مذكرة بأسباب الطعن بالنقض في الحكم الصادر ضد المدون تامر مبروك صاحب مدونة "الحقيقة المصرية "

 الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان
وحدة الدعم القانوني لحرية التعبير
 

 

محكمه النقض
مذكرة
بأسباب الطعن بالنقض
الدائرة  الجنائية
مذكـرة
بأسباب الطعـن بالنقض
المقدم من /
تامر مبروك سليمان  ـ محكوم عليه         طاعن
ضـــــــــــد
النيابة العامة

في الحكم الصادر ضده من محكمه بورسعيد الابتدائية جنح مستأنف الزهور  في الجنحة رقم 2359 لسنة 2009 مستأنف بورسعيد والمقيدة برقم 4780 لسنة 2008 جنح الزهور  بجلسه  26/5/2009 والقاضي حضوريا قبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف والزام المتهم المصاريف وخمسةوسبعون جنيها اتعاب محاماة .
وكان حكم محكمة اول درجة قد حكم حضوريا اعتباريا بتغريم المتهم الفان وخمسمائة جنية وبتعويض مؤقت قدرة40000 الف جنية والزامه بالمصاريف الجنائية واتعاب المحاماة، وفى الادعاء الفرعى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية والزام رافعها بالمصاريف و50 جنية اتعاب المحاماة
ولما كان هذا الحكم قد صدر معيبا باطلا
فالطاعن يطعن عليه بطريق النقض

واقعات الطعن

تخلص واقعات الطعن بإيجاز فيما يلي
حركت النيابة العامة الجنحة رقم  3191 الجنحة رقم 2359 لسنة 2009 مستأنف بورسعيد والمقيدة برقم 4780 لسنة 2008 جنح الزهور ضد تامر مبروك سليمان  
وطالبت النيابة العامة عقاب الطاعن  وفقا لما ورد بعريضة الادعاء المباشر
وبجلسة 26/5/2009  قضت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف والزام المتهم المصاريف وخمسة وسبعون جنيها اتعاب المحاماة  وكان حكم محكمة اول درجة الذى ايدته محكمة الاستئناف  قد حكم حضوريا اعتباريا تغريم المتهم الفان وخمسمائة جنية وبتعويض مؤقت قدرة40000 الف جنية والزامه بالمصاريف الجنائية واتعاب محاماةوفى الادعاء الفرعى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية والزام رافعها بالمصاريف و50 جنية اتعاب المحاماة


وحيث أن هذا الحكم قد صدر على خلاف صحيح القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومهدرا لحق الدفاع
وكان دفاع الطاعن  قد تمسك بالقضاء ببراءته مما هو منسوب اليه للاسباب التاليه
طلب البراءة تأسيسا على

1-    عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون لمخالفة المادة 2 من قانون الاجراءات الجنائية
2-    عدم ذكر الفاظ التى تشكل سبا او قذفا
3-    وإنتفاء الركن المادى والمعنوى ووجود سبب من اسباب الاباحة وهو النقد المباح
4-    البراءة استنادا الى نص المادة 33 من اتفاقية مكافحة الفساد للامم المتحدة والتىوقعت عليها مصر
ولما كان هذا الذى جاء باسباب الحكم لا يصلح ردا على الدفوع التى ابداها  دفاع المتهم
فلا يسع الطاعن إلا الطعن عليه للأسباب الاتيه

الوجه الأول
القصور في التسبيب
أن ما اشتملت عليه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على انه  يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وكل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه.


يعنى أن تسبيب الحكم هو أن يشمل بيانات معينة توكيدا لمبدأ حسن سير العدالة  الذي يعطى الحق فى الرقابة على المحكمة  فيما اذاكان قد أحاطت بالدعوى ومحصت موضوعها وأعملت حكم القانون فيها عن بصر وبصيرة
وتعطى سبيلا للطعن على حكمها ومراقبة تطبيق القانون وسلامة الإجراءات التي اتبعت ، وعلى محكمة الموضوع أن ترد ردا صحيحا سائغا له أصله في أوراق الدعوى على كافة ما يقدم لها من دفوع جوهرية او طلبات هامة ، وألا كان رفض إجابة الطلب الجوهري إخلالا بحق الدفاع ، وكذلك إغفال الرد عليه في الأسباب ، مما يعيب الحكم ويبطله ، وكذلك الرد غير الصحيح او غير السائغ  
و تسبيب الأحكام من أعظم الضمانات التي فرضها القانون على القضاة . إذ هو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التي يعلنونها فيما يفصلون فيه من الاقضية . وبه وحده يسلمون من مظنة التحكم والاستبداد ، لأنه كالعذر فيما يرتأونه يقدمونه بين يدي الخصوم والجمهور ، وبه يرفعون ما قد يرين على الأذهان من الشكوك والريب فيدعون الجميع الى عدلهن مطمئنين . ولا تنفع الأسباب إذا كان عبارتها مجملة لا تقنع أحدا ، ولا تجد محكمة النقض فيها مجالا لتبين صحة الحكم من فساده  

