مذكرة بدفاع مركز هشام مبارك للقانون والمتدخلين انضماميا للجهة الاداريه في الطعن رقم 15575 لسنة 61ق

المذكرة الأولى
بدفاع
السيد / أحمد سيف الإسلام حمد وآخرين متدخلين انضماميا للجهة الاداريه
ضد
السيد / عبد الفتاح محمد مراد طاعن
في الطعن رقم 15575 لسنة 61ق
والمحدد لنظره جلسة السبت الموافق 20/10/2007

الموضوع :


بتاريخ 28/2/2007 أقام الطاعن طعنه الماثل لإيقاف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الاتصالات السلبي بالامتناع عن حجب المواقع الالكترونية، والتي وصفها بالإرهابية حيث تضمنت صحيفة الطعن 21 موقعا الكترونيا ، وبتاريخ 5/5/2007 قدم الطاعن إعلانا بتعديل الطلبات وإدخال خصوم جدد حيث أدخل وزير التضامن الاجتماعي كمطعون ضده ، وأضاف 28 موقعا الكترونيا جديدا يطالب بحجبهم وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الاتصالات السلبي بالامتناع عن حجب هذه المواقع، مع حفظ كافة حقوق الطاعن فى التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة القرار، وبتاريخ 8/7/2007 قدم الطاعن المذكرة الثانية بدفاعه وفيها أضاف طلبا جديد تحت بند " رابعا" طلب فيه ( القضاء للمدعى بتعويض مادي وأدبي شامل مقداره ثلاثة ملايين من الجنيهات المصرية عما أصابه من أضرار مادية وأدبية فى سمعته، وصفته القضائية، والعلمية، وفى دينه، وجنسيته، ودولته، وبلاده العربية على النحو المبين تفصيلا بالأوراق)، وبتاريخ 30/9/2007 قدم الطاعن المذكرة الثالثة بدفاعه وفيها أيضا أضاف طلبات جديدة فى البند رابعا، وخامسا من الطلبات الختامية التي أعاد ذكرها فى عجز المذكرة .

الدفاع:


أولا: مقدمة لابد منها :
ثانيا: قبول تدخلنا انضماميا للجهة الإدارية :
ثالثا: أصليا : عدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر النزاع :
1- افتقاد أركان المنازعة الإدارية:
2- انتفاء القرار الادارى:
رابعا: احتياطيا:عدم قبول الطعن شكلا:
1- عدم قبول الطعن لرفعه قبل الأوان:
2- عدم قبول الطعن لبطلان تكليف الجهة الإدارية فى الطلبات التي قدمت لها بشأن إصدار قرار بحجب المواقع :
3- عدم قبول الطعن لخمسة مدونات و مواقع الكترونية:
4- عدم قبول طلبات التعويض الواردة بمذكرتي دفاع الطاعن الثانية والثالثة:
خامسا: على سبيل الاحتياط الكلى : سلوك الجهة الإدارية يتفق وحكم القانون:
سادسا: نعترض على تقرير هيئة المفوضين:

أولاً:مقدمه لابد منها:
بالرغم من عبارات القذف التي وردت فى صحيفة الطاعن، وفى إعلان تعديل طلباته، ومذكرات دفاعه فى حق الخصوم المتدخلين انضماميا للجهة الإدارية مثل وصف مواقعهم الالكترونية بالإرهابية ، وغيرها من اللالفاظ والعبارات...الخ ، إلا أننا وحرصنا منا على ثمين وقت الهيئة الموقرة لن نتناوله الآن بالرد أو التعقيب ولكن نحتفظ بكامل حقوقنا القانونية قبل الطاعن فى هذا الشأن،
فحقيقة طعن الطاعن ليس الدفاع عن الوطن أو مصالحه العليا ، وليس من أجل حماية الفضيلة وعدم ازدراء الأديان كما يدعى، ولكنه حلقة من سلسلة طويلة من إجراءات التنكيل بالخصوم المتدخلين انضماميا للجهة الإدارية حتى يخفى حقيقة الخلاف بيننا وبينه حيث قام الطاعن بالاعتداء على مؤلف "الانترنت خصم عنيد" الصادر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، وأخذ منه أجزاء مطولة وضمنها فى مؤلفه "الأصول العلمية للمدونات على شبكة الانترنت" دون أن يتبع الأصول العلمية والقانونية فى ذلك الشأن ، فقامت الشبكة وبعض المنظمات الحقوقية بإصدار بيان أدانوا فيه هذا السلوك من الطاعن، وخاصة انه يحمل صفه عضو هيئة قضائية، فما كان من الطاعن إلا أن أغرقنا بسيل من الدعاوى والبلاغات حتى يخفى حقيقة هذا النزاع، ويخفى على الرأي العام فجيعة عدم إتباعه للأصول العلمية والقانونية للبحث العلمي والقانوني للمؤلف السالف الإشارة إليه، وحتى يكمل مخططه قام برفع هذه الدعوى طالبا إغلاق المواقع الالكترونية للمنظمات التي وقعت على هذا البيان، وكذلك كل المدونات و المواقع الأخرى التي قامت بنشر البيان سواء كانت على صله بهذه المنظمات أم لا، وغلف دعواه بعبارات الدفاع عن الأديان مرتديا ثوب الوطنية والعروبة، ولم يفوته نعت الخصوم المتدخلين بمحاربة الأديان، والإخلال بالنظام العام، والمساس بالأمن القومي والمصالح العليا للدولة المصرية، ظننا منه أن مثل هذه العبارات - فارغة المضمون - قد تخفى حقيقة النزاع ، أو أنه سينجح فى استعطاف القاضي، متناسيا أن المحكمة لن تتأثر أو تقضى بالأحكام وفقا للحالة النفسية للخصوم، وإنما تقضى بها وفقا لحقيقة النزاع، واتساقا مع حكم الدستور والقانون .

