مذكرة بدفاع الشبكة العربية في دعوى السب و القذف المقامة من أعضاء المجالس المحلية ضد صحفيان بالفيوم

محكمة جنح قصر النيل
 (دائرة الثلاثاء )
مذكرة بدفاع
السيد / حسين فتحي                          متهم
السيد / عمر إبراهيم محمد                    متهم
ضد
النيابة العامة                     سلطة اتهام
و
السيد / عوض محمد عوض محمد                مدعي
السيد / ميشيل ميلاد غالي عبد الله             مدعي
السيد / أحمد محمد إبراهيم برعي               مدعي
السيد / كارم رشاد محمود محمد                  مدعي
السيد / عمر أحمد محمد علي                      مدعي
السيد / حمدي محمد إبراهيم برعي              مدعي

في الدعوي رقم 10204 لسنة 2008 جنح قصر النيل
والمحدد لنظرها جلسة اليوم الثلاثاء الموافق 25 / 11 / 2008


الوقائع من واقع العريضة
أقاموا المدعون بالحق المدني دعواهم بموجب عريضة دعوى مباشره اسردوا بها قيام المعلن إليه الأول بنشر مقال بجريدة روزاليوسف بتاريخ 15/4/2008 بالعدد 836 من جريدة روزاليوسف يسيء إلي الطالبين في سمعتهم وعملهم وكرامتهم وهذا المقال يحمل عنوان " صراعات حامية في الفيوم  تنتهي بالسباب والاتهام بالإخونة "
وذكر بذات العريضة قيام المعلن إليه الثاني بالإدلاء برأيه حيث قال " ويري عمر محمد إبراهيم الشهير بعمر الوفدي ... ووصف بعض أعضاء الحزب الذين حصلوا علي مقاعد في المجالس المحلية بأنهم في الأصل إخوان وعملاء ".
وجاء بالعريضة أن ما أتاه المعلن إليه الأول والثاني يعد سبا وقذفا في حقهم والمؤثم جنائيا بالمواد 171 ،302،305،306،307 من قانون العقوبات وألزم الثالث متضامنا مع الأول والثاني بأن يؤدوا إلي الطالبين خمسمائة ألف جنية تعويضا ماديا وأدبيا عما لحق بهم من ضرر من جراء ما تم نشره .


الطلبات


في طلب وقف الدعوي تعليقا لحين الفصل في الدعاوي الدستوري  -


لما كانت وظيفة المحكمة الدستورية العليا أن لها وحدها دون غيرها الاختصاص بالرقابة علي دستورية القوانين طبقا لنص المادة 175 من الدستور و ينحصر دور المحاكم الاخري إذا تراءي لها في أي نص قانوني معروض أمامها شبهه مخالفته لنصوص الدستور أو دفع احد الخصوم في نزاع معروض أمامها بعدم دستورية نص قانوني مطبق في النزاع المطروح علي المحكمة ورأت المحكمة جدية هذا الدفع فإنها أما أن تحيل من تلقاء نفسها الدعوي إلي المحكمة الدستورية للفصل في مدي دستورية هذا النص وان تمهله أجلا لإقامة الطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا
ولما كانت النصوص القانونية المطالب بتطبيقها في الدعوي الماثلة قد تم أقامة عدد (8) طعون أمام المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية هذه المواد و هي الطعون أرقام 25لسنه 21 ، 83 لسنه 21 ، 60 لسنه 22، 149 لسنه 22 ، 274 لسنه 23 ، 16 لسنه 24 ، 82 لسنه 24 ، 102 لسنه 24 ومطلوب الحكم فيها بعدم دستورية المواد 302 ، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات وهي ذات المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .


وهذا الأمر يؤكد بوجود شبهه مخالفة هذه المواد للدستور وترجح صدور حكم بعدم دستورية هذه المواد الأمر الذي يكون معه طلب وقف الدعوي الماثلة لحين الفصل في هذه الدعاوي الدستورية هو طلب مصادف لصحيح القانون حيث أن العدالة تقتضي أن يحاكم المتهم بنصوص قانونية صحيحة ومتوافقة مع نصوص الدستور لا نصوص متعارضة مع الدستور و أحكامه لذلك فان استمرار محاكمه المتهم بهذه النصوص يعد افتئاتا علي حقه في المحاكمة العادلة و المنصفة حيث انه يشترط في المحاكمة أن تكون وفقا لنصوص قانونية متسقة مع الدستور ومبادئ حقوق الإنسان وهذا ما ينتفي في نصوص المواد محل الاتهام في الدعوي الماثلة .