ومن القضاء المستقر عليه لمحكمتنا العليا أن تلتزم محكمه الموضوع بالرد على كل دفاع جوهري أو طلب هام يستند إليه احد الخصوم
أو دفع قانوني مادام قد حصل تقديمه بالطريق القانوني
وألا كان عدم الرد عليه قصورا في تسبيب الحكم بما يعيبه ويبطله
وعليها أن تضع أسبابا جديدة كافيه مستجمعه كافه البيانات التي يتطلبها القانون في الحكم ومدلله على صحة قضائها تدليلا انعقدت له جميع الخصائص التي تلزم هذا الأخير وينبغي أن يتضمن أسباب الحكم عندئذ ردا كافيا سائغا على دفاع ود فوع المتهم بما يفندها
وإذ جاء الحكم دون بيانه الواقعة المستوجبة للعقوبة والأسباب التي بنى عليها فأن ذلك يكون مخالفا لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية  ويستوجب نقضه

فانه لما كان المشرع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بنى عليها وألا كان باطلا.

والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون
ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات معماة أو وضعه في صورة مجمله مجهله فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمه النقض من مراقبه صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم

(الطعن رقم 2165 لسنه 51 ق ـ جلسة 13/1/1982 )
الطعن رقم 2618لسنه 51 ق جلسة 19/1/1982
الطعن رقم 1588 لسنه 52 ق ـ  جلسه20/4/1982

وأن ما اشتملت عليه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على انه  يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وكل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه.


يعنى أن تسبيب الحكم هو أن يشمل بيانات معينة توكيدا لمبدأ حسن سير العدالة  الذي يعطى الحق فلا رقابة على المحكمة  فيما اذاكان قد أحاطت بالدعوى ومحصت موضوعها وأعملت حكم القانون فيها عن بصر وبصيرة
وتعطى سبيلا للطعن على حكمها ومراقبة تطليق القانون وسلامة الإجراءات التي اتبعت ، وعلى محكمة الموضوع أن ترد ردا صحيحا سائغا له أصله في أوراق الدعوى على كافة ما يقدم لها من دفوع جوهرية او طلبات هامة ، وألا كان رفض إجابة الطلب الجوهري إخلالا بحق الدفاع ، وكذلك إغفال الرد عليه في الأسباب ، مما يعيب الحكم ويبطله ، وكذلك الرد غير الصحيح او غير السائغ  

ولما كانت اسباب الحكم قد جاءت تدلل على ان المحكمة لم تحيط بالدعوى ولم تمحص موضوعى الجنحة ولم تعمل فيها حكم القانون واستند الى تقريرقيل انه تقرير فنى مطعون عليه بخروجه عما طلبت المحكمة بيانه وهو التقرير الصادر من الادارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية

والذى افاد بوجود موقع بعنوان الحقيقة المصرية يتضمن عبارات قذف وتشهير بالشركة المدعية بالحق المدنى وكذا بعض القائمين عليها

وهذا ما لم يطلب من التقرير انما كان المقصود من التقرير هو البحث عن مالك الموقع وصاحب السيطرة المادية عليه وجهةالاختصاص فى ذلك لحظة ان يكون هناك تنازع فى الاختصاص عن المحكمة والجهة والدولة المختصة بذلك
وعن اذا ما كان المتهم يمتلك هذا الموقع وله السيبطرة الكاملة عليه وهل الجهة التى تتحكم فى بثه على الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) تخضع للاختصاص الاقليمى المصرى من عدمه

