أمر الإحالة فهذا البطلان يترتب عليه ‏عدم توافر شروط قبول الدعوى الجنائية . مما يجرد المحكمة من سلطتها في الفصل في موضوع الدعوى . ‏فإذا هي فصلت في الموضوع بغير عدم قبول الدعوى الجنائية كان حكمها مشوبا بالبطلان ) . ‏

(نقض 15 أبريل سنة 1968 – مجموعة الأحكام س19 رقم 87 ص451) ‏
 

وذلك لكون الأصل أنه متى كانت الدعوى المباشرة قد أقيمت عن جريمة تتطلب شكوى لرفع الدعوى ‏الجنائية تعين لقبول الدعوى الجنائية أن يكون رفعها مقرونا أو مسبوقا بتقديم شكوى من المجني عليه أو من ‏وكيله الخاص فأن كان قد سبق لأي منهما تقديم الشكوى في الميعاد جاز للمحامى بمقتضى توكيل عام أن يقيم ‏الدعوى الجنائية عن ذات الجريمة بطريق الادعاء المباشر . ‏


أما إذا لم يكن قد سبق هذا الادعاء تقديم مثل هذه الشكوى واعتبرت صحيفة الادعاء المباشر بمثابة شكوى ‏كما جرى عليه قضاء محكمة النقض وحينئذ يتعين أن تتوافر الشروط المتطلبة في الشكوى بأن تكون صادره ‏من المجني عليه نفسه أو من وكيل عنه بموجب وكالة خاصة في تقديم الشكوى وأن تعلن للمتهم تكليفا ‏بالحضور في ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليها في القانون .‏

وذلك لأن صحيفة الادعاء المباشر تجمع في تلك الحالة بين عملين من الأعمال الإجرائية أولهما : إقامة ‏الادعاء بالطريق المباشر ويكفي فيها التوكيل العام وثانيها : تقديم شكوى لازمة لتحريك الدعوى الجنائية ‏ولصحة اتصال المحكمة بها ويجب فيه أن يصدر من المجني عليه نفسه أو من وكيلة بتوكيل خاص طبقا لما ‏استلزمتة المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الوجوب .‏

( نقض جنائي 20/4/1989 س 40 ق 85 ص 531 ) ‏
‏( نقض جنائي 5/6/1986 س 37 ق 124 ص 652 )   ‏

‏ ومفاد ذلك أنه لما كانت صحيفة الجنحة المباشرة تعد بمثابة الشكوى وبالتالى يجب أن تتوافر فيها كافة ‏الشروط المتطلبة في الشكوى ومنها أن يتم تحريكها بموجب وكاله خاصة لاحقه على الفعل وسابقة على ‏تحريكها وإلا تكون الدعوى غير مقبولة . ‏

وقد استقر الفقه أيضا على إن ضرورة وجود توكيل خاص لاحق على الفعل وسابق على تحريك الشكوى هو ‏شرط أساسي لقبولها ومن ذلك :‏
‏(الشكوى التى تتطلبها المادة 3 إجراءات يجب أن تصدر من المجني عليه إما بنفسه أو إما بواسطة وكيل ‏عنه على أن يكون التوكيل خاصاً ، وصريحاً وصادراً عن واقعة معينة سابقة على صدوره أى ينبغي أن ‏يكون التوكيل لاحقاً للواقعة المشكو عنها أيا كان نوعه ، وهذا شرط من النظام العام لأن شروط تحريك ‏الدعوى  الجنائية كلها من النظام العام). ‏

(الدكتور رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية طبعة 1983 ص 72).‏
 

‏(يشترط فى التوكيل بالشكوى أن يكون خاصاً – المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية- أي أن تحدد ‏فيه الواقعة التى تقوم بها الجريمة موضوع الشكوى ، ويرتبط بذلك أن يكون التوكيل لاحقاً على الجريمة ‏ويترتب على ذلك أنه لا محل فى الشكوى لتوكيل عام ، ولا يقبل توكيل خاص توقعاً لجريمة ترتكب فى ‏المستقبل ذلك أن الحق فى الشكوى يفترض تقديراً لظروف الجريمة ومدى ملائمة الشكوى)‏

(الدكتور محمود نجيب حسنى – شرح قانون الاجراءات الجنائية طبعة 1988 ص 124). ‏

‏(الحق فى الشكوى هو حق شخصي يتعلق بالمجني عليه ، وقد رتب القانون على ذلك نتيجتين ، الأولى : ‏أن هذا الحق ينقضي بموت المجنى عليه .. والأمر الثانى المترتب على اعتبار الشكوى حق شخصى متعلق ‏بشخص المجنى عليه دون غيره ، أنه يجب أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص (م3 اجراءات) ومفاد ‏هذا أن التوكيل العام لا يجدي فى التقدم بالشكوى ، فيلزم أن يكون التوكيل خاصاً فقط بالتقدم بالشكوى لكي ‏تقبل تلك الأخيرة من الوكيل). ‏