ثانيا: قبول تدخلنا انضماميا للجهة الإدارية :
نلتمس من المحكمة الموقرة قبول تدخلنا انضماميا للجهة الإدارية فالتدخل هو طلب عارض يتقدم به شخص من الغير لكي يصير طرفا فى خصومة قائمة لحماية حقوقه التي تتأثر بالحكم فى هذه الخصومة، وهذا التعريف تضمنه نص المادة 66 من قانون المرافعات الفرنسي، فالتدخل يحقق للغير الوقاية من الآثار الضارة للأحكام، إذ يتيح له أن يأخذ مركز الطرف فى الخصومة مما يمكنه من إبداء دفوعه، وتقديم وسائله الخاصة لإثبات حقوقه حتى يأتي الحكم لصالحه .
وقد حكمت محكمة النقض " التزام المحكمة بوصف الرابطة بين الخصوم، وإسباغ التكييف الصحيح عليها. مؤداه : ثبوت أن من تدخل فى الدعوى طالبا رفضها هو من كان يتعين على المدعى اختصامه ابتداء وجوب قبول تدخله باعتباره الخصم الحقيقي للمدعى لا متدخلا فيها "
(الطعن رقم 806 لسنة 68 ق جلسة 3/5/1999).
وجميع المتدخلين انضماميا مع الجهة الإدارية أصحاب مصلحة وصفة فى الدعوى، فمنهم من يعمل فى شركات، ومؤسسات، ومنظمات طالب الطاعن بحجب مواقعها الالكترونية على النت ، ومنهم من تدخل تضامنا مع هذه المواقع، ودفاعا عن حرية الرأي والتعبير، وحرية تداول المعلومات.
ثالثا: أصليا : عدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر النزاع :
1-افتقاد أركان المنازعة الإدارية:
من المسلمات في فقه القانون الإداري أن الاختصاص الولائي من النظام العام ويكون مطروحًا دائمًا على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من الخصوم، وأن البحث في الاختصاص يسبق النظر في شكل الدعوى، وموضوعها لأن ذلك يدور مع ولاية المحكمة وجودًا وعدمًا..
(يراجع في هذا المعنى الطعن رقم 2045 لسنة 39 ق. عليا ـ الدائرة الأولى ـ جلسة 13/3/2004 ـ مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا ـ المكتب الفني لهيئة قضايا الدولة ـ طبعة 2005 الجزء الأول ص 69)
ومناط تحديد اختصاص المحكمة هو ما حددته حقيقة طلبات الخصوم وفقًا للتكييف السليم والصحيح قانونًا لطلباتهم حسبما تنتهي إليه المحكمة وذلك بغض النظر عن العبارات المستعملة من الخصوم في تحديد طلباتهم دون اعتساف في تفسيرها أو فهمها وذلك في ضوء نصوص القانون المحدد للولاية القضائية أو للاختصاص داخل جهات القضاء المختلفة فالعبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني.
(يراجع الطعن رقم 1630 لسنة 44 ق. عليا ـ الدائرة الأولى ـ جلسة 17/1/2004 ـ المرجع السابق ـ ص 836).
وقد أفردت المحكمة الإدارية العليا في العديد من أحكامها أمثلة لمنازعات تتعلق بأشخاص معنوية خاصة حيث قضت (ومن حيث أن القرار الصادر من الجهة الإدارية في شأن إدارة شخص معنوي خاص لا يصدق عليه وصف القرار الإداري لأنه ليس كذلك بحسب موضوعه طالما أنه ينصب في محله على مسألة تتصل بدائرة شركات تعتبر من الأشخاص الاعتبارية الخاصة ولا يغير من ذلك صدوره من جهة إدارية.
ولما كان قرار وكيل وزارة الاقتصاد رئيس مصلحة الشركات بعدم الموافقة على اشتراك الطاعن في إدارة شركة من شركات القطاع الخاص، والخاضعة لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1981 هو أمر يدخل في صميم إدارة الشركة الخاصة فمن ثم ينحسر عن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في هذه المنازعة لاختصاص المحاكم المدنية به صاحبة الاختصاص العم في جميع الدعاوى المدنية والتجارية وفقًا لنص المادة 47 من قانون المرافعات).
(يراجع الطعن رقم 5412 لسنة 45 ق. عليا ـ جلسة 16/2/2002. منشور بمؤلف مجموعة القوانين والمبادئ القانونية ـ أحكام الإدارية العليا ـ المكتب الفني لهيئة قضايا الدولة ـ طبعة 2003 ـ ص 13)
وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه إذا صدر التصرف في مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإرادة شخص معنوي خاص خرج التصرف من عداد القرارات والمنازعات التي تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة. ومن حيث إنه من المسلم به أن اتحاد الملاك هو من أشخاص القانون الخاص وأن المنازعات المتعلقة به تخرج عن تلك المنازعات الإدارية التي تدخل في ولاية مجلس الدولة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى والأمر بإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص.
