مذكرة مؤسسة حرية الفكر و التعبيرللدفع بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات

السيد المستشار / رئيس المحكمة الدستورية العليا .
تحية طيبة وبعد

يتشرف بتقديم هذا الطلب الأستاذ /                     المحامى بالنقض والدستورية العليا وكيلا عن السيد / محمد احمد سلامة حمامة                                
ومحله المختار مؤسسة حرية الفكر والتعبير – مدينة أعضاء هيئة التدريس – جامعة القاهرة – عمارة 9 – الدور التاسع – شقة 92 .

ضـــــــــــــــد

السيد الدكتور / رئيس جامعة المنصورة                                  بصفته
السيد / رئيس الجمهورية                                                      بصفته
السيد / رئيس مجلس الوزراء                                                بصفته
السيد / رئيس مجلس الشعب                                                بصفته
السيد / وزير التعليم العالي                                                   بصفته

الموضــــــــوع

أولا : النصوص محل الدفع بعدم الدستورية .
1- قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والمنشور في الجريدة الرسمية – العدد 41 ( مكرر ) في 17 أكتوبر سنة 2007والذى يشمل المواد من 318 وحتى 334 من اللائحة التنفيذية رقم 809 لسنة 1975.
---------
2- نص المادة 319 من القرار سالف الذكر والتي تحدد شروط الترشيح لانتخابات اتحاد الطلاب والتي تنص على أن ..
" تشكل الاتحادات الطلابية من طلاب الكليات والمعاهد الجامعية النظاميين وطلاب الانتساب الموجه المقيدين بها لنيل درجة البكالوريوس أو الليسانس
ويشترط فيمن يتقدم للترشيح لعضوية لجان مجالس الاتحادات أن يكون :
- - متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية
- - متصفا بالخلق القويم والسمعة الحسنة
- - طالبا مستجدا في فرقته
- - مسددا الرسوم الدراسية
- - له نشاط فعال ومستمر في مجال عمل اللجنة التي يرشح نفسه فيها
- لم يسبق أن وقع عليه أي من الجزاءات المنصوص عليها في المادة 183 من لائحة القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات, أو تقرر إسقاط أو وقف عضويته بأحد الاتحادات الطلابية أو لجانها
- لم يسبق أن حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية
ويحق لطلاب الانتساب والتعليم المفتوح والوافدين وطلاب الدراسات العليا المسددين للرسوم الدراسية ممارسة أوجه النشاط الخاص بالاتحاد دون أن يكون لهم حق الانتخاب أو الترشيح .


ثانيا : النصوص الدستورية التي خالفتها النصوص القانونية محل الدفع بعدم الدستورية
.
1- المادة( 8 ) والتي تنص على أن ( تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع الموطنين )
2-    المادة( 40 ) التي تنص على أن ( المواطنون لدى القانون سواء , وهم متساوون في الحقوق والواجبات  )
3-    المادة( 56 ) التي تنص على أن ( إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون )
4-     المادة( 62 ) التي تنص ( للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي 000)
5-    المادة(  65 ) تنص على ( تخضع الدولة للقانون )
6-    المادة( 86 ) تنص على أن ( يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقرر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية 000)  
7-    المادة( 144)  التي تنص على أن ( يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين , بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها , وله أن يفوض غيره في إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه 0 )
8-    المادة( 146 ) التي تنص على أن ( يصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة0 )
9-    المادة( 147 ) التي تنص على أن ( إذا حدث في غيبة مجلس الشعب  ما يوجب الإسراع  في اتخاذ  تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون  0000)

الوقــــائــع

المدعى طالب بجامعة المنصورة – كلية طب الأسنان – وكان قد تقدم للترشيح لانتخابات اتحاد الطلاب للعام الدراسي 2008 / 2009 ثم فوجىء باستبعاد اسمه من كشوف المرشحين ، وهو ما دعاه إلى الطعن على قرار استبعاده أمام محكمة القضاء الادارى بالمنصورة ، وقد قيدت الدعوى تحت رقم 239 لسنة 31 ق ، وقد نعى المدعى على القرار المطعون فيه إخلاله بحقوقه الدستورية والقانونية .


وقد تداولت الدعوى بالجلسات ، ثم دفع المدعى بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 809 لسنة 1975 لإضافته مواد جديدة للائحة التنفيذية  قد خلا منها قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وذلك بالمخالفة لنص المادة 144 من الدستور التي أعطت رئيس الجمهورية سلطة إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين دون تعديل للقانون ذاته . كذلك دفع المدعى بعدم دستورية المادة 319 من قرار رئيس الجمهورية التي تحدد شروط الترشيح لانتخابات اتحاد الطلاب لإهدارها حق الترشيح ومخالفتها لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص .

وبجلسة 15 / 2 / 2009 قررت المحكمة التأجيل لجلسة 19/4/2009 مع التصريح للمدعى لاتخاذ إجراءات إقامة الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا .

أوجــه الطعـن

أولا : مقدمة حول الحق في التنظيم .
إن الحق في التنظيم يعتبر من أقدم الحقوق الطبييعيه التي عرفها الإنسان من يوم أن حقق انتصاره على الطبيعة وقد اخذ الحق في التنظيم شكله الحالي بعد أن مرت البشرية بعدة مراحل بالنسبة لمفهوم الإنسان , ففي ظل المذهب الفردي كان الفرد هو محور العملية الانتاجيه والاقتصادية  والسياسية  , وبالتالي محور أهم العلوم الانسانيه والأجتماعيه , إلا أنه ونتيجة المبالغة في المذهب الفردي  الذي أدى إلى الأزمة الاقتصادية العالمية التي كادت تعصف بالمجتمع الاوروبى  , بدأ التخفيف من المذهب الفردي وتم النظر إلى الإنسان بصفته كائن اجتماعي لايمكن أن يعيش إلا في ظل جماعة ,وبدأ تبعا لذلك الاهتمام بالحق في التنظيم كضرورة لازمة للحياة الجماعية 0 وهو ما أتى به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  بالاضافه إلى العديد من الاتفاقيات الأخرى , والتي يعد أهمها  العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية  , والتي شكلت ما يمكن أن نطلق عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان 0

- القانون الدولي لحقوق الإنسان وحق التنظيم .

شكلت المواثيق الدولية والفقه القانوني الخاص بها جميعا , حصنا منيعا لحماية  الحق في التنظيم  باعتباره من الحريات  الأساسية التي يجب كفالتها من أجل التطور السلمي للمجتمعات  الديمقراطية , فحرية التنظيم ترتبط ارتباطا وثيقا  وتتداخل بشدة مع حرية الرأي وحرية التعبير والمشاركة السياسية  , والحق في التجمع السلمي 0 وهذه الحقوق ذكرت في القانون الدولي وقوانين المجتمعات الديمقراطية كحريات وحقوق أساسية 0وهناك منظومة هائلة من المواثيق الدولية تكفل حرية التنظيم  كأحد الحريات الضرورية  من أجل حركة المجتمعات الديمقراطية الحقيقة  0 والى جانب القانون الدولي , فان الاستعانة  ( بالمبادئ الدستورية والقانون المحلى في مختلف البلاد الديمقراطية , وهو المتاح لدى المحكمة الدستورية  في مصر يعد أمرا ضروريا  في تحديد نطاق هذه الحرية , والمدى الذي يقيد به  التشريع السائد في جمهورية مصر العربية هذا الحق 0

إن حرية  التنظيم مكفولة  في عدد من المواثيق الدولية  التي تتشابه تماما في ضمانها لهذه الحرية  فجميعها تكفل حرية التنظيم مهما كان الغرض منها سياسيا أو أي أغراض أخرى 0
وهذه المواثيق هي كما يلي......
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  بموجب نص المادة (20 ) والتي تنص على أن  ( 1- لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجماعات والجمعيات السلمية )  0

و العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية  المادة( 22 ) والتي تنص على أن ( 8- لكل فرد  الحق في حرية المشاركة مع الآخرين بما في ذلك , تشكيل النقابات العامة  أو الانضمام إليها لحماية مصالحه 0)

الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب  المادة ( 10 )  تنص على ( 12 – يحق لكل مواطن أن يكون بحرية جمعيات مع الآخرين شريطة أن يلتزم بالأحكام التي حددها القانون 0

الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية  تنص على
( 1 – لكل فرد الحق في التنظيم بحرية من أجل أغراض أيدولوجيه أو دينيه , أو سياسية أو اقتصادية أو عمالية أو اجتماعية أو ثقافية أو رياضية  , أو أي أغراض آخرى0
2- وتخضع ممارسة هذا الحق فقط لتلك القيود التي يقررها القانون  بما يكون ضروريا في المجتمع الديمقراطي  ومن أجل  صالح الأمن القومي أو السلامة العامة  أو النظام  العام  , أو لحماية الصحة العامة أو ألاداب العامة أو حقوق وحريات الآخرين 0 )

وتختلف درجة الحماية الممنوحة لهذا الحق وكذلك القيود المسموح بها  , وفيما عدا الإعلان العالمي  ,  تلاحظ  جميع هذه المواثيق  ضرورة أن تنص القوانين على تلك القيود  , وأن تكون ضرورية  في أي مجتمع ديمقراطي  من أجل احترام  سمعة وحرية الآخرين 0

- التدخل المسموح به في حرية التنظيم
أولا : التدخل يجب أن ينص عليه القانون

أن هذا الشرط  وضع لتجنب القيود التعسفية لممارسة الحقوق والحريات العامة 0 بحيث يلزم لإقرار تلك القيود أن ينص عليها القانون العام الذي تفرضه السلطة التشريعية بشكل طبيعي , فلا يجوز السماح بالإجراءات التي تتخذها السلطات التنفيذية ألا إذا صدق المشرع على هذه الإجراءات 0  ومع ذلك لا يقف مبدأ النص القانوني عند هذا الحد بل يجب أن يصاحب التنفيذ ضمانات إجرائية مناسبة  وأن تطبق مع عدم التمييز  كما يجب أن لا يصل التنظيم إلى حد إنكار الحق أو إنقاصه , كما يجب أن يتفق النص مع معياري الوضوح وإمكانية العلم 0وأخيرا يجب أن تكون الغاية من التقييد هو تحقيق مصلحة سياسية عامة مشروعه ومحددة  وضرورية في أي مجتمع ديمقراطي .

ثانيا : أن يكون التدخل على أساس هدف مشروع .