(الدكتور مأمون سلامة – قانون الاجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه وأحكام النقض طعن 19 ص 76). ‏
 

‏(الشكوى حق للمجني عليه وحده ، وله أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص بشأن الجريمة موضوع ‏الشكوى فلا يكفى لذلك مجرد الوكالة العامة). ‏

(الدكتور أحمد فتحي سرور – الوسيط فى قانون الاجراءات الجنائية – طبعة 1980 ص 647). ‏

‏- ومن ذلك يتضح أن أحكام القضاء قد اتفقت مع الفقه في ضرورة  تطلب إرادة خاصة فى تحريك ‏الشكوى نظراً لخصوصية هذه الجرائم. وبالتالى يجب أن يتوافر فى الإجراء الخاص بتحريك الدعوى الجنائية ‏ما يفيد وجود هذه الإرادة وبالتالي يجب في الشكوى سواء تم التقدم بها للنيابة العامة أو عن طريق الادعاء ‏المباشر أن تكون إما بشخص المجني عليه أو عن طريق وكيله الخاص ولا تكفي فيها الوكالة العامة.‏

‏ وبالتالى فان ما يثار بأن هذا القيد هو على النيابة العامة فقط وأنه يحق للوكيل العام إقامة الدعوى مباشرة ‏فى جرائم الشكوى فانه يكون مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ اجراءات التحقيق إلا ‏بناء على شكوى من المجنى عليه أو وكيل الخاص (وهى صاحبة الاختصاص الأصيل) فإن هذا المنع أيضا ‏يسرى على الدعوى المباشرة (الاستثناء على الأصل). ‏

‏- وذلك لكون النيابة العامة هى صاحبة الحق الأصيل فى إقامة الدعوى الجنائية وأن الادعاء المباشر هو ‏استثناء على هذا الحق الأصيل وبالتالى يجب عند تطبيقه أن يكون فى أضيق نطاق ولا يتم التوسع فيه على ‏حساب الأصل . ‏
‏- وبذلك إذ جاء نص وقيد الحق الأصيل للنيابة فى تحريك الدعوى الجنائية الا بناء على شكوى من ‏المجنى عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد على الاستثناء وهو الادعاء المباشر.  وبالتالى تكون ‏المحكمة قد أخطأت فى تطبيق القانون برفض الدفع المبدي من دفاع الطاعن.‏

وذلك لكونها قد استمرت في نظر الدعوى والفصل فيها على الرغم من عدم وجود وكالة خاصة من ‏المدعى بالحق المدنى لتحريك الشكوى تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه ‏
هذا بالإضافة الى أن المحكمة ملزمه قانونا بالرد على الدفوع الجوهرية المبداه في الدعوى وذلك لكونها ‏وسيله فعاله لتحقيق العدالة . ‏

وتكون الدفوع جوهرية إذا كان من شأنها أن تؤثر بنتيجة على الحكم الصادر في الدعوى  بأن يترتب ‏علي قبولها تغيير موقف المتهم في الدعوى أو من شأن قبولها تغيير وجه الحكم فيها وبالتالى فإن المحكمة ‏تكون ملزمه بالرد على كافة الدفوع المبداه أمامها ومنها الدفع بعدم قبول الدعوى : ‏

ولما كان الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون كان دفعا ‏جوهريا وجازما تمسك به دفاع الطاعن في مذكرات دفاعه وكذلك بمحاضر الجلسات وكان لزاما على ‏المحكمة الرد عليه بأسباب سائغة أما كونها لم ترد على هذا الدفع في بأسباب سائغة واكتفت بقولها ص 12 ‏من الحكم فأن هذا القول يحتاج الى سنده القانوني  وان المادة الثالثة  لاتشترط ذلك الا فى حالة تقديم الشكوى ‏ولا ينسحب  حكمها على الادعاء المباشر ......... تكون بذلك خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بالإضافة ‏لكون ذلك يصيب الحكم بعيب القصور في التسبيب.‏
لذلك فإن الطاعن ينعى هذا الحكم بالبطلان لمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع ‏والقصور في التسبيب . ‏