(الطعن رقم 5811 لسنة 47 ق. عليا ـ الدائرة الأولى ـ جلسة 4/1/ 2003 ـ المرجع السابق ص 35)
فأساس المنازعة مجرد خلاف بين أشخاص طبيعيين، وأشخاص معنوية خاصة على الأصول العلمية والقانونية فى البحث العلمي والقانوني ، حاول الطاعن – قسرا- إخضاع هذه المنازعة لولاية القضاء الادارى دون سند من القانون، ودون العمل على استكمال أركان المنازعة الإدارية التي تخضع لولاية القضاء الادارى ، فالمعيار الحاكم ليس بإقحام الجهة الإدارية على منازعة هي من اختصاص القضاء العادي، وإنما بحقيقة الدور المنوط بالجهة الإدارية القيام به وفقا لحكم القانون، واتساقا مع وقائع ومجريات النزاع " فمتى صدر التصرف في مسألة من مسائل القانون الخاص أو تعلق بإرادة شخص معنوي خاص خرج التصرف من عداد القرارات والمنازعات التي تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة. " ولما كان ما تقدم وحيث أن الثابت من الأوراق والمستندات أن مقومات المنازعة الإدارية وشروطها سالفة البيان لا تتوافر في النزاع الراهن حيث أن .............. الأمر - من ناحية - لا يعدو معه تصرف وسلوك الإدارة إلا مجرد (عملاً يتعلق بمسألة من مسائل القانون الخاص و بشخوص من أشخاصه).، كما أنه ومن- ناحية ثانية- لا يعدو كونه ( عملاً تمهيديًا تحضيريًا سابق على صدور القرار الإداري النهائي، ولم يرقى إلي النهاية بعد، وسوف نتناول ذلك تفصيلا فى بند رفع الدعوى قبل الأوان)، ومن – ناحية ثالثة- فهو (عمل مادي تنفيذي كاشفًا لا منشئًا للمركز القانوني الإرادي الذاتي للإدارة، وغير محدثًا لأثر قانوني معين، وسوف نتناول ذلك تفصيلا تحت بند انتفاء القرار الادارى) .
2-انتفاء القرار الادارى:
أولا- تنص الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم47 لسنة 1972 على أنه (... ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقًا للقوانين واللوائح....)
ومن المسلم به أن الأصل في القرار الإداري أنه لا يلزم صدوره في صيغة معينة أو بشكل معين فقد يكون شفويًا أو مكتوبًا. صريحًا أو ضمنيًا. إيجابيًا أو سلبيًا. والقرار الإداري الإيجابي: هو قرار صريح تصدره الإدارة بالمنح أو المنع فيتجلى موقفها الإيجابي إزاء الطاعن. أما القرار السلبي: فهو تعبير عن موقف سلبي للإدارة فهي لا تعلن عن إرادتها للسير في اتجاه أو آخر بالنسبة لموضوع الأمر الواجب عليها اتخاذ موقف بشأنه. وإن كانت في ذات الوقت تعلن عن إرادتها الصريحة في الامتناع عن إصدار قرار كان يتعين عليها إصداره.
"ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إن دعوى الإلغاء هي دعوى عينية توجه فيها الخصومة إلى القرار الإداري الذي هو محلها فإذا انتفى القرار الإداري بمفهومه الإصلاحي سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا انعدام محل الدعوى وتعين من ثم القضاء بعدم قبولها.
ومن حيث إن القرار السلبي في مفهوم الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 يتحقق قيامه في حالة رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقًا للقوانين واللوائح وإنه إذا لم تكن الإدارة ملزمة قانونًا باتخاذ القرار بأن كان مما تترخص في إصداره وفقًا لسلطتها التقديرية فإن رفضها اتخاذه أو الامتناع عن ذلك لا يقوم معه للقرار السلبي قائمة."
(يراجع الطعن رقم 8075 لسنة 48 ق عليا ـ الدائرة السابعة ـ جلسة 1/1/2005 ـ منشور بمجلة هيئة قضايا الدولة ـ العدد 193 ـ السنة 49 العدد الأول ص 182).
وأخذًا بهذا الفكر القانوني ذهبت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 6/9/2001 في الطعن رقم 2876 لسنة 44 ق عليا إلى أن المشرع اعتبر في حكم القرارات الإدارية المسلك السلبي للجهة الإدارية بالرفض أو الامتناع عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقًا للقوانين واللوائح وعلى ذلك فإن مناط قيام القرار السلبي الجائز الطعن فيه أن تكون هناك قاعدة قانونية عامة تقرر حقًا أو مركزًا قانونيًا لاكتساب هذا الحق بحيث يكون تدخل الإدارة لتقريره أمرًا واجبًا عليها متى طلب منها ذلك ويتمثل ذلك المسلك السلبي إما برفض الجهة الإدارية صراحة أو ضمنًا بالامتناع عن اتخاذ الإجراء أو القرار الملزمة بإصداره ويتفرع عن ذلك إنه إذا لم يكن ثمة التزام على الجهة الإدارية بأن تتخذ موقفًا إيجابيًا ولم تقم باتخاذه فإن رفضها أو سكوتها لا يشكل حينئذ الامتناع المقصود في المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة وبالتالي لا يوجد في هذه الحالة ثمة قرارًا إداريًا سلبيًا مما يجوز الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة.
وإعمالاً لما تقدم ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن المدعي يطالب في ختام دعواه الماثلة بإلغاء قرار وزير الاتصالات السلبي بالامتناع عن حجب المدونات والمواقع التي ذكرها بصحيفة الطعن وإعلان تعديل الطلبات،علما بأن القانون 10 لسنة 2003 قد خلى من منح الجهة الإدارية " رئيس الوزراء، وزير الاتصالات ، الجهاز القومي للاتصالات" أية سلطة لحجب المواقع من على شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" ، وتراجع فى ذلك المذكرات المقدمة من هيئة قضايا الدولة والجهاز القومي للاتصالات و منعا للتكرار ننضم إلى ما ورد فيها من دفاع ودفوع .