الدفوع


أولا : الدفوع الإجرائية 
1- ندفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي
2-  ندفع بعدم قبول الدعوتين الجنائية و المدنية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون .
3- عدم قبول الدعوتين الجنائية والمدنية لرفع الدعوي بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر علي واقعة النشر محل الدعوي .


ثانيا : الدفوع الموضوعية
1- مقدمة لابد منها
2- رفض الدعوي لعدم توافر الركن المعنوي للجريمة محل الاتهام .
3- رفض الدعوي لانتفاء الركن المادي للجريمة محل الاتهام .
4 - ندفع بتوافر أركان و شروط النقد المباح.


 وسنفصل كل دفع فيما يلي :-
 أولا : الدفوع الإجرائية:-

1- ندفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي
 حيث أن المواد 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت علي الأتي :
م215 ( تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد مقتضي القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر علي غير الإفراد ).


م 216 : ( تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضي القانون جناية و في الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها عن طريق النشر عدا الجنح المضرة بإفراد الناس و غيرها الجرائم الاخري التي ينص القانون علي اختصامها بها ).


 ومفهوم هذه النصوص هو انه إذا كانت الوقائع الخاصة بالنشر موجهه إلي احد أفراد ينعقد الاختصاص القضائي إلي محكمة الجنح أما إذا كانت الوقائع محل النشر موجهه إلي غير أحاد الناس ( موظف عام أو من حكمه – شخص ذي صفه نيابية – مكلف بخدمة عامة ) فان الاختصاص ينعقد هنا لمحكمة الجنايات .


ولما كان المدعون بالحق المدني هم أعضاء بالمجلس المحلي  و بالتالي فهم يحملون صفه نيابية ويترتب علي ذلك أن الاختصاص هنا ينعقد لمحكمة الجنايات و تكون محكمة جنح قصر النيل  غير مختصة بنظر هذه الدعوي الأمر الذي يستتبع القضاء بعدم اختصاص المحكمة و إحالتها إلي محكمة الجنايات .


 2- ندفع بعدم قبول الدعوتين الجنائية و المدنية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون .
 وذلك حيث أن وكيل المدعون بالحق المدني قام بتحريك هذه الدعوي بطريق الادعاء المباشر بموجب وكاله عامة و هذا بالمخالفة لنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية وهي المادة التي ألزمت في جرائم الشكوى ( ومنها جريمتي القذف و السب ) أن يتم تحريك الدعوي الجنائية فيها أما عن طريق المجني عليه شخصيا أو بواسطة وكيله الخاص بموجب وكاله خاصة بعد الواقعة وقبل تحريك الدعوي الجنائية و إلا تكون الدعوي غير مقبولة و في الدعوي الماثلة نجد أن وكيل المدعي بالحق المدني قد حرك صحيفة الجنحة المباشرة بموجب توكيل عام و ليس توكيل خاص و بالتالي تكون الدعوي غير مقبولة الأمر الذي يستتبع الحكم بعدم قبول الدعوتين الجنائية و المدنية لرفعها من غير ذي صفه .


أما ما يثار بان هذا القيد هو علي النيابة العامة فقط ، فهذا مخالف لقصد المشرع حيث أن منع النيابة العامة من اتخاذ إجراءات التحقيق إلا بناء علي شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص هذا يسري أيضا علي حق المجني عليه فإذا أراد الادعاء المباشر فعليه أما أن يتخذ هذا الإجراء بشخصه أو عن طريق وكيل خاص أيضا .