‏- بالإضافة الى أن هناك تناقض وتخاذل فى الأسباب حيث أن المحكمة قررت في أسباب حكمها بداية  ‏ص 12أن صحيفة الدعوى تقوم مقام تلك الشكوى  ثم جاءت بعدها مباشرة وبذات الصفحة وقررت. وان ‏المادة الثالثة  لا تشترط ذلك الا فى حالة تقديم الشكوى ولا ينسحب  حكمها على الادعاء المباشر‏

ففى الحالة الأولى أعتبرت صحيفة  الادعاء المباشر تحل محل الشكوى وفى الحالة الثانية أعتبرت أن  ‏الادعاء المباشر لا يعد شكوى الأمر الذى يعيب الحكم بالتناقض والتخاذل فى الأسباب ‏
‏- لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بالبطلان للخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى البيان والقصور ‏فى التسبيب والتناقض والتخاذل فى الأسباب. ‏

السبب الرابع :القصور في البيان والقصور في التسبيب :‏
لما كان من المستقر عليه في قضاء محكمة النقض أنه لا يكفى لصحة الحكم الصادر بالإدانة أن يبين ‏قاضى الموضوع في معرض تسبيبه بيانات الواقعة الموضوعية فقط , وإنما يجب عليه أيضا بان يبين في ‏ورقه الحكم الأصلية التى يسطر فيها أسباب الحكم الذى انتهى إليه  بعض البيانات الإجرائية والتي تعد من ‏قبيل القواعد الإجرائية الموضوعية , والتي يترتب علي مخالفتها البطلان ولا يعصم الحكم من البطلان إذا ‏خلت ورقة الحكم الأصلية من بيانها وتضمنها محضر الجلسة أو ورد ذكرها في أوراق الدعوى . ‏

(د / على محمود على – النظرية العامة في تسبيب الحكم الجنائى – رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة ‏القاهرة – 1993 ص 431) ‏
 

لذلك يتعين على المحكمة فى جرائم الشكوى ومنها ( القذف والسب )أن تبين في حكمها الفاصل في ‏الموضوع أن الدعوى قد رفعت صحيحة بناء على شكوى ممن يملك تقديمها وإلا كان الحكم معيبا . ‏


وحيث أن جريمتي القذف والسب بطريق النشر قد نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على ‏وجوب تقديم شكوى من المجنى عليه أو من وكيله الخاص قبل اتخاذ أي إجراء فيها . لذلك يجب أن يبين ‏الحكم الطعين ما يفيد وجود هذا الإجراء وإذا أغفل هذا البيان في حكمه يكون قاصرا وقد استقر الفقه على ‏ذلك .‏

‏(إذا كانت الجريمة المرتكبة من الجرائم التى تطلب المشرع لإمكان تحريك الدعوى الجنائية عنها صدور ‏الشكوى أو الطلب أو الإذن من الجهة المختصة , فإنه يجب الإشارة إلى ذلك في الحكم وذلك حتى تتمكن ‏محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على إجراء تحريك الدعوى)‏

(رؤوف عبيد ضوابط تسبيب الأحكام – ص165)‏

وقد قضت محكمة النقض :‏
‏(ولذلك فإن الحكم الذى يصدر في الجرائم التى نصت عليها المادة 3/1 من قانون الإجراءات الجنائية ، ‏يجب أن يبين صدور الشكوى من المجنى عليه أو وكيله الخاص وفي خلال المدة المحددة لذلك . وهذا البيان ‏يجب ذكره في أسباب الحكم ، فلا يغنى عن ذكره في الحكم أن يتبين في أوراق الدعوى لافى الحكم أن له ‏وجوداً)  ‏

(نقض 18/1/1968 مجموعة أحكام النقض السنة 19 ق 7)‏

وقضت أيضا :‏
‏(لا يغنى عن النص في الحكم ما تبين في أوراق الدعوى لافى الحكم من أن الزوج قد تقدم إلى مأمور ‏القسم بالشكوى عن جريمة الزنا وأصر على رفع الدعوى الجنائية عنها في تحقيق النيابة) ‏

(نقض 14/2/1972 مجموعة أحكام النقض لسنه 23ق 45 ص186 )‏

فمثل هذه الشروط تتعلق بمدى سلامة اتصال المحكمة بموضوع الدعوى , ولذلك فلابد أن يشير الحكم ‏ذاته إلى النصوص المتضمنة تلك الشروط ويبين أنها قد روعيت في نظر الدعوى . ‏

(د/ مأمون سلامة – شرح قانون الإجراءات الجنائية ص192)‏
 

وقد رتبت محكمة النقض البطلان على عدم توضيح الحكم لهذا الشرط . حيث قضت :(أن بيان صدور ‏طلب من مدير عام الجمارك لتحريك الدعوى في جريمة التهريب الجمركي , بيان جوهري وان إغفاله يؤدى ‏على بطلان الحكم ولو ثبت صدور هذا الطلب بالأوراق فإن ذلك لا يغنى عن النص عليه بالحكم) ‏