وفى ذلك ذهبت محكمة القضاء الادارى إلى " أن مناط وجود القرار الادارى السلبي هو حسب ما ورد فى نص المادة العاشرة أن تكون الإدارة ملزمة قانونا باتخاذ إجراء معين ولكنها مع ذلك تمتنع عن اتخاذه ، وبالتالي " فان لم تكن الإدارة ملزمة بشيء طبقا للقوانين واللوائح" فان سكوتها عن اتخاذ الإجراء الذى يطالبها به صاحب الشأن ، لا ينشىء قرارا إداريا بالرفض مهما طال هذا السكوت، ومن ثم فلا يكون الطعن بالإلغاء فى مثل هذا التصرف السلبي إلا محاولة من المدعى إلى إحلال القضاء محل الإدارة فى ممارسة اختصاصاتها مما يتعين رفضه"
(الحكم 659 لسنة 16 ق فى 9/2/1965، والقضية 24 لسنة 19 ق مجموعة الخمس سنوات ص 492،572، الإدارية العليا فى 28/11/1982 القضية 577 لسنة 25 ق المجموعة السنة 28 ص210 ، وفى القضية186 لسنة 33ق فى 14/6/1988)

ثانيا- القرار الادارى يتكون من ركن وحيد وهو ركن الإرادة ، أما الشكل والاختصاص والمحل والسبب والغاية فهي عناصر لا تتصل بانعقاد القرار الادارى ووجوده، وإنما بمشروعية هذا القرار صحته قانونا، وذلك هو ما تواترت عليه تعريفات الفقهاء ومبادئ القضاء بشأن تعريف القرار الادارى:
"تعبير الإدارة عن إرادتها المنفردة بقصد إحداث أثر قانوني معين....."
"هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر عن سلطة إدارية ويرتب آثارا قانونية..........."
"هو عمل قانوني تصدره الإدارة بإرادتها المنفردة بقصد إحداث تعديل فى المراكز القانونية القائمة أو فى الحقوق والالتزامات"
"تعبير عن الإرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد إحداث اثر قانوني معين"
" لا يشترط فى القرار الادارى كأصل عام أن يصدر فى صيغة معينة أو بشكل معين بل ينطبق هذا الوصف ويجرى حكمه كلما أفصحت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها بقصد إحداث اثر قانوني معين"
ومن ذلك يتضح أن القرار الادارى لا يولد إلا بمجرد توافر ركن الإرادة فيه وهو ما يعنى أن وجود القرار الادارى أو انعدامه إنما يدور حول توافر النية والإرادة فى هذا القرار بغض النظر عن صحته أو مشروعيته أو بطلانه فإذا ولد القرار مستوفيا ركن الإرادة تحقق وجوده وان كان قابلا للإلغاء إذا ثبت عدم توافر كافة شروط صحته قانونا ، أما إذا لم يستوفى "القرار" ركن الإرادة فيه فانه يكون منعدما أي أنه لم يولد أصلا حتى إن كانت كافة عناصره الأخرى تبدو صحيحة ومتفقة مع القانون.
وبتطبيق ذلك على النزاع نجد أن عنصر النية والإرادة غير متوافر حتى يمكن وصف عدم رد الجهة الإدارية على طلب الطاعن بأنه قرار إداري نهائي قابل للطعن عليه، وذلك على النحو التالي:
أ- بالنظر إلى الفاصل الزمني بين تقديم الطاعن طلبات للجهة الإدارية لإصدار قرار بحجب المواقع، وبين رفع الطعن فى 28/2/2007 على اعتبار أن الجهة الإدارية امتنعت عن إصداره، نجد هذا الفاصل لم يتجاوز ثمان أيام على أول طلب حيث قدم فى 21/2/2007، ولم يتجاوز ثلاث أيام على الطلب الثاني الذى قدم فى 25/2/2007، ولم يتجاوز يوم عن الطلب الثالث الذى قدم فى 27/2/2007 وهى مدد غير كافية حتى نقول أن الجهة الإدارية أرادت إصدار مثل هذا القرار.( يراجع شرح هذا البند تفصيلا بالمذكرة تحت عنوان رفع الطعن قبل الأوان).
ب- أن الطلبات التي تقدم بها الطاعن لوزير الاتصالات فى هذه التواريخ، والتي نوه عنها فى صحيفة دعواه، وأرفقها فى حافظة مستنداته رقم" 3 " لم تتضمن تكليفا يعين وزير الاتصالات أو الجهاز القومي للاتصالات على إصدار قرار مما يدخل فى سلطاتهما ، حيث كانت جميع الطلبات يطلب فيها الطاعن من الوزير إجراءات هي من اختصاص سلطات التحقيق، وجهات الضبط، وليست من اختصاص الوزير الذى قدمت له هذه الطلبات، وبالتالي يصعب وصف عدم رد الوزير على طلبات الطاعن بأن الجهة الإدارية أرادت الامتناع عن إصدار قرار معين (يراجع هذا البند تفصيلا بالمذكرة تحت عنوان بطلان تكليف الجهة الإدارية).