إذا كان القانون الدولي قد عدد الأهداف المشروعة والتي تتيح للسلطة التنفيذية التدخل وتقييد الحريات العامة إلا أن النصوص القانونية لم تعرف تلك المصطلحات , ولذلك قام الفقه الدولي بتحديد هذه المصطلحات بالرجوع إلى السياق العام , فالمشرع الدولي اشترط أن تكون القيود بهدف تحقيق مصلحة سياسية عامة ومشروعة ومحددة والتي تشمل الأمن القومي والسلامة العامة ومنع الاضطرابات والجريمة , وحمية الآداب العامة  والصحة العامة وحماية حقوق وحريات الآخرين 0
وفى محاولة لوضع تفسير لتلك المصلحات , فعلى سبيل المثال فان مصطلح الأمن القومي يمكن تعريفه بحماية السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي ضد القوة الأجنبية والتهديد بالقوى 0 ومصطلح السلامة العامة فأنه يتعلق بالممارسات التي تتعرض سلامة الأشخاص للخطر أو السلامة الجسدية  والنظام العام  يمكن فهمه كأساس لتقييد بعض الحقوق والحريات لصالح تسهيل حركة المؤسسات القائمة والضرورية للجماعة , أما مصطلح الآداب العامة فهو يشير إلى المبادئ التي تقبلها بصفة عامة الغالبة العظمى من المواطنين كإرشادات أخلاقية للسلوك الضروري أو الاجتماعي وأخر الأسس المشروعة للتدخل هو الحد الضروري في أي مجتمع ديمقراطي الذي يمكن تلخيصه في  ( التعددية ) و ( التسامح ) و ( وسعة الأفق )

ثانيا : عدم دستورية قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات

أولا – مخالفة قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات لنص المادة  144 من الدستور .
تنص المادة 196 من قانون تنظيم الجامعات على أن ..
" تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالي وبعد أخذ رأي مجلس الجامعات وموافقة المجلس الأعلى للجامعات.
وتتولى هذه اللائحة بصفة عامة وضع الإطار العامة لتنفيذ أحكام هذا القانون وبيان النظم والأحكام العامة المشتركة بين الجامعات وتلك المشتركة بين بعض كلياتها ومعاهدها. وتنظم هذه اللائحة، علاوة على المسائل المحددة في القانون، المسائل الآتية بصفة خاصة:

1. تكوين الجامعات.
2. اختصاصات المجالس الجامعية واللجان المتعددة المنبثقة عنها ونظم العمل بها.
3. المؤتمرات العلمية للكليات والمعاهد والأقسام وتشكيلها واجتماعاتها واختصاصاتها.
4. شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التي تؤدى إليهم.
5. القواعد العامة لنظام الدراسة والامتحان والإشراف على الرسائل ومناقشتها ونظام التأديب.
6. بيان الدرجات والشهادات العلمية والدبلومات والشروط العامة للحصول عليها.
7. المكافآت والجوائز الدراسية.
8. الخدمات الطلابية.
9. نظام الإعلان عن وظائف أعضاء هيئة التدريس ووظائف المدرسين المساعدين والمعيدين الشاغرة.
10. نظام الكفاءة المتطلبة للتدريس في شأن المعينين في هيئة التدريس من خارج الجامعات.
11. قواعد الانتداب للتدريس ولأعمال الامتحانات والمكافآت الخاصة بها.
12. النظام العام لتدريب المعيدين والمدرسين المساعدين على التدريس وتلقي أصوله.
13. قواعد تحديد المكافآت المالية والمنح لأعضاء هيئة التدريس وغيرهم.
14. الإطار العام للوائح الفنية والمالية والإدارية للوحدات ذات الطابع الخاص في الجامعات.
----------
وتنص المادة 144 من الدستور على أن ..
"  يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها ، وله أن يفوض غيره في إصدارها . ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه "
----------

وعليه فان الدستور اسند لرئيس الجمهورية سلطة إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ولكن قيده بشروط معينة حرصا منه على أن تظل سلطة التشريع لمجلس الشعب وهذه القيود هي ..
1- ألا تأتى اللوائح التنفيذية بتعديل للقوانين .
2- ألا تأتى اللوائح التنفيذية بتعطيل للقوانين .
3- ألا تأتى اللائحة التنفيذية بإعفاء من تنفيذ القوانين .

- وبتطبيق تلك النصوص السابقة نجد أن قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 قد جاء مخالفا لنصوص الدستور ، فحقا أعطى الدستور لرئيس الجمهورية سلطة إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين وحقا أن القرار رقم 340 لسنة 2007جزء من اللائحة التنفيذية رقم 809 لسنة 1975 لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 ، ولكن الدستور عندما أعطى لرئيس الجمهورية سلطة إصدار اللوائح التنفيذية كما ذكرنا قيده بثلاثة قيود ومنها ألا تتضمن اللائحة التنفيذية تعديلا للقانون ، وهو ما خالفه رئيس الجمهورية فيما يخص قراره رقم 340 لسنة 2007 الذى وضع بالأساس لتنظيم إجراءات انتخابات اتحاد الطلاب ، على الرغم من انه لم يرد في أيا من مواد قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 ما ينص على أيا من الشئون الخاصة باتحاد الطلاب أو انتخاب أعضائه ومجلسه ، وهنا يكون إصدار رئيس الجمهورية لقرار يتضمن وضع إجراءات لتنظيم الاتحاد وانتخابات أعضائه تعديلا بالإضافة لقانون تنظيم الجامعات الذي خلت نصوصه مما يخص انتخابات اتحاد الطلاب وتشكيله واختصاصاته وهنا يتضح أن رئيس الجمهورية بإصداره لهذا القرار قد اغتصب احد اختصاصات السلطة التشريعية التي يخولها لها الدستور .