(نقض 4/2/1992– الطعن رقم 12354– لسنه59قضائية–مجلة القضاة – السنة 25 – 192 ص 690) ‏

وحيث أن الحكم الطعين قد أغفل فى أسبابه ما يفيد وجود هذه لشكوى بالتالى يكون معيبا مستوجبا نقضه .‏
لذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بالقصور في البيان والقصور في التسبيب .‏

السبب الخامس :الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد فى الاستدلال :‏
وذلك لكون الدفاع الطاعن قد تمسك بالدفع ببطلان صحيفة الدعوى لكون وكيل المدعى بالحق المدني ‏الذى أقام الدعوى وهو الأستاذ / على عبد العزيز المحامى هو في ذات وقت إقامة هذه الدعوى كان وكيلا ‏للمتهم بموجب وكاله سارية رقم3082 ب لسنة 1997 لم يتم إلغاءها وهذا يعد مخالفة لنصوص قانون ‏المحاماة . إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع ص12 من الحكم  بمقوله أن المدعى بالحق المدنى قدم ضمن ‏حافظة مستنداته الثانية ما يفيد إلغاء التوكيل رقم 5726/ 99 مكتب توثيق الأزبكية والصادر من المتهم الى ‏وكيل المجنى علية الأستاذ محمد الدماطى المحامى وما يفيد إعلانه بهذا الإلغاء على يد محضر بتاريخ ‏‏2/6/2008 وان مخالفة المحامى للمواد 79 , 80 , 81 لا يؤدى إلى بطلان الصحيفة ‏
فان الرد من المحكمة يعد مخالفا للقانون والواقع للأسباب الآتية :‏
أولا : أن صحيفة الدعوى هي مفتتح الدعوى وأنها يترتب عليها انعقاد الخصومة في الدعوى فإذا شابها ‏البطلان فإن ذلك يؤثر في صحة اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية ويجب الحكم بعدم بقبولها . ‏
ولما كانت المادة 76 من قانون المحاماة قد نصت على (لا يجوز للمحامى التوقيع على صحف الدعاوى ‏والطعون وسائر أوراق المحضرين والعقود المقدمة للشهر العقاري أو الحضور والمرافعة بالمخالفة لأحكام ‏ممارسة أعمال المحاماة المنصوص عليها في هذا القانون وإلا حكم بعدم القبول أو البطلان بحسب الأحوال )‏

ومن ذلك يتضح أن القانون قد رتب على مخالفة أحكام قانون المحاماة جزاء البطلان وعدم القبول وحيث ‏أن المحامى الذى أقام الدعوى قد خالف نصوص المواد 79 , 80 من قانون المحاماة وبالتالي يترتب البطلان ‏على هذا الإجراء ولا سيما أن المصالح المتعارضة كانت ثابتة بمستندات في هذه الدعوى وهى أن الدعوى ‏التى كان يترافع فيها هذا المحامى عن الطاعن كانت الدعوى رقم 149 لسنه 22 قضائية دستوريه وكان ‏يطالب فيها بالحكم بعدم دستورية المواد 302 , 303 , 306 , 307 من قانون العقوبات المصري وهى ذات ‏المواد التى كان يطالب في صحيفة الدعوى محل هذا الطعن بتطبيقها على المتهم وبذلك يتضح مدى تعارض ‏المصالح في ذلك ولذلك كان يجب القضاء ببطلان صحيفة الدعوى والحكم بعدم القبول أما وأن المحكمة لم ‏تقضى بذلك تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بالإضافة إلى القصور في التسبيب . ‏

ثانيا : أن المحكمة أستندت في رفض الدفع على أن المحامى قد ألغى التوكيل بتاريخ 29/5/2008 وهذا ‏منها مخالف للقانون حيث أن العبرة في البطلان هي بتاريخ اتخاذ الإجراء الباطل ولما كان هذا المحامى قد ‏أقام هذه الدعوى ضد الطاعن في شهر مارس 2008 فإن لا يؤثر في البطلان قيامه بإلغاء التوكيل بعد هذا ‏التاريخ . ‏

كما أن التوكيل الذى قررت المحكمة أنه تم إلغاؤه لا يخص المحامى الذى أقام هذه الدعوى وهو الأستاذ/ ‏على عبد العزيز المحامى لأن توكيله رقمه 3082 ب لسنة 1997 أما التوكيل المقدم صورة من الإنذار ‏بالغاؤه فهو التوكيل رقم 5726/ 99 مكتب توثيق الأزبكية وهو خاص بمحامى أخر يدعى محمد الدماطى ‏