رابعا: احتياطيا:عدم قبول الطعن شكلا:
1-عدم قبول الطعن لرفعه قبل الأوان :
أن حساب مواعيد رفع الدعاوى عند الطعن على القرارات الإدارية سواء كانت ايجابية أو سلبية أمر ليس بعسير، وخاصة أن القانون حدد قواعد واضحة عند الطعن على القرار الادارى الايجابي ، كما اعتبر أن الامتناع عن إصدار قرار من الواجب علي الإدارة اتخاذه وفقا للقانون هو حالة دائمة ومستمرة تتيح للأفراد الطعن عليه حتى بعد انتهاء المواعيد التي تحكم رفع الدعاوى على القرار الايجابي، ذلك إذا كان الدفع يتعلق برفع الدعوى بعد الميعاد ، أما إذا كان الدفع يتعلق برفع الدعوى قبل الأوان فإن الأمر يبدو واضحا عند الطعن على القرار الايجابي ، إلا أنه لا يتمتع بنفس الوضوح عند الطعن على القرار السلبي حيث نفتقد لنص صريح، وقاطع - ومحدد رقميا- فى شان هذا الميعاد، إلا أنه ورغم افتقاد هذا التحديد الرقمي فقد وضع المشرع ضابط موضوعي قابل للقياس والتقييم ألا وهو نهائية القرار حتى يكون قابلا للطعن عليه، فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا فى الحكم 272 لسنة 37 ق جلسة 28/11/1992 إلى " ومن حيث إنه من المقرر أن العبرة دائما فى تحديد طبيعة المنازعة هو بتاريخ نشوء الحق محل الدعوى ، كما أن الخصومة فى دعوى الإلغاء تعتبر خصومة عينية، توجه للقرار الادارى ذاته بصرف النظر عن مصدره ، ويكون للحكم الصادر فيها حجيته على الكافة ، ومن ثم يتعين النظر إلى طبيعة القرار وقت صدوره ، دون اعتداد بطبيعة مصدره قبل هذا التاريخ ، أو بتغيير طبيعة مصدره إذا ما وقع هذا التغيير فى تاريخ لاحق على صدور القرار"
وإذا ما نظرنا إلى تاريخ رفع الطعن الماثل نجده قد تم فى 28/2/2007 حيث زعم الطاعن أو توهم وجود قرار سلبي بالامتناع عن حجب المواقع المحددة بالطعن تحت زعم تقديمه طلبات للجهة الإدارية بهذا الشأن دون أن تجيب عليه بالقبول أو الرفض، وبالرجوع لحافظة مستندات الطاعن رقم "3" والمقدمة منه بجلسة 7/4/2007 قد تضمنت الطلبات التي تقدم بها الطاعن لوزير الاتصالات ولرئيس مجلس إدارة الجهاز القومي للاتصالات حيث حملت تواريخ21/2/2007 ، 25/2/2007، 27/2/2007 (تراجع حافظة مستندات الطاعن المنوه عنها وصحيفة افتتاح دعواه) ، ومما سبق ذكره وبعد الاطلاع على الطلبات التي تقدم بها الطاعن للجهة الإدارية يتبين ما يلي:
أ-أن بداية اتصال علم الجهة الإدارية بالنزاع كان فى 27،25،21/2/2007 وتاريخ رفع الطعن كان فى 28/2/2007 ، وهو ما يوضح تسرع الطاعن فى إقامة الطعن قبل الأوان فلم يمهل الجهة الإدارية حتى مجرد المدة الكافية لبحث طلباته، ولم ينتظر المدة الكافية التي يمكن معها القول أننا أمام قرار نهائي أو حتى امتناع عمدي عن إصدار قرار.
ب- خلت جميع الطلبات المقدمة من الطاعن إلى الجهة الإدارية من اى اعذرا أو إنذار بضرورة الرد على طلباته خلال مده معينه، حتى يمكن القول أن تفويت الجهة الإدارية لهذه المدة دون رد يمكن الاستناد إليه كمبرر لرفع الطعن.
2- عدم قبول الطعن لبطلان تكليف الجهة الإدارية فى الطلبات التي قدمت لها بشأن إصدار قرار بحجب المواقع:
إجراءات وطرق صياغة الطلبات والشكل الذى تقديم به للجهة الإدارية ليست مجرد روتين أو عقبات أو قواعد إجرائية لا قيمة لها، وإنما هي في حقيقتها ضمانة للأفراد و الإدارة معا حيث يمنع الإدارة من التسرع، وتهديد ضمانات الأفراد وحرياتهم باتخاذ قرارات غير مدروسة ، ويحملها على التروي في ذلك ووزن الملابسات والظروف المحيطة بموضوع القرار تحقيقا للمصلحة العامة وهو الأمر الذي يحقق أيضا ضمانات الأفراد ضد احتمال تعسف الإدارة.
و حتى يمكن الادعاء على الجهة الإدارية بأنها امتنعت عن إصدار قرار معين ، وحتى يمكن وصف هذا الامتناع بأنه قرار سلبي ، لابد من تقديم طلب واضح للجهة الإدارية يتضمن تكليفها صحيحا يلزمها بإتباع سلوك معين وفقا لسلطاتها المحددة فى القانون ، وإذا ما نظرنا إلى الثلاث طلبات التي تقدم بها الطاعن للجهة الإدارية – والتي نوه عنها فى صحيفة الطعن وأرفقها بحافظة مستنداته رقم "3"- نجد أن الطريقة التي صاغ بها الطاعن طلباته التي تقدم بها للجهة الإدارية لا تتضمن تكليفا صحيحا يحمل الجهة الإدارية أو يعينها على إصدار قرار معين ، وذلك على التفصيل التالي :
أ- في الطلب الذى تقدم به الطاعن إلى وزير الاتصالات فى 21/2/2007 كان عبارة عن بلاغ جنائي تقدم به الطاعن للنائب العام يوم 14/2/2007 ثم أعاد تقديمه لوزير الاتصالات فى 21/2/2007 مكتفيا بتنويه أنه تقدم ببلاغ إلى النائب العام دون أن يضيف أي جديد، و أعاد تكرار نفس الصيغة ونفس الطلبات حيث جاء بها " أولا: الأمر بضبط الواقعة وإحضار المتهمين الذين مازالوا متلبسين بجرائمهم حتى الآن ومواجهتهم بالوقائع الواردة بالعريضة وبهذه المذكرة.
ثانيا: تكليف جهاز مباحث امن الدولة بالتحري عن صحة الوقائع الواردة بالعريضة الأصلية وبهذه المذكرة.
ثالثا: تكليف شرطة الانترنت..........................
رابعا: الأمر قضائيا بتكليف إدارة مباحث مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة الانترنت والجهات الإدارية الأخرى المختصة بغلق وحجب المواقع الالكترونية الإرهابية التالية .....
خامسا: كما يرجى التكرم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المذكورين لقيامهم بتهديدي وابتزازي................
سادسا: طلب صحيفة سوابق المشكو فى حقهم جميعا......................
سابعا: مخاطبة وزارة الضمان الاجتماعي أو أي جهة إدارية أو أمنية أخرى مختصة للإفادة عما إذا كانت الشبكات أو المراكز أو المواقع من 1 إلى 22 تباشر نشاطا مرخصا قانونا من عدمه"
وكل ما سبق ذكره بهذا الطلب لا يحمل تكليفا إداريا حقيقيا للجهة الإدارية فهي لا تملك إصدار أمرا قضائيا لمباحث الحاسبات بغلق وحجب المواقع ، ولا تملك طلب صحيفة الحالة الجنائية للمشكو فى حقهم، و لا ضبط وإحضار المشكو فى حقهم ، أو إعطاء اى تكليف للشرطة أو مباحث امن الدولة وهو ما يفيد أن عدم رد الجهة الإدارية على هذا الطلب كان أمرا منطقيا.
ب- أما الطلبين المقدمين فى 27،25/2/2007 فجاء بهما "يرجى من سيادتكم اتخاذ ما يلزم نحو حجب ومحو وغلق المواقع الالكترونية الإرهابية سالفة البيان وذلك لإخلالهم بالالتزام القانوني الصريح بعدم المساس بالأمن القومي والمصالح العليا....وتعديهم بالسب والقذف والتشهير على المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد.........علما بأن الجريمة مازال متلبس بها ويجوز ضبطها ومنعها بمعرفة وزارة الاتصالات وجهاز الاتصالات......"
وهذا التكليف أيضا يتجاوز حدود السلوك الادارى المنوط بالجهة الإدارية القيام به، فضبط الجرائم، ومنعها من اختصاص الهيئات القضائية، والنائب العام، وليس من اختصاص الجهات الإدارية.
ج-جميع الطلبات التي تقدم بها الطاعن للجهة الإدارية لم تشير من قريب أو بعيد بازدراء هذه المواقع والمدونات للأديان أو العقائد، ولكنه أقحمها على صحيفة الطعن وإعلان تعديل الطلبات ومذكرات دفاعه،لتحقيق الأهداف السالف ذكرها فى مقدمة هذه المذكر ، وما يهمنا الآن هو عدم الالتفات إلى كل ما يتعلق بذلك الشأن لان الطاعن لم يطلبه من الجهة الادرية أصلا، وبالتالي لا يجوز الاحتجاج به عند الطعن على قرار .
3- عدم قبول الدعوى لخمسة مدونات و مواقع الكترونية:
صحيفة الطعن المقدمة من الطاعن تضمنت 21 موقعا الكترونيا يطالب بحجبها بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن حجبهم ، وبتاريخ 5/5/2007 قدم الطاعن إعلانا بتعديل الطلبات وإدخال خصوم جدد حيث أدخل وزير التضامن الاجتماعي كمطعون ضده ، وأضاف 28 موقعا الكترونيا جديدا يطالب بحجبهم وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الاتصالات السلبي بالامتناع عن حجب هذه المواقع، ليصل بذلك اجمالى المواقع التي يطالب بحجبها إلى 49 موقعا، وحيث أن الطعن على القرار السلبي بالامتناع لا يجعل الطاعن حرا فى إضافة ما يشاء من الطلبات إلى الدعوى، ولكنه ملزم بحدود الطلب الذى تقدم به للجهة الإدارية حتى يجبرها على إصدار قرار معين، وحتى يمكن الادعاء بأنه امتناع سلبي من الجهة الإدارية، وحيث أن هذه الطلبات تضمنت أسماء 44 موقع فقط، ولم تتضمن أسماء خمسة مواقع ومدونات هي : مدونة جمال عيد ، مدونة نورا يونس، مدونة مالك مصطفى، موقع منظمة اندكس، موقع دار الخدمات النقابية والعمالية، فلم يتم ذكر أيا من هذه المواقع والمدونات فى الطلبات المقدمة من الطاعن للجهة الإدارية، ولكنه أضافها فى صحيفة الطعن وإعلان تعديل الطلبات دون سند من القانون، فالجهة الإدارية يمكن محاسبتها فى حدود الطلبات المقدمة لها، وليست ملزمة بالبحث على شبكة المعلومات عن كل ما يتعلق بالطاعن وان تبادر بحجبها وإلا اعتبر ذلك قرار سلبيا منها ، لذلك ندفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمواقع والمدونات الخمسة سالفة الذكر.