من ناحية أخرى نجد أن المادة 196 من قانون تنظيم الجامعات قد وضعت حدود اللائحة التنفيذية له ، وعليه لا يجوز أن تخرج اللائحة التنفيذية عن حدود المادة 196 من قانون تنظيم الجامعات .
وقد حددت المادة سالفة الذكر ما تختص اللائحة التنفيذية بتنظيمه من الأمور الطلابية وذلك في البنود 4 و 5 و 6 و 7 و 8  منها وذلك على النحو الاتى ...

........وتتولى هذه اللائحة بصفة عامة وضع الإطار العام لتنفيذ أحكام هذا القانون وبيان النظم والأحكام العامة المشتركة بين الجامعات وتلك المشتركة بين بعض كلياتها ومعاهدها. وتنظم هذه اللائحة، علاوة على المسائل المحددة في القانون، المسائل الآتية بصفة خاصة:

4. شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التي تؤدى إليهم.
5. القواعد العامة لنظام الدراسة والامتحان والإشراف على الرسائل ومناقشتها ونظام التأديب.
6. بيان الدرجات والشهادات العلمية والدبلومات والشروط العامة للحصول عليها.
7. المكافآت والجوائز الدراسية.
8. الخدمات الطلابية.


إذا حددت المادة 196 من قانون تنظيم الجامعات أن اللائحة التنفيذية تنظم المسائل المحددة في القانون بشكل عام وعلى وجه الخصوص الأمور الواردة في البنود 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8  
وعن المسائل المحددة في القانون فقد خلت كافة نصوص قانون تنظيم الجامعات بلا استثناء من اى نص يتعلق باتحاد الطلاب أو انتخاباته أو تشكيله .

أما عن المسائل التي أخصت المادة 196 اللائحة التنفيذية بتنظيمها على وجه الخصوص في البنود 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 فليس من بينها ما له علاقة باتحاد الطلاب باعتباره كيانا ينشا بإرادة مكونيه وليس بقوة القانون ، فشروط قبول الطلاب ونظام الدراسة ونظام التأديب وبيان الدرجات والشهادات العلمية والجوائز الدراسية والخدمات الطلابية كلها أمور لا تمت بصلة للانتخابات الطلابية باعتبارها مسالة ديمقراطية تتعلق بالأساس بإرادة الطلاب وليس بتنظيم القانون لبعض الأمور التنظيمية التي تضمن سير العملية التعليمية وتحقيقها للغرض منها .

ثانيا : السلطة التشريعية هي المنظمة لحقوق الأفراد التي كفلها الدستور وليس السلطة التنفيذية .

ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى أن " الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصا ما بتنظيم شيء مما يمس الحقوق التي كفلها الدستور ......... وان هذا التنظيم يتعين أن تتولاه السلطة التشريعية بما تصدره من قوانين متى كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على انه إذا ما اسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة التشريعية فلا يجوز لها أن تتسلب من اختصاصها وتحيل الأمر برمته إلى السلطة التنفيذية دون أن تقيدها في ذلك بضوابط عامة وأسس رئيسية تلتزم بالعمل في إطارها ، فإذا ما خرج المشرع على ذلك وناط بالسلطة التنفيذية تنظيم الحق من أساسه كان متخليا عن اختصاصه الأصيل المقرر بالمادة 86 من الدستور ، ساقطا – بالتالي – في هوة المخالفة الدستورية   -" حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 243 لسنة 21 قضائية دستورية – جلسة 4 نوفمبر سنة 2000"
والسقوط في هوة المخالفة الدستورية هو حال قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات حيث اغتصب اختصاص السلطة التشريعية في تنظيم مجموعة من الحقوق والحريات منها الحق في التنظيم ، وحرية الراى والتعبير ، وحق الترشيح ، وحق الانتخاب وهى كلها من الحقوق والحريات  التي عقد الدستور الاختصاص بتنظيمها للسلطة التشريعية وليس للسلطة التنفيذية

فالمادة 47 من الدستور تنص على أن  
"حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني"

وتنص المادة 56 من الدستور على أن
"إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية. وينظم القانون مساهمة النقابات والاتحادات في تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية‏ ،‏ وفى رفع مستوي الكفاية بين أعضائها وحماية أموالها‏.. وهى ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم وفق مواثيق شرف أخلاقية، وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانوناً لأعضائها"


وتنص المادة 62 من الدستور على أن
" للمواطن حق الانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقا لأحكام القانون‏ ،‏ ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني‏ ،‏ وينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى ‏،‏ وفقا لاى نظام انتخابي يحدده.
ويجوز أن يأخذ القانون بنظام يجمع بين النظام الفردي ونظام القوائم الحزبية بأية نسبة بينهما يحددها‏ ،‏ كما يجوز أن يتضمن حدا أدنى لمشاركة المرأة في المجلسين‏.‏"

والاتحادات الطلابية بوصفها أشكالا يكونها الطلاب بإرادتهم ليمارسون من خلالها حقهم في تنظيم أنفسهم والتعبير عن آرائهم وحقهم في الترشيح وفى انتخاب من يمثلونهم تعتبر إطارا لممارسة الحقوق المدنية والسياسية التي كفلها الدستور للمواطنين وترك للقانون تنظيم تمتع الأفراد بها  وذلك بالنسبة لطلاب الجامعات .