‏ ولذلك فإن الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب الخطأ في تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد في ‏الاستدلال .‏

‏ السبب السادس: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال: ‏

‏ ذلك لكون المحكمة ملزمة قبل النظر فى موضوع الدعوى أن تستوفى مسألة الشكل وتبت فيها لتعلقها بقواعد ‏القانون وأن الخطأ فى هذه القواعد يعد خطأ فى تطبيق القانون وبصفة خاصة الدفع بعدم قبول الدعوى لتعلقه ‏بالنظام العام لمساسه بشرط جوهري من شروط تحريك الدعوى. ‏

‏ وقد دفع وكيل الطاعن بعدم قبول الدعويين  الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون لعدم ‏وجود نص قانوني يجيز للمدعى بالحق المدنى إقامة دعواه مباشرة أمام محاكم الجنايات وأن نصوص قانون ‏الاجراءات الجنائية تحدثت فقط عن تكليف المتهم مباشرة بالحضور من المدعى بالحق المدنى أمام محاكم ‏الجنح والمخالفات فقط - مادة 232 اجراءات - ولم تنص عليها فى الجنح بصفة عامة بل أن النص كان ‏واضحاً فى أحقية إقامة الدعوى المباشرة أمام محاكم الجنح والمخالفات فقط وبالتالى يتضح عدم وجود نص ‏قانوني يبيح إقامة الدعوى مباشرة أمام محاكم الجنايات. ‏

وطبقاً لنص المادة (1) من قانون الاجراءات الجنائية التى اختصت النيابة العامة فقط برفع الدعوى الجنائية ‏وجعلت الاستثناء وهو إقامتها مباشرة يجب أن يكون بناء على نص قانوني حيث نصت : "تختص النيابة ‏العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها الا فى الأحوال المبينة فى القانون". ‏

والمادة (3) نصت على تقديم الشكوى الى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي كما أن المادتين ‏‏156 ، 214/1 تحدثتا عن أن لقاضى التحقيق أو النيابة العامة  أن يحيلا الجنح التى تقع بواسطة الصحف أو ‏غيرها عن طريق النشر- عدا الجنح المقررة بأفراد الناس الى محكمة الجنايات.‏

وباستقراء جميع هذه النصوص نجد أن القانون قد أعطى الحق للنيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية كحق ‏أصيل لها ونص على أن الاستثناء وهو(الادعاء المباشر من المجنى عليه) يجب أن يكون بناء على نص ‏قانوني. وحيث أن قانون الاجراءات الجنائية قد خلا من أي نص يفيد حق المجنى عليه فى الادعاء المباشر ‏أمام محكمة الجنايات .‏

‏ وبالتالى تكون الدعوى المباشرة قد أقيمت على غير سند من القانون وبالتالى قد أقيمت بغير الطريق الذى ‏رسمه القانون وكون المحكمة تباشر ها على الرغم من ذلك تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون. ‏

‏- كما إن رد المحكمة على هذا الدفع ص11 من الحكم يؤكد عدم إلمام المحكمة بالقواعد القانونية الخاصة ‏بتحريك الادعاء المباشر.‏

‏ حيث أسست رفضها للدفع على سند من القول أنه من حق المدعى بالحقوق المدنية إقامة الدعوى مباشرة ‏فى جنح السب والقذف أمام المحكمة المختصة،( ولا نعرف من أين أتت المحكمة بكلمة محكمة الجنح ‏المختصة) وهذا منها يعد مخالفة لنصوص قانون الاجراءات الجنائية وسوء تفسير لنصوص قانون الاجراءات ‏الجنائية سالفة الذكر الأمر الذى يوصم الحكم بالإضافة للخطأ فى تطبيق القانون الى الخطأ فى تأويله وتفسيره ‏والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال مما يبطله بطلاناً يستوجب نقضه. ‏

السبب السابع : مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب  للرد غير المستساغ والمجتزأ من ‏المحكمة  على الدفوع بعدم الدستورية ‏
وذلك حيث أن الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية  214/1 ، 215 ،216 من قانون ‏الإجراءات الجنائية لمخالفتها لنصوص المواد 40 ، 41 ، 67 ، 69 ، 151 من مواد الدستور المصري لأنها ‏تمثل انتهاكا لمبدأ المساواة والحرية الشخصية وقواعد المحاكمة المنصفة وحق التقاضي على درجتين في ‏الجنح وإخلالها بالقوة الملزمة للمعاهدات الدولية .‏
كما أن دفاع الطاعن تمسك أمام المحكمة بالدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون ‏العقوبات وذلك لمخافتها لنصوص المواد 2 ، 41 ، 67 ، 79 ، 86 ، 165 عن الدستور المصري لمخالفتها ‏لمبادىء الشريعة الاسلاميه واصل البراءة والمحاكمة المنصفة وحق الدفاع والحرية الشخصية ومبدأ الفصل ‏بين السلطات .‏