الامر الذى خرج التقرير عما وضع من اجله واعتمدت عليه المحكمة دون ان تشير الى صحته او بطلانة
فلم يكن المطلوب من الجهة التى اصدرت التقرير وجود عبارات تحوى سبا او قذفا او تشهيرا بالشركة المدعية بالحق المدنى انما كان المطلوب منها وهذا كان طلب الشركة المدعية بالحق المدنى عمن يملك هذا الموقع( الحقيقة المصرية )ومن الذى يتحكم فيه ومن صاحب السيطرة على المادة التى ترد عليه

مما يعد معه الاستناد الى هذا التقرير هو استناد على دليل باطل صادر من جهة غير محايدة ومطعون عليه بأنه خرج عما هو محدد له ومطلوب منه

سبب ثانى للطعن ( القصور فى البيان )
وحيث إن دفاع الطاعن قد تمسك بالدفع
بعدم قبول الدعوى بغيرالطريق الذى رسمه القانون
و لرفعها بعد المواعيد المقررة قانونا ، وسقوط الحق فى التقدم بالشكوى
وجاء  الحكم فى رده على هذا الدفع
وحيث انه عن الدفع المبدى من وكيل المتهم بعدم قبول الدعويين  لرفعهما بغير الطريق الذى رسمه القانون لمخالفته للمادة 3 من قانون الاجراءات الجنائية فالمحكمة تشير انه من المقرر قانونا بقضاء النقض ان اشتراط تقديم الشكوى من المجنى عليه او وكيله الخاص فى الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الاجراءات الجنائية هو فى حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العمومية فى استعمال الدعوى الجناية لا على المدعى بالحقوق المدنية فهو من حقه اقامة الدعوى بنفسه قبل المتهم اذ له ان يحركها امام محكمة الموضوع مباشرة ولو بدون شكوى سابقة خلال الاشهر الثلاثة التى نص عليها القانون لان الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى

وحريا بما تقدم ولماكان القيد الوارد بنص المادة 3 من قانون الاجراءات الجنائية خاص بالنيابة العامة قيدا على حقها فى تحريك ومباشرة الدعوى الجنائية ولم يختص به المدعى بالحق المدنى وحقه فى تحريك دعواه بالطريق المباشر الذى هو فى تلك الحالة بمثابة الشكوى

وعليه يضحى الدفع المبدى من المتهم قد ابدى على نحو غير صحيح من الواقع والقانون ترفضه المحكمة وتكتفى بايراد ذلك بالاسباب والمنطوق
ولما كان هذا الذى جاء باسباب الحكم لا يصلح ردا على الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون و بعد المواعيد المقررة قانونا ، وسقوط الحق فى التقدم بالشكوى

لانه و وفقا لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على انه :

" لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى احد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 185 ، 274 ، 277 ، 279 ، 292 ، 293 ، 303 ، 306 ، 307 ، 308 من قانون العقوبات وكذلك فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون .
ويعتبر الادعاء المباشر من المجنى عليه بمثابة شكوى ، لأنه يعنى رغبة المجنى عليه فى محاكمة المتهم جنائيا ، فيجب أن تتوافر فيه كل ما يتطلب فى الشكوى من شروط .

فيجب أن تقدم الشكوى فى مدة قصيرة حتى لا يصبح التهديد باستعمالها سيفا مسلطا فى يد المجنى عليه يستغله ضد الجانى ، وقد حدد المشرع هذه المدة فى المادة 3/2 إجراءات جنائية التى نصت على أنه " ى تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه أو من يمثله بوقوع الجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك "
وحيث لجأ المدعى بالحق المدنى إلى طريق الادعاء المباشر لتقديم الشكوى ، لذا يجب أن يراعى كافة الشروط التى تتطلب فى الشكوى وهى تقدينها خلال ثلاثة أشهر وتقديمها بشخصه او بوكيل عنه بتوكيل خاص سابق على الدعوى ولاحق على الواقعة  .