4-عدم قبول طلبات التعويض الواردة بمذكرتي دفاع الطاعن الثانية، والثالثة:
بتاريخ 28/2/2007 أقام الطاعن طعنه السالف الاشاره إليه عاليه، وبتاريخ 5/5/2007 قدم الطاعن إعلانا بتعديل الطلبات وإدخال خصوم جدد طبقا لما سلف ذكره أيضا، إلا انه و بتاريخ 8/7/2007 قدم الطاعن المذكرة الثانية بدفاعه، وفيها أضاف طلبا جديد تحت بند " رابعا" طلب فيه ( القضاء للمدعى بتعويض مادي وأدبي شامل مقداره ثلاثة ملايين من الجنيهات المصرية عما أصابه من أضرار مادية وأدبية فى سمعته، وصفته القضائية، والعلمية، وفى دينه، وجنسيته، ودولته، وبلاده العربية على النحو المبين تفصيلا بالأوراق)، وبتاريخ 30/9/2007 قدم الطاعن المذكرة الثالثة بدفاعه، وفيها أيضا أضاف طلبات جديدة فى البند رابعا، وخامسا من الطلبات الختامية التي أعاد ذكرها فى عجز المذكرة.
وحيث أن الطلبات الجديدة التي أضافها الطاعن عبر المذكرتين سالفتى الذكر لم تثبت بمحضر الجلسة، ولم تصرح له المحكمة بإضافتها، ولم تدرج فى جداول المحكمة، ولم يسدد عنها الرسم المقرر، ولم يعلنها على النحو الواجب قانونا ، الأمر الذى يجعلها غير مقبولة شكلا وجديرة بالتفات المحكمة عنها.

خامسا: على سبيل الاحتياط الكلى: سلوك الجهة الإدارية يتفق وحكم القانون:
سنسلم على سبيل الفرض الجدلي فقط أن من حق وزير الاتصالات إصدار قرار بحجب مواقع، فهل سلوك الجهة الإدارية يتفق وحكم القانون أم لا ؟ نرى أن سلوك الجهة الإدارية اتفق وصحيح القانون، وذلك على التفصيل التالي:
1- عندما يدعى شخص ما أن هناك ألفاظ وعبارات تنال من كرامته على بعض المواقع والمدونات فان المشرع قد تكفل بذلك الأمر فى القانون المدنى، و قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ، و قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 فى مادته رقم ( 76) عن طريق طلب التعويض بالطريق المدنى أمام القضاء المدنى، أو إبلاغ جهات الضبط وسلطات التحقيق ، أو رفع جنحة مباشرة أمام القضاء الجنائي ، و صدور حكم جنائي أو مدني سيكون معيننا للجهة الإدارية فى هذه الحالة-وفى هذا الفرض الجدلي- على إصدار القرار، وخاصة أن الجهة الإدارية لا تملك توصيف أو تجريم الكلمات التي تناولت شخص الطاعن، وإنما ذلك من اختصاص القضاء، وعملا بالفرضية الدستورية بشأن "براءة المتهم حتى تثبت إدانته" فالجهة الإدارية لا تستطيع أن تصدر قرارا بحجب المواقع أو حتى الصفحات التي تناولت شخص الطاعن إلا بعد صدور حكم بات يصف هذه الكلمات والعبارات الموجودة على المواقع والمدونات أنها تتضمن سبا أو قذفا فى حق الطاعن، أما وأن الطاعن لم يقدم اى حكم قضائي لصالحه فى هذا الشأن فان سلوك الجهة الإدارية يتفق وصحيح القانون.
2- قد تبدو فكرة تنفيذ القانون للوهلة الأولى فكرة بسيطة ومحددة يراد بها قيام السلطة التنفيذية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين التي يضعها البرلمان تنفيذا حرفيا ، إلا أن هذا المفهوم ليس دقيقا تماما ، ذلك أن مهمة تنفيذ القوانين الملقاة على عاتق الإدارة تنطوي على الكثير من الأمور منها الشكل الذى يجب أن يصدر فيه القرار متى تطلب القانون شكلا محددا ، وكذلك السبب الذى تستند إليه الإدارة فى تصرفها ، ثم الغاية التي تسعى إلى تحقيقها ، فإذا كان القانون قد أتاح للجهة الإدارية إتيان بعض التصرفات ، أو علق سلوك وتصرفات بعض الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية على موافقة الجهة الإدارية أو صدور إذن منها بذلك فالجهة الإدارية ليست لها سلطة مطلقة فى ذلك، وإنما يحدها نطاق سلطاتها الواردة بالقانون، ومدى ملائمة سلوك الجهة الإدارية لوقائع وأوراق النزاع، وهل تغيت الصالح العام أم استهدفت تحقيق أغراض أخرى ، فإذا كان القانون قد منح جهة الإدارة العديد من السلطات فلم يمنحها إياها إلا بغية إقرار سيادة القانون، و مما لا شك فيه فإن وظيفة الضبط الادارى تخضع لسيادة القانون، فإذا تجاوز قرار إدارى حدود مبدأ المشروعية حق إلغائه ، غير أن القرارات الإدارية تخضع أيضا للمزيد من القيود التي ارتبطت بالحقوق والحريات العامة خوفا من تسخير جهة الإدارة لسلطاتها من أجل غايات أخرى تحت ستار سلطات الضبط الادارى تقوم بتقييد الحريات العامة بحجة تفادى إخلال موهوم أو مزعوم بالنظام العام.