وكذلك دفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري لمخالفتهم لنصوص ‏المواد 48 ، 62 ، 64 ، 206 ، 207 ، 208 من الدستور وذلك نظرا لغلو المشرع في العقوبات المفروضة ‏في هذه المواد وعدم تناسبها مع الأفعال محل التجريم كما أنها تمثل انتهاكا للحق في المساهمة في الحياة ‏العامة ومبدأ خضوع الدولة للقانون وسلطة الصحافة ومبدأ التناسب بين الفعل والعقاب الذى اقرته المحكمة ‏الدستورية العليا حيث قضت : ‏

‏( بأن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو ‏بطباعتها أو بتداولها أو غير ذلك من وسائل التعبير قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التى لا يتم الحوار ‏المفتوح ألا في نطاقها وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا ولا يترددون وجلا ولا ينصفون لغير الحق ‏طريقا .وأن حرية التعبير أبلغ ما تكون أثرا في مجال اتصالها بالشئون العامة وعرض أوضاعها تبيانا لنواحي ‏التقصير فيها وأنه لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها سواء من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها ‏‏– فالحقائق لا يجوز إخفائها – من غير المعقول أن يكون النفاذ إليها ممكنا في غيبة حرية التعبير )‏

( حكم المحكمة الدستورية العليا في 15/4/1995 القضية رقم 6 لسنة 15 ق د )‏

وقضت أيضا ‏
‏( ويتعين بالتالى أن يكون انتقاد العمل العام من خلال الصحافة أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته ، حقأ ‏مكفولا لكل مواطن ..... ‏
ومن ثم كان منطقيا ، بل وأمرا محكوما أن ينحاز الدستور إلي حرية النقاش والحوار في كل أمر يتصل ‏بالشئون العامة ، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام . إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ‏ولو كان معززا بالقانون ، ولان حوار القوة إهدار لسلطان العقل ، ولحرية الإبداع والأمل والخيال ، وهو في ‏كل حال يولد رغبة تحول بين المواطن والتعبير عن آراؤه ، بما يعزز الرغبة في قمعها ، ويكرس عدوان ‏السلطة العامة المناوئة لها ، مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره )‏


وقدم وكيل الطاعن مذكرة شارحة لهذه الدفوع والأسباب والأسانيد القانونية والدستورية التى يستند عليها ‏هذه الدفوع. ‏
‏ وتأكيداً لجديته فى هذا الدفع ولإثبات إن عدد من المحاكم قد رأت شبهة مخالفة هذه المواد للدستور المصري ‏فقد قدم أصول لعدد (4) شهادات صادرة من واقع جدول المحكمة الدستورية العليا تفيد أن المواد 302 ، ‏‏303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات مقام بشأنها الدعاوى أرقام 25 لسنة 21 ، 83 لسنة 21 ، 60 لسنة ‏‏22 و149 لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب الحكم بعدم دستورية هذه المواد ، كما أن الدعوى رقم 60 ‏لسنة 22 قضائية دستورية مطلوب فيها أيضا الحكم بعدم دستورية المواد 214 ، 215 ، 216 من قانون ‏الإجراءات الجنائية.‏

‏ وطلب وقف الدعوى المنظورة تعليقياً لحين الفصل فى هذه الدعاوى أو التصريح له بإقامة دعوى أمام ‏المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية هذه ا لمواد عملاً بنص المادة 29 من قانون المحكمة ‏الدستورية العليا برقم 48 لسنة 1979.‏

‏ كما ذكر فى مذكراته المقدمة للمحكمة أرقام عدد (8) دعاوى منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا بشأن ‏هذه المواد مما يؤكد وبجلاء شبهة مخالفة هذه المواد للدستور وترجيح صدور حكم بعدم دستورية هذه المواد. ‏

‏- إلا أن الحكم المطعون فيه قد رد على ذلك بقوله (حيث أنه عن الدفع بعدم دستورية المادتين 215 ، ‏‏216 من قانون الإجراءات الجنائية فانه على غير أساس سليم من القانون ذلك أن المتهم الذى حكم بإدانته فى ‏جريمة السب أو  القذف من محكمة الجنايات له حق الطعن بالنقض فى الحكم الصادر ضده ، هذا فضلاً عن ‏أن  إحالة هذا النوع من دعاوى الجنح  الى محكمة الجنايات إنما يمثل ضمانة أفضل للمتهمين لأنهم يحاكمون ‏أمام قضاة ثلاث هم أكبر سناً وأكثر خبرة وكفاءة ولا ترهق كواهلهم ما ترهق به كواهل القضاة بالمحاكم ‏الجزئية وفى ذلك خير ضمان لحرية الصحافة وحرية الرأى ومن ثم فان المحكمة ترى عدم جدية هذا الدفع ، ‏و تلتفت عنه)‏

‏ ونجد هنا أن الرد جاء مخالفاً للقانون حيث أن محكمة النقض لا تعد درجة من درجات التقاضي وذلك لكونها ‏محكمة قانون وليست محكمة موضوع كما انه اغفل الرد على باقي أسباب الدفع مما يعد قصوراً في التسبيب.‏

‏ كما ردت المحكمة أيضا على الدفع بعدم دستورية المواد 302 فقرة ب (بأن ذلك لا يعد نقلا لعبء الاثبات ‏الى عاتق المتهم ولا مخالفة لقرينة البراءة ولا إخلال بحق الدفاع،بل هو تأكيد لذلك القرينة وضمانة حق ‏الدفاع ومن ثم فان المحكمة تلتفت عن الدفع ) فان ذلك من المحكمة يعد قصورا فى الرد على أسباب الدفع ‏لأنه جاء مجملا ولم توضح الأسباب التى بناء عليها بنت قناعتها فى أن هذا النص لا يعد نقلا لعبء الاثبات ‏أنه ضمانة  لحق الدفاع .‏
كما أن الرد على الدفع بعدم دستورية المواد 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات المصري قد جاء ‏مخالفا للدستور والقانون حيث أن الحكم الطعين أشترط أن تكون حرية الصحافة فى إطار مقومات أساسية ‏للمجتمع واردة فى المادة 12 من الدستور .
وهذا ما ذكره الحكم الطعين لا علاقة له بهذه المواد المدفوع بعدم ‏دستوريتها أو بأسباب هذا الدفع لأنها مواد متعلقة بالعقوبة على القذف والسب والمغالاة فى تقدير هذه العقوبات ‏وعدم تناسبها مع الفعل  ولم تتعلق بأركان جريمتا القذف والسب ومدى مطابقتهما للدستور . وبالتالى يتضح ‏أن الرد على الدفع جاء بأسباب تختلف عن الأسباب التى أبداها الطاعن مما يؤكد بعدم إلمام المحكمة إلماما ‏كافية بأسباب الدفع  مما جعل ردها قاصرا وغير شامل لكل أسباب الدفوع بعدم الدستورية .‏

‏ ومن ذلك يتضح أن الحكم لم يحصل أسباب هذا الدفع تحصيلاً كافياً لكونه رد على أسباب الدفع بطريقة ‏مجتزأة وبها نوعاً من التجهيل بالإضافة الى كونه لم يقم بالرد على كافة الأسباب وحدوث لبس وتداخل في ‏ذهن المحكمة  بين أسباب الدفوع بعضها البعض. مما جعلها تقوم بالرد على أسباب الدفع تارة بأسباب غير ‏مستساغة ومخالفة للقانون وتارة أخري ترد على أسباب للدفع غير التي أبداها دفاع الطاعن.‏

‏ كما إن تقديم الطاعن لعدد (4) شهادات تفيد وجود أربع دعاوى أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل فى ‏مدى دستورية هذه المواد وذلك للتدليل على جدية هذا الدفع وطلبه وقف الدعوى تعليقيا لحين الفصل فى هذه ‏لطعون كان طلبا جوهريا فكان لزاما على المحكمة أن ترد عليه بأسباب سائغة الا أنها أكتفت بمقوله ( أنها ‏غير مقيدة بهذه الطعون ) فهذا يعد منها قصورا فى التسبيب .‏

ومؤدى كل ذلك يتضح أن الحكم أقام قضاؤه على وصف هذه الدفوع بعدم الجدية ورفضها بأنه قد فهم أن ‏سلطة المحكمة فى تقدير هذه الجدية سلطة مطلقة يمكن أن تنبني على العسف والتحكم والفوضى فى التقدير ‏الى الحد الذى جعلها فوقاً على الرد على هذه الدفوع بصورة مجتزأة تعجز محكمة النقض عن مراقبتها فإنها ‏أيضا قامت بالرد بأسلوب لم تعرفه الأحكام من قبل بشموله بعبارات عنصرية وبها تعالى على المحاكم ‏الأخرى وعلى زملائهم القضاة بالمحاكم الأخرى وهذا يعد خروجا على الأعراف والتقاليد القضائية الراسخة ‏والقائمة على الاحترام.‏