كذلك فانه وكما يبين من النصوص الدستورية سالفة الذكر أن تلك الحقوق والحريات كفل الدستور تنظيمها للقانون اى للسلطة التشريعية وليس للسلطة التنفيذية ، وعليه يكون تنظيمها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 غصبا لاختصاص السلطة التشريعية وتسلبا للأخيرة من اختصاصاتها الأصلية .

ثالثا : عدم انطباق المادة 146 من الدستور على الاتحادات الطلابية لأنها مرفق خاص وليست مرفق عام .
يعتبر اتحاد الطلاب مرفق خاص على عكس مؤسسة الجامعة التي تعتبر مرفق عام  ، وذلك لان اتحاد الطلاب ينشا بالأساس بإرادة مكونيه وليس بقوة القانون كما هو الحال بالنسبة للمرافق العامة فعضوية اتحاد الطلاب اختيارية وبالتالي ينطبق عليه مبدأ حرية الانضمام والانسحاب وتتجلى هذه التفرقة في التمييز بين النقابات المهنية والنقابات العمالية فالنقابة المهنية تعتبر مرفق عام نظرا لأنها تنشا بقوة القانون أما النقابة العمالية فإنها تعتبر مرفق خاص لأنها تنشا بإرادة أعضائها وعليه فان الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يعتبر مرفق خاص

وقد ذهبت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في 20/7/1994 في فتواها رقم 88/1/56 إلى أن "من مطالعة قوانين النقابات المهنية أن الوصف المهني لا يلحق بأي من هذه التنظيمات بموجب قيام التكوين النقابي بالدفاع عن حقوق الأعضاء ومصالحهم شأن النقابات العمالية، كما لا يلحق أيا منها أيضا لمجرد قيام النقابات بمساندة أعضائها بتطوير مهاراتهم أو تحديث أدواتهم أو تنمية دخولهم أو الإفساح لهم في فرص الرزق كما هو الشأن في الروابط والجمعيات، وإنما اطردت سنن التشريع وسياسته على أن يلحق الوصف المهني هذا النوع من النقابات التي يصدر بها قانون ينظم فيما ينظم شئون ضبط النشاط المهني المعنى والإشراف على ممارسته ورقابة مزاولته، مع حصر الأداء المهني في المقيدين بالنقابة، فمن تتوافر فيهم الشروط المحددة بالقانون ومن يرسم إجراءات قيدهم في سجلات النقابة وأحوال رفض القيد وطرق التظلم من قرار رفض القيد، والطعن فيه، وأن يتاح للتكوين النقابي بموجب إشرافه على حسن الأداء المهني مكنة متابعة نشاط الأعضاء ومساءلتهم عن الإخلال بوجباتهم المهنية، وتوقيع الجزاءات على من يخل بهذه الواجبات سواء بوقف ممارسة المهنة أو إسقاط العضوية أصلاً. مع شمول التنظيم النقابي المهني تجريم مزاولة المهنة دون قيد بالنقابات المهنية، ومن ثم فقد استقر الفقه والقضاء على اعتبار هذا النوع من النقابات من أشخاص القانون العام القائمة على إدارة مرفق عام، مما يدخل أصلاً في صميم اختصاص مجلس الدولة، وكل ذلك مما يستقرأ من نظم نقابات مهن المحاماة والطب والهندسة والتجاريين والصحفيين والزراعيين وغيرهم"
وعليه لا يجوز لرئيس الجمهورية التدخل لتنظيم اتحاد الطلاب وانتخاباته واختصاصاته تحت دعوى انه من المرافق العامة التي أعطاه الدستور سلطة تنظيمها بموجب نص المادة 146 منه والتي تنص على أن " يصدر رئيس الجمهورية القرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق والمصالح العامة ".

ثالثا : عدم دستورية نص المادة 319 من قرار رئيس الجمهورية  رقم 340 لسنة 2007 الخاصة بشروط الترشيح لانتخابات اتحاد الطلاب .

تنص المادة 319 من قرار رئيس الجمهورية  رقم 340 لسنة 2007على أن ..
" تشكل الاتحادات الطلابية من طلاب الكليات والمعاهد الجامعية النظاميين وطلاب الانتساب الموجه المقيدين بها لنيل درجة البكالوريوس أو الليسانس
ويشترط فيمن يتقدم للترشيح لعضوية لجان مجالس الاتحادات أن يكون :
- - متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية
- - متصفا بالخلق القويم والسمعة الحسنة
- - طالبا مستجدا في فرقته
- - مسددا الرسوم الدراسية
- - له نشاط فعال ومستمر في مجال عمل اللجنة التي يرشح نفسه فيها
- لم يسبق أن وقع عليه أي من الجزاءات المنصوص عليها في المادة 183 من لائحة القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات, أو تقرر إسقاط أو وقف عضويته بأحد الاتحادات الطلابية أو لجانها
- لم يسبق أن حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية
ويحق لطلاب الانتساب والتعليم المفتوح والوافدين وطلاب الدراسات العليا المسددين للرسوم الدراسية ممارسة أوجه النشاط الخاص بالاتحاد دون أن يكون لهم حق الانتخاب أو الترشيح .