وذلك لكون النيابة العامة هي صاحبة الحق الأصيل في أقامة الدعوي الجنائية و أن الادعاء المباشر هو استثناء علي هذا الحق الأصيل و بالتالي يجب عند تطبيقه أن يكون في أضيق نطاق و لا يتم التوسع فيه علي حساب الأصل و من ذلك إذا جاء نص و قيد الحق الأصيل للنيابة العامة في تحريك الدعوي الجنائية إلا بناءا علي شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص بالتالي ينسحب هذا القيد علي الاستثناء و هو الادعاء المباشر .


ولما كانت هذه الدعوي قد تم تحركها بواسطة وكيل عن المجني عليهم بالتالي تكون غير مقبولة لكونها تم تحريكها بغير الطريق الذي رسمه القانون .


3- ندفع بعدم قبول الدعوتين الجنائية والمدنية لرفع الدعوي بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر علي واقعة النشر محل الدعوي .
نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية الفقرة الثانية علي " لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون علي خلاف ذلك"


وأكدت علي ذلك محكمة النقض في الكثير من أحكامها حيث نصت علي أن " حق المجني عليه في الشكوى ينقضي بمضي ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها دون أن يتقدم بشكواه ويكون اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوي معدوما ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها ، فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر "
( 20/ 10/ 1987 أحكام النقض س38 ق 149 ص 825 )


وكذلك ذهبت في حكم أخر لها أن" الشارع جعل من مضي ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس لما قدره من أن سكوت المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزولا عن الشكوى لأسباب أرتاها ، حتي لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبو سلاحا للتهديد أو الابتزاز أو النكاية ". ( 4/ 1/ 1993 ط 8177س 59 ق )
وبتطبيق ذلك علي دعوانا نجد أن تاريخ نشر المقال بجريدة روزاليوسف في 15 /4/ 2008 أي رفعت الدعوي بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من نشر المقال محل الدعوي .


ثالثا : الدفوع الموضوعية
1- مقدمة لابد منها
لكي يقوم الصحفي بدوره في البحث عن الحقيقة لابد أن يعرض جميع الآراء التي تظهر أمامه للجمهور وبالأخص الإخبار التي تهم الرأي العام وكذلك الأخبار التي تؤثر  في الصالح العام للمجتمع وهذا هو دور الصحفي في ظل مجتمع ديمقراطي يتقبل الآراء لهدف الصالح العام .


ونجد هنا مخالفة مواد الاتهام لنصوص الدستور المصري والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها مصر واعتبرت جزء من التشريع الداخلي لها ، وسوف نرد ذلك تفصيلا .


 مخالفة مواد  الاتهام للدستور المصري والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
حيث نصت المادة (48) علي "حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقا للقانون.


ونصت المادة (47)علي " حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره ... والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني ) .


وأكدت علي ذلك محكمتنا الدستورية العليا حين نصت علي أن :-
" وحيث أن من المقرر كذلك أن حرية التعبير ، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها لا يجوز تقيدها بأغلال تعوق ممارستها ، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة علي نشرها ، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخي قمعها ، بل يتعين أن ينقل المواطنين من خلالها – علانية – تلك الأفكار التي تجول في عقولهم . فلا يتهامسون بها نجيا ، بل يطرحونها عزما ، ولو عارضتها السلطة العامة – أحداثا من جانبهم – وبالوسائل السليمة – لتغيير قد يكون مطلوبا،فالحقائق لا يجوز إخفائها ، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ إليها ممكنا في غيبة حرية التعبير ، كذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة 47 من الدستور لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها ، بل كذلك اختيار الوسائل التي يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء في مجال عرضها أو نشره ، ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها ، ولعل أخطر ما يهدد حرية التعبير أن يكون الإحساس بها شكليا أو سلبيا بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولا بتبعاتها ، وألا يفرض أحد علي غيره صمتا ولو بقوة القانون "
(حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 6 لسنة 15 قضائية دستورية في 15/4/1995 )


وبذلك تتعارض نصوص المواد محل الاتهام مع المادة 47 من الدستور المصري وحيث أنه في حالة تعارض مادة من مواد القانون الخاص يثار دفع بعدم دستوريتها لتعارضها مع نص في الدستور وبذلك يعلو القانون الدستوري علي كافة القوانين .