وقد قضت محكمة النقض فى هذا الصدد بأنه :

" فالمدعى بالحق المدنى حين يحرك الدعوى الجنائية بادعائه لا يفعل ذلك بصفته ، وإنما باعتباره وكيلا عن المجتمع ويترتب على ذلك أن يتقيد بتحريكها بنفس القيود التى يوردها القانون على حق النيابة العامة فى تحريك الدعوى فيمتنع على تحريكها فى الحالات التى يشترط فيها القانون لتحريك الدعوى العمومية تقديم شكوى أو طلب أو أذن،

( نقض 12 مارس سنة 1979 مجموعة أحكام النقض س 30 رقم 70 ص 338 )

"عدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة السب لإعلان صحيفة الدعوى المباشرة بعد انقضاء مدة السقوط المقررة فى المادة 3 إجراءات جنائية يترتب عليه عدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها  ".  

( 22/3/1971 أحكام النقض س 22 ق 65 ص 271 )

وحيث أن الجرائم المنسوب فعلها  إلى المتهم  من جرائم الشكوى ، فيلزم أن يتم إعلان المتهم إعلانا صحيحا بعريضة الادعاء المباشر خلال ثلاثة أشهر من ارتكاب الجريمة والعلم بها ،
لما كان هذا وكان شرط من شروط قبول الدعوى قانونا رفعها فى المواعيد المحددة ، وهى ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة ،.
كما أننا بصدد دعوى مباشرة ، اى يتعين إعلان المتهم بعريضة الادعاء المباشر إعلانا صحيحا خلال ثلاثة أشهر من تاريخ ارتكاب الجريمة أو العلم به ، حتى تنعقد الخصومة فى المواعيد المقررة قانونا .
وقضى فى قضاء النقض :
( إشتراط تقديم الشكوى من المجنى عليه أو من وكيله الخاص هو فى حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العامة فى إستعمال الدعوى الجنائية .

( حكم نقض 21/6/1965 أحكام النقض س 16 ق 120 ص 611 )

وذلك حيث أن وكيل المدعي بالحق المدني قام بتحريك هذه الدعوي بطريق الادعاء المباشر بموجب  توكيل عام وجاء ذلك مخالفا  لنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية و التي نصت على انه يجب في جرائم الشكوى ( ومنها جريمتي القذف و السب ) أن يتم تحريك الدعوي الجنائية فيها أما عن طريق المجني عليه شخصيا أو بواسطة وكيله الخاص بموجب وكاله خاصة بعد الواقعة وقبل تحريك الدعوي الجنائية و إلا تكون الدعوي غير مقبولة
و في الدعوي موضوع الحكم  نجد أن وكيل المدعي بالحق المدني قد حرك صحيفة الجنحة المباشرة بموجب توكيل عام و ليس توكيل خاص و بالتالي تكون الدعوي غير مقبولة الأمر الذي يستتبع الحكم بعدم قبول الدعوتين الجنائية و الدنية لرفعها من غير دي صفه .


أما ما قررته المحكمة بأنه  قيد  علي النيابة العامة فقط ، فهذا مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ إجراءات التحقيق إلا بناء علي شكوى من  المجني عليه أو وكيله الخاص هذا يسري أيضا علي حق المجني عليه فإذا أراد الادعاء المباشر فعليه أما أن يتخذ هذا الإجراء بشخصه أو عن طريق وكيل خاص أيضا .

وذلك لكون النيابة العامة هي صاحبة الحق الأصيل في أقامة الدعوي الجنائية و أن الادعاء المباشر هو استثناء علي هذا الحق الأصيل و بالتالي يجب عند تطبيقه أن يكون في أضيق نطاق و لا يتم التوسع فيه علي حساب الأصل و من ذلك إذا جاء نص و قيد الحق الأصيل للنيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية إلا بناءا علي شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد علي الاستثناء و هو الادعاء المباشر .

ولما كانت هذه الدعوي قد تم تحركها بواسطة وكيل عن المجني عليه بالتالي تكون غير مقبولة لكونها تم تحريكها بغير الطريق الذي رسمه القانون .
وان ما جاء بالحكم ردا على هذا الدفع لا يصلح سببا للرد عليه متعينا نقضه ويعد قصورا فى التسبيب

الوجه الثاني
قصور آخر في التسبيب ( القصور فى التسبيب )
كان دفاع الطاعن قد دفع أيضا وإنتفاء الركن المادى والمعنوى ووجود سبب من اسباب الاباحة وهو النقد المباح و توافر حسن النية وإن ما ارتكبه المتهم مقرر في الشريعة والقانون والدستور وان مانشر كان في إطار النقد المباح إلا أن المحكمة أغفلت الرد
وإذ كان من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته،
وكان البين من الحكم المطعون فيه. انه التفت عن دفاع الطاعن من أن العبارات الواردة في البيان محل الدعوى قد اشتملت على وصف وقائع حدثت من المدعى بالحقوق المدنية وهى بهذه المثابة نقد مباح، وليس قذفا، وهو دفاع جوهري لم يعن الحكم ببحثه وتمحيصه من هذه الناحية وعلى ضوء ما قدمه الطاعن من مستندات، واغفل أيضا بيان مضمونها استظهارا لمدى تأييدها لدفاعه، وحتى يتضح وجه استخلاصه أن عبارات البيان محل الاتهام لا تدخل في نطاق النقد المباح، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يعيبه وبما يوجب نقضه والإعادة.

( نقض 17/1/1972 أحكام النقض س 23 رقم 23 ص 86 )

وقد جاء فى حكم لمحكمتنا العليا
(لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن تمسك بحسن نيته فيما أبلغ به وبصحة الوقائع التي أسندها إلى المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان هذا الدفع في جريمة القذف  يعد دفاعاً جوهرياً لما يترتب على ثبوت أو عدم ثبوت صحته من تغيير وجه الرأي لأن القاذف في  إذا أثبت صحة ما قذف به المجني عليه من جهة وكان من جهة أخرى حسن النية، بأنه كان يعتقد صحة الإسناد وأنه يقصد إلى المصلحة العامة.)

[ طعن رقم 5131 ، للسنة القضائية 59 ، بجلسة 31/12/1991 ]

وقد تقرر حق النقد بمقتضى العرف المتفق مع مبادىء القانون المكتوب وأهدافه ثم كرسه الدستور بنص المادة 47 منه على أن النقد الذاتي والنقد البناء ضمانه لسلامه البناء الوطني


وقد ورد نقد الطاعن فيما نشر عن واقعه ثابتة ومعلومة للجمهور وكانت الواقعة المنشور عنها أيضا مما يهم الجمهور بحسب أن المدعي بالحق المدني مسئول عن الشركة المدعية بالحق المدنى وتناول المواطنين  موضوع الشكاوى المنشورة من العاملين بالشركة والمواطنين الذين تضرروا صحيا من صرف مخلفات هذه الشركة بالاضافة الى طرد العمال واهدار حقوقهم المادية والمعنوية بالاضافة الى العديد من المحاضر التى حررت ضد الشركة المدعية بالحق المدنى عن ذات الاسباب التى ذكرها الطاعن واعدتها المحكمة سبا وقذفا فى حق الشركة ؟
وان مانشر كان فيما يتعلق بالواقعة محل الشكوى والتي قدمت منها صور للجهات الرسمية وانحصر في حدودها وان الطاعن كان حسن النية وكانت واقعة ما يجرى فى هذا المصنع ومن تجاوزات ادارته معروفه للجمهور ولم تكن هناك ثمة وقائع جديدة غير معلومة للجمهور وكانت من خلال مستندات مقدمه في ذات الدعوى
وظاهر أن كل ما يتصل بالشئون العامة من تصرفات تهم الجمهور فيصح أن تكون محلا للنقد ولا يشترط فيمن صدر منه التصرف محل التعليق أن يكون ذا صفه عامه بل يكفى أن يكون قد تعرض لأمر من الأمور العامة بوجه من الوجوه على أن الواقعة قد تهم الجمهور ولو لم تتصل بالشئون العامة
فتصرفات أصحاب المهن الحرة والتجارة تهم الجمهور بحكم حاجته أليهم فيجوز أن تكون هذه التصرفات موضوعا للنقد دون أن يعد الناقد مرتكبا لجريمة القذف

(     د عمر السعيد رمضان شرح قانون العقوبات القسم الخاص   1986 ص 381 وما بعدها )

وحسن النية من الأمور المفترضة للناقد بحسب الأصل ومن ثم يكون على سلطه الاتهام أن تقيم الدليل على ما ينفيها
وفى جرائم النشر استقرت أحكام محكمه النقض على انه

( يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجود ها تقديرمرامى العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما أشتمل المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحه عامه وأخرى يكون القصد منها التنشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير ايهما كانت له الغلبة في نفس الناشر ( نقض 24/10/1993 س44ص 863 نقض 5/1/1989
نقض 28/1/1985 س 36 ص 177
نقض 33 لسنه 35 ق جلسة 2/11/1965 س 16ص787