‏ الأمر الذي يجعل ردها لا يخضع لضوابط العقل والمنطق القضائي والذى بررته محكمة النقض فى قضائها ‏المطرد بان مناط صحة الحكم فى كل ما يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع أن يكون التقدير سائغاً ، ‏وهو ما افتقده الحكم بوضوح شديد فى رده على هذه الدفوع وكذلك إغفاله وجود (8) دعاوى بهذا الشأن أمام ‏المحكمة الدستورية العليا الأمر الذى يجزم بان عدة محاكم أخرى قد رأت لهذا الدفع الجدية المطلوبة وقبلته. ‏

لذلك فان اطراح هذا الدفع والرد عليه بطريقة غير مستساغة يصيب الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ فى ‏تطبيقه والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يستوجب نقضه.‏

‏ ولما كان الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع الجوهرية والهامة في الدعوى وذلك لتعلقها بمدى دستورية ‏المواد العقابية التى يحاكم بها المتهم وهي تتعلق بالشرعية العقابية وكذلك المواد الخاصة باختصاص محاكم ‏الجنايات على محاكمته في جريمة تعد قانونا جنحة وهى تتعلق أيضا بالشرعية الإجرائية  .‏

‏ من ذلك يتضح أن الدفوع التى أبديت كانت من الأهمية لأنه كان سيترتب على قبولها تغيير وجه الحق في ‏الدعوى كما أنه يعد دفعا قانونيا وقد استقرت أحكام محكمة النقض (من واجب المحكمة بحث كل دفاع ‏جوهري يتقدم به المتهم متى كان ظاهر التعلق بموضوع الدعوى حيث صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا ‏لصالح المتهم سواء تعلق هذا الأثر ينفى وقوع الجريمة أو بامتناع ألمسئوليه أو العقاب أو بانقضاء الدعوى ‏الجنائية فإذا تمسك المتهم بهذا الدفع ولم ترد عليه المحكمة كان حكمها مشوبا بالقصور فضلا عن الإخلال ‏بحق الدفاع و وجه القصور هو إخلال المحكمة بأداء واجبها نحو أثبات الإدانة ) ‏

ولما كان الدفاع الجوهري هو ذلك الدفاع الذى لو صح لرتب عليه القانون أثرا قانونيا لصالح المتهم سواء ‏تعلق هذا الأثر بنفي الجريمة أو امتناع العقاب أو تخفيفه أي أن الدفاع يعتبر جوهرا إذا ما كان ظاهر التعلق ‏بموضوع الدعوى المنظورة لذلك يكون لزاما على المحكمة الرد عليه وبأسباب كافية وسائغة فإذا أغلفت الرد ‏عليها كان ذلك إخلالا بحق الدفاع وإذا ردت عليه بأسباب غير كافية أو غير سائغة لكان حكمها مشوبا ‏بالقصور في التسبيب . ‏

كما أن قبول الطعن في هذه المواد الخاصة بالعقاب أمام المحكمة الدستورية العليا يؤدى إلي انعدام هذه المواد ‏والقضاء ببراءة الطاعن كما أن قبول الطعن في بعضها قد يؤدى إلي تخفيف العقوبة ضد الطاعن كما أنه لو ‏قبل الطعن بعدم دستورية المواد الخاصة بقانون الإجراءات الجنائية سيترتب عليه القضاء بعدم اختصاص ‏المحكمة وإعادة الدعوى إلي محكمة الجنح وهنا سيستفيد الطاعن بنظر الدعوى على درجتين .‏

ومن ذلك يتضح أن هذه الدفوع كانت جوهرية وأن قبولها كان سيكون له أثرا في الحكم الصادر في الدعوى ‏أما كون الحكم الطعين قد رد عليها بهذه الطريقة المجتزأة التى تنبىء عن عدم تحصيله لأسباب هذه الدفوع ‏تحصيلا كافيا فهذا عيب يصيب الحكم بعيب القصور فى التسبيب مما يوجب نقضه .‏

كما أن  الدفع بعدم الدستورية يعد من الدفوع المتعلقة بالنظام العام وهذا ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في ‏حكمها الصادر في القضية رقم 102 لسنة 12 قضائية دستورية الصادر بتاريخ 19 يونية 1993 وأجازت ‏الدفع بعدم الدستورية لأول مرة أمام محكمة النقض لذلك فكون الحكم الطعين في أسباب حكمه يكون هذا ‏الحكم مشوب مخالفا القانون والقصور فى التسبيب .‏

لذلك فان الطاعن ينعى على هذا الحكم بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب.‏