 وتتعارض مواد الاتهام كذلك مع  نص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية والتي صادقت مصر علي هذا العهد بموجب القرار الجمهوري رقم 536 لسنه 1981 وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/4/1982 وبذلك أصبح تشريعا وطنيا بموجب المادة 151 من الدستور المصري و التي نصت علي
 ( رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يتناسب من البيان ويكون لها قوه القانون بعد إلزامها و التصديق عليها و نشرها وفقا للأوضاع المقررة  ...)


وقد قرر  الدكتور / علي عبد القادر القهوجي في كتابة ( المعاهدات الدولية أمام القاضي الجنائي ص 26 ) بان قرر ( المعاهدات الدولية بعد إبرامها و التصديق عليها ونشرها تكون لها قوه القانون فإذا تضمنت نصا يكفل حقا من الحقوق أو يقرر حرية من الحريات وكان هذا الحق أو تلك الحرية موضوع حظر من قبل فان هذا يعني أن المعاهدة وقد أصبحت قانونا نافذا في النطاق الداخلي قد سحبت أو أزالت صفه التجريم عند استخدام هذا الحق أو تلك الحرية إذ لا يعقل اعتبار الفعل حقا وجريمة في نفس الوقت ولا سبيل لرفع هذا التناقض إلا عن طريق الاعتراف بقوه المعاهدة الدولية التي أدمجت في التشريع الوطني في أزاله صفه التجريم عن هذا الفعل ) .


ومن التطبيقات القضائية لذلك هو حكم محكمة امن الدولة العليا طوارئ في قضية إضراب عمال السكة الحديد المقيدة برقم 4190 لسنه 86 الأزبكية ( 121 كلي شمال ) الصادر بجلسة الخميس الموافق 16/9/1987 و التي قضت ( القاضي الوطني لا يطبق المعاهدة تأسيسا علي أن دولته قدح التزمت دوليا بتطبيقها بل يطبقها باعتبارها جزءا من قوانين الدولة الداخلية إذا ما تم استيفاؤها للشروط اللازمة لنفاذها داخل الإقليم ).


وكذلك الحكم الصادر في الدعوي رقم 1120 لسنه 17ق المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 10/3/1991 و الذي قرر ( ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الاتفاقية المشار إليها قد جاءت لاحقه لقانون العقوبات ومن ثم فانه يتعين اعتبار المادة 124 من قانون العقوبات و التي تحظر الإضراب قد نسخت ضمنا بالمادة 8 فقرة د من الاتفاقية المذكورة ).
وبإنزال ذلك علي المادة التاسعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية نجد أنها قد أباحت حرية التعبير عن الآراء و المعلومات و الأفكار و نقلها للآخرين دونما الاعتبار لأي حدود ( أي دون فرض قيود عليها ، وبأي شكل سواء كان مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني و بالتالي فان القيود و العقوبات التي فرضها المواد 178، 302/1 ،303/1 ،306،307،308 مكرر من قانون العقوبات المصري ( الصادر عام 1937 م ) تعتبر مخالفة لهذه المادة من الاتفاقية ( و التي اعتبرت تشريعا داخليا في عام 1981م) مما يجعل هذه المادة بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية تزيل صفه التجريم عن هذه الأفعال المنصوص عليها في هذه المواد من قانون العقوبات و بالتالي أزالت صفه التجريم عما هو منشور من المتهمين الأمر الذي يستتبع الحكم ببراءتهم .


2- رفض الدعوي لعدم توافر الركن المعنوي لجريمة السب والقذف .
- القصد من النشر المصلحة العامة .
بالرجوع إلي المقال والعريضة محل الدعوي نجد أن الهدف من النشر هو الصالح العام حيث أن المدعيين هم أعضاء مجالس محلية أي في حكم الموظف العام ونصت المادة 302 الفقرة الثانية علي أن "ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذو صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدي أعمال الوظيفة العامة أو النيابة أو الخدمة العامة ..........." .


وموضوع المقال يتعلق بأعضاء مجالس محلية وهم في حكم الموظف العام طبقا للقانون والهدف من النشر هو الصالح العام وكذلك اشتمل المقال علي أراء الكثير من أعضاء حزب الوفد وكذلك رأي أحد المدعين في هذه الدعوي هو ما ينفي معه وجود جريمة سب وقذف .