وقرر دفاع الطاعن انتفاء قصد النيل من كرامه المدعي بالحق المدني الشخصية أو خدش شرفه أو اعتباره وذلك لانتفاء إيه خصومه شخصيه وإنما المقصود هو نشر تجاوزات ادارة المصنع وفى إطار النقد المباح
وهو دفاع جوهري لم يعرض له الحكم ولم يعن الحكم ببحثه وتمحيصه من هذه الناحية على ضوء ماقدمه الطاعن من مستندات كما اغفل الحكم تحصيل وبيان مضمون هذه المستندات استظهارا لمدى تأييدها لدفاع الطاعن حتى يتضح وجه استخلاص الحكم لما ذهب إليه من أن عبارات المقال الذي نشر لا تدخل في النقد المباح فان الحكم يكون قاصرا قصورا يعجز محكمه النقض عن مراقبه صحة تطبيق القانون على واقعه الدعوى وهو ما يستوجب نقضه (

( نقض 24/10/19893 س 44 ص 863
نقض 16/10/1978 س 29 ص 695
نقض 30/10/1978 س29 ص 764
نقض 4/12/1977 س 28 ص 1021

والأصل المقرر في القانونين الدستوري والجنائي انه لا يجوز تجريم اى عمل مما يعتبر استعمالا لأحدى الحريات ومنها حرية الراى  وحرية التعبير ومن باب أولى لا يجوز التوسع في تفسير القيود والجرائم التي تنتج من استعمال هذه الحرية والفروق بين حق النقد والقذف والسب المعاقب عليه ليست جامدة فقد تسمح المناسبة أن يستعمل الناقد العبارات القاسية أو العنيفة دون أن يعتبر استعمالها سبا أو قذفا


الوجه الثالث

قصور آخر في التسبيب وإخلال بحق الدفاع

كان دفاع الطاعن قد تمسك بطلب البراءة استنادا الى نص المادة 33 من اتفاقية مكافحة الفساد للامم المتحدة والتىوقعت عليها مصر
الا ان المحكمة لم تلتفت الى هذا الدفع ولم ترد عليه
ففضلاً عن أن بعض نصوص الدستور المصرى قد صانت ونصت على حق الفرد فى التعبير الحر عن أرائه ومعتقداته وعن حقه فى حرية نقل المعلومات والحصول عليها بأى طريق مشروع.


فقد جاءت أيضاً نصوص المعاهدات والإتفاقيات الدولية لتقر هذا الحق الأصيل ، فقد نصت المادة رقم 33 من إتفاقية مكافحة الفساد التى وقعت عليها الحكومة المصرية أمام هيئة الأمم المتحدة فى 9/12/2003 وصدقت عليها بمجلس الشعب فى تاريخ 25/2/2005 على أن تلتزم الدول الأطراف بالإتفاقية بحماية الأشخاص المبلغين عن وقائع الفساد وعدم تقديمهم إلى المحاكمة وتضمن حمايتهم من التنكيل أوالمطاردة .وقد أصبحت تلك الإتفاقية جزءً من التشريع الوطنى بمجرد التصديق عليها بموجب نص المادة 151 من الدستور.

هذا  بالإضافة إلى أن العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الذى صدقت عليه الحكومة مصر فى عام 1981 وأصبح ملزماً لها ، قد نصت به الفقرة الثانية من المادة 19 على الحق فى حرية التعبير والذى يشمل الحق فى البحث عن المعلومات أو الأفكار من أى نوع وإستلامها ونقلها بغض النظر عن الحدود وذلك شفاهة أو كتابة أو طبعة .
من جماع ماسلف يغدو أمام عدلكم أن كافة ما أسنده المتهم إلى الشركة المدعية بالحق المدنى فى مدونته من عبارات أو ألفاظ  أو أوصاف  ـ غير معينة على وجه الإطلاق ـ لم تخرج عن كونها الحقيقة التى أكدتها كافة الأجهزة الإدارية المعنية ولجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب وأيضاً جهاز حماية البيئة ومكتب القوى العاملة وكافة الصحف القومية والمعارضة. مما يضحى معه ما أسنده للمدعى بالحق المدنى حقاً للنقد المباح الذى يعفيه من العقاب ويخرج بالإدعاء الماثل من نطاق التجريم .

ويظل حكم أول درجة الذى عول فى الإدانة على التقرير الفنى الصادر من وزارة الداخلية ـ إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات ـ قاصراً فى التسبيب مخطئاً فى تطبيق القانون كما أسلفنا  وذلك لأن الخبير الذى صاغ هذا التقرير المشبوه تجاوز نطاق وحدود مأموريته التى حددتها له محكمة أول درجة فى نطاق تحديد شخص مالك أو مؤجر موقع ( الحقيقة المصرية الإليكترونى) وحسب ، وليس لتحديد ما تضمنه الموقع من عبارات أو تعيين عما إذا كانت تلك العبارات تمثل سباً أو قذفاَ أو تهديداً كما تطوع هذا الخبير فى تقريره المشبوه الذى يمثل حلقة جديدة من حلقات  المطارادات البوليسية للمدونين الشباب فى هذا الوطن المنهك المنتهك .

على ضوء ما سلف تغدو براءة المتهم مما أسند إليه ساطعة لعدالتكم لاريب فيها ولا إلتباس فى ظل حرصكم العادل على نهضة هذا الوطن بكافة سبل التنوير وحرية الرأى والحوار المجتمعى الفعال الذى إبتكره مجموعة من شباب المدونين على شبكة المعلومات هذا الفضاء التخيلى الفسيح الذى إنكسرت من خلاله التابوهات الهشة وإنفتح به الأفق الرحب لإستيعاب أراء هؤلاء الشباب من الذين باعهم الوطن بخثاً فاشتروه بدمائهم وحرياتهم .

الوجه الرابع
بطلان الحكم المطعون فيه لمخالفه لنص المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية
ذلك أن ورقه الحكم من الأوراق الشكلية التي يتعين أن تشتمل في ذاتها على بياناتها الجوهرية وان تنطوي على جميع مقوماتها قانونا بحيث لا يكملها في شيء من ذلك اى بيان خارج عنها غير مستمد منها ومن بين هذه البيانات الجوهرية والمقومات الاساسيه التي يجب أن يشتمل عليها الحكم
بيان  عبارات القذف والسب
وقد خلا الحكم منهما
فكان يجب على محكمة الموضوع أن تبين في حكمها القاضي بالإدانة عبارات القذف ولا يكفى في ذلك مجرد الإحالة على محضر التحقيق او عريضة الدعوى لان الحكم يجب أن يكون بذاته مظهرا للواقعة التي عاقب عليها
ولقاضى الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من أدلة الثبوت في الدعوى
ولكن لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية على الوقائع موضوع المحاكمة
ولكن جاء الحكم قاصرا على البيان اذ اكتفى فى حيثياته وقد خلا الحكم ايضا من بيان التهمة
وصيغة الاتهام هي جزء من الحكم فلذا تكفى الإحالة إليها في بيان الواقعة لكن لا تجوز الإحالة الى ما اوردتة النيابة العامة في وصفها للواقعة ولا الى ما جاء بعريضة الادعاء المباشر  ويجب أن يكون الحكم بذاته مظهراً لواقعة الفعل المراد إعتباره جريمة حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة صحة تكوينه للجريمة وعدم صحة ذلك . فإذا اكتفى الحكم بأن ذكر أن السب " حاصل بالألفاظ الواردة بعريضة الدعوى " دون بيانها كان معيباً عيباً جوهرياً موجباً لنقضه.

بنــــــــــــــاء عليـــــــــــــــــه

وحيث انه لما تقدم جميعه فان الحكم المطعون فيه يكون وقد ران عليه عوار البطلان بما يستوجب نقضه الاحاله .
وعن طلب وقف التنفيذ
فانه لما كان الاستمرار في تنفيذ الحكم فيه مما يترتب عليه أضرار ا محققه للطاعن بما يحق له طلب وقف تنفيذه مؤقتا لحين الفصل في هذا الطعن .

لذلـــــــــــــــــــــــــــــــــك

يلتمس الطاعن
الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل في الطعن
والحكم
بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون عليه والإحالة للفصل فيه مجدا من دائرة أخرى .

وكيل الطاعن
حمدى فتحى عطا خليفة
قيد رقم 41105
والشهير ب حمدي الاسيوطى
المحامي