لذلك استقر القضاء الادارى فى فرنسا منذ زمن بعيد على أنه " لتحديد سلطة الضبط الادارى فى مسألة معينه ، لابد من ملاحظة أن صلاحيات هذا الضبط لا تعدو أن تكون قيدا على حريات الأفراد ، وأن نقطة البدء فى قانوننا العام هي الإيمان بتراث حريات المواطنين والاعتقاد بأن حقوق الإنسان هي عنوان دساتيرنا الجمهورية المتعاقبة ، وأن هذا الأمر قد استقر صراحة وضمنا ، وكل جدل فى نطاق قانوننا العام، لكي يقوم على أساس وطيد من المبادئ العامة لابد من أن يؤمن مقدما بأن الحرية هي الأصل والقيود الضبطية الواردة عليها هي الاستثناء"

3- على الإدارة الالتزام بمبدأ " إيثار الحرية " فإذا ما اشتبه الأمر على سلطة الضبط الادارى بين اعتباري الحرية والنظام ، بمعنى انه عند تساوى الاعتبارات المتصلة بإقامة النظام العام مع اعتبارات المحافظة على الحرية وعدم المساس بها فيجب عليها إيثار الحرية وتغليب مقتضياتها ، و يترتب على هذا المبدأ ضرورة تفسير سلطات الضبط الادارى متى كانت مرسومة تشريعيا تفسيرا ضيقا احتراما للحرية ، كما يترتب عليه أيضا أن الحرية العامة لا تمس إذا تطلب النظام العام ذلك المساس ، إلا بأقل التدابير إعاقة لها مادامت هذه التدابير كافية لتحقيق أغراض الضبط.
4- سلوك الجهة الإدارية يتفق و مبدأ المشروعية :
يجمع الفقه المصري على أن مبدأ المشروعية يعني سيادة القانون والتي تتحقق بخضوع الإدارة والدولة بصفة عامة للقانون بحيث تكون تصرفاتها الإيجابية والسلبية في دائرة وحدود النظام القانوني المقرر في الدولة، وهذا النظام يشمل كل قواعد القانون الوضعي أياً كان مصدرها وشكلها وسواء كانت مدونة أو غير مدونة.
ويذهب د/ عادل أبو الخير ـ في كتاب الضبط الإداري وحدوده ـ أن تقرير مبدأ المشروعية على هذه الصورة يمثل في الدولة المعاصرة أهم الضمانات الجدية والحاسمة للأفراد في مواجهة السلطة العامة، ويؤكد على أن مبدأ المشروعية يضع بقواعده على عاتق الإدارة التزاماً أو قاعدة مؤداها ضرورة توخي المصلحة العامة في كل تصرف، وتوخي الحرص في تنظيم الحريات من خلال التطبيق الصحيح لأحكام القانون وقواعد، وقد نص الدستور المصري على العديد من النصوص التي تضمن تحقيق مبدأ المشروعية..
ونحن نرى أن سلوك الجهة الإدارية على هذا النحو الوارد فى الأوراق يتفق ومبدأ المشروعية.
ب- سلوك الجهة الإدارية قائم على سبب:
السبب في القانون المدني يرتبط بنشاط فردى وبالتالي تغلب عليه الحالة النفسية المتعلقة بالفرد ، أما السبب في القانون الادارى فيرتبط بالإدارة وبالتالي فهو حالة واقعية وقانونية ليس لها علاقة بالحالة النفسية لمصدر القرار، و يقصد بها دوافع أو بواعث إصدار القرار .وقد ذهبت محكمة القضاء الادارى في ذلك إلى : "إن كانت جهة الإدارة تستقل بتقدير مناسبة إصدار قراراتها ولها مطلق الحرية في تقدير ظروف القرار الادارى ووزن الملابسات المحيطة به لتقرر ملاءمه إصداره من عدمه ،إلا أنه يجب لصحة هذا القرار أن يقوم على وقائع مستفادة من أصول ثابتة في الأوراق المؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها القرار..."
"الحكم 1361 لسنة 6ق في 11/4/1954"

سادسا: نعترض على تقرير هيئة المفوضين:
فيما يتعلق بتقرير المفوضين، فإننا ننضم إلى الدفاع المقدم من هيئة قضايا الدولة فى هذا الشأن منعا للتكرار ، ولكننا نذكر فقط أن التقرير انتهى إلى ما لم يطلبه الخصوم فى أمرين:
الأمر الأول: انتهى التقرير فى بند رابعا إلى" قبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما ترتب على ذلك من آثار اخصها حجب الصفحات التي تمس كرامة المدعى من المواقع المنوه عنها سلفا"، علما بأن التقرير ذكر فى الفقرة الأخيرة من الصفحة السادسة منه،و فى الفقرتين الأولى والثانية من الصفحة السابعة أن حقيقة طلبات الطاعن هي وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن حجب المواقع الالكترونية المنوه عنها.........."
فإذا كانت حقيقة الطلبات كما وصفها المقرر تنادى بحجب المواقع، فكيف ينتهي رأيه فى التقرير إلى حجب الصفحات؟
الأمر الثاني: انتهى التقرير فى البند خامسا إلى" قبول طلب التعويض شكلا، وفى موضوعه القضاء للمدعى بالتعويض الذى تقدره عدالة المحكمة، علما بأن صحيفة الطعن ، وإعلان تعديل الطلبات جاء بهما تحت بند رابعا " حفظ كافة حقوق المدعى فى التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة القرار المطعون عليه وحفظ كافة الحقوق الأخرى"
إذا كان الطاعن لم يطلب التعويض وإنما احتفظ بذلك الحق، فكيف للمفوض أن ينتهي إلى الرأي بقبول التعويض شكلا وترك مقداره للمحكمة، إننا نرفض هذا التقرير ونعترض عليه ونلتمس من المحكمة الالتفات عنه استنادا للسببين السالف ذكرهما وللأسباب التي أوردها السيد المستشار ممثل هيئة قضايا الدولة فى مذكرات دفاعه التي ننضم إليها.

وكيل الخصوم المتدخلين انضماميا للجهة الإدارية
خالد على عمر
المحامى