- العبارات الواردة في العريضة ليست من ابتداع الصحفي بل جاءت علي لسان أعضاء بحزب الوفد .
حيث جاء بالمقال محل الاتهام علي لسان رفعت عوض الله وهو عضو لجنة السباب بحزب الوفد بالفيوم أن اجتماعات الحزب لا يحضرها أكثر من عشرة أعضاء وهو ما يدل علي ترهل الحزب
وكذلك جاء علي لسان ميشيل ميلاد الأمين المساعد للجنة شباب الوفد بالمحافظة أن غالبية الأعضاء لهم أغراض شخصية ويريدون تحطيم معنويات الأغلبية . 


- النشر ليس الهدف منه المساس بسمعة المدعيين ولكن هو نشر أخبار عنهم. بصفتهم مرشحين بالمجالس المحلية بالفيوم.
 أن ما تم نشره في مجمله يخص فترة انتخابات المحليات في مدينة الفيوم وهي من الأمور التي تهم كل مواطن داخل وخارج الفيوم والنشر عنها لا يمس شخص بعينه ولكن يهم الصالح العام ومن يصلح لان يصبح عضوا بالمجلس ومن لا يصلح لذلك


3- عدم قبول الدعوي لانتفاء الركن المادي للجريمة محل الاتهام
بالرجوع إلي المقال والعريضة نجد انه لا يرد علي لسان المتهم الأول أية ألفاظ داخل المقال والعريضة تنسب إلي المتهم الأول ولكنه ناقل لوضع قائم في ظل انتخابات المجالس المحلية وهو بذلك يؤدي دورة كصحفي وهو هنا في حيرة من أمره يقوم بعمله وينقل للجمهور ما يتم داخل انتخابات المجلس المحلي أم ماذا يفعل ؟


وبالنسبة للمتهم الثاني ما جاء علي لسانه هو مجرد أراء تتداول عن شخصيات عامة تهم الرأي العام ولا تمس شخص الأعضاء .


4 - ندفع بتوافر أركان و شروط النقد المباح:-
- لما كان من المستقر عليه قضاء و فقها انه إذا توافرت شروط النقد المباح في المقال الصحفي تنعدم جريمتي القذف و السب في حق الكاتب و اتفق أنفا علي أن شروط النقد المباح هي :


- 1- أن يرد النقد علي واقعة صحيحة :
وهذا متوافر في هذا الموضوع الصحفي حيث أن ما تم نشره واقعة صحيحة وهي انتخابات المجالس المحلية بالفيوم واشتمل المقال علي الكثير من الإحداث والآراء التي تم تناولها ، وتداولتها الكثير من الجرائد الإخري وهذا هو دور الصحفي وبذلك فهي واقعة حقيقية وليست مفتعلة  .


2- أن تكون للوقائع أهمية لدي الجمهور :
-  لما للمجالس المحلية من أهمية في المناطق المختلفة وضرورة معرفة الجمهور لمن هم الأشخاص الذين سوف يصبحون أعضاء بهذه المجالس حيث أن من أهم مهامهم هو تقديم الخدمات للجمهور وللمحافظة التي يعيشون بها فهي بالفعل أمورا تهم الجمهور وبذلك يتوافر الشرط الثاني من شروط النقد المباح 


3- استخدام الألفاظ الملائمة:
- يشترط في إباحة النقد أن يستخدم الناقد عبارات ملائمة ومتناسبة مع الواقعة التي يعلق عليها و هذا متوافر في المقال محل الدعوي الماثلة حيث إننا بمطالعة المقال نجد انه لم يتم استخدام عبارات قاذعة أو شائنة في حق المدعون بالحق المدني ولكن لكل ما ابدي هو ذكر الوقائع و التعليق عليها بموضوعيه ولم يتم استخدام ألفاظ تخرج عن وصف للوقائع التي ذكرت و إبداء تعليقا عليها و هذا لا يتوافر فيه استخدام عبارات غير متناسبة .