أولا: إعاقة نص المادة 319 من قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 لحق الطلاب في ترشيح أنفسهم لانتخابات اتحاد الطلاب.
اقر الدستور الحقوق والحريات التي يستطيع أن يتمتع بها الطلاب داخل الجامعات باعتبارهم مواطنون يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية المقررة دستوريا لجميع المواطنين ولكنه ترك تنظيم ممارسة هذه الحقوق للقانون وباعتبار أن اللائحة الطلابية جزء من قانون تنظيم الجامعات فإنها تكون هي المنوط بها تنظيم ممارسة هذه الحقوق والحريات التي تسمى بالحقوق القابلة للتنظيم التشريعي.

ويرى الفقه الدستوري انه طالما كانت مهمة القانون هو تنظيم ممارسة الحقوق والحريات فانه لا يجوز له تقييدها والا أصبح القانون غير دستوري .

اى أن هذه الطائفة من الحقوق والحريات التي تسمى بالحقوق القابلة للتنظيم التشريعي يجوز للقانون القيام بتنظيمها شريطة ألا يؤدى التدخل التشريعي إلى أيا من الأمور الآتية
1-    الانتقاص من الحق أو الحرية ويستمد هذا القيد من المفهوم الديمقراطي للحرية ، فطالما سمح الدستور بحرية ما فلا يجوز التمتع بها منقوصة ولابد من التمتع بها كاملة
2-    إهدار الحق أو الحرية إهدارا تاما بمصادرة الحق أو الحرية. فالدستور حتى ولو أجاز للمشرع تنظيم هذه الطائفة من الحقوق إلا انه أيضا اقرها من حيث المبدأ ولا مفر عند التدخل لتنظيمها أن يؤكد التشريع هذا الإقرار الدستوري ومن ثم لا يستطيع نفيه أو مصادرته.
3-    فرض قيود عليها على نحو يجعل استخدام الحق أو الحرية شاقا على الأفراد   

وبالتالي تكون هذه الشروط الثلاثة شروط بديهية ومعايير يجب  مراعاتها عند وضع اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والا تعتبر مخالفة للدستور مما يستوجب تغييرها .


والحكمة من ترك الدستور للقانون مهمة تنظيم الحقوق والحريات الدستورية هي ضمان عدم تعارض ممارسة أيا من الأفراد لهذه الحقوق أو تلك الحريات مع ممارسة غيره من الأفراد لها أما إذا تدخل القانون تحت ستار التنظيم وصادر الحرية تماما فانه بذلك يعد قد انتهك الدستور   .ليس فقط على مستوى المخالفة الحرفية لظاهر النص ولكن على مستوى التوجه العام المنوط بالقانون إتباعه وهو أن يكون القانون أساسا ضمانا لحرية الفرد ومشروعية السلطة إعمالا لوثيقة إعلان الدستور التي تنص في إحدى فقراتها على أن سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً لحرية الفرد فحسب ، لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة في نفس الوقت .

وكذلك ما تنص عليه  المادة الأولى من مواد الدستور على أن " جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة " .

وعليه فان المادة 319 إذ تضع ضمن شروط الترشيح شرطين احدهما أن يكون الطالب مسدد للرسوم الدراسية كاملة والآخر أن يكون له نشاط فعال ومستمر في مجال عمل اللجنة التي يرشح نفسه فيها فهذا ما هو الا الصورة الثالثة من صور التدخل التشريعي المحظور عند تنظيم الحقوق الدستورية والتي تتمثل في فرض قيود عليها على نحو يجعل استخدام الحق أو الحرية شاقا على الأفراد ، فمثل هذين الشرطين من شأنهما إعاقة الطلاب عن ترشيح أنفسهم لانتخابات اتحاد الطلاب فما يحدد المركز القانوني للطالب هو انه مقبول في الجامعة أو الكلية التي ينتمي إليها وليس كونه مسددا للرسوم الدراسية أو انه من ذوى النشاط السابق في أحدى لجان اتحاد الطلاب من عدمه .

ثانيا : مخالفة شرط سداد الرسوم الدراسية وشرط أن يكون لطالب الترشيح نشاط سابق في إحدى لجان الاتحاد كأحد شروط الترشيح لانتخابات اتحاد الطلاب لنصوص المواد 40 ، 8 من الدستور .
تنص المادة 40 من الدستور  على أن " المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون في الحقوق والواجبات ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أوالدين أو العقيدة "


وهذين الشرطين فضلا عن انهما ينطويا على مساس بالمساواة بين الطلاب عموما إلا أن شرط سداد الرسوم الدراسية على وجه الخصوص  يعمق التمييز بينهم على أساس الحالة الاقتصادية بشكل خاص لأنه يعنى أن الطالب القادر على دفع الرسوم الدراسية في بداية العام الدراسي الذي تنعقد فيه الانتخابات الطلابية سوف يستطيع ترشيح نفسه أما الطالب غير القادر على دفعها في هذا الوقت فسوف يحرم من حقه في الترشيح ، وعدم القدرة على دفع الرسوم الدراسية هو بالضرورة مرتبط بظروف الطالب الاقتصادية وهذا هو سندنا في القول أن في هذا الشرط تمييز بين الطلاب على أساس الحالة الاقتصادية وهو ما حظرته المحكمة الدستورية العليا في أحكامها حين قضت " وحيث أن الدساتير المصرية جميعها، بدءا بدستور 1923، وانتهاء بالدستور القائم، رددت جميعها مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة، باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها.

وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك، إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين، في حدود سلطته التقديرية وعلى ضوء ما يرتئيه محققا للصالح العام.

ولئن نص الدستور في المادة 40، على حظر التمييز بين المواطنين في أحوال بينتها، هي تلك التي تقوم التمييز فيها على أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، إلا أن إيراد الدستور لصور بذاتها يكون التمييز محظورا فيها، مرده أنها الأكثر شيوعا في الحياة العملية، ولا يدل البتة على انحصاره فيها. إذ لو صح ذلك، لكان التمييز بين المواطنين فيما عداها جائزا دستوريا، وهو ما يناقض المساواة التي كفلها الدستور، ويحول دون إرساء أسسها وبلوغ غاياتها. وآية ذلك، أن من صور التمييز التي غفلتها المادة 40 من الدستور، ما لا تقل عن غيرها خطرا سواء من ناحية محتواها، أو من جهة الآثار التي ترتبها، كالتمييز بين المواطنين في نطاق الحقوق التي يتمتعون بها، أو الحريات التي يمارسونها، لاعتبار مرده إلى مولدهم، أو مركزهم الاجتماعي، أو انتمائهم الطبقي، أو ميولهم الحزبية، أو نزعاتهم العريقة، أو عصبيتهم القبلية، أو إلى موقفهم من السلطة العامة، أو إعراضهم عن تنظيماتها، أو تبنيهم لأعمال بذاتها، وغير ذلك من أشكال التمييز

التي لا تظاهرها أسس موضوعية تقيمها؛ وكان من المقرر أن صور التمييز المجافية للدستور وان تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة بين المؤهلين قانونا للانتفاع بها، وبوجه خاص على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وغير ذلك من مظاهر الحياة العامة.رقم 33/15 ق د - ج ر - العدد 51 في 21/12/95

فضلا عن مخالفة هذين الشرطين  لنص المادة ( 8 ) من الدستور التي تنص على أن " تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين " إذ كيف يستطيع الطالب غير القادر على دفع الرسوم الدراسية في هذا الوقت المبكر من العام الدراسي على أن يتمتع بفرصة الترشيح للانتخابات بل أيضا كيف يصبح الطالب من ذوى النشاط السابق طالما تم استبعاده فى كل مرة يتقدم فيها للترشيح تحت ستار عدم استيفاؤه لهذا الشرط .وفى هذا الاتجاه أيضا قضت المحكمة الدستورية العليا بان " مضمون مبدأ تكافؤ الفرص يتصل بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، وان إعماله يقع عند تزاحمهم عليها، وان الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية في مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض، وهى أولوية تتحدد وفقا لأسس موضوعية، يقتضيها الصالح العام، ولازمها أن يعامل المتزاحمون عليها الذين تتماثل - في إطار هذه الأسس الموضوعية وعلى ضوئها - مراكزهم القانونية، معاملة موحدة.

رقم 32/16 ق د - ج ر - العدد 51 في 21/12/95

رابعا : التطور التاريخي للوائح الطلابية
ربما يكون من الأشياء الأساسية للمهتمين بتاريخ تطور اللوائح الطلابية، هي تواريخ تغيير هذه اللوائح وعلاقتها بالمناخ السياسي الاجتماعي في كل مرحلة، والذي كان يفرض نفسه من خلال مساحة الحرية التي يمكن إعطائها لطلاب الجامعات في ظل هذا الوضع، دون أن تهدد النظام السياسي.


وتختلف علاقة الأطر الرسمية بالحركة الطلابية باختلاف الظروف العامة في المجتمع، ففي ظل مناخ الحرية تكون الاتحادات الطلابية أكثر تعبيراً عن طموحات وأهداف الحركة الطلابية، مما يمكنها من استيعاب أكبر عدد ممكن من الراغبين في المشاركة.

وتتوقف فعالية العمل الطلابي العام على المناخ السائد في المجتمع، فكلما تزايدت أجواء الحرية، كلما ازداد بروز النشاط الطلابي، مع ملاحظة أن الحركة الطلابية كانت دائماً في طليعة المطالبين بالديمقراطية، فارتبطت المسألة الديمقراطية داخل الجامعة دائما بقضية الديمقراطية في البلاد ككل .

وفى هذا الصدد نستعرض أهم ملامح التطور التاريخي للوائح المنظمة للاتحادات الطلابية في الجامعات المصرية .
• شهدت الفترة من 23 يوليو 1952 وحتى أزمة مارس 1954 أجواء انفتاح سياسي واسعا يعد استكمالا لمرحلة ما قبل يوليو 1952، واستمر نشاط التيارات السياسية بين الطلاب، وشاركت الحركة الطلابية بدور بارز في الحياة السياسية ووقفت مع النقابات المهنية إلي جانب محمد نجيب من أجل الديمقراطية خلال أزمة مارس 1954، ثم أخذ الوضع يتحول بسرعة في اتجاه فرض قيود صارمة على العمل السياسي للطلاب. وكانت السمة الأساسية المميزة للوائح خلال تلك الفترة وحتى عام 1967 هي التضييق التام علي كل أشكال العمل الطلابي، مع جعل عميد الكلية جزءا من كيان الاتحاد ومسيطرا علي قراراته، وكذلك النص صراحة علي حظر للعمل السياسي خاصة في الخمسينات. وهو ما يمكن لنا رؤيته في ظل الاتجاهات الحكومية السائدة آنذاك.  

•في لائحة66 بدء الحديث لأول مرة علي التعاون المباشر بين اتحاد الطلاب ومنظمة الشباب، وتنفيذ السياسة العامة للتنظيم السياسي، دون وجود لجنة مخصصة للعمل السياسي، ولكن ظل التأكيد علي بث روح الحماسة والانتماء والقومية العربية بين الطلاب، كما ألغت هذه اللائحة وجود أعضاء هيئة التدريس داخل كيان الاتحاد، وأبقت هذه اللائحة علي ريادة عضو من أعضاء هيئة التدريس للاتحاد.

•شهدت لائحة 1968تحول رئيسي من خلال إعطاء مساحة ما من الحركة ( داخل إطار الفكر الناصري ) حيث ظهرت لجنة العمل السياسي، والغيت ريادة عضو هيئة التدريس، ووجد الاتحاد العام لطلاب مصر الذي كانت مهمته التواصل بين الطلاب في كل جامعات مصر، لمناقشة القضايا الطلابية والوطنية، والتنسيق بين الطلاب، من أجل تكوين رأي عام طلابي تجاه كل ما يحدث، كذلك وجد التأكيد علي بث قيم الوطنية، وأفكار القومية العربية.
ومن الجدير بالذكر أن هذه اللائحة جاءت عن إرادة طلابية، فقد تم إقرارها من خلال المؤتمر العام للطلاب في سبتمبر 1968.

•وقد شهدت لائحة 68 تعديلا هاما، حيث تم إضافة بند في عام 1969 الخاص بريادة أعضاء هيئة التدريس لكل نشاط من أنشطة الاتحاد من خلال تعيين أحد أعضاء هيئة التدريس في رئاسة كل لجنة من لجانه، كما يعين رائد الاتحاد بكل كلية بقرار من عميد الكلية بعد موافقة وكيل وزارة التعليم العالي .

وربما يكون أحد أهم  العوامل التي كانت وراء هذا التعديل هو تصاعد الحركة الطلابية في أواخر الستينات بشكل ملحوظ، ومحاولاتها المستمرة أن تخرج عن عباءة الاتحاد الاشتراكي

•واتت السبعينات بلائحة 76، في البداية التي كانت تحمل العديد من المشكلات لكنها كانت تترك مساحة ما من الحركة، فمثلا حظرت أي عمل طلابي خارج إطار الاتحاد، ولكنها اعتبرت العمل السياسي أحد أشكال العمل الطلابي المتاحة، كما إنها اعتبرت التواصل مع المؤسسات السياسية خارج الجامعة أحد أهداف اتحاد الطلاب، وأكدت علي استمرار اتحاد طلاب الجمهورية، وتستبعد أي وجود لأعضاء هيئة التدريس في الاتحاد، والتي اعتبارها البعض أحد أفضل اللوائح التي شهدها تاريخ الجامعة.

•وبعد أحداث يناير 1977، والتي فجر فيها طلاب الجامعات المصرية مظاهرات احتجاجية ضد غلاء الأسعار، والفساد،  والتي تعتبر من أقوي المظاهرات الاحتجاجية التي شهدها تاريخ مصر الحديث ، التي انتهت باعتقال مئات الطلاب ومحاكمتهم بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، تعلمت الحكومة الدرس جيدا، بأن الطلاب يشكلون خطرا حقيقا عليها من خلال قدرتهم علي التأثير في الشارع المصري، وهنا جاءت لائحة 79 الأشهر، والأطول عمرا في تاريخ اللوائح الطلابية، وانتهت معها الكثير من أشكال العمل الطلابي التي كانت متاحة أحيانا، وعلي رأسها العمل السياسي، وفرضت عددا من القيود كانت نتيجتها الطبيعية ما وصل إليه الحال الآن، بداية من منع كل أشكال العمل السياسي، مرورا بشرط الريادة من أعضاء هيئة التدريس علي أي نشاط طلابي، انتهاء بالتواجد الأمني في الجامعة وإعطائه صلاحيات غير محدودة في تعديل المادة 317 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات بالقرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1984، والذي غير وظيفة التواجد الأمني في الجامعة من مجرد حماية منشآت الجامعة، إلي حماية أمنها، مع عدم تحديد ما المقصود بأمنها، فأمنها وفقا لتعريف الإدارة الجامعية هو أي طالب يحاول الخروج عن الخط الدقيق الذي ترسمه له الإدارة.

•وأخيرا اللائحة الحالية ( 2007 ) التي نطعن بعدم دستوريتها أمام عدلكم والتي جاءت بعد 28عام من المطالبة بتغيير لائحة 79.

وهناك المزيد من أوجه الطعن سوف نتقدم بها إلى عدالة المحكمة لاحقا
من خلال مذكرات الدفاع

بنــــــــاء عليــــــه

نلتمس الحكم :

1-    بقبول الدعوى شكلا .
2-    عدم دستورية قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات لمخالفته نصوص المواد 47 و 56 و 62 و 86 و 144 و 146 من الدستور .
3-    عدم دستورية نص المادة 319 من قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 لمخالفتها نصوص المواد 8 و 40 من الدستور.
4-    إلزام المطعون ضدهم المصروفات وأتعاب المحاماة.