و الفيصل في كون العبارات ملائمة أو غير ملائمة هو ضرورتها للتعبير عن فكره الناقد بحيث يتبين انه لو كان قد استعمل عبارات اقل عنفا فان فكرته لم تكن لتحظى بالوضوح الذي يريده ا وان راية لن يكن له التأثير الذي يهدف إليه و قد قضت محكمة النقض ( بأنه متي كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم فيما نسبه إلي المجني عليه في الحدود المرسومة في القانون للنقد الذي لا عقاب عليه فلا يقدح في صحته أن كانت العبارات التي استعمالها مرة قاسية ) .
( نقض 4 يناير 1969 مج جزء 17 بند رقم 776 ص 728)


وقضت أيضا : ( يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المقال علي عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة و أخري يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر ) .


( نقض 24/10/1993 س 404 – نقض 5/1/1989س 40 ص ، نقض 28/1/1985 س 36 ص 77 ، نقض 33 لسنه 35 ق جلسة 2/11/1965 س 16 ص 787 )
- وفي عام 1942 نقضت محكمة النقض حكما لمحكمة جنايات مصر كان قد صدر بمعاقبة صحفي في تهمة اهانة مجلس النواب و الشيوخ لنشره مقال نسب فيه إلي فريق الأغلبية انه ( يعبد الحكومة و لا يحب الوطن و عبيد لشهواتهم ، و أنهم جائعون ومنحطون ، و أن وظيفتهم هي التهام الوطن و حب المال ، ومن السهل استرضاؤهم ، و أنهم غير مخلصين في خدمة وطنهم .)(نقض 6/11/1942)


- و اعتبرت كلامه بأنه من قبيل النقد المباح لان كان هدفه المصلحة العامة.
- و في عام 1926 نقضت محكمة النقض أيضا حكما لمحكمة جنايات مصر موضوع أن صحفيا أهان رئيس الوزراء في مقال و نسب فيه إليه ( الجهل وقصر النظر و البعد عن الفطنة ) و نسب إلي أعضاء مجلس النواب ( الانحطاط و الدناءة في أخلاقهم و الطمع و الجشع ) فنقضت الحكم و برأت الصحفي و حملت كلامه علي محمل النقد المباح وقررت ( انه وان كان قد استعمل في النقد شيئا كثيرا من الشدة ومنم قوارص من الكلم إلا أنها جاءت من باب المبالغة و الرغبة في التشهير بالفعل ذاته كما هي خطة المتهم في كتاباته المستفادة من عباراته عن المبالغة )


- وقضت محكمة جنايات مصر جلسة 28يناير سنه 1948 ( يجب أمام مناقشة أمر من الأمور الهامة و الحيوية أن يدلي كل صاحب رأي برأيه حتي يبين الغث من الثمين و تبين الحقيقة واضحة فإذا اشتد الجدل وخرج اللفظ في مثل هذه الحالة من اللين إلي النقد المر العنيف و إلي القول اللاذع غير الكريم مما قد يثيره الجدل و الاندفاع في القول وجب أن يغتفر ذلك لصاحب الرأي مادام وجهته المصلحة العامة ) .


- ومن كل ذلك يتضح عدم وجود أي تجريم فيما نشره المتهم حيث انه كان يناقش موضوع غاية في الأهمية حول دور احد أعضاء مجلس الشعب في استخدامه فيها.عضوية في تصفيه حسابات شخصية بينه و بين رجال الأعمال الذي منع الإعلانات عن جريدته و لصالح رجل أعمال أخر في خلاف مع الأول . كما أن الموضوع الصحفي لم يخرج عن الحدود المرسومة في النقد وان العبارات التي استخدامها كانت وصفا للوقائع التي تم عرضها و إبداء الرأي فيها . ولم يتم استخدام أي ألفاظ تسئ إلي المدعي بالحق المدني أو تخدش شرفه أو اعتباره .


بناء علي ما تقدم


يلتمس الدفاع الحاضر عن المتهمين الأول والثاني براءتهم مما هو منسوب إليهم بناء علي ما تقدم من دفوع .


الدفاع الحاضر عن المتهمين
أ / روضة أحمد سيد
المحامية  بوحدة الدعم القانوني
بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان